اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6135
|
مقال للمؤرخ الدكتور حسن قاسم
أرجو نشر كلمتى هذا عن تاريخ سيدى يحيى بن عقب أو ابن عقب كما يقولون منعا للآلتباس الواقع عند بعض الناس خدمة للعلم والتاريخ فى القاهرة حارة كبيرة تعرف بحارة خوشقدم ، نسبة إلى ملك من ملوك مصر فى القرن التاسع إذ كانت تعرف قديما بحارة الديلم وتشتمل هذه الحارة على دروب وأزقة كثيرة ، من بينها درب يعرف قديما بدرب الرصاصى ، وهو الآن يعرف بحارة الحمام ويقع هذا الدرب فى الجهة البحرية لجامع الظافر المعروف بجامع الفكهانى ومن داخله زقاق يعرف بزقاق بالأسوانى ، وفى مقابلته زقاق ضيق كان يعرف قديما بخوخة حسين ، فى هذا الزقاق ضريح يعرف بضريح سيدى يحيى بن عقب ، وهو ولى كبير تؤثر
عنه كرامات عجيبة وقد تعذر على كثير من مؤرخى مصر والقاهرة معرفة أخبار سيدى يحيى هذا ، فقد نفى وجوده بهذه الخطة المؤرخ المقريزى لسبب ذكره ، وهو زعم العامة أن يحيى هذا كان مؤدبا للحسين بن على عليه السلام وأنه كان صحابيا ، ولما لم يكن لذلك أصل فى التاريخ ، ولا مؤدب للحسين سوء جده صلى الله عليه وسلم فقد كذب المقريزى ذلك ،
ولم يذكره على مبارك باشا صاحب الخطط الجديدة باب بأكثرة مما يعرف عنه من أفواه العامة ، وهو أنه صاحب كرامات وولى مشهور ألخ ؛ وقد أستطلعنا خبر سيدى يحيى هذا بعد بحث طويل فى مصادر تاريخية موثوق بها ، وتفصيل ذلك إنه كان للسلطان ابى يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الموحدى سلطان بلاد المغرب فى القرن السادس الهجرى أولاد ورثوا عنه الملك بعد وفاته ، أكبرهم ولده محمد وكان من بينهم الأمير يحيى هذا ، وكان هذا الأمير يحيى أوفده السلطان المذكور إلى مصر حين اتجهت نيته إلى ضمها إلى بلاد المغرب ، فقدم إلى الإسكندرية وكان ذلك فى أواسط القرن السادس ، ولما علم بقدومه قاضيها عز الدين بن الحاجب استضافه وأكرمه ، فلبث عنده ثلاثة أيام ، ثم جاء إلى القاهرة ، فكتب القاضى عز الدين إلى الأمير سيف الدين حسين بن ابى الهيجاء الكردى زوج ابنه طلائع بن رزيك ووزير الظافر الفاطمى بخبر قدوم الأمير إليه، فلم وصل الأمير يحيى إلى القاهرة تلقاه سيف الدين المشار إليه وأنزله بداره بحارة الديلم ، وهى التى فيها ضريحه الآنف ، أقام بها فترة ، ثم مات الأمير حسين هذا فبقى الأمير يحيى بداره ولم يعيش بعد ذلك إلا زمنا يسيرا ، ومات فدفنوه فى داره بوصية منه قبل وفاته ، ثم ظهرت عند له بعد وفاته كرامات جعلت الناس يعتقدون فيه ، فبنوا عليه مزارا وقصدوا بالزيارة من أماكن بعيدة حتى آل الأمر إلى أن صاروا يتقاضون عنده فى خصوماتهم ، ولما شاع أمر هذا الأمير بين الناس تقولوا فيه بما ذكره المقريزى فى خططه ، ولم يذكر مؤرخو المغرب وفاة سيدى يحيى هذا ، ووهم بعضهم فى أن المهاجر إلى المشرق هو أبوه السلطان أبو يعقول ، وأنه مات ودفن بالشام بقرية مجدل مغوش من أعمال البقاع العزيز قرب دمشق ، وهو لابن أخيه إبراهيم بن يعقوب السابق عليه فى الهجرة وليس لملك المغرب يعقول ، وفى هذا الصدد يذكر عبد الواحد المراكشى فى المعجب : ( فبلغنى عن غير واحد أنه صرح للموحدين بالرحلة إلى المشرق وجعل يذكر البلاد المصرية ) فلما كان أواخر القرن الثانى عشر أنشأ سليمان بك الخربوطلى مسجدا ثم من عهد قريب أصلحت وزارة الأوقاف ما تصدع من جدرانه واحدث به دورة مياة على النظام الحديث ، وكانت وفاة سيدى يحيى هذا على ما ذكره أبو عبد الواحد فى تاريخه سنة 608 هـ ووهم بعض المتأخرين من تاريخ المغرب أن الفار الى الشرق هو أبو السلطان يعقوب وهو خبر لا صحة له وهذا الخبر الذى أستيقناه عن سيدى يحيى هذا صحيح يعرفه كل من وقف على تاريخ المغرب .
جامع سليمان بك ( ( يحيى بن أبى يعقوب ) أثر رثم 165 ( 1047 هـ /1737 م )
هذا الجامع بشارع الكعكين أنشأه الأمير سليمان بك الخربوطلى فى سنة 1047هـ / 1637 م كما جاء بالنص التاريخى الوارد فى روسم بأعلى محرابه فى أبيات شعر باللغة التركية تعريبها ما يأتى - بنى سليمان بك جامعا لأجل رضى الله ، وقد يسر هذا الخير له رب العالمين . ولما تم بناؤه قلت تاريخه مسجد أصحاب السنة وموقع سجدات المسلمين 1407
وليس فى هذا الجامع ما يسترعى النظر سوءى مئذنته البيضاء التىتشبه بعض المآذن التى تعاصرها من هذا النوع ، وقد اقتبس المهندس المصرى هذا الطراز فى مآذن بعض المساجد الحديثة ، أما داخله فهو عبارة عن باحة مستطلية فى صدرها محراب ويجاوره منبر ن وفى الجانب الغربى دكة وسدة وفى مقابلته سقاية ماء يعلوها مكتب ن وقد يكون الأحرى بالانتباه فى هذا الأثر هو سكوت المؤرخين وعلماء الآثار قدماء ومحدثين عن أصل هذا هلاجامع وحقيقة الثاوى فيه ، وقد وجهنا عنايتنا عن هذه الحلقة المفقودة من تاريخ هذا لأثر من سنوات مضت ، فأسفر لنا البحث عما نشرناه بجريدة المقطم فى العدد الصادر يوم الأحد 21 فبراير سنة 135هـ / 1932
كما يقول حسن قاسم فى موسوعة المزارات الإسلامية والآثار العربية فى مصر والقاهرة المعزية ج6 صفحة 252
مسجد سيدى يحيى بن ابى يعقوب الموحدى
هذا المسجد عبارة عن ضريح يضم مقام الأمير يحيى بن أبى يعقوب الموحدى ، ويقع بحارة الحمام رقم 30 أسفل مسجد سليمان بك الخربوطلى بن ولى ، وقد ذكرنا من خبره ما تحققناه عن سيدى يحيى ( من قبل ) وتحقق لى أن الثاوى بهذا الضريخ هو أكبر أبناء أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن على الموحدى ؛ سلطان الموحدى بالمغرب الأقصى المتوفى سنة 580هـ / 1184م ، هاجر من المغرب فى ذى الحجة سنة 580هـ / 1184م بعد وفاة أبيه ، ولما وصل إلى الإسكندرية استقر بها وقتا فى ضيافة الأمير عز الدين عمر بن ابى بكر الكردى ؛ المعروف بابن الحاجب ، ثم رغب فى الانتقال منها إلى القاهرة فبعث ابن الحاجب معه من يوصله إلى المير سيف الدين حسين بن أبى الهيجاء بن حسن بن نصر الدولة الكردى ، زوج السيدة ريطة ابنة الملك الصالح طلائع بن رزيك ، الوزير الفاطمى ، فأنزله بداره بحارة الديلم واستمر بها حتى وفاة الأمير حجسين المذكور فى رجب سنة 590هـ / 1193 م ، ولما أراد أن يبرحها بعد وفاته اتسبقاه بها المير تاج الملك بدران بن الأمير حسين ، فلث حتى وفاته فى سنة 618هـ / 1221م فدفن بالمعبد الذى اتخذه منها ، وأقام الأمير سليمان الخربوطلى مسجده فوق هذا المعبد .
وقد ظل هذا المعبد بضريح سيدى يحيى فيه معتقد العامة والخاصة إذ كان من الموصوفين بالصلاح والويلاة الكبرى ، وتداول شيوخ المغاربة خدمة الضريح ، حتى آلت خدمته فى أيامنا هذه إلى الشريف عبد العزيز البقالى من خلائف الشرفاء البقالية نزلاء القاهرة ؛ وقد قام بتجديد المعبد والضريح تجديدا رائعا واقام الشعائر فيه واستبعد ما كان يحصل من زائرية من مبتدعات لا يقرها الشرع
ولابن أخى سيدى يحيى هذا ، وهو ابو إسحاق إبراهيم ابن ابى يوسف يعقوب – ضريح داخل مسجد ليطف بقرية مجدل دفوش من ارض البقاع العزيز بسورية ، كان إبراهيم هذا مرشحا للسلطة والخلافة بع وفاة أبيه أبى يوسف يعقوب الملقب بالمنصور بالله ، والذى توفى فى سنة 595 هـ / 1198 م ولكنه لفظها وفر إلى الشام واستقر بسورية حتى وفاته فى مجدل دفوش منها وله بها مقام ظاهر يزار ، ويظن من لا علم عنده أن الفار من المغرب هو ابوه المذكور وهذا وهم ، فقد مات أبو يوسف المنصور بالله بالمغرب ، وقد زار المقريزى قبر إبراهيم هذا ونفى أن يكون هذا الضريح لأبيه المنصور
( على محمود محمد على )
|
|