موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 301 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9 ... 21  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 30, 2022 12:37 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


قوله تعالى {صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} اي منازل الدينَ انُعَمْتَ عليهم بالمعرفة وحسن الادَبَ في الخدمة وايضاً انعت عليهم ابليقين التّام والصّق على الدَّوام واطلاعهم على مكائد النفس والشيطان وكشف غرايب الصّلإات وعجائب انوار الذاتِ والاستقامة في جميع الاحوال وبسعادة الهداية الى القرية بعناية الازلية وهم الانبياء والاولياء والصديقون والمقربون والعارفون والامناءُ والنخباء قال ابو عثمان انعمت عليهم بان عَرّفتَهم مهالك الصّراط ومكائد الشيطانِ وجناية النفسُ قال بعضهم انعم عليهم في سابق الازل بالسعادة وقال جعفر بن محمد انعمت عليهم بالعمل بك والفهم منك وقيل انعمت عليهم بشاهدة المنعم دون والنعمة وقال بعضهم انعمتَ عليهم بالرّضا بقضائك وقَدُرك وقيل انعمت عليهم بمخالفة النفسُ الهوى والاقبال عليك بدوم الوفاء وقال حميد فيما قضيتَه من المضارّ والمسراَ وقال بعضهم بانعمت عليهم بالاقبال عليك والفهم عنك ويقال طريق من اَفُنَيُتهم عنهم طاقتهم بك حتى لم يقفوا في الطريق ولم يسدَّهم عنك خفايا المكر وقيل صراط من انعمت عليهم حتى يُحرسوا من كائد الشيطان ومغاليط النفوس ومخايل الظنون ويقالُ من طهرتَهم من اثارهم حتى وصلوا اليك بك ويقال صارط من انعمت عليهم بالنظر اليك والاستعانة بك والتبرى من الحول والقوّة وشهود ما سبق لَهُم من السعادة في سابق الاختيار والعلم بتَوَحدك فيما قَضَيْنه من المسارّ ولامضار ويقال انعمت عليهم بحفظ -------في اوقات حتى لم يخرجوا عن حد العمل فلم يخلو بشئ من اعد الهيبة ولو يصنعوا من احكام العبودية عند ظهور سلطان الحقيقة وقيل سراط مَن انعمتَ عليهم بل حفظت عليهم أداب اشلريعة واحكامَها الشرع وقيل صراط من انعمت عليهم حتى لو يطف شموسُ معارفهم انوار ورَعهم ولم يغوا من احكام العبودية عند ظهور وسلطان الحقيقة.
قوله تعالى {غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم} يعني المطرودين عن باب العبودية وقال ابو عثمان الذين غَضَبت عليهم وخذلتهم ولم تحفظ قلوبهم حتى تَهَوّدُ وانتصروا وقال الاستاذ الذين صدمتُهم هوازم الخذلان و اركتهم مصايب الحرمان قال ابو العباس الينَورَى وكلتهم الى حَوْلهم وقوتهم وعرّينهم من حولك وقوّتك وقيل هم الذّين لَحِقَهم ذُلّ الهوان واصابهم سؤ الخسران وشَغَلوا في الحلال باجتلاب الحظوظ وهو في التحقيق مَكُرو يسحبون انهم على شئ وللحق في شقاوَتهم سِرّ ولا الضّالين عن شهود وسابق الاختيار وجَرَيان تصاريف الاقدار {وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ} يعني المفلسين عن نفائس المعرفة وايضا غير المعضوب عليهم بالمكرو والاستدراج والا الضالّين عن انوار السبلُ والمنهاج وايضاً غير المغضوب عليهم بالحجاب ولا الضَالين عن روية المآبُ ايضاً غير المغضوب علهيم بالانفاصل ولا الضالي عن الوِصَال وقال ابن عطا غير المخذولين والمطرودين والمتهانين الذين ضلوا عن الطريق الحقّ وقيل غير المغضوب عليهم في طريق الهلكى ولا الضالين عن طريق الهدى لاتباع الهوى واما في قوله أمين اي استدعاء العارفين مزيدة القربة مع استقامة المعرفة من رب العالمين والافتقار الى الله بنعت الانظار والاقتباس الانوار وايضا قاصدين الى الله بمراتب النوعية والرّهبة وقال ابن عطا اي كذلك فافعل ولا تكلني الى نفسى طرفة عين وقال جعفر آمين قاصدين نحوك واَنْتَ اَعَزُّ من ان تخيبَ قاصِداً.
-----
عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 02, 2022 8:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ ٧ -الفاتحة
روح البيان في تفسير القرآن
{صراط الذين انعمت عليهم} بدل من الاول بدل الكل والانعام ايصال النعمة وهى فى الاصل الحالة التى يستلذها الانسان فاطلقت على ما يستلذه من نعمة الدين الحق. قال ابو العباس ابن عطاء هؤلاء المنعم عليهم هم طبقات فالعارفون انعم الله عليهم بالمعرفة والاولياء انعم الله عليهم بالصدق والرضى واليقين والصفوة والابرار انعم الله عليهم بالحلم والرأفة والمريدون انعم الله عليهم بحلاوة الطاعة والمؤمنون انعم الله عليهم بالاستقامة.
وقيل هم الانبياء والصديقون والشهداء والصالحون كما قال تعالى { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } [النساء: 69] واضيف الصراط هنا الى العباد وفى قوله { وأن هذا صراطي مستقيما } [الأَنعام: 153] الى ذاته تعالى كما اضيف الدين والهدى تارة الى الله تعالى نحو { أفغير دين الله } [آل عمران: 83] { قل إن الهدى هدى الله } [آل عمران: 73] وتارة الى العباد نحو { اليوم أكملت لكم دينكم } [المائدة: 3] { فبهداهم اقتده } [الأَنعام: 90] وسره من وجوه.
الاول بيان ان ذلك كله له شرعا ولنا نفعا كما قال تعالى { شرع لكم من الدين } [الشورى: 13]. والثانى انه له ارتضاء واختيارا ولنا سلوكا وائتمارا. والثالث انه اضافه الى نفسه قطعا لعجب العبد والى العبد تسلية لقلبه. والرابع انه اضافه الى العبد تشريفا له وتقريبا والى نفسه قطعا لطمع ابليس عنه كما قيل لما نزل قوله تعالى { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } [المنافقون: 8] قال الشيطان ان لم اقدر على سلب عزة الله ورسوله اسلب عزة المؤمنين فقال الله تعالى { فلله العزة جميعا } [فاطر: 10] فقطع طمعه كذا فى التيسير.
وتكرار الصراط اشارة الى ان الصراط الحقيقى صراطان من العبد الى الرب ومن الرب الى العبد فالذى من العبد الى الرب طريق مخوف كم قطع فيه القوافل وانقطع به الرواحل ونادى منادى العزة لاهل العزة الطلب رد والسبيل سد وقاطع الطريق يقطع على هذا الفريق { لأَقعدن لهم صراطك المستقيم } [الأعراف: 16] الآية والذى من الرب الى العبد طريق آمن وبالامان كائن قد سلم فيه القوافل وبالنعم محفوف المنازل يسير فيه سيارته ويقاد بالدلائل قادته { مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } [النساء: 69] الآية اى انعم الله على اسرارهم بانوار العناية وعلى ارواحهم باسرار الهداية وعلى قلوبهم بآثار الولاية وعلى نفوسهم فى قمع الهوى وقهر الطبع وحفظ الشرع بالتوفيق والرعاية وفى مكايد الشيطان بالمراقبة والكلاية.
والنعم اما ظاهرة كارسال الرسل وانزال الكتب وتوفيق قبول دعوة الرسل واتباع السنة واجتناب البدعة وانقياد النفس للاوامر والنواهي والثبات على قدم الصدق ولزوم العبودية.
واما باطنة وهى ما انعم على ارواحهم فى بداية الفطرة باصابة رشاش نوره كما قال عليه السلام "ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن اصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل" فكان فتح باب صراط الله الى العبد من رشاش ذلك النور واول الغيث رش ثم ينسكب فالمؤمنون ينظرون بذلك النور المرشوش الى مشاهدة المغيث وينتظرون الغيث ويستعينون {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم} بجذبات الطافك وفتحت عليهم ابواب فضلك ليهتدوا بك اليك فأصابوا بما اصابهم بك منك كذا فى التأويلات النجمية.
قال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى الفكوك فى تأويل الحديث المذكور لا شك ان الوجود المحض يتعقل فى مقابلته العدم المضاد له فان للعدم تعينا فى التعقل لا محالة وله الظلمة كما ان الوجود له النورانية ولهذا يوصف الممكن بالظلمة فانه يتنور بالوجود فيظهر فظلمته من احد وجهيه الذى يلى العدم وكل نقص يلحق الممكن ويوصف به انما ذلك من احكام النسبة العدمية واليه الاشارة بقوله النبى صلى الله عليه وسلم "ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليه من نوره فظهر" وخلق ههنا بمعنى التقدير فان التقدير سابق على الايجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات فاعلم ذلك انتهى كلام الشيخ.
{غير المغضوب عليهم ولا الضالين} بدل من الذين على معنى ان المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال.
والغضب ثوران النفس عند ارادة الانتقام يعنى انه حالة نفسانية تحصل عند غليان النفس ودم القلب لشهوة الانتقام وهنا نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الاليم او البطش الشديد او هتك الاستار والتعذيب بالنار لان القاعدة التفسيرية ان الافعال التى لها اوائل بدايات واواخر غايات اذا لم يمكن اسنادها الى الله باعتبار البدايات يراد بها حين الاسناد غاياتها كالغضب والحياء والتكبر والاستهزاء والغم والفرح والضحك والبشاشة وغيرها والضلال والعدول عن الطريق السوى عمدا او خطأ. والمراد بالمغضوب عليهم العصاة وبالضالين الجاهلون بالله لان المنعم عليهم هم الجامعون بين العلم والعمل فكان المقابل لهم من اختل احدى قوتيه العاقلة والعاملة والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه لقوله تعالى فى القاتل عمدا { وغضب الله عليه ولعنه } [النساء: 93] والمخل بالعلم جاهل ضال كقوله تعالى { فماذا بعد الحق إلا الضلال } [يونس: 32] والمغضوب عليهم هم اليهود لقوله تعالى فى حقهم { من لعنه الله وغضب عليه } [المائدة: 60] والضالون النصارى لقوله تعالى فى حقهم { قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا } [المائدة: 77] وليس المراد تخصيص نسبة الغضب باليهود ونسبة الضلال بالنصارى لان الغضب قد نسب ايضا الى النصارى وكذا الضلال قد نسب الى اليهود فى القرآن بل المراد انهما اذا تقابلا فالتعبير بالغضب الذى هو ارادة الانتقام لا محالة باليهود فى القرآن بل المراد انهما اذا تقابلا فالتعبير الذي هو ارادة الانتقام لا محالة باليهود أليق لغاية تمردهم فى كفرهم من اعتدائهم وقتلهم الانبياء وقولهم { قالوا إن الله فقير ونحن أغيناء } [آل عمران: 181] وغير ذلك.فان قلت من المعلوم ان المنعم عليهم غير الفريقين فما الفائدة فى ذكرهما بعدهم. قلت فائدته وصف ايمانهم بكمال الخوف من حال الطائفتين بعد وصفه بكمال الرجاء في قوله {الذين انعمت عليهم} قال عليه السلام "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا" .
واعلم ان حكم الغضب الالهى تكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه المقدستين يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فلليد الواحدة المضاف اليها عموم السعداء الرحمة والحنان وللاخرى القهر والغضب ولوازمهما فسر حكم الغضب هو التكميل المشار اليه فى الجمع بين حكم اليدين والوقاية ولصاحب الاكلة اذا ظهرت فى عضو واحد وقدر أن يكون الطبيب والده او صديقه او شقيقه فانه مع فرط محبته يبادر لقطع العضو المعتل لما لم يكن فيه قابلية الصلاح والسر الثالث التطهير كالذهب الممزوج بالرصاص والنحاس اذا قصد تمييزه لا بد وان يجعل فى النار الشديدة والضلال هو الحيرة فمنها ما هى مذمومة ومنها ما هى محمودة ولها ثلاث مراتب حيرة اهل البدايات وحيرة المتوسطين من اهل الكشف والحجاب وحيرة اكابر المحققين واول مزيل للحيرة الاولى تعين المطلب المرجح كرضى الله والتقرب اليه والشهود الذاتي ثم معرفة الطريق الموصل كملازمة شريعة الكمل ثم السبب المحصل كالمرشد ثم ما يمكن الاستعانة به فى تحصيل الغرض من الذكر والفكر وغيرهما ثم معرفة العوائق وكيفية ازالتها كالنفس والشيطان فاذا تعينت هذه الامور الخمسة حينئذ تزول هذه الحيرة وحيرة الاكابر محمودة لا تظنن ان هذه الحيرة سببها قصور فى الادراك ونقص مانع من كمال الجلاء هنا والاستجلاء لما هناك بل هذه حيرة يظهر حكمها بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة سر كل وجود والاطلاع التام على احدية الوجود. وفى تفسير النجم { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } [الفاتحة: 7] هم الذين اخطأهم ذلك النور فضلوا فى تيه هوى النفس وتاهوا فى ظلمات الطبع والتقليد فغضب الله عليهم مثل اليهود ولعنهم بالطرد والتبعيد حتى لم يهتدوا الى الشرع القويم ووقعوا عن الصراط المستقيم اى عن المرتبة الانسانية التى خلق فيها الانسان فى احسن تقويم ومسخوا قردة وخنازير صورة أو معنى او لما وقعوا عن الصراط المستقيم فى سد البشرية نسوا ألطاف الربوبية وضلوا عن صراط التوحيد فاخذهم الشيطان بشرك الشرك كالنصارى فاتخذوا الهوى الها والدنيا الها وقالوا { ثالث ثلاثة } [المائدة: 73] { نسوا الله فنسيهم } [التوبة: 67] هذا بحسب اول الحال وفيه وجه آخر معتبر فيه عارض المآل وهوان يراد غير المغضوب عليهم بالغيبة بعد الحضور والمحنة بعد السرور والظلمة غب النور نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى من الرجوع الى النقصان بعد الزيادة ولا الضالين بغلبة الفسق والفجور وانقلاب السرورة بالشرور ووجه ثالث يعبر فى السلوك الى ملك الملوك وهو غير المغضوب عليهم بالاحتباس فى المنازل والانقطاع عن القوافل ولا الضالين بالصدود عن المقصود { آمّين } [المائدة: 2] اسم فعل بمعنى استجب معناه يا الله استجب دعاءنا او افعل يا رب بنى على الفتح كأين وكيف لالتقاء الساكنين وليست من القرآن اتفاقا لانها لم تكتب فى الامام ولم ينقل احد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم رضى الله تعالى عنهم أنها قرآن لكن يسن ان يقول القارئ بعد الفاتحة آمين مفصولة عنها لقوله عليه السلام "علمنى جبريل آمين عند فراغى من قراءة الفاتحة وقال انه كالختم على الكتاب" وزاده على رضى الله عنه توضيحا فقال [آمين خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبده] فسره ان الخاتم كما يمنع عن المختوم الاطلاع عليه والتصرف فيه يمنع آمين عن دعاء العبد الخيبة.
وقال وهب يخلق بكل حرف منه ملك يقول اللهم اغفر لمن قال آمين وفى الحديث "الداعى والمؤمن شريكان" يعنى به قوله تعالى { قد أجيبت دعوتكما } [يونس: 89] قال عليه السلام "اذا قال الامام ولا الضالين فقولوا آمين فان الملائكة تقولها فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"
وسره ما مر فى كلام وهب اما الموافقة فقيل فى الزمان وقيل فى الاخلاص والتوجه الاحدى. واختلف فى هؤلاء الملائكة قيل هم الحفظة وقيل غيرهم ويعضده ما روى انه عليه السلام قال "فان من وافق قوله قول اهل السماء" ويمكن ان يجمع بينالقولين بان يقولها الحفظة واهل السماء ايضا.
قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة ان الفاتحة نسخة الكمال لمن اخرج للاستكمال من ظلمة العدم والاستهلاك فى نور القدم الى انوار الروحانية ثم بواسطة النفخ الى عالم الجسمانية ليكمل مرتبة الانسانية التى لجمعيتها مظنة الانانية فاحتاج الى طلب الهداية الى منهاج العناية التى منها جاء ليرجع من الوجود الى العدم بل من الحدوث الى القدم فيفقد الموجود فقدانا لا يجده ليجد المفقود وجدانا لا يفقده ولما حصل لهم رتبة الكمال بقبول هذا السؤال كما قال ولعبدى ما سأل فاضافه الى نفسه بلام التمليك ثم ختم اكرم الا كرمين نسخة حالهم بخاتم آمين اشارة الى ان عباده المخلصين ليس لاحد من العالمين ان يتصرف فيهم بان يفك خاتم رب العالمين ولهذا ايس ابليس فقال { إلا عبادك منهم المخلصين } [الحجر: 40] وعدد آيات سورة الفاتحة سبع فى قول الجمهور على ان احداها ما آخرها انعمت عليهم لا التسمية او بالعكس وعدد كلماتها، ففى التيسير انها خمس وعشرون وحروفها مائة وثلاثة وعشرون.
وفى عين المعانى كلماتها سبع وعشرون وحروفها مائة واثنان واربعون وسبب الاختلاف بعد عدم إعتبار البسملة اعتبار الكلمات المنفصلة كتابة او المستقلة تلفظا واعتبار الحروف الملفوظة او المكتوبة او غيرهما. وسئل عطاء أى وقت انزلت فاتحة الكتاب قال انزلت بمكة يوم الجمعة كرامة اكرم الله بها محمد عليه السلام وكان معها سبعة آلاف ملك حين نزل بها جبريل على محمد عليهما السلام. روى ان عيرا قدمت من الشام لابى جهل بمال عظيم وهى سبع فرق ورسول الله واصحابه ينظرون اليها واكثر الصحابة بهم جوع وعرى فخطر ببال النبى صلى الله عليه وسلم شئ لحاجة اصحابه فنزل قوله تعالى { ولقد ءاتيناك سبعا من المثانى } [الحجر: 87] اى مكان سبع قوافل لابى جهل لا ينظر الى ما اعطيناك مع جلالة هذه العطية فلم تنظر الى ما اعطيته من متاع الدنيا الدنية ولما علم الله ان تمنيه لم يكن لنفسه بل لاصحابه قال { ولا تحزن عليهم } [النحل: 127] وامره بما يزيد نفعه على نفع المال فقال { واخفض جناحك للمؤمنين } [الحجر: 88] فان تواضعك اطيب لقلوبهم من ظفرهم بمحبوبهم ومن فضائلها ايضا قوله عليه السلام "لو كانت فى التوراة لما تهود قوم موسى ولو كانت فى الانجيل لما تنصر قوم عيسى ولو كانت فى الزبور لما مسخ قوم داود عليهم السلام وأيما مسلم قرأها اعطاه الله من الاجر كانما قرأ القرآن كله وكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة" ومن فضائلها ايضا ان الحروف المعجمة فيها اثنان وعشرون واعوان النبى صلى الله عليه وسلم بعد الوحى اثنان وعشرون وان ليست فيها سبعة احرف ثاء الثبور وجيم الجحيم وخاء الخوف وزاى الزقوم وشين الشقاوة وظاء الظلمة وفاء الفراق فمعتقد هذه السورة وقارئها على التعظيم والحرمة آمن من هذه الاشياء السبعة.
وعن حذيفة رضى الله عنه انه عليه السلام قال "ان القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا فيقرأ صبى من صبيانهم فى المكتب الحمد لله رب العالمين فيسمعه ويرفع عنهم بسببه العذاب اربعين سنة" وقد مر ما روى من ايداع علوم جميع الكتب فى القرآن ثم فى الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكل ومن قرأها فكأنما قرأ الكل. قال تفسير الكبير والسبب ان المقصود من جميع الكتب علم الاصول والفروع والمكاشفات وقد علم اشتمالها عليها.
قال الفنارى وذلك لما علم ان اولها الى قوله تعالى { مالك يوم الدين } [الفاتحة: 4].
اشارة الى العقائد المبدئية المتعلقة بالإلهيات ذاتا وصفة وفعلا لان حصر الحمد يقتضى حصر الكمالات الذاتية والوصفية والفعلية ثم بالنبوات والولايات لانهما اجلاء النعم او احصاؤها ثم الى العقائد المعادية لكونه مالكا للامر كله يوم المعاد واوسطها من قوله {اياك نعبد واياك نستعين} الى اقسام الاحكام الرابطة بين الحق والعبد من العبادات وذلك ظاهر من المعاملات والمزاجر لان الاستعانة الشرعية اما لجلب المنافع او لدفع المضار وآخرها الى طلب المؤمن وجوه الهداية المرتبة على الايمان المشار اليه فى القسم الاول والاسلام المشار اليه فى القسم الثانى وهى وجوه الاحسان اعنى المراتب الثلاث من الاخلاق الروحانية المحمودة ثم المراقبات المعهودة فى قوله عليه السلام "أن تعبد الله كأنك تراه"
ثم الكمالات المشهودة عند الاستغراق فى مطالع الجلال الرافع لكاف التشبيه الذى فى ذلك الخبر والدافع لغضب تنزيه الجبر وضلال نسبة القدر وهذه هى المسماة بعلوم المكاشفات والله اعلم باسرار كلية المبطنات.
-----
روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ)


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 04, 2022 7:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


عليك أيها المحمدي المتوجه نحو توحيد الذات - يسَّر الله أمرك - أن تتأمل في الأبجر السبعة المشتمل بهذا السبع المثاني في القرآن العظيم، المتفرعة على الصفات السبع الذاتية الإلهية، الموافقة للسماوات السبع والكواكب السبعة الكونية، وتدبر فيها حق التدبر، وتتصف بما رمز فيها تتخلص من الأودية السبعة الجهنمية، المانعة من الوصول إلى جنة الذات المستهلكة عندها جميع الإضافات والكثرات ولا يتيسر لك هذا التأمل والتدبر إلا بعد تصفية ظاهرك بالشرائع النبوية والنواميس المصطفوية المستنبطة من الكلم القرآنية، وباطنك بعزائمه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم المقتبسة من حكمها المودعة فيها، فيكن القرآن الجامع له خلق النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، المورث له من ربه المستخلف له.
فالقرآن خلق الله المنزل على نبيه، من تخلق به فاز بما فاز، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: "تخلقوا بأخلاق الله" وهي التي ذكرت في القرآن، والفاتحة منتخبة من جميع القرآن على أبلغ وجه وأوضح بيان، من تأمل فيها نال ما نال من جميع القرآن، لذلك فرض قراءتها عند الميل والتوجه إلى الذات الأحدية المعبر عنه بلسان الشرع، بالصلاة التي هي معراج أهل الاتجاه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الصلاة معراج المؤمن" ، وقال أيضاً: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب
". فعليك أيها المصلي المتوجه إلى الكعبة الحقيقة والقبلة الأصلية أن تواظب على الصلوات المفروضة المقربة إليها، وتلازم الحكم والأسرار المودعة في تشريعها، بحيث إذا أردت الميل إلى جنابه والتوجه نحو بابه لا بد لك أولاً من التوضؤ والتطهر عن الخبائث الظاهر والباطنة كلها، والتخلي عن اللذات والشهوات برمتها إلى حيث تيسر لك التحريمة بلا وسوسة شياطين الأهواء المظلة.
فإذا قلت مكبراً محرماً على نفسك جميع حظوظك من دنياك: الله أكبر، لا بد لك أن تلاحظ معناه بأنه: الذات الأعظم الأكبر في ذاته لا بالنسبة إلى الغير؛ إذ لا غير، وافعل هذا للصفة لا للتفضيل وتجعلها نصيب عينيك وعين مطلبك ومقصدك.
وإذا قلت قلت متيمناً متبركاً: بسم الله، انبعثت رغبتك إليه ومحبتك له.
وإذا قلت: الرحمن، استنشقته من النفس الرحماني ما يعينك على الترقي نحو جنابه.
وإذا قلت: الرحيم، استروحت بنفحات لطفه ونسمات رحمته، وجئت بمقام الاستئناس معه سبحانه بتعديد نعمه على نفسك.
وإذا قلت شاكراً لنعمه: الحمد لله، توسلت بشكر نعمه إليه.
وإذا قلت: رب العالمين، تحققت بإحاطته وشموله وتربيته على جميع الأكوان.
وإذا: قلت الرحمن، رجوت من سعة رحمته وعموم إشفاقه ومرحمته.
وإذا قلت: الرحيم: نجوت من العذاب الأليم الذي هو الالتفات إلى غير الحق، ووصلت إليه بعدما فصلت عنه بل اتصلت.
وإذا قلت: مالك يوم الدين، قطعت سلسلة الأسباب مطلقاً، وتحققت بمقام الكشف الشهود وحين ظهر لك ما ظهر، فلك أن تقول في تلك المقام والحالة بلسان الجمع: إياك نعبد، بك مخاطبين لك وإياك نستعين بإعانتك مستعينين منك.
وإذا قلت: اهدنا الصراط المستقيم، تحققت بمقام العبودية.
وإذا قلت: صراط الذين أنعمت عليهم، تحققت بمقام الجمع.
وإذا قلت: غير المغضوب عليهم، استوحشت من سطوة سلطنة صفاته الجلالية.
وإذا قلت: ولا الضالين، خفت من الرجوع بعد الوصول.
وإذا قلت: آمين، أمنت من الشيطان الرجيم.
فلك أن تصلي على الوجه الذي تلي، حتى تكون لك صلاتك معراجاً إلى ذروة الذات الأحدية ومرقاة إلى السماء السرمدية، ومفتاحاً للخزائنالأزلية الأبدية، وذلك لا يتيسر إلا بعد الموت الإرادي من مقتضيات الأوصاف البشرية، والتخلق بالأخلاق المرضية والخصال السنية، ولا يحصل لك هذا الميل إلا بعد العزلة والفرار عن الناس المنهمكين في الغفلة، والانقطاع عنهم وعن وسوستهم وعاداتهم المرة، وإلا فالطبيعة سارقة والأمراض سارية والنفوس آمرة بالهوى، مائلة عن المولى، عصمنا الله من شرورها وخلصنا من غرورها بمنه وجوده.
------
تفسير الجيلاني

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 10, 2022 10:00 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


وفضل هذه السورة مما لا يخفى ويكفي في فضلها ما روي بأسانيد صحيحة عن أبـي هريرة رضي الله تعالى عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبـي بن كعب فقال: يا أبـيّ وهو يصلي فالتفت أبـيّ فلم يجبه فصلى أبـيّ فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله إني كنت في الصلاة قال: أفلم تجد فيما أوحى الله إليّ {ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}؟ قال: بلى ولا أعود إن شاء الله تعالى قال تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ قال: نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تقرأ في الصلاة فقرأ بأم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما نزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها للسبع من المثاني ـ أو قال السبع المثاني ـ والقرآن العظيم الذي أعطيته" والأحاديث في ذلك كثيرة ولا بدع فهي أم الكتاب والحاوية من دقائق الأسرار العجب العجاب حتى إن بعض الربانيين استخرج منها الحوادث الكونية وأسماء الملوك الإسلامية وشرح أحوالهم وبيان مآلهم، وبالجملة هي كنز العرفان بل اللوح المحفوظ لما يلوح في عالم الإمكان. نسأل الله تعالى أن يمن علينا بإشراق أنوارها والاطلاع على مخزونات أسرارها إنه ولي التوفيق والهادي إلى معالم التحقيق.
------
الألوسي


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 19, 2022 10:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358
msobieh كتب:

الفاضل أحمد ماهر البدوي

أسرار الفاتحة لا تنتهي

وفيها مفتاح لكل شيء

مفتاح موضوع .. وارتباط موضوع تاني

لأن الفاتحة مرتبطة بكل شيء مش آخر الزمان فقط

وأبسط شيء :

إذا نفدت أحرف بسم الله الرحمن الرحيم ظهر المهدي

والمفاتيح منها ما هو عددي (رقمي)

ومنها ما هو حرفي

ومنها ما هو جمل

ومنها ما هو علاقات بين الثلاث

ومنها ما هو علاقات بينها وبين جزء من آية في سورة

وبحار ذلك تطول

وخليك فى حلاوة التسليم بالغيب

ودع عنك علوم الأسرار

وخليك في البساطة وأدب العبودية

والعبد ليس له اختيار

ولا ااستشراف شيء عند مولاه

وإلا نقصت عبوديته بقدر ما استشرف

وشرعا يقول: رب زدني علما .

أعزكم الله

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 02, 2022 9:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


" الۤـمۤ "
البقرة ١

تفسير آلم حروف الهجاء:
للناس في قوله تعالى: {الم } وما يجري مجراه من الفواتح قولان: أحدهما: أن هذا علم مستور وسر محجوب استأثر الله تبارك وتعالى به. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لله في كل كتاب سر وسره في القرآن أوائل السور، وقال علي رضي الله عنه: إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي. وقال بعض العارفين: العلم بمنزلة البحر فأجرى منه وادٍ ثم أجرى من الوادي نهر. ثم أجرى من النهر جدول، ثم أجرى من الجدول ساقية، فلو أجرى إلى الجدول ذلك الوادي لغرقه وأفسده، ولو سال البحر إلى الوادي لأفسده، وهو المراد من قوله تعالى: { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } [الرعد: 17] فبحور العلم عند الله تعالى، فأعطي الرسل منها أودية، ثم أعطت الرسل من أوديتهم أنهاراً إلى العلماء، ثم أعطت العلماء إلى العامة جداول صغاراً على قدر طاقتهم، ثم أجرت العامة سواقي إلى أهاليهم بقدر طاقتهم. وعلى هذا ما روي في الخبر «للعلماء سر، وللخلفاء سر. وللأنبياء سر، وللملائكة سر، ولله من بعد ذلك كله سر، فلو اطلع الجهال على سر العلماء لأبادوهم، ولو اطلع العلماء على سر الخلفاء لنابذوهم، ولو اطلع الخلفاء على سر الأنبياء لخالفوهم، ولو اطلع الأنبياء على سرالملائكة لاتهموهم، ولو اطلع الملائكة على سر الله تعالى لطاحوا حائرين، وبادوا بائرين». والسبب في ذلك أن العقول الضعيفة لا تحتمل الأسرار القوية، كما لا يحتمل نور الشمس أبصار الخفافيش، فلما زيدت الأنبياء في عقولهم قدروا على احتمال أسرار النبوة، ولما زيدت العلماء في عقولهم قدروا على احتمال أسرار ما عجزت العامة عنه، وكذلك علماء الباطن، وهم الحكماء زيد في عقولهم فقدروا على احتمال ما عجزت عنه علماء الظاهر. وسئل الشعبي عن هذه الحروف فقال: سر الله فلا تطلبوه، وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال: عجزت العلماء عن إدراكها، وقال الحسين بن الفضل: هو من المتشابه.

واعلم أن المتكلمين أنكروا هذا القول، وقالوا لا يجوز أن يرد في كتاب الله تعالى ما لا يكون مفهوماً للخلق، واحتجوا عليه بالآيات والأخبار والمعقول

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير للإمام الرازي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 08, 2022 10:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


الۤـمۤ ١ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ٢ -البقرة
تفسير القرآن
قال سهل: {الۤمۤ} [1] اسم الله عزَّ وجلَّ فيه معان وصفات يعرفها أهل الفهم به، غير أن لأهل الظاهر فيه معاني كثيرة، فأما هذه الحروف إذا انفردت، فالألف تأليف الله عزَّ وجلَّ ألف الأشياء كما شاء، واللام لطفه القديم، والميم مجده العظيم. قال سهل: لكل كتاب أنزله الله تعالى سر، وسر القرآن فواتح السور، لأنها أسماء وصفات، مثل قوله: "المص، الر، المر، كهيعص، طسم، حم، عسق" فإذا جمعت هذه الحروف بعضها إلى بعض كانت اسم الله الأعظم، أي إذا أخذ من كل سورة حرف على الولاء، أي على ما أنزلت السورة وما بعدها على النسق: "الر" و"حم" و "نون" معناه الرحمن. وقال ابن عباس والضحاك: "الم" معناه: أنا الله أعلم. وقال علي رضي الله عنه: هذه أسماء مقطعة، إذا أخذ من كل حرف حرف لا يشبه صاحبه فجمعن كان اسماً من أسماء الرحمن إذا عرفوه ودعوا به كان الاسم الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب. وقال سهل: {الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ}[1-2] الألف الله، واللام العبد، والميم محمد صلى الله عليه وسلم كي يتصل العبد بمولاه من مكان توحيده واقتدائه بنبيه. وقال سهل: بلغني عن ابن عباس أنه قال: أقسم الله تعالى أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو الكتاب الذي هو من عند الله تعالى فقال: {الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ} الألف الله، واللام جبريل عليه السلام، والميم محمد صلى الله عليه وسلم، فأقسم الله تعالى بنفسه وجبريل ومحمد عليهما السلام. وقال: إن الله تعالى اشتق من اسمه الأعظم الألف واللام والهاء، فقال: { إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [القصص:30] واشتق لهم اسماً من أسمائه فجعله اسم نبيه صلى الله عليه وسلم، وآخر من اسم نبيه آدم عليه السلام فقال: { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [محمد:11] إلاَّ الطاغوت أي الشيطان.
______


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 11, 2022 12:02 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


قيل: إن الألف ألف الوحدانية واللام لام اللطف والميم ميم الملك. معناه: من وجدنى على الحقيقة بإسقاط العلائق والأغراض فلطفت له فى معناه فأخرجته من رق العبودية إلى الملك الأعلى، وهو الاتصال بمالك الملك بعد الاشتغال بشئ من الملك.
وقيل {الۤمۤ}: سر الحق إلى حبيبه صلى الله عليه وسلم ولا يعلم سر الحبيب، ألا تراه يقول: " "لو تعلمون ما أعلم" " أى من حقائق سر الحق وهو الحروف المفردة فى الكتاب.
وقيل {الۤمۤ}: معناه أنا الله أعلم.
وقيل {الۤمۤ}: معنى الألف أى أفرد سرك لى واللام لين جوارحك لعبادتى والميم أتم معى بحور شوقك وصفاتك أذبتك بصفات الأنس بى ولمشاهدة آياتى، والقرب منى.
وقال سهل بن عبد الله: الألف هو الله واللام جبريل والميم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال بعض العراقيين: حَيَّر عقول الخلق فى ابتداء خطابه وهو محل الفهم ليعلموا أن لا سبيل لأحد إلى معرفة حقائق خطابه إلا بعلمهم بالعجز عن معرفة خطابه.
وقال بعضهم: {الۤمۤ} أى: أنزلت عليك هذا الكتاب من اللوح المحفوظ.
وقال بعضهم: لكل كتاب أنزله الله على النبيين منسىٌّ، وسره فى القرآن هذه الحروف فى أوائل السور.
وقيل الألف: ألف الوحدانية واللام لام الإلهية والميم ميم المهيمنية.
----
حقائق التفسير للسلمي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 30, 2022 1:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358

هذه الحروف المقطعة في أوائل السورة من المتشابِه الذي لا يعلم تأويله إلا الله - عند قوم، ويقولون لكل كتاب سر، وسر الله في القرآن هذه الحروف المقطعة. وعند قوم إنها مفاتح أسمائه، فالألف من اسم (الله)، واللام يدل على اسمه "اللطيف"، والميم يدل على اسمه "المجيد" و "الملك".
وقيل أقسم الله بهذه الحروف لشرفها لأنها بسائط أسمائه وخطابه.
وقيل إنها أسماء السور.
وقيل الألف تدل على اسم "الله" واللام تدل على اسم "جبريل" والميم تدل على اسم "محمد" صلى الله عليه وسلم، فهذا الكتاب نزل من الله على لسان جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
والألِف من بين سائر الحروف انفردت عن أشكالها بأنها لا تتصل بحرف في الخط وسائر الحروف يتصل بها إلا حروف يسيرة، فينتبه العبد عند تأمل هذه الصفة إلى احتياج الخلق بجملتهم إليه، واستغنائه عن الجميع.
ويقال يتذكر العبد المخلص مِنْ حالة الألف تَقَدُّسَ الحق سبحانه وتعالى عن التخصص بالمكان؛ فإن سائر الحروف لها محل من الحَلقْ أو الشفة أو اللسان إلى غيره من المدارج غير الألف فإنها هويته، لا تضاف إلى محل.
ويقال الإشارة منها إلى انفراد العبد لله سبحانه وتعالى فيكون كالألف لا يتصل بحرف، ولا يزول عن حالة الاستقامة والانتصاب بين يديه.
ويقال يطالب العبد في سره عند مخاطبته بالألف بانفراد القلب إلى الله تعالى، وعند مخاطبته باللام بلين جانبه في (مَراعاة) حقه، وعند سماع الميم بموافقة أمره فيما يكلفه.
ويقال اختص كل حرف بصيغة مخصوصة وانفردت الألف باستواء القامة، والتميز عن الاتصال بشيء من أضرابها من الحروف، فجعل لها صدر الكتاب إشارة إلى أن من تجرَّد عن الاتصال بالأمثال والأشغال حَظِي بالرتبة العليا، وفاز بالدرجة القصوى، وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هي غير مركبة، على سنة الأحباب في ستر الحال، وإخفاء الأمر على الأجنبي من القصة - قال شاعرهم:
قلت لها قفي قالت قافلا تحسبي أَنَّا نسبنا لا يخاف

ولم يقل وقفت ستراً على الرقيب ولم يقل لا أقف مراعاة لقلب الحبيب بل: "قالت قاف".
ويقال تكثر العبارات للعموم والرموز والإشارات للخصوص، أَسْمَعَ موسى كلامَه في ألف موطن، وقال لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم: أَلِفْ... وقال عليه السلام: "أوتيتُ جوامْع الكلِم فاختُصِرَ لي الكلامُ اختصاراً" وقال بعضهم: قال لي مولاي: ما هذا الدنَف؟ قلت: تهواني؟ قال: لام ألف.
-----
لطائف الإشارات للقشيري

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 30, 2022 3:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45691
فتح الله عليك اخى الكريم

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 30, 2022 7:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


{الۤمۤ} معناه ان الالف اشارة الى وحدانيّة الذات واللام إشارة الى أزليّة الصفات والميم اشارة الى ملكه في اظهار الايات بالالف اخبر عن فردانية الذات وباللام اخبر عن سرمديّة الصفات وبالميم اخبر عن سلطانيته في اظهار الايات والالف سرّ الذات واللام سرَ الصفات والميم سرَ القدم في ظهور الايات اما سرّ الذات فلا ينكشف الا بوحدانيّ الذات وسرّ الصفات لا ينكشف الاّ لِمنَ اتخذ صفاته بالصفات وسر القدم لا ينكشف الا لمن خرج من الايات تجلى بالاف لارواح الانبياء سرَ ذاته وتجلى عن البشريات وكَسَاها من انوار الذات فخصائهم في ذلك اظهار المعجزات وتجلى باللام لقلوب العارفين عن سرّ صفاته فافتاها عن الكدورات والَبَسها من سَنَا الصفات كرامات في ذلك اظهار الشطيحات وتجلى الميم لعقول الاولياء من سرّ قدمه فناؤها عن الشهوات وانوارَها صفاء القدرة وسائط الايات فشرفهم في ذلك اظهار الكرمات وقال جعفر الضاد آلم رمزو اشارة بينا وبين حبيبه عليه السلام ارد ان لا يطلع عليه احد سواهما اخرجه بحروف بعيدة عن درك الاغيار وفهم السرّ بينهما الا غير وقال بعضهم من الله خص حبيبه صلى الله عليه وسلم بهذه الحروف التي في أوائل السُور وخاطبه بها مخاطبة الحبيب الى باسرار تنصرٍ
الا فهامُ والاوهام غيره من اطلاع الغير عليها او كان ابن مسعود عرضت الاحرفُ المعُجم على الرحمن عزّ وجله هي تسعة وعشرون حرفاً فتواضع الالف من بين الحروف له تواضعه فجعله قائماً وجعله مفتاح كل اسم من اسمائه وقيل انّ الفُ الوحدانيةُ واللام لام اللطف والميم ميم الملك عناه من ودني على الحقية باسقاط العلايق والاعراض تَلَطفت له في معناه واخرجته من المعبودية الى مُلكِ الاعلى و الانفصال بمالك الملك دون الاشتغال بشئ من الملك وقيل آلم سرّ الحق الى حبيبه صلوات الله و سلامه عليه ولا يعلم سرّ الحبيب غيره الا تراه بقوله لو تعلمون ما اعلم اي من حقائق سرّ الحق وهو الحروف المفردة في الكتاب وقال بعض العراقين فحيَّر عقول الخلق في ابتداء خطابه وهو مَحلّ القهم ليعلموا ان لا سبيل الى معرفة حقائق خطابه لا بعلهم عن معرفة خطابه.
----
عرائس البيان في حقائق القرآن للبقلي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 31, 2022 4:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


{آلم} ان قلت ما الحكمة فى ابتداء البقرة بالم والفاتحة بالحرف الظاهر المحكم الجواب قال السيوطىرحمه الله فى الاتقان اقول فى مناسبة ابتداء البقرة بالم انه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل احد بحيث لا يعذر فى فهمه ابتدئت البقرة بمقابلة وهو الحرف المتشابه البعيد التأويل ليعلم مراتبه للعقلاء والحكماء ليعجزهم بذلك ليعتبروا ويدبروا آياته كذا فى خواتم الحكم وحل الرموز وكشف الكنوز للعارف بالله الشيخ المعروف بعلى دده.
واعلم انهم تكلموا فى شأن هذه الفواتح الكريمة وما اريد بها فقيل انها من العلوم المستورة والاسرار المجحوبة اى من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه وهى سر القرآن فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها الى الله تعالى وفائدة ذكرها طلب الايمان بها والالف الله واللام لطيف والميم مجيد اى انا الله اللطيف المجيد كما ان قوله تعالى { الر } [يوسف: 1].
انا الله ارى و { كهيعص } [مريم: 1] انا الله الكريم الهادى الحكيم العليم الصادق وكذا قوله تعالى { ق } [ق: 1].
اشارة الى انه القادر القاهر و { ن } اشارة الى انه النور الناصر فهى حروف مقطعة كل منها مأخوذ من اسم من اسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود فى العربية كما قال الشاعر
قلت لها قفى فقالت ق

اي وقفت وقيل ان هذه الحروف ذكرت فى اوائل بعض السور لتدل على ان القرآن مؤلف من الحروف التى هى "ا ب ت ث" فجاء بعضها مقطعا وبعضها مؤلفا ليكون ايقاظا لما تحدى بالقرآن وتنبيها لهم على انهم منتظم من عين ما ينظمون منه كلامهم فلولا انه خارج عن طوق البشر نازل من عند خلاق القوى والقدر لأتوا بمثله هذا ما جنح اليه اهل التحقيق ولكن فيه نظر لانه يفهم من هذا القول ان لا يكون لتلك الحروف معان واسرار والنبى عليه السلام اوتى علم الاولين والآخرين فيحتمل ان يكون الم وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات المعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهما وقد واضعها الله تعالى مع نبيه عليه السلام فى وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على لسان جبريل عليه السلام باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام لما نزل بقوله تعالى { كهيعص } [مريم: 1] فلما قال "كاف" قال النبى عليه السلام "علمت" فقال "ها" فقال "علمت" فقال "ياء" فقال "علمت" فقال "عين" فقال "علمت" فقال "صاد" فقال "علمت} فقال جبريل عليه السلام كيف علمت ما لم اعلم.
وقال الشيخ الاكبر قدس سره فى اول تفسيره {الم ذلك الكتاب} [البقرة:1].
واما الحروف المجهولة التى انزلها الله تعالى فى اوائل السور فسبب ذلك من أجلها لغو العرب عند نزول القرآن فانزلها سبحانه حكمة منه حتى تتوفر دواعيهم لما انزل الله اذا سمعوا مثل هذا الذى ما عهدوه والنفوس من طبعها ان تميل الى كل امر غريب غير معتاد فينصتون عن اللغو ويقبلون عليها ويصغون اليها فيحصل المقصود فيما يسمعونه مما يأتى بعد هذه الحروف النازلة من عند الله تعالى وتتوفر دواعيهم للنظر فى الامر المناسب بين حروف الهجاء التى جاء بها مقطعة وبين ما يجاورها من الكلم وابهم الامر عليهم من عدم اطلاعهم عليها فرد الله بذلك شرا كبيرا من عنادهم وعتوهم ولغوهم كان يظهر منهم فذاك رحمة للؤمنين وحكمة منه سبحانه انتهى كلامه.
قال بعض العارفين كل ما قيل فى شرحها بطريقة النظر والاعتبار فتخمين النظر من قائله لا حقيقة الا لمن كشف الله له عن قصده تعالى بها. يقول الفقير جامع هذه المعارف واللطائف شكر الله مساعيه وبسط اليه من عنده اياديه قال شيخى الاكمل فى هامش كتاب اللائحات البرقيات له بعد ما ذكر بعض خواص الم على طريق الحقيقة زلق فى امثال هذا المتشابه اقدام الزائغين عن العلم وتحير عقول الراسخين فى العلم وبعضهم توقف تأدبا مع الله تعالى ولم يتعرض بل قالوا آمنا به كل من عند ربنا وبعضهم تأولوا لكن بوجوه بعيدة عن المرام والمقام بعدا بعيدا الا انها مستحسنة شرعا مقبولة دينا وعقلا وما يذكر اى بالمقصود والمرام على ما هو عليه فى نفسه فى الواقع الا اولوا الباب لكن بتذكير الله تعالى والهامه واطلاعه تخصيصا لهم وتمييزا لهم عما عداهم اختصاصا اليها ازليا لهم من عند الله لا بتفكر انفسهم ونظر عقولهم بل بمحض فيض الله والهامه انتهى كلامه الشريف قدس سره اللطيف.
وقال عبد الرحمن البسطامى قدس سره مؤلف الفوائح المسكية فى بحر الوقوف ثم ان بعض الانبياء علموا اسرار الحروف بالوحى الربانى والالقاء الصمدانى وبعض الاولياء بالكشف الجلى النورانى والفيض العلى الروحانى وبعض العلماء بالنقل الصحيح والعقل الرجيح وكل منهم قد اخبر اصحابه ببعض اسرارها إما بطريق الكشف والشهود او بطريق الرسم والحدود والصحيح ان الله تعالى طوى علم اسرار الحروف عن اكثر هذه الامة لما فيها من الحكم الالهية والمصالح الربانية ولم يأذن للاكابر ان يعرفوا منه الا بعض اسراره التى يشتمل عليها تركيبها الخاص المنتج انواع التسخيرات والتأثيرات فى العوالم العلويات والسفليات الى غير ذلك انتهى كلام بحجر الوقوف. وفى التأويلات النجمية هيئة الصلاة التى ذكرت فى القرآن ثلاثة القيام لقوله تعالى { وقوموا لله قانتين } [البقرة: 238]والركوع لقوله تعالى { واركعوا مع الراكعين } [البقرة: 43] والسجود لقوله تعالى { واسجد واقترب } [العلق: 19] فالألف في المن إشارة الى القيام واللام اشارة الى الركوع والميم اشارة الى السجود يعنى من قرأ سورة الفاتحة التى هى مناجاة العبد مع الله فى الصلاة التى هى معراج المؤمنين يجيبه الله تعالى بالهداية التى طلبها منه بقوله اهدنا. ثم اعلم ان المتشابه كالمحكم من جهة اجر التلاوة لما ورد عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر امثالها لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف" ففى الم تسع حسنات.
------روح البيان في تفسير القرآن لاسماعيل حقي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 01, 2023 5:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


الم}
وقد حارت العقول في رموز الحكماء، فكيف بالأنبياء؟ فكيف بالمرسلين؟ فكيف بسيد المرسلين؟، فكيف يطمع أحد في إدراك حقائق رموز رب العالمين؟! قال الصديق رضي الله عنه: (في كل كتاب سر، وسر القرآن فواتح السور). هـ. فمعرفة أسرار هذه الحروف لا يقف عليها إلا الصفوة من أكابر الأولياء. وكل واحد يلمع له على قدر صفاء شربه.
وأقرب ما فيها أنها أشياء أقسم الله بها لشرفها. فقيل: إنها مختصرة من أسمائه تعالى، فالألف من الله، واللام من اللطيف، والميم من مهيمن أو مجيد. وقيل: من أسماء نبيه صلى الله عليه وسلم فالميم مختصرة إما من المصطفى، ويدل عليه زيادة الصاد في { المص } [الأعرَاف: 1]، أو من المرسل، ويدل عليه زيادة في الراء { المر } [الرعّد: 1]. و { الر } [الحِجر: 1] مختصرة من الرسول. فكأن الحق تعالى يقول: يا أيها المصطفى أو يا أيها الرسول { ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ } [البَقَرَة: 2] أو هذا { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [الأعراف: 2] أو غير ذلك، ويدل على هذا توجيه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم بعد هذه الرموز. و { كهيعص } [مريَم: 1] مختصرة من الكافي والهادي والولي والعالم والصادق، و { طه } [طه: 1] من طاهر، و { طس } [النَّمل: 1] من يا طاهر يا سيد، ويا محمد في { طسم } [الشُّعَرَاء: 1]، إلى غير ذلك.
وعند أهل الإشارة يقول الحق جلّ جلاله: ألف: أفْرِدْ سِرَّك إِلّيَّ، انفراد الألف عن سائر الحروف، واللام: لَيِّنْ جوارحك لعبادتي، والميم: أقم معي بمحو رسومك وصفاتك، أزينك بصفاء الأنس والقرب مني. قاله الثعلبي.
قلت: والأظهر أنها حروف تشير للعوالم الثلاثة، فالألف لوحدة الذات في عالم الجبروت، واللام لظهور أسرارها في عالم الملكوت، والميم لسريان أمدادها في عالم الرحموت، والصاد لظهور تصرفها في عالم الملك. وكل حرف من هذه الرموز يدل على ظهور أثر الذات في عالم الشهادة، فالألف يشير إلى سريان الوحدة في مظاهر الأكوان، واللام: يشير إلى فيضان أنوار الملكوت من بحر الجبروت، والميم يشير إلى تصرف الملك في عالم الملك، وكأن الحق تعالى يقول: هذا الكتاب الذي تتلو يا محمد - هو فائض من بحر الجبروت إلى عالم الملكوت، ومن عالم الملكوت إلى الرحموت، ثم نزل به الروح الأمين إلى عالم الملك والشهادة، فلا ينبغي أن يرتاب فيه .
------
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 02, 2023 9:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


واختلف العلماء في معاني أوائل السور: فعن ابن عباس أقوال، منها: أنه قال: "الۤمۤ؛ أنا الله أعلم، الۤرۤ؛ أنا الله أرى".
فالألف: يؤدي عن "أنا"، واللام: يؤدي عن اسم الله. والميم: تؤدي عن "أعلم"، والراء: يؤدي عن "أرى".
وعنه [أن] أوائل السور مأخوذة من أسماء الله. فيقول في { كۤهيعۤصۤ } [مريم: 1]: "إن الكاف: من كاف، والهاء: من هاد".
وعنه أيضاً "أنها أقسام، أقسم الله بها، وهي من أسماء الله جل ذكره".
وقد قال بكل قول من هذه الأقوال جماعة من العلماء.
وروى عنه عطاء أنه قال في {الۤـمۤ}: "الألف: الله، واللام: جبريل، والميم: محمد صلى الله عليه وسلم"
[وكذلك] روى الضحاك عنه.
وقال قتادة: "الۤمۤ، اسم من أسماء القرآن". وروي مثله عن مجاهد.
وعن مجاهد أيضاً أنه قال: "هي فواتح السور".
وقال أبو عبيدة والأخفش: "هي افتتاح كلام".
وقال زيد بن أسلم: "هي أسماء السور".
وروى ابن جبير عن ابن عباس: " { كۤهيعۤصۤ } [مريم: 1]: كبير، هاد، عزيز، صادق".
وقال محمد بن كعب: {حـمۤ * عۤسۤقۤ}: الحاء والميم: من الرحمان، والعين: من العليم، والسين: من القدوس، والقاف: من القهار".
/ وقال في {الۤمۤصۤ}: "الألف واللام: الله، والصاد: من الصمد".
وقال بعض أهل النظر: "هي تنبيه".
وقال قطرب في معناها: "كان المشركون ينفرون عند قراءة القرآن. فلما سمعوا" {الۤـمۤ} و {الۤمۤصۤ} وقفوا ليفهموا ما هو وأنصتوا، فاتصلت تلاوة القرآن بها / فسمعوه، وثبتت عليهم الحجة، وجحدوا بعد سماع ما هو حجة عليهم. وهذه حكمة بالغة من الله، والله أعلم بذلك".
وعن قطرب أيضاً أنه قال: "هي حروف ذكرت لتدل على أن هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف المقطعة".
وقال أبو العالية: "هي الحروف من التسعة وعشرين حرفاً دارت بها الألسن كلها، ليس فيها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه ونعمائه، وليس منها (حرف) إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم. الألف: مفتاح اسمه: الله، واللام مفتاح / اسمه: لطيف، والميم مفتاح اسمه: مجيد. الألف: آلاء الله، واللام: لطفه، والميم: مجده. الألف: سنة، واللام: ثلاثون سنة، والميم: أربعون سنة".
وقال جماعة: "هي مما لا يعلمه إلا الله، ولله في [كل كتاب] سر، وهذه الحروف سره في كتابه".
وقيل: هي اسم الله الأعظم. رواه السدي عن ابن عباس.
ويروى أن اليهود لما سمعت / {الۤـمۤ}، قالوا: "الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة، وهي مدة ملك محمد. أفتدخلون في دين، إنما مدة ملكه إحدى وسبعون سنة. فلما سمعوا { الۤمۤصۤ } [الأعراف: 1] قالوا: هذا أثقل وأطول؛ الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون والصاد ستون فذلك إحدى وثلاثون ومائة سنة، فلما سمعوا { الۤر } [يونس: 1] و { الۤمۤر } [الرعد: 1] و { حـمۤ * عۤسۤقۤ } [الشورى: 1-2]، قالوا: قد لبس علينا الأمر، فما ندري ما يقيم ملكه. فأنزل الله عز وجل: { مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } [آل عمران: 7].
فهذا الذي اشتبه عليهم في هذا التأويل والله أعلم.
وهذه الحروف تسمى حروف المعجم، وإنما سميت بذلك لأنها مبينة للكلام فاشتق لها هذا الاسم من قولهم: "أعجَمْتُ الِكتَابَ" إذا بَيَّنْتَهُ.
وقيل: إنما اشتق لها هذا من قولهم: "عَجَمْتُ الْعُودَ" إذا عَضَضْتَهُ لِتَخْتَبِرَهُ.
فيكون "المعجم" من هذا أتى على توهم زيادة الهمزة، كما أتى "لواقع" على توهم حذف الهمزة من "ألْقَحْتُ"، وكان الأصل "ملاقح". كذلك كان الأصل "المعجوم"، إذا جعلته من "عَجَمْت". وقد قالوا: / "مسعود"، على تقدير حذف الهمزة من "أسعده الله"، وقرئ: { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ } [هود: 108] - بضم السين - على ذلك التقدير. فكذلك المعجم من "عجمت" على تقدير حذف الهمزة من "أعجمت"، فيكون معناه حروف الاختبار، وهي موقوفة مبنية على السكون أبداً، إلا أن تخبر عن شيء منها، أو تعطف بعضها على بعض، فتعربها، تقول: هذه جاء وياء". وهي تؤنث وتذكر.
----
تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه لمكى بن ابي طالب

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 03, 2023 12:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358


تفسير الجيلاني
{الۤـمۤ} [البقرة: 1] أيها الإنسان الكامل، اللائق لخلافتنا، الملازم لاستشكاف أسرار ربوبيتنا كيفية بركات هويتنا الذاتية السارية على صفائح المكونات، المنتزعة عنها والمأخوذة منها.

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 301 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9 ... 21  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط