موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 66 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 02, 2025 8:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 47291
متابعه بارك الله فيكم

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 11, 2025 2:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6519



تراجم المئات



وضع كثير من العلماء كتبا جمة فى تراجم المشاهير وسير الادباء من علماء ومؤرخين وكتاب وشعراء وأمراء وحكام وصناع وغيرهم ولكن الذين سموا مؤلفاتهم باسماء المئات من السنين قليلون ولهذا استقربت ما عرف منها مما وصلت اليه يد التنقيب وسبكته بهذه العجالة لتكون تذكرة لمن يريدون الوقوف على نقائس هذه التراجم التى ينقصنا اليوم طبع كثير منهاتتمة لحقلقات السلسلة الى طبع قليل منها وسيما فى الاعصر المتأخرة من مشاهير القرون الحادى عشر والثالنى عشر وبعض رجال الثالث عشر للهجرة والثامن عشر والتاسع عشر للميلاد ، وهناك كتب جديرة بالنشر لما فيها من الفوائد الكثيرة والآدات الرائعة مثل ( الضوء اللامع للسخاوى ) و ( الكواكب السائرة ) وما قبلها بحسب الترتيب ، وقد اشرت الى مجال وجود نسخ كل منها لتطلب من مظانها وتعارض باشباهها واليك الآن سيقا هذه الكتب

(1 ) المائة السادسة للهجرة



( انسان العيون فى مشاهير سادس القرون ) وهو تراجم مشاهير القرن السادس للهجرة ونسخته المخطوطة فى المكتبة التيمورية فى مصر ومؤلفه مجهول

( 2 ) المائة السابعة



( اشارة فى اخبار الشعراء فى المائة السابعة ) لابى احمد عبد الله بن عبد الله بن طاهر

( الغرة الطالعة فى فضلاء المائة السابعة )لابى الحسن على بن موسى العنسي العمادى الاندلسى المؤرخ المتوفى سنة 673هـ (1274م ) ونسخته المخطوطة فى مكتبة ( اهلوارت )

( عنوان الدراية فى من عرف من علماء المائة السابعة فى بجاية ) لأحمد الغبرينى المتوفى سنة 714هـ / 1314 م من مخطوطات مكتبة باريس الكبرى

( الغرة الطالعة فى شعراء المائة السابعة ) لابى عبد الله محمد بن على بن هانئ اللخمى السبتى الاشبيلى المتوفى سنة 733 هـ / 1332 م

( مختصر المائة السابعة ) وهو اخبار اعيانها من سنة 601هـ /1204 م الى سنة 737هـ / 1335م مرتب على الوفيات باختصار تأليف القاسم بن محمد بن يوسف البرزالى الاشبيلى الدمشقى المؤرخ المتوفى سنة 739 هـ / 1338 م من مخطوطات برلين

( الدرر الناصعة فى شعراء المائة السابعة ) لكمال الدين عبد الرزاق احمد بن محمد المعروف بابن الفوطى البغدادى المتوفى سنة 773هـ / 1371م


(( المائة الثامنة ))




( ذهبية العصر فى اهل المائة الثامنة ) فى تراجم مشاهير الشرق والغرب لابن الشهاب احمد بن يححيى بن فضل الله العمرى المتوفى سنة 749هـ /1348 م وهو اشبه بيتمية الدهر للثعالبى فى اسلوبه

( تاج المعلى فى الادباء الكائنة فى المائة الثامنة ) للشيخ لسان الدين محمد بن عبد الله بن الخطيب القرطبى المقتول بالمغرب سنة 776هـ م 1374م

( الكتيبة الكامنة فى ابناء اهل المائة الثامنة ) له ايضا

( الدرر الكامنة فى اعيان المائة الثامنة ) لابى الفضل احمد بن على بن حجر العسقلانى المتوفى سنة 852هـ / 1448 م مرتب على الحروف فى مجلد ضخم وهو من مخطوطات المكتبة السلطانية فى القاهرة ، والمرجانية فى بغداد ، ومسودة المؤلفة فى المكتبة الظاهرية فى دمشق ولا يكاد ينتفع بها لرداءة خطها ، وله نسه اخرى فى بعض مكاتب دمشق

( وللدرر ذيل ) بقلم مؤلفه الى سنة832 هـ / 1428 م ونسخته بخط مؤلفه فى المكتبة التيمورية ، ومنه نسخة أخرى فى مكتبة شيخ الاسلام فى المدينة

و ( ملتقط من الدرر الكامنة ) مختصر لجلال الدين عبد الرحمن بن ابى بكر السيوطى المتوفى سنة 911هـ / 1505م ، وكذلك ( مختصر الدرر الكامنة ) لابن المبرد

(( 4 المائة التاسعة ))



( الضوء اللامع لاهل القرن التاسع ) لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوى الشافعى المتوفى سنة 902 هـ / 1496 م رتبه على الحروف واطال فى التراجم واستقرى حتى انه ترجم بعض اطفال له ماتوا صغارا وافرد فى الجزء الاخير منه التراجم للكنى والنساء فجاء كثير الفوائد ملأ خمسة مجلدات ضخمة ادقها فى المكتبة الظاهرية فى دمشق وعليها كثير من الحواشى والتعاليق والاستدراكات بخط الشهاب المنوفى مختصر الضوء ، وله نسخ اخرى كثيرة منها فى مكتبة السجادة الوفائية فى القاهرة ينقصها المجلد الاول ،وفى ليدن ( هولندا ) قطع منه ، وفى غيرها نسخ حديثة

واشتغل كثير من الادباء باختصار الضوء لكبر حجمه وصعوبة الحصول على نسخة فمن مختصراته

( النور الساطع فى مختصر الضوء اللامع ) لابى العباس احمد بن محمد القسطلانى المصرى المتوفى سنة 923هـ / 1517 م

( البدر الطالع من الضوء اللامع ) للشهاب احمد بن العز محمد الشهير بابن عبد السلام المنوفى الشافعى المصرى المتوفى سنة 931هـ / 1524م ونسخة فى فينا وبرلين وباريس

( القبس الحاوى لغرر ضوء السخاوى ) لزين الدين عمر بن احمد الشماع الحلبى المتوفى سنة 936هـ / 1529 ونسخة فى مكتبة اكسفورد وفى مكتبة المدينة .

( تشنيف المسامع بتهذيب الضوء اللامع ) لمحمد العلائى الدمشقى وصل فيه الى اسم احمد ونسخته بالتيمورية

( الرياض اليانعة فى اعيان المائة التاسعة ) للجمال يوسف بن عبد الهادى ذكره ابن طولون فى تاريخه ونقل عنه النجم الغزى فى الكواكب السائرة

(( 5 المائة العاشرة ))




( الروض العاطر فى ما تيسر من اخبار القرن السابع إلى ختام القرن العاشر ) لموسى شرف الدين بن ايوب الدمشقى ، نقل عنه الشيخ عبد الغنى النابلسى ترجمة الشيخ اسماعيل النابلسى المتوفى سنة 993هـ / 1584 م فى رحلته الكبرى

( روح الروح فى ماحدث بعد المائة التاسعة من الفتن والفتوح ) تأليف نور الدين عيسى بن لطف الله من مؤرخى القرن الحادى عشر للهجرة تعرض فيه للتراجم

( المفاخر والمآثر فى علماء القرن العاشر ) لشهاب الدين عبد الوهاب احمد الشعرانى الشافعى المتوفى سنة 973هـ / 1565م ويمسى أيضا المآثر والمفاخر

(الدر الفاخر فى تراجم اعيان القرن العاشر ) لجمال الدين الحضرمى الفقيه الشافعى اليمنى المتوفى سنة 1019 هـ / 1610 م

( دوحة الناشر فى تراجم اهل القرن العاشر ) لاحد علماء المغرب ترجم فيه مشاهير المغرب والجزائر

( النور السافر فى اخبار القرن العاشر ) لعبد القادر بن العيدروس الخضرموتى الهندى المتوفى سنة 1038هـ / 1628 م ونسخته فى المتحف البريطان فى لندن ، وفى مكتبة السجادة الوفائية فى القاهرة ، وله فيها تكملة باسم (( السنا الباهر لتكميل النور السافر )) لجمال الدين الشلي المتوفى سنة 1093 هـ / 1682م ومن النور نسخة فى مكتبة المدينة خطت سنة 1075هـ / 1664م

( الرلاوض الناضر فى من اسمه عبد القادر من اهل القرنين التاسع والعاشر للعيدروسى ايضا وهو من مخطوطات برلين

( نشر المآثر فى من ادرك من القرن العاشر ) لابرهيم بن حسن اللقانى المتوفى سنة 1041 هـ / 1631م

( الكواكب السائرة بمناقب اعيان المائة العاشرة ) للنجم الغزى المتوفى سنة 1061 هـ / 1650 م رتبه على حروف المعجم فى ثلاث طبقات الى سنة 1033 هـ / 1623 م وله ذيل باسم

( لطف السحر وقطف الثمر ) بقلم مؤلفه ايضا وهو ذيل للكواكب السيارة فى تراجم اعيان الطبقة الاولى من القرن الحادى عشر ونسخ الاصل والذيل فى الظاهرية والمتحف البريطانى وفى بعض المكاتب ومختصره فى برلين



((((( يتبـــــــع )))))


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 14, 2025 7:02 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6519



(( المائة الحادية عشرة ))

( نفائس الدرر فى اشراف القرن الحادى عشر ) ويسمى ايضا (( عقود الجواهر والدرر فى اخبار القرن الحادى عشر )) لمحمد بن ابى بكر العلوى الشلي الحضرمى نزيل مكة المكرمة وحفيد الجمال الشلي المتوفى سنة 1093هـ / 1682 م كما مر فى المائة العاشرة ، قيل انه كتب فيه مجلدا ولم يتمه ، ومنه نسخة فى المتحف البريطانى واخرى فى مكتبة المدينة فى 170 ورقة

( الجواهر والدرر فى تراجم اعيان القرن الحادى عشر ) لعبد الرحمن بن حمزة الحسينى المتوفى ( نحو سنة 1100هـ / 1688م وبعضه فى برلين

( خلاصة الاثر فى اعيان القرن الحادى عشر ) لمحمد الامين المحبي الدمشفى المتوفى سنة 1111هـ / 1699م جمع فيه تراجم 1289 اديبا من سورية والعراق وبلاد العرب ومصر والمغرب ورتبه على الحروف وطبع فى القاهرة سنة 1284 هـ / 1867م فى اربعة مجلدات كبيرة

( نزهة الحادى باخبار ملوك القرن الحادى ) اى الحادى عشر للسيد محمد الصغير ابن الحاج عبد الله الوفرانى المراكشى المتوفى نحو سنة 1112هـ / 1700م وهو فى اخبار الدولة السعدية فى مراكش من سنة 1011هـ / 1670 م طبع فى باريس سنة 1888 بعناية المستشرق هوداس مدرس اللغة العربية فى كلية باريس فملأ نحو 315 صفحة وطبع ايضا فى فاس بمجلدين مع ترجمة افرنسية

( صفوة من انتشر من اخبار صلحاء القرن الحادى عشر ) له ايضا طبع فى فاس على الحجر فى 236 صفحة وفيه تراجم مشاهير الغرب فى ذلك القرن ، والاولى ( صفوة ما انتشر )

( فوائد الارتحال ونتائج السفر فى تراجم فضلاء القرن الحادى عشر ) لمصطفى بن فتح الله الحموى الحنفى المكى المتوفى سنة 1124هـ / 1712م فى ثلاثة مجلدات ومنه نسخة فى المكتبة الوفائية فى مصر

( حلية الاثر فى اعيان القرن الحادى عشر ) هكذا ذكره صاحب كشف الظنون ولم يصفه ولا عرف مؤلفه


( 7 المائة الثانية عشرة )


( نشر المثانى لاهل القرن الحادى عشر والثانى ) لابى عبد الله محمد بن الطيب بن الامام عبد السلام الشريف الحسنى القادرى المتوفى سنة 1187هـ / 1773م فى سفرين ترجم بهما علماء بلاجه المغرب فى القرنين المذكورين

( مستفاد المواعظ والعبر فى اخبار اعيان اهل المائة الحادية والثانية عشر ) له ايضا فى سير معاصرية من مواطنية ولعله ذيل للاول

( سلك الدرر فى اعيان القرن الثانى عشر ) لمحمد خليل المرادى الدمشقى المتوفى سنة 1206هـ / 1891م وهو مرتب على حروف المعجك طبع فى بولاق والاستانة سنة 1301هـ / 1883م وهو على طراز ( خلاصة المحبى ) الآنف الذكر فى اربعة مجلدات صغيرة ، وفيه تقديم وتأخير فى الاسماء وتكرار كثير واغلاط مطبعية ن ولقد ذيله الشيخ محمد الامين الشهير بابن عابدين الحسينى المتوفى سنة 1252هـ / 1836م وغيره من علماء العصر


( 8 المائة الثالثة عشرة )

( عقود الدرر فى أخبار مشاهير القرن التاسع عشر ) وهو الموافق للقرن الثالث عشر الهدرى ورد ذكره فى بعض الكتب والصحف من تأليف المرحوم يوسف السلفون البيروتى المتوفى سنة 1896 م ولم نقف عليه ولا عرفنا محل وجوده ولعله لم يخرد من المسودة ، ومثله كتاب آخر للمرحوم زين زين اللبنانى المتوفى بعد ذلك نشر اعلانه فى صحف عهدة وطوى امره ، ولعلهما فى مكتبة المؤلفين

( المسك الاذفر فى نشر مزايا رجال القرنين الثانى والثالث عشر ) للسيد نعمان خير الدين الالوسى البغدادى ترجم فيه نحو 140 عالما من علماء المسلمين فى العراق ولا يزال مخطوطا

( مشاهير القرن التاسع عشر ) للمرحوم جرجى حبيب زيدان صاحب ( الهلال ) المتوفى سنة 1915 م طبع فى مصر مرتين فى مجلدين والثانية منهما سنة 1911 فى نحو 750 صفحة برسومه

( الدر المنتثر فى تراجم ادباء القرن الثالث عشر ) لياسين بن خير الله الفاروقى الموصلى ولا يزال مخطوطا

( الادآب العربية فى القرن التاسع عشر ) للاب لويس شيخو اليسوعى فى تراجم مشاهير هذا القرن باختصار طبع فى بيروت فى مجلدين فى نحو 340 صفحة

( حلية البشر فى تاريخ القرن الثالث عشر ) للشيخ عبد الرزاق البيطار الدمشقى المتوفى سنة 1335هـ م 1916م رتبه على حروف المعجم فى تراجم المشهورين من المسلمين فى الشام ومصر والحجاز واليمن والعراق والجزيرة نحافيه نحو المرادى فى السلك من حيث التسجيع والترتيب فكأنه ذيل له

( مغاوص الدرر فى اعيان القرن التاسع عشر ) وهو مطول فى تراجم ادباء العصر فى كل قطر ما التعرض لانسابهم وذكر أسرهم ومنتخب من نثرهم ونظمهم والاشارة الوافية الى مؤلفاتهم ومقالاتهم ومنزلتهم من النهضة العصرية مرتب بحسب سنى الوفاة وقد نشرت منه امثلة فى كثير من المجلات والصحف مثل ترجمة المرحومين الشيخ ابراهيم اليازجى ورزق الله حسون وخليل الخورى فى المقتطف وابراهيم الحورانى فى مجلة المقتبس وغيرهم فى مجلة الآثار


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 18, 2025 2:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6519

سعـــــــدى

الشاعــــــــــر الفـــــــارسى




كان للصلة الادبية الى توثقت عراها بين العربية والفارسية فى ظل الحرية والتسامح الادبى شِأن كبير فى ما ادركناه من سعة فى المادة والشكل والغارية

فالكتابة عن السعدى الشاعر الفارسى الشيرازى تبعث فى النفس نواحى من الذكرى والتأمل وتثير الحنين الى عصر النور فى حياة الادب العربى الفارسى جميعا ، بل ان فى هذه الكتابة شيئا من السلوى للذين يحيون ابدا ساخرين هازئين بمظاهر العيش الناعم المترف ، بل لعل فى حياة السعدى ما تستقر به انفاس تتصعد من صدور محترقة لكثير من الادبائ تنبىء عن شكاية القلوب من هذا العيش المشرد الذى يخالونه رمادا تخبو تحت ذراته جذوة ذكائهم وينطفىء به مصابح نبوغهم ، فقد عاش السعدى كما عاشوا ، ولكنه ظفر من هذا العيش بالشهرة التى لم يتمتع بها عير نفر يسير من شعراء الشرف وكتابه النابغين .

وقد اختلف المؤرخون اختلافا كبيرا فى تاريخ ميلاد السعدى وتاريخ وفاته ولكن كثيرا منهم يرى انه ولد بشيراز سنة 1175 وتوفى سنة 1291 م

وكانت شيراز فى ذلك العهد من منازه الدنيا التى تفتن الشعراء والادبائ وكانت رياضها وعيونها وانهارها مصدر الهامهم ووحى خيالهم وقد استهوت بجمالها فيمن استهوت شاعرنا السعدى فافاض عليها من آيات ثنائه واعجابه ما امتلأت به صفحات ديوانه ( الكليات ) ومؤلفاته الاخرى ، ففى ذلك يقول ما ترجمته :

ما اجمل بياض الصبح الذى اراه مشرقا على سر الله شيراز ، سأرى مرة أخرى تلك الجنة ، جنةالارض التى تجود بالاثمار المباركة , لا بالقحط والظلم
وربى لا تألف الظلمات هذا الوطن الذى استقر عليه عرش سليمان العظيم

**************

نشأ السعدى يتميا يتجرع مرارة اليتم ويحس آلامه وقد لازمه هذا الاحساس بعد ان استكمل شبابه وألح عليه فقل قصيدته الرائعة التى يسترحم فيها القلوب ويستعطفها على اليتامى الذين لم يستشعروا حلاوة العيش فى ظل الأبوة الرحيمة


استهل هذه القصيدة بما ترجمته :

ارحم اليتيم الذى مات أبوه ، أنفض التراب عن ملابسه ، فانك لتعلم انه لاحياة للشجرة بعد ان تنقطع أصولها

ثم قال : من يخفف عن اليتيم أحزانه اذا فاضت دموعه ، من يسرى عنه اذا اهتاجت نفسه ، آه ! اجتهد ألا يبكى لان عرش الرحمن يهتز لتنهدات اليتيم المحزنة المؤثرة ، واختتمها بقوله :

أنااشارك اليتيم فى احزانه لأنى قد ذقت فى طفولتى يأس اليتيم

مات أبوه وهو طف فعاش فى كنف السلطان سعد بن زنكى سلطان فارس ايام طفولته وشطرا كبيرا من أيام شبابه

ولم ينقل الينا من ترجم السعدى من المؤرخين كيف كان يعيش فى ظل هذا السلطان وما كان نصيبه من رفه الحياة وبؤسها ، وكل ما وصل الينا انه عاش فى رعايته زمنا ثم فارقه ليستكمل حياته العلمية على شيوخ بغداد الذين كان لهم اكبر أثر فى ثقافته وأدبه .

والمفهوم مما ذكره المؤرخون ان دراسات السعدى كانت فى حياة سعد بن زنكى وان هذا السلطان لم يمت حتى بلغ السعدى ثمانى وثلاثين سنة وهو عمر طويل مكن له أن يشبع نهمه من علوم الدين وقواعده واصوله ومن مصطلحات الفنون وادواتها واساليبها ومكن له أيضا أن يملأ قلبه معرفة بأحوال الصوفية ومذاهبهم ودراساتهم الروحية العالية فقد اتصل فى بغداد بكثير من شيوخ العلم ثم انقطع أخيرا الى شيخين جليلين من اعيان العلماء هما الامام شهاب الدين السهرورى المتوفى سنة 632 هـ وكان واحد دهره فى الحديث والتفسير والتصوف ، والامام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى المتوفى سنة 597 هـ شيخ الواعاظ والعلماء والمصنفين ، وقد وقع البستانى هنا فى خطأ تاريخى واضح لأنه عد من شيوخ السعدى الذين تلقى عليهم علم الباطن الشيخ عبد القادر الجيلانى رضى الله تعالى عنه صاحب الطيقة الكيلانية المشهورة فى العراق والممالك الشرقية الاسلامية – وذلك غير صحيح لأن الشيخ عبد القادر الكيلانى توفى سنة 561هـ أى قبل ميلاد السعدى بعشرين سنة تقريبا

فى وسع الباحث فى حياة السعدى ان يدع جانبا حديث المؤرخين عنه بعد عهد المدرسة ويترك للسعدى نفسه الحديث عن هذه الحياة المليئة بالعبر والحوادث الجسام .

فهو يصور لك أصدق تصوير فىكتبه ثورة نفسه على النظام الحضرى وعلى حياة الاستقرار التى اغرت سكان المدن بالركون الى النعمة والإخلاء الى العيش الرافه اللين ويريك كيف جاب اقطار الارض ورحل فى ثياب الدراويش ثلاثين عاما الى ممالك الاسلام جميعها وكيف كان يتحرق بنار الشمس خلف القوافل الميمتمة شطر بيت الله الحرام وقد حج اليه اربع عشرة مرة يردد التسامح ويتغنى بأغانى الشوق ويرتل قصائد العشق الصوفى فى الذات الربانية والحضرة المحمدية الكريمة ويتوجد ويتشوق على النحو الذى تراه فى قصيدته التى يقول فيها :

تعذر صمت الواجدين فصاحـــــوا ومن صاح وجدا ما عليه جناح
اسروا حديث العشق ما امكن التقى وإن غلب الشوق الشديد فناحوا
سرى طيف من يجلو بطلعته الدجى وسائر ليل المبتلين صبــــــــاح
اصبح اشتياقا كلما ذكـــــــر الحمى وغاية وجد المستهام صيــــــاح

(( يتبع ))




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 18, 2025 5:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6519


ويريك ايضا كيف اسره الصليبيون والقوا به فى شجن نابلس يعمل فى بناء الحصون ويتصبب عرقه من حمل الصخور وكيف افتداه من هذا الأسر تاجر حلبى وزوجه ابنته فكانت هذه الزوجة على جمالها وثروتها مجلبة احزانه ومثار آلامه وكيف رحل الى الهند ووقف هناك يتفرس فى صنم الوثنيين فى احد المعابد فرآه الحارس فقتله السعدى خشية ان يخبر عنه قومه فيقتلونه

ثم كيف حن بعد هذه الغربة الطويلة الى شيراز فعاد اليها وقد قارب السبعين وكيف كانت هذه الرحلات سماد عبقريته وماءها ومصدر خصبها ونمائها ، وهنا يريك كتابه العظيم وديوان اشعاره الجامع (( الكليات )) كيف بدأ بهذه العودة عهد الاثمار – كيف بدأ الروض المزهر ينفح بالعطر والعقل المخصب يجود بالحكمة والقلب المؤمن يفيض بالعبرة والقلم البليغ يرسل السحر الحلال – كيف بدأ بهذه العودة يدون آثاره الادبية واشعاره وأقاصيصه فأنشأ كتبه الاربعة الكلستان والبستان ودواوين اشعاره

وتدلنا قصيدته العظيمة التى وصف بها نكبة بغداد وبكى بها مجد العرب وبيت الخلافة انه قد رحل مرة اخرى الى هذه المدينة وما جاورها كواسط وعبادان حين سقطت فى ايدى التتار وشاهد طاولها وخرائبها بعد ان شاهدها جنة الدينا وتاج المدائن ويبدو لنا ان هذه الرحلة لم تكن طويلة وان هموم الشاعر واحزانه على هذا الملك الساقط لم تحبب اليه البقاء فهيا فهل يستهل هذه القصيدة بقوله :

حبست بجفنى المدامع لا تجرى فلما طغى الماء استطال على السكر
نسيم صبا بغداد بعد خرابها عنيت لو كانت ممر على قبرى
لأن هلاك النفس عند اولي النهى أحب له من عيش منقبض الصدر



ثم يقول :

أيا ناصحى بالصبر دعنى وزفرتى اموضع صبر والكبود على الجمر
وقفت ( بعبادان ) ارقب دجلة كمثل دم قان يسيل الى البحر
وفائض دمعى فى مصيبة ( واسط ) يزيد على مد البحيرة والجزر
فاين بنو العباس مفتخر الورى ذوو الخلق المرضى والغرر الزهر
غدا سمرا بين الانام حديثهم وذا سمر يدمى المدامع كالسمر
جرت عبراتى فوق خدى كآ بة فأنشأت هذا فى قضية ما يجرى
سطرت ولولا غض عينى من البكاء ترقرق دكعى حسرة فمحا سطرى
أحدث اخبارا تضيق بها صدرى وأحمل اوقارا ينوء بها ظهرى
ألا أن عصرى فيه عيش مكدر فليت عشى الموت بادر فى عصرى



وهو فى هذه القصيدة يملي مواجع قلبه وأحساساته الأليمة على مصير الخلافة والاسلام ويجزع من المنحدر السحيق الذى يهوى اليه تاريخ الجماعة الاسلامية يحضارتها وعلومها وعزتها وبمجدها السامى العظيم وتكاد هذه القصيدة تكون هى الوحيدة فى الشعر العربى التى صورت تصويرا رائعا هذه النازلة الكبرى التى نزلت بالمسلمين وذهبت بعظمة سلطانها ومجد خلافتهم

وأدب السعدى يتمتع بمميزات الادب الفارسى جميعها من العناية بالتشبيهات والاستعارات والجمال اللفظى والخيال الملىء بأبدع صور الجمال الطبيعى والغزل الصوفى والتأثر إلى حد ما بالثقافة الاسلامية ولكنه يمتاز عن ادب نظراته من الشعراء المعاصرين بانه استطاع على الرغم من ولوعه بروح التصوف والآداب الدينية وعيش الدراويش ان يقسم شعره ونثره بين الحاتين

الروحية والمادية ويمنح كلا منهما من ذلك نصيبه الكامل فقد وفق أثم توفيق الى أن يرضى الفقراء والأغنياء جميعا ، وهو هو الذى جعل ادبه أسير وأشهر من أدب غيره من شعراء فارس جميعهم .

وكتابات السعدى تدل على انه قد تأثر الى أبعد حد بأستاذه ابن الجوزى فهو يجرى فى الكلستان والبستان مجرى هذا الشيخ فى كتبه الاخبارية كأخبار الاذكياء والمجانين ونوادر الملوك وغيرها وكذلك تبعه فى كتبه الوعظيمة متابعة بينه ، وذلك يدلنا على ان خظ السعدى من علوم الجدل لم يكن وافرا وأن دراسته كانت تهذيبية عملية تتصل اتصالا وثيقا بالحياة ومشكلاتها وتعنى فى معالجها بأسلوب الارشاد والقصص الذى تسلكه الشرائع كثيرا فى الدعوة الى الاصلاح

ولم يترك السعدى غرضا من أغراض الشعر لم يقل فيه ، فقد مدح ورثى ووصف واشتاق وتغزل ولكن حظ الهجاء من شعره رغم تنادره وفكاهته وقسوة لسانه كان قليلا

أما غزله وهو اظهر هذه الاغراض فى شعره فانه وان لم يبلغ فى نظر النقاد ما بلغت غزليات حافظ التى تعتبر فى القمة من غزل الاداب العالمية وعلى الرغم من ان معانية عامة لا ابتكار فيها الا نادرا ، على الرغم من ذلك كله فقد تمتع بحظ وافر من الروحانية التى تجعله محبوبا مستطابا الى النفس وهو يسوق هذه المعانى مساقا وجدانيا يستهوى ويعدب ، أفلا تراه يبث السحر فى قوله :

قد اذعتم روائح المسك طيبا بهرتم محاسن الورد نشرا
فنسيم النعيم حيث حللتم حل بالواردين روح وبشرى
مقل علمت ببابل ... هارو ت على ان تعلم الناس سحرا
حمرات الخدود أحرقن قلبى وتبقين فى الجوانح جمرا
برزوا والربا تظل تنادى ما لهذا النسيم يحمل عطرا
ابدا لا افيق من سكر عيشى ان سقتنى من المراشف خمرا


وفى قوله من قصيدته التانية التى تشبه كل الشبه فى روحها ونسجها تاثية ابن الفارض المشهورة :

ألم ترنى فى روضة الحب كلما ذوت – مطرت سحب العيون فبلت
أما كان قتل المسلمين محرما لحى الله سمر الحي كيف استحلت
وها نفس السعدى اذكى تحية تبلغهم ريح الصبا حيث حلت



وفى قوله من قصيدة اخرى :

حدائق روضات النعيم وطيبها تضيق على نفس يجور حبيبها
فيا ليت شعرى اى أرض ترحلوا وبينى وبين الحي بيد أجوبها
ذكرت ليالى الوصل واشتاق باطنى فيها حبذا تلك الليالى وطيبها



موضوع السعدى طويل اكتفى منه بهذه اللمحة واختتم القول فيه بذكر ابيات من قصيدته العاشرة التى يتحدث فيها حديث السكارى بخمر العشق الربانى :

يت صاحبي يوم الوصال منادما كن لى ليالى بعدهن سميرا
هل بت يا نفس الربيع بجنة ام جئت من بلد العراق بشيرا
عجبي بأنى لست شارب مسكر وأظل من سكر الهوى مخمورا
صرفا محا عقلى ورد قراءتى شعرا وثير مسجدى ماخورا
ظمأ بقلبى لا يزال يسيغه رشف الزلال ولو شربت بحورا
قطع المهامة واحتمال مشقة لرضى الأحبة لا اظن كثيرا
حسو المراة فى كؤوس ملامة حلو اذا كان الحبيب مدبرا



وهو فى هذه الهوى الالهى يذهب مذهب التصوف فى الانصراف بنفوسهم الى الذات الالهية يعشقونها وحدها ويقطعون من قلوبهم كل امل بلذائذ هذا الحب وآثاره كما رووا ذلك عن السيدة رابعة العدوية ، ويظهر هذا فى شعر السعدى فى قوله :

يا من به السعدى غاب عن الورى ارفق بمن اضحى اليك فقيرا

صلنى ودع ثم النعيم لاهله لا اشتهى الا اليك مصيرا

فلعل ان تبيض عينى بالبكاء ارتد يوما ألتقيك بصيرا





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مقالات سيدى حسن محمد قاسم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 24, 2025 3:35 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6519


مدينة منف

بقلم حضرة احمد بك كمال الامين الوطنى المساعد فى المتحف المصرى



تطونت بلاد مصر من طمى النل فكان يأتى من أعلى السودان وترسب منه الرواسب من أسوان الى تل بنها العسل ، وتمادى وروده حتى تكون منه الوجه البحرى وزرعت أرضيه ، ولذا قال عنه هيرودوتس اليونانى انه هدية من النيل ، ثم تفرع النيل فيه الى ثلاثة فروع وهى الفرع الكانوبى اى فرع ابى قير والفرع البالوزى وهو فرع دمياط والفرع السبتيتى وهو فرع سمنود بين الفرعين السابقين ، وكان هذاالاخير يقسم مثلث الدلتا اى الوجه البحرى الى قسمين متساويين وذلك على مقربة من قرية قديمة تعرف باسم كركسور بجوار امبابة على سنة كيو مترات من القاهرة ، ولما طم فرع دمياط زال انفسام المثلث تقريبا بانتقال هذا الفرع الى الجهة المنحفضة على بعد 15 كليو مترا ن وكانت تلك الفروع الثلاثة تجتمع فى ملتقى يخرج منه رياحات وجداول ومجار بعضها طيبعى والبعض صناعى وكانت تارة تتسع وتارة تضيق وطورا تفتح وطورا تسد واحيانا تنتقل وتتشعب الى فروع تجرى فى الوجه البحرى وترسب فيه الطمى حتى اصحبت اراضيه خصبة وصارت حدود مصر من الجهة البحرية البحر الابيض المتوسط ومن الجهة الجنوبية بلاد السودان ومن الشرقية جبال العرب ومن الغربية جبال ليبيا او برقة وهاتان السلسلتان من الجبال تتقاربان بين اسوان واسنا حتى تكادا تتماسان ثم تأخذان فى الانفراج كلما امتدتا الى الشمال حتى تصلا الى امام القاهرة فتتجه احداهما الى الشمال الشرقية حتى تنتهى بهضبات الشام وتتجه الثانية الى الشمال الغربى حتى تنتهى بجبال المغرب ، ويجرى النيل بينهما متشبعا فى اراضى مصر فيوريها ثم يصب فى البحر الابيض المتوسط ، فمصر كانت ولا تزال ارضا زراعية ابتدأ تكنها فى الوادى الممتد من جبل السلسلة الى الدلتا ثم اخذت تنمو من عصر الى آخر بسطح محدب تشغله خطوك محدبة تنتهى بمجرى النيل وقت الصيف فكان اذا فاض تدفقت مياهه فى السواحل المنحطة فتحدث فيها مواطىء يركد فى بعضها الماء الى وقت التحريق وبذلك كانت الاراضى المزروعة غير منتظمة لعدم استوائها ، ثم حصر النيل فى مجراه بين جسور ذات انعطافات تارة تحيط بقسم واحد وتارة تحيط بجهات واسعة وكانت تلك الجسور اشبه بحصون مبنية بالطوب اللبن ومشيدة بإحكام لا يدخلها الا قليل من الحجارة وكان بينها جسور اخرى فاصلة بين الارض العالية المماسة للنيل وبين الارض المنحفضة التى فى جانبى الوادى وتقسم الحياض الكبيرة الى حياض صغيرة لسهولة الرى

وهذه الجسور القديمة وجدت دفعة واحدة فى جملة بقاع بان شرع رجال الامة فيها بما دفعتهم الطبيعة عليه وسافتهم الحاجة اليه فبنوها جسورا متفرقة واستمروا فى اقامتها الى ان قضى عليها الزمان بالتواصل والالتحام ثم تحسنت وتقوت لاهتمام الاهالى بها فكان اولا كل قسم ينظر الى مصلحته فيقيم الجسور ويحفر الجدول ليحجز الماء عنده المدة الكافية للرى ثم يصرفه من غير ان يلتفت الى ضرر جاره فمن ذلك كان هذا الامر موجبا للمشاجرة ا لدائمة بين الزراع والمنازعة المستمرة التى دعت الى سن قانون للرى انقاد الجميع اليه وبموجبه اصبحت مصر مقسمة بين جميعات يشعر اعضاؤها انهم من نسل واحد يسمى ( يايت ) ( بفتح الياء الاولى وكسر الياء الثانية ) ناشىء من عائلة واحدة تسمى ( يايتو) ( بفتح الياء الاولى وضم التاء ) وروؤساؤهم يعروفن باسم ( ربايتو) ( بضم الراء وفتح الباس وسكون الياء وضم التاء ) وكان لكل عائلة متوطنة فى جهة رئيس يسمى ( ربايتوحع ) وكانت السيادة الحقيقية لهؤلاء الرؤساء لكونهم ورثوها عن اجدادهم فلهم الحكم المطلق والتصرف التام فى جباية الضرائب من غلات الارض وفى تقسيم الارض بين قومهم وفى اعلان الحرب اوالتحريض عليها وفى تقديم القرابين للمعبودات وكان الاهالى ينقادون اليهم وكانت جهاتهم أشبه بامارات صغيرة كان لكل إمارة اسم مخصوص منها إمارة ( أنف ) وكانت شاغلة لوسط مصر ومبدأها حيث يأخذ النيل فى الاتساع وكان الرى فيها منظما وارضها أجود الاراضى ولذلك كانت مهدا للتمدن المصرى وقاعدتها اسيوط وكانت هذه الامارة مسمولة من جهاتها الثلاثة بجدول يروى ارضها ويحفظها لأنه كان شبه خندق طبيعة يمنع كل من قصدها بسؤ فلا يصل اليها الا بجسور ضيقة فيها اشجار السنط وكان موقعها بهيج المنظر ومنها تمتد طرق التجارة الى وسط افريقية وكانت أرضها تمتد من الجبل الى الجبل ومن الشمال الى ديورط ابتداء من البحر اليوسفى ومن الجنوب الى جبل الهريدى

ومنها إمارة بحرى ( اسيوط ) وتسمى إمارة ( الارنب * وقاعدتها ( الاشمونين ) ، ثم إمارة ( شجر الدفلى ) وقاعدتها ( مدينة أهناس ) وعلى جنوبها إمارة ( أيو ) اى ( اخميم ) وحدودها لا تزال باقية على قدمها وفوقها إمارة طينة وتعرف الان بمديرية ( سوهاج ) وكانت ذات ثروة كإمارة ( اسيوط ) وارضها جيدة وكلما صعد الانسان نحو ( اسوان ) جنوبا قلت الاخبار الاثرية المنبئة بحقيقة تلك الامارات فيجد إمارة ( قفط ) وإمارة ( أرمنت ) وكانت مديرة ( الكاب ) ومدينة ( إدفو ) مناطتين بالحفظ والامن العالم لمصر قاطبة ، ثم لما امتدت مصر الى الجنوب ووصلت الى اسوان صارت هذه المدينة اخر الحدود المصرية وأقيمت فى جزيرتها قلعة وسميت إمارة أسوان ( خونيت ) اى المتقدمة فى اول الإمارات ومن فوقها بلاد البرابرة وكان لا يجسر احد ان يذهب الى تلك البلاد

وأما الوجه البحرى فقد سار فيه النظام سيرا بطيئا لانه كان فيه اباطح وجزائر رملية يكثر فيها نبات البردى والنيلوفر وغيرها من النباتات المائية وكان النيل يتحول فيه كيف شاء فيكون ربوات تستزرع ومستنقعات لترك مراعى للمواشى ومن جرآء ذلك كان سكانه يقاسون الشدائد وابتدأ تكون ارضه من جانب السواحل فوجد قسم ( أنو ) أى قسم ( عين شمس ) ثم قسم الى ثلاثة اقسام قسم ( أنو ) وقسم ( فخد الثور ) وهما متقابلان وقسم ( منف ) ، ثم جد بعد ذلك قسم ( صار الحجر ) وقسم ( بسطة ) وقسم ( إتريب ) وقسم ( بوزوريس ) وقسم ( العرب ) فى شرقى الطميلات ثم قسم ( ليبيا ) فى الغرب قبل يحيرة ( مريوط )

وكانت الاقسام الشرقية تمنع عن مصر اغارة البدو من أهل اسيا وتصد عنها الاقوام الرحل الذين كانوا يأتونها للنهب والسلب ، ويغلب على الظن ان امارات الوجه القبلى والبحرى اخذت فى نهاية امرها تنضم بعضها الى بعض حتىصارت قسمين (1) استقل كل قسم بنفسه فكانت (هليوبوبيس) المعروفة الآن ( بعين شمس ) فى الجهة البحرية مركز للحكومة ومنها ظهر التمدن وانتشرت بين سكان الاراضى الخصبية واهل الاباطح واسس فيها الكهنة مدارس حوت اصول الديانة المحلية ثم رتبتها واوجدت فيها التتسيع فنجح وانتشر بهمة امراء الوجة البحرى الذين كان لهم على سكان اماراتهم السيادة المطلقة مدة من الزمن ، ولما تم نظام الجهات البحرية حول مدينة ( الشمس ) استمد الجميع من معرافها وصنفت لهم كهنتها الدباجات الملكية والعناوين الفرعونية واوصلت نسهبم بالمعبود رغ وسنت ديانته المألوفة لهم

ولما كان شكل الارض فى الوجه البحرى قصرا منتظما كان صالحا لان تؤسس فيه مملكة واحدة منفردة بالحكم والسلطان خلافا للوجه القبلى وهو الوادى الاصلى فان شكله الشبيه بشريط ضيق معود كان لايصلح ان يكون دولة مستقلة فلذلك تشكلت مصر دولة واحدة بوجه غير قطعى كان يرمز اليها بالاسل وبالنيلوفر وكانت ديانتها ناقصة الترتيب والقواعد وليس لها عاصمة تنحصر فيها امور السياسة واوامر الكهنة وكان فى الجهات القبلية والقواعد وليس لها عاصمة تنحصر فيها امور السياسة واوامر الكهنة وكان فى الجهات القبلية لمدينة ( هرمويوليس ) المعروفة الآن ( بارمنت ) مدراس لاهوتية حازت مظهرا كبيرا فى بص اصول الديانة ونشر المذاهب لكن لم يمتد نفوذ اساتذتها الى الجهات القصوى من مصر لان اسيوط كانت تنازعهم السيادة ( وهيرقليوبوليس ) اى مدينة ( اهناس ) كانت تزاحمهم من الجهة البحرية تقف فى وجههم حجر ثرة اى ان المدن الثلاثة كان يعرض بعضها بعضا فالتزمت كل واحدة منها بالحياد وبذلك تعذ الوصول الى اتحاد الكلمة وانفراد الحكم فى الوجه القبلى

وكان لكل من الوجهين مزايا طبيعية وأساليب سياسية جعلت لا حكامه هيئة خصوصية ووجهة أساسية يمتاز بها عن الاخر ولما كان الاقليم القبلى اقوى واغنى واكثر عمرانا وكانت احكامه اسائرة على اصول دقيقة وامور الضبط والربط جارية فيه بصرامة شديدة بهمة رؤسائه وقد قام من بينهم رجل يدعى مينا فتغلب عليهم وعلى الكهنة وادخل تحت حكمه الوجه القبلى ثم امتد سلطانه الى الوجه البحرى فضم القطرين تحت سلطته وجعلهما مملكة واحدة فهو اول العلائلات الغرعونية واصله من طينة وهى قرية حقيرة على مقربة من جرجا اوفى ملحها وكان بجانبها فى سفح الجبل الى الغرب من العرابة المدفونة جبانة فهيا تابوت أسوريس (2) ويظهر ان سبب تغلب مينا ان العرابة صارت تحتا للملكة حينما اتحد اقليماها لان امارتها كانت واسعة الارجاء تشغل الوادى من الجبل الى الجبل فضلا عن امتدادها فى وسط الصحراء الى واحة طيبة الكبرى وكانت هذه الواحة تسمى باسمها وكان سكان هذه الامارة يتخذون اسلحتهم على شكل تابوت أسوريس حبا به ، ثم انحطت العرابة المدفونة عن درجتها وانتقل تحت المملكة بعدها الىمدينة طينة المذكورة آنفا وهى التى خرج منها ملوك العائلة الاولى والثانية والثالثة لكن بقى للعرابة النفوذ الدينى الذى استع نطاقه وامتد سلطانه حتى احرزتا بواسطته قبل تدوين التاريخ بل وبعده الشهرة الكبرى والصيت الاقصى فى انحاء الديار المصرية وان معبدها البيت الوحيد الذى يمج اليه جميع المصريين لاقامة العبادة وشعائر الدين وبسبب اجتماع رجال الاقليمين فيه مع عائلاتهم وائتلافهم هناك تمهدت الامور للميك مينا فى ضم قسمى مصر وفى جعلهما مملكة واحدة مستقلة ولما تم له هذا الامر جعله المؤرخون النابغون من طيبة فى عصر العائلة الثامنة عشرة اول الفراعنة واجرجه المؤرخون المتخرجون من منف فى اول جداولهم وقد اشتهر فى جميع مصر بانه اول استاذ فى العالم البشرى وهو فى الحقيقة حري بان يتصف بهذه الصفات الحميدة لانه فسم مصر الىاقسام ذكرت فى الآثار مرتبة فنقلها الينا مؤرخوا اليونان وكان عددهم يختلف باختلاف الازمان فكانت ستة وثلاثين قسما ثم بلغت أربعين صم وصلت الى اربعة واربعين ثم تناهت الى خمسين قسما والسبب فى هذا التزايد إما النزاع الذى كان يحدث بين الامراء الحاكمين او الحروب الداخلية او الزواج اوفتح البلاد اوغيرها من الامور ذات البال التى قضت بانتقال الحكم والادارة من يد الى اخرى وقبل الكلام على منف يلزمنا اولا ان نتكلم على قسمها ومشتملاته ليقف المطلع على بعض مواضعه الجغرافية

(( يتبع ))


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 66 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 1 زائر


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط