أهل الحق في كل زمان ومكان ما نازعهم وحاربهم إلا كل معتد أثيم غارق حتى أذنيه في غياهب الغيّ والضلال.
وما كان أهل السنة والجماعة من السادة الأشاعرة والصوفية بدعاً في ذلك.
فقد انتصب لهم قديماً وحديثاً أهل البدع والضلال من الرافضة والمجسمة والخوارج ومن لحق بهم من أصناف المبتدعة وشذاذ العقائد.
ولعل الناظر المدقق لهذا الثالوث الرئيس المناوئ لأهل الحق من أهل السنة والجماعة في كل زمان ومكان يجد أن هذا الثالوث هو من خلص خدم مسيح الضلالة الأعور الدجال معبود اليهود المنتظر- والدراسات والأبحاث التي تقرر هذا الأمر متوافرة بفضل الله على صفحات الموقع المبارك فليرجع لها من أراد مزيد بيان -
وليس هذا الأمر وأعني به مناوأة هذا الثالوث لأهل السنة والجماعة من عجيب الصدف أو غرائب الاتفاق.
فالسير المنطقي للوقائع والأحداث ما بين أهل الحق وأهل الباطل تدلنا على حتمية أن ينتصب الرافضة والمجسمة والخوارج لمناوأة أهل السنة والجماعة من السادة الأشاعرة والسادة الصوفية.
فأهل السنة والجماعة من السادة الأشاعرة والسادة الصوفية بعقيدتهم النقية الصافية وبسلوكهم الذي يجعل العبد موصولاً بربه تجعل كل خطط مسيح الضلالة الأعور الدجال معبود اليهود المنتظر التي ينفذها خدمه من الرافضة والمجسمة والخوارج بين المسلمين هباءاً منثوراً.
فهذا الخبيث الذي كل خططه ليعبد في الأرض من دون الله قائمة على ترسيخ فكرة الإله المتجسد والتي من أهم أدواته في تنفيذها ثالوث الرافضة والمجسمة والخوارج بما لهم من عقائد باطلة واعتقادات ضالة زائغة وقواطع لسير العبد إلى ربه.
وليس أخطر ولا أضر ولا أفسد لهذه الخطط الخبيثة من أهل السنة والجماعة من السادة الأشاعرة والسادة الصوفية بعقيدتهم النقية الصافية الصحيحة وبسلوكهم الموصول والموصل لله عز وجل.
فكان ولابد من ترصد أهل الباطل لأهل الحق في كل عصر ومصر وزمان.
ولعل فيما يأتي ما ينبه الغافلين والمستغفَلين من خوارج عصرنا والمتابعين لهم إلى أمر لطيف هو أنه ليس لهم سلف في معاداة أهل السنة والجماعة إلا أهل البدع والأهواء على اختلاف مشاربهم.
وهذه صورة لواقعة من تلك الوقائع تبرز لنا ذلك ، وتظهر أن من غالبَ الله يُغلب وأنه عز وجل غالبٌ على أمره وناصر أوليائه ومؤيدهم بكراماته الظاهرة ونصره المبين ، وأنه في النهاية لا ولن يصح إلا الصحيح.
قال الإمام العلامة شيخ الإسلام التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 390 ، 391) : [وَكَانَ لهَذَا السُّلْطَان - يقصد السلطان طغرلبك - وَزِير سوء وَهُوَ وزيره أَبُو نصر مَنْصُور بن مُحَمَّد الكندرى كَانَ معتزلياً رَافِضِيًّا خَبِيث العقيدة لم يبلغنَا أَن أحدا جمع لَهُ من خبث العقيدة مَا اجْتمع لَهُ فَإِنَّهُ على مَا ذكر كَانَ يَقُول بِخلق الْأَفْعَال وَغَيره من قبائح الْقَدَرِيَّة وَسَب الشَّيْخَيْنِ وَسَائِر الصَّحَابَة وَغير ذَلِك من قبائح شَرّ الروافض وتشبيهه الله بخلقه وَغير ذَلِك من قبائح الكرامية والمجسمة وَكَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك تعصب عَظِيم وانضم إِلَى كل هَذَا أَن رَئِيس الْبَلَد الْأُسْتَاذ أَبَا سهل بن الْمُوفق الذى سنذكر إِن شَاءَ الله تَرْجَمته فى الطَّبَقَة الرَّابِعَة كَانَ ممدحا جوادا ذَا أَمْوَال جزيلة وصدقات دارة وهبات هائلة رُبمَا وهب الْألف دِينَار لسائل وَكَانَ مرفوقا بالوزارة وداره مُجْتَمع الْعلمَاء ملتقى الْأَئِمَّة من الْفَرِيقَيْنِ الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فى دَاره يتناظرون وعَلى سماطه يتلقمون وَكَانَ عَارِفًا بأصول الدّين على مَذْهَب الأشعرى قَائِما فى ذَلِك مناضلا فى الذب عَنهُ فَعظم ذَلِك على الكندرى بِمَا فى نَفسه من الْمَذْهَب وَمن بغض ابْن الْمُوفق بِخُصُوصِهِ وخشيته مِنْهُ أَن يثب على الوزارة فَحسن للسُّلْطَان لعن المبتدعة على المنابر فَعِنْدَ ذَلِك أَمر السُّلْطَان بِأَن تلعن المبتدعة على المنابر فَاتخذ الكندرى ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى ذكر الأشعرية وَصَارَ يقصدهم بالإهانة والأذى وَالْمَنْع عَن الْوَعْظ والتدريس وعزلهم عَن خطابة الْجَامِع واستعان بطَائفَة من الْمُعْتَزلَة الَّذين زَعَمُوا أَنهم يقلدون مَذْهَب أَبى حنيفَة أشربوا فى قُلُوبهم فضائح الْقَدَرِيَّة وَاتَّخذُوا التمذهب بِالْمذهبِ الحنفى سياجا عَلَيْهِم فحببوا إِلَى السُّلْطَان الإزراء بِمذهب الشافعى عُمُوما وبالأشعرية خُصُوصاً.
وَهَذِه هى الْفِتْنَة الَّتِى طَار شررها فَمَلَأ الْآفَاق وَطَالَ ضررها فَشَمَلَ خُرَاسَان وَالشَّام والحجاز وَالْعراق وَعظم خطبهَا وبلاؤها وَقَامَ فِي سبّ أهل السّنة خطيبها وسفهاؤها إِذْ أدّى هَذَا الْأَمر إِلَى التَّصْرِيح بلعن أهل السّنة فى الْجمع وتوظيف سبهم على المنابر وَصَارَ لأبى الْحسن كرم الله وَجهه بهَا أُسْوَة لعلى بن أَبى طَالب كرم الله وَجهه فى زمن بعض بنى أُميَّة حَيْثُ استولت النواصب على المناصب واستعلى أُولَئِكَ السُّفَهَاء فى المجامع والمراتب.]اهـ