موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: خولة بنت الأزور
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 19, 2014 12:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6439
صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة


صورة





خولة بنت الأزور


فبينما خالد يترنم بهذه الأبيات، إذ نظر إلى فارس على فرس طويل وبيده رمح طويل وهو لا يبين منه إلا الحدق والفروسية تلوح من شمائله وعليه ثياب سود وقد تظاهربها من فوق لامته وقد خرم وسطه بعمامة خضراء وسحبها على صدره ومن ورائه وقد سبق أمام الناس كأنه نار، فلما نظره خالد قال: ليت شعري من هذا الفارس وايم الله إنه لفارس شجاع، ثم اتبعه خالد والناس، وكان هذا الفارس أسبق الناس إلى المشركين. قال وكان رافع بن عمير الطائي رضي الله عنه في قتال المشركين وقد صبر لهم هو ومن معه إذ نظر خالداً ولد أنجده هو ومن معه من المسلمين، ونظر إلى الفارس الذي وصفناه وقد حمل على عساكر
الروم كأنه النار المحرقة فزعزع كتائبهم وحطم مواكبهم، ثم غاب في وسطهم فما كانت إلا جولة الجائل
حتى خرج وسنانه ملطخ بالدماء جمن الروم، وقد قتل رجالاً وجندل أبطالاً وقد عرض نفسه للهلاك، ثم
اخترق القوم غير مكترث بهم ولا خائف وعطف على كراديس الروم في الناس وكثر قلقهم عليه، فأما
رافع بن عميرة ومن معه فما ظنوا إلا أنه خالد وقالوا: ما هذه الحملات إلا لخالد فهم على ذلك إذ
أشرف عليهم رضي الله عنه وهو في كبكبة من الخيل، فقال رافع بن عميرة: من الفارس الذي تقدم
أمامك فلقد بذل نفسه ومهجته. فقال خالد: والله إنني أشد إنكاراً منكم له ولقد أعجبني ما. ظهر منه
ومن شمائله. فقال رافع: أيها الأمير إنه منغمس في عسكر الروم يطعن يميناً وشمالاً.
فقال خالد: معاشر المسلمين احملوا بأجمعكم وساعدوا المحامي عن دين الله. قال فأطلقوا الأعنة وقوموا
الأسنة والتصق بعضهم ببعض وخالد أمامهم إذ نظر إلى الفارس وقد خرج من القلب كأنه شعلة نار
والخيل في أثره، وكلما لحقت به الروم لوى عليهم وجندل، فعند ذلك حمل خالد ومن معه ووصل
الفارس المذكور إلى جيش المسلمين. قال فتأملوه فرأوه قد تخضب بالدماء فصاح خالد والمسلمون: لله
درك من فارس بذل مهجته في سبيل الله وأظهر شجاعته على الأعداء، اكشف لنا عن لثامك. قال فمال
عنهم ولم يخاطبهم وانغمس في الروم فتصايحت به الروم من كل جانب وكذلك المسلمون، وقالوا: أيها
الرجل الكريم، أميرك يخاطبك وأنت تعوض عنه اكشف عن اسمك وحسبك لتزداد تعظيماً فلم يرد عليهم
جواباً، فلما بعد عن خالد سار إليه بنفسه وقال له: ويحك لقد شغلت قلوب الناس وقلبي بفعلك، من
أنت. قال فلما لج عليه خالد خاطبه الفارس من تحت لثامه بلسان التأنيث، وقال: إنني يا أمير لم أعرض
عنك إلا حياء منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور، وإنما حملني على ذلك أني
محرقة الكبد زائدة الكمد. فقال لها: من أنت. قالت: أنا خولة بنت الأزور المأسور بيد المشركين أخي
وهو ضرار وإني كنت مع بنات العرب وقد أتاني الساعي بأن ضرار أسير فركبت وفعلت ما فعلت. قال
خالد: نحمل بأجمعنا ونرجو من الله أن نصل إلى أخيك فنفكه. قال عامر بن الطفيل: كنت عن يمين خالد
بن الوليد حين حملوا وحملت خولة أمامه وحمل المسلمون وعظم على الروم ما نزل بهم من خولة بنت
الأزور وقالوا: إن كان القوم كلهم مثل هذا الفارس فما لنا بهم من طاقة. ولما حمل خالد ومن معه إذا
بالروم قد اضطربت جيوشهم ونظر وردان إليهم. فقال لهم: اثبتوا للقوم فإذا رأوا ثباتكم ولوا عنكم
ويخرج أهل دمشق يعينونكم على قتالهم. قال فثبت المسلمون لقتال الروم وحمل خالد بالناس حملة منكرة
وفرق القوم يميناً وشمالاً وقصد خالد مكان صاحبهم وردان عند اشتباك الأعلام والصلبان وإذا حوله
أصحاب الحديد والزرد النضيد وهم محدقون به، فحمل خالد عليهم حملة منكرة واشتبك المسلمون بقتال
الروم وكل فرقة مشغولة بقتال صاحبها. وأما خولة بنت الأزور فإنها جعلت تجول يميناً وشمالاً وهي لا
تطلب إلا أخاها وهي لا ترى له أثراً ولا وقفت له على خبر إلى وقت الظهر وافترق القوم بعضهم عن
بعض وقد أظهر الله المسلمين على الكافرين وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. قال وتراجعت كل فرقة إلى مكانها
وقد كمدت أفئدة الروم ما ظهر لهم من المسلمين وقد هموا بالهزيمة وما يمسكهم إلا الخوف من صاحبهم
وردان، فلما رجع القوم إلى مكانهم أقبلت خولة بنت الأزور على المسلمين وجعلت تسألهم رجلاً رجلاً
عن أخيها فلم تر من المسلمين من يخبرهما أنه نظره أو رآه أسيراً أو قتيلاً، فلما يئست منه بكت بكاءاً
شديداً وجعلت تقول: يا ابن أمي ليت شعري في أي البيداء طرحوك أم بأي سنان طعنوك أم بالحسام
قتلوك، يا أخي أختك لك الفداء لو أني أراك أنقذتك من أيدي الأعداء، ليت شعري أترى أني أراك
بعدها أبداً، فقد تركت يا ابن أمي في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها ولا يطفأ، ليت شعري لحقتبأبيك المقتول بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فعليك مني السلام إلى يوم اللقاء. قال فبكى الناس من
قولها وبكى خالد وهم أن يعاود بالحملة إذ نظر إلى كردوس من الروم قد خرج من ميمنة العقبان فتأهب
الناس لحربهم وتقدم خالد وحوله أبطال المسلمين. فلما قربوا من القوم رموا رماحهم من أيديهم
والسيوف وترجلوا ونادوا بالأمان. فقال خالد: اقبلوا أمانهم وائتوني بهم فأتوا إليه. فقال خالد: من أنتم.
فقالوا: نحن من جند هذا الرجل وردان ومقامنا بحمص وقد تحقق عندنا أنه ما يطيقكم ولا يستطيع
حربكم فأعطونا الأمان واجعلونا من جملة من صالحتم من سائر المدن حتى نؤدي لكم المال الذي أردتم
في كل سنة، فكل من في حمص يرضى بقولنا.
فقال خالد: إذا وصلت إلى بلادكم يكون الصلح إن شاء الله تعالى إن كان لكم فيه أرب، ولكن نحن
ههنا لا نصالحكم ولكن كونوا معنا إلى أن يقضي الله ما هو قاض، ثم إن خالداً قال لهم: هل عندكم علم
عن صاحبنا الذي قتل ابن صاحبكم؟ قالوا: لعله عاري الجسد الذي قتل منا مقتلة عظيمة وفجع صاحبنا
في ولده. قال خالد: عنه سألتكم. قالوا: بعثه وردان عندنا أسيراً على بغل. ووكل به مائة فارس وأنفذه
إلى حمص ليرسله إلى الملك ويخبره بما فعل. قال ففرح خالد بقولهم، ثم دعا برافع بن عميرة الطائي وقال:
يا رافع ما أعلم أحداً أخبر منكم بالمسالك وأنت الذي قطعت بنا المفازة من أرض السماوة وأعطشت
الإبل وأوردتها الماء وأوردتنا أركة وما وطئها جيش قبلنا لمفازتها، وأنت أوحد أهل الأرض في الحيل
والتدبير فخذ معك من أحببت واقبع أثر القوم فلعلك أن تلحق بهم وتخلص صاحبنا من أيديهم، فلئن
فعلت ذلك لتكونن الفرحة الكبرى. فقال رافع بن عميرة: حباً وكرامة، ثم إنه في الحال انتخب مائة
فارس شداداً من المسلمين وعزم على المسير فأتت البشارة إلى خولة بمسير رافع بن عميرة ومن معه في
طلب أخيها ضرار فتهلل وجهها فرحاً وأسرعت إلى لبس سلاحها وركبت جوادها وأتت إلى خالد بن
الوليد، ثم قالت له: أيها الأمير سألتك بالطاهر المطهر محمد سيد البشر إلا ما سرحتني مع من سرحت
فلعلي أن أكون مشاهدة لهم. فقال خالد لرافع: أنت تعلم شجاعتها فخذها معك. فقال له رافع: السمع
والطاعة، وارتحل رافع ومن معه، وسارت خولة في أثر القوم ولم تختلط بهم، وسار إلى أن قرب من
سليمة. قال فنظر رافع فلم يجد للقوم أثراً. فقال لأصحابه: أبشروا فإن القوم لم يصلوا إلى ههنا، ثم إنه
كمنبهم في وادي الحياة، فبينما هم كامنون إذا بغبرة قد لاحت. فقال رافع لأصحابه: أيقظوا خواطركم
وانتبهوا، فأيقظ القوم هممهم وبقوا في انتظار العدو وإذابهم قد أتوا وهم محدقون بضرار، فلما رأى رافع
ذلك كبر وكبر المسلمون معه وحملوا عليهم فلم يكن غير ساعة حتى خلص الله ضراراً وقتلوهم جميعاً
وأخذوا سلبهم. قال وإذا بعساكر الروم قد أقبلت منهزمة وأولهم لا يلتفت إلى آخرهم، فعلم رافع أن__ __
خولة بنت الأزور (شجاعة فائقة) يرتبط تاريخ حياة بنت الأزور بضروب البطولة التي أبدتها في واقعة أجنادين. وفيها التحم المسلمون بقيادة خالد بن الوليد بالروم بقيادة هرقل، فقد فاقت ببسالتها وشهامتها ما قام به الرجال، وحاربت مستخفية لاطلاق سراح أخيها ضرار من الأسر.....
وحضت النساء على خوض غمار الحرب دفاعا عن الأسرى وذودا عن الإسلام. هذه بنت الأزور، التي أسرت مرة هي وبعض النساء أثناء حرب المسلمين مع الروم، فحرضت النساء على التخلص من الأسر، ولما لم يكن معهن سلاح اقتلعن أعمدة الخيام وأوتادها وحاربن بها ضد الروم تحت قيادة خولة بنت الأزور إلى أن نجين من الأسر.
ويقال إن هذه البطلة المحاربة أسر أخوها ضرار بن الأزور في الحرب، فتنكرت في زي فارس، وامتطت جوادها مدججة بالسلاح واخترقت الصفوف وقتلت منهم عددا كبيرا، معرضة نفسها للموت. وكان المسلمون ومعهم سيف الله المسلول خالد بن الوليد- رضي الله عنه-. يترقبون بإعجاب، معتقدين أنها رجل، حتى خرجت من المعركة ورمحها يقطر دما، فالتفوا حولها، ولما عرفوا
أنها فتاة اشتعلت حماستهم وتقدموا في شجاعة حتى فكوا أسر أخيها. وعادت الحرب سجالا بين العرب والروم في مرج دابق، وفيها أسر ضرار للمرة الثانية فحزنت أخته، وصممت على الانتقام من الروم وفك أسره. واقتحمت بنت الأزور صفوف الأعداء باحثة عن أخيها، فلم توفق إلى العثور عليه، وصاحت: (يا أخي ! أختك لك فداء) واشتد حماس المسلمون، وحاصروا أنطاكية، وقد تحصن فيها الروم ومعهم الأسرى وانتصر المسلمون وأطلق سراح الأسرى. بعد جهاد مرير فعاد ضرار إلى أخته فرحين بنصر الله ومنته. توفيت خولة بنت الأزور في عهد خلافة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- بعد أن شهدت كثيرا من المشاهد والأحداث التاريخية. صفحة 37 كتاب فتوح الشام


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 16 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط