بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
لما ظهرت هذه الطائفة المتجرئة على مقام حضرة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام الأطهار , وقد تزيوا بزى النساك , وخاضوا فى أعراض المسلمين تكفيرا وتفسيقا وتبديعا , وجدت تشابها عجيبا بينهم وبين الخوارج الأوائل وعلى رأسهم عبد الله بن ذى الخويصرة التميمى .. فتعالوا ننظر فى التاريخ ونعتبر .
والقصة تبدأ بما رواه مسلم فى صحيحه - باب ذكر الخوارج وصفاتهم عن جابر بن عبد الله قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس فقال يا محمد اعدل قال ( ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال ( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ) .
وقد أخرجه البخارى فى صحيحه أيضا - باب من ترك قتال الخوارج للتألف ولئلا ينفر الناس عنه - عن أبي سعيد الخدرى بنحو لفظ جابر وسمى الرجل عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي وزاد : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا عمر ( دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته . وصيامه مع صيامه . يمرقن من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل إحدى يديه أو قال ثدييه مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس ) قال أبو سعيد أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليا قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم قال : فنزلت فيه ( ومنهم من يلمزك في الصدقات ) .
وقد زاد أبو نعيم فى حلية الأولياء ( 5/ 71 – 72 ) فوائد فى الحديث عن أبي سعيد الخدري : أن عليا بعث الى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهب في أديم مقروظ لم تخلص من ترابها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة : الأقرع بن حابس , وعيينة بن بدر , وزيد الخيل , وعلقمة بن علاثة أو عامر بن الطفيل .
فقام رجل غائر العينين , منتشر المنخرين ,كث اللحية , محلوق الرأس , مشمر الإزار فقال يا محمد اعدل فوالله ما عدلت منذ اليوم ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ) قالوا : يا رسول الله ألا نقتله ؟ قال ( لا لعله يكون يصلي ) قالوا : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه , قال ( إني لم أومر أن أشق على قلوب الناس ) فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخرج من ضئضىء – يعنى صلبه ونسله – هذا قوم يقرؤن القرآن , لا يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم قال لهم لأقتلنهم ) صحيح متفق عليه .
وقد تعددت ألفاظ الروايات كما ذكر الشوكانى فى نيل الأوطار ( 7/ 346 ) ففي رواية : فقال اتق الله يا محمد , وفي حديث ابن عمرو عند البزار والحاكم فقال : يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما أراك تعدل . وفي لفظ آخر له : اعدل يا محمد . وفي حديث أبي بكرة : والله يا محمد ما تعدل . وفي لفظ : ما أراك عدلت ونحوه في حديث أبي برزة .
فانظر أخى الحبيب إلى الألفاظ التالية : - يا محمد اعدل !!! - اتق الله يا محمد !!! - يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما أراك تعدل !!! - والله يا محمد ما تعدل !!! - ما أراك عدلت !!!
فالقضية إخواتى الأحباب كامنة ومتأصلة فى بواطن هؤلاء , وسرعان ما تظهر على فلتات ألسنتهم .. لاوالله بل يصرحون بها بكل تبجح .. وقضيتهم التى بسببها حصل انحرافهم وحرمانهم متركزة فى أمرين :
الأول : عدم تعظيمهم لجناب سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وترى ذلك واضحا فى قولهم ( يا محمد ) وطبعا إمامهم فى ذلك ذو الخويصرة . وإلى الآن والله لايزالون يختلفون .. أنقول : سيدنا رسول الله ؟ أم أنه ليس على ذلك دليل ؟ سبحان الله !!!
( أفلا يتبدرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) !! ألا يقرأ هؤلاء المحرمون قول الله تعالى ( لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) وقوله تعالى ( ولاتجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون )
أفلم يبلغهم نهى حضرة النبى صلى الله عليه وسلم عن التكنى بكنيته والتسمى باسمه !!
أفلم يبلغهم نهى سيدنا عمر أن يتسمى أحد باسم حضرة النبى صلى الله عليه وسلم لئلا يسب أحد هذا المتسمى باسم النبى صلى الله عليه وسلم فيكون فى ذلك سوء أدب ووقوع فى محظور .. مع أى شئ ؟؟ مع مجرد اسم المصطفى صلى الله عليه وسلم
أم أن لفظ ( جلالة الملك , وفخامة , وعظمة , وسمو ) عليه دليل من الكتاب والسنة !! ما لكم كيف تحكمون .
- والثانى : قول شيخهم ذو الخويصرة ( اعدل !!! اتق الله يا محمد !!! والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما أراك تعدل !!! والله يا محمد ما تعدل !!! ما أراك عدلت )
إذن هى البشرية .. اعدل .. فأنت بشر عادى يمكن أن تخطأ .. ما أراك عدلت .. ونحن نفهم معك عن الله .. لاداعى لوجودك .. فنحن نستطيع أن نفهم عن الله دون واسطتك .. والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما أراك تعدل !!!
سبحانك يا مولانا .. يا من أحب رسول الله محبة لم يحبها أحد .. سبحانك يا من لايعرف قدر حبيبك إلا أنت .. فقد قلت إرشادا للأمة وتوصية ( وإن تطيعوه تهتدوا ) وقلت ( وأنزلنا عليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وقلت ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون ) وقلت ( وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) وقلت ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا ) وقال الحبيب المبارك الطاهر الزكى ذو المقام الرفيع ( ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه )
فتلك هى الأمراض الباطنة فيهم : 1- سوء الأدب مع مقام وشرف صاحب المقام المحمود حضرة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- رؤية بشرية سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منظور ضيق مريض دون ربطها بالخصوصية المتمثلة فى النبوة والرسالة وغير ذلك .
أما عند صفتهم الظاهرة .. فنذكرها بإذن الله تعالى وحسن توفيقه وبمدد الغالى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشاركة قادمة .. مع نبذة عن فرقة الخوارج ومعتقدها وأنواعها .
وصل اللهم يارب وعظم وشرف وكرم سيدنا ومولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا كبيرا .
|