اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm مشاركات: 4149 مكان: الديار المحروسة
|
يوسف الحجاجى الأقصرى (1333هـ - 1914) هو السيد يوسف بن أحمد بن يونس الذى ينتهى نسبه إلى القطب الكبير أبى الحجاج الأقصرى المدفون بضريحه العامر بمسجده داخل معبد الأقصر([1]). وهو أيضا خليفة الإمام القدوة الشيخ أحمد بن شرقاوى([2]) ناشر الطريقة الخلوتية ومعلى راياتها فى صعيد مصر. وُلد بالأقصر فى سنة 1258هـ - 1842م، وتوفى والده وهو صغير، فقام أخوه الكبير برعايته وتعليمه، وقد نشأ نشأة دينية خالصة، وأتم حفظ القرآن وهو فى التاسعة من عمره، ثم جوّده، واشتغل بعد ذلك بالعلم وحفظ المتون. ورحل به أخوه إلى القاهرة وهو فى العاشرة من عمره ليلتحق بالدراسة فى الأزهر الشريف وينهل من علومه وأنواره على أيدى مشايخه الأعلام مثل شيخ الإسلام محمد الإمبابى، والعارف بالله الشيخ محمد الأشمونى، والعلامة محمد الصاوى، والشيخ إبراهيم الباجورى، والعارف بالله الشيخ محمد الحداد الخلوتى وغيرهم. وقد استفاد من الشيخ الحداد فى علوم الطريق أيضا وعلى يده تفتح قلبه لسلوك طريق أهل الله. فى سنوات إقامته بالقاهرة اشتغل بتجارة المنسوجات والأقمشة الصوفية إلى جانب انشغاله بالعلوم الشريفة، وقد أدرّت عليه هذه التجارة رزقًا حلالاً وفيرًا، فأفاض به على من حوله من طلاب العلم والمحتاجين، فلم يكن يرد ذا حاجة، ولا يبخل على سائل. ولما رجع إلى الصعيد أسعده حظه بلُقيا الشيخ أحمد بن شرقاوى الذى كان قد قام على نشر الطريقة الخلويتة فى صعيد مصر، وأمه الناس ونالوا من خيره.. فأقبل عليه بكل همته، وتفانى فى طاعته وطلب مرضاته، فكان يترقى يوما بعد يوم إلى أن أصبح علمًا بين أقرانه فى أخلاقه وعبادته.. فكان من الطبيعى أن يستخلفه الشيخ من بعده، وأن يضع بين يديه أمانة الطريق. وصف الأستاذ محمد عبده الحجاجى( [3]) ذلك فقال: بلغ السيد يوسف الحجاجى الأقصرى على يد الإمام القدوة ابن شرقاوى فى علوم الطريق أبهج مكانة وأشمخ مقام حتى أن شيخه رضى الله عنه حينما أحس بدنو أجله أذن له بالإرشاد من بعده، وأباح له أخذ العهود والمواثيق.. ثم أورد نص الإجازة التى كتبها له الشيخ ومنها: مما تفضل به الحق على الفقير، وجبر به خاطره الكسير، أن ساق إليه حليف الصدق فى اللهج والحال، قوى العزم فى المجد والابتهال، حميد السيرة، جميل الطوية والسريرة، رطب اللسان بذكر الله، رحب الجنان لمشاهدة مولاه، مهبط الفيض الربانى، ومركز السر الرحمانى، العارف بالله تعالى السيد يوسف بن السيد أحمد بن السيد يونس الحجاجى محتدا، الأقصرى بلدا ومولدا، الشافعى مذهبا، الخلوتى سيرا ومربا، رحم الله به الأمة وأزال به عنها كل دجية وظلمة، فجاء حفظه الله بنفس إلى زلال السلوك ظمآنة، وروح بنار الشوق إلى الله محشوة ملآنة، وطلب منى الانتظام فى سلك السادة الخلوتية، والدخول فى زمرة الطائفة السامية الخضيرية، وجلس بين يدى، متوجها بكليته إلى، فأخذت عليه العهد بصورته المعلومة، ولقنته الذكر بكيفيته الموسومة وضممته إلى هذا العقد السامى، وأدرجته فى ضخم كنفه النامى، وأمرته بمفاتيح الطرق، ومقاليد خزائن الأسرار على التحقيق، فتلقاها – حفظه الله – بالقبول والامتثال وقام بها على نهج الصحة والكمال.. فلما رأيت اعتناء الحق به، وتخصيصه إياه، وتمييزه بالتقدم بدون مرية واشتباه، تأسيت به سبحانه فى التقديم، وافتديت به فى التبجيل والتعظيم، وأجلسته على كرسى الإرشاد، وآذنته بنشر طريق السداد، وأبحت له أخذ العهود والمواثيق على من أراد السلوك فى منهج التحقيق، وأمرته بتلقين الأسماء للمريدين ونقلهم من ضيق التلوين إلى فضاء التمكين، وجمعهم على الذكر الصحيح المبانى، الواضح الدلالة على المعانى، وجعلته مقدما على كافة هذا الفريق، ومعتمدًا بين أهل الطريق يرجعون إليه فى مشكلاتهم، ويعولون عليه فى معضلاتهم، لتعود الإمامة إلى معدنها الأصلى، وتؤدب الزعامة إلى مركزها القبلى.. فقد كانت أسلافه رضى الله عنهم أئمة هذا الشأن، وفرسان الهجياء فى هذا الميدان، تستنار بهم أرجاء القلوب، وتستعاض بهم أمطار الغيوب، تحيا بأنفسهم البقاع، وتطفأ بأنوارهم نيران الجهل والابتداع، لهم نفحات مشرفة، وسطوات محرقة، حماهم لا يرام، ونزيلهم لايضام، يربون بالأنظار، ويقرون بالمعارف والأسرار.. ثم تجاوزت هذه الخلافة محلها، وتولها من ليس أهلها، فخلُقت حُللها.. وذهب لمعانها وبريقها.. وتغيرت محاسنها ومزاياها، فبرز هذا العارف معيدها لبهجتها الأصيلة، مُفيدها نضارتها القبلية، مجددًا لدعائمها الوثيقة، مشيدًا لمعالمها العتيقة، مقتطفًا لقاضيها ودانيها، مغترفًا من بحور معانيها، فلما رأيته بلغ إلى هذه الغاية، وترقى إلى هذه النهاية، حمدت الله سبحانه، إذ جعل ذلك على يدى، وأسداه من إحسانه إلى، وملأ القلوب بذلك سرورًا، وأفرغ على سويداه جزلاً وحورًا، فصار لا يخشى ضياعًا ولا فوت، ولا يترعج من فجأة الحمام والموت (باختصار). مضى الشيخ يوسف فى نشر الطريقة وتدعيم أركانها بخطى ثابتة رصينة، وكان يرى النبى صلى الله عليه وسلم كثيرًا فى الرؤيا يوجهه ويحفزه.. كما عُرف عنه أنه كان يجتمع بالخضر عليه السلام. "وقد عمّر – رضى الله عنه – خمسة وسبعين عامًا قضاها قائما على الدين الحنيف والشريعة الغراء، محافظًا على تعاليم الطريقة الخلوتية، داعيا إلى طريق الحق والخير، وهو فى كل ذلك متحليا بأكرم الصفات، وأعظم الشمائل، عالى الهمة، موفور الجناب، لا يخشى فى الحق لومة لائم، زاهدًا فى الدنيا وملاذّها، مؤثرًا الآخرة، لايفتر لسانه قط عن ذكر الله، كريما متواضعا".. وفى فجر يوم من أيام الإثنين سنة 1323هـ - 1914م انتقل الشيخ إلى جوار ربه ودُفن بمقبرة قريبة من معبد الكرنك بالأقصر، وبُنى له ضريح وعليه قبة، يقصده الناس بالزيارة. قد كان يوسف فى الزهادة أمة لم يلف إلا ذاكـــرا مستغفرا قد كان موفور الخلال مقربــا قد كان معتز الجنــــان موقرا قد كان فى أخلاقه متواضعــا لكنه تخشاه آســـاد الشرى مراجـــع: من أعلام الصعيد فى القرن الرابع عشر الهجرى: الإمام القدوة أحمد بن شرقاوى الخلفى، محمد عبده الحجاجى، الطبعة الثانية 1998م. شخصيات صوفية فى صعيد مصر فى العصر الإسلامى، محمد عبده الحجاجى.
[1] ) ترجمة رقم .. [2] ) ترجمة رقم.. [3] ) من أعلام الصعيد فى القرن الرابع عشر الهجرى: الإمام القدوة أحمد بن شرقاوى الخلفى، محمد عبده الحجاجى، الطبعة الثانية 1998.
_________________ أنا الذى سمتنى أمى حيدره
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
|
|