اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6114
|
#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية (202)
وقول أويس القرني: «عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ ؛ لِأَنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَجْسَادِ ...» إلى آخره فمفهوم الكلام:
1 ـ أن الروح شئ والنفس شيء آخر.
2 ـ وأن للروح أنفساً كأنفس الأجساد, وهذا له أكثر من معنى.
إلا أن العارف ابن برجان, يرى أن الروح طاهرة حقيقتها علوية, فتذهب إلى الملكوت, تحن إلى مكانها الأول, أما النفس فتبقى على أفنية القبور, وقد يعترض قول العارف ابن برجان بعض الاعتراضات, نذكرها على سبيل الإجمال في باب البرزخ إن شاء الله.
لكن من الممكن الاستفادة من قول أحد سادات التابعين وهو أويس القرني, وكذلك قول العارف ابن برجان.
فيمكننا القول: أن الجسد وعاء النفس, والنفس وعاء الروح
ونقول:
الجسد: الجسد يميل بطبعه إلى جهة تحت, فيبحث عن شهواته وتُرَابِيتِهِ, ويبحث عن عمارته بما هو أَرْضِيّ من طعام وشراب, وشهواته كما أوضحنا, وتسمى شهواته: "الشهوات الطينية", أي حظ الطين من شهوة الطعام وشهوة الفرج.
النفس: جوهر, لطيف خفيف حار, قدر وزنها بعض الأطباء بما لا يزيد عن خمسة عشر جراماً أي وزن ثلاث ملاعق صغيرة من السكر. طبعها التمرد, تحب ذاتها جداً, شعارها: " أنا ", فحبها لذاتها يعميها عن كل شيء, فقد تجلى الله عليها بما جعلها تسكر من خمر ما رأت, فتاهت في حب نفسها, وفي دعوى ما ليس لها, وإنكار ما لا تعرفه, والنفس تميل إلى السيطرة, تكاد تقول للجسم الذي يحتويها أنا إلهك, أنا أقرب إليك من حبل الوريد, متطلبات النفس لاتنتهي, ولا تشبع ولا تقنع, وتحب المدح جداً, وتخشى الحقائق, وتحب الانتقام, فإن كان المرء مسلماً أو مؤمناً, استحت وآمنت على قدر إيمان صاحبها, لكنها تنازع وتدافع عما ترى أنه ملكها.
وهي برزخ بين الروح والجسم, فلها إطلالة للجسد حيث يكون لها الصلة مع العالم الأرضي (السفلي) فتدبر أمور البدن بإذن ربها, وإن نسبت لنفسها ما تنسب, فتنظر إلى الجسد من علو, تعشق الجسد ويعشقها الجسد, فتبتلي بالموت, فقد رغبت في غير الله أكثر من رغبتها في الله, النفس دائمة التسويف والتسويل، وطول الأمل مغروز فيها. والنفس تتغلغل إلى كل رقيقة في الإنسان, ويعرف الشيطان أقصر الطرق إلى استمالتها, فهو ناري هوائي, وهي حارة هوائية, متغطرسة, لذا فمعاصيها نارية, وهذا يفرح الشيطان, فالمعاصي الطينية سهل الإقلاع عنها والاستغفار منها بإذن الله, قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً». وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً».
يتبع بمشيئة الله تعالى
|
|