موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 309 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 21  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 15, 2022 5:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


قيل: من حق العبيد إذا شاهدوا مليكهم أن ينسوا المملكة عند مشاهدة مليكهم.
وقيل: إنه لمن يزل ولا يزال قلقاً فكن فى الدنيا كما تكون فى الآخرة. وَالِهاً حذرًا عالمًا أنك فى ملكه حيث ما كنت.
وقيل: ملك يوم الدين، يوم الكشف والإشهاد { { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } } [طه: 15].
وقيل: إنها خمسة أسامى لله ورب العالمين والرحمن والرحيم ومالك فاستدعى الإلهية الوَلَه والربوبية رؤية المنة والرحمن رؤية الشفقة، والرحيم رؤية التعطف، والمالك القطع عن المملكة بالاتصال بمالكها.
----
حقائق التفسير السلمي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 17, 2022 11:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408

المالك من له المُلك، ومُلك الحق سبحانه وتعالى قدرته على الإبداع، فالملك مبالغة من المالك وهو سبحانه الملك المالك، وله المُلك. وكما لا إله إلا هو فلا قادر على الإبداع إلا هو، فهو بإلهيته متوحد، وبملكه متفرد، ملك نفوس العابدين فصرفها في خدمته، وملك قلوب العارفين فشرِّفها بمعرفته، وملك نفوس القاصدين فتيَّمها، وملك قلوب الواجدين فهيَّمها. ملك أشباح منْ عبَدَه فلاطفها بنواله وأفضاله، وملك أرواح مَنْ أحبهم (....) فكاشفها بنعت جلاله، ووصف جماله. ملك زمام أرباب التوحيد فصرفهم حيث شاء على ما شاء ووفَّقهم حيث شاء على ما شاء كما شاء، ولم يَكِلْهم إليهم لحظة، ولا مَلَّكَهم من أمرهم سِنَّةٌ ولا خطرة، وكان لهم عنهم، وأفناؤهم له منهم.
فصل: مَلَكَ قلوبَ العابدين إحسانُه فطمعوا في عطائه، وملك قلوب الموحدين سلطانُه فقنعوا ببقائه. عرَّف أربابَ التوحيد أنه مالكهم فسقط عنهم اختيارهم، علموا أن العبد لا ملك له، ومن لا ملك له لا حكم له، ومن لا حكم له لا اختيار له، فلا لهم عن طاعته إعراض ولا على حكمه اعتراض، ولا في اختياره معارضة، ولا لمخالفته تعرّض، و{يَوْمِ ٱلدِّينِ}. يومُ الجزاء والنشر، ويوم الحساب والحشر - الحق سبحانه وتعالى يجزي كلاً بما يريد، فَمِنْ بين مقبولٍ يوم الحشر بفضله سبحانه وتعالى لا بفعلهم، ومن بين مردودٍ بحكمه سبحانه وتعالى لا بِجُرْمِهم. فأمَّا الأعداء فيحاسبهم ثم يعذبهم وأمَّا الأولياء فيعاتبهم ثم يقربهم:
قومٌ إذا ظفروا بنا جادوا بعتق رقابنا
---
لطائف الإشارات القشيري


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 23, 2022 12:35 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408

قوله تعالى {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} في اسم المالك رجاء المقبلين وتجويف المهلكين يجازى مقاسات اكَمِ فراقِ العاشقين بمشاهدته ونفائس كرامته ويجازى عُموم بكشف حمالِه وجلاله ويجازى المعاملةَ الصادقين باداخالهم في جنانه واسكانهم في جوازه وقال ابن عطا يجازى يوم الحساب كل صنفٍ بقصودهم وهمتهم يجازى العارفين بالقرب منه والنظر الى وجهه الكريمة ويجازى ارباب المعاملات بالحسنات وقيل مالكٍ يوم الكشف والاشهاد وليجازى كل نفسٍ بما تسعى وقال الاستاذ مالك نفوس العابدين فصرفها في خدمته ومالك وقلوب العارفين فشرفها ومَالِكِ نفوس القاصدين فيتمها ومالك قلوب الواجدين فهيّمها ومالكِ اشباحِ من عَبِدَه فلاطفها بنواله وافضاله ومالك ارواح من اَحَيّه فكاشفها بنعت دلال ووصف جماله ومالك زمامِ اربا التوحيد فصرّفهم حيث شاء كما شاء ووفقهم حيث شاء كما شاء على ما يشاء كما شاء لم تكِلهم الهيم لحظة ولا ملَكهم من امرهم سيئةًولا خَطُرة افناهم له عنهم.
----
عرائس البيان في حقائق القرآن-البقلى

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 27, 2022 12:40 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


{مالك يوم الدين} اليوم فى العرف عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان وفى الشرع عما بين طلوع الفجر الثانى وغروب الشمس والمراد ههنا مطلق الوقت لعدم الشمس ثم اى مالك الامر كله فى يوم الجزاء فاضافة اليوم الى الدين لادنى ملابسة كاضافة سائر الظروف الى ما وقع فيها من الحوادث كيوم الاحزاب ويوم الفتح وتخصيصه اما لتعظيمه وتهويله او لبيان تفرده باجراء الامر فيه وانقطاع العلائق بين الملاك والاملاك حينئذ بالكلية ففى ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره واصل الملك والملك الربط والشد والقوة فلله فى الحقيقة القوة الكاملة والولاية النافذة والحكم الجارى والتصرف الماضى وهو للعباد مجاز اذلملكهم بداية ونهاية وعلى البعض لا الكل وعلى الجسم لا العرض وعلى النفس لا النفس وعلى الظاهر لا الباطن وعلى الحى لا الميت بخلاف المعبود الحق اذ ليس لملكه زوال ولا لملكه انتقال وقراءة مالك بالالف اكثر ثوابا من ملك لزيادة حرف فيه – يحكى – عن ابى عبد الله محمد بن شجاع الثلجىرحمه الله تعالى انه قال كان من عادتى قراءة مالك فسمعت من بعض الادباء ان ملك ابلغ فتركت عادتي وقرأت ملك فرأيت فى المنام قائلا يقول لم نقصت من حسناتك عشرا اما سمعت قول النبى صلى الله عليه وسلم "من قرأ القرآن كتب له بكل حرف عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيآت ورفعت له عشر درجات" .
فانتهبت فلم اترك عادتى حتى رأيت ثانيا فى المنام انه قيل لى لم لا تترك هذه العادة اما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأوا القرآن فخما مفخما" .
اى عظيما معظما فاتيت قطربا وكان اماما فى اللغة فسألته ما بين المالك والملك فقال بينهما فرق كثير اما المالك فهو الذى ملك شيأ من الدنيا واما الملك فهو الذى يملك الملوك.
والوجه فى سرد الصفات الخمس كانه يقول خلقتك فانا إله ثم ربيتك بالنعم فانا رب ثم عصيت فسترت عليك فانا رحمن ثم تبت فغفرت فانا رحيم ثم لا بد من الجزاء فانا مالك يوم الدين.
----
روح البيان لاسماعيل حقي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 11, 2022 1:00 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


قال رجل بين يدي الجنيد: { الحمد لله } ولم يقل: { رب العالمين } ، فقال له الجنيد: كَمِّلْهَا يا أخي، فقال الرجل: وأيّ قَدْر للعالمين حتى تُذكر معه؟! فقال الجنيد: قُلها يا أخي فإن الحادث إذا قُرن بالقديم تلاشى الحادُث وبقي القديم.
يقول سبحانه: " يا مَن هو مني قريب، تَدبر سِرِّي فإنه غريب أنا المحبُ، وأنا الحبيب، وأنا القريب، وأنا المجيب، أنا الرحيم الرحمن، وأنا الملك الديّان، أنا الرحمن بنعمة الإيجاد، والرحيمُ بتوالي الإمداد. منِّي كان الإيجاد، وعليَّ دوام الإمداد، وأنا رب العباد، أنا الملك الديَّان، وأنا المجازي بالإحسان على الإحسان، أنا الملك على الإطلاق، لولا جهالة أهل العناد والشقاق، الأمر لنا على الدوام، لمن فهم عنا من الأنام ". قال في الرسائل الكبرى: لا عبرة بظواهر الأشياء، وإنما العبرة بالسر المكنون، وليس ذلك إلا بظهور أمر الحق وارتفاع غَطَائه وزوال أستاره وخفائه، فإذا تحقق ذلك التجلّي والظهور، واستولى على الأشياء الفناءُ والدُّثُور، وانقشعت الظلمات بإشراق النور، فهناك يبدو عينُ ويَحِقُّ الحق المبين، وعند ذلك تبطل دعوى المدعين، كما يفهم العامة بطلان ذلك في يوم الدين، حين يكون الملك لله رب العالمين، وليت شعري أيُّ وقت كان الملكُ لسواه حتى يقع التقييد بقوله:{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الحَجّ: 56]، وقوله:{ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفِطار: 19]؟! لولا الدعاوَى العريضة من القلوب المريضة. هـ.
----
البحر المديد لإبن عجيبه الحسيني رضى الله عنه

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 13, 2022 12:47 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4]، الإشارة فيه إلى أن الدين في الحقيقة الإسلام، يدل عليه قوله تعالى:{ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } [آل عمران: 19]، والإسلام على نوعين: الإسلام بالظاهر وإسلام بالباطن، فإسلام الظاهر بإقرار اللسان وعمل الأركان لقوله تعالى:{ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } [الحجرات: 14]، وقال صلى الله عليه وسلم: في جواب جبريل عليه السلام: ما الإسلام؟ قال: " الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً " فهذا الإسلام جسداني والجسداني ظلماني، ويعبر عن الليل بالظلمة، وأما الإسلام الباطن فانشراح القلب والصدر بنور الله بقوله تعالى:{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [الزمر: 22]، فهذا الإسلام الروحاني نوراني ويعبر عن اليوم بالنور، فالإسلام الجسداني يقتضي إسلام الجسد لأوامر الله تعالى، ونواهيه، والإسلام الروحاني يقتضي استسلام القلوب والروح لأحكامه الأزلية وقضائه وقدره، فمن كان موقوفاً عند الإسلام الجسداني، ولم يبلغ مرتبة الإسلام الروحاني فهو بعد في سير نعمة الدين مترف ومتحير، فيرى ملوكاً وملاكاً كثيرة كما كان حال الخليل عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال:{ هَـٰذَا رَبِّي } [الأنعام: 76] وتنفس سعادته وطلعت شمس الإسلام الروحاني من وراء جبل نفسه عن شوق القلب صبح فهو على{ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [الزمر: 22] واضح في كشف يوم الدين، فيكون ورد وقته: " أصبحنا وأصبح الملك لله " ، فيشاهد بعين اليقين بل يكاشف حق اليقين أن الملك لله ولا مالك إلا مالك يوم الدين، فإذا تجلى له النهار وكشف بالمالك جهاراً يخاطبه وجاهاً ويناجيه شفاهاً { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
----
التأويلات النجمية

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 30, 2022 11:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


وأخرج أبو القاسم البغوي والماوردي معاً في معرفة الصحابة والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فلقي العدوّ فسمعته يقول:يا {مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين} قال: فلقد رأيت الرجال تصرع، تضربها الملائكة من بين يديها ومن خلفها" .
----
السيوطي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 04, 2022 6:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408

مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ
خواطر محمد متولي الشعراوي
إذا كانت كل نعم الله تستحق الحمد .. فإن {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] تستحق الحمد الكبير .. لأنه لو لم يوجد يوم للحساب، لنجا الذي ملأ الدنيا شروراً. دون أن يجازى على ما فعل .. ولكان الذي التزم بالتكليف والعبادة وحرم نفسه من متع دنيوية كثيرة إرضاءً لله قد شقي في الحياة الدنيا .. ولكن لأن الله تبارك وتعالى هو {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. أعطى الاتزان للوجود كله .. هذه الملكية ليوم الدين هي التي حمت الضعيف والمظلوم وأبقت الحق في كون الله .. إن الذي منع الدنيا أن تتحول إلى غابة يفتك فيها القوي بالضعيف والظالم بالمظلوم هو أن هناك آخرة وحسابا، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيحاسب خلقه.
والإِنسان المستقيم استقامته تنفع غيره؛ لأنه يخشى الله ويعطي كل ذي حق حقه ويعفو ويسامح .. إذن كل مَنْ حوله قد استفاد من خلقه الكريم ومن وقوفه مع الحق والعدل.
أما الإنسان العاصي، فيشقى به المجتمع لأنه لا أحد يسلم من شره ولا أحد إلا يصيبه ظلمه .. ولذلك فإن {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] هي الميزان .. تعرف أنت أن الذي يفسد في الأرض تنتظره الآخره .. لن يفلت مهما كانت قوته ونفوذه، فتطمئن اطمئنانا كاملا إلى أن عدل الله سينال كل ظالم.
على أن {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] لها قراءتان .. {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. وملك يوم الدين. والقراءتان صحيحتان .. والله تبارك وتعالى وصف نفسه في القرآن الكريم بأنه: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. ومالك الشيء هو المتصرف فيه وحده .. ليس هناك دخل لأي فرد آخر .. أنا أملك عباءتي .. وأملك متاعي، وأملك منزلي، وأنا المتصرف في هذا كله أحكم فيه بما أراه.
فمالك يوم الدين .. معناها أن الله سبحانه وتعالى سيصرف أمور العباد في ذلك اليوم بدون أسباب .. وأن كل شيء سيأتي من الله مباشرة .. دون أن يستطيع أحد أن يتدخل ولو ظاهراً.
ففي الدنيا يعطي الله الملك ظاهرا لبعض الناس .. ولكن في يوم القيامة ليس هناك ظاهر .. فالأمر مباشر من الله سبحانه وتعالى .. ولذلك يقول الله في وصف يوم الدين: { { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } [الانفطار: 9].
فكأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في الدنيا لتمضي به الحياة .. ولكن في الآخرة لا توجد أسباب. الملك في ظاهر الدنيا من الله يهبه لمن يشاء .. واقرأ قوله تعالى: { { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران: 26].
ولعل قوله تعالى: "تنزع" تلفتنا إلى أن أحدا في الدنيا لا يريد أن يترك الملك .. ولكن الملك يجب أن ينتزع منه انتزاعا بالرغم عن إرادته .. والله هو الذي ينزع الملك ممن يشاء.
وهنا نتساءل: هل الملك في الدنيا والآخرة ليس لله؟ .. نقول الأمر في كل وقت لله .. ولكن الله تبارك وتعالى استخلف بعض خلقه أو مكنهم من الملك في الأرض .. ولذلك نجد في القرآن الكريم قوله تعالى: { { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [البقرة: 258].
والذي حاج إبراهيم في ربه كافر منكر للألوهية .. ومع ذلك فإنه لم يأخذ الملك بذاته .. بل الله جل جلاله هو الذي اتاه الملك .. إذن الله تبارك وتعالى هو الذي استخلف بعض خلقه ومكنهم من ملك في الأرض ظاهريا .. ومعنى ذلك أنه ملك ظاهر للناس فقط .. أن بشرا أصبح ملكا .. ولكن الملك ليس نابعا من ذات مَنْ يملك .. ولكنه نابع من أمر الله .. ولو كان نابعا من ذاتية مَنْ يملك لبقى له ولم ينزع منه .. والملك الظاهر يمتحن فيه العباد، فيحاسبهم الله يوم القيامة .. كيف تصرفوا؟ وماذا فعلوا؟ .. ويمتحن فيه الناس هل سكتوا على الحاكم الظالم؟ .. وهل استحبوا المعصية؟ أم أنهم وقفوا مع الحق ضد الظلم؟ .. والله سبحانه وتعالى لا يمتحن الناس ليعلم المصلح من المفسد .. ولكنه يمتحنهم ليكونوا شهداء على أنفسهم .. حتى لا يأتي واحد منهم يوم القيامة ويقول: يا رب لو أنك أعطيتني الملك لاتبعت طريق الحق وطبقت منهجك.
وهنا يأتي سؤال .. إذا كان الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء فلماذا الامتحان؟ .. نقول إننا إذا أردنا أن نضرب مثلا يقرب ذلك إلى الأذهان .. ولله المثل الأعلى .. نجد أن الجامعات في كل أنحاء الدنيا تقيم الامتحانات لطلابها .. فهل أساتذة الجامعة الذين علموا هؤلاء الطلاب يجهلون ما يعرفه الطالب ويريدون أن يحصلوا منه على العلم؟ .. طبعا لا .. ولكن ذلك يحدث حتى إذا رسب الطالب في الامتحان .. وجاء يجادل واجهوه بإجابته فيسكت .. ولو لم يعقد الامتحان لادعى كل طالب أنه يستحق مرتبة الشرف.
اذا قال الحق تبارك وتعالى: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. أي الذي يملك هذا اليوم وحده يتصرف فيه كما يشاء .. واذا قيل: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. فتصرفه أعلى من المالك لأن المالك لا يتصرف إلاّ في ملكه .. ولكن الملك يتصرف في ملكه وملك غيره .. فيستطيع أن يصدر قوانين بمصادرة أو تأميم ما يملكه غيره.
الذين قالوا: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] اثبتوا لله سبحانه وتعالى أنه مالك هذا اليوم يتصرف فيه كما يشاء دون تدخل من أحد ولو ظاهرا: والذين يقرأون ملك .. يقولون إن الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم يقضي في امر خلقه حتى الذين مَلَّكَهُم في الدنيا ظاهرا .. ونحن نقول عندما يأتي يوم القيامة لا مالك ولا ملك إلا الله.
الله تبارك وتعالى يريد أن يطمئن عباده .. إنهم إذا كانوا قد ابتلوا بمالك أو ملك يطغى عليهم فيوم القيامة لا مالك ولا ملك إلا الله، جل جلاله .. عندما تقول مالك أو ملك يوم الدين .. هناك يوم وهناك الدين .. اليوم عندنا من شروق الشمس إلى شروق الشمس .. هذا ما نسميه فلكيا يوما .. واليوم في معناه ظرف زمان تقع فيه الأحداث .. والمفسرون يقولون: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] أي مالك أمور الدين لأن ظرف الزمان لا يملك .. نقول إن هذا بمقاييس ملكية البشر، فنحن لا نملك الزمن .. الماضي لا نستطيع أن نعيده، والمستقبل لا نستطيع أن نأتي به .. ولكن الله تبارك وتعالى هو خالق الزمان .. والله جل جلاله لا يحده زمان ولا مكان .. كذلك قوله تعالى: "مالك يوم الدين" لا يحده زمان ولا مكان .. واقرأ قوله سبحانه: { { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [الحج: 47].
وقوله سبحانه: { { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [المعارج: 4].
واذا تأملنا هاتين الآيتين نعرف معنى اليوم عند الله تبارك وتعالى .. ذلك أن الله جل جلاله هو خالق الزمن .. ولذلك فإنه يستطيع أن يخلق يوما مقداره ساعة .. ويوما كأيام الدنيا مقداره أربع وعشرون ساعة .. ويوما مقداره ألف سنة .. ويوما مقداره خمسون ألف سنة ويوما مقداره مليون سنة .. فذلك خاضع لمشيئة الله.
ويوم الدين موجود في علم الله سبحانه وتعالى بأحداثه كلها بجنته وناره .. وكل الخلق الذين سيحاسبون فيه .. وعندما يريد أن يكون ذلك اليوم ويخرج من علمه جل جلاله إلى علم خلقه .. سواء كانوا من الملائكة أو من البشر أو الجان يقول: كن .. فالله وحده هو خالق هذا اليوم .. وهو وحده الذي يحدد كل أبعاده .. واليوم نحن نحدده ظاهرا بأنه أربع وعشرون ساعة .. ونحدده بأنه الليل والنهار .. ولكن الحقيقة أن الليل والنهار موجودان دائما على الأرض .. فعندما تتحرك الأرض، كل حركة هي نهاية نهار في منطقة وبداية نهار في منطقة أخرى .. وبداية ليل في منطقة ونهاية ليل في منطقة أخرى .. ولذلك في كل لحظة ينتهي يوم ويبدأ يوم .. وهكذا فإن الكرة الأرضية لو أخذتها بنظرة شاملة لا ينتهي عليها نهار أبدا .. ولا ينتهي عنها ليل أبدا .. إذن فاليوم نسبي بالنسبة لكل بقعة في الأرض .. ولكنه في الحقيقة دائم الوجود على كل الكرة الأرضية.
والله سبحانه وتعالى يريد أن يطمئن عباده .. إنهم إذا أصابهم ظلم في الدنيا .. فإن هناك يوما لا ظلم فيه .. وهذا اليوم الأمر فيه لله وحده بدون أسباب .. فكل إنسان لو لم يدركه العدل والقصاص في الدنيا، فإن الآخرة تنتظره .. والذي اتبع منهج الله وقيد حركته في الحياة يخبره الله سبحانه وتعالى بأن هناك يوما سيأخذ فيه أجره .. وعظمة الآخرة أنها تعطيك الجنة .. نعيم لا يفوتك ولا تفوته.
ولقد دخل أحد الأشخاص على رجل من الصالحين .. وقال له: أريد أن أعرف .. أأنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟ .. فقال له الرجل الصالح .. إن الله أرحم بعباده، فلم يجعل موازينهم في أيدي أمثالهم .. فميزان كل إنسان في يد نفسه .. لماذا؟ .. لأنك تستطيع أن تغش الناس ولكنك لا تغش نفسك .. ميزانك في يديك .. تستطيع أن تعرف أأنت من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة.
قال الرجل كيف ذلك؟ فرد العبد الصالح: إذا دخل عليك مَنْ يعطيك مالا .. ودخل عليك مَنْ يأخذ منك صدقة .. فبأيهما تفرح؟ .. فسكت الرجل .. فقال العبد الصالح: إذا كنت تفرح بمَنْ يعطيك مالا فأنت من أهل الدنيا .. وإذا كنت تفرح بمَنْ يأخذ منك صدقة فأنت من أهل الآخرة .. فإن الإنسان يفرح بمَنْ يقدم له ما يحبه .. فالذي يعطيني مالا يعطيني الدنيا .. والذي يأخذ مني صدقة يعطيني الآخرة .. فإن كنت من أهل الآخرة .. فافرح بمَنْ يأخذ منك صدقة .. أكثر من فرحك بمَنْ يعطيك مالا.
ولذلك كان بعض الصالحين إذا دخل عليه مَنْ يريد صدقة يقول مرحبا بمَنْ جاء يحمل حسناتي إلى الآخرة بغير أجر .. ويستقبله بالفرحة والترحاب.
قول الحق سبحانه وتعالى: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. هي قضية ضخمة من قضايا العقائد .. لأنها تعطينا أن البداية من الله، والنهاية الي الله جل جلاله .. وبما أننا جميعا سنلقى الله، فلابد أن نعمل لهذا اليوم .. ولذلك فإن المؤمن لا يفعل شيئا في حياته إلا وفي باله الله .. وأنه سيحاسبه يوم القيامة، ولكن غير المؤمن يفعل ما يفعل وليس في باله الله .. وعن هؤلاء يقول الحق سبحانه: { { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [النور: 39].
وهكذا مَنْ يفعل شيئا وليس في باله الله .. فسيفاجأ يوم القيامة بأن الله تبارك وتعالى الذي لم يكن في باله موجود وأنه جل جلاله هو الذي سيحاسبه.
وقوله تعالى: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] هي أساس الدين .. لأن الذي لا يؤمن بالآخرة يفعل ما يشاء .. فما دام يعتقد أنه ليس هناك آخره وليس هناك حساب .. فمم يخاف؟ .. ومن أجل مَنْ يقيد حركته في الحياة.
إن الدين كله بكل طاعاته وكل منهجه قائم على أن هناك حسابا في الآخرة .. وأن هناك يوما نقف فيه جميعا أمام الله سبحانه وتعالى .. ليحاسب المخطئ ويثيب الطائع .. هذا هو الحكم في كل تصرفاتنا الإيمانية .. فلو لم يكن هناك يوم نحاسب فيه .. فلماذا نصلي؟ .. ولماذا نصوم؟ .. ولماذا نتصدق؟.
إن كل حركة من حركات منهج السماء قائمة على أساس ذلك اليوم الذي لن يفلت منه أحد .. والذي يجب علينا جميعا أن نستعد له .. إن الله سبحانه وتعالى سمى هذا اليوم بالنسبة للمؤمنين يوم الفوز العظيم .. والذي يجعلنا نتحمل كل ما نكره ونجاهد في سبيل الله لنستشهد .. وننفق أموالنا لنعين الفقراء والمساكين .. كل هذا أساسه أن هناك يوما سنقف فيه بين يدي الله .. والله تبارك وتعالى سماه يوم الدين .. لأنه اليوم الذي سيحاسب فيه كل إنسان على دينه عمل به أم ضيعه .. فمَنْ آمن واتبع الدين سيكافأ بالخلود في الجنة .. ومَنْ أنكر الدين وأنكر منهج الله سيجازى بالخلود في النار..
ومن عدل الله سبحانه وتعالى أن هناك يوما للحساب .. لأن بعض الناس الذين ظلموا وبغوا في الأرض ربما يفلتون من عقاب الدنيا .. هل هؤلاء الذين أفلتوا في الدنيا من العقاب هل يفلتون من عدل الله؟ .. أبدا لن يفلتوا .. بل إنهم انتقلوا من عقاب محدود إلى عقاب خالد .. وأفلتوا من العقاب بقدرة البشر في الدنيا .. إلى عقاب بقدرة الله تبارك وتعالى في الآخرة .. ولذلك لابد من وجود يوم يعيد الميزان .. فيعاقب فيه كل مَنْ أفسد في الأرض وأفلت من العقاب .. بل إن الله سبحانه وتعالى يجعل إنسانا يفلت من عقاب الدنيا .. فلا تعتقد أن هذا خير له بل إنه شر له .. لانه أفلت من عقاب محدود إلى عقاب أبدي.
والحمد الكبير لله بأنه {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. وهو وحده الذي سيقضي بين خلقه. فالله سبحانه وتعالى يعامل خلقه جميعا معاملة متساوية .. وأساس التقوى هو يوم الدين.

-----
مولانا الشعراوي


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 12, 2022 1:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


باءالبسملة ﷺ

ما من سورة إلا افتتحها/ الرب بالرمز إلى حاله صلى الله عليه وسلم تعظيماً له
أما إشارة إلى الحقيقة المحمدية والتعين الأول المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" وبواسطته حصلت الإفاضة كما يشير إليه «لولاك ما خلقت الأفلاك» ولكون الغالب عليه عليه الصلاة والسلام صفة الرحمة لا سيما على مؤمني الأمة كما يشير إليه قوله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ } [الأنبياء: 107] وقوله تعالى: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة: 128] ناسب ظهور الكسر فيما يشير إلى مرتبته وفي الابتداء به هنا رمز إلى صفة من أنزل عليه الكتاب والداعي إلى الله. وفي ذلك مع بيان صفة المدعو إليه بأنه الرحمن الرحيم تشويق تام وترغيب عظيم وقد تدرج أيضاً جل شأنه في وصفه صلى الله عليه وسلم بذلك في القرآن إلى أن قال سبحانه: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4] واكتفى بالرمز هٰهنا لعدم ظهور الآثار بعد، وأول الغيث قطر ثم ينهمل، وما من سورة إلا افتتحها/ الرب بالرمز إلى حاله صلى الله عليه وسلم تعظيماً له وبشارة لمن ألقى السمع وهو شهيد. ولما كان الجلال في سورة براءة ظاهراً ترك الإشارة بالبسملة وأتى بباء مفتوحة لتغير الحال وإرخاء الستر على عرائس الجمال ولم يترك سبحانه وتعالى الرمز بالكلية إلى الحقيقة المحمدية ولا يسعنا الإفصاح بأكثر من هذا في هذا الباب خوفاً من قال أرباب الحجاب وخلفه سر جليل والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
---
روح المعاني/ الالوسي
---
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النور وعلى آله

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 13, 2022 3:51 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7632
(( اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبى الأمى وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين ))

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 14, 2022 11:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408



﷽___________
اللهم صل على سيدنا محمد النور الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وسلم عليه قدر نظرك إليه
- - - شرفني حضورك مولانا الشيخ فراج يعقوب
زادك الله بسطة فى العلم والفهم وجزاك الله خيرا وكساك بأنوار حضرته ﷺ)
- - -
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 14, 2022 11:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


#باء_البسملة_وختامها ﷺ)

من باب الإشارة أن تأخير الرحيم لأنه صفة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة: 128] وبه عليه السلام كمال الوجود وبالرحيم تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلقاً وإبداعاً وكان/ صلى الله عليه وسلم مبتدأ وجود العالم عقلاً ونفساً فبه بدء الوجود باطناً وبه ختم المقام ظاهراً في عالم التخطيط فقال "لا رسول بعدي" فالرحيم هو نبينا عليه الصلاة والسلام وبسم الله هو أبونا آدم عليه السلام وأعني في مقام ابتداء الأمر ونهايته وذلك أن آدم عليه السلام حامل الأسماء قال تعالى: { وَعَلَّمَ ءادَمَ ٱلاسْمَاء كُلَّهَا } [البقرة: 31] ومحمد صلى الله عليه وسلم حامل معاني تلك الأسماء التي حملها آدم عليه السلام:

لك ذات العلوم من عالم الغيـ ـب ومنها لآدم الأسماء

وهي الكلم قال صلى الله عليه وسلم: "أوتيت جوامع الكلم" ومن أُثني على نفسه أمكن وأتم ممن أُثنى عليه كيحيـى وعيسى عليهما السلام ومن حصل له الذات فالأسماء تحت حكمه وليس كل من حصل إسماً يكون المسمى محصلاً عنده ولهذا فضلت الصحابة علينا رضوان الله تعالى عليهم فإنهم حصلوا الذات وحصلنا الأسماء، ولما راعينا الاسم مراعاتهم الذات ضوعف لنا الأجر فللعامل منا أجر خمسين ممن يعمل بعمل الصحابة لا من أعيانهم بل من أمثالهم والحسرة الغيبة التي لم تكن لهم فكان تضعيف على تضعيف فنحن الأخوان وهم الأصحاب وهو صلى الله عليه وسلم إلينا بالأشواق وما أفرحه بلقاء واحد منا وكيف لا يفرح وقد ورد عليه من كان بالأشواق إليه
----
اللهم صل وسلم عليه قدر نظرك إليه
---
روح المعاني/ الالوسي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 21, 2022 1:32 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408


ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﷺ

ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، الهداية على ثلاثة أوجه: هداية العام، وهداية الخاص، وهداية الأخص أما هداية العام فإنه هدى جميع الحيوانات إلى جلب منافعها ودفع مضارها بقوله: { رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه: 50].
وقال تعالى: { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد: 8-10]، وأما هداية الخاص فهو هداية المؤمنين إلى الجنة لقوله تعالى: { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } [يونس: 9]، وأما هداية الأخص فهي هداية الحقيقة التي من الله وقوله تعالى: { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [الصافات: 99].
فقال الله تعالى: { يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ } [الشورى: 13]، بهذه الهداية إلى الله تعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي" ،
* وفي قوله تعالى: { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [الضحى: 7]، إشارة إلى هذا المعنى أي كنت ضالاً عني في تيه وجودك فطلبتك بجودي، وجذبتك بفضلي، وهديتك بجذبات عنايتي ونور هدايتي إلي، وجعلتك نوراً وأنزلت إليك نوراً فأهدي بك إلي من أشاء من عبادي، فمن اتبعك وطلب رضاك فنخرجهم من ظلمات وجود السوى إلى نور الروحاني، ونهديهم إلى صراط مستقيم، كما قال تعالى: { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ } [المائدة: 15-16].
* واعلم: أن الصراط المستقيم هو الدين القويم، وما يدل عليه القرآن العظيم وهو خلق سيد المرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين كما قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }لقلم: 4]، ثم قال تعالى: { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ } [الأنعام: 153]، وهو على نوعين:
[الأول]: صراط مستقيم إلى الجنة؛ لقوله تعالى: { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [يونس: 25]، أي: إلى الجنة، فهذا لأصحاب اليمين؛ لقوله تعالى: { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ } [الواقعة: 27-28].
والثاني: صراط مستقيم إلى الله؛ لقوله تعالى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52]، { صِرَاطِ ٱللَّهِ } [الشورى: 53] وهذا للسابقين؛ لقوله تعالى: { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ * أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [الواقعة: 10-11]، وفي الآيتين إشارة إلى من هدي إلى صراط مستقيم فهو من السابقين المقربين، وإن كل ما يكون لأصحاب اليمين يكون له وهو سابق على أصحاب اليمين فيما يكون للمقربين من شهود الجمال وكشف الجلال
* وهذه المرتبة خاصة لسيد المرسلين وخاتم النبيين ﷺ ومتابعة لقوله: { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } [يوسف: 108
-------------------
اللهم صل وسلم وبارك عليه قدر نظرك إليه
------------
التأويلات النجمية

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 22, 2022 9:22 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23647

شكرا للفاضل أحمد ماهر البدوي

والتأويلات النجمية جميل ممتع

ما اجتنب بعض العبارات فيه خاصة بالجناب النبوي

جانب المؤلف التوفيق في الكلام عن الجناب النبوي بالأدب المطلوب

ولو أنه تكلم بجمال عن النور المحمدي في مواضع عديدة

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 23, 2022 3:13 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2408
msobieh كتب:

شكرا للفاضل أحمد ماهر البدوي

والتأويلات النجمية جميل ممتع

ما اجتنب بعض العبارات فيه خاصة بالجناب النبوي

جانب المؤلف التوفيق في الكلام عن الجناب النبوي بالأدب المطلوب

ولو أنه تكلم بجمال عن النور المحمدي في مواضع عديدة


رضي الله عنكم سيدي نورنا وشرفنا مرور حضرتك
إذن هناك تفاسير صوفية مؤلفة وأخري مأذونة
والله اعلم اللهم أرزقنا الأدب ظاهراً وباطنا مع حضرته صلى الله عليه وسلم وآله الطيبين الطاهرين

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 309 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 21  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 16 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط