وقال أبو الحسن بن الحصارفي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ: الْمَدَنِيُّ بِاتِّفَاقِ عِشْرُونَ سُورَةً والمختلف فيه اثْنَتَا عَشْرَةَ سُورَةً وَمَا عَدَا ذَلِكَ مَكِّيٌّ بِاتِّفَاقٍ ثُمَّ نَظَمَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا فَقَالَ: يَا سَائِلِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ مُجْتَهِدًا وَعَنْ ترتب مَا يُتْلَى مِنَ السُّوَرِ وَكَيْفَ جَاءَ بِهَا الْمُخْتَارُ مِنْ مُضَرٍ صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْهَا قَبْلَ هِجْرَتِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فِي بَدْوٍ وَفِي حَضَرِ لِيَعْلَمَ النَّسَخَ وَالتَّخْصِيصَ مُجْتَهِدٌ يُؤَيِّدُ الْحُكْمَ بِالتَّارِيخِ وَالنَّظَرِ تَعَارَضَ النَّقْلُ فِي أُمِّ الْكُتَّابِ وَقَدْ تُؤُوِّلَتِ الْحِجْرُ تَنْبِيهًا لِمُعْتَبِرِ أُمُّ الْقُرَانِ وَفِي أُمِّ الْقُرَى نَزَلَتْ مَا كَانَ لِلْخَمْسِ قَبْلَ محمد مِنْ أَثَرٍ وَبَعْدَ هِجْرَةِ خَيْرِ النَّاسِ قَدْ نَزَلَتْ عِشْرُونَ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ فِي عَشْرِ فَأَرْبَعٌ مِنْ طُوَالِ السَّبْعِ أَوَّلُهَا وَخَامِسُ الْخَمْسِ فِي الْأَنْفَالِ ذِي الْعِبَرِ وَتَوْبَةُ اللَّهِ إِنْ عُدَّتْ فَسَادِسَةٌ وَسُورَةُ النُّورِ وَالْأَحْزَابِ ذِي الذِّكْرِ وَسُورَةٌ لِنَبِيِّ اللَّهِ مَحْكَمَةٌ وَالْفَتْحُ وَالْحُجُرَاتُ الْغِرُّ فِي غُرَرِ ثُمَّ الْحَدِيدُ وَيَتْلُوهَا مُجَادَلَةٌ وَالْحَشْرُ ثُمَّ امْتِحَانُ اللَّهِ لِلْبَشَرِ وَسُورَةٌ فَضَحَ اللَّهُ النِّفَاقَ بِهَا وَسُورَةُ الْجَمْعِ تِذْكَارٌ لِمُدَّكِرِ وَلِلطَّلَاقِ وَلِلتَّحْرِيمِ حُكْمُهُمَا وَالنَّصْرُ وَالْفَتْحُ تَنْبِيهًا عَلَى الْعُمْرِ هَذَا الَّذِي اتَّفَقَتْ فِيهِ الرُّوَاةُ لَهُ وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ فِي أُخَرِ فَالرَّعْدُ مُخْتَلِفٌ فِيهَا مَتَى نَزَلَتْ وَأَكْثَرُ النَّاسِ قَالُوا الرَّعْدُ كَالْقَمَرِ وَمِثْلُهَا سُورَةُ الرَّحْمَنِ شَاهِدُهَا مِمَّا تَضَمَّنَ قَوْلَ الْجِنِّ فِي الْخَبَرِ وَسُورَةٌ اللحواريين قَدْ عُلِمَتْ ثُمَّ التَّغَابُنُ وَالتَّطْفِيفُ ذُو النُّذُرِ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ قَدْ خُصَّتْ بِمِلَّتِنَا وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا الزِّلْزَالُ فَاعْتَبِرِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ مِنْ أَوْصَافِ خَالِقِنَا وَعَوْذَتَانِ تَرُدُّ الْبَأْسَ بِالْقَدْرِ وَذَا الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الرُّوَاةُ لَهُ وَرُبَّمَا اسْتُثْنِيَتْ آيٌ مِنَ السُّوَرِ وَمَا سِوَى ذَاكَ مَكِّيٌّ تَنَزُّلُهُ فَلَا تَكُنْ مِنْ خِلَافِ النَّاسِ فِي حَصَرِ فَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا إِلَّا خِلَافٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ فَصْلٌ: فِي تَحْرِيرِ السُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا سُورَةُ الْفَاتِحَةِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ بَلْ وَرَدَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} وقد فسرها بِالْفَاتِحَةِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَقَدِ امْتَنَّ عَلَى رَسُولِهِ فِيهَا بِهَا فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ نُزُولِ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهَا إِذْ يَبْعُدُ أَنْ يَمْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ صَلَاةٌ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ. وقد روى الواحدي والثعلبي مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ.
_________________ اللهم صل على سيدنا محمد باب الاستجابة نبي التوبة و الإنابة صاحب طيبة المستطابة والرفعة المهابة وعلى آله وسلم
|