اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6438
|
وتقول بعض المراجع : بركة على زين العابدين ورأس ابنه زيد سر الحجر الذى لم يستطع تحريكه أحد بالمسجد . لماذا سمى بمقام الرجبية بالقاهرة . مظالم أهالى حى زينهم يقدمونها لصاحبى المقام بدلا من الحكومة. تحقيق وتصوير : حسين الطيب ما أن تقترب من منطقة "الحمراء القصوى" أطراف شارع السد حاليا حيث يتصدر نهايته مسجد زين العابدين الواقع بين مسجدى كريمتى الدارين السيدة زينب السيدة نفيسة مجتازا جحافل المجازر والجزارين والجالسين بالطرقات حتى باب المسجد .. حتى تلتقى بمسجد ذو طبائع فريدة فى عمارته و زواره وحكاياته ومريديه فهو المسجد صاحب العمامتين أو صاحب المقامين حيث يجتمع الأب زين العابدين ورأس الابن زيد فى مقام واحد ولذلك تم وضع عمامتين أعلى الشاهد دلالة على وجود جسد الأب ورأس الابن بالمقام واللذين كانت وجهتنا إليهما يسيرة ميسرة من كل أمر لم يعكر صفوها سوى انتشار الباعة والكثير من مفترشى مدخل المسجد والتقينا بإمام المسجد الشيخ سليمان محمد محود الذى قابلنا بالكثير من الترحاب وكان عونا لنا فى شرح الكثير من عادات أهل الحى بالمسجد عامة والمقام خاصة فقال لم يكن المسجد على هذا الوصف فى الماضى وإنما كان السجد ينحصر فقط البراح الموجود حول المقام أما التوسعة فقد أقامها عثمان أغا مستحفظان فى أوائل القرن التاسع عشر أما أخر التجديدات فقد قامت بها الدولة منذ سنوات قليلة ولم يتبق من الآثار الفاطمية بالمسجد سوى اليافتة المزينة أعلى بوابة براح المقام ولوحة قرآنية على يمين الداخل والحجر الأخضر صاحب الروايات والحكايات..وأضاف الشيخ سليمان: أن المسجد يقع فى منطقة زينهم التى سميت بهذا الاسم نسبة له كما يطلق الأهالى على الضريح بالمذبح لأنه يذبح كل شقى وعاص أراد بأهل المنطقة سوءاً فهو فى معتقداتهم حامى حمى المنطقة صاحب المظالم والرجبية وليس هذا وحسب بل أنه يحتل المرتبة الثانية فى أضرحة آل البيت الذين يقدم لهم الناس شكواهم بعد مقام الإمام الشافعى قاضى الشريعة حيث يلفت نظرك كثيرا الكميات الهائلة من المظالم والطلبات والصور والروشتات الطبية و المتناثرة حول المقام داخل المقصورة ليقضى سيدنا على زين العابدين وابنه زيد لهم حوائجهم ويتوسل لهم عند الله فى قضائها ويوجه السهم الذى قتل به فى رأسه إلى صدر كل ظالم . وأضاف أن المقام ينفرد عن بقية مقامات أهل البيت الموجودة بالقاهرة بـ (الرجبية ) وهى مولد صغير يختتم به الأهالى العام الهجرى وفى حقيقته يعتبر صنفا من صنوف التنشيط التجارى للحى والتجارة به حيث يفد للرجبية زوار كثيرون من مكان . صورة للحجر الأخضر الحجر الأخضر كما أن بالمسجد حجرا مختلفا تماما عن بقية عمارة المسجد يقع على يسار الداخل إلى المقام لونه الأصلى أسود وهو من أحجار البازلت وتم دهانه باللون الأخضر لتميزه عن بقية أحجار المسجد حيث يروى العامة عن حكايات وحواديت من الموروثات الشهبية الشيقة فالحكاية الأولى تقول أن سيدنا على زين العابدين لما جاء إلى مصر مع عمته العقيلة السيدة زينب كان يتعبد فى مكان المسجد حاليا وكان مكان المسجد معبدا يهوديا ودخله سيدنا زين العابدين من مكان ذلك الحجر وكان هذا الحجر بمثابة الباب السرى للمعبد وحينما وجده كاهن ( حاخام) المعبد سأله كيف حرك الحجر فأشار سيدنا زين للحجر بيده فارتفع الحجر وانفتح الباب فسأله الكاهن عن شخصيته فأجابه سيدنا زين العابدين فآمن الكاهن وأسلم وأصبح المسجد من يومها مكانا لتعبد سيدنا على حال قدومه الى مصر . أما الحدوتة الثانية فلا تختلف كثيرا عن سابقتها حيث يروى الناس أن سيدنا زين العابدين حينما جاء الى مصر مع عمته وبقية آل البيت حدثت مطاردة له من قبل جنود يزيد بن معاوية فهرب منهم بمصر ودخل ذلك المكان بعدما استطاع أن يحرج الحجر عن جدار المكان بأصابعه التى مازالت أثارها واضحة بالحجر ولذلك تم بناء المسجد فى هذا المكان ويقولون أيضا أن شركة المقاولون العرب فى تجديدها للمسجد وصيانتها له لم تستطع معداتها تحريك الحجر من مكانه فتركوه على حاله وبنو الجدار من فوقه . أما الحكاية الثالثة والتى تحمل الحقيقة بين طياتها فتقول أن والى مصر محمد على باشا إبان العصر العثمانى حينما أعاد بناء الكعبة الشريفة بعدما هدمتها السيول وانهارات بعض جوانبها فإنه أحضر هذا الحجر من بقايا البناء المنهار للكعبة ووضعه بالمسجد تشريفا له .. وأكد الكاتب الاسلامى عبد المنعم قنديل فى كتابه " حياة الصالحين " أن المقام بنى داخل بناء قديم فى بادئ الأمر لم يبق منه إلا مدخله بالواجهة القريبة فى الفتحة الصغيرة وبها مكان مقبض حديدى ( ما يعتقده الناس أثار أصابع سيدنا زين العابدين ) ومحاط بحلق من الجرانيت . وحول حقيقة دفن جسد الأب ورأس الابن فإن المؤرخون أجمعوا على دفن سيدنا على زين العابدين بالمدينة المنورة أما رأس زيد ابنه فقد أكدت الكثير من المصدر التاريخية الموثوق بها عن أهل العلم أمثال " الكندى , ابن تفردى ، محمد بن سعد الجونى ، المقريزى ، على باشا مبارك ، ابن جرير ، الدكتورة سعاد ماهر ، الشيخ محمد زكى ابراهيم " وهم الذين أجمعوا على أنه فى ولاية حنظلة بن صفوان الثانية على مصر فى سنة 122 هـ جاء أتباع هشام برأس زيد بن على زين العابدين فأمر حنظلة بتعليقها وطيف بها ثم نصب على المنبر الجامع بمصر (جامع عمرو) فاغتاظ أهل مصر للمشهد ولم يتركوا الرأس حتى خطفوها من تعليقها وأخفوها فى المكان الذى كان يتعبد به والده زين العابدين ، ودفن في هذا الموضع ، إلى أن ظهر وبنى عليه مشهد في عهد الدولة الفاطمية " ويقول الشيخ محمد زكى ابراهيم جملة قصيرة وجيزة منجزة " أنه لا شك أن فى هذا المكان رأس الابن وبركة الوالد ". لماذا أعتق زين العابدين الجارية التى جرحت رأسه بالابريق؟ كان يوزع الصدقات على أهل المدينة بالليل وهم نيام بينما كانت كربلاء تقضى أوزارها التى أبدا ما تنقضى .. كان سيدنا على زين العابدين مازال محموما فى حجر العقيلة النبيلة السية زينب رضى الله عنها وكان هو ابن السبعة عشر عاما تقريبا .. وقد أراد الله له أن يجعل من عقبه نسل الحسين بن على رضى الله عنهم كى لا تنقطع السلالة النبوية الشريفة من عقب الحسين ، ولكنه حمل فى نفسه مرارة لا يمحوها إلا قضاء عمره حين يتوفى الله الأنفس ليقضى أمره الى الله فيفعل فيه ما يشاء . وبينما الركب يتحرك بآل البيت بقيادة السيدة زينب مساقين الى والى الكوفة فإذا بالامام زين العابدين يخطب فى أهل الكوفة صارخا فيهم " أيها الناس من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفنى فأنا أعرفه بنفسى :أنا على بن الحسين بن على بن أبى طالب ،أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا تراث أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبى عياله أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا أيها الناس ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبى وخدعتموه واعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذباتموه ؟ فتبا لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول لكم : قتلتم عترتى وانتهكتم حرمتى فلستم من أمتى " ( من كتاب نصرة النبى المختار فى آل بيته الأطهار للمؤلفان رجب عبد السميع وعادل زغلول ) وعلى هذه الشجاعة والفصاحة كانت حياة زين العابدين عامرة بالمواقف الزاهرة فكان شجاعا فى مواجهة يزيد بن معاوية وكل خلفاء بنى أمية الذين عاصروه فكان لهم شوكة تؤرق جنبات حكمهم وهم يعلمون حق اليقين أن حق الحسين لن يضيع فكانوا يفزعون مع كل إلتفافة للمسلمين حول ابنه وحتى أحفاده خوفا على حكم الدنيا ففازوا هم بحكم الدنيا وفاز آل بيت رسول الله بالآخرة وإذا علمنا أن على زين العابدين قد زينه الله بالزهد بين العباد فكان له عظيم النصيب من إجلال وافتخار وتعظيم للشآن والجاه بين المسلمين وقد عمل بالتجارة ورزقه الله من نعمته المال الوفير الذى كان لكل فقير فيه نصيب حتى أن أهل المدينة كانت توزع على دأبواب ديارهم بالليل الأطعمة والكسوة فكانوا يستيقظون لا يعلمون من أعطاهم إياها فلما مات زين العابدين انقطعت ووجدوا في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل والمساكين). فعرفوا أنها كانت من الخير ابن آل بيبت الخير كله وكان يقول رضى الله عنه أن صدقة الليل تطفئ غضب الرب، وتنير القلب والقبر، وتكشف عن العبد ظلمة يوم القيامة. ومن أشهر مواقف الحقد والغل فى قلب هشام بن عبد الملك حينما حجّ هشامٌ وطاف حول البيت وحاول استلام الحجر الأسود ،فأخفق من شدّة الزحام فجلس ينتظر ووقف حوله أهلُ الشام ، وفي هذه الأثناء أقبل الإمام زينُ العابدين ( عليه السلام ) وهو يفوح طيباً فطاف بالبيت ، فلما وصل إلى الحجر الأسود انفرج له الناس ووقفوا إجلالاً وتعظيماً حتى إذا استلم الحجر الأسود وقبَّله وانصرف عاد الناسُ إلى طوافهم . كان أهل الشام لا يعرفون الإمام ، وعندما رأوا ذلك المشهد تساءلوا عن هوية هذا الرجل ، فتظاهر هشام بأنّه لا يعرفه وقال باستياء : لا أعرفه . وكان الفرزدق الشاعر حاضراً فارتجل قصيده تعدُّ من روائع الأدب العربي إذ قال جواباً على سؤال الشامي من هذا : هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأتَه والبيتُ بعرفه والحلُّ والحرَمُ هذا ابنُ خيرِ عبادِ الله كلَّهمُ هذا التقيُّ النقيُّ الطاهر العَلمُ هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلَهُ بجدّه أنبياءُ اللهِ قد خُتموا وقد انزعج هشام لموقف الفرزدق ، فأمر بإلقائه في السجن ، ولكنه أطلق سراحه خوفاً من لسانه . وقد أرسل زين العابدين هدية إلى الفرزدق تثميناً لموقفه . وقد قبلها الفرزدق تبرّكاً بها . ولقد لقب على زين العابدين عند أهل السنة بزين العابدين لأنهم لم يروا فى بيت القرشيين أعبد منه ولا أتقى منه حيث يروى عنه لشدة سماحته " أن جارية كانت تحمل الإبريق وتسكب منه الماء ليتوضاً، فوقع على وجهه وشجه، فرفع رأسه إليها لائماً، فقالت الجارية له: إن الله تعالى يقول (والكاظمين الغيظ)، فقال: قد كظمت غيظي، فقالت: (والعافين عن الناس)، فقال: عفا الله عنك، فقالت: (والله يحب المحسنين)، قال: أنت حرة لوجه الله تعالى. ومن ألقابه الامام السجاد ( الساجد ) لما يروى عنه أن يومه كان به ألف ركعة وكان حينما يتوضأ يتغير لونه ويرتجف فسألوه عن ذلك قال لهم أتعلمون بين يدى من أقف فى صلاتى ! ولعل حياة على زين العابدين شيخ البكائين خوفا من الله وحزنا على ما فعله بنى أمية بآل بيت رسول الله تحتاج إلى كتب ومصاحف تدون بها مواقفه ومناقبه بين الكوفة والشام والمدينة ومصر التى كان يزور عمته وبقية آل البيت بها .. ولكن الوليد بن عبد الملك بن مروان اتخذ على نفسه أمراً أن حكمه لن يستطيب له إلا بالقضاء على زين العابدين فبعث إلى والى المدينة فدس السم له فى الطعام فاستشهد عن عمر يناهز السابعة والخمسين . صورة للضريح من الداخل زيد بن على زين العابدين قطعوا رأسه وصلبوه عامين ثم أحرقوه فى الفرات فأضاء السماء نوراً لم يكن زيد بن على زين العابدين ببعيد الخُلق والمصير عن بقية آل بيت رسول الله .. بل كان لهم مددا فى العلم والعبادة والتقوة والزهد حتى أنه كان بين العلماء تاجا وبين الزهاد سراجا منيرا حتى أنه كان يقول لتابعيه "والله لا تأتونني بحديث تصدقون فيه إلا أتيتكم به من كتاب الله"وهوالذى قال فيه أبو اسحاق " رأيت زيد بن على زين العابدين فلم أر فى أهله مثله ولا اعلم منه ولا أفضل من زيد بن على ولاأفقه ولاأشجع ولا أزهد ولا أبين قولاً لقد كان منقطع القرين " وبنفس الوصف وصفه تلميذه ومناصره الامام أبو حنيفة النعمان حيث قال عنه" ما رأيت في زمنه أفقه منه ولا أعلم ولا أسرع جواباً ولا أبين قولاً، لقد كان منقطع القرين ". وإليه يرجع مذهب الزيدية لدى الشيعة وهو أكثر مذاهب الشيعة اعتدالا وقربا لأهل السنة وانتشر مذهبه فى اليمن وطبرستان واعترفت به وأقرته لجنة التقريب بين المذاهب التى أسسها فضيلة الشيخ المرحوم عبد الحليم محمود عام 1965 بالأزهر الشريف. ولأنه من بيت الحق والنبوة فكان لا يتوانى عن نصرة مظلوم والوقوف بجانب كل ذى حق فى وجه بنى أمية الذين استفحل بهم الظلم بين العباد وتجبروا على من فى الأرض فكانوا يقطعون الروؤس والأنساب وينكلون بكل من يناصر آل البيت ويسومونه سوء العذاب حتى فاض كيل المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها وارتوت الزروع بدماء الغلابة والمساكين فصار التجبر والجبروت علما يشار له بالبنان فى حكم بنى أمية .. مما أوجب اللقاء بين سيدنا زيد بن على زين العابدين والخليفة هشام بن عبد الملك الذى كان يخشاه كثيرا ويقول عنه أن له لسان أقطع من ظبة الأسنة وأبلغ من السحر والنفث فى العقد. وحينما التقيا الجبار والتقى قال هشام سمعت أنك تحدث نفسك بالخلافة وأنت لست أهل لها فأنت ابن أم ولد .. فرد عليه الامام زيد قائلا : لقد كان لنبى الله ابراهيم ولدان أحدهما من أم ولد وهو اسماعيل من أمه هاجر والأخر من اسحاق من حرة وهى سارة فأخرج الله من عقب اسماعيل خير خلق الله نبيه المختار محمد بن عبد اللاه عليه الصلاة والسلام .. فبهتت حجة هشام وقال لزيد قم من هنا فقال له سيدنا زيد إذا لن ترانى إلا حيث تكره وانصرف من مجلسه وقد عقد العزم على الخروج على الحاكم الظالم ، وصادف أنه كان قد ذهب إلى العراق في خصومة بينه وبين خالد بن عبد الله القسري، إذ ادعى عليه زوراً وبهتاناً وديعة ستمائة ألف درهم، ليجعل ذلك عليه نكاية، ويدبر له به ظلماً وإثقالاً فلما كان في العراق لهذا، اتصل به أهل الكوفة، وألحوا عليه في الخروج على الأمويين ووعدوه النصر، ولكن هشاماً تنبه لما يحيط بالبطل، وأحس نشاطه ونشاط الناس من حوله، فأمر عامله على العراق يوسف بن عمر الثقفي أن يخرجه على عجل، فأمره يوسف بالرحيل، فرحل ولكنه لم يقطع بالعراق صلته، ولم يكف عن بث دعاته، والخوض في أمر بني أمية، وذكر مظالمهم، واستحقاقه للأمر من دون هشام ووصلته البيعة من كثير من أهل العراق فلم يلبث بنو أمية أن بعثوا إلى الكوفة بالجيوش لقتاله فخرج معه بعض أهل الكوفة وتخلف عنه آخرون، وكانت المعارك ما بين الكوفة والحيرة، فلما جد الجد تفرق عنه أكثر من بايعه وفعلوا به مثل ما فعلوه من قبل مع جده سيد شهداء أهل الجنة وكأن الخزى والخسة والعار والنذالة لايفارقون أهل الكوفة فى آل بيت رسول الله حيث لم يبق معه إلا ثلثمائة أو أقل، وكانت بينهم وبين يوسف بن عمر قائد جيش هشام منازلة ثبت فيها زيد ومن معه، حتى إذا جنح الليل رُمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى، فلما انتُزع قضى، وفاضت روحه الطاهرة، ومات شهيداً سنة اثنتين وعشرين ومائة، فكانت مدة حياته أقل من خمسين سنة حيث ولد فى السنة الخامسة والسبعين من الهجرة النبوية، فلما دفن استدل جنود هشام وتابعه يوسف بن عمر الثقفى على قبره فأخذوه منه وصلبوه على خشبة بالكناسة وقطعوا رأسه عن جسده وطافوا بها فى البلاد حتى قيل أن هشام من شدة تجبره فى الأرض أنه علق الرأس الشريفة على قبر النبى عليه الصلاة وأتم سلام يوما بليلته وبذلك تكون رأس سيدنا زيد ثان روؤس آل البيت على يد بنى أمية أما الجسد فظل مصلوبا بالعراق طيلة حياة هشام بن عبد الملك وهى مدة قار بت العامين حسب بعض الرواة فتهدلت بطن الامام زيد على عورته لتواريها عن الناظرين وقد نسج العنكبوت على عورته ليسترها وتحدثت الروايات أن أحد جنود هشام ذهب ليمزق نسيج العنكبوت عن العورة بالسيف فشلت يده وظل الجسد هكذا مصلوبا شاهدا على ظلم هشام وسابقيه وتابعيه إلى أن مات وقضى أمره الى ربه فجاء الوليد وأمر باحراق الجسد فأنزلوه وحرقوه وذروا رماده بنهر الفرات فأضاء نورا بين الفرات والسماء ثلاث ليال حسب بعض الروايات. صورة لمقام أم الغلام أم الغلام زين العابدين وزوجته فاطمة بنت الحسن فى مقام واحد وكما هو الحال فى مشيئة الله أن تجتمع بركة الأب مع رأس الابن فى مقام واحد .. فقد كانت المشيئة الإلهية أن تجعل من حياة أسرة الإمام على زين العابدين ذات تفردات قدرية من نوع خاص حيث شاء الله أن تجتمع الوالدة ( أم الغلام ) وزجته فاطمة بنت الحسن رضى الله عنهم أجمعين فى مقام واحد ليجتمع شمل الأسرة الشريفة فى مقامين لاتبعدهما مسافات كبيرة فالأب والابن فى مرقد مسجد زين العابدين بزينهم والام والزوجة تتجوران مع الجد سيد شهداء أهل الجنة وريحانة رسول الله سيدنا الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله وجههم جميعا .. حيث ترقد السيدة ( شهربانوا بنت ملك الفرس يزدجر ) والمشهورة بين عامة وخاصة أهل مصر على وجه السواء بأم الغلام وذلك لأنها حينما فتح سيدنا عمر بن الخطاب بلاد فارس وأسر جنود المسلمين بنات ملك الفرس زوجهن لابنه وللحسين ولابن أبى بكر فكانت شهربانوا من نصيب سيدنا الحسين وسماها سلافة ولكن الرسول الكريم زاره فى المنام وأمره أن يكنيها باسم أمه فاطمة فغير اسمها إلى فاطمة ولأن العرب كان من عاداتهم كناية جواريهم اللاتى يتزوجهن ويلدن لهم الولد يسميهن بأم ولد ( أم الغلام ) فأطلق عليها الجميع أم الغلام وأيضا بشرة بن الخطاب للحسين بأنها ستلد له غلاما يشع الأرض علما وزهداً فكانت هى أم خير غلام سيدنا على زين العابدين الذى حفظ الله من نسله ذرية سيد الشهداء الحسين بن على . وبجوارها وفى نفس المرقد وتطبيقا للمودة فى القربى فقد تجاورت مع السيدة أم الغلام زوجة ابنها على زين العابدين السيدة الشريفة فاطمة بنت الامام الحسن زوجة وابنة عم سيدنا على زين العابدين والمشهورة باسم أم عبد الله . والمرقد مشهور ومعروف بحى الجمالية وفى الجهة الشرقية من مسجد سيدنا الحسين ليجتمع شمل الأسرة الشريفة " الجد وزوجته وزوجة الابن فى حى الحسين " وعلى مسافة ليست ببعيد ترقد بركة الابن على زين العابدين ورأس الحفيد زين بن زين العابدين فى حى زينهم -
صورة للمقام
وأخيرا نأتى الى كتاب نيل الخيرات الملموسة : =========================== وأخيرا يقول الدكتور السعيد أبو الأسعاد فى كتابه نيل الخيرات الملموسة بزيارة أهل البيت والصالحين بمصر المحروسة ص 24 : **** هو الإمام زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين وهو كما وصفه أبو إسحاق : رأيت زيدا بن على فلم أر فى أهله مثله ولا أعلم منه ولا أفضل ، وكان أفصحهم لسانا وأكثرهم زهدا وبيانا ** وقال الشعبى : والله ما ولد النساء أفضل من زيد بن على ولا أفقه ولا اشجع ولا أزهد ولا أبين قولا ، ولقد كان منقطع القرين * ومقامه بمصر عند العامة مشهور على أنه مقام على زين العابدين الذى هو بالبقيع الذى المبارك بالمدينة المنورة ولا شك أن فى هذا المشهد بمصر بركة الولد والوالد بفضل الله تعالى ** وكانت وفاته شهيدا فى شهر صفر سنة 122هـ فأبوه على زين العابدين الذى قال فيه الفرزدق موجها كلامه إلى هشام بن عبد الملك على الملأ وذلك عندما حج هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت فجهد أن يصل الى الحجر ليستلمه فلم يقدر لشدة الزحام ، فنصب له منبرا وجلس عليه ينظر الى الناس ومعه أهل الشام إذ أقبل على زين العابدين فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحى له الناس حتى يستلمه فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذى قد هابه الناس هذه الهيبة ؟ فقال هشام : لا أعرفه ** مخافة أن يرغب الناس فيه فقال الفرزدق وهو من رفقة الخليفة هشام ولكنى أعرفه فقال : رجل من أهل الشام : من هو يا أبا فراس ؟ فقال الفرزدق :
هذا الذى تعرف البطحاء وطائه والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقى النقى الطاهر العلم يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم إذا رأته قريش قال قائلها على مكارم هذا ينتهى الكرم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل همم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ب ( جده ) أنبياء الله قد ختموا وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم ما قال لا قط إلا فى تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم وعدها ( ابن قتيبة ) أنها من أعظم قصائد الهيبة : وأما عن أهم سجايا زين العابدين فهو الوفاء بعينه : فقد سئل يوما كيف كانت منزلة أبى بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار ابن الحسين بيده الى الروض الشريف وقال : منزلتهما منه الساعة وقد جاءه رجل من المتعصبين تزلفا يسأل عن أبى بكر ومكانته فقال له : عن الصديق تسأل ؟ قال الرجل : وتسميه الصديق ؟ قال رضى الله عنه ثكلتك أمك * قد سماه صديقا من هو خير منى ( رسول الله ) صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار * فمن لم يسمه صديقا فلا صدق الله قوله* رضى الله تعالى عن آل البيت الأطهار
|
|