قال الشوكاني اليماني في كتابه [قَطْرُ الوليِّ عَلى حَديثِ الوَليِّ] صــ(257-259) تحقيق وتقديم إبراهيم إبراهيم هلال، ما نصه :
[جواز الكرامات : ومن وُهِب له هذه الموهوبات الجليلة وتُفضِّلَ عليه بهذه الصفات الجميلة فغير بعيد، ولا مستنكر أن تظهر على يده من الكرامات التي لا تنافي الشريعة والتصرفات في مخلوقات الله عز وجل الوسيعة، لأنه إذا دعاه أجابه وإذا سأله أعطاه، ولم يصب من جعل ما يظهر من كثير من الأولياء من قطع للمسافات البعيدة، والمكاشفات المصيبة، والأفعال التي تعجز عنها غالب القوى البشريَّة، من الأفعال الشيطانية وَ التصرفات الإبليسية.
فأن هذا غلط واضح، لأن من كان مجاب الدعوة لا يمتنع عليه أن يسأل الله أن يوصله إلى أبعد الأمكنة التي لا تقطع طريقها إلا في شهور في لحظة يسيرة، وهو القادر القوي الذي ما شاءه كان، وما لم يشأه لم يكن.
وأي بُعد في أن يجيب الله دعوة من دعاه من أوليائه في مثل هذا المطلب وأشباهه.
وفي مثل هذا يقال ما قاله الشاعر:
والناس ألف منهم كواحدٍ وواحد كالألف إن أمر عَفَا
وقال الآخر:
ولم أر أمثال الرجال تفاوتاً من الناس حتى عُدَّ ألفٌ بواحد.
بل هذا الذي تفضل الله عليه بهذه التفضلات لا يَعْدِلُه الألف ولا الآلاف ممن لم ينل ما نال، ولا ظفر بشيء من هذه الخصال.
فمالك والتلدد* حول نجد وقد غَصت تهامة بالرجال.
ومن نظر في مثل الحلية لأبي نعيم، وصفوة الصفوة لابن الجوزي عرف صحة ما ذكرناه، وما كان عطاء ربك محظوراً................. إلى أن قال.... : والحاصل أن الله سبحانه يتفضل على عباده بما يشاء، والفضل بيده، من شاء أعطاه، ومن شاء منعه.
وليس لنا أن ننكر إلا ما أنكرته الشريعة المطهرة.
فمن جاء بما يخالفها دفعناه ومنعناه. وأما مجرد استبعاد أن يهب الله سبحانه لبعض عباده أمراً عظيما ويعطيه ما تتقاصر عنه قوى غيره من المنح الجليلة، والتفضلات الجزيلة فليس مرادات المتصفين بالإنصاف].اهـ
* التلدد : التحير والتلفت يمينا وشمالاً.