موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: في حكم النقاب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 13, 2024 1:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7794

صح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ البَرَانِسَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ الوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ. صحيح البخاري ط الشعب (3/ 19)

استدل بعض الناس بهذا الحديث على وجوب النقاب بدعوى مفهوم المخالفة، فما دام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى المرأة المحرمة أن تنتقب وأن تلبس القفازين فهو دليل على أن المرأة تلبسهما في غير الإحرام.

قلت: وليس الأمر كذلك؛ لعدة أسباب:

الأول: أن مفهوم المخالفة ليس بمستقيم؛ لأن ذلك وافق عادة عند العرب فثبوت أن بعض النساء كن يفعلن ذلك دليل على النهي الوارد في الحديث، فكان وارداً على أن بعض النسوة يلبسنه.

فالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كان في بيئة عربية، وجد فيها من النسوة من يحتجبن عن الرجال ولا يظهرن وجوههن، ومنهن من لا يحتجبن ويظهرن وجوههن، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرأة التي تنتقب أن تنزع النقاب عنها أثناء إحرامها.

وقد جاءت الآثار بأن من النساء من كن يغطين وجوههن ومنهن من كن لا يفعلن، ولم يُصدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفتوى بذلك، بل ترك الأامر على ما هو عليه.

فالمرأة المنتقبة لا يظهر منها شيء، وإن ظهر الوجه على قول من يقول بوجوب ستره كانت المرأة آثمة لمخالفتها الواجب، وفي ذلك لحوق الآثم بالمرأة الساترة لسائر جسدها عدا وجهها وكفيها، وهذا لم أر أحداً يذكره أو يقول به إلا بعض الحنابلة لا كلهم، ودليلهم في ذلك ضعيف لا يقوى أمام أدلة الجمهور، والنقاب على وجوه؛ قال الفراء: (إذا أدنت المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة فإن أنزلته دون ذلك إلى المحجر فهو النقاب فإن كان على طرف الأنف فهو اللفام) {1}

يتبع بمشيئة الله.....


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في حكم النقاب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 14, 2024 4:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7794

فكيف نجمع بين ما جاء من قولهم بوجوب النقاب اعتماداً على ظاهر بعض الروايات التي لا يُفهم منها الوجوب مطلقاً وبين الأحاديث الواردة في إظهار المرأة لوجهها وكفيها، كالحديث الي يُروى عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه: أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما، فذكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأعرض عنه وتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (كيف وقد قيل) وقد كانت تحته ابنة أبي إهاب التميمي.{2}

وصح في الحديث:"فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين".{3}

وروى البخاري وغيره عن عبد الرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يذكر أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه صلى الله عليه وآله وسلم خطب بعد أن صلى ثم أتى النساء ومعه بلال؛ فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلال.

قال ابن حزم: "فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى أيديهن؛ فصح أن اليد من المرأة والوجه ليسا عورة، وما عداهما؛ ففرض عليها ستره"{4}.

وروى أبو داود بسنده إلى خالد بن دريك عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها ثياب شامية رقاق فأعرض عنها ثم قال: "ما هذا يا أسماء؟ إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه" قال أبو داود: هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة.{5}

قال البيهقي: " مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قوياً"{6}.

وقال ابن قدامة تعليقاً عليه بعد ما أورده: "ولأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة، كوجه الرجل"{7}.

ويشهد لذلك ما جاء في الصحيحين من حديث سُبيعة أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو في بنى عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفى عنها في حجة الوداع وهى حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخُطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بنى عبد الدار فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت على ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأنى قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي قال ابن شهاب فلا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر{8}.

وهذا من أقوى الحجج على أن المرأة كانت تظهر وجهها وكفيها وقد كان ذلك بعد نزول آيات الحجاب وفي حجة الوداع وهو دليل قوي حتى لا يُدّعى أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب كما يزعمون دائماً.

ونقل الإمام البيهقي قول الإمام الشافعي عن قول الله عز وجل: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).

فقال: "قال الشافعي رحمه الله: إلا وجهها وكفيها"
ثم قال: وروينا معنى هذا عن عائشة وابن عباس وابن عمر وروي عن ابن عباس أنه قال:"الكحل والخاتم" وفيه إشارة إلى الوجه والكفين{9}.


يتبع بمشيئة الله....


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في حكم النقاب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 15, 2024 4:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7794

وقال ابن عبد البر: "وفي ترجيل عائشة شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو معتكف دليل على أن اليدين من المرأة ليستا بعورة ولو كانتا عورة ما باشرته بهما في اعتكافه صلى الله عليه وآله وسلم، ويدلك على ذلك -أيضاً- أنها تنهي في الإحرام عن لباس القفازين وتؤمر بستر ما عدا وجهها وكفيها وتؤمر بكشف الوجه والكفين في الصلاة فدل على أنهما غير عورة منها وهو عندنا أصح ما قيل في ذلك"{10}.

وقال الإمام البغوي: "وأما المرأة مع الرجل، فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين إلى الكوعين لقوله عز وجل: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا). قيل في التفسير هو الوجه والكفان"{11}.

قال ابن بطال: "وقال أكثر أهل العلم: إلا ما ظهر منها: الوجه والكفان، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وأنس، وهو قول مكحول وعطاء والحسن.

قال إسماعيل بن اسحاق: قد جاء التفسير ما ذكر والظاهر -والله أعلم- يدل على أنه الوجه والكفان لأن المرأة يجب عليها أن تستر في الصلاة كل موضع منها إلا وجهها وكفيها وفي ذلك دليل أن الوجه والكفين يجوز للغرباء أن يروه من المرأة، والله أعلم بما أراد من ذلك{12}.

وقال البدر العيني الحنفي:" البنت إذا حاضت بلغت وأنه يجب عليها أن تستر بدنها ولا تكشف منها إلا الوجه والكفين، سواء كانت في الصلاة أو غيرها؛ لأن الحرة عورة، يعني جميع بدنها عورة إلا ما استثنى الله عز وجل منها وهو الوجه والكفان وفي القدمين روايتان عن أبي حنيفة{13}.

وجاء في الفقه على المذاهب الأربعة: "وحد العورة من المرأة الحرة خارج الصلاة هو ما بين السرة والركبة إذا كانت في خلوة أو في حضرة محارمها أو في حضرة نساء مسلمات فيحل لها كشف ما عدا ذلك من بدنها بحضرة هؤلاء أو في الخلوة، أما إذا كانت بحضرة رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة"{14}.

وقال ابن حجر الهيتمي: "يجب عليهن ستر ما عدا الوجه والكفين"{15}.

ولو تتبعت في ذلك أقوال أهل العلم لخرجت بالكثير والكثير من هذا؛ وإنما أردت أن أنبه إلى من ينقلون الإجماع في المسألة ويفهمون النصوص على غير مقتضاها حتى سمعت من أحدهم أنه قال: إن تغطية وجه المرأة واجب لما في الصحيح من قول عائشة رضي الله عنها:"فخمرت وجه بجلبابي".

وهو في ذلك يجهل التفرقة بين الخبر والإنشاء، وغير مدرك لصيغ الأمر التي تصلح أن تجعل من الأمر واجباً كما هو مقرر عند أهل الأصول، وفيما ذكرته من أقوال أهل العلم دليل على ما ذكرت، والله أعلم. أهـ

الهوامش:
{1}:لسان العرب: مادة نقب(1/765)دار صادر بيروت، الطبعة الأولى.
{2}:صحيح البخاري(3/54)،برقم(2052).
{3}:صحيح مسلم:كتاب صلاة العيدين (2/603)،(885).
{4}:المحلى بالآثار(2/248).
{5}:حسن لغيره:سنن أبي داود:باب فيما تبدي المرأة من زينتها (4/62)،(4104).
{6}:السنن الكبرى للبيهقي/ باب عورة المرأة الحرة(2/319)،برقم(3218).
{7}:المغني(7/102).
{8}:صحيح البخاري:باب فضل من شهد بدراً(5/80)برقم(3991)،صحيح مسلم (2/1122) برقم (14849.
{9}:الآداب للبيهقي (ص:241).
{10}:التمهيد (8/324).
{11}:شرح السنة للبغوي (9/23).
{12}:شرح صحيح البخاري (9/20-21).
{13}:شرح أبي داود للعيني (3/180).
{14}:الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري (1/174-175).
{15}:الفتاوى الحديثية (1/171).

المصدر: كشف الخفا لبيان ما أُشكل من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
الجزء الأول (ص:376-383)، تأليف: إبراهيم شعبان المرشدي الأزهري
إشراف: رواق البحوث العلمية والتحقيق، 1439هـ - 2017مـ


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 1 زائر


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط