#كَلاَمُ_ابْن_تَيْمِيَّة_الحَرَّانِي_فِي_تَقْرِيرِ_بِدْعَة_التَّجْسِيمِ_وَالتَّكْفِيرِ (58)
قَالَ الْإِمَامُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: ((حَقِيقَةُ الْحِجَابِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى: مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْجِسْمِ الْمُتَوَسِّط بَيْنَ جِسْمَيْنِ آخَرَيْنِ))(1) وَهَذَا التَّقْرِيرُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَرَّ بِهِ عَيْن كُلِّ مُنَزِّهٍ للهِ عَنِ الْجِسيْمِيَّةِ.
وَتَأَمَّل الْآن يَا عَبْدَ اللهِ كَيْفَ رَدَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِي (728هـ) عَلَى التَّقْرِيرِ السَّابِقِ لِلْإِمَامِ الرَّازِي فِي التَّنْزِيهِ، قَالَ - ابْنُ تَيْمِيَّةَ - : ((الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ مَنْ تَأَمَّلَ نُصُوصَ الْكِتَابِ، وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ اَلْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: عَلِمَ بِالضَّرُورَةِ عِلْمًا يَقِينًا لَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ، أَنَّ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ – حِجَابًا، وَحُجُبًّا مُنْفَصِلَة عَنِ الْعَبْدِ، يَكْشِفُهَا إِذَا شَاءَ فَيَتَجَلَّى، وَإِذَا شَاءَ لَمْ يَكْشِفْهَا.
وَإِذَا كَانَ الْحِجَابُ هُوَ: "الْجِسْمُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ" فَلَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ مَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُرْسَلِينَ بِمِثْلِ نَفْيِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ نَفْيَهُ مِنْ فَاسِدِ الْكَلَامِ، وَأَنَّ الْحُجَّةَ لِمُثْبِتِيهِ أَقْوَى مِنْهَا لِنَافِيهِ فِي الْفِطْرَةِ وَالشِّرْعَةِ وَالنَّظَرِ وَالْخِصَامِ))(1).
وَانْظُر إِلَى قَوْلِهِ: ((وَإِذَا كَانَ الْحِجَابُ هُوَ: "الْجِسْمُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ" فَلَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ)): فَإِذَا كانَ أَصْلُ الْحِجَابِ - حَقِيقَةً -: هُوَ السِّتْرُ الْحَائِلُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ، حَيْثُ:
(أ) الرَّائِي = الْعَبْدُ = جِسْمٌ. (بـ) وَالْمَرْئِي = اللهُ تَعَالَى = جِسْمٌ. (جـ) وَالْحَائِلُ = الْحِجَابُ الْحِسِّي = جِسْمٌ.
فَالنَّتِيجَةُ عِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: ((لَازِمُ الْحَقِّ: حَقٌّ))!!!، فَاللهُ عِنْدَ هَذَا الرَّجُل: جِسْمٌ حَجْمِيٌّ يَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِهِ بِحَجَابٍ حِسِّي!!! تَمَامًا كَمَا تَحْجُبُ السُّحُبُ الشَّمْسَ عَنِ الرُّؤْيَةِ، وَهَكَذَا!!!.
وَيَزِيدُ الْحَرَّانِي: وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُرْسَلِينَ!!!، وَأَنَّ الْحُجَّةَ لِمُثْبِتِي الْجِسْمِيَّةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى أَقْوَى مِنْهَا لِنَافِيهِ!!!، وَالشَّرِيعَةُ وَالْفِطْرَةُ وَالنَّظَرُ وَالْخِصَامُ وَ...الخ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِإِثْبَاتِ الْجِسْمِيَّةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى!!!. _________ (1) بَيَانُ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّةِ فِي تَأْسِيسِ بِدَعِهِم الْكَلَامِيَّةِ لاِبْنِ تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (8/124)، تَحْقِيق: مَجْمُوعَة مِنَ الْـمُحَقِّقِينَ، النَّاشِر: مُجَمَّعُ الْـمَلِكِ فَهْد لِطِبَاعَةِ الْمَصْحَفِ الْشَّرِيفِ - الْمَمْلَكَةُ الْعَرَبِيَّةُ الْسُّعُودِيَّةُ، الْطَّبْعَةُ الْأُولَى: 1426هـ. (2) بَيَانُ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّةِ فِي تَأْسِيسِ بِدَعِهِم الْكَلَامِيَّةِ لاِبْنِ تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي (8/128).
_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما (ﷺ)
|