موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 144 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 6, 7, 8, 9, 10  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 22, 2006 3:36 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/17.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center]قال تعالى:

" وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"

البقرة 196

تفسير الجلالين
..................

"وَأَتِمُّوا الْحَجّ وَالْعُمْرَة لِلَّهِ" أَدُّوهُمَا بِحُقُوقِهِمَا "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ" مُنِعْتُمْ عَنْ إتْمَامهَا بِعَدُوٍّ "فَمَا اسْتَيْسَرَ" تَيَسَّرَ "مِنْ الْهَدْي" عَلَيْكُمْ وَهُوَ شَاة "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسكُمْ" أَيْ لَا تَتَحَلَّلُوا "حَتَّى يَبْلُغ الْهَدْي" الْمَذْكُور "مَحِلّه" حَيْثُ يَحِلّ ذَبْحه وَهُوَ مَكَان الْإِحْصَار عِنْد الشَّافِعِيّ فَيَذْبَح فِيهِ بِنِيَّةِ التَّحَلُّل وَيُفَرِّق عَلَى مَسَاكِينه وَيَحْلِق وَبِهِ يَحْصُل التَّحَلُّل "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسه" كَقَمْلٍ وَصُدَاع فَحَلَقَ فِي الْإِحْرَام "فَفِدْيَة" عَلَيْهِ "مِنْ صِيَام" ثَلَاثَة أَيَّام "أَوْ صَدَقَة" بِثَلَاثَةِ أَصْوُع مِنْ غَالِب قُوت الْبَلَد عَلَى سِتَّة مَسَاكِين "أَوْ نُسُك" أَيْ ذَبَحَ شَاة وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ حَلَقَ لِغَيْرِ عُذْر لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْكَفَّارَةِ وَكَذَا مَنْ اسْتَمْتَعَ بِغَيْرِ الْحَلْق كَالطِّيبِ وَاللُّبْس وَالدَّهْن لِعُذْرٍ أَوْ غَيْره "فَإِذَا أَمِنْتُمْ" الْعَدُوّ بِأَنْ ذَهَبَ أَوْ لَمْ يَكُنْ "فَمَنْ تَمَتَّعَ" اسْتَمْتَعَ "بِالْعُمْرَةِ" أَيْ بِسَبَبِ فَرَاغه مِنْهَا بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام "إلَى الْحَجّ" أَيْ إلَى الْإِحْرَام بِهِ بِأَنْ يَكُون أَحْرَمَ بِهَا فِي أَشْهُره "فَمَا اسْتَيْسَرَ" تَيَسَّرَ "مِنْ الْهَدْي" عَلَيْهِ وَهُوَ شَاة يَذْبَحهَا بَعْد الْإِحْرَام بِهِ وَالْأَفْضَل يَوْم النَّحْر "فَمَنْ لَمْ يَجِد" الْهَدْي لِفَقْدِهِ أَوْ فَقْد ثَمَنه "فَصِيَام" أَيْ فَعَلَيْهِ صِيَام "ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَجّ" أَيْ فِي حَال الْإِحْرَام بِهِ فَيَجِب حِينَئِذٍ أَنْ يُحْرِم قَبْل السَّابِع مِنْ ذِي الْحِجَّة وَالْأَفْضَل قَبْل السَّادِس لِكَرَاهَةِ صَوْم يَوْم عَرَفَة وَلَا يَجُوز صَوْمهَا أَيَّام التَّشْرِيق عَلَى أَصَحّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ "وَسَبْعَة إذَا رَجَعْتُمْ" إلَى وَطَنكُمْ مَكَّة أَوْ غَيْرهَا وَقِيلَ إذَا فَرَغْتُمْ مِنْ أَعْمَال الْحَجّ وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة "تِلْكَ عَشَرَة كَامِلَة" جُمْلَة تَأْكِيد لِمَا قَبْلهَا "ذَلِكَ" الْحُكْم الْمَذْكُور مِنْ وُجُوب الْهَدْي أَوْ الصِّيَام عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ "لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْله حَاضِرِي الْمَسْجِد الْحَرَام" بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى دُون مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْحَرَام عِنْد الشَّافِعِيّ فَإِنْ كَانَ فَلَا دَم عَلَيْهِ وَلَا صِيَام وَإِنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَد وَجْهَيْنِ عِنْد الشَّافِعِيّ وَالثَّانِي لَا وَالْأَهْل كِنَايَة عَنْ النَّفْس وَأُلْحِقَ بِالْمُتَمَتِّعِ فِيمَا ذُكِرَ بِالسُّنَّةِ الْقَارِن وَهُوَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجّ مَعًا أَوْ يَدْخُل الْحَجّ عَلَيْهَا قَبْل الطَّوَاف "وَاتَّقُوا اللَّه" فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَيَنْهَاكُمْ عَنْهُ "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" لِمَنْ خَالَفَهُ[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 27, 2006 12:41 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/2.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center]قال تعالى:

" وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ "

النحل 127

الجلالين
ــــــــــ

"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرك إلَّا بِاَللَّهِ" بِتَوْفِيقِهِ "وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ" أَيْ الْكُفَّار إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا لِحِرْصِك عَلَى إيمَانهمْ "وَلَا تَكُ فِي ضَيْق مِمَّا يَمْكُرُونَ" أَيْ لَا تَهْتَمّ بِمَكْرِهِمْ فَأَنَا نَاصِرك عَلَيْهِمْ


الطبري
ـــــــــــــ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرك إِلَّا بِاَللَّهِ وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْق مِمَّا يَمْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد عَلَى مَا أَصَابَك مِنْ أَذًى فِي اللَّه . { وَمَا صَبْرك إِلَّا بِاَللَّهِ } يَقُول : وَمَا صَبْرك إِنْ صَبَرْت إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّه وَتَوْفِيقه إِيَّاكَ لِذَلِكَ . { وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ } يَقُول : وَلَا تَحْزَن عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك وَيُنْكِرُونَ مَا جِئْتهمْ بِهِ فِي آنٍ وَلَّوْا عَنْك وَأَعْرَضُوا عَمَّا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ النَّصِيحَة . { وَلَا تَكُ فِي ضَيْق مِمَّا يَمْكُرُونَ } يَقُول : وَلَا يَضِقْ صَدْرك بِمَا يَقُولُونَ مِنْ الْجَهْل وَنِسْبَتهمْ مَا جِئْتهمْ بِهِ إِلَى أَنَّهُ سِحْر أَوْ شِعْر أَوْ كِهَانَة . { مِمَّا يَمْكُرُونَ } مِمَّا يَحْتَالُونَ بِالْخُدَعِ فِي الصَّدّ عَنْ سَبِيل اللَّه مَنْ أَرَادَ الْإِيمَان بِك وَالتَّصْدِيق بِمَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْك . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق : { وَلَا تَكُ فِي ضَيْق } بِفَتْحِ الضَّاد فِي الضَّيْق عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت مِنْ تَأْوِيله . وَقِرَاءَة بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة : " وَلَا تَكُ فِي ضِيق " بِكَسْرِ الضَّاد . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : { فِي ضَيْق } بِفَتْحِ الضَّاد , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا نَهَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضِيق صَدْره مِمَّا يَلْقَى مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى تَبْلِيغه إِيَّاهُمْ وَحْي اللَّه وَتَنْزِيله , فَقَالَ لَهُ : { فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرك حَرَج مِنْهُ لِتُنْذِر بِهِ } 7 2 وَقَالَ : { فَلَعَلَّك تَارِك بَعْض مَا يُوحَى إِلَيْك وَضَائِق بِهِ صَدْرك أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَك إِنَّمَا أَنْتَ نَذِير } 11 12 وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي نَهَاهُ تَعَالَى ذِكْره , فَفَتْح الضَّاد هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى , تَقُول الْعَرَب : فِي صَدْرِي مِنْ هَذَا الْأَمْر ضَيْق , وَإِنَّمَا تَكْسِر الضَّاد فِي الشَّيْء الْمُعَاش وَضِيق الْمَسْكَن وَنَحْو ذَلِكَ . فَإِنْ وَقَعَ الضَّيْق بِفَتْحِ الضَّاد فِي مَوْضِع الضِّيق بِالْكَسْرِ , كَانَ عَلَى الَّذِي يَتَّسِع أَحْيَانًا وَيَضِيق مِنْ قِلَّة أَحَد وَجْهَيْنِ , إِمَّا عَلَى جَمْع الضَّيْقَة , كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : فَلَئِنْ رَبّك مِنْ رَحْمَته كَشَفَ الضَّيْقَة عَنَّا وَفَسَحْ وَالْآخَر عَلَى تَخْفِيف الشَّيْء الضَّيِّق , كَمَا يُخَفَّف الْهَيِّن اللَّيِّن , فَيُقَال : هُوَ هَيْن لَيْن .


القرطبي
ــــــــــــ
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ

قَالَ اِبْن زَيْد : هِيَ مَنْسُوخَة بِالْقِتَالِ . وَجُمْهُور النَّاس عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَة . أَيْ اِصْبِرْ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُعَاقَبَة بِمِثْلِ مَا عَاقَبُوا فِي الْمُثْلَة .

وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ

أَيْ عَلَى قَتْلَى أُحُد فَإِنَّهُمْ صَارُوا إِلَى رَحْمَة اللَّه .

وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ

ضَيْق جَمْع ضِيقَة ; قَالَ الشَّاعِر : كَشَفَ الضَّيْقَة عَنَّا وَفَسَح وَقِرَاءَة الْجُمْهُور بِفَتْحِ الضَّاد . وَقَرَأَ اِبْن كَثِير بِكَسْرِ الضَّاد , وَرُوِيَتْ عَنْ نَافِع , وَهُوَ غَلَط مِمَّنْ رَوَاهُ . قَالَ بَعْض اللُّغَوِيِّينَ : الْكَسْر وَالْفَتْح فِي الضَّاد لُغَتَانِ فِي الْمَصْدَر . قَالَ الْأَخْفَش : الضِّيق وَالضَّيْق مَصْدَر ضَاقَ يَضِيق . وَالْمَعْنَى : لَا يَضِيق صَدْرك مِنْ كُفْرهمْ . و قَالَ الْفَرَّاء : الضَّيْق مَا ضَاقَ عَنْهُ صَدْرك , وَالضِّيق مَا يَكُون فِي الَّذِي يَتَّسِع وَيَضِيق ; مِثْل الدَّار وَالثَّوَاب . وَقَالَ اِبْن السِّكِّيت : هُمَا سَوَاء ; يُقَال : فِي صَدْره ضَيْق وَضِيق . الْقُتَبِيّ : ضَيْق مُخَفَّف ضيّق ; أَيْ لَا تَكُنْ فِي أَمْر ضَيِّق فَخُفِّفَ ; مِثْل هَيِّن وَهَيْن . وَقَالَ اِبْن عَرَفَة : يُقَال ضَاقَ الرَّجُل إِذَا بَخِلَ , وَأَضَاقَ إِذَا اِفْتَقَرَ .[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 08, 2007 9:37 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/8.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center]قال تعالى:

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ"


الجلالين
ـــــــــ

"يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِينَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا" أَبْصِرُونَا وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر الظَّاء : أَمْهِلُونَا "نَقْتَبِس" نَأْخُذ الْقَبَس وَالْإِضَاءَة "مِنْ نُوركُمْ قِيلَ" "لَهُمْ اسْتِهْزَاء بِهِمْ "رْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا " فَرَجَعُوا "فَضُرِبَ بَيْنهمْ " وَبَيْن الْمُؤْمِنِينَ "بِسُورٍ " قِيلَ هُوَ سُور الْأَعْرَاف "لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة " مِنْ جِهَة الْمُؤْمِنِينَ "وَظَاهِره " مِنْ جِهَة الْمُنَافِقِينَ

الطبري
ـــــــــيَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِينَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم فِي يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات , وَالْيَوْم مِنْ صِلَة الْفَوْز لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله : اُنْظُرُونَا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { اُنْظُرُونَا } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة { اُنْظُرُونَا } مَوْصُولَة بِمَعْنَى اِنْتَظِرُونَا , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة " أَنْظِرُونَا " مَقْطُوعَة الْأَلْف مِنْ أَنْظَرْت بِمَعْنَى : أَخِّرُونَا , وَذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ الْعَرَب تَقُول : أَنْظِرْنِي وَهُمْ يُرِيدُونَ . اِنْتَظِرْنِي قَلِيلًا ; وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ بَيْت عَمْرو بْن كُلْثُوم : أَبَا هِنْد فَلَا تَعْجَل عَلَيْنَا وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرك الْيَقِينَا قَالَ : فَمَعْنَى هَذَا : اِنْتَظِرْنَا قَلِيلًا نُخَبِّرك , لِأَنَّهُ لَيْسَ هَا هُنَا تَأْخِير , إِنَّمَا هُوَ اِسْتِمَاع كَقَوْلِك لِلرَّجُلِ : اِسْمَعْ مِنِّي حَتَّى أُخْبِرَك . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي الْوَصْل , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب إِذَا أُرِيدَ بِهِ اِنْتَظِرْنَا , وَلَيْسَ لِلتَّأْخِيرِ فِي هَذَا الْمَوْضِع مَعْنًى , فَيُقَال : أَنْظِرُونَا , بِفَتْحِ الْأَلْف وَهَمْزهَا . وَقَوْله : { نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ } يَقُول : نَسْتَصْبِح مِنْ نُوركُمْ , وَالْقَبَس : الشُّعْلَة . وَقَوْله : { قِيلَ اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَيُجَابُونَ بِأَنْ يُقَال لَهُمْ : اِرْجِعُوا مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ , وَاطْلُبُوا لِأَنْفُسِكُمْ هُنَالِكَ نُورًا , فَإِنَّهُ لَا سَبِيل لَكُمْ إِلَى الِاقْتِبَاس مِنْ نُورنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26027 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات } إِلَى قَوْله : { وَبِئْسَ الْمَصِير } قَالَ اِبْن عَبَّاس : بَيْنَمَا النَّاس فِي ظُلْمَة , إِذْ بَعَثَ اللَّه نُورًا ; فَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ النُّور تَوَجَّهُوا نَحْوه , وَكَانَ النُّور دَلِيلًا مِنْ اللَّه إِلَى الْجَنَّة ; فَلَمَأَ رَأَى الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ اِنْطَلَقُوا , تَبِعُوهُمْ , فَأَظْلَمَ اللَّه عَلَى الْمُنَافِقِينَ , فَقَالُوا حِينَئِذٍ : اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ , فَإِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا ; قَالَ الْمُؤْمِنُونَ : اِرْجِعُوا مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ مِنْ الظُّلْمَة , فَالْتَمِسُوا هُنَالِكَ النُّور . * عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِينَ آمَنُوا } الْآيَة , كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : بَيْنَمَا النَّاس فِي ظُلْمَة , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه .

فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ

وَقَوْله : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَضَرَبَ اللَّه بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِسُورٍ , وَهُوَ حَاجِز بَيْن أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26028 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { بِسُورٍ لَهُ بَاب } قَالَ : كَالْحِجَابِ فِي الْأَعْرَاف . 26029 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب } السُّور : حَائِط بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار . 26300 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب } قَالَ : هَذَا السُّور الَّذِي قَالَ اللَّه { وَبَيْنهمَا حِجَاب } 7 46 وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ السُّور بِبَيْتِ الْمَقْدِس عِنْد وَادِي جَهَنَّم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26301 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن بِلَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَان , قَالَ : كُنْت مَعَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , عِنْد وَادِي جَهَنَّم , فَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } فَقَالَ : هَذَا مَوْضِع السُّور عِنْد وَادِي جَهَنَّم . 36302 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن عَطِيَّة بْن رُدَيْح بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثَنِي عَمِّي مُحَمَّد بْن رُدَيْح بْن عَطِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , عَنْ أَبِي الْعَوَّام , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت أَنَّهُ كَانَ يَقُول : { بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } قَالَ : هَذَا بَاب الرَّحْمَة . 26303 - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد بْن عَطِيَّة بْن قَيْس , عَنْ أَبِي الْعَوَّام مُؤَذِّن بَيْت الْمَقْدِس , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ يَقُول : إِنَّ السُّور الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي الْقُرْآن : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } هُوَ السُّور الشَّرْقِيّ , بَاطِنه الْمَسْجِد , وَظَاهِره وَادِي جَهَنَّم . 23304 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَوْف , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَة , قَالَ : ثَنَا صَفْوَان , قَالَ : ثَنَا شَرِيج أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول فِي الْبَاب الَّذِي فِي بَيْت الْمَقْدِس : إِنَّهُ الْبَاب الَّذِي قَالَ اللَّه : { فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } وَقَوْله : { لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِذَلِكَ السُّور بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَل ذَلِكَ الظَّاهِر الْعَذَاب : يَعْنِي النَّار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26305 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب } : أَيْ النَّار . 26306 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة } قَالَ : الْجَنَّة وَمَا فِيهَا .



القرطبي
ـــــــــــــ

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا

الْعَامِل فِي " يَوْم " " ذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم " . وَقِيلَ : هُوَ بَدَل مِنْ الْيَوْم الْأَوَّل . " نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ " قِرَاءَة الْعَامَّة بِوَصْلِ الْأَلِف مَضْمُومَة الظَّاء مِنْ نَظَر , وَالنَّظَر الِانْتِظَار أَيْ اِنْتَظِرُونَا . وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة وَيَحْيَى بْن وَثَّاب " أَنْظِرُونَا " بِقَطْعِ الْأَلِف وَكَسْر الظَّاء مِنْ الْإِنْظَار . أَيْ أَمْهِلُونَا وَأَخِّرُونَا , أَنْظَرْته أَخَّرْته , وَاسْتَنْظَرْته أَيْ اسْتَمْهَلْته . وَقَالَ الْفَرَّاء : تَقُول الْعَرَب : أَنْظِرْنِي اِنْتَظِرْنِي , وَأُنْشِدَ لِعَمْرِو بْن كُلْثُوم : أَبَا هِنْد فَلَا تَعْجَل عَلَيْنَا وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْك الْيَقِينَا أَيْ اِنْتَظِرْنَا .

نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ

أَيْ نَسْتَضِيء مِنْ نُوركُمْ . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو أُمَامَة : يَغْشَى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ظُلْمَة - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ : أَظُنّهَا بَعْد فَصْل الْقَضَاء - ثُمَّ يُعْطُونَ نُورًا يَمْشُونَ فِيهِ . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : يُعْطِي اللَّه الْمُؤْمِنِينَ نُورًا يَوْم الْقِيَامَة عَلَى قَدْر أَعْمَالهمْ يَمْشُونَ بِهِ عَلَى الصِّرَاط , وَيُعْطِي الْمُنَافِقِينَ أَيْضًا نُورًا خَدِيعَة لَهُمْ , دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " وَهُوَ خَادِعهمْ " [ النِّسَاء : 142 ] . وَقِيلَ : إِنَّمَا يُعْطُونَ النُّور , لِأَنَّ جَمِيعهمْ أَهْل دَعْوَة دُون الْكَافِر , ثُمَّ يُسْلَب الْمُنَافِق نُوره لِنِفَاقِهِ , قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ أَبُو أُمَامَة : يُعْطَى الْمُؤْمِن النُّور وَيُتْرَك الْكَافِر وَالْمُنَافِق بِلَا نُور . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : بَلْ يَسْتَضِيء الْمُنَافِقُونَ بِنُورِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُعْطُونَ النُّور , فَبَيْنَمَا هُمْ يَمْشُونَ إِذْ بَعَثَ اللَّه فِيهِمْ رِيحًا وَظُلْمَة فَأَطْفَأَ بِذَلِكَ نُور الْمُنَافِقِينَ , فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " رَبّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورنَا " [ التَّحْرِيم : 8 ] يَقُولهُ الْمُؤْمِنُونَ , خَشْيَة أَنْ يُسْلَبُوهُ كَمَا سَلَبَهُ الْمُنَافِقُونَ , فَإِذَا بَقِيَ الْمُنَافِقُونَ فِي الظُّلْمَة لَا يُبْصِرُونَ مَوَاضِع أَقْدَامهمْ قَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ : " اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ " .

قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا

أَيْ قَالَتْ لَهُمْ الْمَلَائِكَة " اِرْجِعُوا " . وَقِيلَ : بَلْ هُوَ قَوْل الْمُؤْمِنِينَ لَهُمْ " اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ " إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي أَخَذْنَا مِنْهُ النُّور فَاطْلُبُوا هُنَالِكَ لِأَنْفُسِكُمْ نُورًا فَإِنَّكُمْ لَا تَقْتَبِسُونَ مِنْ نُورنَا . فَلَمَّا رَجَعُوا وَانْعَزَلُوا فِي طَلَب النُّور

فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ

وَقِيلَ : أَيْ هَلَّا طَلَبْتُمْ النُّور مِنْ الدُّنْيَا بِأَنْ تُؤْمِنُوا . " بِسُورٍ " أَيْ سُور , وَالْبَاء صِلَة . قَالَهُ الْكِسَائِيّ . وَالسُّور حَاجِز بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار . وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ السُّور بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْد مَوْضِع يُعْرَف بِوَادِي جَهَنَّم .

بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ

يَعْنِي مَا يَلِي مِنْهُ الْمُؤْمِنِينَ

وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ

يَعْنِي مَا يَلِي الْمُنَافِقِينَ . قَالَ كَعْب الْأَحْبَار : هُوَ الْبَاب الَّذِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الْمَعْرُوف بِبَابِ الرَّحْمَة . وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو : إِنَّهُ سُور بَيْت الْمَقْدِسِ الشَّرْقِيّ بَاطِنه فِيهِ الْمَسْجِد " وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب " يَعْنِي جَهَنَّم . وَنَحْوه عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ زِيَاد بْن أَبِي سَوَادَة : قَامَ عُبَادَة بْن الصَّامِت عَلَى سُور بَيْت الْمَقْدِسِ الشَّرْقِيّ فَبَكَى , وَقَالَ : مِنْ هَاهُنَا أَخْبَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى جَهَنَّم . وَقَالَ قَتَادَة : هُوَ حَائِط بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار " بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة " يَعْنِي الْجَنَّة " وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب " يَعْنِي جَهَنَّم . وَقَالَ مُجَاهِد : إِنَّهُ حِجَاب كَمَا فِي " الْأَعْرَاف " وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِيهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الرَّحْمَة الَّتِي فِي بَاطِنه نُور الْمُؤْمِنِينَ , وَالْعَذَاب الَّذِي فِي ظَاهِره ظُلْمَة الْمُنَافِقِينَ .[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 06, 2007 9:35 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[font=Traditional Arabic]قال تعالى :

" لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"
الحشر 21

الجلالين
ــــ

"لَوْ أَنَزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل" وَجُعِلَ فِيهِ تَمْيِيز كَالْإِنْسَانِ "لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا" مُتَشَقِّقًا "مِنْ خَشْيَة اللَّه وَتِلْكَ الْأَمْثَال" الْمَذْكُورَة "نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" فَيُؤْمِنُونَ

الطبري
ــــ


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } وَقَوْله : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل , وَهُوَ حَجَر , لَرَأَيْته يَا مُحَمَّد خَاشِعًا ; يَقُول : مُتَذَلِّلًا , مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه عَلَى قَسَاوَته , حَذَرًا مِنْ أَنْ لَا يُؤَدِّي حَقّ اللَّه الْمُفْتَرَض عَلَيْهِ فِي تَعْظِيم الْقُرْآن , وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَى اِبْن آدَم وَهُوَ بِحَقِّهِ مُسْتَخِفّ , وَعَنْهُ , عَمَّا فِيهِ مِنْ الْعِبَر وَالذِّكْر , مُعْرِض , كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا , كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26275 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشِيَهُ اللَّه } . .. إِلَى قَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } قَالَ : يَقُول : لَوْ أَنِّي أَنْزَلْت هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل حَمَّلْته إِيَّاهُ تَصَدَّعَ وَخَشَعَ مِنْ ثِقَله وَمِنْ خَشْيَة اللَّه , فَأَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ النَّاس إِذَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآن , أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالْخَشْيَةِ الشَّدِيدَة وَالتَّخَشُّع , قَالَ : { كَذَلِكَ يَضْرِب اللَّه الْأَمْثَال } 13 17 { لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . 26276 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } . .. الْآيَة , يَعْذِر اللَّه الْجَبَل الْأَصَمّ , وَلَمْ يَعْذِر شَقِيّ اِبْن آدَم , هَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا قَطُّ تَصَدَّعَتْ جَوَانِحه مِنْ خَشْيَة اللَّه ؟ .

وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ

{ وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَذِهِ الْأَشْيَاء نُشَبِّههَا لِلنَّاسِ , وَذَلِكَ تَعْرِيفه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِيَّاهُمْ أَنَّ الْجِبَال أَشَدّ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ مِنْهُمْ مَعَ قَسَاوَتهَا وَصَلَابَتهَا .

لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } يَقُول : يَضْرِب اللَّه لَهُمْ هَذِهِ الْأَمْثَال لِيَتَفَكَّرُوا فِيهَا , فَيُنِيبُوا , وَيَنْقَادُوا لِلْحَقِّ .


القرطبي
ـــــ

لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا

حَثَّ عَلَى تَأَمُّل مَوَاعِظ الْقُرْآن وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْر فِي تَرْك التَّدَبُّر ; فَإِنَّهُ لَوْ خُوطِبَ بِهَذَا الْقُرْآن الْجِبَال مَعَ تَرْكِيب الْعَقْل فِيهَا لَانْقَادَتْ لِمَوَاعِظِهِ , وَلَرَأَيْتهَا عَلَى صَلَابَتهَا وَرَزَانَتهَا خَاشِعَة مُتَصَدِّعَة ; أَيْ مُتَشَقِّقَة مِنْ خَشْيَة اللَّه . وَالْخَاشِع : الذَّلِيل . وَالْمُتَصَدِّع : الْمُتَشَقِّق . وَقِيلَ : " خَاشِعًا " لِلَّهِ بِمَا كُلِّفَهُ مِنْ طَاعَته .

مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ

أَنْ يَعْصِيه فَيُعَاقِبهُ . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى وَجْه الْمَثَل لِلْكُفَّارِ .

وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَخَشَعَ لِوَعْدِهِ وَتَصَدَّعَ لِوَعِيدِهِ وَأَنْتُمْ أَيّهَا الْمَقْهُورُونَ بِإِعْجَازِهِ لَا تَرْغَبُونَ فِي وَعْده , وَلَا تَرْهَبُونَ مِنْ وَعِيده وَقِيلَ : الْخِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَيْ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن يَا مُحَمَّد عَلَى جَبَل لَمَا ثَبَتَ , وَتَصَدَّعَ مِنْ نُزُوله عَلَيْهِ ; وَقَدْ أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْك وَثَبَّتْنَاك لَهُ ; فَيَكُون ذَلِكَ اِمْتِنَانًا عَلَيْهِ أَنْ ثَبَّتَهُ لِمَا لَا تَثْبُت لَهُ الْجِبَال . وَقِيلَ : إِنَّهُ خِطَاب لِلْأُمَّةِ , وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَوْ أَنْذَرَ بِهَذَا الْقُرْآن الْجِبَال لَتَصَدَّعَتْ مِنْ خَشْيَة اللَّه . وَالْإِنْسَان أَقَلّ قُوَّة وَأَكْثَر ثَبَاتًا ; فَهُوَ يَقُوم بِحَقِّهِ إِنْ أَطَاعَ , وَيَقْدِر عَلَى رَدّه إِنْ عَصَى ; لِأَنَّهُ مَوْعُود بِالثَّوَابِ , وَمَزْجُور بِالْعِقَابِ
.

[/font]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 08, 2007 10:52 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/18.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center] " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "

لقمان 34
الجلالين
ـــــــــ

"إنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة" مَتَى تَقُوم "وَيُنْزِل" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "الْغَيْث" يُنْزِل الْمَطَر بِوَقْتٍ يَعْلَمهُ "وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام" أَذَكَر أَمْ أُنْثَى وَلَا يَعْلَم وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَة غَيْر اللَّه تَعَالَى "وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا" مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ وَيَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى "وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت" وَيَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى "إنَّ اللَّه عَلِيم" بِكُلِّ شَيْء "خَبِير" بِبَاطِنِهِ كَظَاهِرِهِ رَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ ابْن عُمَر حَدِيث "مَفَاتِيح الْغَيْب خَمْسَة إنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة إلَى آخِر السُّورَة"

الطبري
ــــــــــــــ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ عِنْده عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا النَّاس اتَّقُوا رَبّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا } هُوَ آتِيكُمْ عِلْم إِتْيَانه إِيَّاكُمْ عِنْد رَبّكُمْ , لَا يَعْلَم أَحَد مَتَى هُوَ جَائِيكُمْ , لَا يَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَة , فَاتَّقُوهُ أَنْ يَفْجَأكُمْ بَغْتَة , وَأَنْتُمْ عَلَى ضَلَالَتكُمْ لَمْ تُنِيبُوا مِنْهَا , فَتَصِيرُوا مِنْ عَذَاب اللَّه وَعِقَابه إِلَى مَا لَا قِبَل لَكُمْ بِهِ ; وَابْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره الْخَبَر عَنْ عِلْمه بِمَجِيءِ السَّاعَة , وَالْمَعْنَى : مَا ذَكَرْت لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَى الْمُرَاد مِنْهُ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ عِنْده عِلْم السَّاعَة } الَّتِي تَقُوم فِيهَا الْقِيَامَة , لَا يَعْلَم ذَلِكَ أَحَد غَيْره { وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } مِنَ السَّمَاء , لَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ أَحَد غَيْره { وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } أَرْحَام الْإِنَاث { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } يَقُول : وَمَا تَعْلَم نَفْس حَيّ مَاذَا تَعْمَل فِي غَد , { وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } يَقُول : وَمَا تَعْلَم نَفْس حَيّ بِأَيِّ أَرْض تَكُون مَنِيَّتهَا { إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير } يَقُول : إِنَّ الَّذِي يَعْلَم ذَلِكَ كُلّه , هُوَ اللَّه دُون كُلّ أَحَد سِوَاهُ , إِنَّهُ ذُو عِلْم بِكُلِّ شَيْء , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , خَبِير بِمَا هُوَ كَائِن , وَمَا قَدْ كَانَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21465 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } قَالَ : جَاءَ رَجُل قَالَ - قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَحْسَبهُ أَنَا , قَالَ - إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي حُبْلَى , فَأَخْبِرْنِي مَاذَا تَلِد ؟ وَبِلَادنَا مَحْل جَدْبَة , فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِل الْغَيْث ؟ وَقَدْ عَلِمْت مَتَى وُلِدْت , فَأَخْبِرْنِي مَتَى أَمُوت , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } إِلَى آخِر السُّورَة , قَالَ : فَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : هُنَّ مَفَاتِح الْغَيْب الَّتِي قَالَ اللَّه { وَعِنْدَهُ مَفَاتِح الْغَيْب لَا يَعْلَمهَا إِلَّا هُوَ } 6 59 21466 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } الْآيَة , أَشْيَاء مِنْ الْغَيْب , اسْتَأْثَرَ اللَّه بِهِنَّ , فَلَمْ يُطْلِع عَلَيْهِنَّ مَلَكًا مُقَرَّبًا , وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } فَلَا يَدْرِي أَحَد مِنْ النَّاس مَتَى تَقُوم السَّاعَة , فِي أَيّ سَنَة , أَوْ فِي أَيّ شَهْر , أَوْ لَيْل , أَوْ نَهَار { وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } فَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى يَنْزِل الْغَيْث , لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يَنْزِل ؟ { وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } فَلَا يَعْلَم أَحَد مَا فِي الْأَرْحَام , أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى , أَحْمَر أَوْ أَسْوَد , أَوْ مَا هُوَ ؟ { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } خَيْر أَمْ شَرّ , وَلَا تَدْرِي يَا ابْن آدَم مَتَى تَمُوت ؟ لَعَلَّك الْمَيِّت غَدًا , لَعَلَّك الْمُصَاب غَدًا ! { وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } لَيْسَ أَحَد مِنْ النَّاس يَدْرِي أَيْنَ مَضْجَعه مِنَ الْأَرْض فِي بَحْر أَوْ بَرّ أَوْ سَهْل أَوْ جَبَل , تَعَالَى وَتَبَارَكَ . 21467 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنِ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : مَنْ قَالَ : إِنَّ أَحَدًا يَعْلَم الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه فَقَدْ كَذَبَ , وَأَعْظَم الْفِرْيَة عَلَى اللَّه . قَالَ اللَّه : { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه } 27 65 21468 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه , هَلْ مِنَ الْعِلْم عِلْم لَمْ تُؤْتَهُ ؟ قَالَ : " لَقَدْ أُوتِيت عِلْمًا كَثِيرًا , وَعِلْمًا حَسَنًا " , أَوْ كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } إِلَى { إِنَّ اللَّهَ عَلِيم خَبِير } " لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى " . 21469 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمْرو بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْسَة , ثُمَّ قَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَات { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } إِلَى آخِرهَا " . 21470 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار , أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَر يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه , { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام } الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : لَا يَعْلَم مَا فِي غَد إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى يَنْزِل الْغَيْث إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَتَى قِيَام السَّاعَة إِلَّا اللَّه , وَلَا يَعْلَم أَحَد مَا فِي الْأَرْحَام إِلَّا اللَّه , وَلَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت. " * حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنِ ابْن عُمَر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَفَاتِح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمهَا إِلَّا اللَّه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة , وَيُنَزِّل الْغَيْثَ , وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام , وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا , وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت , إِنَّ اللَّهَ عَلِيم خَبِير " . 21471 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة , عَنِ ابْن مَسْعُود قَالَ : كُلّ شَيْء أُوتِيَهُ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا عِلْم الْغَيْب الْخَمْس : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } 21472 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنِ ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : مَنْ حَدَّثَك أَنَّهُ يَعْلَم مَا فِي غَد فَقَدْ كَذَبَ , ثُمَّ قَرَأَتْ : { وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا } 21473 - قَالَ : ثنا جَرِير وَابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي خَبَّاب , عَنْ أَبِي زُرْعَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْثَ } الْآيَة " . * حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيل , قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَان , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ جَعْفَر , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : كُلّ شَيْء قَدْ أُوتِيَ نَبِيّكُمْ غَيْر مَفَاتِح الْغَيْب الْخَمْس , ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة } إِلَى آخِرهَا . وَقِيلَ : { بِأَيِّ أَرْض تَمُوت } وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى : " بِأَيَّةِ أَرْض " فَمَنْ قَالَ : { بِأَيِّ أَرْض } اجْتَزَأَ بِتَأْنِيثِ الْأَرْض مِنْ أَنْ يُظْهِر فِي أَيّ تَأْنِيث آخَر , وَمَنْ قَالَ " بِأَيَّةِ أَرْض " فَأَنَّثَ , أَيْ قَالَ : قَدْ تَجْتَزِئ بِأَيٍّ مِمَّا أُضِيف إِلَيْهِ , فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْنِيث , كَقَوْلِ الْقَائِل : مَرَرْت بِامْرَأَةٍ , فَيُقَال لَهُ : بِأَيَّةِ , وَمَرَرْت بِرَجُلٍ , فَيُقَال لَهُ بِأَيِّ ; وَيُقَال : أَيّ امْرَأَة جَاءَتْك وَجَاءَك , وَأَيَّة امْرَأَة جَاءَتْك . آخِر تَفْسِير سُورَة لُقْمَان.


القرطبي
ــــــــــــ
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ

زَعَمَ الْفَرَّاء أَنَّ هَذَا مَعْنَى النَّفْي ; أَيْ مَا يَعْلَمهُ أَحَد إِلَّا اللَّه تَعَالَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : وَإِنَّمَا صَارَ فِيهِ مَعْنَى النَّفْي وَالْإِيجَاب بِتَوْقِيفِ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قَوْله اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " وَعِنْده مَفَاتِح الْغَيْب لَا يَعْلَمهَا إِلَّا هُوَ " [ الْأَنْعَام : 59 ] : ( إِنَّهَا هَذِهِ ) : قُلْت : قَدْ ذَكَرْنَا فِي سُورَة " الْأَنْعَام " حَدِيث اِبْن عُمَر فِي هَذَا , خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ . وَفِي حَدِيث جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ : ( أَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَة ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِل , هُنَّ خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه تَعَالَى : إِنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة وَيُنَزِّل الْغَيْث وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْس مَا تَكْسِب غَدًا ) قَالَ : ( صَدَقْت ) . لَفْظ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ . وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : كُلّ شَيْء أُوتِيَ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر خَمْس : " إِنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة , الْآيَة إِلَى آخِرهَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هَذِهِ الْخَمْسَة لَا يَعْلَمهَا إِلَّا اللَّه تَعَالَى , وَلَا يَعْلَمهَا مَلَك مُقَرَّب وَلَا نَبِيّ مُرْسَل ; فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْلَم شَيْئًا مِنْ هَذِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ خَالَفَهُ . ثُمَّ إِنَّ الْأَنْبِيَاء يَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنْ الْغَيْب بِتَعْرِيفِ اللَّه تَعَالَى إِيَّاهُمْ . وَالْمُرَاد إِبْطَال كَوْن الْكَهَنَة وَالْمُنَجِّمِينَ وَمَنْ يَسْتَسْقِي بِالْأَنْوَاءِ وَقَدْ يَعْرِف بِطُولِ التَّجَارِب أَشْيَاء مِنْ ذُكُورَة الْحَمْل وَأُنُوثَته إِلَى غَيْر ذَلِكَ ; حَسْبَمَا تَقَدَّمَ ذِكْره فِي الْأَنْعَام . وَقَدْ تَخْتَلِف التَّجْرِبَة وَتَنْكَسِر الْعَادَة وَيَبْقَى الْعِلْم لِلَّهِ تَعَالَى وَحْده . وَرُوِيَ أَنَّ يَهُودِيًّا كَانَ يَحْسُب حِسَاب النُّجُوم , فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاس : إِنْ شِئْت نَبَّأْتُك نَجْم اِبْنك , وَأَنَّهُ يَمُوت بَعْد عَشَرَة أَيَّام , وَأَنْتَ لَا تَمُوت حَتَّى تَعْمَى , وَأَنَا لَا يَحُول عَلَيَّ الْحَوْل حَتَّى أَمُوت . قَالَ : فَأَيْنَ مَوْتك يَا يَهُودِيّ ؟ فَقَالَ : لَا أَدْرِي . فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : صَدَقَ اللَّه . " وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت " فَرَجَعَ اِبْن عَبَّاس فَوَجَدَ اِبْنه مَحْمُومًا , وَمَاتَ بَعْد عَشَرَة أَيَّام . وَمَاتَ الْيَهُودِيّ قَبْل الْحَوْل , وَمَاتَ اِبْن عَبَّاس أَعْمَى . قَالَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رَاوِي هَذَا الْحَدِيث : هَذَا أَعْجَبُ الْأَحَادِيث . وَقَالَ مُقَاتِل : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ أَهْل الْبَادِيَة اِسْمه الْوَارِث بْن عَمْرو بْن حَارِثَة , أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ اِمْرَأَتِي حُبْلَى فَأَخْبِرْنِي مَاذَا تَلِد , وَبِلَادنَا جَدْبَة فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِل الْغَيْث , وَقَدْ عَلِمْت مَتَى وُلِدْت فَأَخْبِرْنِي مَتَى أَمُوت , وَقَدْ عَلِمْت مَا عَمِلْت الْيَوْم فَأَخْبِرْنِي مَاذَا أَعْمَل غَدًا , وَأَخْبِرْنِي مَتَى تَقُوم السَّاعَة ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة ; ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيّ وَالْمَاوَرْدِيّ . وَرَوَى أَبُو الْمَلِيح عَنْ أَبِي عَزَّة الْهُذَلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَرَادَ اللَّه تَعَالَى قَبْض رُوح عَبْد بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة فَلَمْ يَنْتَهِ حَتَّى يَقْدَمهَا - ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة - إِلَى قَوْله - بِأَيِّ أَرْض تَمُوت " ) ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ , وَخَرَّجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود بِمَعْنَاهُ . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب { التَّذْكِرَة } مُسْتَوْفًى . وَقِرَاءَة الْعَامَّة : " وَيُنَزِّل " مُشَدَّدًا . وَقَرَأَ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ مُخَفَّفًا . وَقَرَأَ أُبَيّ بْن كَعْب : " بِأَيَّةِ أَرْض " الْبَاقُونَ " بِأَيِّ أَرْض " . قَالَ الْفَرَّاء : اِكْتَفَى بِتَأْنِيثِ الْأَرْض مِنْ تَأْنِيث أَيّ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْأَرْضِ الْمَكَان فَذَكَّرَ . قَالَ الشَّاعِر : فَلَا مُزْنَة وَدَقَتْ وَدَقَهَا وَلَا أَرْض أَبْقَلَ إِبْقَالهَا وَقَالَ الْأَخْفَ : يَجُوز مَرَرْت بِجَارِيَةٍ أَيّ جَارِيَة , وَأَيَّة جَارِيَة . وَشَبَّهَ سِيبَوَيْهِ تَأْنِيث " أَيّ " بِتَأْنِيثِ كُلٍّ فِي قَوْلِهِمْ : كُلَّتُهُنَّ .

إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

"خَبِير " نَعْت ل " عَلِيم " أَوْ خَبَر بَعْد خَبَر . وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ .[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 20, 2007 11:57 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727

" فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ "

النمل 19

الجلالين

"فَتَبَسَّمَ" سُلَيْمَان ابْتِدَاء "ضَاحِكًا" انْتِهَاء "مِنْ قَوْلهَا" وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَلَاثَة أَمْيَال حَمَلَتْهُ إلَيْهِ الرِّيح فَحَبَسَ جُنْده حِين أَشْرَفَ عَلَى وَادِيهمْ حَتَّى دَخَلُوا بُيُوتهمْ وَكَانَ جُنْده رُكْبَانًا وَمُشَاة فِي هَذَا السَّيْر "وَقَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي" أَلْهِمْنِي "أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت" بِهَا "عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيّ وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ" الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء

الطبري


فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَان ضَاحِكًا مِنْ قَوْل النَّمْلَة الَّتِي قَالَتْ مَا قَالَتْ

وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ

وَقَالَ : { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20456 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك } يَقُول : اِجْعَلْنِي . 20457 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } قَالَ : فِي كَلَام الْعَرَب , تَقُول : أَوْزَعَ فُلَان بِفُلَانٍ , يَقُول : حَرَّضَ عَلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي وَحَرِّضْنِي عَلَى أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ.

وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ

وَقَوْله : { وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ } يَقُول : وَأَوْزِعْنِي أَنْ أَعْمَل بِطَاعَتِك وَمَا تَرْضَاهُ

وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

يَقُول : وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ , الَّذِينَ اِخْتَرْتهمْ لِرِسَالَتِك وَانْتَخَبْتهمْ لِوَحْيِك , يَقُول : أَدْخِلْنِي مِنْ الْجَنَّة مَدَاخِلهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20458 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ } قَالَ : مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤْمِنِينَ .



القرطبي

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا

مُتَعَجِّبًا ثُمَّ مَضَتْ مُسْرِعَة إِلَى قَوْمهَا , فَقَالَتْ : هَلْ عِنْدكُمْ مِنْ شَيْء نُهْدِيه إِلَى نَبِيّ اللَّه ؟ قَالُوا : وَمَا قَدْر مَا نُهْدِي لَهُ ! وَاَللَّه مَا عِنْدنَا إِلَّا نَبْقَة وَاحِدَة . قَالَتْ : حَسَنَة ; ايتُونِي بِهَا . فَأَتَوْهَا بِهَا فَحَمَلَتْهَا بِفِيهَا فَانْطَلَقَتْ تَجُرّهَا , فَأَمَرَ اللَّه الرِّيح فَحَمَلَتْهَا , وَأَقْبَلَتْ تَشُقّ الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْعُلَمَاء وَالْأَنْبِيَاء عَلَى الْبِسَاط , حَتَّى وَقَعَتْ بَيْن يَدَيْهِ , ثُمَّ وَضَعَتْ تِلْكَ النَّبْقَة مِنْ فِيهَا فِي كَفّه , وَأَنْشَأَتْ تَقُول : أَلَمْ تَرَنَا نُهْدِي إِلَى اللَّه مَاله وَإِنْ كَانَ عَنْهُ ذَا غِنًى فَهُوَ قَابِله وَلَوْ كَانَ يُهْدَى لِلْجَلِيلِ بِقَدْرِهِ لَقَصَّرَ عَنْهُ الْبَحْر يَوْمًا وَسَاحِله وَلَكِنَّنَا نُهْدِي إِلَى مَنْ نُحِبّهُ فَيَرْضَى بِهِ عَنَّا وَيَشْكُر فَاعِله وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ كَرِيم فِعَاله وَإِلَّا فَمَا فِي مُلْكنَا مَا يُشَاكِلهُ فَقَالَ لَهَا : بَارَكَ اللَّه فِيكُمْ ; فَهُمْ بِتِلْكَ الدَّعْوَة أَشْكَر خَلْق اللَّه وَأَكْثَر خَلْق اللَّه . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : نَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْل أَرْبَع مِنْ الدَّوَابّ : الْهُدْهُد وَالصُّرَد وَالنَّمْلَة وَالنَّحْلَة ; خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْحَقّ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة . وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " . فَالنَّمْلَة أَثْنَتْ عَلَى سُلَيْمَان وَأَخْبَرَتْ بِأَحْسَنِ مَا تَقْدِر عَلَيْهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَشْعُرُونَ إِنْ حَطَمُوكُمْ , وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَنْ عَمْد مِنْهُمْ , فَنَفَتْ عَنْهُمْ الْجَوْر ; وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْ قَتْلهَا , وَعَنْ قَتْل الْهُدْهُد ; لِأَنَّهُ كَانَ دَلِيل سُلَيْمَان عَلَى الْمَاء وَرَسُوله إِلَى بِلْقِيس . وَقَالَ عِكْرِمَة : إِنَّمَا صَرَفَ اللَّه شَرّ سُلَيْمَان عَنْ الْهُدْهُد لِأَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِوَالِدَيْهِ . وَالصُّرَد يُقَال لَهُ الصَّوَّام . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : أَوَّل مَنْ صَامَ الصُّرَد وَلَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ الشَّام إِلَى الْحَرَم فِي بِنَاء الْبَيْت كَانَتْ السَّكِينَة مَعَهُ وَالصُّرَد , فَكَانَ الصُّرَد دَلِيله عَلَى الْمَوْضِع وَالسَّكِينَة مِقْدَاره , فَلَمَّا صَارَ إِلَى الْبُقْعَة وَقَعَتْ السَّكِينَة عَلَى مَوْضِع الْبَيْت وَنَادَتْ وَقَالَتْ : اِبْن يَا إِبْرَاهِيم عَلَى مِقْدَار ظِلِّي . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْأَعْرَاف " سَبَب النَّهْي عَنْ قَتْل الضُّفْدَع وَفِي " النَّحْل " النَّهْي عَنْ قَتْل النَّحْل . وَالْحَمْد لِلَّهِ .

قَرَأَ الْحَسَن : " لَا يَحَطِّمَنَّكُمْ " وَعَنْهُ أَيْضًا " لَا يِحَطِّمَنَّكُمْ " وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي رَجَاء : " لَا يُحَطِّمَنكُمْ " وَالْحَطْم الْكَسْر . حَطَمْته حَطْمًا أَيْ كَسَرْته وَتَحَطَّمَ ; وَالتَّحْطِيم التَّكْسِير , " وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " يَجُوز أَنْ يَكُون حَالًا مِنْ سُلَيْمَان , وَجُنُوده , وَالْعَامِل فِي الْحَال " يَحْطِمَنَّكُمْ " . أَوْ حَالًا مِنْ النَّمْلَة وَالْعَامِل " قَالَتْ " : أَيْ قَالَتْ ذَلِكَ فِي حَال غَفْلَة الْجُنُود ; كَقَوْلِك : قُمْت وَالنَّاس غَافِلُونَ . أَوْ حَالًا مِنْ النَّمْل أَيْضًا وَالْعَامِل " قَالَتْ " عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى : وَالنَّمْل لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ سُلَيْمَان يَفْهَم مَقَالَتهَا . وَفِيهِ بُعْد وَسَيَأْتِي .

رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّ نَمْلَة قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاء فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْل فَأُحْرِقَتْ فَأَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ أَفِي أَنْ قَرَصَتْك نَمْلَة أَهْلَكْت أُمَّة مِنْ الْأُمَم تُسَبِّح ) وَفِي طَرِيق آخَر : " فَهَلَّا نَمْلَة وَاحِدَة " . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : يُقَال إِنَّ هَذَا النَّبِيّ هُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , وَإِنَّهُ قَالَ : يَا رَبّ تُعَذِّب أَهْل قَرْيَة بِمَعَاصِيهِمْ وَفِيهِمْ الطَّائِع . فَكَأَنَّهُ أَحَبّ أَنْ يُرِيه ذَلِكَ مِنْ عِنْده , فَسَلَّطَ عَلَيْهِ الْحَرّ حَتَّى اِلْتَجَأَ إِلَى شَجَرَة مُسْتَرْوِحًا إِلَى ظِلّهَا , وَعِنْدهَا قَرْيَة النَّمْل , فَغَلَبَهُ النَّوْم , فَلَمَّا وَجَدَ لَذَّة النَّوْم لَدَغَتْهُ النَّمْلَة فَأَضْجَرَتْهُ , فَدَلَكَهُنَّ بِقَدَمِهِ فَأَهْلَكَهُنَّ , وَأَحْرَقَ تِلْكَ الشَّجَرَة الَّتِي عِنْدهَا مَسَاكِنهمْ , فَأَرَاهُ اللَّه الْعِبْرَة فِي ذَلِكَ آيَة : لَمَّا لَدَغَتْك نَمْلَة فَكَيْف أَصَبْت الْبَاقِينَ بِعُقُوبَتِهَا ! يُرِيد أَنْ يُنَبِّههُ أَنَّ الْعُقُوبَة مِنْ اللَّه تَعَالَى تَعُمّ فَتَصِير رَحْمَة عَلَى الْمُطِيع وَطَهَارَة وَبَرَكَة , وَشَرًّا وَنِقْمَة عَلَى الْعَاصِي . وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى كَرَاهَة وَلَا حَظْر فِي قَتْل النَّمْل ; فَإِنَّ مَنْ آذَاك حَلَّ لَك دَفْعه عَنْ نَفْسك , وَلَا أَحَد مِنْ خَلْقه أَعْظَم حُرْمَة مِنْ الْمُؤْمِن , وَقَدْ أُبِيحَ لَك دَفْعه عَنْك بِقَتْلِ وَضَرْب عَلَى الْمِقْدَار , فَكَيْف بِالْهَوَامِّ وَالدَّوَابّ الَّتِي قَدْ سُخِّرَتْ لَك وَسُلِّطْت عَلَيْهَا , فَإِذَا آذَاك أُبِيحَ لَك قَتْله . وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيم : مَا آذَاك مِنْ النَّمْل فَاقْتُلْهُ . وَقَوْله : ( إِلَّا نَمْلَة وَاحِدَة ) دَلِيل عَلَى أَنَّ الَّذِي يُؤْذِي يُؤْذَى وَيُقْتَل , وَكُلَّمَا كَانَ الْقَتْل لِنَفْعٍ أَوْ دَفْع ضَرَر فَلَا بَأْس بِهِ عِنْد الْعُلَمَاء . وَأَطْلَقَ لَهُ نَمْلَة وَلَمْ يَخُصّ تِلْكَ النَّمْلَة الَّتِي لَدَغَتْ مِنْ غَيْرهَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد الْقِصَاص ; لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ أَلَا نَمْلَتك الَّتِي لَدَغَتْك , وَلَكِنْ قَالَ : أَلَا نَمْلَة مَكَان نَمْلَة ; فَعَمَّ الْبَرِيء وَالْجَانِي بِذَلِكَ , لِيَعْلَم أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّههُ لِمَسْأَلَتِهِ رَبّه فِي عَذَاب أَهْل قَرْيَة وَفِيهِمْ الْمُطِيع وَالْعَاصِي . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا النَّبِيّ كَانَتْ الْعُقُوبَة لِلْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزَة فِي شَرْعه ; فَلِذَلِكَ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّه تَعَالَى فِي إِحْرَاق الْكَثِير مِنْ النَّمْل لَا فِي أَصْل الْإِحْرَاق . أَلَا تَرَى قَوْله : ( فَهَلَّا نَمْلَة وَاحِدَة ) أَيْ هَلَّا حَرَّقْت نَمْلَة وَاحِدَة . وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْعنَا , فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ التَّعْذِيب بِالنَّارِ . وَقَالَ : ( لَا يُعَذِّب بِالنَّارِ إِلَّا اللَّه ) . وَكَذَلِكَ أَيْضًا كَانَ قَتْل النَّمْل مُبَاحًا فِي شَرِيعَة ذَلِكَ النَّبِيّ ; فَإِنَّ اللَّه لَمْ يَعْتِبهُ عَلَى أَصْل قَتْل النَّمْل . وَأَمَّا شَرْعنَا فَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة النَّهْي عَنْ ذَلِكَ . وَقَدْ كَرِهَ مَالِك قَتْل النَّمْل إِلَّا أَنْ يَضُرّ وَلَا يُقْدَر عَلَى دَفْعه إِلَّا بِالْقَتْلِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا النَّبِيّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّه حَيْثُ اِنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْع آذَاهُ وَاحِد , وَكَانَ الْأَوْلَى الصَّبْر وَالصَّفْح ; لَكِنْ وَقَعَ لِلنَّبِيِّ أَنَّ هَذَا النَّوْع مُؤْذٍ لِبَنِي آدَم , وَحُرْمَة بَنِي آدَم أَعْظَم مِنْ حُرْمَة غَيْره مِنْ الْحَيَوَان غَيْر النَّاطِق , فَلَوْ اِنْفَرَدَ لَهُ هَذَا النَّظَر وَلَمْ يَنْضَمّ إِلَيْهِ التَّشَفِّي الطَّبْعِيّ لَمْ يُعَاتَب . وَاَللَّه أَعْلَم . لَكِنْ لَمَّا اِنْضَافَ إِلَيْهِ التَّشَفِّي الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاق الْحَدِيث عُوتِبَ عَلَيْهِ .

قَوْله : ( أَفِي أَنْ قَرَصَتْك نَمْلَة أَهْلَكْت أُمَّة مِنْ الْأُمَم تُسَبِّح ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ تَسْبِيح بِمَقَالٍ وَنُطْق , كَمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْ النَّمْل أَنَّ لَهَا مَنْطِقًا وَفَهِمَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام - وَهَذَا مُعْجِزَة لَهُ - وَتَبَسَّمَ مِنْ قَوْلهَا . وَهَذَا يَدُلّ دَلَالَة وَاضِحَة أَنَّ لِلنَّمْلِ نُطْقًا وَقَوْلًا , لَكِنْ لَا يَسْمَعهُ كُلّ أَحَد , بَلْ مَنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى مِمَّنْ خَرَقَ لَهُ الْعَادَة مِنْ نَبِيّ أَوْ وَلِيّ . وَلَا نُنْكِر هَذَا مِنْ حَيْثُ أَنَّا لَا نَسْمَع ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ عَدَم الْإِدْرَاك عَدَم الْمُدْرَك فِي نَفْسه . ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَان يَجِد فِي نَفْسه قَوْلًا وَكَلَامًا وَلَا يُسْمَع مِنْهُ إِلَّا إِذَا نَطَقَ بِلِسَانِهِ . وَقَدْ خَرَقَ اللَّه الْعَادَة لِنَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْمَعَهُ كَلَام النَّفْس مِنْ قَوْم تَحَدَّثُوا مَعَ أَنْفُسهمْ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فِي نُفُوسهمْ , كَمَا قَدْ نَقَلَ مِنْهُ الْكَثِير مِنْ أَئِمَّتنَا فِي كُتُب مُعْجِزَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِمَّنْ أَكْرَمَهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْأَوْلِيَاء مِثْل ذَلِكَ فِي غَيْر مَا قَضِيَّة . وَإِيَّاهُ عَنَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : ( إِنَّ فِي أُمَّتِي مُحَدِّثِينَ وَإِنَّ عُمَر مِنْهُمْ ) . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي تَسْبِيح الْجَمَاد فِي " الْإِسْرَاء " وَإِنَّهُ تَسْبِيح لِسَان وَمَقَال لَا تَسْبِيح دَلَالَة حَال . وَالْحَمْد لِلَّهِ .

