على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )

حسن قاسم · **مرسل:** الأحد أكتوبر 18, 2020 10:28 am

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(240)

هذه المشاهدة واستدعاؤها في هذه المرحلة عسير, فكانت درجتين:

أ ـ كأنك تراه

ب ـ فإن لم تكن تراه فإنه يراك

" كأنك تراه " تورثك حال الرهبة وتدكدك الجبل .... حال الرؤية شديد.

" فإنه يراك " تورث حال الوجل والخوف والمراقبة.

يشاهد ماذا؟ يشاهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فالإحسان إذاً مشاهدة جديدة للشهادتين, إلا أن المشاهدة لا تكون لنصف الشهادة الأولى (لا إله إلا الله) ولا للنصف الثاني (محمد رسول الله) فكانت الرحمة: كأنك ...

«فإن لم تكن تراه .. فإنه يراك» جملة مكونة من شطرين: شطر: فإن لم تكن تراه.

وشطر: فإنه يراك.

كما سبق وبينا في أحد كتبنا أن بعض الناس اعتبروا الشطر الأول:

«فإن لم تكن تراه ..» جملة تامة خبرية عبارة عن مبتدأ وخبر مكون من:

فإن لم تكن ... جملة شرطية معناها فإن لم يبق لك كينونة مع نفسك ..

تراه .... جملة خبرية مكونة من ترى والهاء عائدة على الله.

هذا ما يسميه البعض الفناء فإن لم تكن ...

أما جملة «فإنه يراك» .. فهي جملة خبرية تقع كلها كاملة تامة خبرية وتعتبر خبراً لجملة: « فإن لم تكن تراه» ما معنى هذا؟

يعني فإنه يراك, وقد استغنيت بتدبيره عن تدبيرك, وتركت إرادتك لإرادته وتصريفك لتصريفه, ووجد صدقك في حالك الأول: «فإن لم تكن»

فأثابك ما يشبه الرؤية على الشرحين الأول والثاني كلاهما باعتبار.

إلا أن الرؤية ممتنعة عن الخلق في الدنيا ولا تكون إلا بعد الموت, وجزء منها قد يكون في المنام! ففي حديث التحذير من الدجال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم :«وَإِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا» في كل الأحوال النوم هو الموتة الصغرى, وفيها انطلاق الروح إلى موطنها الأول والحوم حوله في الملكوت,

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الأحد أكتوبر 18, 2020 10:30 am

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(241)

الإحسان نوع من الموت ثم البعث حتى تتحقق بـ «كأنك تراه» ... أو «فإن لم تكن». موت يعقبه حياة فيها نوع جديد من العبودية, عبودية على الرؤية والمشاهدة المتخيلة, فقد شاهدت أن لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نوع شهادة.

الإحسان فيه: موت أوصاف البشرية مع بقائك حياً, موت صفات النفس السيئة وحياة الروح وعمار النفس, موت نظرتك للأمور وحياة بنظرة جديدة لنظرة جديدة, هذا النوع من الموت والحياة يسمونه الفناء والبقاء, والفناء ليس بنهاية المطاف ولا البقاء, إلا من قيل له: مقامك حيث أقامك.

المدخل الأعظم عند أناس موت النفس أو قهرها, وعند آخرين الحب الجارف المتخلل للعروق, وتتعدد الفهوم بقدر ما أعطى الله لخلقه, وفتح لهم.

قال العلماء: الفناء ترك حظوظ النفس بالكلية (تماماً)، وقالوا: هو فناء إرادة العبد في إرادة الله, وقالوا: هو سقوط الأوصاف المذمومة وبقاء الأوصاف المحمودة, وقالوا: هو الفناء عن المعاصي, وقالوا: هو إسقاط رؤية الخلق, وقالوا: هو أن تقبل على الله بكلك, وقالوا: هو أن يصبح فؤادك فارغاً كما كان فؤاد أم سيدنا موسى عليه السلام, وسئل الحافظ أبو سعيد بن الأعرابي عن الفناء فقال: " هو أن تبدو العظمة والأجلال على العبد فتنسيه الدنيا والآخرة والأحوال والدرجات والمقامات والأذكار, تفنيه عن كل شيء, وعن عقله, وعن نفسه, وفنائه عن الأشياء, وعن فنائه عن الفناء لأنه يغرق في التعظيم".
انتهى

وقال الكلاباذي في الباب التاسع والخمسين من كتابه التعرف: " فالفناء هو أن يفنى عنه الحظوظ فلا يكون له في شيء من ذلك حظ ويسقط عنه التمييز فناء عن الأشياء كلها شغلاً بما فنى به كما قال عامر بن عبد الله: ما أبالي امرأة رأيت أم حائطاً, والحق يتولى تصريفه فيصرفه في وظائفه وموافقاته فيكون محفوظاً فيما لله عليه، مأخوذاً عما له وعن جميع المخالفات فلا يكون له إليها سبيل وهو العصمة وذلك معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلّم : «كنت له سمعاً وبصرا.. الخبر»".

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الأحد أكتوبر 18, 2020 1:46 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(242)

وقال: "وقال أبو سعيد الخزاز: علامة الفاني ذهاب حظه من الدنيا والآخرة إلا مـن الله تعالى ثم يبدو بادٍ من قدرة الله تعالى فيريه ذهاب حظه من الله تعالى إجلالاً لله ثم يبدو له بادٍ من الله تعالى فيريه ذهاب حظه من رؤية ذهاب حظه ويبقى رؤية ما كان من الله لله ويتفرد الواحد الصمد في أحديته فلا يكون لغير الله مع الله فناء ولا بقاء.

معنى ذهاب حظه من الدنيا مطالبة الأعراض ومن الآخرة مطالبة الأعواض فيبقى حظه من الله وهو رضاه عنه وقربه منه ثم يرد عليه حالة من إجلال الله تعالى أن يقرب مثله أو يرضى عن مثله استحقاراً لنفسه وإجلالاً لربه ثم ترد عليه حالة فيستوفيه حـق الله تعالى فيغيبه عن رؤية صفته التي هي رؤية ذهاب حظه فلا يبقى فيه إلا ما مـن الله إليه ويفنى عنه ما منه إلى الله فيكون كما كان إذ كان في علم الله تعالى قبل أن يوجده وسبق له منه ما سبق من غير فعل كان منه, وعبارة أخرى عن الفناء أن الفناء هو الغيبة عن صفات البشرية بالحمل الموله من نعوت الإلهية وهو أن يفنى عنه أوصاف البشرية التي هي الجهل والظلم لقوله تعالى: ( وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)

(الأحزاب 72) ومن أوصافه الكنود والكفور وكل صفة ذميمة تفنى عنه بمعنى أن يغلب علمه جهله وعدله ظلمه وشكره كفرانه وأمثالها".اهـ

وقال السهروردي: "واعلم أن أقاويل الشيوخ في الفناء والبقاء كثيرة، فبعضها إشارة إلى فناء المخالفات وبقاء الموافقات وهذا تقتضيه التوبة النصوح, فهو ثابت بوصف التوبة.

وبعضها يشير إلى زوال الرغبة والحرص والأمل، وهذا يقتضيه الزهد.

وبعضها إشارة إلى فناء الأوصاف المذمومة وبقاء الأوصاف المحمودة، وهذا يقتضيه تزكية النفس.

وبعضها إشارة إلى حقيقة الفناء المطلق، وكل هذه الإشارات فيها معنى الفناء من وجه. ولكن الفناء المطلق هو ما يستولي من أمر الحق سبحانه وتعالى على العبد، فيغلب كون الحق سبحانه وتعالى على كون العبد، وهو ينقسم إلى فناء ظاهر وفناء باطن..." إلى آخر ما قال.

[b]يتبع بمشيئة الله تعالى[/b]

حسن قاسم · **مرسل:** الأحد أكتوبر 18, 2020 3:56 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(243)

هذا ما قاله الأئمة المعتبرون الموافقون لما عليه صحيح العقيدة, ولا دخل لنا بمن يعبر بالفناء والبقاء بما يشبه الحلول والاتحاد واللاهوت والناسوت.

وتعليقاً على أقوال الأئمة في الفناء والبقاء أقول وبالله التوفيق: كل ما قالوه حق, كل ذلك مشروع, لكن ما فيه شرح كيف يكون الفناء, فهم عرفوا آثاره ونتائجه, ولم يقولوا ما هو ذات الفناء والبقاء, إلا ما قاله السهروردي, وبالمناسبة السهروردي هذا له طريق صوفي, لبس من طريقه هذا الحافظ الذهبي تلميذ ابن تيمية خرقة التصوف.

وأقول: الفناء عندي هو تجلي الحق جل وعلا باسم من أسمائه أو صفة من صفاته على من يريد, فيمحق الله صفتك, ويفنيها (على قدرك) ويصبغك بصفته (على قدرك)

( صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)

(البقرة 138) والتجلي إما بصفات الجلال أو الجمال أو الكمال, وكلما كان نصيبك أعلى من التجلي الواحد, ومن كل الأسماء أو الصفات بأنواعها كان نصيبك من العبودية أعلى وأكمل, حتى يصل الإنسان إلى العبودية المحضة, فيُسمى عبد الله المحض, عبد الله الكامل, وهي وراثة من وراثات أهل البيت من أصلهم ونورهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم .

ومثال هذا التجلي, أنه إذا تجلى عليك باسمه الحنان أو الودود فإنه يصبغك بصفة الحنان أو الود, فيكون الحنان صفة من صفاتك والود, ويحن الخلق إليك حتى الحيوانات والجمادات, ونظرة منك إن أظهرتها تذيب القلوب, قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)
(مريم 96)

هذا العبد , قد فنى في مراد ربه, فظهرت عليه الأمارات والعلامات الدالة على صدق ما هو عليه وما هو فيه, هذه الأمارات تلوح لمن هو مثله أو أعلى, فغالباً هؤلاء من أصحاب الأنوار المستورة, يضن الله على الخلق بهم.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الثلاثاء أكتوبر 20, 2020 11:42 am

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(244)

بعد هذا الفناء, يسمح لهذا العبد بالحياة مع تركيب الصبغة واستئمانه عليها, كما سيأتي في باب الوراثات والأمانات, هذه الحياة الجديدة وتحركه بالسر اسمه البقاء
فإن أظهره الله للخلق فهي وظيفة.

قيل: العارف من أخذه الله منه, ثم أفناه عنه, ثم أبقاه به.

يعني أن يأخذك الله من نفسك, فتنسى نصيبك من نفسك ومن الدنيا, ثم يفنيك عنك وعن كل شيء, فإذا كان ذلك ردك إلى عالم جديد فتبقى بقوة من الله ومدد وتأييد. ومن هنا قال السادة في الفناء والبقاء: حياة لا موت فيها. ويقصدون لا موت للقلب, ولا للنفس, ولا موت للعطاء الإلهي, بل هو مستمر حتى في قبورهم وبرزخهم وأخراهم, قال أحدهم: واشهد الحي لتحيى بحياة لا فوت فيها ولا موت ولا صفو يعقبه كدر.

وأقول: في الجلال نذوب وفي الجمال نهيم وفي الكمال نشدو, في الخيال خلف خلفه وفي الوهم في سبق سبقه وفى الظن بين بينه وفي الحقيقية لا أرى لا أسمع لا أتكلم, والله بكل شئ محيط. نسأل الله ذا الجلال والإكرام, ذا الطول والإنعام, أن يرزقنا أعلى أعلى أعلى مقامات العبودية المحضة, اللهم آمين

وصل اللهم وسلم وبارك على عبد الله الحق صلى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كبيراً.

نور المحسنين

الإدراك في مراحل الإحسان نوع من أنواع الرؤية, الرؤية كأنها من وراء غربال, وكما أن الرؤية في مقام الإسلام بالبصر, وبالقلب في مقامات الإيمان, فإنه يكون بالفؤاد في مقامات الإحسان.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الثلاثاء أكتوبر 20, 2020 11:44 am

[size=200]

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(245)

لا بد من رؤية بالفؤاد, رؤية «كأنك تراه», مع بشرى بأن سيد الخلق معك, يثبتك ويعلمك, ويوضح لك, بشرى بقرب ومعية سيد الخلق حتى لا يتخطفك الشيطان فقلبك وفؤادك يتجولان في الملكوت الأعلى, هذه البشرى في قوله تعالـى:

(إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )

(الأعراف 56) وأعظم الرحمات المبعوثة من الله عز وجل الرحمة المحمدية من قيل فيه: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)
(التوبة 128)

واعلم عبد الله أن العبد محجوب عن أنواع كثيرة من الخيرات والأسرار؛ بسبب ما فيه من بشرية وظُلمة, فلا يُدرك إلا ما يدركه البشر حسب قوانين الرؤى بالأبصار, وقوانين رؤى السماء الأولى, واعلم أن رؤية البرازخ والأرواح عياناً بياناً جائزة جداً عند من كشف الله له العوالم بمحو ظلمة نفسه, بعد أن كشف له عن ظلمة وجوده, واعلم أن الفناء يجعله فارغاً من كل ما سوى الله عز وجل, فيحل النور مكان الظلمة.

واعلم أن الفناء في الله للكمل لا يكون أبداً إلا بعد الفناء في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , وإلا امتنع المدد والنور المحمدي, واعلم أن التصديق في مرحلة الإيمان في القلب, وفي مرحلة الإحسان يسري هذا التصديق حتى يعم الجسد كله, واعلم أنه عند فنائه يسري نور أعلى من مجرد التصديق, واعلم أنه لا يرى من يرى من أهل الله عوالم البرزخ والملكوت إلا بقدر انتشار النور الساري من قلب المحسن وفؤاده إلى مشاشه وعظمه ودمه حتى يصل إلى كل عرق فيه, فإذا سرى النور فإنه يرى بنور الله, فإذا رأى بنور الله جعل الله له نور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم نور حياته, وسر إمداده من زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار, وفهم مثال النور في سورة النور, فعظم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في كيانه وأدرك لماذا جعل الله المصباح في زجاجة, فلا يطلع على نوره ملك مقرب, ولا شيطان مريد.

فيكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما حقاً وصدقاً ويقيناً, وحالاً ومقاماً. وتحـب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر مما تحب نفسك, وكيف تحب الله أكثر من نفسك إلا بمعرفة أنه خالق وجودك والمنعم عليك بالإيجاد بعد أن كنت في ظلمة العدم, وكيف تحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر من نفسك إلا إذا أدركت أنه أصلك وأصل الموجودات, وإنما أنت ذرة من ذرات الكون الفسيح المخلوقة من نوره, فإن اقترب منك برحمة من رحمات الله وكان معك, فيا سعدك وهناءك.

يا ويل من حرم نور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , المحجوبون لا يرون هذه المعية, كيف وهم يرونه والعياذ بالله ميتاً, ولا يرونه حياً حياة كأعظم, لا يعلمون معنى الرفيق الأعلى, ومن كان في الرفيق الأعلى فما عنده زمان ولا مكان ولا فوق ولا تحت وكان كل شيء تحت قدميه.

[/size]
يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الأربعاء أكتوبر 21, 2020 1:23 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(246)

وأحب ذكر جزء من كتاب حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في المنام باب وجهه الشريف صلى الله عليه وآله وسلّم ,وشرح ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشـة رضـى الله عنها, قالت: «استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فسقطت عنى الإبرة، فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فتبينت الإبرة لشعاع نور وجهه، فضحكت فقال: "يا حميراء بم ضحكت ؟" قلت: كان كيت وكيت فنادى بأعلى صوته" يا عائشة الويل ثم الويل (ثلاثاً) لمن حُرِم النظر إلى هذا الوجه»
وجهــــه صلى الله عليه وآله وسلّم

فى حديث «الويل ثم الويل لمن حُرم النظر إلى هذا الوجه»

كان فؤاد السيدة عائشة فارغاً إلا من حب الله ورسوله، ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

( القصص 10 ) ؛ لذا كانت السيدة عائشة رضـى الله عنها تشعر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قبل ما يدخل، وكأن عندها رضى الله عنها جهاز إنذار متقدم, كانت دائمة البحث عنه صلى الله عليه وآله وسلّم ؛ لذا كانت تتفقده كما ورد فى عدة أحاديث (البقيع - النصف من شعبان ).

شعرت السيدة عائشة بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قبل دخوله من الباب, ترقبها لمدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم جعل كل شىء من الممكن أن يقع من يدها, فاليوم الذى لا تشعر به تخاف, تخاف من الحجاب، كان النبى صلى الله عليه وآله وسلّم يجعلها تشعر به وأحياناً لا، فهيبته صلى الله عليه وآله وسلّم لا يقف لها شىء.

لما شعرت به وقعت الإبرة من يدها ... فهى لا تنشغل بشىء فى الوجود إلا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ... خافت وانشغلت بذات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى لا يحدث له أذى من الإبرة، فرأت بالشعاع وليس بالوجه... فتبينت الإبرة وأمسكت بها.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الأربعاء أكتوبر 21, 2020 1:33 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(247)

كان النبى صلى الله عليه وآله وسلّم يوصف بأنه كالقمر ليلة تمامه, وعندما يكون النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى مكان مظلم فإنهم يرونه؛ لأن وجهه منير... هنا رأت شعاع نور وجهه كالشمس التى يخرج منها شعاع, فالشعاع الخارج منه هو الذى أضاء...، الشعاع انعكس على الإبرة أحدث لها ضيّا فقالت للنبى صلى الله عليه وآله وسلّم ما حدث , وهنا كلمها النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى موضوع آخـر ... فقال: «الويـل، ثم الويـل، ثم الويـل، لمن حُرم النظر إلى هذا الوجه» يعنى هى لها حال من الأحوال بنور وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم سيرتقى حالها..،

فأشار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لها بما فحواه " أنت رأيت الشعاع فأين الوجـه؟"

فرق بين الأنوار الذاتية والنور الخارج منه صلى الله عليه وآله وسلّم .

( وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)

( الأعراف 198)

الذى ينظر هل يرى النور الذاتى أم السارى؟ هى نظرت إلى الشعاع، وهو أعطاها الأكثر من ذلك .

يعنى هى رأت الشعاع، أما وجهه صلى الله عليه وآله وسلّم فأين؟؟.. عرفت من الشعاع المنعكس من وجهه طريق المفقود والضائع فى ظلمة الليل

إن كنت يا سالك, يا عابد, يا ناسك، يا مريد فى ظلمة أى ظلمة ( فتنة - حيرة..) وتلمست شعاع نور من وجهه صلى الله عليه وآله وسلّم فتأكد مـن أن الظلمـة ستنجلى بمشيئة الله, .. شعاع النور دلها على المخبأ .. وجدت الضالة بشعاع النور، فما بالك بالوجه نفسه ؟!

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الخميس أكتوبر 22, 2020 5:10 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(248)

لذلك الويل والخسران المبين لمن ينظر إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ولا يرى فيه نور النبوة فهو محروم وهذا فى علم الشريعة...

لما قالت له المرأة: إليك عنى، حزن النبى صلى الله عليه وآله وسلّم لأنها لم تر أنوار النبوة, يحزن النبى صلى الله عليه وآله وسلّم على أمته؛ لأن بعضهم ليس عندهم البصيرة الكافية حتى يروا الأنوار المحمدية.., حتى المرأة فى هذه اللحظة كانت لها كسرة، وهى أنها آمنت، لكن فيها جزء من الحرمان..، هى رأت النبى صلى الله عليه وآله وسلّم لكن لم ترَ الأنوار التى كانت تجعل عمرو بن العاص لا يستطيع أن يرفع نظره؛ إجلالاً للنبى صلى الله عليه وآله وسلّم .

لما عرفت أرادت الاعتذار، فقال لها النبى صلى الله عليه وآله وسلّم : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى». فمن المخاطب بالصبر؟ وما هى الصدمة الأولى؟!، أصدمتها فى ولدها؟ أم صدمتها فى عدم معرفتها بالنبى صلى الله عليه وآله وسلّم وأنواره حينما رأته؟!

يا حسرة على من حرم النظر إلى وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم !!

إذا رأيت النبى صلى الله عليه وآله وسلّم .. ماذا رأيت فى وجهه ؟

هناك أناس حُـرموا من رؤية الهيئة النبـوية الشريفة، رؤياهم محصورة بعد البعث، وليس كل الأمة سترى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى المنام أو عند الممات أو الدفن. فما هو وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ؟

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الخميس أكتوبر 22, 2020 5:12 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(249)

فما هو وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ؟

يرى فى جبهته صلى الله عليه وآله وسلّم أشياء، وفى عينيه، وفى خديه؛ لأنه أكمل وأجمل وأكبر وأنقى وأعظم مرآة ربانية إلهية.. هـو سفير الله فى الأرض.. هـو المظهر.

لو نظرت فى جبينه صلى الله عليه وآله وسلّم عرفت ما لا يعلمه إلا الله، وإذا نظرت إلى وجهه أدركت ما لا يعلمه إلا الله، ولو نظرت فى عينيه لتعلمت عمق السنين، وغبت فى غيب الغيب وعلمت سر قوله: «كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد» ، ولو نظرت إلى خديه حدث لك سكون غير متناهٍ ويقين وصدق, لا تسعفنا العبارة ولا تكفينا الإشارة فالتلويح والتلميح أولى من التصريح .

لماذا يحب سيدنا أبو بكر النظر إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ؟! للذات المحمدية ... أم لرؤية الحضرات منعكسة الأنوار فى الوجه الشريف ؟

لو كُشِفَ للناس أنوار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كلها لانجذب الكثير منهم, فإن وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم هو محل نظر الله عز وجل على الدوام، هو حاضر فى حضرة على الدوام.

وجه النبى صلى الله عليه وآله وسلّم مشرق دائماً بنظر الله إليه الذى يصلى عليه دائماً؛ لذلك فالذى ينظر إلى وجهه صلى الله عليه وآله وسلّم يكون دائماً فى زيادة، أما الذى لا ينظر فقد حرم..، فيا حسرة عليه !!" انتهى النقل.

كيف يرى من أنعم الله عليهم والعارفون سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقظة

لا يرى أحد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقظة (إن سمح النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بذلك) إلا إذا سرى النور في كل عروق الرائي وطرد كل الظلمات, سريان النور في كل رقيقة من رقيقاتك هو ما يجعلك ترى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقظة, وترى أهل البرزخ وما شاء الله مما يتعذر على غير من سرى فيهم النور المبدد للظلمات من أهل الإحسان, هذه الرؤية رؤية المتمكنين, لا رؤية المتصورين ولا المتوهمين, أو ما يحدث أحياناً لمن كشف الله عنهم الحجاب ولو للحظة, سريان النور هو حظك من القرب والمعية المحمدية, هو البصيرة والجلاء البصري التام, وما أجمل ما قالوه: العارف يعرف ببصره ما يعرفه غيره ببصيرته، ويعرف ببصيرته ما لا يدركه أحد إلا ما شاء الله.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الخميس أكتوبر 22, 2020 8:17 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(250)

وما أجمل ما قاله الإمام أبو عبد الرحمن الصقلي: "من لم يكن له نور فى قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلّم فليس له قدم صدق عند ربه؛ لأن الله سبحانه جعل قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلّم معدن الأنوار، فكل نبى ورسول وصاحب وتابع أخذ نوره من قلب محمد نبيه؛ لأخذ الميثاق منه له قبل خلقه وعرضه عليهم بعد خلقه، فمن ثبت له الإيمان فى الأصل وخلقه الله للسعادة أخذ نور تصديقه من قلب نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم بقدر عقله الذى يحمله، ومن خلقه الله للشقاوة لم يجعل له نوراً فى قلب نبيه المكرم، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، فعلامة من جعل الله له النور التصديق برسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلّم فى الأمم الخالية وعلى هذه الأمة خاصة التزام العمل بشرعه والتمكن بهديه وموالاة صحابته وأمهات المؤمنين لزواجه والطاهرين من أهل بيته رضى الله عنهم أجمعين، فمن اتبع هذا المنهاج فهو على نور من ربه وواضح من سبيله، ومن كان عمله وعقده بخلاف ذلك فقد ضل عن الصراط لا نور له يبصر به قد اتبع نفسه وهواه وعدوه. نور كل مؤمن بقدر طهارته، وطهارته بقدر سلامة قلبه، وسلامة قلبه بقدر تقويم عقله، وقوام عقله بتوفيق الله له وهدايته لسبيله، ومزيد نور إيمان كل عبد بزيادة طاعته لربه ونقصه بقدر معصيته.

خلق الله عز وجل نور محمد قبل خلق السماوات والأرض بألفي عام، وأقامه أمام العرش يسبح الله ويقدسه.

ثم خلق نور محمد صلى الله عليه وآله وسلّم فوق نور المرسلين، وخلق نور المرسلين فوق نور النبيين، وخلق نور الصديقين دون نور النبيين، وخلق نور العارفين دون نور الصديقين، وخلق نور المريدين دون نور العارفين، وخلق نور المؤمنين دون نور المريدين، ثم فضل بعض المؤمنين في النور على بعض كما فضل بعض النبيين على بعض وكذلك الصديقين والعارفين والمريدين؛ لأنه سبحانه فعال لما يريد.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** الخميس أكتوبر 22, 2020 8:18 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(251)

العلماء بالله عز وجل يعرفون الناس بأنوارهم، وسائر الناس يعرفون الناس بأعمالهم، فنور قلوب المريدين يظهر على وجوههم، فمنهم من يعلو نوره صفرة وهو نور الحجب، ومنهم من يعلو نوره بياض وهو نور العرش وباطن نورهم الحياء والمراقبة وظاهره الوقار وحسن السمت، ونور قلوب العارفين يظهر في أعمالهم ظاهراً وباطناً، فظاهره الجد والاجتهاد، وباطنه وجود الوحشة من الأضداد والغير بما وجد على الأصحاب، ونور قلوب العلماء بالله وبأمره وبأيامه يظهر في نطقهم ظاهراً وباطناً، فظاهره العبادة بالعلم وباطنه الإشارة في المكان بالإرشاد والدلالة، فمن لم يكن له قسم في هذه الأنوار فبابه عن الحقيقة مغلق وقلبه عن الخصوصية مقفل إما حجاب لوقت وإما علة مقيمة".

وقال الإمام الصقلي أيضاً:

"لما كان نور الحقيقة في الناس عموماً شهد بعضهم نور بعض بالمعرفة فسلموا بالعلم واليقين، فلما صار نور الحقيقة خصوصاً في الناس أنكره العموم بجهلهم بحالة الخصوص فبلي بعضهم ببعض ووقعت المحنة بالجميع، فمتى فقد النور من الخصوص عظمت الفتنة وزاد الاختبار واشتدت البلية فلا راحة يومئذ لتارك ولا مزيد لطالب ولا فائدة لمريد إلا في الصمت عنهم والهرب منهم".
أصحاب النور في نعيم يرون الملكوت ببصيرتهم, ثم يرونه بأبصارهم, ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ)

(الأعراف 56)

ولما كان حال المحسنين الرؤية, وكان سبب الرؤية النور, وكان سبب النور سريانه من القسمة النورانية, كانت وجوه المحسنين منيرة, فشهد لهم من قال: ( إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف 36)

بقى في جزئية الإحسان جزئية الأمانات والوراثات والتي أشرنا إليها في درجة ومقام الإيمان.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** السبت أكتوبر 24, 2020 10:48 am

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(252)

الوراثات والأمانات

قصة الأمانات والوراثات(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)

(الأحزاب 72-73) وعَنْ أَنَسٍ رَضِـيَ اللَّهُ عَنْهُ قَـالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: « لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ».

اعلم عبد الله أن الأمانة أمانتان:

الأولى: أمانة الفروض والشرائع

والثانية: أمانة الأسرار

أما أمانة الفروض والشرائع فقالوا: إنها كل ما افترضه الله على عباده من صلاة وصوم ووضوء, والبعد عن كل ما نهى الله عنه, والأمانة في الحديث, والأمانة في ودائع الناس, والأمانة في الأذان, فالمؤذن مؤتمن على صلاة الناس وفطرهم، والأمانة في غسل الجنابة, وأمور الطاعة, ومن الأمانة أن المرأة اؤتمنت على فرجها. وقيل: الفرج أمانة، والسمع أمانة، والبصر أمانة. وقيل: من تضييع الأمانة النظر

في الحجرات والدور (البيوت)، وكل ذلك حق.

وقد عرضها الله على أبينا آدم, فما كان إلا كما بين العصر إلى غروب الشمس حتى أكل سيدنا آدم من الشجرة.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا)

قَالَ: «قِيلَ لِآدَمَ أَتَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا، فَإِنْ أَطَعْتَ غَفَرْتُ، وَإِنْ عَصَيْتَ حَذَّرْتُكَ؟ قَالَ: قَبِلْتُ. قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ حَتَّى أَصَابَ الذَّنْبَ».

وعَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:

( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ)

قَالَ: «قَالَ آدَمُ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ أُجِرْتَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عُذِّبْتَ، قَالَ: فَقَدْ تَحَمَّلْتُهَا، فَمَا كَانَ بَيْنَ أَنْ تَحَمَّلَهَا وَبَيْنَ أَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ».

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** السبت أكتوبر 24, 2020 11:34 am

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(253)

وظننا في الله أنه أرحم بنا من أن يعذبنا بسبب التقصير, وإن فعل فعدل وحق, وإذا غفر فوجهه المأمول, فكانت الآية التي تلت آية الأمانة تثبيتاً وفضلاً وهي قوله تعالى: ( لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)

عَنِ الْحَكَمِ بن عُمَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم : «إِنَّ الأَمَانَةَ وَالْوَفَاءَ نَزَلا عَلَى ابْنِ آدَمَ مَعَ الأَنْبِيَاءِ، فَأُرْسِلُوا بِهِ، فَمِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ نَبِيٌّ, وَمِنْهُمْ نَبِيٌّ رَسُولٌ.

نَزَلَ الْقُرْآنُ وَهُوَ كَلاَمُ اللَّهِ وَنَزَلَتِ الْعَرَبِيَّةُ وَالْعَجَمِيَّةُ، فَعَلِمُوا أَمْرَ الْقُرْآنِ، وَعَلِمُوا أَمْرَ السُّنَنِ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَلَمْ يَدَعِ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ مِمَّا يَأْتُونَ وَمِمَّا يَجْتَنِبُونَ، وَهِيَ الْحُجَجُ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ بَيِّنَهُ لَهُمْ، فَلَيْسَ أَهْلُ لِسَانٍ إِلاَّ وَهُمْ يَعْرِفُونَ الْحَسَنَ مِنَ الْقَبِيحِ، ثُمَّ الأَمَانَةُ أَوَّلُ شَيْءٍ يُرْفَعُ، وَيَبْقَى أَثَرُهَا فِي جُذُورِ قُلُوبِ النَّاسِ، ثُمَّ يَرْفَعُ الْوَفَاءَ وَالْعَهْدَ وَالذِّمَمَ، وَتَبْقَى الْكُتُبُ، فَعَالِمٌ يَعْمَلُ، وَجَاهِلٌ يَعْرِفُهَا وَيُنْكِرُهَا وَلاَ يَحْمِلُهَا حَتَّى وَصَلَ إِلَيَّ وَإِلَى أُمَّتِي، فَلاَ يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ هَالِكٌ، وَلاَ يَغْفَلُهُ إِلاَّ تَارِكٌ، وَالْحَذَرُ أَيُّهَا النَّاسُ، وَإِيَّاكُمْ وَالْوَسْوَاسَ الْخَنَّاسَ، وَإِنَّمَا يَبْلُوكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً».

وهذا الحديث ضعيف وإن كان معناه فيه من الصحة, وهذا الحديث أظنه من كلام الصحابي وليس من كلام سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فمن تذوق لغة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يعلم أن هذا الحديث ليس من قوله الشريف, ولكن من قول الصحابي والله تعالى أعلم.

يتبع بمشيئة الله تعالى

حسن قاسم · **مرسل:** السبت أكتوبر 24, 2020 1:04 pm

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(254)

وأما أمانة الأسرار فهي عين الأمانة, والمقصود بالأمانة مخلوق من خلق الله يكون محل نظر الله, ومحل سره, يعقل عنه, يناجيه ويسارره لا عن عوز ولا عن حاجة, فالله هو الغني الحميد, ولكن عن حب, فإذا ما تجلى عليه لا يتدكدك, ولا يزول ولا يحول. أما عن صاحب الأمانة فهو الصادق الأمين, المبعوث في البلد الأمين, المقسوم به في قوله تعالى: ( وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)

(التين 3), فإذا كان فيه لا يقسم الله به: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ)

(البلد 1-2)

فكانت الكعبة كعبة, وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم؛محل صلاة الله وملائكته, والقسم به من أعظم القسم. فأنزل على قلبه القرآن فحمله, وقيل فيه:

(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)
(الشعراء 192-194)

وقيل في الجبل: ( لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
(الحشر 21)

(فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا)
(الأعراف 143)

الاختيار وتحمل الأمانات كان من الأزل, ولما كان صلى الله عليه وآله وسلّم هو عبد الله المؤتمن صاحب الأمانة, أخذ الله على النبيين الميثاق

(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)
(آل عمران 81)

الأمانة هي النور المحمدي, والسر المستودع فيه, ومن هنا كان: «كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد», «وكنت أول النبيين في الخلق», ووراء ذلك, ووراء ذلك, ووراء ذلك, فهو أول خلق الله: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر».

يتبع بمشيئة الله تعالى

موقع د. محمود صبيح

على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )

الموجودون الآن