الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ومولانا محمد رسول الله وعلى وآله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإن مفهوم "الحاكمية" من المفاهيم الجدلية التي أثارت جدلاً واسعاً ؛ نظراً للمراحل والظروف التي أدت إلى اختزال ومحاصرة هذا المفهوم "حاكمية الله" ؛ حيث سعت التيارات الفكرية المتطرفة إلى جعل هذا المصطلح مناقضاً "لحاكمية البشر" مع أن حاكمية البشر تنطلق من حاكمية الله ، وأوامره لعباده ؛ فالإنسان ليس في مقابل الله ، بل يأتمر بأمر الله - سبحانه.
إن فكرة الحاكمية هي تلكم الفكرة القديمة الحديثة ، وهي علامة مميزة لكل فرق الخوارج التي ظهرت في تاريخ المسلمين ، فالخوارج الأول أشاعوها ضد سيدنا ومولانا الإمام عليّ بن طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، وقتلوه بناءً على تلك الكلمة ، والتي قال عنها : كلمة حق أريد بها باطل.
وروج لهذه الفكرة حديثاً أبو الأعلى المودودي ومن وراءَه ، وعلى إثره سيد قطب ومن والاه وخلاصتها : دعواهم أننا شعوبُ تحكمنا كلمة الكفر ، وقوانين الطواغيت ، ورغِبنا عن شريعة ربنا ودينه وهديه فوجب عليهم ردنا عن تلك القوانين الطاغوتية الكافرة التي لا تمت إلى الدين بأي شكل من الأشكال ؛ لأننا إذ رضينا بها وسرنا عليها فنحن كفار ، نرضى بحكم غير الله، وتأليه غير الله ، والربوبية لغير الله ، إلى غير ذلك من الكذب والوهم.
يتبع إن شاء الله.