قَوْله تَعَالَى : " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلهَا " وَقَرَأَ اِبْن السَّمَيْقَع : " ضَحِكًا " بِغَيْرِ أَلِف , وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الْمَصْدَر بِفِعْلٍ مَحْذُوف يَدُلّ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ , كَأَنَّهُ قَالَ ضَحِكَ ضَحِكًا , هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهِ . وَهُوَ عِنْد غَيْر سِيبَوَيْهِ مَنْصُوب بِنَفْسِ " تَبَسَّمَ " لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى ضَحِكَ ; وَمَنْ قَرَأَ : " ضَاحِكًا " فَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال مِنْ الضَّمِير فِي " تَبَسَّمَ " . وَالْمَعْنَى تَبَسَّمَ مِقْدَار الضَّحِك ; لِأَنَّ الضَّحِك يَسْتَغْرِق التَّبَسُّم , وَالتَّبَسُّم دُون الضَّحِك وَهُوَ أَوَّله . يُقَال : بَسَمَ ( بِالْفَتْحِ ) يَبْسِم بَسْمًا فَهُوَ بَاسِم وَابْتَسَمَ وَتَبَسَّمَ , وَالْمَبْسِم الثَّغْر مِثْل الْمَجْلِس مِنْ جَلَسَ يَجْلِس وَرَجُل مِبْسَام وَبَسَّام كَثِير التَّبَسُّم , فَالتَّبَسُّم اِبْتِدَاء الضَّحِك . وَالضَّحِك عِبَارَة عَنْ الِابْتِدَاء وَالِانْتِهَاء , إِلَّا أَنَّ الضَّحِك يَقْتَضِي مَزِيدًا عَلَى التَّبَسُّم , فَإِذَا زَادَ وَلَمْ يَضْبِط الْإِنْسَان نَفْسه قِيلَ قَهْقَهَ . وَالتَّبَسُّم ضَحِك الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام فِي غَالِب أَمْرهمْ . وَفِي الصَّحِيح عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة وَقِيلَ لَهُ : أَكُنْت تُجَالِس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَ : نَعَمْ كَثِيرًا ; كَانَ لَا يَقُوم مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْح - أَوْ الْغَدَاة - حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ , وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ وَيَأْخُذُونَ فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة فَيَضْحَكُونَ وَيَبْتَسِم . وَفِيهِ عَنْ سَعْد قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِرْمِ فِدَاك أَبِي وَأُمِّيّ ) قَالَ فَنَزَعْت لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْل فَأَصَبْت جَنْبه فَسَقَطَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَته , فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَظَرْت إِلَى نَوَاجِذه . فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَكْثَر أَحْوَاله يَتَبَسَّم . وَكَانَ أَيْضًا يَضْحَك فِي أَحْوَال أُخَر ضَحِكًا أَعْلَى مِنْ التَّبَسُّم وَأَقَلّ مِنْ الِاسْتِغْرَاق الَّذِي تَبْدُو فِيهِ اللَّهَوَات . وَكَانَ فِي النَّادِر عِنْد إِفْرَاط تَعَجُّبه رُبَّمَا ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذه . وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاء مِنْهُ الْكَثْرَة ; كَمَا قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ : يَا بَنِي إِيَّاكَ وَكَثْرَة الضَّحِك فَإِنَّهُ يُمِيت الْقَلْب . وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ وَغَيْره . وَضَحِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذه حِين رَمَى سَعْد الرَّجُل فَأَصَابَهُ , إِنَّمَا كَانَ سُرُورًا بِإِصَابَتِهِ لَا بِانْكِشَافِ عَوْرَته ; فَإِنَّهُ الْمُنَزَّه عَنْ ذَلِكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

لَا اِخْتِلَاف عِنْد الْعُلَمَاء أَنَّ الْحَيَوَانَات كُلّهَا لَهَا أَفْهَام وَعُقُول . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ : الْحَمَام أَعْقَل الطَّيْر . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَالنَّمْل حَيَوَان فَطِن قَوِيّ شَمَّام جِدًّا يَدَّخِر وَيَتَّخِذ الْقُرَى وَيَشُقّ الْحَبّ بِقِطْعَتَيْنِ لِئَلَّا يَنْبُت , وَيَشُقّ الْكُزْبَرَة بِأَرْبَعِ قِطَع ; لِأَنَّهَا تَنْبُت إِذَا قُسِمَتْ شُقَّتَيْنِ , وَيَأْكُل فِي عَامه نِصْف مَا جَمَعَ وَيَسْتَبْقِي سَائِره عِدَّة . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذِهِ خَوَاصّ الْعُلُوم عِنْدنَا , وَقَدْ أَدْرَكَتْهَا النَّمْل بِخَلْقِ اللَّه ذَلِكَ لَهَا ; قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْمُظَفَّر شَاهْنُور الْإِسْفَرَايِنِيّ : وَلَا يَبْعُد أَنْ تُدْرِك الْبَهَائِم حُدُوث الْعَالَم وَحُدُوث الْمَخْلُوقَات ; وَوَحْدَانِيَّة الْإِلَه , وَلَكِنَّنَا لَا نَفْهَم عَنْهَا وَلَا تَفْهَم عَنَّا , أَمَّا أَنَّا نَطْلُبهَا وَهِيَ تَفِرّ مِنَّا فَبِحُكْمِ الْجِنْسِيَّة .

وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ

فَ " أَنْ " مَصْدَرِيَّة . وَ " أَوْزِعْنِي " أَيْ أَلْهِمْنِي ذَلِكَ . وَأَصْله مِنْ وَزَعَ فَكَأَنَّهُ قَالَ : كَفِّنِي عَمَّا يُسْخِط . وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : يَزْعُم أَهْل الْكِتَاب أَنَّ أُمّ سُلَيْمَان هِيَ اِمْرَأَة أوريا الَّتِي اِمْتَحَنَ اللَّه بِهَا دَاوُد , أَوْ أَنَّهُ بَعْد مَوْت زَوْجهَا تَزَوَّجَهَا دَاوُد فَوَلَدَتْ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام . وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيد بَيَان فِي سُورَة " ص " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .

وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

أَيْ مَعَ عِبَادك , عَنْ اِبْن زَيْد . وَقِيلَ : الْمَعْنَى فِي جُمْلَة عِبَادك الصَّالِحِينَ .



_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 22, 2007 1:05 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727

" وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا"
الكهف 82

الجلالين


"وَأَمَّا الْجِدَار فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْته كَنْز" مَال مَدْفُون مِنْ ذَهَب وَفِضَّة "لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" فَحُفِظَا بِصَلَاحِهِ فِي أَنْفُسهمَا وَمَالهمَا "فَأَرَادَ رَبّك أَنْ يَبْلُغَا أَشَدّهمَا" أَيْ إينَاس رُشْدهمَا "وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزهمَا رَحْمَة مِنْ رَبّك" مَفْعُول لَهُ عَامِله أَرَادَ "وَمَا فَعَلْته" أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ خَرْق السَّفِينَةِ وَقَتْل الْغُلَام وَإِقَامَة الْجِدَار "عَنْ أَمْرِي" أَيْ اخْتِيَارِي بَلْ بِأَمْرِ إلْهَام . مِنْ اللَّه "ذَلِكَ تَأْوِيل مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا" يُقَال اسْطَاعَ وَاسْتَطَاعَ بِمَعْنَى أَطَاقَ فَفِي هَذَا وَمَا قَبْله جَمْع بَيْن اللُّغَتَيْنِ وَنُوِّعَتْ الْعِبَارَة فِي : فَأَرَدْت فَأَرَدْنَا فَأَرَادَ رَبّك


الطبري


وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَمَّا الْجِدَار فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قَوْل صَاحِب مُوسَى : وَأَمَّا الْحَائِط الَّذِي أَقَمْته , فَإِنَّهُ كَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَة , وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ الْكَنْز , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ صُحُفًا فِيهَا عِلْم مَدْفُونَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17535 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : كَانَ تَحْته كَنْز عِلْم . 17536 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : كَانَ كَنْز عِلْم . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : عِلْم . 17537 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : صُحُف لِغُلَامَيْنِ فِيهَا عِلْم . حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن : قَالَ حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : صُحُف عِلْم . 17538 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ ثنا هَنَّادَة اِبْنَة مَالِك الشَّيْبَانِيَّة , قَالَتْ : سَمِعْت صَاحِبِي حَمَّاد بْن الْوَلِيد الثَّقَفِيّ يَقُول : سَمِعْت جَعْفَر بْن مُحَمَّد يَقُول فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ سَطْرَانِ وَنِصْف , لَمْ يَتِمّ الثَّالِث : " عَجِبْت لِلْمُوقِنِ بِالرِّزْقِ كَيْف يَتْعَب , عَجِبْت لِلْمُوقِنِ بِالْحِسَابِ كَيْف يَغْفُل , وَعَجِبْت لِلْمُوقِنِ بِالْمَوْتِ كَيْف يَفْرَح " وَقَدْ قَالَ : { وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } 21 47 قَالَتْ : وَذُكِرَ أَنَّهُمَا حُفِظَا بِصَلَاحِ أَبِيهِمَا , وَلَمْ يُذْكَر مِنْهُمَا صَلَاح , وَكَانَ بَيْنهمَا وَبَيْن الْأَب الَّذِي حُفِظَا بِهِ سَبْعَة آبَاء , كَانَ نَسَّاجًا . 17539 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن حَبِيب بْن نُدْبَة , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن مُحَمَّد , عَنْ نُعَيْم الْعَنْبَرِيّ , وَكَانَ مِنْ جُلَسَاء الْحَسَن , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول فِي قَوْله : { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : لَوْح مِنْ ذَهَب مَكْتُوب فِيهِ : " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم : عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن كَيْف يَحْزَن ! وَعَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالْمَوْتِ كَيْف يَفْرَح ! وَعَجِبْت لِمَنْ يَعْرِف الدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا , كَيْف يَطْمَئِنّ إِلَيْهَا ! لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , مُحَمَّد رَسُول اللَّه " . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الْحَسَن بْن عُمَارَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول : مَا كَانَ الْكَنْز إِلَّا عِلْمًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : صُحُف مِنْ عِلْم . 17540 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَيَّاش , عَنْ عُمَر مَوْلَى غُفْرَة , قَالَ : إِنَّ الْكَنْز الَّذِي قَالَ اللَّه فِي السُّورَة الَّتِي يَذْكُر فِيهَا الْكَهْف { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : كَانَ لَوْحًا مِنْ ذَهَب مُصْمَت , مَكْتُوبًا فِيهِ : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم . عَجَب مِمَّنْ عَرَفَ الْمَوْت ثُمَّ ضَحِكَ , عَجَب مِمَّنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ نَصَبَ , عَجَب مِمَّنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ أَمِنَ , أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ مَالًا مَكْنُوزًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17541 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هِشَام , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : كَنْز مَال . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثْنِي , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله , قَالَ شُعْبَة : وَلَمْ نَسْمَعهُ مِنْهُ . 17542 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَكَانَ تَحْته كَنْز لَهُمَا } قَالَ : مَال لَهُمَا , قَالَ قَتَادَة : أُحِلَّ الْكَنْز لِمَنْ كَانَ قَبْلنَا , وَحُرِّمَ عَلَيْنَا , فَإِنَّ اللَّه يُحِلّ مِنْ أَمْره مَا يَشَاء , وَيُحَرِّم , وَهِيَ السُّنَن وَالْفَرَائِض , وَيُحِلّ لِأُمَّةٍ , وَيُحَرِّم عَلَى أُخْرَى , لَكِنَّ اللَّه لَا يَقْبَل مِنْ أَحَد مَضَى إِلَّا الْإِخْلَاص وَالتَّوْحِيد لَهُ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ عِكْرِمَة , لِأَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب أَنَّ الْكَنْز اِسْم لِمَا يُكْنَز مِنْ مَال , وَإِنَّ كُلّ مَا كُنِزَ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ اِسْم كَنْز , فَإِنَّ التَّأْوِيل مَصْرُوف إِلَى الْأَغْلَب مِنْ اِسْتِعْمَال الْمُخَاطَبِينَ بِالتَّنْزِيلِ , مَا لَمْ يَأْتِ دَلِيل يَجِب مِنْ أَجْله صَرْفه إِلَى غَيْر ذَلِكَ , لِعِلَلٍ قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي غَيْر مَوْضِع .
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ

وَقَوْله : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبّك أَنْ يَبْلُغَا أَشُدّهُمَا } يَقُول : فَأَرَادَ رَبّك أَنْ يُدْرِكَا وَيَبْلُغَا قُوَّتهمَا وَشِدَّتهمَا , وَيَسْتَخْرِجَا حِينَئِذٍ كَنْزهمَا الْمَكْنُوز تَحْت الْجِدَار الَّذِي أَقَمْته , رَحْمَة مِنْ رَبّك بِهِمَا , يَقُول : فَعَلْت فِعْل هَذَا بِالْجِدَارِ , رَحْمَة مِنْ رَبّك لِلْيَتِيمَيْنِ . وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17543 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ مِسْعَر , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا } قَالَ : حِفْظًا بِصَلَاحِ أَبِيهِمَا , وَمَا ذُكِرَ مِنْهُمَا صَلَاح . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مِسْعَر , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ .
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

وَقَوْله : { وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي } يَقُول : وَمَا فَعَلْت يَا مُوسَى جَمِيع الَّذِي رَأَيْتنِي فَعَلْته عَنْ رَأْيِي , وَمِنْ تِلْقَاء نَفْسِي , وَإِنَّمَا فَعَلْته عَنْ أَمْر اللَّه إِيَّايَ بِهِ , كَمَا : 17544 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي } : كَانَ عَبْدًا مَأْمُورًا , فَمَضَى لِأَمْرِ اللَّه . 17545 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي } مَا رَأَيْت أَجْمَعَ مَا فَعَلْته عَنْ نَفْسِي .
ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا

وَقَوْله : { ذَلِكَ تَأْوِيل مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } يَقُول : هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْأَسْبَاب الَّتِي مِنْ أَجْلهَا فَعَلْت الْأَفْعَال الَّتِي اِسْتَنْكَرْتهَا مِنِّي , تَأْوِيل . يَقُول : مَا تَئُول إِلَيْهِ وَتَرْجِع الْأَفْعَال الَّتِي لَمْ تَسْطِعْ عَلَى تَرْك مَسْأَلَتك إِيَّايَ عَنْهَا , وَإِنْكَارك لَهَا صَبْرًا . وَهَذِهِ الْقَصَص الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَنْ مُوسَى وَصَاحِبه , تَأْدِيب مِنْهُ لَهُ , وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِتَرْكِ الِاسْتِعْجَال بِعُقُوبَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ وَبِكِتَابِهِ , وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُ أَنَّ أَفْعَاله بِهِمْ وَإِنْ جَرَتْ فِيمَا تَرَى الْأَعْيُن بِمَا قَدْ يَجْرِي مِثْله أَحْيَانًا لِأَوْلِيَائِهِ , فَإِنَّ تَأْوِيله صَائِر بِهِمْ إِلَى أَحْوَال أَعْدَائِهِ فِيهَا , كَمَا كَانَتْ أَفْعَال صَاحِب مُوسَى وَاقِعَة بِخِلَافِ الصِّحَّة فِي الظَّاهِر عِنْد مُوسَى , إِذْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِعَوَاقِبِهَا , وَهِيَ مَاضِيَة عَلَى الصِّحَّة فِي الْحَقِيقَة وَآيِلَة إِلَى الصَّوَاب فِي الْعَاقِبَة , يُنْبِئ عَنْ صِحَّة ذَلِكَ قَوْله : { وَرَبّك الْغَفُور ذُو الرَّحْمَة لَوْ يُؤَاخِذهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَاب بَلْ لَهُمْ مَوْعِد لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } 18 58 ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقِصَّةِ مُوسَى وَصَاحِبه , يُعَلِّم نَبِيّه أَنَّ تَرْكه جَلَّ جَلَاله تَعْجِيل الْعَذَاب لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , بِغَيْرِ نَظَر مِنْهُ لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يَحْسَب مَنْ لَا عِلْم لَهُ بِمَا اللَّه مُدَبِّر فِيهِمْ , نَظَرًا مِنْهُ لَهُمْ , لِأَنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ صَائِر إِلَى هَلَاكهمْ وَبَوَارهمْ بِالسَّيْفِ فِي الدُّنْيَا وَاسْتِحْقَاقهمْ مِنْ اللَّه فِي الْآخِرَة الْخِزْي الدَّائِم .


القرطبي



وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ

هَذَانِ الْغُلَامَانِ صَغِيرَانِ بِقَرِينَةِ وَصْفهمَا بِالْيُتْمِ , وَاسْمهمَا أَصْرَم وَصَرِيم . وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( لَا يُتْم بَعْد بُلُوغ ) هَذَا هُوَ الظَّاهِر . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِمَا اِسْم الْيُتْم بَعْد الْبُلُوغ إِنْ كَانَا يَتِيمَيْنِ , عَلَى مَعْنَى الشَّفَقَة عَلَيْهِمَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْيُتْم فِي النَّاس مِنْ قِبَل فَقْد الْأَب , وَفِي غَيْرهمْ مِنْ الْحَيَوَان مِنْ قِبَل فَقْد الْأُمّ .
وَدَلَّ قَوْله : " فِي الْمَدِينَة " عَلَى أَنَّ الْقَرْيَة تُسَمَّى مَدِينَة ; وَمِنْهُ الْحَدِيث ( أُمِرْت بِقَرْيَةٍ تَأْكُل الْقُرَى . .. ) وَفِي حَدِيث الْهِجْرَة ( لِمَنْ أَنْتَ ) فَقَالَ الرَّجُل : مِنْ أَهْل الْمَدِينَة ; يَعْنِي مَكَّة .
وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا

اِخْتَلَفَ النَّاس فِي الْكَنْز ; فَقَالَ عِكْرِمَة وَقَتَادَة : كَانَ مَالًا جَسِيمًا وَهُوَ الظَّاهِر مِنْ اِسْم الْكَنْز إِذْ هُوَ فِي اللُّغَة الْمَال الْمَجْمُوع ; وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِيهِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : ( كَانَ عِلْمًا فِي صُحُف مَدْفُونَة ) وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ : ( كَانَ لَوْحًا مِنْ ذَهَب مَكْتُوبًا فِيهِ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحْزَن , عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالرِّزْقِ كَيْفَ يَتْعَب , عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالْمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَح , عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالْحِسَابِ كَيْفَ يَغْفُل , عَجِبْت لِمَنْ يُؤْمِن بِالدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَطْمَئِنّ لَهَا , لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه ) وَرُوِيَ نَحْوه عَنْ عِكْرِمَة وَعُمَر مَوْلَى غُفْرَة , وَرَوَاهُ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا

ظَاهِر اللَّفْظ وَالسَّابِق مِنْهُ أَنَّهُ وَالِدهمَا دِنْيَة . وَقِيلَ : هُوَ الْأَب السَّابِع ; قَالَهُ جَعْفَر بْن مُحَمَّد . وَقِيلَ : الْعَاشِر فَحُفِظَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَر بِصَلَاحٍ ; وَكَانَ يُسَمَّى كَاشِحًا ; قَالَهُ مُقَاتِل . اِسْم أُمّهمَا دُنْيَا ; ذَكَرَهُ النَّقَّاش . فَفِيهِ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَحْفَظ الصَّالِح فِي نَفْسه وَفِي وَلَده وَإِنْ بَعُدُوا عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَحْفَظ الصَّالِح فِي سَبْعَة مِنْ ذُرِّيَّته ; وَعَلَى هَذَا يَدُلّ قَوْله تَعَالَى : " إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّه الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَاب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " [ الْأَعْرَاف : 196 ]
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

يَقْتَضِي أَنَّ الْخَضِر نَبِيّ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ .
ذَلِكَ تَأْوِيلُ

أَيْ تَفْسِير .
مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا

قَرَأَتْ فِرْقَة " تَسْتَطِعْ " وَقَرَأَ الْجُمْهُور " تَسْطِعْ " قَالَ أَبُو حَاتِم : كَذَا نَقْرَأ كَمَا فِي خَطّ الْمُصْحَف . وَهُنَا خَمْس مَسَائِل الْأُولَى : إِنْ قَالَ قَائِل لَمْ يُسْمَع لِفَتَى مُوسَى ذِكْر فِي أَوَّل الْآيَة وَلَا فِي آخِرهَا , قِيلَ لَهُ : اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ ; فَقَالَ عِكْرِمَة لِابْنِ عَبَّاس : لَمْ يُسْمَع لِفَتَى مُوسَى بِذِكْرٍ وَقَدْ كَانَ مَعَهُ ؟ فَقَالَ : ( شَرِبَ الْفَتَى مِنْ الْمَاء فَخَلَّدَ , وَأَخَذَهُ الْعَالِم فَطَبَّقَ عَلَيْهِ سَفِينَة ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْبَحْر , وَإِنَّهَا لَتَمُوج بِهِ فِيهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْرَب مِنْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ ) قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ فَلَيْسَ الْفَتَى يُوشَع بْن نُون ; فَإِنَّ يُوشَع بْن نُون قَدْ عُمِّرَ بَعْد مُوسَى وَكَانَ خَلِيفَته ; وَالْأَظْهَر أَنَّ مُوسَى صَرَفَ فَتَاهُ لَمَّا لَقِيَ الْخَضِر . وَقَالَ شَيْخنَا الْإِمَام أَبُو الْعَبَّاس : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون اُكْتُفِيَ بِذِكْرِ الْمَتْبُوع عَنْ التَّابِع وَاَللَّه أَعْلَم .
الثَّانِيَة : إِنْ قَالَ قَائِل : كَيْفَ أَضَافَ الْخَضِر قِصَّة اِسْتِخْرَاج كَنْز الْغُلَامَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى , وَقَالَ فِي خَرْق السَّفِينَة : " فَأَرَدْت أَنْ أَعِيبهَا " فَأَضَافَ الْعَيْب إِلَى نَفْسه ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا أَسْنَدَ الْإِرَادَة فِي الْجِدَار إِلَى اللَّه تَعَالَى لِأَنَّهَا فِي أَمْر مُسْتَأْنَف فِي زَمَن طَوِيل غَيْب مِنْ الْغُيُوب , فَحَسُنَ إِفْرَاد هَذَا الْمَوْضِع بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى , وَإِنْ كَانَ الْخَضِر قَدْ أَرَادَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي أَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُرِيدهُ وَقِيلَ : لَمَّا كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا كُلّه أَضَافَهُ إِلَى اللَّه تَعَالَى وَأَضَافَ عَيْب السَّفِينَة إِلَى نَفْسه رِعَايَة لِلْأَدَبِ لِأَنَّهَا لَفْظَة عَيْب فَتَأَدَّبَ بِأَنْ لَمْ يُسْنِد الْإِرَادَة فِيهَا إِلَّا إِلَى نَفْسه , كَمَا تَأَدَّبَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله : " وَإِذَا مَرِضْت فَهُوَ يَشْفِين " فَأَسْنَدَ الْفِعْل قَبْل وَبَعْد إِلَى اللَّه تَعَالَى , وَأَسْنَدَ إِلَى نَفْسه الْمَرَض , إِذْ هُوَ مَعْنَى نُقْصَى وَمُصِيبَة , فَلَا يُضَاف إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى مِنْ الْأَلْفَاظ إِلَّا مَا يُسْتَحْسَن مِنْهَا دُون مَا يُسْتَقْبَح , وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " بِيَدِك الْخَيْر " [ آل عِمْرَان : 26 ] وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُنْسَب الشَّرّ إِلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْخَيْر وَالشَّرّ وَالضُّرّ وَالنَّفْع , إِذْ هُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير , وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء خَبِير وَلَا اِعْتِرَاض بِمَا حَكَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَقُول يَوْم الْقِيَامَة : ( يَا اِبْن آدَم مَرِضْت فَلَمْ تَعُدْنِي وَاسْتَطْعَمْتُك فَلَمْ تُطْعِمنِي وَاسْتَسْقَيْتُك فَلَمْ تَسْقِنِي ) فَإِنَّ ذَلِكَ تَنَزُّل فِي الْخِطَاب وَتَلَطُّف فِي الْعِتَاب مُقْتَضَاهُ التَّعْرِيف بِفَضْلِ ذِي الْجَلَال وَبِمَقَادِير ثَوَاب هَذِهِ الْأَعْمَال وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم . وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُطْلِق عَلَى نَفْسه مَا يَشَاء , وَلَا نُطْلِق نَحْنُ إِلَّا مَا أَذِنَ لَنَا فِيهِ مِنْ الْأَوْصَاف الْجَمِيلَة وَالْأَفْعَال الشَّرِيفَة جَلَّ وَتَعَالَى عَنْ النَّقَائِص وَالْآفَات عُلُوًّا كَبِيرًا . وَقَالَ فِي الْغُلَام : " فَأَرَدْنَا " فَكَأَنَّهُ أَضَافَ الْقَتْل إِلَى نَفْسه , وَالتَّبْدِيل إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالْأَشُدّ كَمَال الْخَلْق وَالْعَقْل . وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِيهِ فِي " الْأَنْعَام " وَالْحَمْد لِلَّهِ .
الثَّالِثَة : قَالَ شَيْخنَا الْإِمَام أَبُو الْعَبَّاس : ذَهَبَ قَوْم مِنْ زَنَادِقَة الْبَاطِنِيَّة إِلَى سُلُوك طَرِيق تَلْزَم مِنْهُ هَذِهِ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة , فَقَالُوا : هَذِهِ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الْعَامَّة إِنَّمَا يُحْكَم بِهَا عَلَى الْأَنْبِيَاء وَالْعَامَّة , وَأَمَّا الْأَوْلِيَاء وَأَهْل الْخُصُوص فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تِلْكَ النُّصُوص , بَلْ إِنَّمَا يُزَاد مِنْهُمْ مَا يَقَع فِي قُلُوبهمْ , وَيُحْكَم عَلَيْهِمْ بِمَا يَغْلِب عَلَيْهِمْ مِنْ خَوَاطِرهمْ . وَقَالُوا : وَذَلِكَ لِصَفَاءِ قُلُوبهمْ عَنْ الْأَكْدَار , وَخُلُوّهَا عَنْ الْأَعْيَار , فَتَتَجَلَّى لَهُمْ الْعُلُوم الْإِلَهِيَّة , وَالْحَقَائِق الرَّبَّانِيَّة , فَيَقِفُونَ عَلَى أَسْرَار الْكَائِنَات , وَيَعْلَمُونَ أَحْكَام الْجُزْئِيَّات , فَيَسْتَغْنُونَ بِهَا عَنْ أَحْكَام الشَّرَائِع الْكُلِّيَّات , كَمَا اِتَّفَقَ لِلْخَضِرِ ; فَإِنَّهُ اِسْتَغْنَى بِمَا تَجَلَّى لَهُ مِنْ الْعُلُوم , عَمَّا كَانَ عِنْد مُوسَى مِنْ تِلْكَ الْفُهُوم . وَقَدْ جَاءَ فِيمَا يَنْقُلُونَ : اِسْتَفْتِ قَلْبك وَإِنْ أَفْتَاك الْمُفْتُونَ . قَالَ شَيْخنَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : وَهَذَا الْقَوْل زَنْدَقَة وَكُفْر يُقْتَل قَائِله وَلَا يُسْتَتَاب ; لِأَنَّهُ إِنْكَار مَا عُلِمَ مِنْ الشَّرَائِع ; فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَجْرَى سُنَّته , وَأَنْفَذَ حِكْمَته , بِأَنَّ أَحْكَامه لَا تُعْلَم إِلَّا بِوَاسِطَةِ رُسُله السُّفَرَاء بَيْنه وَبَيْن خَلْقه , وَهُمْ الْمُبَلِّغُونَ عَنْهُ رِسَالَته وَكَلَامه , الْمُبَيِّنُونَ شَرَائِعه وَأَحْكَامه ; اِخْتَارَهُمْ لِذَلِكَ , وَخَصَّهُمْ بِمَا هُنَالِكَ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : " اللَّه يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَة رُسُلًا وَمِنْ النَّاس إِنَّ اللَّه سَمِيع بَصِير " [ الْحَجّ : 75 ] وَقَالَ تَعَالَى : " اللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَته " [ الْأَنْعَام : 124 ] وَقَالَ تَعَالَى : " كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ " [ الْبَقَرَة : 213 ] إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات . وَعَلَى الْجُمْلَة فَقَدْ حَصَلَ الْعِلْم الْقَطْعِيّ , وَالْيَقِين الضَّرُورِيّ , وَاجْتِمَاع السَّلَف وَالْخَلَف عَلَى أَنْ لَا طَرِيق لِمَعْرِفَةِ أَحْكَام اللَّه تَعَالَى الَّتِي هِيَ رَاجِعَة إِلَى أَمْره وَنَهْيه , وَلَا يُعْرَف شَيْء مِنْهَا إِلَّا مِنْ جِهَة الرُّسُل , فَمَنْ قَالَ : إِنَّ هُنَاكَ طَرِيقًا آخَر يُعْرَف بِهَا أَمْره وَنَهْيه غَيْر الرُّسُل بِحَيْثُ يُسْتَغْنَى عَنْ الرُّسُل فَهُوَ كَافِر , يُقْتَل وَلَا يُسْتَتَاب , وَلَا يَحْتَاج مَعَهُ إِلَى سُؤَال وَلَا جَوَاب , ثُمَّ هُوَ قَوْل بِإِثْبَاتِ أَنْبِيَاء بَعْد نَبِيّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ; الَّذِي قَدْ جَعَلَهُ اللَّه خَاتَم أَنْبِيَائِهِ وَرُسُله , فَلَا نَبِيّ بَعْده وَلَا رَسُول . وَبَيَان ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَالَ يَأْخُذ عَنْ قَلْبه وَأَنَّ مَا يَقَع فِيهِ حُكْم اللَّه تَعَالَى وَأَنَّهُ يَعْمَل بِمُقْتَضَاهُ , وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاج مَعَ ذَلِكَ إِلَى كِتَاب وَلَا سُنَّة , فَقَدْ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ خَاصَّة النُّبُوَّة , فَإِنَّ هَذَا نَحْو مَا قَالَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( إِنَّ رُوح الْقُدُس نَفَثَ فِي رُوعِي . .. ) الْحَدِيث .
الرَّابِعَة : ذَهَبَ الْجُمْهُور مِنْ النَّاس إِلَى أَنَّ الْخَضِر مَاتَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَتْ فِرْقَة : حَيّ لِأَنَّهُ شَرِبَ مِنْ عَيْن الْحَيَاة , وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْض وَأَنَّهُ يَحُجّ الْبَيْت . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَقَدْ أَطْنَبَ النَّقَّاش فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَذَكَرَ فِي كِتَابه أَشْيَاء كَثِيرَة عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَغَيْره , وَكُلّهَا لَا تَقُوم عَلَى سَاق . وَلَوْ كَانَ الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام حَيًّا يَحُجّ لَكَانَ لَهُ فِي مِلَّة الْإِسْلَام ظُهُور ; وَاَللَّه الْعَلِيم بِتَفَاصِيل الْأَشْيَاء لَا رَبّ غَيْره . وَمِمَّا يَقْضِي بِمَوْتِ الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام الْآن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام : ( أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتكُمْ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْم عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد ) .
قُلْت : إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْبُخَارِيّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ , وَالصَّحِيح الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ حَيّ عَلَى مَا نَذْكُرهُ . وَالْحَدِيث خَرَّجَهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات لَيْلَة صَلَاة الْعِشَاء فِي آخِر حَيَاته فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ : ( أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْس مِائَة سَنَة مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد ) قَالَ اِبْن عُمَر : فَوَهَلَ النَّاس فِي مَقَالَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث عَنْ مِائَة سَنَة ; وَإِنَّمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْم عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد ) يُرِيد بِذَلِكَ أَنْ يَنْخَرِم ذَلِكَ الْقَرْن . وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول قَبْل أَنْ يَمُوت بِشَهْرٍ : ( تَسْأَلُونِي عَنْ السَّاعَة وَإِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه وَأَقْسَمَ بِاَللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْض مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَة سَنَة ) وَفِي أُخْرَى قَالَ سَالِم : تَذَاكَرْنَا أَنَّهَا ( هِيَ مَخْلُوقَة يَوْمئِذٍ ) . وَفِي أُخْرَى : ( مَا مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة الْيَوْم يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَة سَنَة وَهِيَ حَيَّة يَوْمئِذٍ ) . وَفَسَّرَهَا عَبْد الرَّحْمَن صَاحِب السِّقَايَة قَالَ : نَقْص الْعُمْر . وَعَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ نَحْو هَذَا الْحَدِيث قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَحَاصِل مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَخْبَرَ قَبْل مَوْته بِشَهْرٍ أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي آدَم مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ لَا يَزِيد عُمْره عَلَى مِائَة سَنَة ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( مَا مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة ) وَهَذَا اللَّفْظ لَا يَتَنَاوَل الْمَلَائِكَة وَلَا الْجِنّ إِذْ لَمْ يَصِحّ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ , وَلَا الْحَيَوَان غَيْر الْعَاقِل ; لِقَوْلِهِ : ( مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد ) وَهَذَا إِنَّمَا يُقَال بِأَصْلِ وَضْعه عَلَى مَنْ يَعْقِل , فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَاد بَنُو آدَم . وَقَدْ بَيَّنَ اِبْن عُمَر هَذَا الْمَعْنَى ; فَقَالَ : يُرِيد بِذَلِكَ أَنْ يَنْخَرِم ذَلِكَ الْقَرْن . وَلَا حُجَّة لِمَنْ اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى بُطْلَان قَوْل مَنْ يَقُول : إِنَّ الْخَضِر حَيّ لِعُمُومِ قَوْله : ( مَا مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة ) لِأَنَّ الْعُمُوم وَإِنْ كَانَ مُؤَكَّد الِاسْتِغْرَاق فَلَيْسَ نَصًّا فِيهِ , بَلْ هُوَ قَابِل لِلتَّخْصِيصِ . فَكَمَا لَمْ يَتَنَاوَل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام , فَإِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَمْ يُقْتَل فَهُوَ حَيّ بِنَصِّ الْقُرْآن وَمَعْنَاهُ , وَلَا يَتَنَاوَل الدَّجَّال مَعَ أَنَّهُ حَيّ بِدَلِيلِ حَدِيث الْجَسَّاسَة , فَكَذَلِكَ لَمْ يَتَنَاوَل الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسَ مُشَاهَدًا لِلنَّاسِ , وَلَا مِمَّنْ يُخَالِطهُمْ حَتَّى يَخْطِر بِبَالِهِمْ حَالَة مُخَاطَبَة بَعْضهمْ بَعْضًا , فَمِثْل هَذَا الْعُمُوم لَا يَتَنَاوَلهُ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ أَصْحَاب الْكَهْف أَحْيَاء وَيَحُجُّونَ مَعَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , كَمَا تَقَدَّمَ . وَكَذَلِكَ فَتَى مُوسَى فِي قَوْل اِبْن عَبَّاس كَمَا ذَكَرْنَا . وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ فِي كِتَاب الْعَرَائِس لَهُ : وَالصَّحِيح أَنَّ الْخَضِر نَبِيّ مُعَمِّر مَحْجُوب عَنْ الْأَبْصَار ; وَرَوَى مُحَمَّد بْن الْمُتَوَكِّل عَنْ ضَمْرَة بْن رَبِيعَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَوْذَب قَالَ : الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ وَلَد فَارِس , وَإِلْيَاس مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَلْتَقِيَانِ كُلّ عَام فِي الْمَوْسِم . وَعَنْ عَمْرو بْن دِينَار قَالَ : إِنَّ الْخَضِر وَإِلْيَاس لَا يَزَالَانِ حَيَّيْنِ فِي الْأَرْض مَا دَامَ الْقُرْآن عَلَى الْأَرْض , فَإِذَا رُفِعَ مَاتَا . وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخنَا الْإِمَام أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْمُعْطِي بْن مَحْمُود بْن عَبْد الْمُعْطِي اللَّخْمِيّ فِي شَرْح الرِّسَالَة لَهُ لِلْقُشَيْرِيِّ حِكَايَات كَثِيرَة عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّالِحِينَ وَالصَّالِحَات بِأَنَّهُمْ رَأَوْا الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام وَلَقَوْهُ , يُفِيد مَجْمُوعهَا غَايَة الظَّنّ بِحَيَاتِهِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ النَّقَّاش وَالثَّعْلَبِيّ وَغَيْرهمَا . وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم : ( أَنَّ الدَّجَّال يَنْتَهِي إِلَى بَعْض السِّبَاخ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَة فَيَخْرُج إِلَيْهِ يَوْمئِذٍ رَجُل هُوَ خَيْر النَّاس - أَوْ - مِنْ خَيْر النَّاس . .. ) الْحَدِيث ; وَفِي آخِره قَالَ أَبُو إِسْحَاق : يَعْنِي أَنَّ هَذَا الرَّجُل هُوَ الْخَضِر . وَذَكَرَ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَاب الْهَوَاتِف : بِسَنَدٍ يُوقِفهُ إِلَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ ( أَنَّهُ لَقِيَ الْخَضِر وَعَلَّمَهُ هَذَا الدُّعَاء , وَذَكَرَ أَنَّ فِيهِ ثَوَابًا عَظِيمًا وَمَغْفِرَة وَرَحْمَة لِمَنْ قَالَهُ فِي أَثَر كُلّ صَلَاة , وَهُوَ : يَا مَنْ لَا يَشْغَلهُ سَمْع عَنْ سَمْع , وَيَا مَنْ لَا تُغْلِطهُ الْمَسَائِل , وَيَا مَنْ لَا يَتَبَرَّم مِنْ إِلْحَاح الْمُلِحِّينَ , أَذِقْنِي بَرْد عَفْوك , وَحَلَاوَة مَغْفِرَتك ) وَذَكَرَ أَيْضًا عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي هَذَا الدُّعَاء بِعَيْنِهِ نَحْوًا مِمَّا ذَكَرَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ فِي سَمَاعه مِنْ الْخَضِر . وَذَكَرَ أَيْضًا اِجْتِمَاع إِلْيَاس مَعَ النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . وَإِذَا جَازَ بَقَاء إِلْيَاس إِلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَازَ بَقَاء الْخَضِر , وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عِنْد الْبَيْت فِي كُلّ حَوْل , وَأَنَّهُمَا يَقُولَانِ عِنْد اِفْتِرَاقهمَا : ( مَا شَاءَ اللَّه مَا شَاءَ اللَّه , لَا يَصْرِف السُّوء إِلَّا اللَّه , مَا شَاءَ اللَّه مَا شَاءَ اللَّه , مَا يَكُون مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه , مَا شَاءَ اللَّه مَا شَاءَ اللَّه , تَوَكَّلْت عَلَى اللَّه , حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل ) وَأَمَّا خَبَر إِلْيَاس فَيَأْتِي فِي " الصَّافَّات " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
وَذَكَرَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ فِي كِتَاب التَّمْهِيد : عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : ( لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ هَتَفَ هَاتِف مِنْ نَاحِيَة الْبَيْت يَسْمَعُونَ صَوْته وَلَا يَرَوْنَ شَخْصه : السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته , السَّلَام عَلَيْكُمْ أَهْل الْبَيْت " كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت . .. " [ آل عِمْرَان : 185 ] - الْآيَة - إِنَّ فِي اللَّه خَلَفًا مِنْ كُلّ هَالِك , وَعِوَضًا مِنْ كُلّ تَالِف , وَعَزَاء مِنْ كُلّ مُصِيبَة , فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا , وَإِيَّاهُ فَارْجُوا , فَإِنَّ الْمُصَاب مَنْ حُرِمَ الثَّوَاب ) فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . يَعْنِي أَصْحَاب النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . وَالْأَلِف وَاللَّام فِي قَوْله : ( عَلَى الْأَرْض ) لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ وَهِيَ أَرْض الْعَرَب , بِدَلِيلِ تَصَرُّفهمْ فِيهَا وَإِلَيْهَا غَالِبًا دُون أَرْض يَأْجُوج وَمَأْجُوج , وَأَقَاصِي جُزُر الْهِنْد وَالسِّنْد مِمَّا لَا يَقْرَع السَّمْع اِسْمه , وَلَا يُعْلَم عِلْمه . وَلَا جَوَاب عَنْ الدَّجَّال .
قَالَ السُّهَيْلِيّ : وَاخْتُلِفَ فِي اِسْم الْخَضِر اِخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا ; فَعَنْ اِبْن مُنَبِّه أَنَّهُ قَالَ : أبليا بْن ملكان بْن فالغ بْن شالخ بْن أرفخشذ بْن سَام بْن نُوح . وَقِيلَ : هُوَ اِبْن عَامِيل بْن سماقحين بْن أريا بْن علقما بْن عيصو بْن إِسْحَاق , وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكًا , وَأَنَّ أُمّه كَانَتْ بِنْت فَارِس وَاسْمهَا ألمى , وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي مَغَارَة , وَأَنَّهُ وُجِدَ هُنَالِكَ وَشَاة تُرْضِعهُ فِي كُلّ يَوْم مِنْ غَنَم رَجُل مِنْ الْقَرْيَة , فَأَخَذَهُ الرَّجُل فَرَبَّاهُ , فَلَمَّا شَبَّ وَطَلَبَ الْمَلِك - أَبُوهُ - كَاتِبًا وَجَمَعَ أَهْل الْمَعْرِفَة وَالنَّبَالَة لِيَكْتُب الصُّحُف الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى إِبْرَاهِيم وَشِيث , كَانَ مِمَّنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْكُتَّاب اِبْنه الْخَضِر وَهُوَ لَا يَعْرِفهُ , فَلَمَّا اِسْتَحْسَنَ خَطّه وَمَعْرِفَته , وَبَحَثَ عَنْ جَلِيَّة أَمْره عَرَفَ أَنَّهُ اِبْنه فَضَمَّهُ لِنَفْسِهِ وَوَلَّاهُ أَمْر النَّاس ثُمَّ إِنَّ الْخَضِر فَرَّ مِنْ الْمَلِك لِأَسْبَابٍ يَطُول ذِكْرهَا إِلَى أَنْ وَجَدَ عَيْن الْحَيَاة فَشَرِبَ مِنْهَا , فَهُوَ حَيّ إِلَى أَنْ يَخْرُج الدَّجَّال , وَأَنَّهُ الرَّجُل الَّذِي يَقْتُلهُ الدَّجَّال وَيَقْطَعهُ ثُمَّ يُحْيِيه اللَّه تَعَالَى . وَقِيلَ : لَمْ يُدْرِك زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَهَذَا لَا يَصِحّ وَقَالَ الْبُخَارِيّ وَطَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث مِنْهُمْ شَيْخنَا أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى : إِنَّهُ مَاتَ قَبْل اِنْقِضَاء الْمِائَة , مِنْ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( إِلَى رَأْس مِائَة عَام لَا يَبْقَى عَلَى هَذِهِ الْأَرْض مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا أَحَد ) يَعْنِي مَنْ كَانَ حَيًّا حِين قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة
قُلْت : قَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيث وَالْكَلَام عَلَيْهِ , وَبَيَّنَّا حَيَاة الْخَضِر إِلَى الْآن , وَاَللَّه أَعْلَم .
الْخَامِسَة : قِيلَ إِنَّ الْخَضِر لَمَّا ذَهَبَ يُفَارِق مُوسَى قَالَ لَهُ مُوسَى : أَوْصِنِي ; قَالَ : كُنْ بَسَّامًا وَلَا تَكُنْ ضِحَاكًا , وَدَعْ اللَّجَاجَة , وَلَا تَمْشِ فِي غَيْر حَاجَة , وَلَا تَعِبْ عَلَى الْخَطَّائِينَ خَطَايَاهُمْ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتك يَا اِبْن عِمْرَان
.

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 01, 2007 9:43 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
قال تعالى:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ

أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"

النحل 76


[font=Traditional Arabic]تفسيرالجلالين
ـــ

"وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا" وَيُبْدَل مِنْهُ "رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم" وُلِدَ أَخْرَس "لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء" لِأَنَّهُ لَا يَفْهَم وَلَا يُفْهِم "وَهُوَ كَلٌّ" ثَقِيل "عَلَى مَوْلَاهُ" وَلِيّ أَمْره "أَيْنَمَا يُوَجِّههُ" يَصْرِفهُ "لَا يَأْتِ" مِنْهُ "بِخَيْرٍ" يَنْجَح وَهَذَا مَثَل الْكَافِر "هَلْ يَسْتَوِي هُوَ" أَيْ الْأَبْكَم الْمَذْكُور "وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ" أَيْ وَمَنْ هُوَ نَاطِق نَافِع لِلنَّاسِ حَيْثُ يَأْمُر بِهِ وَيَحُثّ عَلَيْهِ "وَهُوَ عَلَى صِرَاط" طَرِيق "مُسْتَقِيم" وَهُوَ الثَّانِي الْمُؤْمِن ؟ لَا وَقِيلَ هَذَا مَثَل اللَّهِ وَالْأَبْكَمُ لِلْأَصْنَامِ وَاَلَّذِي قَبْله مَثَل الْكَافِر وَالْمُؤْمِن

تفسير الطبري
ـــ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء وَهُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَالْآلِهَة الَّتِي تُعْبَد مِنْ دُونه , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء } يَعْنِي بِذَلِكَ الصَّنَم أَنَّهُ لَا يَسْمَع شَيْئًا وَلَا يَنْطِق , لِأَنَّهُ إِمَّا خَشَب مَنْحُوت وَإِمَّا نُحَاس مَصْنُوع لَا يَقْدِر عَلَى نَفْع لِمَنْ خَدَمَهُ وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْهُ . { وَهُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ } يَقُول : وَهُوَ عِيَال عَلَى اِبْن عَمّه وَحُلَفَائِهِ وَأَهْل وِلَايَته , فَكَذَلِكَ الصَّنَم كَلّ عَلَى مَنْ يَعْبُدهُ , يَحْتَاج أَنْ يَحْمِلهُ وَيَضَعهُ وَيَخْدُمهُ , كَالْأَبْكَمِ مِنْ النَّاس الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء , فَهُوَ كَلّ عَلَى أَوْلِيَائِهِ مِنْ بَنِي أَعْمَامه وَغَيْرهمْ . { أَيْنَمَا يُوَجِّههُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ } يَقُول : حَيْثُمَا يُوَجِّههُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ , لِأَنَّهُ لَا يَفْهَم مَا يُقَال لَهُ , وَلَا يَقْدِر أَنْ يُعَبِّر عَنْ نَفْسه مَا يُرِيد , فَهُوَ لَا يَفْهَم وَلَا يُفْهَم عَنْهُ , فَكَذَلِكَ الصَّنَم لَا يَعْقِل مَا يُقَال لَهُ فَيَأْتَمِر لِأَمْرِ مَنْ أَمَرَهُ , وَلَا يَنْطِق فَيَأْمُر وَيَنْهَى ; يَقُول اللَّه تَعَالَى : { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ } يَعْنِي : هَلْ يَسْتَوِي هَذَا الْأَبْكَم الْكَلّ عَلَى مَوْلَاهُ الَّذِي لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ حَيْثُ تَوَجَّهَ وَمَنْ هُوَ نَاطِق مُتَكَلِّم يَأْمُر بِالْحَقِّ وَيَدْعُو إِلَيْهِ وَهُوَ اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار الَّذِي يَدْعُو عِبَاده إِلَى تَوْحِيده وَطَاعَته ؟ يَقُول : لَا يَسْتَوِي هُوَ تَعَالَى ذِكْره , وَالصَّنَم الَّذِي صِفَته مَا وَصَفَ . وَقَوْله : { وَهُوَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : وَهُوَ مَعَ أَمْره بِالْعَدْلِ , عَلَى طَرِيق مِنْ الْحَقّ فِي دُعَائِهِ إِلَى الْعَدْل وَأَمْره بِهِ مُسْتَقِيم , لَا يَعْوَجّ عَنْ الْحَقّ وَلَا يَزُول عَنْهُ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَضْرُوب لَهُ هَذَا الْمَثَل , فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16462 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء } قَالَ : هُوَ الْوَثَن . { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ } قَالَ : اللَّه يَأْمُر بِالْعَدْلِ . { وَهُوَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } وَكَذَلِكَ كَانَ مُجَاهِد يَقُول ; إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُول : الْمَثَل الْأَوَّل أَيْضًا ضَرَبَهُ اللَّه لِنَفْسِهِ وَلِلْوَثَنِ . 16463 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا } { وَرَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم } { وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ } قَالَ : كُلّ هَذَا مَثَل إِلَه الْحَقّ , وَمَا يُدْعَى مِنْ دُونه مِنْ الْبَاطِل . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 16464 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم } قَالَ : إِنَّمَا هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كِلَا الْمَثَلَيْنِ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِر . وَذَلِكَ قَوْل يُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة عَنْهُ فِي الْمَثَل الْأَوَّل فِي مَوْضِعه . وَأَمَّا فِي الْمَثَل الْآخَر : 16465 - فَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء وَهُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ } إِلَى آخِر الْآيَة , يَعْنِي بِالْأَبْكَمِ : الَّذِي هُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ الْكَافِر , وَبِقَوْلِهِ : { وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ } الْمُؤْمِن , وَهَذَا الْمَثَل فِي الْأَعْمَال . 16466 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الصَّبَّاح الْبَزَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن إِسْحَاق السَّالَحِينِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش وَعَبْده . وَفِي قَوْله : { مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَبْكَم لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء } . .. إِلَى قَوْله : { وَهُوَ عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } قَالَ : هُوَ عُثْمَان بْن عَفَّان . قَالَ : وَالْأَبْكَم الَّذِي أَيْنَمَا يُوَجَّه لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ , ذَاكَ مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان , كَانَ عُثْمَان يُنْفِق عَلَيْهِ وَيَكْفُلهُ وَيَكْفِيه الْمَئُونَة , وَكَانَ الْآخَر يَكْرَه الْإِسْلَام وَيَأْبَاهُ وَيَنْهَاهُ عَنْ الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف , فَنَزَلَتْ فِيهِمَا . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ فِي الْمَثَل الْأَوَّل لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره مَثَّلَ مَثَل الْكَافِر بِالْعَبْدِ الَّذِي وَصَفَ صِفَته , وَمَثَّلَ مَثَل الْمُؤْمِن بِاَلَّذِي رَزَقَهُ حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِق مِمَّا رَزَقَهُ سِرًّا وَجَهْرًا , فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُون ذَلِكَ لِلَّهِ مَثَلًا , إِذْ كَانَ اللَّه إِنَّمَا مَثَّلَ الْكَافِر الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء بِأَنَّهُ لَمْ يَرْزُقهُ رِزْقًا يُنْفِق مِنْهُ سِرًّا , وَمَثَّلَ الْمُؤْمِن الَّذِي وَفَّقَهُ اللَّه لِطَاعَتِهِ فَهَدَاهُ لِرُشْدِهِ فَهُوَ يَعْمَل بِمَا يَرْضَاهُ اللَّه , كَالْحُرِّ الَّذِي بَسَطَ لَهُ فِي الرِّزْق فَهُوَ يُنْفِق مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا , وَاَللَّه تَعَالَى ذِكْره هُوَ الرَّازِق غَيْر الْمَرْزُوق , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُمَثِّل إِفْضَاله وَجُودَه بِإِنْفَاقِ الْمَرْزُوق الرِّزْق الْحَسَن . وَأَمَّا الْمَثَل الثَّانِي , فَإِنَّهُ تَمْثِيل مِنْهُ تَعَالَى ذِكْره مَنْ مَثَله الْأَبْكَم الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء وَالْكُفَّار لَا شَكَّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ الْأَمْوَال الْكَثِيرَة , وَمَنْ يَضُرّ أَحْيَانًا الضُّرّ الْعَظِيم بِفَسَادِهِ , فَغَيْر كَائِن مَا لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره مَثَلًا , لِمَنْ يَقْدِر عَلَى أَشْيَاء كَثِيرَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ تَمْثِيل مَا لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء ; كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره بِمَثَلِهِ مَا لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء , وَذَلِكَ الْوَثَن الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء , بِالْأَبْكَمِ الْكَلّ عَلَى مَوْلَاهُ الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء كَمَا قَالَ وَوَصَفَ .



تفسير القرطبي
ـــ

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ

هَذَا مَثَل آخَر ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَلِلْوَثَنِ , فَالْأَبْكَم الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء هُوَ الْوَثَن , وَاَلَّذِي يَأْمُر بِالْعَدْلِ هُوَ اللَّه تَعَالَى ; قَالَهُ قَتَادَة وَغَيْره . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْأَبْكَم عَبْد كَانَ لِعُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَكَانَ يَعْرِض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَيَأْبَى , وَيَأْمُر بِالْعَدْلِ عُثْمَان . وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مَثَل لِأَبِي بَكْر الصِّدِّيق وَمَوْلَى لَهُ كَافِر . وَقِيلَ : الْأَبْكَم أَبُو جَهْل , وَاَلَّذِي يَأْمُر بِالْعَدْلِ عَمَّار بْن يَاسِر الْعَنْسِيّ , وَعَنْس " بِالنُّونِ " حَيّ مِنْ مَذْحِج , وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي مَخْزُوم رَهْط أَبِي جَهْل , وَكَانَ أَبُو جَهْل يُعَذِّبهُ عَلَى الْإِسْلَام وَيُعَذِّب أُمّه سُمَيَّة , وَكَانَتْ مَوْلَاة لِأَبِي جَهْل , وَقَالَ لَهَا ذَات يَوْم : إِنَّمَا آمَنْتِ بِمُحَمَّدٍ لِأَنَّك تُحِبِّينَهُ لِجَمَالِهِ , ثُمَّ طَعَنَهَا بِالرُّمْحِ فِي قُبُلهَا فَمَاتَتْ , فَهِيَ أَوَّل شَهِيد مَاتَ فِي الْإِسْلَام , رَحِمَهَا اللَّه . مِنْ كِتَاب النَّقَّاش وَغَيْره . وَسَيَأْتِي هَذَا فِي آيَة الْإِكْرَاه مُبَيَّنًا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ عَطَاء : الْأَبْكَم أُبَيّ بْن خَلَف , كَانَ لَا يَنْطِق بِخَيْرٍ . " وَهُوَ كَلّ عَلَى مَوْلَاهُ " أَيْ قَوْمه لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِيهِمْ وَيُؤْذِي عُثْمَان بْن مَظْعُون . وَقَالَ مُقَاتِل : نَزَلَتْ فِي هِشَام بْن عَمْرو بْن الْحَارِث , كَانَ كَافِرًا قَلِيل الْخَيْر يُعَادِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَبْكَم الْكَافِر , وَاَلَّذِي يَأْمُر بِالْعَدْلِ الْمُؤْمِن جُمْلَة بِجُمْلَةٍ ; رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَهُوَ حَسَن لِأَنَّهُ يَعُمّ . وَالْأَبْكَم الَّذِي لَا نُطْق لَهُ . وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْقِل . وَقِيلَ الَّذِي لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر . وَفَى التَّفْسِير إِنَّ الْأَبْكَم هَا هُنَا الْوَثَن . بَيَّنَ أَنَّهُ لَا قُدْرَة لَهُ وَلَا أَمْر , وَأَنَّ غَيْره يَنْقُلهُ وَيَنْحِتهُ فَهُوَ كَلّ عَلَيْهِ . وَاَللَّه الْآمِر بِالْعَدْلِ , الْغَالِب عَلَى كُلّ شَيْء .

وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ

أَيْ ثِقْل عَلَى وَلِيّه وَقَرَابَته , وَوَبَال عَلَى صَاحِبه وَابْن عَمّه . وَقَدْ يُسَمَّى الْيَتِيم كَلًّا لِثِقَلِهِ عَلَى مَنْ يَكْفُلهُ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : أَكُول لِمَالِ الْكَلّ قَبْل شَبَابه إِذَا كَانَ عَظْم الْكَلّ غَيْر شَدِيد وَالْكَلّ أَيْضًا الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . وَالْكَلّ الْعِيَال , وَالْجَمْع الْكُلُول , يُقَال مِنْهُ : كَلَّ السِّكِّين يَكِلّ كَلًّا أَيْ غَلُظَتْ شَفْرَته فَلَمْ يَقْطَع .

أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ

قَرَأَ الْجُمْهُور " يُوَجِّههُ " وَهُوَ خَطّ الْمُصْحَف ; أَيْ أَيْنَمَا يُرْسِلهُ صَاحِبه لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ , لِأَنَّهُ لَا يَعْرِف وَلَا يَفْهَم مَا يُقَال لَهُ وَلَا يَفْهَم عَنْهُ . وَقَرَأَ يَحْيَى بْن وَثَّاب " أَيْنَمَا يُوَجَّهُ " عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَيْضًا " تَوَجَّهَ " عَلَى الْخِطَاب .

هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

أَيْ هَلْ يَسْتَوِي هَذَا الْأَبْكَم وَمَنْ يَأْمُر بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم
[/font].

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 10, 2007 10:09 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727

[align=center]تفسيرعشر آيات من سورة الكهف[/align]قال تعالى:

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا"(1 )




[font=Traditional Arabic]سُورَة الْكَهْف [ مَكِّيَّة إلَّا وَاصْبِرْ نَفْسك الْآيَة وَهِيَ مِائَة وَعَشْر آيَات أَوْ خَمْس عَشْرَة آيَة ]

نَزَلَتْ بَعْد [ سُورَة الْغَاشِيَة ]

تفسير الجلالين:
ـــ
"الْحَمْد" وَهُوَ الْوَصْف بِالْجَمِيلِ ثَابِت "لِلَّهِ" تَعَالَى وَهَلْ الْمُرَاد الْإِعْلَام بِذَلِكَ لِلْإِيمَانِ بِهِ أَوْ الثَّنَاء بِهِ أَوْ هُمَا ؟ احْتِمَالَات أَفْيَدهَا الثَّالِث "الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده" مُحَمَّد "الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَلَمْ يَجْعَل لَهُ" أَيْ فِيهِ "عِوَجًا" اخْتِلَافًا أَوْ تَنَاقُضًا وَالْجُمْلَة حَال مِنْ الْكِتَاب

تفسير الطبري
ــ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْكِتَاب وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا } قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي خَصَّ بِرِسَالَتِهِ مُحَمَّدًا وَانْتَخَبَهُ لِبَلَاغِهَا عَنْهُ , فَابْتَعَثَهُ إِلَى خَلْقه نَبِيًّا مُرْسَلًا , وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابه قَيِّمًا , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا .

تفسير القرطبي
ــ
سُورَة الْكَهْف وَهِيَ مَكِّيَّة فِي قَوْل جَمِيع الْمُفَسِّرِينَ . رُوِيَ عَنْ فِرْقَة أَنَّ أَوَّل السُّورَة نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى قَوْله " جُرُزًا " [ الْكَهْف : 8 ] , وَالْأَوَّل أَصَحّ . وَرُوِيَ فِي فَضْلهَا مِنْ حَدِيث أَنَس أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَرَأَ بِهَا أُعْطِيَ نُورًا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض وَوُقِيَ بِهَا فِتْنَة الْقَبْر .

وَقَالَ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي فَرْوَة : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَلَا أَدُلّكُمْ عَلَى سُورَة شَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلْف مَلَك مَلَأَ عِظَمُهَا مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض لِتَالِيهَا مِثْل ذَلِكَ ) . قَالُوا : بَلَى يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : ( سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف مَنْ قَرَأَهَا يَوْم الْجُمْعَة غُفِرَ لَهُ الْجُمْعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَأُعْطِيَ نُورًا يَبْلُغ السَّمَاء وَوُقِيَ فِتْنَة الدَّجَّال ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ , وَالْمَهْدَوِيّ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ . وَفِي مُسْنَد الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : مَنْ قَرَأَ سُورَة الْكَهْف لَيْلَة الْجُمْعَة أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّور فِيمَا بَيْنه وَبَيْن الْبَيْت الْعَتِيق . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ حَفِظَ عَشْر آيَات مِنْ أَوَّل سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّال ) . وَفِي رِوَايَة ( مِنْ آخِر الْكَهْف ) .

وَفِي مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان ( فَمَنْ أَدْرَكَهُ - يَعْنِي الدَّجَّال - فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِح سُورَة الْكَهْف ) . وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ . قَالَ : سَمُرَة بْن جُنْدُب قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ عَشْر آيَات مِنْ سُورَة الْكَهْف حِفْظًا لَمْ تَضُرّهُ فِتْنَة الدَّجَّال ) . وَمَنْ قَرَأَ السُّورَة كُلّهَا دَخَلَ الْجَنَّة .

ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا النَّضْر بْن الْحَارِث وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط إِلَى أَحْبَار يَهُود وَقَالُوا لَهُمَا : سَلَاهُمْ عَنْ مُحَمَّد وَصِفَا لَهُمْ صِفَته وَأَخْبَرَاهُمْ بِقَوْلِهِ ; فَإِنَّهُمْ أَهْل الْكِتَاب الْأَوَّل , وَعِنْدهمْ عِلْم لَيْسَ عِنْدنَا مِنْ عِلْم الْأَنْبِيَاء ; فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَة , فَسَأَلَا أَحْبَار يَهُود عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَوَصَفَا لَهُمْ أَمْره , وَأَخْبَرَاهُمْ بِبَعْضِ قَوْله , وَقَالَا لَهُمْ : إِنَّكُمْ أَهْل التَّوْرَاة وَقَدْ جِئْنَاكُمْ لِتُخْبِرُونَا عَنْ صَاحِبنَا هَذَا . فَقَالَتْ لَهُمَا أَحْبَار يَهُود : سَلُوهُ عَنْ ثَلَاث نَأْمُركُمْ بِهِنَّ , فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيّ مُرْسَل , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَالرَّجُل مُتَقَوِّل , فَرُوا فِيهِ رَأْيكُمْ ; سَلُوهُ عَنْ فِتْيَة ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الْأَوَّل , مَا كَانَ أَمْرهمْ ; فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيث عَجَب . سَلُوهُ عَنْ رَجُل طَوَّاف قَدْ بَلَغَ مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا , مَا كَانَ نَبَؤُهُ . وَسَلُوهُ عَنْ الرُّوح , مَا هِيَ ; فَإِذَا أَخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ فَاتَّبِعُوهُ فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَهُوَ رَجُل مُتَقَوِّل فَاصْنَعُوا فِي أَمْره مَا بَدَا لَكُمْ . فَأَقْبَلَ النَّضْر بْن الْحَارِث وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط حَتَّى قَدِمَا مَكَّة عَلَى قُرَيْش فَقَالَا : يَا مَعْشَر قُرَيْش , قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنكُمْ وَبَيْن مُحَمَّد - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَار يَهُود أَنْ نَسْأَلهُ عَنْ أَشْيَاء أَمَرُونَا بِهَا , فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ عَنْهَا فَهُوَ نَبِيّ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَالرَّجُل مُتَقَوِّل , فَرُوا فِيهِ رَأْيكُمْ . فَجَاءُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد , أَخْبِرْنَا عَنْ فِتْيَة ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الْأَوَّل , قَدْ كَانَتْ لَهُمْ قِصَّة عَجَب , وَعَنْ رَجُل كَانَ طَوَّافًا قَدْ بَلَغَ مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا , وَأَخْبِرْنَا عَنْ الرُّوح مَا هِيَ ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُخْبِركُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا ) وَلَمْ يَسْتَثْنِ . فَانْصَرَفُوا عَنْهُ , فَمَكَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَزْعُمُونَ خَمْس عَشْرَة لَيْلَة , لَا يُحْدِث اللَّه إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا وَلَا يَأْتِيه جِبْرِيل , حَتَّى أَرْجَفَ أَهْل مَكَّة وَقَالُوا : وَعَدَنَا مُحَمَّد غَدًا , وَالْيَوْم خَمْس عَشْرَة لَيْلَة , وَقَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لَا يُخْبِرنَا بِشَيْءٍ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ ; وَحَتَّى أَحْزَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ الْوَحْي عَنْهُ , وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّم بِهِ أَهْل مَكَّة , ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِسُورَةِ أَصْحَاب الْكَهْف فِيهَا مُعَاتَبَته إِيَّاهُ عَلَى حُزْنه عَلَيْهِمْ , وَخَبَر مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْر الْفِتْيَة , وَالرَّجُل الطَّوَّاف وَالرُّوح . قَالَ اِبْن إِسْحَاق : فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيل : ( لَقَدْ اِحْتَبَسْت عَنِّي يَا جِبْرِيل حَتَّى سُؤْت ظَنًّا " فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل : " وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا " [ مَرْيَم : 64 ] .

فَافْتَتَحَ السُّورَة تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِحَمْدِهِ , وَذِكْر نُبُوَّة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : " الْحَمْد اللَّه الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْكِتَاب " يَعْنِي مُحَمَّدًا , إِنَّك رَسُول مِنِّي , أَيْ تَحْقِيق لِمَا سَأَلُوا عَنْهُ مِنْ نُبُوَّتك . " وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع إن شاء الله


[/font]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 12, 2007 9:06 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727

[font=Traditional Arabic] قال تعالى:

"قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا"

الكهف2

الجلالين
ــــ

"قَيِّمًا" مُسْتَقِيمًا حَال ثَانِيَة مُؤَكِّدَة "لِيُنْذِر" يُخَوِّف بِالْكِتَابِ الْكَافِرِينَ "بَأْسًا" عَذَابًا "شَدِيدًا مِنْ لَدُنْه" مِنْ قِبَل اللَّه

الطبري
ــــ

قَيِّمًا

وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ عَزَّ ذِكْره : { قَيِّمًا } مُعْتَدِلًا مُسْتَقِيمًا . وَقِيلَ : عُنِيَ بِهِ : أَنَّهُ قَيِّم عَلَى سَائِر الْكُتُب يُصَدِّقهَا وَيَحْفَظهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ مُعْتَدِلًا مُسْتَقِيمًا : 17225 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } يَقُول : أَنْزَلَ الْكِتَاب عَدْلًا قَيِّمًا , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا . فَأَخْبَرَ اِبْن عَبَّاس بِقَوْلِهِ هَذَا مَعَ بَيَانه مَعْنَى الْقَيِّم أَنَّ الْقَيِّم مُؤَخَّر بَعْد قَوْله , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا , وَمَعْنَاهُ التَّقْدِيم بِمَعْنَى : أَنْزَلَ الْكِتَاب عَلَى عَبْده قَيِّمًا . 17226 - حُدِّثْت عَنْ مُحَمَّد بْن زَيْد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله { قَيِّمًا } قَالَ : مُسْتَقِيمًا . 17227 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } : أَيْ مُعْتَدِلًا لَا اِخْتِلَاف فِيهِ . 17228 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه الْكِتَاب قَيِّمًا , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْكِتَاب وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } قَالَ : وَفِي بَعْض الْقِرَاءَات : " وَلَكِنْ جَعَلَهُ قَيِّمًا " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس , وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ , لِدَلَالَةِ قَوْله : { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا } فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَيِّمًا } مُسْتَقِيمًا لَا اِخْتِلَاف فِيهِ وَلَا تَفَاوُت , بَلْ بَعْضه يُصَدِّق بَعْضًا , وَبَعْضه يَشْهَد لِبَعْضٍ , لَا عِوَج فِيهِ , وَلَا مَيْل عَنْ الْحَقّ , وَكُسِرَتْ الْعَيْن مِنْ قَوْله { عِوَجًا } لِأَنَّ الْعَرَب كَذَلِكَ تَقُول فِي كُلّ اِعْوِجَاج كَانَ فِي دِين , أَوْ فِيمَا لَا يَرَى شَخْصه قَائِمًا , فَيُدْرِك عِيَانًا مُنْتَصِبًا كَالْعَاجِ فِي الدِّين , وَلِذَلِكَ كُسِرَتْ الْعَيْن فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَكَذَلِكَ الْعِوَج فِي الطَّرِيق , لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالشَّخْصِ الْمُنْتَصِب . فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عِوَج فِي الْأَشْخَاص الْمُنْتَصِبَة قِيَامًا , فَإِنَّ عَيْنهَا تُفْتَح كَالْعِوَجِ فِي الْقَنَاة , وَالْخَشَبَة , وَنَحْوهَا . وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا } : وَلَمْ يَجْعَل لَهُ مُلْتَبِسًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17229 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } وَلَمْ يَجْعَل لَهُ مُلْتَبِسًا . وَلَا خِلَاف أَيْضًا بَيْن أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي أَنَّ مَعْنَى قَوْله { قَيِّمًا } وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا , التَّقْدِيم إِلَى جَنْب الْكِتَاب . وَقِيلَ : إِنَّمَا اِفْتَتَحَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَذِهِ السُّورَة بِذِكْرِ نَفْسه بِمَا هُوَ لَهُ أَهْل , وَبِالْخَبَرِ عَنْ إِنْزَال كِتَابه عَلَى رَسُوله إِخْبَارًا مِنْهُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة , بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاء عَلَّمَهُمُوهَا الْيَهُود مِنْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير , وَأَمَرُوهُمْ بِمَسْأَلَتِهُمُوه عَنْهَا , وَقَالُوا : إِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهَا فَهُوَ نَبِيّ , وَإِنْ لَمْ يُخْبِركُمْ بِهَا فَهُوَ مُتَقَوِّل , فَوَعَدَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَوَابِ عَنْهَا مَوْعِدًا , فَأَبْطَأَ الْوَحْي عَنْهُ بَعْض الْإِبْطَاء , وَتَأَخَّرَ مَجِيء جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَنْهُ عَنْ مِيعَاده الْقَوْم , فَتَحَدَّثَ الْمُشْرِكُونَ بِأَنَّهُ أَخْلَفَهُمْ مَوْعِده , وَأَنَّهُ مُتَقَوِّل , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ السُّورَة جَوَابًا عَنْ مَسَائِلهمْ , وَافْتَتَحَ أَوَّلهَا بِذِكْرِهِ , وَتَكْذِيب الْمُشْرِكِينَ فِي أُحْدُوثَتهمْ الَّتِي تَحَدَّثُوهَا بَيْنهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17230 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني شَيْخ مِنْ أَهْل مِصْر , قَدِمَ مُنْذُ بِضْع وَأَرْبَعِينَ سَنَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس - فِيمَا يَرْوِي أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ - قَالَ : بَعَثَتْ قُرَيْش النَّضْر بْن الْحَارِث , وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط إِلَى أَحْبَار يَهُود بِالْمَدِينَةِ , فَقَالُوا لَهُمْ : سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّد , وَصِفُوا لَهُمْ صِفَته , وَأَخْبِرُوهُمْ بِقَوْلِهِ , فَإِنَّهُمْ أَهْل الْكِتَاب الْأَوَّل , وَعِنْدهمْ عِلْم مَا لَيْسَ عِنْدنَا مِنْ عِلْم الْأَنْبِيَاء . فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَة , فَسَأَلُوا أَحْبَار يَهُود عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَوَصَفُوا لَهُمْ أَمْره وَبَعْض قَوْله , وَقَالَا : إِنَّكُمْ أَهْل التَّوْرَاة , وَقَدْ جِئْنَاكُمْ لِتُخْبِرُونَا عَنْ صَاحِبنَا هَذَا , قَالَ : فَقَالَتْ لَهُمْ أَحْبَار يَهُود : سَلُوهُ عَنْ ثَلَاث نَأْمُركُمْ بِهِنَّ , فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيّ مُرْسَل , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَالرَّجُل مُتَقَوِّل , فَرُوا فِيهِ رَأْيكُمْ : سَلُوهُ عَنْ فِتْيَة ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الْأَوَّل , مَا كَانَ مِنْ أَمْرهمْ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيث عَجِيب . وَسَلُوهُ عَنْ رَجُل طَوَّاف , بَلَغَ مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا , مَا كَانَ نَبَؤُهُ ؟ وَسَلُوهُ عَنْ الرُّوح مَا هُوَ ؟ فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ , فَإِنَّهُ نَبِيّ فَاتَّبِعُوهُ , وَإِنْ هُوَ لَمْ يُخْبِركُمْ , فَهُوَ رَجُل مُتَقَوِّل , فَاصْنَعُوا فِي أَمْره مَا بَدَا لَكُمْ . فَأَقْبَلَ النَّضْر وَعُقْبَة حَتَّى قَدِمَا مَكَّة عَلَى قُرَيْش , فَقَالَا : يَا مَعْشَر قُرَيْش : قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنكُمْ وَبَيْن مُحَمَّد , قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَار يَهُود أَنْ نَسْأَلهُ , عَنْ أُمُور , فَأَخْبَرُوهُمْ بِهَا , فَجَاءُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَخْبِرْنَا , فَسَأَلُوهُ عَمَّا أَمَرُوهُمْ بِهِ , فَقَالَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُخْبِركُمْ غَدًا بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ " , وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَانْصَرَفُوا عَنْهُ , فَمَكَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْس عَشْرَة لَيْلَة , لَا يُحَدِّث اللَّه إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا , وَلَا يَأْتِيه جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , حَتَّى أَرْجَفَ أَهْل مَكَّة وَقَالُوا : وَعَدَنَا مُحَمَّد غَدًا , وَالْيَوْم خَمْس عَشْرَة قَدْ أَصْبَحْنَا فِيهَا لَا يُخْبِرنَا بِشَيْءٍ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ . وَحَتَّى أَحْزَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْث الْوَحْي عَنْهُ , وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّم بِهِ أَهْل مَكَّة . ثُمَّ جَاءَهُ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , بِسُورَةِ أَصْحَاب الْكَهْف , فِيهَا مُعَاتَبَته إِيَّاهُ عَلَى حُزْنه عَلَيْهِمْ وَخَبَر مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْر الْفِتْيَة وَالرَّجُل الطَّوَّاف , وَقَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الرُّوح قُلْ الرُّوح مِنْ أَمْر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا } 17 85 قَالَ اِبْن إِسْحَاق : فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِفْتَتَحَ السُّورَة فَقَالَ { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْكِتَاب } يَعْنِي مُحَمَّدًا إِنَّك رَسُولِي فِي تَحْقِيق مَا سَأَلُوا عَنْهُ مِنْ نُبُوَّته { وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا } : أَيْ مُعْتَدِلًا , لَا اِخْتِلَاف فِيهِ .

لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيُنْذِر بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْقُرْآن مُعْتَدِلًا مُسْتَقِيمًا لَا عِوَج فِيهِ لِيُنْذِركُمْ أَيّهَا النَّاس بَأْسًا مِنْ اللَّه شَدِيدًا . وَعَنَى بِالْبَأْسِ الْعَذَاب الْعَاجِل , وَالنَّكَال الْحَاضِر وَالسَّطْوَة . وَقَوْله : { مِنْ لَدُنْه } يَعْنِي : مِنْ عِنْد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17231 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق { لِيُنْذِر بَأْسًا شَدِيدًا } عَاجِل عُقُوبَة فِي الدُّنْيَا وَعَذَابًا فِي الْآخِرَة . { مِنْ لَدُنْه } : أَيْ مِنْ عِنْد رَبّك الَّذِي بَعَثَك رَسُولًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , بِنَحْوِهِ . 17232 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مِنْ لَدُنْه } : أَيْ مِنْ عِنْده . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيْنَ مَفْعُول قَوْله { لِيُنْذِر } فَإِنَّ مَفْعُوله مَحْذُوف اِكْتَفَى بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره , وَهُوَ مُضْمَر مُتَّصِل بِيُنْذِر قَبْل الْبَأْس , كَأَنَّهُ قِيلَ : لِيُنْذِركُمْ بَأْسًا , كَمَا قِيلَ : { يُخَوِّف أَوْلِيَاءَهُ } 3 175 إِنَّمَا هُوَ : يُخَوِّفكُمْ أَوْلِيَاءَهُ .

وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا

وَقَوْله : { وَيُبَشِّر الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَيُبَشِّر الْمُصَدِّقِينَ اللَّه وَرَسُوله { الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَات } وَهُوَ الْعَمَل بِمَا أَمَرَ اللَّه بِالْعَمَلِ بِهِ , وَالِانْتِهَاء عَمَّا نَهَى اللَّه عَنْهُ { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } يَقُول : ثَوَابًا جَزِيلًا لَهُمْ مِنْ اللَّه عَلَى إِيمَانهمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَعَمَلهمْ فِي الدُّنْيَا الصَّالِحَات مِنْ الْأَعْمَال , وَذَلِكَ الثَّوَاب : هُوَ الْجَنَّة الَّتِي وُعِدَهَا الْمُتَّقُونَ .



القرطبي
ـــ
قَيِّمًا

نُصِبَ عَلَى الْحَال . وَقَالَ قَتَادَة : الْكَلَام عَلَى سِيَاقه مِنْ غَيْر تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير , وَمَعْنَاهُ : وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ قَيِّمًا . وَقَوْل الضَّحَّاك فِيهِ حَسَن , وَأَنَّ الْمَعْنَى : مُسْتَقِيم , أَيْ مُسْتَقِيم الْحِكْمَة لَا خَطَأ فِيهِ وَلَا فَسَاد وَلَا تَنَاقُض . وَقِيلَ : " قَيِّمًا " عَلَى الْكُتُب السَّابِقَة يُصَدِّقهَا . وَقِيلَ : " قَيِّمًا " بِالْحُجَجِ أَبَدًا .

لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا

أَيْ لِيُنْذِر مُحَمَّد أَوْ الْقُرْآن . وَفِيهِ إِضْمَار , أَيْ لِيُنْذِر الْكَافِرِينَ عِقَاب اللَّه . وَهَذَا الْعَذَاب الشَّدِيد قَدْ يَكُون فِي الدُّنْيَا وَقَدْ يَكُون فِي الْآخِرَة .

مِنْ لَدُنْهُ

أَيْ مِنْ عِنْده وَقَرَأَ أَبُو بَكْر عَنْ عَاصِم " مِنْ لَدْنه " بِإِسْكَانِ الدَّال وَإِشْمَامهَا الضَّمّ وَكَسْر النُّون , وَالْهَاء مَوْصُولَة بِيَاءٍ . وَالْبَاقُونَ " لَدُنْه " بِضَمِّ الدَّال وَإِسْكَان النُّون وَضَمّ الْهَاء . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَفِي " لَدُنْ " ثَلَاث لُغَات : لَدُنْ , وَلَدَى , وَلَدُ . وَقَالَ : مِنْ لَدُ لِحْيَيْهِ إِلَى مُنْحُوره الْمَنْحُور لُغَة فِي الْمَنْحَر .

وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا

أَيْ بِأَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا وَهِيَ الْجَنَّة . وَإِنْ حَمَلَتْ التَّبْشِير عَلَى الْبَيَان لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْبَاء فِي " بِأَنَّ " . وَالْأَجْر الْحَسَن : الثَّوَاب الْعَظِيم الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّة ز [/font]


ـــــــــــــــــ
يتبع إن شاء الله



_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 13, 2007 3:00 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/2.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center]
قال تعالى:

" مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا "

الكهف 3


الجلالين
ــــــــ

"مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا" هُوَ الْجَنَّة



الطبري
ــــــــ

مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا

وَقَوْله : { مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } خَالِدِينَ , لَا يَنْتَقِلُونَ عَنْهُ , وَلَا يُنْقَلُونَ ; وَنَصَبَ مَاكِثِينَ عَلَى الْحَال مِنْ

قَوْله : { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } فِي هَذِهِ الْحَال فِي حَال مُكْثهمْ فِي ذَلِكَ الْأَجْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي

ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ :

17233 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَيُبَشِّر الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ

الصَّالِحَات أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } :

أَيْ فِي دَار خُلْد لَا يَمُوتُونَ فِيهَا , الَّذِينَ صَدَّقُوك بِمَا جِئْت بِهِ عَنْ اللَّه , وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرْتهمْ .



القرطبي
ــــــــ

مَاكِثِينَ دَائِمِينَ .

فِيهِ أَبَدًا لَا إِلَى غَايَة .

[/align]
[/cell][/table][/center]
ــــــيتبع إن شاء الله ـــــــ

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 20, 2007 9:09 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[font=Traditional Arabic]قال تعالى : " وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا"

الكهف4

الجلالين
ــــــــــ

"وَيُنْذِر" مِنْ جُمْلَة الْكَافِرِينَ


الطبري
ـــــــــــ

وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيُنْذِر الَّذِينَ قَالُوا اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُحَذِّر أَيْضًا مُحَمَّد الْقَوْم { الَّذِينَ قَالُوا اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا } مِنْ مُشْرِكِي قَوْمه وَغَيْرهمْ , بَأْس اللَّه وَعَاجِل نِقْمَته , وَآجِل عَذَابه , عَلَى قِيلهمْ ذَلِكَ , كَمَا : 17234 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَيُنْذِر الَّذِينَ قَالُوا اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا } يَعْنِي قُرَيْشًا فِي قَوْلهمْ : إِنَّمَا نَعْبُد الْمَلَائِكَة , وَهُنَّ بَنَات اللَّه .


القرطبي
ــــــ

وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا

وَهُمْ الْيَهُود , قَالُوا عُزَيْر اِبْن اللَّه , وَالنَّصَارَى قَالُوا الْمَسِيح اِبْن اللَّه , وَقُرَيْش قَالَتْ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه . فَالْإِنْذَار فِي أَوَّل السُّورَة عَامّ , وَهَذَا خَاصّ فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلَد.


يتبع إن شاء الله [/font].

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 23, 2007 4:10 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/17.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][align=center]
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا"

الكهف 5

الجلالين

"مَا لَهُمْ بِهِ" بِهَذَا الْقَوْل "مِنْ عِلْم وَلَا لِآبَائِهِمْ" مِنْ قَبْلهمْ الْقَائِلِينَ لَهُ "كَبُرَتْ" عَظُمَتْ "كَلِمَة تَخْرُج مِنْ أَفْوَاههمْ" كَلِمَة تَمْيِيزٌ مُفَسِّر لِلضَّمِيرِ الْمُبْهَم وَالْمَخْصُوص بِالذَّمِّ مَحْذُوف أَيْ مَقَالَتهمْ الْمَذْكُورَة "إنْ" مَا "يَقُولُونَ" فِي ذَلِكَ "إلَّا" مَقُولًا


الطبري

مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ

وَقَوْله : { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم } يَقُول : مَا لِقَائِلِي هَذَا الْقَوْل , يَعْنِي قَوْلهمْ { اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا } . { بِهِ } : يَعْنِي بِاَللَّهِ مِنْ عِلْم , وَالْهَاء فِي قَوْله { بِهِ } مِنْ ذِكْر اللَّه . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : مَا لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ هَذَا الْقَوْل بِاَللَّهِ إِنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد مِنْ عِلْم , فَلِجَهْلِهِمْ بِاَللَّهِ وَعَظَمَته قَالُوا ذَلِكَ .

وَلَا لِآبَائِهِمْ

وَقَوْله { وَلَا لِآبَائِهِمْ } يَقُول : وَلَا لِأَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلهمْ عَلَى مِثْل الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ الْيَوْم , كَانَ لَهُمْ بِاَللَّهِ وَبِعَظَمَتِهِ عِلْم .

كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ

وَقَوْله : { كَبُرَتْ كَلِمَة تَخْرُج مِنْ أَفْوَاههمْ } . اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { كَبُرَتْ كَلِمَة } بِنَصْبِ كَلِمَة بِمَعْنَى : كَبُرَتْ كَلِمَتهمْ الَّتِي قَالُوهَا كَلِمَة عَلَى التَّفْسِير , كَمَا يُقَال : نِعْمَ رَجُلًا عَمْرو , وَنِعْمَ الرَّجُل رَجُلًا قَامَ , وَنِعْمَ رَجُلًا قَامَ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : نُصِبَتْ كَلِمَة لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى : أَكْبَر بِهَا كَلِمَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَسَاءَتْ مُرْتَفِقًا } 18 29 وَقَالَ : هِيَ فِي النَّصْب مِثْل قَوْل الشَّاعِر : وَلَقَدْ عَلِمْت إِذَا اللِّقَاح تَرَوَّحَتْ هَدَجَ الرِّئَال تَكُبّهُنَّ شَمَالَا أَيْ تَكُبّهُنَّ الرِّيَاح شَمَالَا . فَكَأَنَّهُ قَالَ : كَبُرَتْ تِلْكَ الْكَلِمَة . وَذُكِرَ عَنْ بَعْض الْمَكِّيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " كَبُرَتْ كَلِمَة " رَفْعًا , كَمَا يُقَال : عَظُمَ قَوْلك وَكَبُرَ شَأْنك . وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْله { كَبُرَتْ كَلِمَة } مُضْمَر , وَكَانَ صِفَة لِلْكَلِمَةِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { كَبُرَتْ كَلِمَة } نَصْبًا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا , فَتَأْوِيل الْكَلَام : عَظُمَتْ الْكَلِمَة كَلِمَة تَخْرُج مِنْ أَفْوَاه هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ قَالُوا : اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا , وَالْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه , كَمَا : 17235 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { كَبُرَتْ كَلِمَة تَخْرُج مِنْ أَفْوَاههمْ } قَوْلهمْ : إِنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه .

إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا

وَقَوْله : { إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا كَذِبًا وَفِرْيَة اِفْتَرَوْهَا عَلَى اللَّه .



القرطبي

مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ

" مِنْ " صِلَة , أَيْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ الْقَوْل عِلْم ; لِأَنَّهُمْ مُقَلِّدَة قَالُوهُ بِغَيْرِ دَلِيل .

وَلَا لِآبَائِهِمْ

أَيْ أَسْلَافهمْ .

كَبُرَتْ كَلِمَةً

" كَلِمَة " نُصِبَ عَلَى الْبَيَان ; أَيْ كَبُرَتْ تِلْكَ الْكَلِمَة كَلِمَة . وَقَرَأَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَيَحْيَى بْن يَعْمَر وَابْن أَبِي إِسْحَاق " كَلِمَة " بِالرَّفْعِ ; أَيْ عَظُمَتْ كَلِمَة ; يَعْنِي قَوْلهمْ اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا . وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة فَلَا حَاجَة إِلَى إِضْمَار . يُقَال : كَبُرَ الشَّيْء إِذَا عَظُمَ . وَكَبُرَ الرَّجُل إِذَا أَسَنَّ .

تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ

فِي مَوْضِع الصِّفَة .

إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا

أَيْ مَا يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا .
ــــــــــــــــ

يتبع إن شاء الله[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 29, 2007 10:07 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727

" [font=Traditional Arabic]فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا"

الكهف6

الجلالين
ـــــ

"فَلَعَلَّك بَاخِع" مُهْلِك "نَفْسك عَلَى آثَارهمْ" بَعْدهمْ أَيْ بَعْد تَوَلِّيهمْ عَنْك "إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث" الْقُرْآن "أَسَفًا" غَيْظًا وَحُزْنًا مِنْك لِحِرْصِك عَلَى إيمَانهمْ وَنَصْبهُ عَلَى الْمَفْعُول لَهُ


الطبري
ــــــــــ

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : فَلَعَلَّك يَا مُحَمَّد قَاتِل نَفْسك وَمُهْلِكهَا عَلَى آثَار قَوْمك الَّذِينَ قَالُوا لَك { لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى تَفْجُر لَنَا مِنْ الْأَرْض يَنْبُوعًا } تَمَرُّدًا مِنْهُمْ عَلَى رَبّهمْ , إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْته عَلَيْك فَيُصَدِّقُوا بِأَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه حُزْنًا وَتَلَهُّفًا وَوَجْدًا , بِإِدْبَارِهِمْ عَنْك , وَإِعْرَاضهمْ عَمَّا أَتَيْتهمْ بِهِ وَتَرْكهمْ الْإِيمَان بِك . يُقَال مِنْهُ : بَخَعَ فُلَان نَفْسه يَبْخَعهَا بَخْعًا وَبُخُوعًا ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرُّمَّة : أَلَّا أَيُّهَذَا الْبَاخِع الْوَجْد نَفْسه لِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ الْمَقَادِر يُرِيد : نَحَّتْهُ فَخُفِّفَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { بَاخِع } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17236 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك } يَقُول : قَاتِل نَفْسك . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .

أَسَفًا

وَأَمَّا قَوْله : { أَسَفًا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث غَضَبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17237 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث أَسَفًا } قَالَ : غَضَبًا . وَقَالَ آخَرُونَ : جَزَعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17238 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { أَسَفًا } قَالَ : جَزَعًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : حُزْنًا عَلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17239 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { أَسَفًا } قَالَ : حُزْنًا عَلَيْهِمْ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْأَسَف فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَهَذِهِ مُعَاتَبَة مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره عَلَى وَجْده بِمُبَاعَدَةِ قَوْمه إِيَّاهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17240 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث أَسَفًا } يُعَاتِبهُ عَلَى حُزْنه عَلَيْهِمْ حِين فَاتَهُ مَا كَانَ يَرْجُو مِنْهُمْ : أَيْ لَا تَفْعَل .

القرطبي
ـــــــــ

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ

" بَاخِع " أَيْ مُهْلِك وَقَاتِل ; وَقَدْ تَقَدَّمَ . " آثَارهمْ " جَمْع أَثَر , وَيُقَال إِثْر . وَالْمَعْنَى : عَلَى أَثَر تَوَلِّيهمْ وَإِعْرَاضهمْ عَنْك .

إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ

أَيْ الْقُرْآن .

أَسَفًا

أَيْ حُزْنًا وَغَضَبًا عَلَى كُفْرهمْ ; وَانْتَصَبَ عَلَى التَّفْسِير .[/font]



_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 07, 2007 9:47 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10727
[font=Traditional Arabic]قال تعالى

:إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)


تفسير الطبري

-----------

وقوله: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) يقول عز ذكره: إنا جعلنا ما على الأرض زينة للأرض (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) يقول: لنختبر عبادنا أيهم أترك لها وأتبع لأمرنا ونهينا وأعمل فيها بطاعتنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) قال: ما عليها من شيء.

< 17-599 >
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إنَّ الدُّنْيا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفَكُمْ فِيها، فَناظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فاتَّقُوا الدُّنْيا، واتَّقُوا النِّساء ".

وأما قوله: (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) فإن أهل التأويل قالوا في تأويله نحو قولنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو عاصم العسقلاني، قال: (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) قال: أترك لها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) اختبارا لهم أيهم أتبع لأمري وأعمل بطاعتي.

وقوله: ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) يقول عز ذكره: وإنا لمخرّبوها بعد عمارتناها بما جعلنا عليها من الزينة، فمصيروها صعيدا جرزا لا نبات عليها ولا زرع ولا غرس، وقد قيل: إنه أريد بالصعيد في هذا الموضع: المستوي بوجه الأرض، وذلك هو شبيه بمعنى قولنا في ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، وبمعنى الجرز، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، فال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) يقول: يهلك كلّ شيء عليها ويبيد.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( صَعِيدًا جُرُزًا ) قال: بلقعا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

< 17-600 >
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) والصعيد: الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) يعني: الأرض إن ما عليها لفان وبائد، وإن المرجع لإليّ، فلا تأس، ولا يحزنك ما تسمع وترى فيها.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( صَعِيدًا جُرُزًا ) قال: الجرز: الأرض التي ليس فيها شيء، ألا ترى أنه يقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا قال: والجرز: لا شيء فيها، لا نبات ولا منفعة، والصعيد: المستوي. وقرأ: لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا قال: مستوية: يقال: جُرِزت الأرض فهي مجروزة، وجرزها الجراد والنعم، وأرَضُون أجراز: إذا كانت لا شيء فيها ، ويقال للسنة المجدبة: جُرُز وسنون أجراز لجدوبها ويبسها وقلة أمطارها، قال الراجز:

قَدْ جَرَفَتْهُنَّ السُّنُونَ الأجْرَازْ

يقال: أجرز القوم: إذا صارت أرضهم جُرُزا، وجَرَزوا هم أرضهم: إذا أكلوا نباتها كله
.[/font]

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 144 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 6, 7, 8, 9, 10  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط