موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أسباب النزول .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 30, 2014 6:53 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 3198
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب النزول
هذا علم جوهري من علوم القرآن، وأثير لدى الباحثين في التفسير عامة، وفي أسرار أسلوب القرآن خاصة.

ويعرف سبب النزول بأنه:

ما نزلت الآية أو الآيات تتحدث عنه أيام وقوعه.

وهذا القيد «أيام وقوعه» يعتبر شرطا جوهريا لبيان سبب النزول وتمييزه عن الآيات التي نزلت للإخبار بالوقائع الماضية، حتى انتقد العلماء «ما ذكره الواحدي في تفسيره سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة سيدنا نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك.
وجدير بالتنبيه عليه هنا أنه ليس كل القرآن قد نزل على أسباب، بل إن من القرآن الكريم ما نزل ابتداء غير مبني على سبب، ومن ذلك أكثر قصص الأنبياء مع أممهم، وكذا وصف بعض الوقائع الماضية، أو أنباء الغيب القادمة، وبيان أهوال القيامة، والجنة والنار، فقد نزل أكثر من ذلك ابتداء، من غير توقف على سبب .



فوائد علم أسباب النزول:

ولا ريب عند من له تأمل وخبر بدراسة النصوص والوثائق أن لمعرفة أسباب النزول والوقائع التي بني عليها ورود النص أو ترتب عليها وقوع الحدث من أحداث التاريخ له أثر بالغ الخطر في دراسة تلك النصوص أو الأحداث، وذلك من أوجه كثيرة، نذكر منها في هذا المقام:

1 - الاستعانة على فهم المعنى المراد:

لما هو معلوم من الارتباط بين السبب والمسبب، قال الواحدي: «لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها».

وقال ابن دقيق العيد: «بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن».

2 - معرفة وجه الحكمة التي ينطوي عليها تشريع الحكم:

مما يكون أدعى لتفهمه وتقبله، فمن قرأ أسباب نزول آيات تحريم الخمر متدرجة واحدة بعد الأخرى، أدرك ضرورة تحريم الخمر، وبعثه موقف الصحابة عند نزول تحريمها الباتّ لأن يقتدي بهم ويأتسي بعملهم فينزجر عما قد يكون عليه من فعل محرّم.


3 - إزالة الإشكال عن ظاهر النص لمن لم يتعرف سبب النزول:


4 - كشف أسرار البلاغة في القرآن العظيم:
لما يفيده علم أسباب النزول من تلاؤم أسلوب القرآن مع مقتضى حال السامعين والعالمين إلى يوم الدين. وقد حفلت مصادر التفسير البلاغي بهذا اللون .


كيف نعرف أسباب النزول:

لما كان سبب النزول أمرا واقعا نزلت الآية بشأنه كان من البدهي ألا يدخل العلم بهذه الأسباب في دائرة الرأي والاجتهاد لهذا قال الإمام الواحدي في ديباجة كتابه أسباب النزول:

«ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطّلاب».
ومن هاهنا نفقه تشدد السلف في البحث عن أسباب النزول حتى قال الإمام محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: «اتق الله وقل سدادا، ذهب الذين يعلمون فيم أنزل الله من القرآن».

ولما أن أسباب النزول غير خاضعة للاجتهاد أدخلها علماء الحديث من الصحابي الذي عاين التنزيل وعاصره فيما له حكم المرفوع، وإن كانت العبارة فيها لفظ الصحابي
وقد اتفق علماء الحديث على اعتبار قول الصحابي في سبب النزول له حكم المرفوع، وأخرج المحدثون أسباب النزول في كتبهم كالبخاري ومسلم وغيرهما

أما ما يرويه التابعون من أسباب النزول فهو مرفوع أيضا، لكنه مرسل لعدم ذكر الصحابي فيه.

لكن ينبغي الحذر والتيقظ، فلا نخلط بأسباب النزول ما ليس منها، فقد يقع على لسانهم قولهم: «نزلت هذه الآية في كذا»، أو «في الرجل يفعل كذا». ويكون المراد بيان موضوع الآية، أو ما دلت عليه من الحكم.

كقوله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. أخرج البخاري عن حذيفة في هذه الآية قال: «نزلت في النفقة».

قال الإمام الزركشي: «وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها ... فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع».


اختلاف روايات أسباب النزول:

لما كان سبيل الوصول إلى أسباب النزول هو الرواية والنقل، كان لا بد أن يعرض لها ما يعرض للرواية مما هو معلوم ومدروس في علوم الحديث، من صحة وضعف، واتصال وانقطاع، وغير ذلك مما لا نطيل به، غير أنا ننبه هنا على ظاهرة هامة يحتاج الدارس إليها وهي اختلاف روايات أسباب النزول وتعددها، وذلك لأسباب يمكن تلخيص مهماتها فيما يلي:

1 - ضعف الرواة:

ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.

فقد ثبت أنها في صلاة التطوع للراكب المسافر على الدابة: أخرج مسلم عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.

وأخرج الترمذي وضعفه أنها في صلاة من خفيت عليه القبلة فاجتهد فأخطأ القبلة، فإن صلاته صحيحة.
فالمعول هنا في سبب النزول على الأول لصحته.

2 - تعدد الأسباب والمنزّل واحد:

وذلك بأن تقع عدة وقائع في أزمنة متقاربة فتنزل الآية لأجلها كلها، وذلك واقع في مواضع متعددة من القرآن، والعمدة في ذلك على صحة الروايات، فإذا صحت الروايات بعدة أسباب ولم يكن ثمة ما يدل على تباعدها كان ذلك دليلا على أن الكل سبب لنزول الآية والآيات.

مثال ذلك: آيات اللعان:
فقد أخرج البخاري أنها نزلت في هلال بن أمية لما قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ....
وفي الصحيحين أنها نزلت في عويمر العجلاني وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد مع امرأته رجلا .. فقال صلى الله عليه وسلم: «قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك».
وظاهر الحديثين الاختلاف، وكلاهما صحيح.

فأجاب الإمام النووي بأن أول من وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا، وبذلك قال الإمام الخطيب، قال:
«لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد».

3 - أن يتعدد نزول النص لتعدد الأسباب:

قال الإمام الزركشي: «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه ... ».
ولذلك أمثلة، منها:
ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) أنها نزلت لما سأله اليهود عن الروح وهو في المدينة، ومعلوم أن هذه الآية في سورة «سبحان»، وهي مكّية بالاتفاق، فإن المشركين لما سألوه عن ذي القرنين وعن أهل الكهف قبل ذلك بمكة وأن اليهود أمروهم أن يسألوه عن ذلك، فأنزل الله الجواب، كما سبق بيانه .

ولا يقال: كيف يتعدد النزول بالآية الواحدة، وهو تحصيل حاصل؟
فالجواب: أن لذلك فائدة جليلة، «والحكمة من هذا- كما قال الزركشي - أنه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضي نزول آية، وقد نزل قبل ذلك ما يتضمنها، فتؤدّى تلك الآية بعينها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تذكيرا لهم بها، وبأنها تتضمّن هذه».

عموم اللفظ وخصوص السبب:
هذه قضية أصولية من قواعد أصول الفقه، كما أنها من أصول التفسير الهامة، تضبط كيفية تفسير السبب للنص ضبطا يزيل التوهم الفاسد.

فالسبب الخاص قد ينزل فيه نص خاص بموضوع السبب، وقد ينزل نص عام الصيغة.

1 - أما إن كان النص النازل خاصا بالسبب، ولا عموم للفظه
فإن الآية حينئذ تقتصر عليه قطعا.

مثال ذلك قوله تعالى في سورة الليل: ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ).

هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع، ومن هنا استدل بها الإمام فخر الدين الرازي مع قوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ) على أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما من ظنّ أنها عامة في كل من عمل عمله فهذا غلط منه، لأن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم حتى نطبق عليها قاعدة: «العبرة لعموم اللفظ»، بل إن «ال» في الأتقى للعهد، يؤكد ذلك أن «ال»، الموصولة التي تفيد العموم لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، والأتقى ليست جمعا، بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصا مع ما يفيده أفعل التفضيل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص، والقصر على من نزلت فيه رضي الله تعالى عنه.

2 - وإما أن يكون السبب خاصا ولفظ الآية عاما:

فالمعتمد الذي عليه جمهور الفقهاء والأصوليين والمفسرين وغيرهم «أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب».
ومن الأدلة على ذلك احتجاج الصحابة والتابعين فمن بعدهم في وقائع كثيرة بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة، وكان ذلك الاستدلال شائعا ذائعا بينهم، لا ينكره أحد.
لذلك قال محمد بن كعب القرظي: «إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد».

وسأل نجدة الحنفي ابن عباس عن قوله تعالى: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ... ) أخاصّ أم عام؟ قال: بل عام.

ويدل لذلك أيضا أنه كما قال الإمام الزركشي:
«قد جاءت آيات في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها، كنزول آية الظّهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، ونزول حدّ القذف في رماة السيدة عائشة رضي الله عنها، ثم تعدّى إلى غيرهم».

وعلى ذلك درجت القوانين في الدنيا كلها، فإن القانون يصدر لأسباب خاصة في أحيان كثيرة ثم يكون حكمه عاما على الجميع.

أشهر المؤلفات في أسباب النزول:

كان التسطير في أسباب النزول من اختصاص الأئمة الكبار المحدثين
المشاركين في عدد من العلوم، ثم منهم من تعرض لأسباب النزول في كتب التفسير كما نراه في كتب التفسير بالمأثور بصورة خاصة، ومنهم من أفرد جمع مادة هذا العلم في تأليف مفرد.
وأول من عرفناه ألّف في أسباب نزول القرآن الكريم شيخ البخاري الإمام علي بن عبد الله المديني (المتوفى سنة 234 هـ)، ثم تتابعت المصنفات في ذلك، لكنها لم تعن بالتنقيح ولم تلتزم ببيان السقيم من الروايات من الصحيح، مما يلزم الدارس بالتثبت والتحقيق.
وأهم الكتب المصنفة في ذلك هذان الكتابان المطبوعان:
1 - «أسباب النزول» للإمام المفسّر النحوي المحدث أبي الحسين علي بن أحمد النيسابوري الشهير بالواحدي، المتوفى سنة 427 هـ، وقد عول فيه على رواية الأسباب بأسانيده، وأورد أشياء معلقة بدون إسناد.

2 - «لباب النقول في أسباب النزول» للإمام المحدث الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (المتوفى سنة 911 هـ) جرّده من الأسانيد وعزى كل حديث لمن أخرجه، فكفى القارئ بذلك جهدا كبيرا، وزاد على ما ذكره الواحدي، غير أنه أخلّ بأمرين:
الأول: أنه لم ينص على الصحيح من غيره، معتمدا على المراجع التي أحال القارئ عليها وكثير منها نادر الوجود، وبعضه في زمننا هذا مفقود.

الثاني: أنه ترك كثيرا من أسباب النزول لم يوردها، كما يعلم من مطالعة المراجع مثل الدر المنثور للسيوطي نفسه، فلا تظنن الآية نزلت مبتدأة لا على سبب لعدم ذكر سببها في اللباب فقد يكون لها في المراجع سبب أو أسباب.

__________
علوم القرآن الكريم
نور الدين محمد عتر الحلبي

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسباب النزول .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 30, 2014 7:13 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت مايو 04, 2013 11:26 pm
مشاركات: 1343
فتح الله عليك وبورك فيك

_________________
غريب على باب الرجاء طريح
يناديك موصول الجوى والنوح

يهون عذاب الجسم والروح سالما

فكيف وروح المستهام جروح جروحه

واهواك ولكنى اخاف واستحى اذا

قلت قلبى فى هواك جريح


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسباب النزول .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 30, 2014 7:41 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 3198
بسم الله الرحمن الرحيم

الاخت الفاضلة / حبيبة1

جزاك الله خيرا
وصل الله الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط