عبد الله الزهدى( كاتب الحرم النبوى الشريف )
هو أبن عبد الكريم النابلسى أفندى من سلالة تميم الدارى من الصحابة الكرام * هاجر مع ابيه من الشام سنــة 1251هـ (1835م ) واستقر فى كوتاهية أحدى المدن التركية (1)
مدينة كوتاهيا (تكتب باليونانية : Κουταχια) عاصمة محافظة كوتاهيا التركية، عدد سكان المحافظة 720000 نسمة و المدينة أكثر من 166665نسمة. تحتوي كوتاهيا على عدة ينابيع ساخنة
وفى 17 ربيع الأول سنة 1251هـ أصدر رئيس العسكر ( سر عسكرو ) خسروباشا أمرا لمعاونة أسرته ومساعدته وقد أنتقل إلى استنابول بعد ذلك بقليل تعلم الثلث والنسخ فى بدايته الفنية من الخطاط راشد أفندى أمين وبعد ذلك تعلم على يد الخطاط الشهير قاضى عسكر مصطفى عزت أفندى وقد دعاه أحد موظفى قصر طوب قابى إلى القصور ووافق السلطان عبد المجيد على مقابلته وحدث أن استعراض السلطان المذكور لخطاطى الباب العالى وعندما رأى خط زهدى قال له هل أنت كاتب هذا يا ولد ؟ فأجاب قائلا : كتبه عبدك فقال السلطان زاد الله فيك فيضك وقد أمرتك أن تكتب خطوط الحرم النبوى الشريف وخصصت لك مبلغ 7500 قرش راتبا شهريا مدى الحياة ويروى أن الخطاط عبد الفتاح أفندى حينما علم بذلك قال كيف يكلف هذا الولد بهذا الأمر الجليل وأنا موجود ؟ وفى جمادى الآخر سنة 1274 هـ (1858م ) أنعم عليه بالنشان المجيدى من الدرجة الثالثة نظرا لاتصافه بين أقرانه بالمهارة الفائقة وحب الأستعداد الفنى * وكان النيشان والدرجة لا تعطى عشوائيا ولكن كانت تعطى بعد الفحص لمن يستحقها ومن ثم فكان النايشان شرف وقيمة وهيبة فى نفوس العامة والخاصة * ذهب زهدى إلى المدينة المنورة لتنفيذ مأموريته التى وكل بها وصدر له مرسوم بذلك من الصدر الأعظم على باشا فى 25 جمادى الآخر 1274هـ ونص هذا الامر كما يلى ( وفقا لما حقق من المكانة المكتوبة من إبراهيم أفندى روزنامجى الخزانة النبوية فيما يختص بالمواقع والأماكن المباركة بالحرم النبوى لم تكتب فى أماكن كثيرة وأنما كتبت بثمانية قباب عالية على البلاط العادى فأمر بالارداة فأمر زهدى بالكتابة على حجر الرخامى ورسم نقش الخطاط على هذا الحجر ويسمى السمافى وقد صدرت الدارة السنية وقد صدر له أوامر بالذهاب إلى أستنبول لآستكمال الكتابات اللازمة على الانشأت وقد عين بمصر فى وظيفة خطاط القصر وفى غرة شوال سنة 1283هـ انعم ليه الخديوى اسماعيل رتبة من الدرجة الثانية وكان موظفا وقتها بديوان المدارس ومشرفا على دروس الخط فى المكاتب وكاتبا على الدوائر الرسمية والجوامع واوراق البنكنوت وقد ترك كثير من الآثار النادرة * توفى فى مصر سنة 1296هـ (1879م) ودفن قرب تربة الامام الشافعى ومن كتاباته مصحف لحسيب باشا أعطاه فيه مبلغ 30000 قرض أى ثلاثون جنيها مصريا * ومن أعماله
1- كتابات بالحرم النبوى الشريف
2- كتابات سبيل ام عباس بحى الخليفة ( بنباقادن هانم )
وهى آية فى الجمال وإذا نظرت إلى مخطوطاته تلاحط البدعة والدقة المتناهية ولك هذه الصور
رحم الله عبد الله زهدى وجعل أعماله فى ميزان حسناته
هو عبد الله زهدي أفندي بن عبد القادر أفندي النابلسي، يتصل نسبه بالصحابي الجليل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه الذي توفي عام 40 للهجرة•• وهومن مدينة نابلس في فلسطين هاجر منها مع أبيه إلى دمشق ثم رحل إلى تركيا، واستوطن في مدينة كوتاهية وبعدها توجه إلى استانبول••
بداياته•• الصعوبات التي لاقاها
بدأ مشواره مع فن الخط بتشجيع من والده عبد القادر أفندي وتتلمذ على يد كبار الخطاطين في عصر راشد أفندي،مصطفى عزت أفندي الذي تعلم منه خطي الثلث والنسخ•
وبعـد أن أتقـن هذا الفن عـين مـدرساً للرسـم والخط في مدرسة (جامع نور العثمانية)•
وقد بدأت شهرته عندما أراد السلطان العثماني عبد المجيد إعادة تعمير المسجد النبوي الشريف وتوسيعه بعد انهيار إحدى القباب فيه فطلب السلطان من الخطاطين الموجودين في تركيا تقديم نماذج عن أفضل ما لديهم من الخطوط ليتم اختيار الأفضل منهم•• شارك في هذه المسابقة كبار الخطاطين الأتراك وكان من بينهم زهدي أفندي وقد أشرف على عملية اختيار هذه الخطوط السلطان عبد المجيد نفسه، حيث كان كوالده السلطان محمود بن السلطان عبد المجيد ودرس كذلك على يد كبار خطاطين عصره أمثال طاهر أفندي• لذلك عمل على تشجيع الخطاطين ورعايتهم وقد استوقفه ما كتبه عبد الله زهدي، وأسند إليه شرف الكتابة على جدران المسجد النبوي وأمر بتخصيص معاش له مدى حياته قدره 7500 قرش ثم أمره بالتوجه إلى المدنية المنورة لكتابة خطوط المسجد النبوي الشريف•
الصعوبات التي تعرض لها خلال عمله
إن اختيار السلطان عبد المجيد لعبد الله زهدي الذي لم يرق لغيره من كبار الخطاطين في عصره حيث أبدوا تذمراً واعتراضاً قائلاً أحدهم:
كيف يعين ولداً صغيراً بمثل هذا العمل ونحن لا نزال على قيد الحياة لكن السلطان عبد المجيد لم يأبه لمثل هذه الاعتراضات وطلب من عبد الله زهدي متابعة عمله الموكل إليه وبالفعل بدأ العمل في إعادة ترميم المسجد النبوي الشريف وتوسيعه، وكانت الخطة الحكيمة أن يكون الترميم والبناء بالتدريج حتى لا يتعطل الناس عن أداء الصلاة حتى إذا أنتهى البناء من جهة انتقل العمل إلى الجهة الأخرى•• وهكذا حتى اكتمل الترميم• ويعد هذا الترميم والتوسع هو الأكبر من نوعه منذ إنشاء المسجد الشريف حتى ذلك التاريخ، وبعد أن انتهى الترميم جاء دور عبد الله زهدي لكتابة الخطوط على جدران المسجد، وكتب مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والأشعار التي قيلت في مدح رسول الله (ص)•
وقد كتب على الجدار القبلي من أوله إلى آخره على يمين الداخل من باب السلام أربعة أسطر، كلها آيات قرآنية ما عدا السطر الأخير فهو أسماء النبي محمد عليه الصلاة والسلام•• وقد كتبه بالدهان وبصورة غير بارزة أما الأسطر الثلاثة الأولى فكتابتها كانت بارزة فالسطران الأول والثالث كتابتهما كانت محفورة على المرمر ومضروبة باللون الأخضر، والسطر الثاني بارز ومحفور على الخشب بمهارة فائقة وصنع دقيق ومضروب باللون الأحمر•
كما كتب على باب السلام من الخارج أربعة أسطر أيضاً في السطر الأول والثاني آيات قرآنية وفي السطر الثالث أبيات شعرية وفي الرابع أسماء سلاطين آل عثمان•
وقد ساعده مجموعة من المهندسين والفنانين أمثال الخطاط جوهر زاده، ومحسن أفندي وحسين أفندي، وأحمد أفندي•
وأثناء العمل توفي السلطان عبد المجيد وجاء الأمر إلى عبد الله بالتوقف ومن معه عن العمل في ترميم المسجد النبوي وتزيينه بالخطوط•
وقد وصل بهم الأمر إلى أن قطعوا عن عبد الله زهدي أفندي معاشه الذي كان قد قرره له السلطان عبد المجيد طوال حياته•
عندها عاد عبد الله إلى المدينة المنورة وبدأ بجمع الأموال من أهل الخير لاستكمال ما تبقى من عملية التعمير، حيث اكتمل هذا الأمر على أحسن وجه عام 1277هـ، أي بعد اثني عشر عاماً، وقد بلغت نفقات هذه العمارة ثلاثة أرباع المليون من الجنيهات المجيدية، بعد أن أنهى عمله•
وبعد أن أنهى عمله عاد عبد الله زهري أفندي مرة ثانية إلى استانبول ثم توجه بعد ذلك إلى مصر وكان صيته قد سبقه إلى هناك فاستقبله الخديوي إسماعيل وأوكل إليه مهمة تدريس فن الخط العربي في المدرسة الخديوية والمدارس العامة ودوائر الدولة وكذلك خطوط الأوراق النقدية المصرية، إضافة إلى كتابة الآيات القرآنية وغير ذلك على كسوة الكعبة المشرفة، حيث كانت تصنع في مصر في ذلك الوقت، ويذكر أنه قام بكتابة نسخة واحدة من المصحف الشريف لـ حسين باشا•
توفي عبد الله زهدي أفندي عام 1296هـ 1878م ودفن بالقرب من ضريح الإمام الشافعي• ولا زال الخطوط التي كتبها حتى الآن في المسجد النبوي تشهد على روعة ماخطه هذا الفنان وعلى أصالة هذا العمل *
خطاط أم عباس و «خوشيار هانم»
عبد الله زهدي الحاصل على لقب “بك”، عربي الأصل وهو ابن عبدالكريم النابلسي أفندي، من سلالة تميم الداري من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد هاجر مع أبيه من بلاد الشام في عام 1215هـ / 1835م. واستقر في كوتاهيه قرب استانبول، حيث أتقن كتابة خطي الثلث والنسخ وذاع صيته حتى استعان به السلطان عبد المجيد. وعقب قدومه إلى مصر لنقش كتابات سبيل أم عباس استقر بها وعمل بعد ذلك في خدمة الخديو إسماعيل. حيث قام بعمل الخطوط التي زخرفت بها جدران مسجد الرفاعي في حياة والدة الخديو “خوشيار هانم” التي شيد المسجد بأمر منها وقد توفي بمصر ودفن على مقربة من مقابر أسرة محمد علي بالإمام الشافعي*
خطاط المسجد النبوى الشريف
أصبح من نافلة القول ما للإسلام منتأثير في إغناء اللغة العربية وتطويرها في المجالات كافة ، ومن ذلك الكتابة والنسخ، فقد كانت الكتابةإحدى الوسائل المهمة في نشر العلوم الإسلامية ، فبها تم تدوينالقرآن والسنة النبوية المشرفة ، وما نتج عنه منها من علوم ومعارف، وقدتطورت حرفة الكتابة والخط على مر التاريخ الإسلامي ، حتى برز أعلام نجباء في هذاالمجال ، من أمثال وابن مقلة ( ت : 328هـ ) و ابن البواب ( ت : 423 ) . وكان منهمأحد الأعلام المتأخرين في الخط ، والذي أُطلق عليه لقب كاتب الحرم النبوي الشريف ،ولقب خطاط مصر،ألا وهو الخطاط زهدي أفندي.
من هو هذا الخطاط البارع؟
هو عبد الله زهدي أفندي ابن عبد القادر أفندي النابلسي ، ويتصل نسبهبالصحابي الجليل تميم بن أوس الداري ( ت : 40 هـ ) ، ولذلك نجده يكتب أحياناً"من سلالة تميم الداري".
ويرجع أصل عبد الله زهدي أفندي إلى مدينة نابلسبفلسطين ، وقد هاجر منها أجداده إلى ا لشام ، ومن المرجح أن يكون قد ولد فيها ،وبعد ذلك هاجر مع والده سنة ( 1251 هـ / 1835 م ) إلى مدينة كُوتاهية التركية ، وهيمن المدن القديمة التي استوطنها العثمانيون في بداية تأسيس دولتهم . وفي العام نفسهرحل إلى مدينة إستانبول عاصمة دولة الخلافة العثمانية.
وقيل إنه ولد بالأستانة ونشأ فيها ، ولا يوجد دليل على ذلك . وهذاالقول يخالف ما ذكر أنه هاجر من الشام إلى تركيا مع أبيه ، لا أنه ولد بها ،ووتوجد عائلة التميمي في مدينة نابلسالفلسطينية وهي من أكبر العوائل ، ويشاركها في الاسم نفسه عائلة التميمي في مدينة الخليل في فلسطينأيضاً ، وأصل هاتين العائلتين واحد ، حيث يتصل نسبهما بالصحابي تميم الداري رضيالله عنه ، الذي أقطعه الرسول صلى الله عليه وسلم مدينة الخليل.
والمصادر التي كتبت عنه - وهي قليلة - بتحديد سنة مولده ، وإن كان يمكن أن يستخلص بأن مولده كان قبل سنة 1251 هـ وهي تلك السنة التي هاجر فيها والده من الشام إلىتركيا.
مشواره مع الخط :
أما بدايته مع فن الخط ، فكانت بتشجيع منوالده عبد القادر أفندي ، ثم تتلمذ لكبار الخطاطين في عصره ، من أمثال راشد أفنديحارس ضريح الصحابي أبي أيوب الأنصاري ، الذي استشهد عند أسوار القسطنطينية، وكذلكقاضي العسكر ، الخطاط مصطفى عزت أفندي ، حيث تعلم منه خطي الثلث والنسخ،ولما حذق هذا الفن عين مدرساً للرسم والخط في مدرسة جامعة نور عثمانيةوالمهندسخانة البرية الملكية ( مهندسخانة برئ همايون).
وكانت بداية شهرتهعندما أراد السلطان العثماني عبد المجيد ( ت : 1255 هـ / 1839 م ) إعادة تعميرالمسجد النبوي الشريف وتوسعته بعد انهيار إحدى القباب فيه ، فطلب السلطان منالخطاطين الموجودين في تركيا تقديم نماذج من أفضل ما لديهم من خطوط ، ليتم اختيارالأفضل منهم وإسناد شرف الكتابة على جدران المسجد النبوي إليه، وشارك في هذهالمسابقة كبار الخطاطين الأتراك ، وكان من بينهم ذلك الشاب زهدي أفندي ، الذي لميكن مشهوراً قبل ذلك وقد أشرف على عملية اختيار الخطوط المناسبة السلطان عبدالمجيد نفسه ، إذ كان خطاطًا ماهراً ، درس فن الخط على كبار خطاطي عصره ، من أمثالطاهر أفندي ، وكان عبد المجيد يجيد الكتابة بخط الثلث ، ويعمل على تشجيع الخطاطينورعايتهم ؛ وكذلك كان والده السلطان محمود بن السلطان عبد الحميد ( ت : 1277هـ/1861م ) خطاطاً ماهراً ، وعند قيام السلطات بإلقاء نظرة فاحصة على اللوحات الخطيةالمعروضة ، استوقفه ما كتبه الخطاط عبد الله زهدي أفندي ، وكان حاضراً ، فقال له : أنت الذي كتبت هذا يا بني ؟ قال : نعم . فدعا له السلطان بالتوفيق والنجاح ، وأمربتخصيص معاش له مدى حياته قدره 7500 قرش ، ثم أمره بالتوجه إلى المدينة المنورةلكتابة خطوط المسجد النبوي الشريف.
اعتراضات كبار الخطاطين:
لكناختيار السلطان عبد المجيد لهذا الشاب للقيام بهذه المهمة الجليلة لم يرق لغيره منكبار الخطاطين في عصره ، ومنهم الخطاط الشيخ عبد الفتاح أفندي ، الذي كان يكبر زهديأفندي بعشرات السنوات ، فأبدى تذمره واعتراضه قائلاً : كيف يعين ولدًا صغيرًا مثلهذا للقيام بهذا العمل الجليل وأنا لا أزال على قيد الحياة ؟ إلا أن السلطان عبدالمجيد لم يأبه لهذه الاعتراضات ، وفعلاً توجه زهدي أفندي إلى المدينة المنورة ،للعمل في المسجد النبوي الشريف ، ومعه قرار التعيين من قبل السلطان ، والمتضمنالصلاحيات الممنوحة له في هذا الشأن.
وبدأ العمل في إعادة ترميم المسجدالنبوي الشريف وتوسعته ، وكانت الخطة الحكيمة أن يكون الترميم والبناء بالتدرج ،حيث يكون العمل في واحدة من جهات الحرم حتى لا يتعطل الناس عن أداء الصلاة في هذاالمسجد المبارك ، وكلما انتهى البناء في جهة ، انتقل العمل إلى جهة أخرى ، وهكذاحتى تم الترميم واكتملت التوسعة ، وكانت تلك التوسعة هي الأكبر من نوعها منذ إنشاءالمسجد النبوي الشريف حتى ذلك التاريخ ، وحيث بلغت مساحتها ( أي توسعة السلطان عبدالمجيد ) 9132 متراً مربعاً.
وبعد إتمام علمية البناء انتقل العملإلى الخطاطين والمزينين - وعلى رأسهم عبد الله زهدي أفندي - لكتابة الخطوط علىجدران المسجد ، بناءً على التكليف الذي كُلف به من قِبل السلطان عبد المجيد كماأسبق توضيحه،وظل عبد الله زهدي أفندي يمارس عمله في المدينة المنورة عدة سنواتحتى أنجز العمل على أحسن وجه وأكمله ، فكتب مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديثالنبوية الشريفة والأشعار التي قيلت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقدساعده في ذلك مجموعة من المهندسين والفنانين، مثل الخطاط جُومر زاده محسن أفندي (ت 1304 هـ ) ، والمذهّب الحاج حسين أفندي وتلميذه الحاج أحمد أفندي . بل يقال : إنالسلطان عبد المجيد أرسل فرقة أناشيد إلى المدينة المنورة لإنشاد التواشيح الدينيةوالمدائح النبوية ، وذلك من أجل الترويح عن عبد الله زهدي ومن معه ، ولشحذ هممهموتشجيعهم على إتقان العمل وإتمامه على أكمل وجه وأفضل صورة.
وخلال عمل عبدالله زهدي أفندي وصله نبأ وفاة السلطان عبد المجيد ، وجاءه الأمر بعد ذلك مناستانبول بالتوقف هو ومن معه عن العمل في ترميم المسجد النبوي وتزيينه بالخطوط.
إخفاق:
وقد ساء هذا القرار المفاجئ عبد الله زهدي أفنديوالمسئولين عن تعمير المسجد النبوي الشريف ، فطلب المشرف العام على عملية التوسعةوالتعمير عرياني زاده أسد أفندي من زهدي أفندي التوجه إلى استانبول لإقناعالمسئولين هناك بالعدول عن قرارهم ، والاستمرار في عملية التعمير ، وفعلاً سافرزهدي أفندي إلى هناك ، ولكن مهمته باءت بالإخفاق ، بل إن الأمر تعدى ذلك حيث أبلغبانقطاع معاشه الذي كان قرره له السلطان عبد المجيد طول حياته، وبعد إخفاقعبد الله زهدي أفندي في مهمته ، عاد إلى المدينة المنورة لجمع المال من أهل الخيرلاستكمال ما تبقى من عملية التعمير ، حيث أكمل هذا الأمر على أحسن وجه ، وذلك سنة 1277 هـ ، فتكون إعادة تعمير المسجد النبوي قد استغرقت اثني عشر عاماً ، وقد بلغتنفقات هذه العمارة ثلاثة أرباع مليون من الجنيهات المجيدية،وإن الخطوط التيكتبها عبد الله زهدي أفندي ، والتي ما زال أكثرها باقياً إلى الآن في المسجد النبويالشريف ، ولتشهد بروعة هذا الفنان الملهم وعبقريته ، وقد ورد في كتاب فن الخط أنها " من حيث طولها تبرز لنا أن عبد الله زهدي هو صاحب أكبر قدر من كتابات خط الثلثالجلي ، بحيث لا يتعداه خطاط آخر في الدنيا ؛ إذ يزيد طول الشريط الكتابي الذي كتبهبالثلث الجلي عن 2000 متر ، منها 240 متراً على شكل ثلاثة أسطر فوق جدار القبلة ،و140متراً على رقبة القبة.
ويصف الخطاط محمد طاهر الكردي خطوط عبد اللهزهدي التي كتبها داخل المسجد النبوي الشريف بقوله : ( وقد وقفنا بأنفسنا على ماكتبه في الحرم المدني حينما زرنا المدينة سنة 1357هـ ، فقد كتب - رحمه الله تعالى - على الجدار القبلي من أوله إلى آخره على يمين الداخل من باب السلام أربعة أسطر ،كلها آيات قرآنية ما عدا السطر الأخير ، فهو أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ،والكتابة بالبوهية ( الدهان ) وغير بارزة ، أي غير محفورة ، أما الأسطر الثلاثةالفوقانية على المرمر ومضروبة باللون الأحمر ، وعرض قلمه نحو سنتمتر واحد ، وقد كتباسمه في آخر ما تنتهي الكتابة في الجدار القبلي ، وقد كتب على باب السلام من الخارجأربعة أسطر أيضاً ، ففي السطر الأول والثاني آيات قرآنية ، وفي السطر الثالث أبياتشعرية وفي الرابع أسماء سلاطين آل عثمان ، والحقيقة أن خط المذكور آية في الجملوحسن الذوق رحمه الله وحسّن مثواه.
وقد لخص هذا القول بلال عبد الوهابالرفاعي ؛ حيث قال في كتابه الخط العرب تاريخه وحاضره ص 133 : " عبدالله زهديأفندي كاتب الحرم النبوي الشريف ، والذي يعد بحق قمة في الفن والإبداع كما تشهدآثاره ".
آيات من القرآن الكريم وأسمائه صلى الله عليه وسلم
على الجدار القبلي داخل الحرم النبوي الشريف
وبعد أن أتم عبد الله زهدي أفندي عمله في المسجد النبوي الشريفعاد مرة ثانية إلى استانبول لاسترداد معاشه الذي قرر له ، ولكنه أخفق في مهمته تلك، وبعد ذلك توجه إلى مصر ، وكان صيته قد سبقه إلى تلك الديار ، فاستقبله حاكم مصرالخديوي إسماعيل ، وأطلق عليه لقب خطاط مصر ، وذلك سنة 1283 هـ ، وأوكل إليه مهمةكتابة خطوط المساجد والمدارس ودوائر الدولة ، وكذلك خطوط الأوراق النقدية المصرية، ثم كلفته الحكومة المصرية كتابة الآيات القرآنية وغير ذلك على كسوةالكعبة المشرفة ، فأبدع فيها أيما إبداع . حيث أن كسوة الكعبة كانت تصنعفي مصر في ذلك الوقت . ومما أوكل إليه أيضاً : كتابة الخط على سبيل أم عباسبالصليبية بالقاهرة ، وكذلك جامع الرفاعي . كما كان يدرس فن الخط العربي في المدرسةالخديوية والمدارس في تلك الديار عامة ، وقد تخرج على يديه الكثير من كبار الخطاطينفي مصر . وانفرد أحد المصادر التي ترجمت له - وهو كتاب قاموس الأعلام 4/ 3108 - بخبر عنه ، حيث ذكر أنه كتب بعض الخطوط في الحرم المكي الشريف ، ولا تأكيد على صحة ذلك,وإن ثبت ، فهل كان ذلك قبل عمله في كتابة المسجد النبوي الشريف ، أو بعد الفراغ منذلك ، أو أثناء العمل في إحدى زياراته لمكة المكرمة لأداء الحج أو العمرة ، أو أنما قام به من كتابة الآيات القرآنية على كسوة الكعبة وهو في مصر بناء على تكليفالحكومة المصرية كما ذكر؟
أضافة إلى ذلك أن عبد الله زهدي أفندي كان يتكسب بمهنة الخط ، حيثكتب نسخة من المصحف الشريف لأحد الوجهاء واسمه حسين باشا ، وذلك مقابل ثلاثين ألفقرش تركي ويقال : إنه لم يكتب مصحفاً غيره . إلا أنه كتب أكثر من نسخة منسورة الأنعام ومعها بعض سور القرآن والأدعية الشريفة ، وقصيدة البردة للبوصيري ،وقد طبعت إحدى هذه النسخ في المطابع العثمانية . وبعد حياة حافلة بالعطاء توفى خطاطالمسجد النبوي الشريف سنة 1296 هـ ( 1878م ).
ودفن بالقرب من ضريح الإمام الشافعيرحمه الله .
مات زهدي :
وقد رثاه أحد الشعراء مؤرخاً لوفاته علىطريقة حساب الجُمل بقوله :
مات رب الخطّ والأقلام قد نكست أعلامهاحزناً عليــــــــهوانثنت من حسرة قاماتها بعد أن كانت تباهي فييديـــــــه
ولهذا قلت في تأريخه مات زهدي رحمة اللهعليــــــه وعبارة "مات زهدي " تعني الرقم 1296 على طريقة حساب الجمل.
وهذا هو التاريخ المذكور في الكتب التي ترجمت لعبد الله زهدي ، ومنها كتابتراجم الخطاطين الأتراك ، إلا أنه ذكر في هذا الكتاب أنه وُجد في السجلات العثمانية 2/ 420 أن زهدي أفندي توفي في 15 صفر سنة 1268 هـ ، وكما ورد في كتاب قاموس الأعلاممن تأليف ش . سامي 4/ 3108 أن وفاته كانت سنة 1293هـ ، ولا ريب أن هذين التاريخينفيهما مجانبة للصواب ، بناء على المعطيات التي تقدم ذكرها في هذه المقالة