[font=Arial]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وآل بيته الطيبين الأطهار سفن النجاة، وصحابته الغر الميامين ولاسيما أسيادنا أبا بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين؛ ثم أما بعد:
علم التصوف الحقيقى يا أحباب المبنى على الكتاب والسنة كما قلنا مراراً هو ذلك المشرب القلبى والروحى الجميل الذى ينبغى للمسلم أن يأخذ بحظه منه، وليس للصوفية الحقيقيين شغل سوى القيام بحقه سبحانه وتعالى، والرجوع إليه من كل زلة، وأول طريق التصوف الصدق مع الله تعالى، وبناؤه على فراغ القلب من سوى الله تعالى.
وقد انتسب إلى التصوف علماء كثيرون من اهل السنة والجماعة من فقهاء ومحدثين وقراء وغيرهم، ولكن بعض الوهابية يحاولون تشويه صورة التصوف، وينكرون إنتساب كبار العلماء ممن له باع كبير في مختلف فروع علوم الدين كالإمام النووي والإمام العز ابن عبدالسلام والإمام السيوطي وغيرهم الكثير.
بالرغم من محاولات المنكريين من الوهابية إنكار ذلك وتكذيبة وأحياناً إخفاء هذا الأمر، إلا أن الحق أبلج والباطل لجلج، فالشمس لا يمكن أن يحجبها غربال من امتهنوا الكذب والتزييف .
على كل حال سأحاول عبر عدة موضوعات ذكر تراجم بعض من كبار علماء أهل السنة والجماعة ممن انتسبوا للتصوف وكان لهم كتابات ومؤلفات في هذا العلم الشريف ..
ولنبدأ بالأمام النووي الشافعي، وهي أحد أعمدة فقة إمامنا الشافعي، وشارح صحيح مسلم وصاحب أشهر ثلاثة كتب يكاد لا يخلو منها بيت مسلم وهي " الأربعين النووية " و"الأذكار" و "رياض الصالحين"، وبالرغم من قلة صفحات هذه الكتب وقلة ما بذل فيها من جهد في الجمع والتأليف إلا أنها لاقت هذا الانتشار والقبول الكبيرين بين الناس، وقد عزى كثير من العلماء ذلك، إلى إخلاص النووي رحمه الله، فرب عمل صغير تكبره النية.
نأتي الآن لصلب الموضوع يا أحباب .. وهو إثبات أن الإمام النووي كان صوفياً ..
وتتجلي صوفية الإمام النووي عبر الكثير من مؤلفته وكتاباته، فإذا نظرتم يا أحباب في مقدمة شرح الإمام النووي على صحيح مسلم لوجدتموه عندما يذكر سنده في رواية صحيح مسلم إذا أراد أن يمتدح أحد مشايخه أو شيوخ شيوخه ينعته بالصوفي فقال:
كما نجد مدح الإمام النووي للتصوف والصوفية عندما قال فيما ألحقه وأضافه على طبقات ابن الصلاح في ترجمة الشيخ ابراهيم بن عيسى المرادي والأندلسي قال الإمام النووي عنه:
"الفقيه الشافعي الإمام الحافظ المتقن المحقق الضابط الزاهد الورع الذي لم تر عيني في وقته مثله، كان رضي الله عنه بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه ولا سيما الصحيحان، ذا عناية باللغة والنحو والفقه ومعارف الصوفية، حسن المذاكرة فيها، وكان عندي من كبار المسلكين في طرائق الحقائق - يعني التصوف - حسن التعليم، صحبته نحو عشر سنين لم أر منه شيئا يكره، وكان من السماحة بمحل عال على قدر وجده، وأما الشفقة على المسلمين ونصيحتهم فقل نظيره فيهما".
وما ذكرته يا أحباب هو نص كلام الإمام النووي من طبقات ابن الصلاح.
ولا يخفي عن الجميع أم كتاب طبقات الشافعية الكبري قد حوي الكثير من تراجم علماء وفقهاء المذهب الشافعي، وإذا طالعنا كتاب طبقات الشافعية تحديداً في الجزء الأول في ترجمة الإمام النووي نجد التالي بعد عرض سيرته:
"أخذ - يعني الإمام النووي- طريق القوم -التصوف- عن شيخه السيد ياسين بن يوسف الزركشي وكان رحمه الله بارعاً في علوم الحديث واللغة والنحو والفقه وعلوم الصوفية".
وهذا هو نص الكلان من طبقات الشافعية.
هذا بالأضافة إلي مؤلفات الإمام النووي والتي تحدث في بعضها عن التصوف، وضمن هذه المؤلفات كتاب "المقاصد النووية السبعة" حيث قال الإمام النووي في هذا الكتاب:
"أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، اتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، الرجوع الى الله في السراء والضراء".
وسأذكر تفصيل كلامة في آخر هذا الموضوع إن شاء الله تعالى .. وكتاب "المقاصد النووية" مطبوع ومتوفر .. فهناك طبعة "المقاصد النووية السبعة" من تحقيق حازم ناظم فاضل - بيروت، وطبعة أخري وهي "شرح المقاصد النووية" لمحمد الحجار وصدرت عن دار البشائر الغسلامية ببيروت . ومتوفرة كذلك في مصر.
كذلك من أقوال الإمام النووي في التصوف والصوفية ما جاء في كتابه روضة الطالبين تحديداً في الجزء الخامس حيث قال معرفاً بهم، في معرض الكلام عن الوقف عليهم بعد أن صححه: "وهم - يعني الصوفية - المشتغلون في العبادة في أغلب الأوقات، المعرضون عن الدنيا".
من مؤلفات الإمام النووي ايضاً في التصوف كتاب "بستان العارفين" وقد ذكر فيه كثيراً من أخبار الصوفية وكراماتهم من أمثال السري السقطي، وسهل بن عبد الله التستري وشهاب الدين السهروردي وغيرهم، كذلك الرقي والتزكية في الطريق إلي الله.
رضي الله عن الإمام النووي فقد كان عصارة الصوفية وخلاصتها.
ومن كرامات الإمام النووي المشهورة جداً أنه لما ولد في شهر المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بمدينة نوى، وكان أبوه من أهلها المستوطنين بها. وذكره أبوه رحمه الله تعالى حيث قال:
أن الإمام النووي كان نائماً إلى جنبه، وقد بلغ من العمر سبع سنين، ليلة السابع والعشرين من شهر مضان، فانتبه في نصف الليل وقال: يا أبت ! ما هذا الضوء الذي يملأ الدار؟ فاستيقظ الأهل جميعاً، قال: "لم نر كلنُّا شيئاً". قال والده: "فعرفت أنها ليلة القدر".
ومن كراماته أيضاً ما ذكره شيخه في الطريقة الشيخ ياسين بن يوسف الزركشي حيث قال:
"رأيت الشيخ محي الدين النووي وهو ابن عشر سنين "بنوى" والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم وهو يهرب منهم، ويبكي لإكراههم ! ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي حبه .
ويحكي شيخة كذلك، أن الإمام النووي قد جعله أبوه في دكان ليعمل فيه، فكان الإمام النووي لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: "فأتيت الذي يقرئه القرآن فوصيته به وقلت: هذا "الصبي" يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه، وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: مُنَجم أنت؟ فقلت: لا وإنما أنطقني الله بذلك". فذكر ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام.
رضى الله تعالى عنه وأرضاه، ونفعنا به وبعلومه آمين.[/font]
_________________ بئس الانام ثلاثة و إمامهم ذاك الخبيث الأحمق الحراني تلميذه ابن القيم النزِق الذي ذم الكرام بقوله البهتــان وخليفة الاثنين ناشر كفرهم ذَنَّبٌ يسمى ناصر الألبانــي
***(اللهم اجعلني من المهتدين واجعلني سببًا لمن إهتدى )***
|