الأم الـــــرءوم ؟
قى 17 رمضان 1353هـ - 23 ديسمبر 1934م
فى مجلة هدى الإسلام صدر هذا النعى للنسابة حسن قاسم
فى وفاة والدته البارة السيدة نبيهة الكرارجى من السادة الوفائية
أجمل العزاء فى سيدة عريقة بارة
تحمل هدى الإسلام أجمل العزاء منبعثا من أعماق فلوب أسرتها ومن يمت اليها إلأى الأستاذ حسن أفندى قاسم إحدى دعائمها وسكرتير إدارتها ولشقيه النابه الأستاذ قاسم أفندى وجدى لوفاة السيدة البارة والدتهما ، وهدى الإسلام نشاطر جميع أفراد الأسرة الكريمة فى مصابها الجلل : كما نشكر من واساهم ، وترجو لهم صبرا وسلوانا .
السيدة الشريفة نبيهة الكرارجى
جدتى الكبرى والدة النسابة حسن قاسم
وهى والدة النسابة جدى حسن قاسم رحمه الله تعالى يقول السخاوى فى تحفة الأحباب ص 401
فى الجهة الغربية من مقابر الصدقة شرقى عقبة بن عامر منها مقبرة الشهداء ومقبرة السادة البكرية القديمة والى جانبها الزاوية الفتحية بها مقام السيدة الشريفة نبيهة من السادة الوفائية وهى بنت
السيد على الحسينى الكرارجى الوفائى بن محمد الحسينى الكرارجى الشافعى الاحمدى وكذلك يوجد لها نسب يتصل بأبى فتح الواسطى الوفائى المدفون بالاسكندرية ونسب آخر يتصل بأبن ادريس بن جعفر زكى المدفون بالجودرية وكانت من أكابر وكرائم الاسر ذات صلاح وتقوى وحدث من حضر وفاتها من الموسومين بالصلاح ان حضرة النبى صلى الله عليه وسلم قد حضرت روحانيته الشريفة ساعة
تجهيزها ورآه المحدث بعينه ومن كراماتها أنها بعد أن نقلت من قبرها وفتحوا القبر وجدوا جسدها الشريف كما هو لم يغيره الزمان رحمها الله وجعلها فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر
ورحمنا ورحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ورحمنا ورحم الجيمع بإذن الله تعالى وفى 17 من شهر رمضان المعظم الموافق 1353هـ - 23 من شهر ديسمبر 1934م تحت عنوان (أجمل العزاء فى سيدة عريقة بارة )
قد يقع النعى المفاجىء بفقد الأم الرءوم من نفس الابن البار موقعا اليما ، فإذا رؤى يوما ما باكيا جزينا قد سالت عبراته وتصعدت زفراته وتجددت حسراته رغم ما فيه من جلد وصبر وحكة وإيمان فقد يكون حريا بذلك قمينا ان تكون هذه حالته ، قال فقد الأم كارثة من الكوارث بل فجيعة تتصدع منها الأفئدة وتتوجع منها الأبدان وتخور منها العزائم وتندك لها الصروح ، وان الأنسان حينما يشعر بأنالقلب الذى لا شك فى إخلاصه وحبه قد سكن خفوقه والصدر الذى أودع الله تعالى فيه الحنان والرحمة دون تكلف او تصنع ، قد جفت عروقه .
حينما يشعر بذلك ، يطيش لبه ويلتاع فؤاده ويزلزل سيره وينك صرحه .
هكذا حال الأبن البار ، وهكذا حال فقد الأمهات
فهن لذلك الابن من حيلة يسترديها صبره ويقوى بها ما خار من عزائمه ؟ أجاب فؤاده المفؤود وهو يئن أنين الثكلى
أجل ، أجل حيلتى التعزى بعزاء الله والتأسى برسول الله ، كل نفس ذائقة الموت ، كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والأكرام ، اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيد ، وبشر الصابرين الذى إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة .
قد اصيبت بفقد أعز عزيز من البشر ، لدى ، أرحم الناس بى وأشفقهم على ، أصيبت بفقد قلب ضاع منى فى تقنيه ، قلب كنت به أعيش عيشا هنية رضيا ، قلب ، قلب رأى الحق ناداه ، فأسرع اليه ولباه وما هى الا عشية أو ضحاها وقد أرتحل عنى ذلك القلب وولى وقد حيل بينى وبينه ، وهكذا حال الدهر بالناس قلب
كان لى قلب هب أرقى العلا ** فرأى الحق تجلى فارتحل
كان لى قلب أعيش به ** ضاع مـــــنى فى تقلبه
فعشت ويا للأسى بلا قلب وقد كنت فى عيش اشب تنادمنى الحياة بعزتها ومنعتها وعليائها ، وأنا دمها ، فأصبحت وقد أنشعب صدعى وأنتقض أمرى وتوالت على الفتوق ، فما هى وربك الا أنفاس محترقة ، وصدور متختنقة وقلوب متفجعة وعيون متوجعة وماء غيض نبعه ونضب معينه وقلب فى تقلبه قد ضاع ، وجسد خائر به سقام وأوجاع وآمال كلها آلام وحياة كأنها أضغاث أحلام ترى طعمها علقما ومذاقها مرا مسقما فلا والله يا أماه أسلاك فيالهول مصابى ويالكثرة أحزانى وأوصابى وبالعظم صدمتى ويالطول حشرتى فعلى الحياة بعد فقدك العفاء .
لقد والله يا أماه جل الخطب وادلهم وعظم المصاب وتفاقم وقاش منى الاسى وعم واشتد لا عجى وتفتت عضدى وساعدى وتساعدت زفراتى وتطاولت أناتى .
ايه يا أماه لقد كنت بى ملتفة كالتفاف الهالة بالقمر تحوطنى عنايتك وبرك ، حنانيك يا أماه لقد أظلتى زمان كنت فيه استظل لظلك الوارف الكريم ، يا رحم الله ذاك الزمان وذياك المكان ، يا أماه ، أفللحياة بعدك قيمة ؟
ان هى الا أمانى ، ان هى الا أنفاس يالها من أنفاس
أنفاس محترقة ودموع متدفقة وعيون زايلة متجمرة وجفون غائرة متحجرة وقلب ضائع وضلع أعوج لا يستقيم له مائل وجسم ذايل ناحل وروح تخن اليك صباح مساء
دموعى عليك يا أماه فيها ما يبعث الأسى ، ويذيد فى لوعة الأنين وقلبى عليك – يا أماه : قد ذاب أسى ولوعة :
وكيدى عليك – ي أماه : قدفت وتقطعت أوصاله ودمعى عليك – يا أماه : قد أهرق وانهال ، لكنى يا أماه وان فت كبدى وأعرف دمعى
فقد رضيت بحكم الله سمعا وطاعة ** وان فت كبدى وأهرق دمعى
واأ مـــاه ! !
(1) تكشفت للأحداث بعدك يا أمى ** فياطول ملء من الحزن والهم
لى لله يا أماه ما انا بالذى ** تعود أن يسوى على الحادث الجهم
تلمست حزمى فى المصاب فعزتى لقد غاب عنى فى الثرى مصدر الحزم
فقدت التى كانت إذا شط بى النومى * تسائل عنى فى الدجى سارى النجم
وإن ترمنى الأقدار منها بحادث * تلقفه منى على الروح والجسم
وإن تربت كنفى تجود بروحها * مخافة ما لم أحتمله من العدم
وإن مسنى سقم ثوت عند مرقدى * لزاما فلم تبرحه إلا مع السقم
على أنها والسقم يبرى عظامها * تحاول أن تخفيه عنى بالكتم
زلز أنها أسطاعت لدى الموت خفية * لأخفته إشفاقا على من الغم
فيا رحمتا للفاقدى امهاتهم * من الناس مثلى أو من الطير والبهم
فانالحنان حق فى الأم وحدها * وغير حنان الأم ضرب من الوهم
ففى الأم سر لست تعرف كنه * وإن خلتها فى سورة الدم واللحم
يقولون فانظر وسمها بعد موتها * فقلت لهم فى الرمس أمى لاالرسم
فإن فاتنى ذاك الحنان التمسته * على حسرة من ذلك القبر باللثم
دفنت به من لا ينى إن دعوته * غلى معشر سم إذا ما دعوا بكم
فان قلت يا أماه أغنانى اسمها * عن الأب والأبناء والخال والعم
عصاميه كانت على حين أنها * لها نسب فوق النفيسة والذم
وأمية كانت ولكن رأيها * لدى معضلات الأمر فأوهى الأسى عظمى
سلونى أحدثكم عن اليتم بعدها * فان اليتيم الكهل أعرف باليتم
فياليت أيام الحياة وقن بى * لدى موضعى منها من اللثم والضم
وياليت لم يقطع بنا الدهر شوطه * فان خطاه للقطيعة والصرم
سرى لى يا أماه طيفك فى الكرى * فناب خيال الأم عن زورة الأم
وأنى لى السلوى وقد حال دونها * مثالك فى عينى وطيفك فى حلمى
سأخضع يا أمى لقلبى ومدمعى * على رغم ما أسديت من نصك الجم
وأبكيك بالقلب الذى تعرفينه * والدمع شأن غير قلبى فى الحكم
(1)
هذه القصيدة من غرر قصائد شاعر مصر الكبير الحاج محمد الهوارى قالها إثر وفاة أمه وقد تمثلت بها فى هذا الموطن لاصابتها مرماى واتخاذى لها سلوى ونعما بها من علوى ومن أنيس خفف غلوائى فلله در ناظمها وأحسن الله اليه بما أحسن به الينا .
فياذلك القبر الذى قد ضم هذه النفس الطاهرة الزكية التى أسلمت لربها راضية مرضية ترددت بين سكرات الموت ولعاجه
( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم )
عليك سلام الله فى القرب والبعد ، والىاللقاء فى جنة الخلد وفى وديعة الله أيتها النفس المطمئنة التى رجعت الى ربها راضية مرضية فقيل لها ادخل فى عبادى وادخلى جنتى .
( حسن قاسم )