- ذكر قبر أمير المؤمنين على بن أبى طالب
يقول حسن قاسم فى كتابه أخبار الزينبيات ص 30 : ولد الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه بمكة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولود فى بيت الله سواه ، تزوج بفاطمة رضى الله عنها بالمدينة فى العام الثانى من الهحرة ، وأمه وأم أخوته طالب وعقيل وجعفر واختيه أم هانىء وجمانة ( فاطمة ) بنت اسد بن عبد مناف وهى أول هاشمية ولدت هاشميا ( ولى الخلافة ) بعد مصرع عثمان بن عفان سنة خمسة وثلاثين على المشهور موافق 29 يناير سنة 661 م وهو ابن 63 سنة ضربه ابن ملجم لعنه الله بسيف مسموم فى مسجد الكوفة فى الليلة التاسعة عشر منه ودفن ليلا قبل طلوع الفجر بناحية الغريين (1) والثوبة (2) موضع بظهر الكوفة وراء النهر إلى النجفب
------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) قال الحموي: ويجوز أن يكون اسم الغري مأخوذاً من كلّ واحد من هذين
وللنجف عدة أسماء أُخرى منها : المشهد ؛ وهو ما ذكره ابن جبير وابن بطوطة في رحلتيهما ، وهو تسمية للكلّ باسم البعض الأظهر والأشرف فيها ، وهو مشهد القبر المقدس ، وما زال هذا الاسم متداولاً.. وللنجف الموقع أسماء أُخرى منها ما كان معروفاً تأريخياً ، ومنها ما ورد في أحاديث الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كـ : بانقيا ، والجودى والغربي ، واللسان ، والربوة ، والطور ، وظهر الكوفة. تاريخها ما قبل الإسلام ، وما قبل التمصير: ورد في أخبار الأئمة من أهل البيت عليهم السلام : أنّ في بقعة النجف قبرا آدم ونوح عليهما السلام ، وإنّ الإمام دفن عندهما بإعلامه ووصيته ، وأنّ فيها أيضاً وعلى مسافة 1كم قبرا هود وصالح ، وأنّ مرتفعهما بقايا جبل قديم هو جبل الذي قصده ابن نوح في قوله تعالى: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله) (ومجالس الكوفة المعروفة وليس لنا أن نستكثر ذلك على بلد الغريين فإنها سواء في عصور الجاهلية أو الإسلام ذات صلة لا تنكر بمراكز الثقافة والتهذيب ، فالنجف في جاهليتها قطعة من الحيرة عاصمة المناذرة أو عاصمة عرب العراق قبل الإسلام حيث عاش الأدب الجاهلي في كنف القوم ووفد عليهم فحول شعراء الجاهلية من أقصى نجد والحجاز
2) الثوبة مدينة من المدن القديمة لم يظهر إسمها بعد
---------------------------------------------------------------------------------------------------
وعفى قبره إلى أن ظهر حيث مشهده الآن ، واختلفت فى موضع قبره
( وقال ) ابن زهرة : والصحيح أنه فى الموضع المشهور الذى يزار فيه اليوم
( وروى ) بسنده إلى عبد الله بن جعفر أنه سأل أين دفنتم أمير المؤمنين
( قيل له ) خرجنا حتى إذ كنا بظهر النجف دفناه هناك . وقد ثبت أن زين العابدين عليا بن الحسين وجعفر الصادق وابنه موسى زاروه فى هذا المكان ، ولم يزل القبر مستورا لا يعرفه إلا خواص اولاده ومن يثقون به بوصية كانت ، لما علم من دولة بنى أمية فى عدواتهم له ، فلم يزل مختفيا حتى كان زمن هارون الرشيد بن محمد بن على بن عبد الله العباسى فاتفق له أن خرج ذات يوم إلى ظهر الكوفة يتصيد حمرا وحشية وغزلانا ، فكان كلما ألقى الصقور والكلاب عليها لجأت الى كثيب رمل هناك فيرجع عنها فتعجب الرشيد من ذلك ورجع إلى الكوفة وطلب من له علم بذلك فأخبره بعض شيوخ الكوفة أنه قبر أمير المؤمنين على بن أبى طالب فخرج ليلا إلى هناك ومعه على بن عيسى الهاشمى وجماعة من أصحابه فأبعدهم عند الكثيب يصلى ويبكى ويقول : يا ابن عمى والله إنى لأعرف فضلك ولا أنكر حقك ولكن ولدك يخرجون على ويقصدون قتلى وسلب ملكى ، إلى أن قرب الفجر وعلى بن عيسى نائم . فلما أن قرب الفجر أيقظه هارون وقال له قم فصل على قبر ابن عمك ، قال وأى ابن عمى ؟ قال : أمير المؤمنين على بن أبى طالب فقام على بن عيسى فتوضأ وصلى وزار القبر ثم ان هارون أمر فبنى عليه قبة وأخذ الناس فى زيارته والدفن لموتاهم حوله ، إلى أن كان زمن عضد الدولة ابن بوية الدليمى فعمره عمارة عظيما وأخرج على ذلك أموالا جزيلة وعين له أوقافا ، ولم تزل عمارته الى سنة 735ه وكان قد ستر الحيطان بخشب الساج المنقوش ، فاحترقت تلك العمارة وجددت عمارة المشهد على ما هى عليه الآن وقد بقى من عمارة عضد الدولة قليل ،
وقد زار هذا المشهد ومسجد الكوفة فى عصر هذا التاريخ وفد الجمعية المصرية وجمع اعضائه رحلة طبعت حديثا قال فيها : عن وصف هذا المشهد ص 110 ، 113 برحنا كربلاء قاصدين النجف الأشرف فسرنا إلى الجنوب منحرفين قليللا إلى الشرق
( والنجف ) مدينة مسورة بنى سورها أيام ثورة الوهابيي الأولى خيفة عليها من عاديتهم ( ثم ) سرنا الى مشهد الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى الله تعالى عنه وهو أحدى مفاخر المسلمين عظمة وأبهة نظاما فيه فناء عظيم يحيط به أبنية كثيرة وفى مؤخرة منارتان وجميع جدرانه مغشاة بصفائح الذهب الخالص ، وعلى المقام الشريف قبة هائلة يتدلى عنها مصابيح ، وجدرانها محلاة بحلل من البللور والذهب ( ثم ) قال عن مسجد الكوفة (1) سرنا 20 دقيقة من النجف إلى مسجد الكوفة وله مساحة واسعة يحيط بها أروقة ضيقة ، وفى وسطه سرداب يقال إنه موضع سفينة نوح وعلى مقربة منه أسطوانة من حجر منصوب به أقامها للسيد مهدى الطباطبائى لتكون مزولة ، وفى الجانب الأيسر من المسجد حجرتان عن اليمين وعن الشمال إحداهما مدفن مسلم بن عقيل (2) والأخرى مدفن هانىء بن عروة المرادى وعلى محراب المسجد بيت شعر بالفارسية عرفة مؤلف الرسالة المذكورة بما معناه
----------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) كانت الكوفة صحراء واختار الصحابيان سلمان الفارسي وحذيفة اليماني، موقعها سنة 17 للجيش الإسلامي أيام خلافة عمر بن الخطاب لذلك سميت(كوفة الجند)، أي مجمع الجيش وبنيت سنة 22 هـ بالآجر في عهد ولاية المغيرة بن شعبة على سبعة محلات لكل قبيلة، واتخذها الإمام علي(عليه السَّلام) سنة 36 هـ بعد معركة الجمل عاصمة للخلافة الإسلامية واتجهت إليها الأنظار من العالم الإسلامي، وأصبحت مدينة علمية وتجارية في عهده(عليه السَّلام)، حتى قامت الخلافة العباسية سنة 132هـ فاتخذوا الهاشمية لهم، ثم بغداد، فذبلت نظارة الكوفة حتى سنة 580 هـ حيث استولى عليها الخراب كما يقول الرحالة ابن جبير بعد أن كانت كلمة(الكوفة) تعني مناطق شاسعة. ومسجد الكوفة هو من أشهر المساجد(وكان أول من أسس في مدينة الكوفة مسجدها الجامع ودار الإمارة) وذلك عام 17 هـ، وهو مربع الشكل تقريباً 110متر. ويتسع لأربعين ألف مصلٍّ من المسلمين، يتوسط صحنه بقعة منخفضة ينزل إليها بسلم وتسمى (السفينة)، والمشهور بين العامة وهي شهرة باطلة، إنها الموقع الذي صنعت فيه سفينة نوح، أو رست فيه مع أن السفينة هي أرض المسجد الأولى، وقد طم جميع مساحة المسجد ما عدا هذا الموضع لمعرفة العمق السابق.
(2) مسلم بن عقيل بن أبي طالب : ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب في المدينة المنورة سنة (22 هـ) على أرجح الأقوال، أمه أم ولد (جارية) اشتراها عقيل من الشام، أما زوجة مسلم فهي رقية بنت أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام)،.
-----------------------------------------------------------------------------------
ضرب مفرق على بالسيف فى هذا المحراب
وهو ساجد بعتبة الخالق الوهاب
( ومشهد ) الإمام على فى العراق فى النجف إحدى المدن المقدسة الثلاثة التى يؤمها كثير من الزائرين ، ويليه مدينة كربلاء (1) حيث مرقد أبنه الإمام أبى عبد الله الحسين رضى الله تعالى عنه الذى دفن فيه جثمانه الطاهر المقدس ثم مدينة الكاظمية وهى المدينة المقدسة الثالثة فى العراق حيث مرقد الإمام موسى الكاظم ومحمد التقى ويشاهد الزائر من بعد قبابه الذهبية التى يتألق نضارها الوهاج فى نور الشمس اللامعة .ضراف : الإمام على بن إلى طالب كرم الله وجهه مشهده بالنجف الأشرف بالعراق --------------------------------------------------------------------------------------
1 – كربلاء مدينة مقدسة عند المسلمين الشيعة في العراق، تحتضن مرقد الامام الحسين بن علي سبط رسول الله محمد. ورد ان اسمها يعنى (كور بابل) وهو يعنى مجموعة من القرى البابلية وقد خالف بعض الأخباريين المتأخرىن ذلك وقالوا ان الاسم اتى من الكرب والبلاء للفاجعة التي حدثت فيها بمقتل الامام الحسين بن علي سنة 61 هجرية. تبعد كربلاء عن العاصمة بغداد بمسافة 108 كم من الجنوب الغربي ومن الاقضية التابعة لها قضاء الهندية وقضاء عين تمر اما النواحى فيتبع لها ناحية الخيرات وناحية الحر التي تحتضن قبر الحر الرياحى وناحية الجدول الغربي وناحية عون والتي تحتضن قبر عون بن عبد الله وناحية الحسينيا
----------------------------------------