موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 155 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 7, 8, 9, 10, 11
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 16, 2023 11:10 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 1433


قوله تعالى: {وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا}.
قال الجريرى: علمه اسمًا من أسمائه المخزونة فعلم به جميع الأسامى.
فقال بعضهم علم آدم الأسماء كلها قال: علمها بتعليم الحق إياه وحفظها بحفظه عليه ونسى ما عهد عليه، لأنه وَكَّله فيه إلى نبيه فقال: { عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } [طه: 115].
وقال ابن عطاء: لو لم يكشف لآدم عليه السلام علم تلك الأسامى لكان لعجز من الملائكة فى الإخبار عنها، وقوله غلب علمه على علم الملائكة؛ لقوة مشاهدة الخطاب من غير واسطة فى قوله {وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا}.
وقيل لبعضهم: أليس علم آدم على قدره؟ فقال: بل علمه أكثر من قدرة وجملة تعلمه إذ فيه تدابير الخلق.قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} قال ابن عطاء: لما استعظموا تسبيحهم وتقديسهم أمرهم بالسجود لغيره؛ يريهم استغناءه عنهم وعن عباداتهم. وقال بعض العراقيين: ورد الخطاب على أسرار الملائكة فهم عاجزون عن المخالفة، ورد على سر إبليس وهو عاجز عن الموافقة.قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ}.
قال القاسم: السكون إلى الجنة وفى الجنة وحشة من الحق ولكنه رد المخلوق إلى المخلوق إظهار الملك ورعونات الطبع، وقيل فى قوله {ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ} قال السكنى: تكون مدة ثم تنقطع فيكون دخولهما فى الجنة دخول سكنى لا دخول ثواب.
قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ}.
قال بعضهم: معناه أنه يقول نهاهما عن قرب الشجرة وقضى عليهما ما قضى ليريهما فيهما وأن العصمة تقواهما لا جحدهما وطاقتهما.
قال ابن عطاء: نهى عن جنس الشجرة، فظن آدم أن النهى عن المشار إليه فتناول على حد النسيان وترك المحافظة لا على التعمد والمخالفة قال الله تعالى { { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } } [طه: 115].
---
حقائق التفسير للسلمي

_________________

أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 16, 2023 6:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 1433


قدَّموا الثناء على ذكر ما اعتذروا به، ونزَّهوا حقيقة حُكْمِه عن أن يكون يَعرِض وهم المعترضون، يعني لا علم لنا بما سألتنا عنه، ولا يتوجَّه عليكَ لوم في تكليف العاجز بما علمتَ أنه غير مستطيع له، إنك أنت العليم الحكيم أي ما تفعله فهو حقٌّ صِدْقٌ ليس لأحد عليكَ حكمٌ، ولا منك سَفَهٌ وقبحولمَّا توهموا حصول تفضيلهم بتسبيحهم وتقديسهم عرَّفهم أن بِساط العز مقدس عن التجمل بطاعة مطيع أو التدنس بزلة جاحد عنيد، فَرَدُّهم إلى السجود لآدم أَظهرَ الغَنَاء عن كل وفاق وخلاف.ومن غَلَبَه القضاء لا ينفعه العناء.
ولقد حصلت من آدم هفوة بشرية، فتداركتهْ رحمة أحدية، وأما إبليس فأدركته شقوة أزلية، وغلبته قسمة وقضية. خاب رجاؤه، وضلَّ عناؤه.أسْكَنَه الجنةَ ولكن أثبت مع دخوله شجرة المحنة، ولولا سابق التقدير لكان يبدل تلك الشجرة بالنضارة ذبولاً، وبالخضرة يبساً، وبالوجود فقداً، وكانت لا تصل يد آدم إلى الأوراق ليخصفها على نفسه - ويقع منه ما يقع.
ولو تطاولت تلك الشجرة حتى كانت لا تصل إليها يده حين مدَّها لم يقع في شأنه كل ذلك التشويش ولكن بدا من التقدير ما سبق به الحكم.
ولا مكانَ أفضل من الجنة، ولا بَشَرَ أكيس من آدم، ولا ناصح يقابل قوله إشارة الحق عليه، ولا غريبة (منه) قبل ارتكابه ما ارتكب، ولا عزيمة أشد من عزيمته - ولكنَّ القدرةَ لا تُكابَرَ، والحُكْمَ لا يُعَارض.
ويقال لما قال له: {ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً} كان فيه إشارة إلى أن الذي يليق بالخَلْق السكون إلى الخَلْق، والقيام باستجلاب الحظ، وآدم عليه السلام وَحْدَه كان بكل خير وكل عافية، فلمَّا جاء الشكلُ والزوجُ ظهرت أنياب الفتنة، وانفتح باب المحنة؛ فحين سَاكَنَ حواء أطاعها فيما أشارت عليه بالأكل، فوقع فيما وقع، ولقد قيل:
داءٌ قديمٌ في بني آدم صبوةُ إنسان بإنسان

فصل: وكلُّ ما منِع منه ابن آدم توفرت دواعيه إلى الاقتراب منه.
فهذا آدم عليه السلام أبيحت له الجنة بجملتها ونُهِيَ عن شجرة واحدة، فليس في المنقول أنه مدَّ يده إلى شيء من جملة ما أبيح، وكان عِيلَ صبره حتى واقع ما نُهِيَ عنه - هكذا صفة الخَلْق.
فصل: وإنما نبَّه على عاقبة دخول آدم الجنة من ارتكابه ما يوجب خروجه منها حين قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً} فإذا أخبر أنه جاعله خليفته في الأرض كيف يمكن بقاؤه في الجنة؟
ويقال أصبح آدم عليه السلام محمود الملائكة، مسجود الكافة، على رأسه تاج الوصلة، وعلى وسطه نطاق القُرَبة، وفي جيده (...) الزلفة، لا أحد فوقه في الرتبة، ولا شخص مثله في الرفعة، يتوالى عليه النداء في كل لحظة يا آدم يا آدم. فلم يُمْسِ حتى نُزِعَ عنه لباسهُ، وسُلِبَ استئناسه، والملائكة يدفعونه بعنف أن اخْرج بغير مُكْثٍ:
وأَمِنْتُهُ فأتاح لي من مَأْمني مكراً، كذا من يأمن الأحبابا

ولمّا تاه آدم عليه السلام في مِشيته لم يلبث إلا ساعة حتى خرج بألف ألف عتاب، وكان كما قيل:
لله دَرُّهُمُ من فِتْيةٍ بَكَرُوا مثلَ الملوكِ وراحوا كالمساكين

فصل: نهاه عن قرب الشجرة بأمره، وألقاه فيما نهاه عنه بقهره، ولبَّس عليه ما أخفاه فيه من سِرِّه.
---
لطائف الإشارات للقشيري

_________________

أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مارس 18, 2023 8:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 1433


