موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 543 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 16, 17, 18, 19, 20, 21, 22 ... 37  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 01, 2020 9:49 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(270)



وقد كانت الحضارات يرث بعضها بعضاً، فالحضارات لها قيامات كقيامة الإنسان الصغرى والكبرى، كلما زادت العلوم الظاهرة كلما قلت العلوم الباطنة، وخاصة الأسرار والوراثات، هذا يفسر لك قلة الأولياء فى الأزمنة المتأخرة.

مع قرب قيام الساعة وقبيل خروج المهدى ونزول سيدنا عيسى تزيد الأسرار وأهل الأسرار، وأنت خبير أنه يوماً ما سترجع الحياة إلى ما كانت عليه قبل عصر تطور العلوم والصناعة، فأهل الأرض يريدون دمارها بما اخترعوه من أسلحة للدمار والدمار الشامل.

علوم الوراثة لو ورثها أحد تسمى هذه العلوم بالأمانة، قال تعالى: ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)
(الأحزاب 72)، هذه الأمانة تذهب لمن هو أحق بها وأهلها، إما فى علم الظاهر لعمارة الكون أو فى الباطن لأهل الله لإثبات عظمة هذا الدين، ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

(الروم 9)، فلا تتعجب أن يكون الروم عندهم أمانات لعمارة الكون، فقد قال الله تعالى: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

(فصلت 53)، وقال:

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)

(الروم 7) .

وفى الآيتين إشارة إلى أن الروم سيؤتون علماً ( سَنُرِيهِمْ)

، وليس سنريكم، إذاً الأمانة هى ما تؤتمن عليه، وكان الناس قديماً يطلقون على روح الإنسان وجسد الميت "أمانة"، فيقولون فلان سلم أمانته، وكان الناس يعلمون أن بعض الأبناء يرث أباه أو معلمه فى العلوم الباطنة، لذلك كانوا يقولون كلمة تقال حتى الآن لا يعلم الناس سببها وهى جملة "البركة فيك"، كانت تقال من الصالحين لأحد (واحد فقط) من أبناء أو تلاميذ المشايخ، هذه الأمانات والوراثات الكلام فيها كثير.

يتبع بمشيئة الله تعالى



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 01, 2020 1:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(271)


عن الأمانة ورفعها إليك هذا الحديث العظيم الذى يفسر لك - نوعاً ما - الأمانة وكيف ترفع:

قَال حُذَيْفَةُ: حَدَّثنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: «حَدَّثنا أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، وَحَدَّثنا عَنْ رَفْعِهَا، قَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ» .

أمانات الحضارات والأمم والشعوب يبحث عنها بعض مـن يهتمون بما سيكون بمشيئة الله فى الأزمنة القادمة، سواء لحرب الإسلام أو الوقوف مع الدجال أو لمجرد القوة. والمتتبع للبرمجة التى تحدث فى عقول الغرب يفاجأ باهتمامهم بالعلوم الروحانية وذوي القدرات الخاصة والنبوءات والكرامات. أما نحن كمسلمين فنضيع علوماً وأسراراً إنكاراً واستكباراً فى زمن نحتاج فيه لحشد الجهود بما فيها الجهود الروحانية.

معرفة الأقطاب والأوتاد والأبدال ليست فرضاً، لكن حبهم من دين الله فهم من يحبهم الله فهو سمعهم وبصرهم، وبذكر الصالحين تتنزل الرحمات وتتهذب الأخلاق ويزداد التنافس لنيل أعلى الدرجات، أردت أم لم ترد .

روى الإمام مسلم (3/1523) وغيره عن ثوبان قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلّم : «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».
فاللهم اجعلنا من أهل هذه الطائفة ( أحق بها وأهلها ) وحققنا بالعبودية المحضة العبودية الكاملة الدائمة الخالصة، واجعلنا من خاصة خاصة المقربين".انتهى النقل

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 03, 2020 11:18 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(272)



وراثة الأمانات

الأمانات قدرات وأسرار لا يعلمها إلا الله, ورثها الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم , وورثها النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لأهل بيته, ولأصحابه, ولأمته حتى من لم يكن في زمن الصحابة, توريث الأمانات ذكرناه في كتابنا خصوصية وبشرية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في كلامنا عن نقل الأحوال, وفي أدلة الصوفية في المسائل الخلافية, الجزء الخاص بالخليفة والقطب الغوث والوارث المحمدى وصاحب الوقت والأفراد والأوتاد والأبدال وغيرهم من أهل الله.

تبحث الأمم والحضارات وأصحاب الديانات ومراكز الاستخبارات في شعوبهم عن أصحاب الأسرار والقدرات, لاستغلال ذلك في حشد كل القوى المادية والغيبية التى لا تسمح لأحد بأن يقهرها, كما تبحث عن أصحاب الأسرار والقوى في غيرهم, إما للاستفادة منهم أو التخلص منهم, وفي المنتدى الخاص بي وصفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على شبكة الإنترنت مواضيع هامة جداً في هذا الشأن. وأنت عليم ببحثهم المكثف عن رجل يخرج من العرب على يديه رجوع عز العرب والمسلمين مرة أخرى, وهو من نسميه الإمام المهدي.

هذا الباب غير مخصص بآليات نقل الأمانات والأسرار والقدرات, ولا كيف تنزع, ولا معنى السلب والعياذ بالله, ونعوذ بالله من السلب بعد العطاء, لكن نلقي بصيصاً من الضوء, فنقول: الأمانات منها ما هو مستقر, ومنها ما هو مستودع, فالمستقر هو حظك أنت ورزقك وتنزل به قبرك, وأما المستودع فما وضع فيك مؤقتاً وأنت مؤتمن عليه لتسليمه لغيرك أو سينتقل منك إلى أحد من ذريتك
ومن كان على درجة من الدرجات كالأبدال مثلاً فعنده جزء مستقر وجزء مستودع, فأما المستقر فتجلٍ خاص به في البدلية يكون رزقه وحده, وأما المستودع فعند تأديته لواجبه فإنه يسلم الدرجة لأحد من بعده, كما استلمها.

الانتقال من درجة لدرجة يحتاج وراثة, فالنظام أشد من الكواكب السيارة حول شموسها, فعدد الأوتاد ثابت, ومراكز الأبدال لا تكون إلا بعد أن يموت أحدهم, فيصعد آخر إلى مركزه.
كلما مات أحد منهم أبدل الله مكانه ... ( راجع كتاب أدلة الصوفية)

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 03, 2020 11:20 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(273)


الانتقال من مرحلة إلى مرحلة يقتضي أمانة ووراثة ... كما يقال في الأعمال الدنيوية: درجة شاغرة, أي خلت من صاحبها بموت أو سلب والعياذ بالله (عقوبة أو حكم), فليس هناك فوضى ولا عبث, ولا شيء على غير مراد الله, فإن فهمت ما جاء عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ».

أن معنى ذلك لا إيمان كامل لمن لا يؤدي الأمانات إلى أهلها, وليس نفي أصل الإيمان, قلنا لك: قولك حق وصدق وصحيح مائة في المائة, وإن فهمت أن الإنسان لا يرتقي من الإسلام إلى الإيمان, ومن الإيمان إلى الإحسان, ومن الإحسان إلى ما هو فوقه إلا بشرط.

والشرط هو أن تكون له أمانة لا بد أن يستلمها (يرثها) حتى يصل إلى هذه الدرجة, قلنا: الحمد لله, ابتدأت الفهم الذي لا يتوفر لمن كان في مراحل الإسلام ولم يتعدها, وهو ما عبرنا عنه في جزئية الإحسان بالعقل, أي تعقل عن الله.

هذا الكلام لا يتفهمه أي أحد, أو قد يكون جديداً على أكثر الناس, لكنه حقيقة معروفة عند العلماء بالله والعارفين, المأذون لهم بالتسليك والتربية وما فوق ذلك, وكذلك من عندهم قدرات على التوريث وأهل العطاء من أصحاب المقامات العلا, وكان أهل الله القدامى يديمون النظر في المريد, لا لشيء غير أنه ينظر إلى النور المحمدي في المريد, فيظهرهذا النور بعد ما كان خافياً مستتراً,

لا يدري به صاحبه, فيخرجه من باطن إلى ظاهر, ومن غيب إلى شهادة, فيتغذى المريد من نورانية شيخه, ومن نورانية ذاته التي كانت بمثابة الذهب تحت طبقات الأرض, الذهب تحت التراب,

وكان المشايخ يقولون: نحن كالحيات, نربي أولادنا بالنظر. ومقصودهم الحية فيها السم والترياق, فيتعلم من له نصيب العِلمين, وكانوا يعلمون الناس الفناء في المؤتمنين من أهل الله, فمن فنى فيهم فنى في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فانٍ في الله, باقٍ به, قالوا: ولا بد للسالك العابد من مصاحبة العارف الرباني حتى تتحد الذاتان في عين المعصوم صلى الله عليه وآله وسلّم


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 03, 2020 11:22 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(274)



عند درجات الإسلام يتوقف دور فقهاء الظاهر, ويظهر دور فقهاء الباطن, وهم أشد تمسكاً بالشريعة والحقيقة على غير ما يروج له المحرومون وأصحاب الغيرة السيئة. فقيه الظاهر لا يستطيع السير والتسليك أكثر من أول درجات الإسلام, وحتى الإسلام نفسه فقد ضاع كثير من فقهاء الظاهر لما جهلوا حكم الوقت واتبعوا أصحاب الأفكار الهدامة والمذاهب غير السوية.


الفكر الهدام - المشار إليه في كتابنا: حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمون والشيعة وبني أمية الجدد ( المتمسلفة) - استطاع اختراق الكثير, سواء في الأزهر الشريف, أو الصوفية نفسها, بل وللأسف بعض المنسوبين لأهل البيت.


الأمانة والوراثة أحد الأسرار العالية جداً, لا يعلمها المتشدقون بالكلام والمنادون بتنقية التصوف وهم مخترقون من أصحاب الأفكار الهدامة, متسترون بأنهم يريدون الدين الصافي, فهل سمعت عن أهل ديانة غير الإسلام يقولون تنقية الدين! ثم في الدين الإسلامي نفسه, هل سمعت عن متمسلفة يقولون تنقية التراث السلفي, أو الشيعة، أو الإخوان الذين يقولون اللهم أمتنا على الإخوان!


لا أحد يتجرأ إلا على الصوفية, والكلام يطول, لكن قسماً بالله العلي العظيم لم أجد أحداً يقول بتنقية التصوف إلا وجدت أنه إما مخترق من التيارات المشار إليها سابقاً أو فرد مستتر من تيارات اخترقت الصوفية, وإن وصل إلى أعلى الدرجات في الأزهر أو غيره, والأيام بيننا, فبفضل الله العلي العظيم ما من شيء كتبناه في أي كتاب لنا منذ كتاب أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته وحتى الآن وما ذكرناه في منتدانا بعد أحداث صفر الموافق شهر يناير 2011 م, إلا وقد ظهر صدقه ومصداقه, حتى في الأمور الغيبية, والحمد لله صاحب الفضل والمنة, ونقول كما قال الشاعر:

لا يكتم السر إلا كل ذي خطر ...
والسر عند كرام الناس مكتوم
والسر عندي في بيت له غلق...
قد ضاع مفتاحه والباب مختوم



يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 04, 2020 5:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(275)



عوداً على بدء الأمانات شيء عظيم في يد النبي صلى الله عليه وآله يورثها بإذن الله من يشاء ألا ترى إلى ما جاء في آخر حديث الشفاعة والذي سبق أن قدمناه في باب الموازاة، وقول سيدنا إبراهيم: "إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ", قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «...فَيَقُولُ عِيسَى صلى الله عليه وآله وسلّم : لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وآله وسلّم ، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ (مَعَهُ) الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ" قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ: "أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا"، قَالَ: «وَفِي حَافَتَيِ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنِ اُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ» وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا».

ركز في: « فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وآله وسلّم ، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ (مَعَهُ) الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ»

وَتُرْسَلُ (مَعَهُ) الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ

وَتُرْسَلُ (مَعَهُ) الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ

وَتُرْسَلُ (مَعَهُ) الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ

ترسل معه وحده صلى الله عليه وآله وسلّم :

الْأَمَانَةُ

وَالرَّحِمُ

وسنشرح المراد بالرحم إن شاء الله. وكذلك ما ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

( وَالْفَجْرِ)

(الفجر 1)

قَالَ: "قَسَمُ

( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)

(الفجر 14) مُرُورُ الصِّرَاطِ ثَلَاثَةُ جُسُورٍ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَةُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّحِمُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ".

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 04, 2020 5:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(276)



إذا علمت ما شرحناه في حديث حذيفة وأبي هريرة علمت مغزى ما جاء عن أنس قال: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم : «أَوَّلُ مَا تَفقِدُونَ مِن دِينِكُمُ الأَمانَة» وفي رواية «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُهُ الصَّلَاةُ». وما جاء عن عبد الله بن مسعود, قال: «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْهُ الصَّلاَةُ، وَسَيُصَلِّي قَوْمٌ وَلاَ دَيْنَ لَهُمْ، وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ كَأَنَّهُ قَدْ نُزِعَ مِنْكُمْ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ يَا عَبْـدَ اللهِ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا؟ قَالَ: يُسْرَى عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ فَتُرْفَعُ الْمَصَاحِفُ وَيُنْزَعُ مَا فِي الْقُلُوبِ، ثُمَّ تَلاَ: ( وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)
(الإسراء 86) إِلَى آخِرِ الآيَةِ».

وقوله من قبيل المرفوع للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ؛ إذ لا يقال مثله من قبل الرأي.

فكانت الأمانة هي عين وجود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , والذي غاب عن نظر الناس, لكن لم يغب عن أهل الله.

الأمانات والبرزخ

يتبقي جزء في توضيح معني الوراثة والأمانة وهو الحديث التالي:

قَالَ حُذَيْفَةُ: «حَدَّثنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثنا أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، وَحَدَّثنا عَنْ رَفْعِهَا، قَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ، فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا».

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: "قال صاحب التحرير: معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئاً فشيئاً فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة وهذه الظلمة فوق التي قبلها، ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط".


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 04, 2020 5:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(278)



بسم الله الرحمن الرحيم

الحضرة والعوالم والبرازخ

معنى الحضرة:

1 ـ من الحضور الذي هو ضد المغيب والغيبة.

2 ـ قرب الشيء.

قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ» وفي حديث فضل تبكير الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «... فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». وقوله تعالى: ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ)

(الأعراف 163) أَى قُرْبه.

وقوله تعالى: ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)

(المؤمنون 97-98) أي أعوذ بك من أن يحضرني الجن, وأعوذ بك أن يصيبوني بسوء.

قال العلامة مرتضى الزبيدي: "والحُضُورُ: ضِدُّ المَغِيب والغِيْبَةِ.

وفي اللسان: قال اللَّيْثُ: يقال: حَضَرَتِ الصّلاةُ، وأَهْلُ المَدِينَة يقولون: حَضِرَتْ، قال الجَوْهَرِيّ: حَضْرَةُ الرَّجلِ: قُرْبُه وفِنَاؤُه. وفي حديث عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيّ: «كُنّا بحَضْرةِ ماءٍ» أَي عنده. وكلَّمْتُه بحَضْرةِ فُلانٍ، وبمَحْضَرٍ منه، أَي بمَشْهَد منه.

قال شيخُنا: وأَصْل الحَضْرَة مَصْدَرٌ بمعنى الحُضُور، كما صَرَّحوا به، ثمّ تَجَوَّزوا به تَجَوُّزاً مَشْهُوراً عن مَكَانِ الحُضُور نَفْسِه، ويُطْلَق على كُلِّ كَبِيرٍ يَحْضُر عنده النَّاسُ، كقَولِ الكُتَّابِ أَهْلِ التَّرسُّل والإِنشاءِ:

الحَضْرةُ العَالِيَةُ تَأْمُر بكَذَا، والمَقَامُ ونَحْوُه.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 04, 2020 8:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(279)



وفي التّهْذِيب: الحَضْرَة: قُرْبُ الشَّيْءِ. تقول: كُنْتُ بحَضْرةِ الدّارِ.

والحَاضرةُ: خِلَافُ البَادِيَة والبَدَاوَة والبَدْوِ.

والحاضِرَة والحَضْرَةُ والحَضَرُ، هي المُدُنُ والقُرَى والرِّيفُ، سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّ أَهلَها حَضَروا الأَمْصَارَ ومَسَاكِنَ الدِّيَارِ الّتي يَكُونُ لهم بِها قَرَارٌ". انتهى باختصار.

وبالإضافة إلى ما سبق جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة:

"حضَرتِ الصَّلاةُ: حلَّ وقتُها, وحضَر الوقتُ: أزِف، حان، وافى.

حضر: خطر بباله "حضره ذلك الحادث الذي رآه بعينه".

حضَر عن فلان: قام مقامَه في الحضور.

حَضْرَة:

مكان الحضور "جلست بحضرة شيخي/ أستاذي: بالمكان الذي هو حاضر فيه".

وليمة، طعام المأدبة "صنع حضرةً بمناسبة شفاء ابنه". انتهى باختصار .

الصلاة لها أدب وحضرة, الطعام له أدب وحضرة, والسلطان له أدب وحضرة, فتقول: حضرة السلطان, والأب والأم لهما حضرة, فيقول الأبناء للآباء والأمهات: حضرتك.

أفلا يكون للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم حضرة؟!!

فما المقصود بالحضرة الإلهية ـ الحضرة المحمدية ـ حضرة الإنسان

الحضرة الإلهية:

قالوا: كل شأن إلهي مع المخلوقين فهو حضرة, فكل اسم أو صفة أو فعل إلهي فهو حضرة

والحضرات الأسمائية من ثلاثة أسماء لله: " الله, الرحمن, الرب

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 05, 2020 5:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(280)



ومـن غبـاء المتنطعين, أو قل مـن العمى والحُجُب التي ابتلوا بها ظنهم أن قول الإمام الغزالي: "إن حضرة الربوبية هي عالم الملكوت" معناه أن الإمام الغزالي يقصد بحضرة الربوبية أن ذات الرب معناها الملكوت الذي هو الكون نفسه!!

يظنون أن مقصد الإمام الغزالي أن الكون أو الملكوت هو ذات الله!!

عافانا الله وإياكم من غباء منقطع النظير.

المقصود من كلام الإمام الغزالي أن الله تجلى باسمه الرب على كل ما في الملكوت, فهو ربه المدبر لأمره, فهو رب كل شيء ومليكه.

والحضرات إما باسم: (الله أو الرحمن أو الرب).

وأما بقية الأسماء فمندرجة تحت الثلاثة أسماء ( الله, الرحمن, الرب) سواء كانت أسماء أو صفات جلال أم جمال أم كمال.

و قد تلقى جمهور الأمة كتب وكلمات الإمام الغزالي كابراً عن كابر بالقبول, ومن لم يقبلها فما رماه بحلول أو اتحاد أو كفر والعياذ بالله, إلا ما كان من الخوارج القدامى والجدد.

الحضرة المحمدية:

لا نقصد بالحضرة المحمدية الوجود المحمدي بين يدي الله عز وجل, فهذا لا سبيل لمعرفته إلا بتعريف من الحضرة الشريفة نفسها لمن تريد, ومقصودنا بالحضرة المحمدية في هذا الكتاب أمران:

الأمر الأول: حظ المسلم والمؤمن والمحسن والأبرار والصادقين والصديقين من الحضرة المحمدية, أي كيف يدخل الناس إلى الحضرة المحمدية, ولماذا يُمنع من يُمنع والعياذ بالله.

الأمر الثاني: كيف نتعلم من سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم معنى الحضرات والبرازخ, فنتقرب أكثر إلى حضرته الشريفة, مع ضرب الأمثلة في ذلك, وإن كان ضرب الأمثلة سيكون بمشيئة الله أكثر في كتابنا عن السيرة: سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في الزمان والمكان, وقد قطعنا فيه شوطاً طيباً بحمد الله.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 05, 2020 7:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(281)



الحضرة الإنسانية للدخول في الحضرة الإلهية أو الحضرة المحمدية:

والحضرة الإنسانية للدخول في الحضرة الإلهية معناها حضور قلبك, وشهود نفسك بين يدي الله عز وجـل, مع وجـود الحجب, والحجب تحجبك أنت, لا تحجب الله, فمعاذ الله أن يحجبه شيء.

والحضرة استشعار علمك بأن الله ناظر إليك, عالم بسرك ونجواك, وتسمى حينئذ: المراقبة وهي بدايات مقام الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه»

بالإخلاص والصدق تصل إلى المشاهدة بالقلب والفؤاد والسر أو ما خفى من السر أو أخفى من ذلك ( وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)

(طه 7)

وفيها حضرات منها: المشاهدة, والمكالمة, والسماع.

ومنها: الحضرات المشار إليها في جزئية الفناء والبقاء, والتجلي الإلهي على العبد بصفات الجمال أو الجلال أو الكمال على حسب القسمة.

قال الإمام الرازي: "واعلم أن درجات الحضور مختلفة بالقرب والبعد, وكمال التَّجَلِّي وَنُقْصَانِهِ, وكل درجة ناقصة من درجات الحضور فهي غيبة بالنسبة إلى الدرجة الكاملة, ولما كانت درجات الحضور غير متناهية كانت مراتب الكمالات والنقصانات غير متناهية, فكانت درجات الحضور والغيبة غير متناهية, فكل من صدق عليه أنه حاضر فباعتبار آخر يصدق عليه أنه غائب, وبالعكس وعن هذا قال الشاعر:

أيا غَائِبًا حَاضِرًا فِي الْفُؤَادِ ... سَلَامٌ عَلَى الْغَائِبِ الْحَاضِرِ

ويحكى أن الشبلي لما قربت وفاته قال بعض الحاضرين: قل لا إله إلا الله. فقال:

كُلُّ بَيْتٍ أَنْتَ حَاضِرُهُ ...
غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى السَّرْجِ
وَجْهُكَ الْمَأْمُولُ حُجَّتُنَا ...
يَوْمَ تأتي الناس بالحجج" .



يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 05, 2020 7:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(282)



والحضرات منها:

ما هو في عالم الملك ( الشهادة).

ومنها ما هو في عالم الملكوت (الغيب).

ومنها ما هو في عالم الجبروت (البرزخ) وهو ظهور المعاني التي هي من عالم الملكوت في صورة من صور المحسوسات التي هي من عالم الملك.

فعن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، قَالُوا:
فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: العِلْمَ».

فاللبن من عالم الملك (الشهادة, لأنك تراه وتشربه وتلمسه وتدركه بحواسك, وتستلذ به جثمانيتك)، والعلم من عالم الملكوت (الغيب) والرؤية كانت برزخية (النوم والموت من البرزخ), والعوالم الوسيطة بين الملك والملكوت عوالم برزخية, كعالم الخيال وعالم المثال, وعالم المثال يسمونه أحياناً الملكوت السفلي حيث تتجسد فيه الملائكة على غير شكلها الحقيقي كما حدث من سيدنا جبريل مع السيدة مريم العذراء. أما الملكوت العلوي فمثاله ما رآه سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في ليلة الإسراء والمعراج, كالبيت المعمور والسدرة والشجرة التي تخرج من أصل الجحيم.

أما الدخول إلى الحضرة فممتنع إلا إذا دخلت مع أحد من أهـل الله, ولا بد. كما قال سيدنا عيسى عليه السلام: "لن يلج ملكوت السماوات والأرض من لم يولد مرتين". والمرة الأولى ولادته من الأب والأم الترابيين, وولادته الثانية ولادة روحانية نورانية من تربية أحد الشيوخ الموصولين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , والمأذون لهم بالتربية.

لذلك قالوا: إن من اعترض على شيخه فقد عقه عقوقاً أكبر من عقوق أبيه وأمه, لأن الشيخ سبب ولادته في عالم الأرواح ووالديه سبب ولادته في عالم الأشباح كما قال السهروردي في عوارف المعارف(1/ 72- 73): "وبما هيأ الله تعالى من حسن التأليف بين الصاحب والمصحوب يصير المريد جزء الشيخ، كما أن الولد جزء الوالد في الولادة الطبيعية، وتصير هذه الولادة آنفاً ولادة معنوية، كما ورد عن عيسى صلوات الله عليه "لَنْ يَلِجَ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ مَنْ لَمْ يُولَدْ مَرَّتَيْنِ".

فبالولادة الأولى يصير له ارتباط بعالم الملك، وبهذه الولادة يصير له ارتباط بالملكوت".

انتهى

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 05, 2020 7:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(283)



واعلم عبد الله أنه لا يدخل أحد لحضرة إلا على يد عبد من عباده ولو حوت من الحيتان كما كان في قصة سيدنا موسى والخضر.

ومن لا شيخ له, فشيخه الشيطان, ألا ترى إلى ارتباط الكواكب بالشموس, وارتباط الشموس بمجراتها! نظام لا مثيل له, ولولا النظام لكان الفناء العظيم.

فالولاية لها نظام ودوائر, لا يدخل فيهم أحد غصباً, ولا يدخل إلا أصحاب الأمانات والوراثات والأسرار.

أما أهل الحضرة:

فهم أهل الأدب الجم, المتطهرون, الصامتون, المؤتمنون... وضع ما تشاء من آداب وصفات حميدة. قال الإمام القشيري: "والصمت من آداب الحضرة قَالَ اللَّه تَعَالَى:

(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

(الأعراف 204) وَقَالَ تَعَالَى مخبراً عَنِ الجن بحضرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم : ( فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ)

(الأحقاف 29)

وقال: سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ (الدقاق) يَقُول:

ترك الأدب موجب يوجب الطرد

فمن أساء الأدب عَلَى البساط رد إِلَى الباب

ومن أساء الأدب عَلَى الباب رد إِلَى سياسة الدواب

وقال: ولما دَخَلَ أَبُو حفص بغداد قَالَ لَهُ الجنيد لَقَدْ أدبت أَصْحَابك أدب السلاطين فَقَالَ أَبُو حفص: حسن الأدب فِي الظاهر عنوان حسن الأدب فِي الباطن. وقال: سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا النصر الطوسي السراج يَقُول: النَّاس فِي الأدب عَلَى ثَلاث طبقات أما أهل الدنيا فأكثر آدابهم فِي الفصاحة, والبلاغة, وحفظ العلوم, وأسماء الملوك, وأشعار العرب.

وَأَمَّا أهل الدين فأكثر آدابهم فِي رياضة النفوس, وتأديب الجوارح, وحفظ الحدود, وترك الشهوات.

وَأَمَّا أهل الخصوصية فأكثر آدابهم فِي طهارة القلوب ومراعاة الأسرار والوفاء بالعهود وحفظ الوقت وقلة الالتفات إِلَى الخواطر وحسن الأدب فِي مواقف الطلب وأوقات الحضور ومقامات القرب.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 06, 2020 1:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(284)



وَقَالَ ذو النون المصري: إِذَا خرج المريد عَنِ استعمال الأدب فَإِنَّهُ يرجع من حيث جاء.

سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ يَقُول فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: (وأيُّوبَ إذْ نادَى ربَّه أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ )

(الأنبياء 83) قَالَ: لَمْ يقل: ارحمني؛ لأنه حفظ آداب الْخِطاب، وَكَذَلِكَ عيسى عَلَيْهِ السَّلام حيث قَالَ: ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ)

(المائدة118) وَقَالَ:

( إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)

(المائدة 116) وَلَمْ يقل لَمْ أقل؛ رعاية لآداب الحضرة".

وقال العلامة المناوي: "ألا ترى إلى خبر أحمد عن جابر «كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فارتفعت ريح منتنة، فقال: أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين ». وأخذ منه جمع صوفية أنه يتعين على مريد نحو صلاة أو ذكر أن يطهر الظاهر والباطن, لئلا يؤذي أحداً من أهل الحضرة الإلهية من أنبياء وملائكة وأولياء بنتن ريحه المتولد من الذنوب سيما الفم إذا نطق بما لا يحل، فإن أهل الحضرة لرقة حجابهم وطهارة بواطنهم يشمون رائحة المخالفات؛ ولهذا قال مالك بن دينار: والله لو كان الناس يشمون روائح المعاصي كما أشمها ما استطاع أن يجالسني أحد من نتن ريحي".

والحديث المشار إليه من العلامة المناوي هو ما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَارْتَفَعَتْ رِيحٌ خَبِيثَةٌ مُنْتِنَةٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم : «أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ؟ هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُؤْمِنِينَ».

ومن صفات أهل الحضرة ترك الإنكار على ما لم يحيطوا بعلمه مـن تصرفات أهـل الله.

قال العلامة ابن عجيبة في إيقاظ الهمم شرح متن الحكم (ص: 36): "قال شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه في كتابه: من عرف أهل حقائق الظاهر ولم ينكر عليهم شيئاً من أحوالهم يظفر بما في أيديهم, ولا يُمنع خيرهم قطعاً, ومن عرف أهل حقائق الباطن ولم ينكر عليهم شيئاً من أحوالهم, يظفر بما في أيديهم على كل حال".

آداب أهل الحضرة لا تتناهى, فلننظر في الغرض من الكتاب بإذن الله.

يتبع بمشيئة الله تعالى



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 06, 2020 1:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(285)


العوالم

اعلم أيدنا الله وإياكم بمدد رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم الذي بعثه الله للعالمين رحمة وكرامة ومدداً وفيضاً, أن العوالم المذكورة في قوله تعالى: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (الفاتحة 2), لا تنحصر في ما يعرفه ابن آدم, فالمخلوقات منها أمم معروفة وأمم غير معروفة, والعوالم كذلك, فمن العوالم: عالم الخلق، عالم الأمر, عالم الملك, عالم الملكوت, عالم الجبروت, عالم البرزخ, عالم الغيب, عالم الشهادة, عالم الأرواح, عالم الصور, عالم الذر, عالم المثال ..... عوالم كثيرة قد يندرج بعضها تحت بعض, كاندراج عالم الشهادة تحت عالم الملك, وعالم الغيب تحت عالم الملكوت, وعالم الخيال وعالم البرزخ تحت عالم الجبروت عند بعض القوم.

عالم الملك:

عالم الملك: هو ظاهر الكون وما ما ظهر منه, وتدركه الحواس الخمس وخاصة البصر, وهو عالم الشهادة, حيث الأجسام والمحسوسات والمدركات. المُلك تراه بنفسك, قال تعالى: ( الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)

(المؤمنون 78) وعالم الملك هو ظاهر عالم الملكوت, وكما تكون الترقية من مقامات الإسلام إلى مقامات الإيمان بالسلوك والتربية والنظرة والمدد يكون الترقي والارتقاء من عالم الملك إلى عالم الملكوت.

عالم الملكوت:

عالم الملكوت لغة هو مبالغة من عالم الملك, فزيدت الواو والتاء فقيل ملكوت, وهو الملك المقترن بالتصرف في مختلف الأنواع والعوالم, وهو الملك العظيم والسلطان القاهر. إلا أن فيه أمراً زائداً عن معنى الملك, فعالم الملكوت هو باطن الكون وهو عالم الغيب, وعالم المعاني, ولا يدرك بالحواس الخمس, ولا يدرك بالبصر وإنما يدرك بالبصائر, وكما مر فإن عالم الملك يدرك بالبصر, أما عالم الملكوت فليس بيدك, والدليل على ذلك قوله تعالى: ( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام 75), فلا بد من إراءة من الله عز وجل:( نُرِي)

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 543 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 16, 17, 18, 19, 20, 21, 22 ... 37  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 10 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط