الشيخ محمد أمين البغدادى




فى زيارة لجامع بيبرس وهو بشارع الجمالية من أتجاه باب النصر، ومن بركات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفتح الله علينا بهذه الكتابات القيمة فإذا بى ارى لأفتة عند
دخولى المسجد على اليسار مكتوب عليها ضريح سيدى الشيخ محمد أمين البغدادى وكلما قرأت عن هذا الشيخ كنت أعتقد أنه سيدى عبد الوهاب البغدادى الموجود ضريحه بشارع
السيدة نفيسة على يمين السالك إلى ضريح الإمام الشافعى رضى الله عنه وبعد الزاوية المالكية إلى أن فتح الله لى هذا المكان وإنه صدفه وكلما مشيت فى طريق بالصدفة أما أجد ولى
من أولياء الله الصالحين أمامى أو أجد ضريح للآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاللهم أفتح علينا الباب ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووبركة آل بيته الأطهار وببركة
أولياء الله الصالحين آمين يارب العالمين
فدخلت المسجد وبجوار الباب الرئيسى على اليسار الداخل يصعد بعدة درجات ثم يوجد ممر حوالى عشرة متر ثم عدة درجات قليلة فنجد حوش مربع كبير مبنى بالحجر وعلى يمين الداخل
يوجد حجرة كبيرة مربعة وسطها ضريح جليل الشأن مثلما ترى فى الصورة عليه مقصورة من الخشب وبها محراب ويعقد كل يوم جمعة بهذا الضريح حضرة أسبوعية بعد صلاة العصر وهى
طريقة النقشبندية يذكر فيها الله عز وجل .
يقول حسن محمد قاسم فى كتابه



بحر العلوم الدافقة ، وإمام أهل الطريقة والحقيقة الناطقة ، نور الدين أبو عبد الله سيدى محمد بن حسن بن عمر الكردى النقشبندى قدس سره .
قدم مصر رضى الله عنه عام ألف وثلاث مئة وخمسة وثلاثين ، بعد وفاة ولى الله الأكبر سيدى محمد أمين الكردى (1) الول قدس سره ، صاحب ( تنوير القلوب ) وشيخ مشايخ الطرق العلية فى الديار المصرية .
وكانا – أى المترجم وسيدى الكردى – منتسبين على سيدى عمر قدس سره فى بلادخما – وكان من أخص تلامذته .
ولما توجه سيدى الشيخ أمين الأول إلى الديار المصرية ، وورث قطبانية الطريقة العلية ، كان المترجم رضى الله عنه أقام بإذن الحضرة العية بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم ما شاء الله أن يقيم ، فلما أذنت شمس الكردى بالزوال ، قدم المترجم رضى الله عنه إلى مصر ، وتخلف مكانه بإشارة ربانية ، وورث قطبانية المشرق ، وصار من وقته قطب دائرة الطريقة العية ، ومحور رحاها ، التى تدور عليه ، فسار رضى الله عنه سير أجداده ، ولزم الخلوة ، وقضى أيامه إلى وقتنا فى الخلوات والجلوات والذكر والمجاهدات ، حتى أشرقت عليه أنوار السعادات .
تحلى رضى الله عنه بالصفات الحميدة من التواضع والكرم والسخاء والهيبة والوقار لا يرى لنفسه قدرا جميل الطلعة تعلوه الأنوار وتشم منه رائحة المسك ، يبيت أغلب أيامه طاويا ، ولقد حدثنى بعض أصحابه أنه رضى الله عنه يمر عليه الأسبوع والأسبوعان وهو لا يأكل إلا تمرة أو تمرتين .
ولقد رأيته بالمشهد الحسينى والناس ملتفة حوله يلتمسون بركته ، ولقد دعا لى بدعوات ، فرجوت بها خيرا ، اسأل الله تحقيقها ، ولا زالت أنواره ساطعة زاهرة لأهل الكريقة العلية ، ايد الله دولتها السنية ، تحت رايات ظلاله ، أمين
(1) محمد أمين الكردى ( توفى 1332هـ - 1914 م ) محمد أمين بن فتح الله الإربلى الكردى ، واعظ ، من أهل أربل ، تعلم بالأزهر وتوفى بالقاهرة ، له كتب منها هداية الطالبين لأحكام الدين ، فى فقه المالكية ، وغرشاد المحتاج إلى حقوق الأزواج وتنوير القلوب ( تصوف ) وديوان خطب وسعادة المبتدئين فى علم الدين وفتح المسالك فى إيضاح المناسك على المذاهب الأربعة .
الأعلام 6 / 43 ، ومعجم المطبوعات 4551 ، والمكتبة الازهرية 2 / 419 ومشاهير الكرد 2/ 143 وفهرس المؤلفين 230
بسم الله الرحمن الرحيم
" ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
سيدى العارف بالله تعالى محمد أممين البغدادى رضى الله تعالى عنه
يقول خادم أعتاب آل البيت محمد محمد بيومى عنه :




القائم ضريحه الأنور بمسجد بيبرس جاشكنير بالجمالية ، وهو الولى العارف بالله تعالى صاحب المواهب السنية والبركات والفيوضات العلية الذى سعدت بحلوله أرض الكنانة وفز بقربه الخواص والعوام الذين شاهدوا نورا تبدى من محياه فأشاع الضوء والأمن فى رحب المكان والزمان ، ونالوا عطف قلبه الرحيم الذى عم كل كائن وكل إنسان ، كان ميلاده المبارك فى السليمانية بالعراق فى ربيع الثانى عام 1286 هـ ونشأ فى حضانة والدته الطاهرة النقية الحسيبة النسيبة السيدة أمينة مع رعاية خاله المحمود السيرة والسريرة له نظرا لوفاة والده .
بدأ من صغره راغبا فى الفضائل بعيدا عن النقائص والر1ائل محبا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيتة الكرام الأطهار رضى الله تعالى عنهم جميعا زاهدا فى الدنيا عالى الهمة طاهر القلب زكى النفس قوى الإيمان ، أدخلا المكتب للتعلمي القراءة والكتابة واللغة العربية فحفظ القرآن الكريم وتبحر فى علوم الشريعة المنقول منها والمعقول وبلغ درجة الأفتاء فى الفقه الشافعى .
تعلق بالعبادة لله تعالى فى خشوع وفى عزلة وفى صدق وإخلاص وإجتهاد حتى أنه وهو صغير كانت والدته توقظه فى جنح الليل للعبادة والتهجد وكان يجد فى ذلك سعادته ورضاء نفسه وبهذا ارتقى وعلا وصف .
حتى أنه عند زيارته مع خاله لمقام الإمام أبى حنيفة رضى الله عنه ببغداد رأى الإمام بعين البصر جالسا وعليه الهيبة والنور ، وكان على الرغم من سعة الرزق الذى كانت تعيش فيه والدته ورغبتها فى أن يظهر ذلك الغنى فى ملبسه ومأكله وهيئته ، إلا أنه اختار أن يعيش قانعا زاهدا كنهج أهل التقوى والصلاح ، ألتقى بسيدى الشيخ مونا عمر الملقب بضياء الدين وأصبح من محبيه ومريديه ثم تلقى منه الطريق ولزم صحبته فى الخانقاة ، ولقبه الشيخ بـ ( محمد الأمين ) ، وكان يجيد اللغة العربية والتركية والفارسية وكان يغذى عقله بالعلم والأدب والحكمة وروحه بالتقوى والصلاح والمراجعة وكان يكتفى بالغذاء الروحى العالى عن الغذاء المادى الفانى فكانت تكفيه بعض لقيمات فى يومه وليلته ، وكان يكرم كلبة العلم ويمدهم بالطعام والشراب حتى يكون ذلك عونا لهم فى تحصيل العلم الشريف أما السالكون للطريق فكان يربيهم على الصبر والتحمل والزهد ومجاهدة النفس ، وعاش يحب العزلة والأنفراد تأسيا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان يعتكف فى غار حراء ، وكم أشتاق كثيرا لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة ولكنه لم يحصل على أذن شيخه سيدى عمر ضياء الدين الذى طلب منه النتظار ، وقد توالت الأحداث إذ أنتقل شيخه إلى رحمة الله تعالى وخلفه ابنه نجم الدين وبعد عامين من وفاة شيخه ودع الخانقاة وانقطع فى بيته للعبادة عامين ثم جمع أهله ووزع عليهم ماله وتركته وخرج متوكلا على الله سبحانه وتعالى يسير على الشاطىء حتى أدرك سفينة فيها جمع من العرب فسافر معهم إلى أرض الحجاز ، وفى المدينة المنورة رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أستمرار الطاعة والمجاهدة والأعتكاف كشف عنه الحجب ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة وطار فرحا بهذا اللقاء ثم سأله عن مسائل حار فيها فأجابه عنها صلى الله عليه وسلم كما بلغه رسالة الشيخ نجم الدين ابنشيخه الذى سبق ان حملها إياه ، وظل بالمدينة المنورة ثلاثة عشر عاما وفى مكة ثلاثة أعوام وجاء إلى مصر عام 1914 لزيارة مولانا الإمام الحسين عليه السلام وسيدى الإمام الشافعى رضى الله عنه وظل كعادته يمكث طويلا فى مسجد سيدنا الحسين للأعتكاف والعبادة وطلب منه الأذن بالعودة الى موطنه بالعراق فلم يأذن له ، واستقر بمصر فى مسجد بيبرس جاشنكير فى حى الجمالية ، وقام بنشر الطريق النقشبندى حيث توافد عليه طلاب العلم من مصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا والحجاز والسودان والحبشة وكذا من صعيد مصر ، وأقبل عليه علماء الأزهر الشريف فكان يجلهم ويرحب بهم ولكنه كان يعتذر عن منحهم الطريق حتى يتقرغوا لمهمة العلم والأرشاد والوعظ ومن هؤلاء العلماء ( الشيخ حسونة النواوى والشيخ محمد السمالوطى والشيخ بسيونى وغيرهم ) وكان رضى الله عنه كثر الدعاء لمصر وأهلها الذين أحبهم وأحبوه وخاصة فى أحوال الشدائد والمحن التى مرت بها البلاد والتى رفع الله تعالى ببركاته ودعواته تلك الكروب وظهرت له كرامات كثيرة لا تعد ولا تحصى دون رغبه منه ولا قصد وكان ظهورها لطفا بالبلاد ، تزوج رضى الله عنه فى سن الستين من عمره من كريمة فاضلة شريفة نسيبة وحسيبة ورزق منها بفضل الله تعالى ثلاثة من الذكور هم السيد عمر والسيد عثمان والسيد محمد بهاء الدين كما رزق بأنثى هى السيدة فاطمة واتخذ لهم مسكنا فى ناحية القبة الفداوية بحى العباسية وانتقل رضى الله عنه الى الرفيق الأعلى عام 1383هـ ودفن بمقابر باب الوزير قرب الدراسة وبعد 25 عاما تم نقل جثمانه الشريف الى الضريح المقام بمسجد بيبرس جاشنكير بالجمالية وكان ذلك تحقيقا لرغبته فى حياته حيث رضى الله عنه كثيرا ما يقول للاخوان وهو معتكف بمسجد بيبرس ( احب أن أكون هنا ) نفعنا الله تعالى بمدده وفيض نوره وبركاته آمين يارب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،
( المصدر ) : المناقب النية لسيدنا شيخ الطريقة النقشبندية العارف بالله تعالى محمد أمين الكردى البغدادى رضى الله عنه





رسالة الشيخ لكل سالك فى طريق الله تعالى وعابد
نفوس العارفين للمعالى ترغب
وللخير تسعى وللعلم تطلب
ترى كل شىء فى الوجود زائلا
وأحدث الزمان فى الدهر تقلب
حياة الخلق كشمس أشرقت
وسرعان ما يخبو ضياها ويغرب
متاعها فتن تراءت للورى
رغائب نفس تضل وتنكب
ونهج الحب نهج للصفا
لأهل طريق لله ينسب
يبيت الصب لله ساجدا
ودمع الوجد بالشوق يسكب
فيهنا بقرب ووصل فى رضا
من الورد الصفى الموعود يشرب
يبيع النفس لله طالعا
ويرضى يزهد التقاة ويرغب
لقيمات بها يقمن صلبه
قليل الطعام للسالك يندب
ويخلو بسحر باذكر واجدا
لله يلوذ التقى ويهرب
بالصفو يعلو ونور فى جلا
كنجم علا بالمساء وكوكب
يعيش للخلق ابدا مرشدا
كواحة أمن بالمقبلين ترحب
ومأوى شفاء لكل من غدا
يعانى اثقال الهموم ويكرب
كرامات أهلت وبانت للورى
من الله تهدى للعارفين مواهب
تقيم برهان لمفتون جفا
وعارض فى شك مناقب توهب
ومن يدرى لعل موت العارف
ظهور تخفى عن قلب يحجب
وأن الخلد للروح مؤكدا
فى الرغد تحيا والبؤس يذهب
قلوبهم تحن لخير الورى
وبيت كلا للناسكين يحبب
وكل القلوب له مرتقى
على قدر الوصل تأتى المراتب
وما يغنى عن الوطن للفتى
سوى مكة أرضا تفضلها يثرب
فشد الرحال إليها عاشقا
فى صحب النبى تعد وتحسب
وتحظى بمنجى وتسعد بالرضا
إذا حل يوما بالأنام نوائب
رطب لسانك بالحمد شاكرا
لنعم تساق إليك وتجلب
وصل آل بيت النبى توددا
حسين الشهيد وأخته زينب
وأهل العلم لا تنس فضائلهم
فكم للشافعى والليث مناقب
وقم قبل الصبح ساعة
فى أهل الذكر الواصلين تكتب
وصم فى الدهر أياما وارتجى
بها رفع كرب بالحشر يرهب
وكن فى الحلم نهرا دافقا
ما ساء سفه وعاب معيب
وقل يارب برضاك أعزنا
حشاك عن أهل المحبة تغضب
منك العفو والفضل والغنى
وأنت لرهط السالكين تطيب
صلاتك ربى على من رقا
معارج ملكوت عظيم يراقب
وآل وصحب سفينة النجا
إذا شاع هول ونار تلهب
ما رحل ليل وأقبل ضحى
وغاب نجم بالأفق ينص