روى الإمامان البخاري (4 / 201) ومسلم (8 / 4) في صحيحيهما - واللفظ للإمام مسلم - :
[عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا ، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً ، فَكَانَ فِيهَا ، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ فَقَالَ : يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ ، فَانْصَرَفَتْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ فَقَالَ : يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ ، فَانْصَرَفَتْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ ، قَالَ : فَتَعَرَّضَتْ لَهُ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ : هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا : زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ ، فَقَالَ : أَيْنَ الصَّبِيُّ ؟ فَجَاؤُوا بِهِ ، فَقَالَ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ ، فَصَلَّى ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ ، وَقَالَ : يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ : فُلاَنٌ الرَّاعِي ، قَالَ : فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا : نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ ، قَالَ : لاَ ، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ ، فَفَعَلُوا.] اهـ المقصود نقله.
قلت وبالله التوفيق :
هذا نص واضح صريح في جواز التمسح بالصالحين على سبيل التبرك بهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
فمن الثابت أصولياً أن إقرار صاحب الشريعة - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على القول الصادر من أحد هو قول صاحب الشريعة ، وإقراره على الفعل من أحد كفعله ، وما فعل في وقته في غير مجلسه وعَلِمَ به ولم ينكره فحكمه حكم ما فعل في مجلسه.
وقول سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واضح صريح في الحديث بالنقل على سبيل الإقرار لا الإنكار.
فلا حجة لمزايد بعدها.
فلا أفهم وأعلم وأحفظ للتوحيد من حضرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم.