[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/8.gif);border:8 inset gray;][cell=filter:;][I][align=justify] الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين , وعلى آله الطيبين الطاهرين , وارض اللهم عن ساداتنا ذوي القدر الجليل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر صحابة سيدنا رسول الله وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد :
فإن العصمة عن الزلل في بني الإنسان ليست إلا لأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام , وما من إنسان إلا وله زلة أو زلات , وقد قيل : كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه . أي من دخلت معايبه في نطاق العد والحصر يرجى له ومنه الخير.
وليس بالجائز لأي إنسان أن يتبع من زل في زلته بعد أن يتبين له الحق ,فمن أخطأ قد يلتمس له العذر , ولكن من علم أن فلانا هذا قد أخطأ , وأن الصواب عكس ما فعل , فهل يجوز متابعته بعد ذلك على خطئه ؟
بالقطع لا , هكذا يقول العقل وتقر الفطرة السليمة.
ولكننا ونحن في هذه الأيام نجد قوما لا هم لهم إلا في تتبع زلات العلماء , ثم لا يكتفون بذلك بل نراهم يضيفون إليها أقوال من قد تُكلم فيه و أختلف في حاله ,- [ كابن تيمية مختلف فيه هل هو زنديق أم مختل عقليا أم مبتدع أم في قلبه ضغينة لسيد الأولين والآخرين وحتى من امتدحه في موضع نراه في آخر مبدعا له , أو واصفه بالتنطع , أو على الأقل مخالفا له في مسائله الرئيسية التي شذ بها وخرق الإجماع - ] ويصيغون من كل هذا العبث والشذوذ مذهبا يعكفون على نشره في مشارق الأرض ومغاربها بشتى الطرق والوسائل.
وإن حاججتهم في مسألة ما وأتيت لهم بما يثبت لهم أنهم على خطأ , وتوالت عليهم الأدلة الدليل تلو الآخر تراهم يقولون لك : كل يؤخذ منه ويرد . وهذا بالقطع قول حق يراد به باطل. لأن المتتبع لهم يراهم لا يأخذون من هذا العالم أو ذاك الإمام إلا ما قد شذ به وخالف السواد الأعظم من جمهور الأئمة , أما بقية التراث العلمي لهذا الإمام فطالما هو مخالف لهم فاضحا لدعواهم تراهم لا يعيرون له انتباها ولا يقيمون له وزنا.
مع أن مقولة " كل يؤخذ منه ويرد "من المفترض أن تقال لمن أتي برأي شاذ مخالف لما انعقد عليه الحق والإجماع في مسألة ما , ولكنهم لما لديهم من انتكاس في الفهم وتلوث في الفطرة تراهم يفعلون عكس ذلك.
مع أنهم بفعلتهم هذه يسيؤن لعلماء المسلمين , فمن اجتهد منهم في مسألة وأخطأ يجب أن نلتمس له العذر , أولا لعدم تعمده الخطأ , وثانيا لأنه بالقطع لم يلزم أحدا على متابعته على خطئه وثالثا لما له من سابق الفضل , فقد أفنى عمره في تحصيل العلم وطلبه ونشره بين الناس لتنتفع به الأمة , فهل يعقل أن يكون جزاؤه منا أن ننشر زلته بين الناس ونجعله مادة فيما بيننا نقضي الساعات الطوال لنبين أنه أخطأ وزل ؟ ولماذا لا نتبع ما قد ثبت لدينا من حق ؟!
أنا لا أقول بالقطع - [ وحتى لا يأتي أحد المتنطعين ويتقول علي بما لم أقله , أو يأت أحد منكوسي القهم سقيمي الفطرة ويحمل كلامي أكئر من معناه ومما يحتمل ] – أننا لا يجب أن نرد أو نذكر أو نبين خطأ العلماء , ولكن ما قصدته أن من يفعل ذلك يكون من أهل العلم الذي يوثق في قوله ونقله – [ وليس كل من هب ودب ] - والذي سيتبع بالقطع الأسلوب العلمي في الرد بعيدا عن التعصب والتشهير بمن أخطأ , وما أقصده أيضا أننا لا يجب بعد ذلك أن نأتي ونأخذ هذا الرأي الشاذ أو هذه الزلة ونشيد عليها مذهبا ندعي بعد ذلك أنه هو الحق المطلق وأن ما عاداه هو الباطل. والمتتبع لفرقة الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب النجدي , يجد أنهم خير من جمع ولفق بين زلات العلماء وبين من رمي بالبدعة والزندقة , وجمعوا من هذا وذاك الأصول التي بنوا عليها مذهبهم الفاسد , وإذا كانت هذه هي أصول المذهب فلك أن تتخيل ما سينبت عنها من فروع . وحتى لا يكون كلامي مجرد كلاما مرسلا , فسوف أقوم بعون ومدد من الله ورسوله في هذا الموضوع بعرض بعض الأدلة التي توضح وتثبت صحة ما ذكرت .
وسوف يكون هذا الموضوع على شكل حلقات أبدأها إن شاء الله بموقف الوهابية من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
الحلقة الأولى :- الوهابية والإمام الفاكهاني
عندما أفتى منظري وأئمة المذهب الوهابي بعدم مشروعية الاجتماع والاحتفال بمولد الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه , أبوا ألا يبوءوا بها وحدهم , وتدعيما لأكاذيبهم وتزيينا لباطلهم استدلوا بفتوى للإمام الفاكهاني , حتى يخففوا من حدة باطلهم وليوهموا أتباعهم أن لهم سندا وتأصيلا علميا مستمدا من التراث الفقهي للأمة.
وحتى يتضح الكلام أكثر , سنعرض بأسلوب مختصر مبسط للآتي :
أولا :نذكر من أجاز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
1- : أسماء بعض الأئمة الذين أفتوا بجواز الاحتفال بالمولد النبوى الشريف
- الإمام الحافظ شيخ الإسلام "ابن حجر العسقلاني" كما أورد ذلك الإمام السيوطي في "فتوى حسن المقصد" مذكورة في كتاب "الحاوي للفتاوى" ( 1 / 181 : 189 )
- الإمام الحافظ "جلال الدين السيوطي"كما ورد في الفتوى السابقة
- الإمام "عبد الله ابن الحاج" كما ورد في الفتوى السابقة
- العلامة ملا على القاري في كتابه"المورد الروى" صـ307
- الحافظ السخاوى نقل عنه الإمام "ملا على القاري"في كتابه"المورد الروى "صـ307 أنه قال(بل خرج شيخ مشايخ الإسلام العلامة أبو الفضل ابن حجر-العسقلاني-الأستاذ المعتبر تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته فعل المولد على أصل ثابت يميل إلى الاستناد إليه كل همام 0000000 إلخ ")أهـ وفد ذكر الإمام السيوطي هذا الأصل في فتوى حسن المقصد"
- الإمام الحافظ "القسطلاني"في كتابه"المواهب اللدنية"ج1/ صـ148
- الإمام خاتمة المحدثين "الزرقاني" في شرحه على "المواهب اللدنية"
8- الإمام شيخ الإسلام "ابن حجر الهيتمي المكي" في كتابه "الفتاوى الحديثية"صـ 202 حيث أجاز الاحتفال بالموالد التي تشتمل على خير كصدقة وذكر وصلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدحه وأن تخلوا من الشرور أى أنه يقول بمشروعية الاحتفال وجوازه
2 - : أسماء بعض الأئمة الذين لم يكتفوا بإجازتهم الاحتفال ولكن ألفوا موالد لهذه الذكرى العطرة
- الإمام الحافظ "ابن دحية" كما أورد الإمام السيوطي في الفتوى
- الإمام شيخ القراء "الحافظ شمس الدين الجزري"له مولد اسمه"عرف التعريف بالمولد الشريف" وذكره الإمام السيوطي في الفتوى
- الإمام الحافظ "ابن ناصر الدمشقي" له مولد اسمه"مورد الصادي في مولد الهادي"وقد ذكره الإمام السيوطي في الفتوى وانظر أيضا كتاب"كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"صـ319
- العلامة المحدث الفقيه"ملا على القاري" له مولد اسمه "المولد الروى في المولد النبوي" طبع في مصر بمطبعة السعادة عام 1980مـ
- الإمام الحافظ"أبى الفرج بن الجوزي"له مولد مشهور يسمى العروس طبع عدة مرات
- الإمام الحافظ "العراقى"له مولد أسماه (المورد الهني في المولد السني) وقد ذكره ضمن مؤلفاته الحافظ ابن فهد في ذيله على "التذكرة"
- الإمام الحافظ "السخاوى"صنف مولدا نبويا سماه"الفخر العلوي في المولد النبوي"ذكره في كتابه الضوء اللامع "ج8 صـ18 "
- الإمام الحافظ "عبد الرؤوف المناوي"له مؤلف في المولد مشهور مطبوع متداول "بمولد المناوي" "انظر كتاب البراهين الجلية"صـ36
3- : معلومات عن الملك الذي احتفل بالمولد النبوى الشريف احتفالا رسميا هو الملك المظفر "أبو سعيد كوكبري"زوج أخت الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي
قال عنه- أى عن الملك المظفر أبى سعيد كوكبري- ابن كثير في البداية والنهاية "ج13/صـ136" ( أحد الأجواد السادات الكبراء والملوك الأمجاد له آثار حسنة وقد بنى جامع المظفر بسفح قاسيون في دمشق وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما وشجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه ) أهـ
وقال عنه الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) "ج22/صـ336 " ( كان متواضعا خيرا سنيا يحب الفقهاء والمحدثين) أهـ
بالطبع لأن كل من سبق ذكرهم من أئمة وعلماء لم يقولوا بما يوافق سياسة الوهابية في فصل الأمة عن نبيها , فقد رد الوهابية كل هذه الأقوال جريا على فهمهم المنكوس لمقولة " كل يؤخذ منه ويرد " وتمشيا مع هذا الفهم المنكوس وتلبية لنداء فطرتهم السقيمة أخذوا بقول من شذ عما سبق وذكرناه.
- الوهابية وتتبعهم لزلة الإمام الفاكهاني في فتوى " حسن المقصد في عمل المولد " - والتي سبق الإشارة إليها - , عرض فيها الإمام السيوطي للحكم الشرعي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف وقرر أن هذا أمر جائز شرعا وقد رد فيها رحمه الله بثاقب علمه وغزير فضله علي فتوى للإمام الفاكهاني ذكر فيها أن الاحتفال غير جائز شرعا , فماذا فعل الوهابية ؟ بالطبع لم يضيعوا الفرصة فها هي زلة لإمام كبير تنادي عليهم لينتشلوها ويعضدوا بها باطلهم , فقاموا بجمع أجزاء فتوى الإمام الفاكهاني من بين ثنايا فتوى " حسن المقصد " وطبعوها مستقلة بدون رد الإمام السيوطي عليها , وبالطبع لم ينسوا أن يقدموا رأيهم الشاذ معها , ثم بعد ذلك أتبعوا المجموع – الزلة ورأيهم الشاذ الباطل – بالجمل الرنانة الطنانة – مثل : هذا لم يجري عليه عمل السلف , باطل .... إلخ – وقدموا كعادتهم هذا الهراء على أنه هو الحكم الشرعي الوحيد والصحيح لهذه المسألة.
فمن هو يا ترى الإمام الفاكهاني ؟
لمن لا يعرف الإمام الفاكهاني نقول له :اقرأ معنا بعض ما ذكره عنه الإمام ابن فرحون المالكي في كتابه [ الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب ] والمعروف أيضا باسم طبقات المالكية.
يقول الإمام ابن فرحون المالكي عن الإمام الفاكهاني في هذا الكتاب [ صـ 184 ] : [ وله شرح العمدة في الحديث لم يسبق إلى مثله لكثرة فائدته وشرح الأربعين للنووي وسماه المنهج المبين في شرح الأربعين وله الإشارات في العربية وشرحها و"التحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة "وكتاب الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير.) وفال في ذات الصفحة عن "الشيخ الفاكهاني"( وأخبرني جمال الدين: عبد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري المحدث أحد الصوفية بخانقاه سعيد السعداء في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة قال: رحلنا مع شيخنا تاج الدين الفاكهاني إلى دمشق فقصد زيارة نعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بدار الحديث الأشرفية بدمشق وكنت معه فلما رأى النعل المكرمة حسر عن رأسه وجعل يقبله ويمرغ وجهه عليه ودموعه تسيل وأنشد: فلو قيل للمجنون: ليلى ووصلها تريد 00000 أم الدنيا وما في طواياها ؟ لقال: غبار من تراب نعالـهـا أحب 00000 إلى نفسي وأشفى لبلواها " . ] أهـ
يتضح لنا من الأسطر القليلة السابقة ما يلي:
1-أن الشيخ الفاكهاني يجيز زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشد الرحال لها وله كتاب في الرد على المنكرين لها – ابن تيمية ومن لف لفه -
2- أن له كتاب في الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
3- أنه كان صوفيا وكان شيخا للمتصوفة "بخانقاه سعيد السعداء"
4- كان يقصد زيارة نعل النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك به . هذا هو" الشيخ الفاكهاني" الذي يحتج به المعترضين , وبعدها من حقنا أن نسأل المتكثرين بزلة الإمام الفاكهاني عن الآتي :
- هل تستشهدون بمن يجيز زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال لها ويرد على منكريها وبمن يتبرك بآثار الأنبياء والصالحين وبمن هو من الصوفية ومن شيوخ الخنقاوات والتكايا الصوفية , وبمن يؤلفون كتبا في الصلاة على النبي" كدلائل الخيرات"
سيقولون بالطبع " كل يأخذ منه ويرد" نقول لكم صدقتم ولكن من يفعل ما سبق ذكره عن الشيخ الفاكهاني هو عندكم مبتدع كافر زنديق قبوري فهل تأخذون منه ؟!!!!
بالطبع هم سيأخذون منه زلته فقط , أما باقي ما اتفق وسار فيه مع الأمة فلا .
أنظر أخي القارئ وتمعن في المكيافلية في أنقى صورها , فها هي الغاية لدى الوهابية تبرر الوسيلة
- يأخذون زلة إمام ويتركون أقوال أكثر من عشرين آخرين .
- وياليتهم قالوا أن المسألة بها قولين , ولكنهم يعرضون شذوذهم وزلة العالم على أن هذا هو الحق , - بالقطع لن يجرؤا على عرض المسألة والقول بوجود رأيين بها فكيف يستقيم أن تأخذ بزلة عالم مردود عليها وتدع أقول عشرين من أئمة المسلمين , والمصيبة أنهم يتمادون في الضلال ويبدعون الناس بزلة عالم .
- يكفرون الصوفية والمتوسلين والمتبركين وزائري المصطفى المعصوم عليه الصلاة والسلام , ثم يتكثرون بهم بعدها , ولم لا طالما أن هذا سيخدم باطلهم .
حقا إنها الوقاحة والاستخفاف بالعقول في أبشع صورة . [/align][/B][/cell][/table][/center]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|