قال الجريرىُّ علمه اسماً من اسمائه المخزونة فعلم به جميع الاسامى وقال ابن عطا لو لم يكشف لادم علم تلك الاسامى لكان عَجزَ من الملائكة في الاخبار عنا وقيل غلب علمه على علم الملائكة لقوة مشاهدة الخطاب من غير واسطةٍ فى قوله وعلم ادم الاسماء كلّها.{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ} البس الملائكة لباس العبودية فاَعجبوا بعبادتهم والبس الربوبيّة ورقهم عليه طراز صفاته وعَرَضه على الملائكة فراوة ملتبساً الحق فخجلوا عن تعجبهم بعبادتهم فاَمُرهم الله بسجود ادم تغييرا لهم وتعليماً انّ عبادتهم لا يزيد بالربوبيّة ولا نيقض عن الالوهيّة وايضا لما خلقه بخلقه وصوره بصورته والبَسَه انواره ونفخ فيه من روحه سُكنضهَ جنته واجلسَه على سرير ململكته فاسجدوا ملائكته حتى اكمل له في العبوديّة صفات الربوبيّة فلما سجدا الملائكة لادم فابى ابليس عن السجود لان الملائكة راو فيه سر الله تعالى وعليه لباس الله مصبوغاً بصبغ الله ولم يَرَا ابليس ما كشف لهم فابى واستكبر من غَضبِ الله عليه وكان من الكافرين اي في سابق عمله من المطرودين وقال ابن عطا لما استغظموا تسبيحهم وتقديسهم اَمَرَهم بالسجود غيره يريهم به استغناه عنهم وبمن عبادتهم قال الحسن بن منصوب لما قيل الابليس سجد لادم خاطب الحق فقال رفع شرف السجود عن سرّى الا لك في السجود حتى اسجد له ان كنت امرتنى فقد نهيتنى فقال له فانى اعذبك عذاب الابد فقال ولسَتُ ترانى في عذابك لى قال بلى فقال فرويتك لى تحملني على رؤية العذاب افعل بى ما شئت فقال اجعَلك رحيماً قال ابليس وليس لم يحامد سوى غيرك افعل بى ما شئتَ.{يَاآدَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ} اي اُسكن في جوارى من قطيعتى وان تصيبك خطيئة فان في عصيانك في دار العصمة عذر عصَاه اولادك من اهل التوحيد في دار المحنة واشتياقك الى نعمتى بعد هجرانك من جوارى وبلوغك بعد فنائك في القدم الى لقائى وايضاً اوصاه بالتمكين عند خدّاع ابليسُ مكره حتى لا يزول قدمه عن مقام التمكين بمقالته العين وايضاً اراد الله ان يَعصيَا فولكلهُم الى انفسهما او عَزَها عن القربة بِادخالِهما في لاجنة لان أدمَ وحَوا طفلا الزمان لا يتسقران فى جبروت الرحمن فالجاهما الى كل ثمار اشجارِ الجنان لافراد القديم عن الحديثان الا ترى الى قوله تعالى {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} وقال القاسم السكون في الجنة وحشة من الحق وانه ردّ المخلوق ان المخلوق وهو النقص لامتناع الازل عن الحوادث وقال بعضهم ردّهما في السكون الى انفسهما وكلهما اليها فقلا اسُكن انت وزوجك الجنة وفي رَدّ المخلوق الى المخلوق اظهار العلل عونات الطبع {هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ} اخفى الله تعالى في الشجر اسرار الربوبيّة لادم وحوّا ومنعهما عن قُربها حتى لا يتشوّش عليهما عيش الانسانية ولكن هَيّجهما بمضنعِهما عن قرب الشجرة كسى الشجرة انوار القدس وتجلى الحق سبحانه لهما من الشجرة كما تجلى من شجرة موسى لموسى فعشاق الشجرة ووقعا فيها ونَسيا ذكر النهى عن قربها قال ابن عطا انهى عن جنس الشجرة فظن أدم ان لانهى عن المشار اليه فتنَاولَ على حَدِ النسيان وترك المحافاظة لاعلى التعمد والمخالفة قال تعالى فنسىَ ولم نجد له عَزماً {فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّالِمِينَ} اى من المجاورين عن حد العقل الى حدّ العشق وقال بعضهم معناه انَّه نَهَا هما عن قرب الشجرة وقضى عليهما ما قَضَى عليهما ما قَضَى لنريهما عجزهما وان العصمة هي التي تقومُ في مالا جهدهما وطقاتهما.
--
حقائق القرآن للبقلي

_________________

أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 22, 2023 12:25 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 1433


{وعلم آدم الاسماء كلها} قال وهب بن منبه لما اراد الله ان يخلق آدم اوحى الى الارض اى افهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فادخله الجنة ومنهم من يعصينى فادخله النار فقالت الارض منى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وبعث اليها جبريل عليه السلام ليأتيه بقبضة من زواياها الاربع من اسودها وابيضها واحمرها واطيبها واخبثها وسهلها وصعبها وجبلها فلما اتاها جبريل ليقبض منها قالت الارض بالله الذى ارسلك لا تأخذ منى شيأ فان منافع التقرب الى السلطان كثيرة ولكن فيه خطر عظيم

فرجع جبريل عليه السلام الى مكانه ولم يأخذ منها شيأ فقال يا رب حلفتنى الارض باسمك العظيم فكرهت ان اقدم عليها فارسل الله ميكائيل عليه السلام فلما انتهى اليها قالت الارض له كما قالت لجبريل فرجع ميكائيل فقال كما قال جبريل فارسل الله اسرافيل عليه السلام وجاء ولم يأخذ منها شيأ وقال مثل ما قال جبريل وميكائيل فارسل الله ملك الموت فلما انتهى قالت الارض اعوذ بعزة الله الذى ارسلك ان تقبض منى اليوم قبضة يكون للنار فيها نصيب غدا فقال ملك الموت وانا اعوذ بعزته ان اعصى له امرا فقبض قبضة من وجه الارض مقدار اربعين ذراعا من زواياها الاربع فلذلك يأتى بنوه اخيافا اى مختلفين على حسب اختلاف ألوان الارض واوصافها فمنهم الابيض والاسود والاحمر واللين والغليظ فصار كل ذرة من تلك القبضة اصل بدن للانسان فاذا مات يدفن فى الموضع الذى اخذت منه ثم صعد الى السماء فقال الله له أما رحمت الارض حين تضرعت اليك فقال رأيت امرك اوجب من قولها فقال انت تصلح لقبض ارواح ولده.
قال فى روضة العلماء فشكت الارض الى الله تعالى وقالت يا رب نقص منى قال الله على ان ارد اليك احسن واطيب مما كان فمن ثمه يحنط الميت بالمسك والغالية انتهى.
فامر الله تعالى عزرائيل فوضع ما اخذ من الارض فى وادى نعمان بين مكة والطائف بعدما جعل نصف تلك القبضة فى النار ونصفها فى الجنة فتركها الى ما شاء الله ثم اخرجها ثم امطر عليها من سحاب الكرم فجعلها طينا لازبا وصور منه جسد آدم. واختلفوا فى خلقة آدم عليه السلام فقيل خلق فى سماء الدنيا وقيل فى جنة من جنات الارض بغر بيتها كالجنة التى يخرج منها النيل وغيره من الانهار واكثر المفسرين انه خلق فى جنة عدن ومنها اخرج كما فى كشف الكنوز وفى الحديث القدسى "خمرت طينة آدم بيدى اربعين صباحا" .
يعنى اربعين يوما كل يوم منه الف عام من اعوام الدنيا فتركه اربعين سنة حتى يبس وصار صلصالا وهو الطين المصوت من غاية يبسه كالفخار فامطرعليه مطر الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم امطر عليه مطر السرور سنة واحدة فلذلك كثرت الهموم فى بنى آدم ولكن يصير عاقبتها الى الفرح كما قيل ان لكل بداية نهاية وان مع العسر يسرا

وكانت الملائكة يمرون عليه ويتعجبون من حسن صورته وطول قامته لان طوله كان خمسمائة ذراع الله اعلم بأى ذراع وكان رأسه يمس السماء ولم كونوا رأوا قبل ذلك صورة تشابهها فمر به ابليس فرآه ثم قال لامر ما خلقت ثم ضربه بيده فاذا هو اجوف فدخل فيه وخرج من دبره وقال لاصحابه الذي معه من الملائكة هذا خلق اجوف لا يثبت ولا يتماسك ثم قال لهم ارأيتم ان فضل هذا عليكم ما انتهم فاعلون قالوا نطيع ربنا فقال ابليس فى نفسه والله لا اطيعه ان فضل على ولئن فضلت عليه لأهلكنه

وجمع بزاقه فى فمه وألقاه عليه فوقع بزاق الِلعين على موضع سرة آدم عليه السلام فامر الله جبريل فقور بزاق اللعين من بطن آدم فخفرة السرة من ثقوير جبريل وخلق الله من تلك القوارة كلبا وللكلب ثلاث خصال فانسه بآدم لكونه من طينه وطول سهره فى الليالى من أثر مس جبريل عليه السلام وعضه الانسان وغيره وأذاه من غير خيانة من اثر بزاق اللعين وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة وسمى بآدم لكونه من أديم الارض لانه مؤلف من أنواع ترابها ولما أراد الله ان ينفخ فيه الروح امره ان يدخل فيه فقال الروح موضع بعيد القعر مظلم المدخل فقال له ثانيا ادخل فقال كذلك فقال له ثالثا فقال كذلك فقال أدخُل كرها اى بلا رضى واخرج كرها ولذا لا يخرج الروح من البدن الا كرها فلما نفخه فيه مار فى رأس آدم وجبينه واذنيه ولسانه ثم مار فى جسده كله حتى بلغ قدميه فلم يجد منفذا فرجع منخريه فعطس فقال له ربه قل الحمد لله رب العالمين فقالها آدم فقال يرحمك الله ولذا خلقتك يا آدم فلما انتهى الى ركبيته اراد الوثوب فلم يقدر فلما بلغ قدميه وثبت فقال تعالى وخلق الانسان عجولا فصار بشر لحما ودما وعظاما وعصبا واحشاء ثم كساه لباسا من ظفر يزداد جسده فى كل يوم وهو فى ذلك منتطق متوج وجعل فى جسده تسعة ابواب سبعة فى رأسه اذنين يسمع بهما وعينين يبصر بهما ومنخرين يجد بهما كل رائحة وفما فيه لسان يتكلم به وحنك يجد به طعم كل شئ وبابين فى جسده وهما قبله ودبره يخرج منهما ثقل طعامه وشرابه وجعل عقله فى دماغه وشرهه فى كليتيه وغضبه فى كبده وشجاعته فى قلبه ورغبته فى رئته وضحكه فى طحاله وفرحه وحزنه فى وجهه فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويعرف بدم فلما سواه ونفخ فيه من روحه علمه اسماء الاشياء كلها اى ألهمه فوقع فى قلبه فجرى على لسانه فما فى قلبه بتسمية الاشياء من عنده فعلمه جميع اسماء المسميات بكل اللغات بان اراد الاجناس التى خلقها وعلمه ان هذه اسمه فرس وهذا اسمه بعير وهذا اسمه كذا وعلمه احوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية وعلمه اسماء الملائكة واسماء ذريته كلهم واسماء الحيوانات والجمادات وصنعة كل شئ وأسماء المدن والقرى واسماء الطير والشجر وما يكون وكل نسمة يخلقها الى يوم القيامة واسماء المطعومات والمشروبات وكل نعيم فى الجنة واسماء كل شئ حتى القصعة والقصيعة وحتى الجنة والمحلب.
قال فى كشف الكنوز اتفق جم غفير من اهل العلم على ان الاسماء كلها توقيفية من الله تعالى بمعنى ان الله تعالى خلق لآدم علما ضروريا بمعرفة الالفاظ والمعانى وان هذه الاللاظ موضوعة لتلك المعانى.
وفى الخبر لما خلق الله آدم بث فيه اسرار الأحرف ولم يبث فى احد من الملائكة فخرجت الاحرف على لسان آدم بفنون اللغات فجعلها الله صورا له ومثلت له بانواع الاشكال.
وفى الخبرعلمه سبعمائة الف لغة فلما وقع فى اكل الشجرة سلب اللغات الا العربية فلما اصطفاه بالنبوة رد الله عليه جميع اللغات فكان من معجزاته تكلمه بجميع اللغات المختلفة التى يتكلم بها اولاده الى يوم القيامة من العربية والفارسية والرومية والسريانية واليونانية والعبرانية والزنجية وغيرها.
قال بعض المفسرين علم الله آدم آألف حرفة من المكاسب ثم قال قل لاولادك ان اردتم الدنيا فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين واحكام الشرائع وكان آدم حراثاً اى زراعاً ونوح نجارا وادريس خياطا وصالح تاجرا وداود زرادا وسليمان كان يعمل الزنبيل فى سلطنته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة وكان اكثر عمله صلى الله تعالى عليه وسلم فى البيت الخياطة.
وفى الحديث "عمل الابرار من الرجال الخياطة وعمل الابرار من النساء الغزل" كذا فى روضة الاخيار.
وقال العلماء الاسماء فى قوله تعالى {وعلم آدم الاسماء} تقتضى الاستغراق واقتران قوله كلها يوجب الشمول فكما علمه اسماء المخلوقات علمه اسماء الحق تعالى فاذا كان تخصيصه بمعرفة اسماء المخلوقات يقتضى ان يصح سجود الملائكة له فما الظن بتخصيصه بمعرفة اسماء الحق وما الذى يوجب له { ثم عرضهم على الملائكة } [البقرة: 31] اى عرضها اى المسميات وانما ذكر الضمير لان فى المسميات العقلاء فغلبهم والعرض اظهار الشئ للغير ليعرف العارض منه حاله.
وفى الحديث "انه عرضهم امثال الذر" ولعله عز وجل عرض عليهم من افراد كل نوع ما يصلح ان يكون انموذجا يتعرف منه احوال البقية واحكامها والحكمة فى التعليم والعرض تشريف آدم واصطفاؤه واظهاره الاسرار والعلوم المكنونة فى غيب علمه تعالى على لسان من يشاء من عباده وهو المعلم المكرم آدم الصفى كيلا يحتج الملك وغيره بعلمه ومعرفته وذلك رحمة الله التى وسعت كل شئ {فقال} الله عز وجل تبكيتا وتعجيزا للملائكة وخطاب التعجيز جائز وهو الامر باتيان الشئ ولم يكن اتيانه مرادا ليظهر عجز المخاطب وان كان ذلك محالا كالامر باحياء الصورة التى يفعلها المصورون يوم القيامة ليظهر عجزهم ويحصل لهم الندم ولا ينفعهم الندم {انبئونى} اى اخبرونى {باسماء هؤلاء} الموجودات {ان كنتم صادقين} فى زعمكم انكم احقاء بالخلافة ممن استخلفته كما ينبئ عنه مقالكم.
ويقال هذه الآية دليل عى ان اولى الاشياء بعد علم التوحيد تعلم علم اللغة لانه تعالى أراهم فضل آدم بعلم اللغه.
ودلت ايضا ان المدعى يطالب بالحجة فان الملائكة ادعوا الفضل فطولبوا بالبرهان وبحثوا عن الغيب فقرعوا بالعيان اى لا تعلمون اسماء ما تعاينون فكيف تتكلمون فى فساد من لا تعاينون فيا ارباب الدعاوى اين المعانى ويا ارباب المعرفة اين المحبة ويا ارباب المحبة اين الطاعة.
قال ابو بكر الواسطى من المحال ان يعرفه العبد ثم لا يحبه ومن المحال ان يحبه ثم لا يذكره ومن المحال ان يذكره ثم لا يجد حلاوة ذكره ومن المحال ان يجد حلاوة ذكره ثم يشتغل بغيره.
---
روح البيان لإسماعيل حقي


_________________

أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 22, 2023 11:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 1433


الإشارة: اعلم أن الروح القائمة بهذا الآدمي هي قطعة من الروح الأعظم التي هي المعاني القائمة بالأواني، وهي آدم الأكبر والأب الأدم، وفي ذلك يقول ابن الفارض:
وإنِّي وإنْ كنتُ ابن آدمَ صُورةً فلِي فِيه مَعْنىً شاهدٌ بأُبوَّتِي

فلمّا أراد الحق تعالى أن يستخلف هذا الروح في هذه البشرية لتدبرها وتصرفها فيما أريد منها، قالت الملائكة بلسان حالها: كيف تجعل فيها من يفسد فيها بالميل إلى الحظوظ والشهوات، ويسفك الدماء بالغضب والحميات، ونحن نسبحك وننزهك عما لا يليق بك؟ رأت الملائكة ما يصدر من بعض الأرواح من الميل إلى الحضيض الأسفل، ولم تر ما يصدر في بعضها من التصفية والترقية، فقال لهم الحق تعالى: {إني أعلم ما لا تعلمون}؛ فإن منها من تعرج إلى عرش الحضرة، وتعبدني بالفكرة والنظرة، وتستولي على الوجود بأسره، وتنكشف لها عند ذلك أسرار الذات وأنوار الصفات وأسماء المسميات.
فيقول الحق تعالى للملائكة: هل فيكم من كشف له عن هذا السر المكنون، والاسم المصون، فقالوا: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} من علم الصفات دون أسرار الذات {إنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} يقول الحق تعالى لروح العارف التي نفذت إلى بحر وحدة الذات وتيار الصفات: أنبئهم بما غاب عنهم من أسرار الجبروت، وأسماء الملكوت، فلما أعلمهم بما كوشف له من الأسرار، وانفق له من الأنوار، أقروا بشرف الآدمي، وسجدوا لطلعة آدم عليه السلام فقال الحق لهم: {أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}؟ أي: ما غاب في سماء الأرواح من الأسرار وفي أرض النفوس من الأنوار، وأعلم ما تظهرونه من الانقياد، وما تكتمونه من الاعتقاد، والله تعالى أعلم.
ولما تبينّ شرف آدم عليه السلام وبان فضله أمرهم بالسجود له.
---
البحر المديد لإبن عجيبة الحسيني

_________________

أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 155 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 7, 8, 9, 10, 11

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 2 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط