موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 543 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 11, 12, 13, 14, 15, 16, 17 ... 37  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 22, 2020 11:47 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(195)



نور الذات:

خُلق النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من نور كما أسلفنا من قبل, ولم يخلق من البشر أحد من النور غيره , وخلقت الملائكة من نور أيضاً , لكن شتان بين النورين , بين من خُلق نوراً لحب الله فيه, ومن خُلق من نور للخدمة.

نور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تحدثنا عنه في النور المحمدي, وتحدثنا أن نور الأنبياء كالسرج ( كـ: السُرُج ) وليس ( سُرُجاً) أما سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فوصفه ربـه بأنـه ( وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)

(الأحزاب 46), والسراج منير بذاته كالشمس, فإن كانت الشمس كلها نوراً بذاتها وسلمت بذلك, ورفضت كون نبيك نوراً (سراجاً) فأنت وشأنك، أَوَ أملك لك أن نزع الله البصيرة من قلبك فأعماك وأعمى فؤادك؟ فإن قلت كيف يكون منيراً بذاته كالشمس ولا يحترق البدن؟ قلنا لك:سبحان القادر على كل شيء, سبحان من جعل نور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مستوراً, ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ)

(النور 35) قال خَالِدُ بْنُ مَعْدَان (*) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَكًا نِصْفُهُ مِنْ نُورٍ، وَنِصْفُهُ مِنْ ثَلْجٍ، يُسَبِّحُ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ يَا مُؤَلِّفَ الثَّلْجِ إِلَى النُّورِ، وَلَا يُطْفِئُ النُّورُ بَرْدَ الثَّلْجِ، وَلَا بَرْدُ الثَّلْجِ حَرَّ النُّورِ، أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ».

وقد روته عبدة بنت خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: «إِنَّ فِي السَّمَاءِ مَلَكًا نِصْفُهُ نُورٌ وَنِصْفُهُ ثَلْجٌ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ كَمَا أَلَّفْتَ بَيْنَ هَذَا النُّورِ وَهَذَا الثَّلْجِ، فَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ لَهُ تَسْبِيحٌ غَيْرُهُ»، وقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْحَضْرَمِيُّ (*):«إِنَّ لِلَّهِ مَلَكًا اسْمُهُ رُوبِيلُ نِصْفُهُ ثَلْجٌ وَنِصْفُهُ نُورٌ، صَلَاتُهُ يَقُولُ: اللهُمَّ كَمَا أَلَّفْتَ بَيْنَ هَذَا النُّورِ وَبَيْنَ هَذَا الثَّلْجِ فَلَا الثَّلْجُ يُطْفِئُ النُّورَ وَلَا النُّورُ يُطْفِئُ الثَّلْجَ فَأَلِّفْ بَيْنَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ وُكِّلَ بِالصِّيَامِ».

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي»

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ»

(وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (النور 40)

يتبع بمشيئة الله تعالى



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 22, 2020 11:52 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(196)



كما مثلنا الإسلام والإيمان والإحسان بمثلين: البيت العظيم, ومثل الدوائر, نضرب الآن مثلاً لنور المسلم والمؤمن والمحسن وقدرات كل أصحاب درجة بمثلين, مثل تعليمي ومثل الكواكب
فنقول:

المثل التعليمي: المراحل التعليمية في عصورنا هذه تشمل:

المرحلة الأولى الأساسية:

أ ـ مراحل ما قبل الابتدائية والمرحلة الابتدائية

ب ـ الإعدادية

المرحلة الثانية: مرحلة الثانوية العامة ( أو البكالوريا) أو ما يعادلها

ج ـ الثانوية أو ما يعادلها

فعدد جميع المراحل الإلزامية السابقة 12 (اثنتا عشرة) سنة ( في المدارس العادية أو الدولية)

المرحلة الثالثة وتشمل:

مرحلة الكليات والمعاهد وتتراوح بين 2ـ5 للمعاهد وبين 4ـ7 سنين للكليات

المرحلة الرابعة:

طلبة الدراسات العليا وتشمل:

الدبلوم ـ ماجستير ـ دكتوراه.

كل مرحلة من المرحلتين الأولى والثانية ( ابتدائي وما قبله ـ إعدادي ـ ثانوي) لها زي معين, بل قد يكون لكل سنة زي معين.

الفروق بين كل سنة وسنة في المرحلة الواحدة قريبة, لكن شتان ما بين مرحلة وأخرى.

تخيل أن الإسلام هو المرحلة الابتدائية وما قبلها ... والإيمان هو المرحلة الإعدادية, والإحسان هو المرحلة الثانوية.

واضع المناهج واحد وقد ائتمن واحداً لإدارة المدرسة وأعطاه صلاحيات شبه مطلقة, إن لم تكن مطلقة.

اجعل هذا المثال في ذهنك, لتفهم مقامات الإسلام والإيمان والإحسان، وسنضرب به المثل في عالم الملك والملكوت والجبروت, وسنضرب به المثل في البرازخ (ما بين مرحلتين) وسنضرب به المثل في خصوصيات الواحد الأحد وخصوصيات المؤتمن على المدرسة, كل ذلك بمشيئة الله عز وجل, على قدر ما يتسنى.

ولا تنس أن عقلية وقدرات وفهم الطلاب والمناهج الموضوعة لتدريسها لهم تختلف على حسب نمو الطلاب.

ولا تنس اختلاف درجات المدرسين ومدى السماح لهم بمعرفة أمور صاحب المدرسة, والمؤتمن عليها, وأمور المدرسة والطلبة بل معرفة بعضهم البعض.

ولا تنس طريقة التعليم وأنواعه من شفوي وتحريري ونظري وعملي وتحريري وتطبيقي ولا تنس أنواع العلوم التي تُدرس وكثافة المادة المدرسة.


هذا هو المثل التعليمي.


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 22, 2020 2:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114




#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(197)


التمثيل بالكواكب:

حتى تتخيل الإسلام والإيمان والإحسان والقوى الموضوعة في المسلم والمؤمن والمحسن تخيل أن هناك عدة كواكب أحدها وهو أقربها يسمى " كوكب الإسلام", وآخر أعلى منه واسمه "كوكب الإيمان", وآخر أعلى وأعلى واسمه "كوكب الإحسان" ... وهكذا

على كل كوكب سكان

وكل كوكب مختلف في طبيعة ساكنيه .. وقدراتهم

خلقهم الله هكذا

فسكان كوكب الإيمان أقوى وأعلى من سكان كوكب الإسلام من جميع الأوجه ....

فإذا ما ذهب واحد من كوكب الإيمان إلى كوكب الإسلام بهرهم بما عنده ومـا حبـاه الله من نعم وقدرة وعقل ورؤية

فإذا ما جاء أهلَ كوكب الإسلام أحدٌ من كوكب الإحسان, ما ازدادوا له إلا تعظيماً ...وأذعنوا له بالخضوع أكثر مما خضعوا لمن جاءهم من كوكب الإيمان

هذا هو حال العقلاء من أهل كوكب الإسلام.

أما المجانين فيتهمونهم بشتى التهم, فالكوكب الذي فيه الإسلام فيه أنواع عديدة

من السكان, منهم العقلاء ومنهم قوم يشبهون القرود والخنازير والكلاب ...... منهم الخوارج ...

من السهل جداً لسكان الكواكب الأعلى توقيف قدراتك, وسلبك منها, سكان كل كوكب يعرفون بعضهم بعضاً, كما يعلم الإنس شكل الإنس, وكما يعلم الجن شكل الجن. سكان كل كوكب لهم زيهم وقدراتهم وإن اختلفوا بينهم لكن التميز واضح بين سكان كل كوكب والكواكب الأخرى.

مثل الكواكب التمسناه مما جاء عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُقِ، مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ: بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ، وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ».

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 25, 2020 4:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(198)


وعن بعض تفاوت القدرات حسب الكواكب نسوق مثلين:

روى البزار عن الحارث بن عميرة : «انْطَلَقَ الْحَارِثُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى سَلْمَانَ بِالْمَدَائِنِ فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ: مَكَانَكَ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ، قَالَ الْحَارِثُ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ تَعْرِفُنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَلَى، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَكَ إِنَّ الْأَرْوَاحَ عِنْدَ اللَّهِ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا فِي غَيْرِ اللَّهِ اخْتَلَفَ».

عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِمٌ، أَدَمُ، شَدِيدُ الْأَدَمَةِ، أَشْعَرُ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ, يَعْنِي لَيْسَ لَهُ جُمَّةٌ, كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ، وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ، بِغَيْرِ حِذَاءٍ، كَبِيرُ الْوَجْهِ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ؟ فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، وَقَالَ: وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ، وَرِقَّتِي لَهُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ فَرَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، حِينَ سَمَّانِي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُهُ قَطُّ، وَلَا رَآنِي، ثُمَّ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي، وَعَرَفْتَ اسْمِي، وَاسْمَ أَبِي، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ، إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَحَدَّثُونَ بِرُوحِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا وَيَتَعَارَفُوا، وَإِنْ نَأْتِ بِهُمُ الدِّيَارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهُمُ الْمَنَازِلُ».

يتبع بمشيئة الله تعالى



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 25, 2020 4:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(199)



الرؤية الجديدة والإيمان الجديد مفتاح لبداية تذوق الأحوال وبداية وجود المقامات

والحال يزول ويرتحل, والمقام أثبت.

فقد علمنا من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أن الإيمان له طعم يتذوق, وله حلاوة بشروط خاصة أشد.

والفرق بين طعم الإيمان وحلاوة الإيمان عظيم....

الذوق: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا».

والذوق يكون من طرف اللسان, فإذا قوي الرضا, طمع المتذوق في الاغتراف والأكل وليس في التذوق فقط, فإذا زاد وزاد زاد الإيمان, فإذا زاد الإيمان زاد الحب, حتى يكون الله ورسوله أحب للمؤمن مما سواهما, عندها يجد المؤمن حلاوة الإيمان التي ما بعدها حلاوة.

الرضا له حال التذوق, التذوق لطعم الإيمان, وتجد حلاوة الإيمان نفسه بكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما, فهذا تذوق, وهذا وجود.

فعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».

لا تنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال في هذا الحديث: «مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» ... قال «مِمَّا سِوَاهُمَا» وجمع بيه وبين الله, بالتثنية (مثنى), ولم يقبل ذلك ممن قال: "مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا، فَقَدْ غَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

فلكل مقام مقال, والحاضرون كان فيهم من هو في المقامات العلا من الصديقية ومنهم من كان من الأعراب أو المنافقين, فجملة: «أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» تقال في حضرة المؤمنين الخُلص, فهم أثبت إيماناً وأبعد عن نقاشات الخوارج, ومن كان في دينه ضعيفاً أويخشى عليه من الشرك, فيقال لهم: " بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ". وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال لمن قال:" ومن يعصهما فقد غوى" ما معناه: "ليس لك هذه الرتبة", ما أنت بالذي يحدد ما يكون وإن كان حقاً.

فلو قال لك إنسان لا تعرفه: قل: لا إله إلا الله, فقل أقول لا إله إلا الله وأكمل في نفسك من داخلك: "لا لقولك ولكن لقول الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم قال ", فلا تدري فلعل الدجال أو الشيطان في صورة بشرية يقولان قل ذلك ويقصد الدجال نفسه.

سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم راعى حالة كل واحد.

ذاق طعم الإيمان, ووجد حلاوة الإيمان من الرضا ومن الحب وكلاهما عمل قلبي وليس بالجوارح. فالإيمان عمل القلب, عمل الباطن.


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 25, 2020 4:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(200)



جهاد النفس والهوى:

عن عبد الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و آله وسلم : «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» وعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

في هذين الحديثين ترويض لنفس المؤمن, وإخضاعها لأفعال وأقوال وكل ما جاء به سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فلا تجد غضاضة في اتباعه, ثم تتغير وتتغير حتى لا يكون لك هوى ولا غرض ولا حب ولا كره ولا اتجاه ولا فهم إلا ويكون نابعاً مما جاء به حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم .

في هذين الحديثين أيضاً عرض لمن أراد أن يكون من المؤمنين (كدرجة), هذا العرض يكمن في ترك الأنانية, والأنانية حب النفس لذاتها, فلا ترى إلا نفسها, بل تتعدى وتتمنى التلف للغير في أي منافسة فتسول النفس لصاحبها القتل والموبقات, لإزاحة المنافس, ما دامت النفس هكذا فلا إيمان صادق صافي, فمن أراد الإيمان الصادق الصافي فليحب لأخيه ما يحب لنفسه.

وفي المراحل الأعلى تنتقل من : « هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ » إلى " حب ذات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ", وليس لكونه بلغ رسالة لك وللأمة الإسلامية المحمدية.

قبل الكلام عن حب الذات المحمدية نلقي نظرة سريعة جداً عن الروح والنفس, فلهما في تحديد إيمانك جولات وجولات.

الروح والنفس:

من العلماء من قال إن النفس غير الروح, ومنهم من قال بل هي الروح, ومنهم من قال إنها العقل, ومنهم من يقول إن الروح هو سلطان العقل, والعقل سلطان النفس, والنفس سلطان الجسد.
قال الإمام العارف ابن برجان في شرح أسماء الله تعالى الحسنى: " والنفس مُبْرَأَةٌ من باطن ما خُلِقَ منه الجسم وهي روح الجسم, وأوجد تبارك وتعالى الروح من باطن ما برأ منه النفس, وهي للنفس بمنزلة النفس للجسم, والنفس حجابه, والروح توصف بالحياة وبإحياء الله عز وجل له.

وموته: أي الروح خمود إلا ما شاء الله يوم خمود الأرواح.

والجسم: يوصف بالموت حتى يجيء بالروح, وموته مفارقة الروح إياه, وإذا فارق هذا العبد الروحاني الجسم صعد به, فإن كان مؤمناً فتحت له أبواب السماء حتى يصعد إلى ربه عز وجل فيؤمر بالسجود فيسجد ثم يجعل حقيقته النفسانية تعم السفل من قبره إلى حيث شاء الله من الجو وحقيقته الروحانية تعم العلو من السماء الدنيا إلى السابعة في سرور ونعيم ولذلك لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم موسى قائماً في قبره يصلي وإبراهيم تحت الشجرة قبل صعوده إلى السماء الدنيا ولقيهما في السماوات العلى فتلك أرواحهما وهذه نفوسهما وأجسادهما في قبورهما وإن كان شقياً لم يفتح له فيرمى من علو إلى الأرض".


يتبع بمشيئة الله تعالى




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 26, 2020 1:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114




#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(201)



قلت: الجزء الأول من كلام العارف ابن برجان قوي جداً, يوضح شيئاً من العلاقات المعقدة المتشابكة بين ماهية الروح والنفس, ويؤيده نسبياً ما كان من أمر أُوَيْس الْقَرَنِيّ مع هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ, وإخباره عن الروح والنفس

وأُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ: هو أحد سادات التابعين, منعه بره بأمه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ (فَمُرُوهُ ) فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ», فبحث عنه سيدنا عمر بن الخطاب في زمن خلافته حتى وجده, وطلب منه أن يستغفر له.فماذا حدث مع هرم بن حيان؟

عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِمٌ، أَدَمُ، شَدِيدُ الْأَدَمَةِ، أَشْعَرُ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ, يَعْنِي لَيْسَ لَهُ جُمَّةٌ, كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ، وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ، بِغَيْرِ حِذَاءٍ، كَبِيرُ الْوَجْهِ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا،

فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ؟ فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، وَقَالَ: وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ، وَرِقَّتِي لَهُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ فَرَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، حِينَ سَمَّانِي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُهُ قَطُّ، وَلَا رَآنِي، ثُمَّ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي، وَعَرَفْتَ اسْمِي، وَاسْمَ أَبِي، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ، إنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَحَدَّثُونَ بِرُوحِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا وَيَتَعَارَفُوا، وَإِنْ نَأْتِ بِهُمُ الدِّيَارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهُمُ الْمَنَازِلُ».


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 26, 2020 2:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(202)



وقول أويس القرني: «عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ ؛ لِأَنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَجْسَادِ ...» إلى آخره
فمفهوم الكلام:

1 ـ أن الروح شئ والنفس شيء آخر.

2 ـ وأن للروح أنفساً كأنفس الأجساد, وهذا له أكثر من معنى.

إلا أن العارف ابن برجان, يرى أن الروح طاهرة حقيقتها علوية, فتذهب إلى الملكوت, تحن إلى مكانها الأول, أما النفس فتبقى على أفنية القبور, وقد يعترض قول العارف ابن برجان بعض الاعتراضات, نذكرها على سبيل الإجمال في باب البرزخ إن شاء الله.

لكن من الممكن الاستفادة من قول أحد سادات التابعين وهو أويس القرني, وكذلك قول العارف ابن برجان.

فيمكننا القول: أن الجسد وعاء النفس, والنفس وعاء الروح

ونقول:

الجسد: الجسد يميل بطبعه إلى جهة تحت, فيبحث عن شهواته وتُرَابِيتِهِ, ويبحث عن عمارته بما هو أَرْضِيّ من طعام وشراب, وشهواته كما أوضحنا, وتسمى شهواته: "الشهوات الطينية", أي حظ الطين من شهوة الطعام وشهوة الفرج.

النفس: جوهر, لطيف خفيف حار, قدر وزنها بعض الأطباء بما لا يزيد عن خمسة عشر جراماً أي وزن ثلاث ملاعق صغيرة من السكر. طبعها التمرد, تحب ذاتها جداً, شعارها: " أنا ", فحبها لذاتها يعميها عن كل شيء, فقد تجلى الله عليها بما جعلها تسكر من خمر ما رأت, فتاهت في حب نفسها, وفي دعوى ما ليس لها, وإنكار ما لا تعرفه, والنفس تميل إلى السيطرة, تكاد تقول للجسم الذي يحتويها أنا إلهك, أنا أقرب إليك من حبل الوريد, متطلبات النفس لاتنتهي, ولا تشبع ولا تقنع, وتحب المدح جداً, وتخشى الحقائق, وتحب الانتقام, فإن كان المرء مسلماً أو مؤمناً, استحت وآمنت على قدر إيمان صاحبها, لكنها تنازع وتدافع عما ترى أنه ملكها.

وهي برزخ بين الروح والجسم, فلها إطلالة للجسد حيث يكون لها الصلة مع العالم الأرضي (السفلي) فتدبر أمور البدن بإذن ربها, وإن نسبت لنفسها ما تنسب, فتنظر إلى الجسد من علو, تعشق الجسد ويعشقها الجسد, فتبتلي بالموت, فقد رغبت في غير الله أكثر من رغبتها في الله, النفس دائمة التسويف والتسويل، وطول الأمل مغروز فيها. والنفس تتغلغل إلى كل رقيقة في الإنسان, ويعرف الشيطان أقصر الطرق إلى استمالتها, فهو ناري هوائي, وهي حارة هوائية, متغطرسة, لذا فمعاصيها نارية, وهذا يفرح الشيطان, فالمعاصي الطينية سهل الإقلاع عنها والاستغفار منها بإذن الله, قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً».

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 27, 2020 1:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(203)


أما المعصية النارية كالكبر والتجبر والحسد والحقد, فالله لا يحب المتكبرين, فعن المعصية النارية قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ».

غالباً ما يكون بين الجسد والنفس اتفاقية إرضاء لمطالب كل واحد منهما, ومن هنا كان أحد مقاصد العبادات مثل الصوم وغيره تعبيد الجسم والنفس على غير هواها, الجسد أقرب للطاعة بحكم سهولة تشكيل الطين, إلا أن النفس بحورها عميقة, فسرعان ما تدعي أنها صامت وقامت وفعلت!! ثم رأت وتقدست وتعظمت!!

أسيادنا العلماء قالوا: النفس لها ترقيات, فنفس الإنسان العادي نفس أمارة بالسوء، وإذا دخل المرء في الإيمان وتخلله روح الإيمان كان فرحه بالطاعة أكبر, وحزنه على فعل المعصية أوضح, وهذا هو سلوك النفس اللوامة, َعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : مَا الْإِثْمُ؟ قَالَ: " إِذَا جَاءَكَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ ". قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: " إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ».

ثم مع كل ترقية تتغير صفات النفس, من أمارة بالسوء إلى لوامة ( نفس المؤمن) إلى ملهمة ( بدايات الإحسان)، ثم بالترقي تصبح النفس نفساً مطمئنة ومع دوام الترقي تصبح راضية, مرضية, حتى آخر درجات الكمال.

هذا بالنسبة للنفس, وعلاقتها كما أسلفنا بوجهها تجاه الجسم, وللنفس وجه آخر تجاه الروح, فكما قلنا النفس برزخ بين الجسد الأرضي والروح التي هي من عالم الأمر, النفس تجذب الروح إلى أسفل فعند النفس الصبر والجلد على ما تريد, والتأفف من الصبر على العبادات, والنفس مستودع صفات الإرادة والقدرة, ينشب صراع بين الروح والنفس, فحتى ما قبيل مرحلة الإحسان فالكفة وإن تأرجحت تميل إلى النفس.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 27, 2020 1:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(204)



أما الروح فهي ألطف وألطف وأرق من النفس, والنفس بمثابة الجراب الحاوي لها, كما أن الجسد بمثابة الجراب الحاوي للنفس, مثال ذلك مثال القلم, الجسم مثل القلم ككل، النفس مثل الأنبوبة والروح كأنه الحبر داخل الأنبوبة, وسن القلم هو العقل, فبهذا الاعتبار تكون النفس هي جسد الروح.

والروح تميل وتتطلع إلى عالم الملكوت وحضراته حيث موطنها الأول, وتحب النظر إلى المكان الذي أتت منه, وتعتبر نفسها في عالم الملكوت أكثف الموجودات وأثقلها.

جز بحزوى فثم عالم لطف

من بقايا أجساده الأرواح

وهي مفطورة على العبادة, فهي المستنطقة في عالم الذر وشهدت لله بالوحدانية. والروح تخاف من النفس فالنفس تسقيها من خمر الدنيا فتنسيها يوم الميثاق, وفي الوقت نفسه هى من تحيط بها وتحميها, وبينهما حوار طويل.

الروح شبه أسيرة, تريد التحرر, فأعطى الله لها راحة يومية, ترتاح فيه من رق الجسد وإلحاح النفس وغطرستها, في وقت النوم تكون هذه الراحة, لكن مع مصاحبة النفس, فالنفس لا تتركها أبداً, لكن الأسير لما يرى دياره يفرح ويسكن وإن كان مع سجانه, وسجانه سيتلطف كثيراً, حتى يعود به إلى العالم الأرضي.

النوم له فائدة أخرى وهي التدريب على البرزخ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

كما في أول الباب عرضنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» مروراً بقوله صلى الله عليه وآله وسلّم : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ», وقلنا إن هذا من باب المجاهدات الشديدة, فإذا ترقيت وترقيت في مقامات الإيمان وأردت شهادة من سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لك بالإيمان, فهنا يجب الترقي إلى حبك للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر من نفسك.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 27, 2020 3:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(205)


حب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم :

عند تذوق المؤمن بدايات الأحوال وتسري فيه بدايات حلاوة المقامات تحدث له حالة شديدة من العطش لما شربه من خمر الأحوال وعسل المقامات وما صاحبهم من لبن الفطرة, فيطلب المزيد والمزيد, فيُدمن الذكر والتقرب بأنواع الطاعة, المؤمن لا يزال في حالة شرب غير أنه في حالة حزن شديدة, فإن الدنيا تضيق عليه والهوى والنفس ووساوس الشيطان يقولون له: لا أنت وصلت للمشاهدة, ولا أنت قد استمتعت بمتع الحياة الدنيا وزينتها, وأنت عاجز عن نيل مرادك ولو سرت ألف ألف سنة, فلذة الأعمال لها منتهى, وعند الصادقين نوع استدراج, أفتعبد الله لوجود اللذة فتجد حظ نفسك, أم تعبد الله وحده مخلصاً له العبودية دون حظ نفسك! فإن صُمت ما صُمت إلا لراحة تجدها أفإن لم تجد هذه الراحة تركت الصيام واجتهدت في الذكر؟, وإن كانت راحتك في نوع ذكر أتترك بقية التسبيح والتحميد والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لما وجدته في ذكر تقوله؟ هذا عند الصادقين شبهة رياء ومكر إن لم يكن استدراجاً ومكراً شديداً.
المؤمن تمنعه رغبة التقرب إلى الله من الاطمئنان إلى زينة الحياة الدنيا وزخرفها, ولا يستطيع الرجوع إلى أحضان الدنيا ما احتفظ بإيمانه.

فنفسه لوامة, تلومه على ما يفعل, فتسره حسناته وتسيئه سيئاته.

المؤمن في سجن ... المؤمن في سجن الدنيا

الدنيا سجن المؤمن, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ».

المؤمن يشعر أنه عالق بين مرحلتين, قلبه مطمئن بموعود الله, قلبه يجذبه إلى الشرب من بحر الإيمان, فقد ذاق وقد وجد, ولكن هواه ونفسه والشيطان والدنيا يكبلونه بالأصفاد, ويقولون له يكفيك الصلوات الخمس والفرائض فإن فعلت ذلك فزت فوزاً عظيماً! كلام حق أريد به باطل, فمن فعل ذلك فلن يلبث إلا قليلاً حتى يراودوه في التقليل من العبادات والإخلال بمواقيتها ومن ثم ترك أو نوع ترك, ثم الغرق في بحر الملذات, ومن لم يجد ملذات غرق في بحر التأسف والندم على ما فاته من الدنيا, فيحقد على أهل الدنيا ويحسدهم, وأهل الدنيا يخافون منه ويحرمونه أكثر فأكثر فيعرض الشيطان الصلح بينهما, ويدخل الدجال ببرامج يسميها للكل عدالة اجتماعية وحريات ومساواة, والغرض طبعاً سوق الكل كقطيع يلهث وراء أمور لن تكون إلا على يد سيدنا عيسى عليه السلام والإمام المهدي. المهم أن المؤمن في هذه المرحلة يدرك أنه بنفسه لن يصل إلى أعلى من درجته وحاله هذا, مع وجود حظ النفس ونيل الشيطان منه أحياناً. كما قلنا المؤمن يتحرك تحركاً عرضياً, ولا يستطيع الارتقاء إلى ما هو أعلى

وقد أخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كما قدمنا أنه لن يؤمن حق الإيمان حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلّم , وأنه لن يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.


يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 29, 2020 2:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(206)



المؤمن يخلق الله في قلبه حنيناً إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فهو لم يتلوث كثيراً بما يقوله قساة القلوب الذين لم يشربوا من حنان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , المؤمن يبدأ رحلة البحث عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فأول ما يصطدم به هي نظرته القديمة القاصرة في مفهوم لا إله إلا الله محمد رسول الله, ثم يأخذه الشوق والحنين إلى غير ما هو مكتوب في كتاب أو مسطور في أوراق, يخرج من مرحلة العلم إلى مرحلة الإيمان, فمن لا يعلم حديث الآن يا عمر؟

عن عَبْد اللهِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم : لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم : الآنَ يَا عُمَرُ».

سبحان الله, ما أشد قوة سيدنا عمر, في أقل من لحظة يملك كله, نفسه وعقله وروحه وكل شيء ويأخذ قراراً في الظاهر والباطن بأن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أحب إليه من نفسه, وسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يحكم له بأنه فعلاً حدث ذلك, مراحل رجولة لا تتسنى إلا لكبار الرجال الذين غذاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالنظر إليهم وملامستهم ووجوده بينهم, غذاهم بأنفاسه الطاهرة.

العلم شيء, والإيمان شيء وحدوث ما تؤمن به وتأثيره في باطنك وظاهرك شيء آخر, ما يحدث في باطنك هو الحقيقة, أما ما عدا ذلك فعليك لا لك, من منا أيضاً لا يعلم حديث أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يدلنا على أنك لا بد أن يتخلل حبه فيك حقاً حتى تحبه صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر من ثلاثـة أنـواع من الحب , حب والدك الذي هو أصلك وسبب وجودك بإذن الله, وحب ولدك الذي أنت سبب وجوده, فترى فيه امتدادك، وجعلك الله فطرياً تحوطه وترعاه وتنعم عليه وتتجاوز عنه وتتذكر كيف أحب الله الآدميين وكيف سماحه لهم, وأنعم عليك بفهم معنى رب البيت ورب الأسرة. والحب الثالث هو جميع أنواع الحب النابع من الخلق تجاه بعضهم، حب الإعجاب, والتقدير والاحترام, والتعلق والألفة, وحب النساء وحب النكاح, وحب النظر إلى أناس بذاتهم, وكل ما شاكل ذلك.

سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يقول ما معناه, اجعلني عندك كل شيء بدلاً من البشر أجعلك شيئاً عظيماً بإذن الله.

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 30, 2020 12:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(207)

إذا أحببت سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هكذا, فإن الأنوار تتخللك وتسري إلى كل عروقك, ألم ترَ قول سيدنا النبي لعمار بن ياسر! قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «مُلِئَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ» سرى الإيمان إلى مشاشه والمشاش هو الغضاريف وما يماثلها من تكلسات بين العظم واللحم والعصب, يعني أن الإيمان لم يصل فقط إلى اللحم والدم والعظام, ولكن وصل إلى المشاش, ولم يصل فقط, بل ملأ المشاش

وقر الإيمان في القلب واستقر ثم تم ضخه وتشعب في كل أنحاء جسم الإنسان حتى وصل إلى كل العروق والمشاش.

هذا الحب, استدعاه نوع إيمان نوراني فطرد ظلمات النفس, وأثر في النفس وحولها من عاصية متمردة أمارة بالسوء إلى نفس لوامة تلوم صاحبها حتى يفعل الخير, وها هي على أعتاب التغير وتترقى من نفس لوامة إلى نفس ملهمة ببركة وقوفها على الأعتاب المحمدية.

فحب ذات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عتبة من الأعتاب, فيا سعد من أحب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بصدق. لكن هناك مشكلة حقيقية وهي أن سيدنا عمر وسيدنا عماراً وسيدنا أنساً حظوا بالوقوف بين يدي الحضرة المحمدية, فلا شيطان يوسوس ولا دنيا تفتن ولا هوى متبع ولا نفساً أمارة بالسوء كلهم يفر من أمام نور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فكانت تلين قلوب المؤمنين له كما يلين الذهب في النار فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا أَبَا أُمَامَةَ، إِنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَلِينُ لِي قَلْبُهُ» ".

يتبع بمشيئة الله تعالى






أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 30, 2020 12:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(208)

النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم شيء عظيم, والصحابة سمعوا من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم والإسلام كله سماعي, فحصلوا أعلى مقامات الإسلام, والإيمان القلبي له البصر, فالقلب يبصر بإذن الله والصحابة رأوا سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فحدث لهم عظيم الإيمان, فكيف بمن بعدهم؟ من بعدهم رأوا أهل البيت , وكفى بها نعمة ورأوا مـن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , لكن حقيقة النظر إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم متعة الأولياء والعارفين وقوت الأرواح والأسرار, حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم دعا لمن آمن به ولم يره سبع مرات ودعا لمن رآه مرة واحدة وذلك لتعويض من لم يره صلى الله عليه وآله وسلّم , َعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي سَبْعَ مَرَّاتٍ». قَالَ: أَبُو جُمُعَةَ: قَالَ: «تَغَدَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا أَسْلَمْنَا مَعَكَ وَجَاهَدْنَا مَعَكَ قَالَ: نَعَمْ قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي».

فأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى عظمة رؤيته وأنه سبب مباشر في الإيمان ودلالة على أنه حتى تعلم قوة وفعل وأثر النظرة المحمدية فعليك التعجب كيف آمن من آمن ولم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , هناك أمر آخر أن الكلام ليس على إطلاقه فلا أحد أخير من السابقين السابقين, ولكن المقصود بعض الموجودين في هذه الحضرة, وأن هناك من آحاد الناس في العصور التي تلى عصر الصحابة أخير من بعضهم, فمجموع الصحابة أخير من أي مجموع في العصور التي تلتهم ببركة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم .

يتبع بمشيئة الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: على_أعتاب_الحضرة_المحمدية ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أكتوبر 01, 2020 12:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(209)



المؤمن تدرج من الإسلام إلى بدايات الإيمان وبدأ التذوق وأحس بوجود شيء مختلف طعماً وحلاوة, وتدرج من ترك هواه حتى أحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ثم تدرج في المحبة حتى كان حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ثم يتدرج حتى يكون سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أحب إليه من نفسه, المؤمن خرج من مرحلة ما يقوله الناس بالعامية "الهوا مالهوش دوا", إلى مرحلة حب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته. المؤمن فرغ نفسه من نفسه, وطلب التشرف بنور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , ونور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لن يدخل إلا على طهارة, ولكن من باب جبر الخاطر يدخل النور على قدر إيمان الإنسان, وينتشر في العروق على قدر هذا الطهر, يسري نور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فيعينك على إظهار النور الداخلي الخاص بك, كان المشايخ الكبار ينظرون بطريقة معينة لبعض المريدين, الغرض من هذه النظرة إظهار ما بطن من نور الذات المستودع في هذا المريد فيشرق ظاهره بالطاعة وباطنه بالمعرفة.

المؤمن كما قلنا عالق بين مرحلتين, يحتاج إلى شيء جديد في رؤيته, محتاج إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر من أي وقت مضى! ولكن كيف الوصول إليه؟ سيره منفرداً محكوم عليه بالعجز, وإلا مقامك حيث مقامك, المؤمن لا يجد أمامه إلا أن يبحث عن من يأخذ بيده إلى من سار قبله وسمح له النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالدخول إلى الحضرة المحمدية,

ومجاوزة الأعتاب.

قبلها تلوح اللوائح, وتهب النسمات ويتم تعديل القوى, فالسمع أعلى، وبصر القلب أوضح، وقد تحدث إطلالة على عالم الملكوت, فالمراحل السابقة محصورة في أجزاء من عالم الملك الذي يدرك بحاسة السمع والبصر العاديين, أما عالم الملكوت فلا يدرك إلا بالقلب نسبياً ويدرك بالفؤاد, المؤمن قد يدرك إطلالة أو شيئاً من إطلالة, ولو كلمح البصر أو هو أقرب (ولمح البصر في عالم الملكوت عظيم جداً جداً جداً، فإنك إن أغمضت جفنك وفتحته كان بإمكانك رؤية كواكب بعيدة جداً مثل الزهرة والمريخ وترى النجوم التي هي أبعد، وكل ذلك يدرك بالبصر، حال بينك وبين رؤية هذه

الكواكب جدار رقيق اسمه الجفن, جفن العين, فإذا ما فتح الله لك جفن القلب نظر الفؤاد إلى عالم الملكوت وفتحت له عين البصيرة, لكن كلٍٍٍٍِِِِ على قدره.

يتبع بمشيئة الله تعالى




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 543 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 11, 12, 13, 14, 15, 16, 17 ... 37  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 21 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط