اشترك في: الاثنين أغسطس 19, 2013 6:15 pm مشاركات: 288
|
لمن الملك اليوم ؟؟
(يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ١٦ غافر
الجزء الاول من هذه الآية يدل على كمال العلم واما الجزء الثاني فيدل على كمال القدرة والتدبير . وانما كمال العلم هو أن يكون محيطأ بكل شي وشاملأ لكل شئ ولا يخفى عليه شئ . فشمول العلم واحاطته بكل شئ هو خاصية لعلم الله لا توجد لسواه ، وكل عالم سواه فهو يعلم امور وتخفى عليه امور ، واما العلم الالهي فقد احاط بالكل احاطة تامة فلم يخرج عن علمه شئ ولم يخفى عليه شئ . فالشمول والاحاطة هي كمالات للعلم لا توجد الا لله وحده .
ولكن ربما يكون العلم شاملأ ومحيطأ بكل شئ ولكن لا بوضوح ، وفرق كبير بين أن تعلم شئ بوضوح وجلاء وبين أن تعلمه بخفاء وغموض . ولذلك فقد بدأ الآية الكريمة بقوله ( يوم هم بارزون ) ، فالشئ البارز يراه الرائي بوضوح وجلاء على عكس الحال مع الشئ الغائر والكامن والمستتر ، فعبر بلفظة ( البروز ) عن لازم من لوازم البروز وهو الوضوح والجلاء امام الرؤية والعلم . فبدأ الآية بذكر اول كمال من كمالات العلم وهو الوضوح والجلاء ، ثم تلاها بذكر الكمال الثاني للعلم وهو الشمول والاحاطة التامة بكل شئ . فالوضوح والشمول هما كمالا العلم ، ولكن لم يبلغ الدرجة القصوى في وضوح العلم وشموله الا الله وحده فقط ، اما من عداه فهم يتفاوتون في النقص ، فبعضهم علمه أشمل من البعض ، وبعضهم علمه اوضح من البعض ، ولكن جميعهم سقطوا في هاوية النقص بالاضافة للعلم الالهي .
واما الجزء الثاني من الآية
فقد ذكر فيها كمالات التدبير ، لأن ( الملك ) هو المدبر والمصرف لأمر مملكته بارادته وقدرته ، ولكن للملك كمالان حتى يكون ملكه اتم وارسخ ، واول كمال للملك هو أن يكون ( واحدأ ) لا ينازعه في الملك سواه ، ولا مدبر ولا مصرف لأمر المملكة غيره . فالتوحد بالملك والسلطان هو من كمالات الملك ، اي أن يكون واحدأ لا شريك له ولا منازع في الملك . واما الكمال الثاني للملك فهو أن يكون ( قهارأ) اي أن ينفذ امره في مملكته وان يكون فعال لما يريد ، فلا يحدث شئ في مملكته الا بارادته ومشيئته ولا تقف قدرة امام قدرته ، فما اراده كائن وما قدره واقع ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه . ..فكمال الملك هو أن يكون ( واحدا ) وان يكون ( قهارأ) ولذلك فهو لم يقل مثلأ ( لمن الملك اليوم لله القوي العزيز او الرحمن الرحيم ) بل قال ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) فذكر كمالات الملك والتدبير تماما كما ذكر في الجزء الاول من الآية كمالات العلم وهي الوضوح والشمول .
هل الملك لله في ذلك اليوم فقط ؟؟
لعله يخطر على بالك سؤال وهو ( هل معنى ذلك أن الملك لن يكون لله الا في ذلك اليوم فقط اي في الآخرة ؟؟) .. فأقول بل الملك لله في ذلك اليوم وفي كل يوم ، وكذلك هو يعلم كل شئ علمأ واضحأ وشاملأ في ذلك اليوم وفي كل يوم ، فلا يخفى ولا يستتر عنه شئ لا في الدنيا ولا الآخرة ، ولكن الغافلين لن يعرفوا هذه الحقيقة الا في ذلك اليوم فقط اي في الآخرة ، فهو اخبار عما يتجدد للغافلين من احوال ، الذين كانوا يتوهمون أنه لا يراهم ولا يسمعهم ولا يعلمهم ، والذين كانوا يتوهمون أن هناك ارادة مع ارادته وقدرة مع قدرته ... فالملك لله في الدنيا والآخرة ، ولكن لن يعرف الغافلون ذلك الا في الآخرة .. فاللهم اجعلنا ممن عرف ذلك في الدنيا والآخرة .
|
|