سيدى عبد الرزاق الوفائى
(.... – 592 هـ )
يقول على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية ج 7 ص 70
هذا المسجد أمام مسجد النبى دانيال جدد بنائه ناظره أحمد النقيب سنة 1280 وهو أمام مسجد النبى دانيال فى ذلك الوقت * يقع بحى الانفوشى وهو مبنى على الطراز الاندلسى له ، وقد كان سيدى عبد الرازق الوفائى صاحب المقام المعروف بالإسكندرية يلقى الدرس ذات مرة فحدث بحديث عن رسول الله فقام صبى حديث السن وقال هذا ليس بحديث، فقال سيدى عبد الرازق ولكن هذا الحديث فى كتاب كذا ورواه فلان عن فلان فقال الصبى ولكنه ليس بحديث فقال سيدى عبد الرازق للصبى هل جئت لتتعلم أم جئت لتُدَرِّس؟ وما سندك أنه ليس بحديث شريف؟ فقال الصبى لأنى أرى المصطفى يقف بجانبك ويقول لم أقل هذا الحديث، ثم انطلق الصبى مُهرولا إلى الشارع والشيخ يجرى خلفه.وهذه رواية الأولياء الصالحين عن النبى فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله (من رأنى فى المنام فسيرانى فى اليقظة ولا يتمثل الشيطان بى(
*يقول النسابة حسن قاسم فى مقاله بمجلة هدى الإسلام العدد السابع فى يوم الجمعة 20 رمضان لعام 1355هـ
المواقف 4 ديسمبر لعام 1936 م وكان بمثابة رسالة وهذا مضمونها : )*
إلى أخى الأستاذ البحاثة الشيخ بشير شندى أمين المكتبة البلدية بالاسكندرية( أكتب ) هذه الكلمة عن السيد عبد الرازق المدعو بالوفائى لمناسبة ذكراه القائمة الآن ، وسيرى فيها متعة * الذين يريدون الوقوف على حقيقة اخباره إذا طالما تشوقت وتشوقت النفوس إلى ذلك من أمد بعيد * وأبى الله إلا أن تكون فى هذا الظرف * الشيخ عبد الرازق هذا حقيقة مجهول فى التاريخ المصرى من معالم الاسكندرية بل مشكلة من المشاكل التى لم يهتد كثير من الناس ، ولست الآن بصدد ذكر الأسباب الداعية لذلك * غير أنى أقول : إن الشيخ عبد الرازق هذا هو * عبد الرازق المكنى بأبى محمد بن عبد الله بن شعيب بن الحسين بن عبد الرازق بن أبى بكر بن عبد الجليل الأموى اليحياوى المصمودى الجزولى أنحدر من سلالة أموية نزلت بالأندلس فى مدة حكم بنى أمية وانحاز بعضهم إلى بلاد(1) المصامدة الواقعة فى غربى جبل درن(2) ( الأطلس ) وشرقى بلاد تينملل(3) وقد مكث بها آباؤه إلى ان انتقل أبوه الى بلاد السوس الاقصى (4) فسكنا جزولة أو قزولة القبيلة المشهورة من قبائل البربر المغاربة بالسوس ولما استولد بها المذكور هاجر بعد بلوغه سن التمييز الى شاطبة (5) فسكنها وبها تقلى علومه وأتمها ثم أراد الاستزادة فهاجر منها إلى عدة بلاد بالمغرب الأقصى الى ان أستقر قراره بمدينة بجاية (6) فسكنها وصحب بها الشيخ أبامدين شعيب بن الحسين الأنصارى(7) القرطبى دفين تلمسان بالعبادة سنة 594هـ فلازمه مدة طويلة واخذ عنه طريق التصوف وقد احبه شيخه المذكور وقدمه وزوجه جارية له كانت ( مصمودية أيضا ) وذلك نزولا عن رغبة شيخه ( أبو )(8) يعزى آل النور الهزميرى المدفون بتاغيا من ابرجان سنة 572هـ فإنه هو الذى أشار عليه بزواجها له فرزقه الله منها بمحمد ولده الذى كان به يكنى ومازال فى خدمة شيخه المذكور الى أن رام السفر الى المشرق فاستأذنه فأذن له فدخل مصر سنة 575هـ وسافر إلى الاسكندرية فنزل بالمدرسة الصوفية بظاهرها وهى الآن المدرسة التى كانت لأبى الطاهر اسماعيل بن (9) عوف أحد كبار علماء الاسكندرية وشيخ مالكيتها فى القرن السادس الهجرى المتوفى سنة 581هـ وقبره بها وقبور أولاده وأحفاده إلى الآن وما برح نزيلها حتى توفى أبو الطاهر المذكور فانتقل منها الى الاسكندرية وابتنى له زاوية فى ذلك التاريخ سنة 581هـ ومازال مقيما بها ذاكرا ومذكرا حتى توفى سنة 592هـ فى حياة شيخه أبو مدين وحينما بلغه نعيه وجد عليه وجدا كثيرا – فدفنوه أصحابه بزاويته ، وبعد مرور فترة من الزمن أمر قاضى الاسكندرية أبو الوفاء صادق بن عبد الله بن كامل الأنصارى الوفائى باعدة بنائها وبناء ضريح للشيخ عبد الرازق واستبدالها بمسجد للصلاة فنفذ ذلك فى أوائل القرن السابع فى سنة 604 هـ وكان لهذا القاضى اعتقاد حسن فى الشيخ وكان يحضر عليه فى الزاوية لسماع ميعاده ولهذا السبب عرف المسجد بالوفائى والضريح بسيدى عبد الرازق ومع مرور الزمن صارا شيئا واحدا مع ما بينهما من التباين الذى ببناه – وقد لا نذكر اكثر من ذلك وحسبنا أننا بينا من هذه الشذرو حلقة مفقودة من تاريخ الاسكندرية لأول مرة *
( حسن قاسم )
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
التعليق :
(1) المصامدة: نسبة إلى قبيلة بالمغرب الأقصى، فيه موضع يعرف بهم، الحموي، معجم البلدان، (5/136)
(2) درن: جبل بالمغرب مشهور يعرف بسقنقور، وهو جبل عظيم معترض في الصحراء، يقطع من المغرب إلى المشرق، ومبدؤه من البحر المحيط في أقصى السوس ويمر مع الشرق مستقيما حتى يصل إلى جبال نفوسه، ويسمى هناك بجبل نفوسه(113)
(3 ) تينملل اسم قرية صغيرة تقع وسط المجرى الجبلي لنهر نفيس أحد روافد نهر تانسيفت، وتقع على بعد حوالي 100 كلم جنوب غرب مراكش، على الطريق التي تربطها بتارودانت عبر الممر الجبلي المعروف (تيزي نتاست) وأقرب موقع لها هو تالات نيعقوب، وزاوية تاسافت، وقلاع القائد الكنتافي ومنازله، وتشتهر بوجود مسجد تينملل الموحدي الشهير في اراضيها
وقد ارتبطت شهرة تينملل بظهور محمد بن تومرت الارغني زعيم الموحدين وانطلاق حركة دعوة الدولة الموحدية بين جبالها، ضد الدولة المرابطية، واصبحت بعد تأسيس دولتهم مدينتهم المقدسة التي يحج اليها ملوكهم وانصارهم باعتبارها رمز التاسيس وموطن اضرحة المؤسسين
وقد ذكرها أغلب المؤرخين باسماء مختلفة ومنهم البيذق وابن القطان وابن خلدون والادريسي وصاحب الحلل الموشية وصاحب الروض المعطار وابن صاحب الصلاة وابن عذارى وصاحب التشوف وصاحب كتاب الاستبصار وليون الافريقي وصاحب رحلة الوافد **ويدل معنى اسم (تينملل) الأمازيغي على المزار أو المحج أو الحرم، وكانت تعرف به قبل مجيء ابن تومرت اليها، لأنها كانت موجودة قبل قيام الحركة الموحدية، وكانت مزارا مقدسا تعقد فيه العهود والمواثيق بين القبائل المجاورة، مما جعل ابن تومرت أيضا يختارها لتكون نقطة انطلاق سعيه لتوحيد مصامدة جبل درن (أدرار ندرن)
(4 )السوس الأقصى كان يطق هذا الاسم قديما على سهل سوس الحالي وهي منطقة جغرافية تقع جنوب المغرب تنتمي إلى جهة سوس ماسة درعة، تحده سسلسلة جبال الأطلس الكبير من الشمال وسلسلة جبال الأطلس الصغير من الشرق والجنوب والمحيط الأطلسي من الغرب.
منطقة شبه جافة تدخل ضمن المناطق المهددة بالتصحر في المغرب. سكانها من الأمازيغ الشلوح, ثمتل ربع مساحة المملكة تشتهر بتواجد غابات الأركان النادر كما تشتهر أيضا بالفلاحة وتتكون من عدة أقاليم ومدن أبرزها: أغادير عاصمة السوس الأقصى, تارودانت, تزنيت, إنزكان, أيت ملول, ورزازات, زاكورة
( 5 )ةشاطبة (Játiva بالإسبانية وXàtiva بالبلنسية) هي مدينة إسبانية تقع في مقاطعة بلنسية وفي حوض نهر البيضاء شرقي إسبانيا. أسسها الإبيريون وكانت تسمى إبي، تيبي أو سايتي ازدهرت في الفترة الإغريقية والفترة الفينيقية. أطلق الرومان عليها اسم سايتابيس Saetabis ثم لقّبت بالأغسطية Augusta على شرف الإمبراطور الروماني. كما كانت لها أهمية كبرى في الفترة الفيسقوطية وحضر أساقفتها مجامع طليطلة. عرفت المدينة في الفترة الإسلامية ازدهارا كبيرا وعُرفت في جميع أوروبا كمهد صناعة الورق. وأفرز العديد من العلماء أمثال:
(6) بجاية مدينة عريقة تاريخية جزائرية أسسها الناصر بن علناس ابن حماد بن زيري أحد ملوك بني حماد وبالأخص آل زيري في الشمال الإفريقي في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، لذا تسمى أيضًا الناصرية نسبة إليه. عرفت المدينة أيضًا باسم بوجاية، وهي التي بنى فيها الناصر قصر اللؤلؤة أعجب قصور الدنيا آنذاك ونقل إليها الناس وامتاز عهده فيها بالأمن والاستقرار
(7) آل مدين * رأس هذه الأسرة شعيب بن حسين الأندلسي الزاهد أبو مدين 514 - 593 للهجرة . المعروف ب أبو مدين التلمساني شيخ أهل المغرب توفى سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ب تلمسان.جال وساح، واستوطن بجاية مدة، ثم تلمسان. ذكره ابن الآبار وأثنى عليه، قال: " مات في نحو التسعين وخمسمائة بتلمسان، وكان من أخره كلامه: " الله الحي!، ثم فاضت نفسه
" . وقال محي الدين بن العربي: كان سلطان الوارثين أخاه عبد الحق، وكان إذا دخل عليه وجد حالة حسنة سنية، فيقول: " وهذا وارث على الحقيقة! ومن علامات صدق المريد - في بدايته - انقطاعه عن الخلق، أو فراره؛ ومن علامات صدق فراره عنهم وجوده للحق؛ ومن علامات صدق وجوده للحق رجوعه للخلق " والشيخ أبى مدين التلمساني المغربى من أعيان مشايخ المغرب في القرن السادس الهجرى، وكان يعرف في بلاد المغرب باسم الشيخ شعيب، وكان جميل الخلقة متواضعا زاهدا ورعا محققا ظريفا متحليا بكل مكارم الأخلاق، فأجمعت المشايخ على تعظيمه وإجلاله وتأدبوا بأدبه وكثر تلاميذه ومريدوه وذاعت شهرته في كل شمال أفريقيا. وقد نشأ الشيخ شعيب في بلدة بجاية بالمغرب الأقصى وأنجب ولده مدين هناك فعرف بأبى مدين، وظل يمارس الوعظ والإرشاد في جامع البلدة ومدرستها حتى بلغ الثمانين من عمره وعرف في كل بلاد المغرب، وسمع به أمير المؤمنين أحد أحفاد الأدارسة ، وخليفة المغرب الأقصى في ذلك الوقت وكان موجودا بمدينة تلمسان فأرسل في طلبه. ويقص علينا الشعرانى وغيره من مؤرخى الطبقات قصة ذهابه إلى تلمسان فيقول: وكان سبب دخوله تلمسان أن أمير المؤمنين لما بلغه خبره أمر بإحضاره من (بجاية) ليتبرك به، فلما وصل الشيخ شعيب إلى تلمسان، قال: مالنا للسلطان، الليلة نزور الإخوان، ثم نزل وذهب إلى المسجد الجامع هناك، واستقبل القبلة وتشهد وقال: ها قد جئت ها قد جئت، وعجلت إليك رب لترضى، ثم قال: الله الحى ، ثم فاضت روحه إلى بارئها قبل أن يرى السلطان ".ومن أقوال الشيخ أبى مدين المأثورة : ليس للقلب إلا وجهة واحدة متى توجه إليها حجب عن غيرها وكان يقول :الغيرة أن لا تعرف ولا تعرف وأغنى الأغنياء من أبدى له الحق حقيقة من حقه وأفقر الفقراء من ستر الحق حقه عنه.وبعد وفاة الشيخ شعيب حوالى سنة 580هجرية وقيل 593هجرية جاء ولده مدين إلى مصر واستقر في مدينة طبلية من أعمال المنوفية وكان عند مجيئه من تلمسان بالمغرب فقيرا معدما لا يملك شيئا. ولكن صلاحه وورعه و تقواه جعل أهل طبلية يلتفون حوله، وأكرموا وفادته و تفانوا في حبه حتى أنه عندما أراد الرحيل إلى بلد أخر لم يمكنوه من الخروج من بلده طبلية حتى مات. أما ولده أحمد أبو مدين الأشموني الذى ذهب إلى أشمون بعد وفاة والده وكان وليا صالحا كوالده وجده فاحبه الناس وكانوا يترددون عليه لتبرك به وعرف بالأشمونى أما ولده مدين بن أحمد الأشموني فقد أشتغل هناك بالعلم حتى صار يفتى الناس وقد أسلم على يديه كثير من بيوت النصارى بأشمون منهم أولاد إسحاق الصديرية والمقامة و المساعنة وهم مشهورون في أشمون. ولم يقنع شيخنا مدين بن أحمد الأشمونى بما حصل عليه من علم في أشمون فسأل كبار الفقهاء والشيوخ النصح والمشورة فلما عرفوا منه أنه يريد الطريق إلى الله تعالى و اقتفاء آثار القوم أشاروا عليه أن لابد له من شيخ، فخرج إلى القاهرة وقد وافق خروجه مجئ الشيخ محمد الغمرى يبحث هو الآخر عن شيخ له، وهنا يحدثنا الشعرانى عما حدث لهما إذ يقول: فسألوا عن شيخ يأخذون عنه من مشايخ مصر فدلوهما على سيدى محمد الحنفى الموجود ضريحه ومسجده الآن بحى الحنفى ب السيدة زينب فبينما هما في شارع بين القصرين (الصاغة الآن) وإذ بشخص من أرباب الأحوال قال لهما: ارجعا ليس لكما نصيب الآن عند الأبواب الكبار، ارجعا إلى الشيخ الزاهد، فرجعا إليه فلما دخلا عليه، تنكر لهما ولكنه سرعان ما رضى عنهما ولقنهما العلم وأخلاهما (أى أعطاهما خلاوى للإقامة بها). ويضيف الشعرانى فيقول: ففتح الله على سيدى مدين بن أحمد بن مدين بن شعيب رضى الله عنه في ثلاثة أيام وأما سيدى محمد الغمرى فأبطأ فتحه نحو خمس عشرة سنة.ولما توفى الشيخ الزاهد ذهب الشيخ مدين إلى سيدى محمد الحنفى وصحبه وأقام عنده مدة في زاويته مختليا في خلوة حتى إذا ما وضع قدمه على أول الطريق، طلب من الشيخ محمد الحنفى إذنا بالسفر إلى زيارة الصالحين بالشام وغيره ، فأعطاه الشيخ محمد إذنا ،فأقام مدة طويلة سائحا في الأرض لزيارة الصالحين ،ثم رجع إلى مصر فأقام بها واشتهر وشاع أمره وانتشر و قصده الناس واعتقدوه وأخذوا عليه العهود ، وكثر أصحابه ومريدوه في إقليم مصر وغيرها. ولما بلغ أمره الشيخ أبو العباس المرسى خليفة الشيخ محمد الحنفى قال : لا إله إلا الله ظهر مدين بعد هذه المدة الطويلة ،والله لقد أقام عند سيدى في هذه الزاوية نحو الأربعين يوما حتى كمل ومن هنا نرى أن الشيخ محمد أخذ أول الطريق عن الشيخ الزاهد وانتهى عند الشيخ محمد الحنفى ، ولذلك قيل كان رضاعه على يد الشيخ الزاهد وفطامه على يد سيدى محمد الحنفى. ولما مات الشيخ مدين سنة 851 هجرية دفن في زاويته التى أقيم عليها مسجده الموجود حاليا في خط باب الشعرية بداخل حارة مدين وبه ضريح سيدى مدين ويعمل له مولد كل سنة ومنافعه كاملة وشعائره مقامه ويتكون ضريح الشيخ مدين من حجرة مربعة الشكل بأركانها العليا مقرنصان كانت تعلوها في الأصل قبة سقطت وأقيم بدلا منها سقف خشبى مسطح. وفى وسط الحجرة توجد المقبرة وفوقها تركيبة خشبية عليها كسوة من القماش ويعلو المدخل الرئيسى للمسجد الذى يقع في الجهة الغربية المئذنة وهى تتكون من أربع دورات :الدورة الأولى والثانية ترجعان إلى القرن التاسع الهجرى أى إلى عصر الشيخ مدين.أما الدورتان الثالثة والرابعة فتجديدات ترجع إلى العصر العثمانى
(8) سيدي الشيخ أبي يعزى يلنور بن ميمون بن عبد الله الهزميري . كان بربري اللسان، أميا، أسود البشرة لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة والإخلاص والمعوذتين، ومع ذلك كان يرد على من يخطأ في تلاوة القرآن. ومعنى أبي يعزى أي العزيز ومعنى يلنور أي صاحب النور وأصلها يلا النور بالبربرية . كان من معاصري الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي قال عنه " لا أعلم أحدا في عصري مثلي غير رجل أسود بالمغرب يكنى بأبي يعزى ويسمى يلنور" وقال عنه أبو علي الصواف " رأيت أخبار الصالحين من زمان أويس القرني إلى زماننا فما رأيت أعجب من أخبار أبي يعزى ". كان في بداية أمره يرعى الغنم ويكتفي بأكل الحشيش ليعطي أرغفة الخبز التي يتقاضاها لطالبي العلم . ثم انقطع للعبادة حيث قضى بها عشرين سنة في الجبل وثمانية عشر سنة في السفح قبل أن يعرف عنه أي شيء. ثم تجند لخدمة أشهر شيوخه مولاي بوشعيب الزموري حيث كان يقوم بأعمال الخادمة يطحن ويعجن و يخبز ويسقي الماء بالليل ويختفي في النهار، حتى قالت زوجة الشيخ مولاي بوشعيب ما رأيت كهاته المملوكة تعمل بالليل ولا تظهر بالنهار. فلما أخبرها الشيخ عن حقيقته حلفت أن لا يخدمها بعد ذلك أبدا. ومن أبرز كراماته أنه كان يكاشف بذنوب العباد ويفضحهم بها ليتوبوا . ومن أبرزها أيضا أن الأسود كانت تتجمع عليه من كل ناحية فلما اشتكى له الناس ذلك أمر أحد الخدم أن ينادي في السباع بالرحيل، فكانت السباع ترى تحمل أشبالها وتغادر المنطقة. عمر الشيخ لأكثر من 130سنة حيث مات سنة 592 وضريحه شهير بمدينة مولاي بوعزة المغربية التي تحمل اسمه . أما شيخه فهو : سيدي الشيخ أبى الحسن علي بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن حرزهم المشهور باسم سيدي حرازم
(9) ترجمة إمام المالكية الإمام صدر الدين أبي الطاهربن عوف وابنه أبي الحرم مؤلف العوفية شرح تهذيب المدونة في ستة وثلاثين مجلدا ضخما في الفقه المالكي وشرح ابن الجلاب في عشرمجلدات
=====================================================
فى مجلة هدى الاسلام تحت عنوان للحقيقة والتاريخ
نبذة تاريخية عن مسجد سيدى عبد الرزاق الوفائى – باسكندرية
نضع هذه النبذة تصحيحا لما جاء بمذكرة وزارة الأوقاف عن هذا المسجد الذى وضعها فى شهر يوليو الماضى بمناسبة صلاة جلالة الملك الجمعة فيه .
(1)
بيد أننا قبل البدء بذكر هذه النبذة يحسن بنا مناقشة ما جاء فى هذه المذكرة فنقول ، جاء فى الصفحة الأولى وما بعدها عن سيدى عبد الرزاق هذا أنه أحد سلالة السادة الوفائية وأن هذه السلالة كان يرأسها سيدى على وفاء الكبير الأسكندرى المولود فى سنة 702 والمتوفى سنة 765 وأن سيدى عبد الرزاق الوفائى يكنى بأبى العطاء وأخوه أبو الفضل .
وقد توفى بالأسكندرية فى شوال سنة 1005 كما جاء فى كتاب السادات الوفائية للسسيد توفيق البكرى وأن الشهاب أحمد بن العجمى له فى كتابه عنوان السعادة الأبدئية وقال إنه روى الحديث عن أئمة أعلام منهم الشيه أبو النجا سالم بن محمد السنهورى .
( 2 )
هذا كل ما جاء فى هذا التذكار التاريخى بخصوصه وإنا لموردون هنا ملاحظاتنا على ما ذكر فيما يلى :-
أولا : إن عبد الرزاق الوفائى صاحب هذا المسجد لا يمت إلى السادة الوفائية بأية صلة كانت بعيدة أم قريبة وقد عاش فى عصر تقدم على عصر الوفائية بكثير سيتبين معنا
ثانيا : إن هذه السلالة كان يرأسها سيدى محمد وفا لا سيدى على وفا المولود سنة 761 والمتوفى سنة 807 وهذه السلالة قد نسبت الى مدينة الأسكندرية لنزول عميدها الأول بها وهو السيد محمد النجم الصفاقصى صاحب الضريح المعروف بسيدى محمد الشريف بحارة البلقطرية تجاه مسجد سليمان المعروف بمسجد عبد المنعم بك الدليل بشارع السكة الجديدة وهو الذى ينتهى اليه نسب هؤلاء السادة
ثالثا : إن المذكور فى بيت السادة الوفائية للببكرى ص 89 – 38 – لا يفيد وفاة عبد الرزاق هذا بالأسكندرية – بل بالعكس يفيد وفاته بالقاهرة ودفنه بمشهد أسلافه وهو ما تؤيده مصادر أخرى للسيد مرتضى وغيره .
رابعا : إن المذكور فى ثبت للشيخ احمد بن العجمى الكبير الموسوم بعنوان السعادة الأبدية ومختصره لا يفيد ما ذكر أيضا .
فهو يترجم فى كليهما لشيخه أبى الأسعاد يوسف بن أبى العطا ء عبد الرزاق بن وفا المولود سنة 954 المتوفى بالقاهرة سنة 1051 قال وقد أخذت طريق السادة الشاذلية عنه وعن أخيه أبى الاكرام عبد الفتاح بن أبى العطاء عبد الرزاق بن وفا ثو ساق سنده عنهما إلى جدهما محمد وفا ومنه إلى الشاذلى ومشايخه – ثم وصفه بالعلم والدراية فى الحديث وغيره وذكر من شيوخه أبا الندا سالن السنهورى المذكور ( راجع ورقة 41 من صدر المذكور ) *
فيأتى من هذا أن العجمى لم يترجم لعبد الرزاق المتوفى سنة 1005 بل ترجم لابنه بحكم مشيخته عليه ومحال أن يكون كذلك والعجمى قد ولد سنة 1014 وطلب العلم سنة 1027 كما يقول هو ذلك عن نفسه – كما استحيل أيضا أجتماع عبد الرزاق بأبى النجا سالم بن محمد السنهورى عالم مصر ومفتى مالكيتها المتوفى سنة 1015 ولو ان الزمن لا يحيل ذلك لكن ليس لدينا ما يؤيده والذى توطأ عليه الاجماع وثبت ثبوتا لا بحال لذلك فيه هو اجتماعه بابنه فقط *
ولزيادة الايضاح نقول إن عبد الرزاق هذا هو ابن ابراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الشهيد بن احمد بن محمد وفا رأس هذه السلالة *
توفى سنة 1005 وأخوه هو أبو الفضل محمد بن ابراهيم توفى سنة 1008 وقد دفن كلاهما بمشهد أسلافهما بمسجد الساداتالوفائية بالقرافة بسفح المقطم ونمت عبد الرزاق آخر من هذه السلالة وهو عبد الرزاق بن عبد الفتاح بن عبد الرزاق المذكور آنفا والمفهوم مما ذكره البكرى فى ترجمة السيد أبى الفضل بن وفا ص 38 يفيد أنالمذكور فى عنوان السعادة الأبدية هو أبو الاسعاد يوسف بن عبد الرزاق ] راجع هذه العبارة بتأمل [ ومنعا لهذا الخلاف وتنميها للفائدة المرجوة من هذا البحث نقول إن فرق السادة الوفائية فى مصر تزيد عن واحدة فمنها هذه الفرقة وهى أشهر ما ذكرا وينتهى نسبها إلى إدريس بن أدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب فى قول السيد مرتضى – وفى داود بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب فى قول المقدسى وجمهرة من علماء النسب وفى بطن من البطون فى قول بعضهم ومنها وفائية دكرنس وطنطا وحلب والقدس سلالة السيد بدر الوفائى المدفون بظاهر القدس
وجدهما الأعلى هو أبو الوفا تاج العارفين المدفون بقلمينا سنة 505 المنتهى نسبه فى زيد الشهيد بن على زين العابدين
ومن هذا الفرع الشيخ أبو بكر الوفائى المدفون بالزاوية الوفائية خارج مدينة حلب
والسيد سليمان الوفائى المدفون بدكرنس مع ثلة من أولاده والسيد على البدرى المدفون بكوم الدكة بالاسكندرية والسيد محمود الوفائى المدفون بقرافة طنطا وأبو الفتح الواسطى المدفون بجامعه بشارع جامع الواسطى بالاسكندرية وهو غير أبى الفتح الواسطى الآخر صاحب الجامع المشهور بأبى الفتح بشارع رأس التين والسيد بدر الدين بن النقيب الوفائى المدفون بمسجده بمنطقة بدر الدين يشارع القصاصين بالقاهرة
ومنها وفائية أسيوط وشنوان والبرلس واسنا وسلالة السيد على الصلاحى الوفائى المنتهى نسبه فى الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ومن هذه السلالة السيد محمد الصلاحى الوفائى أحد علماء القرن التاسع المدفون بمسجد قراقجا الحسنى بدرب الجماميز بالقاهرة
ومنها لوفائية السليمانية أشراف ينبع والطائف وصفاقص وبيت من سنوان وقد يكون منها على الغالب السيد محمد النجم المندفون بالأسكندرية عميد آل وفا وهى كما قلنا انتهى فى داود بن موسى واليها يمت السيد على الكراى الوفائى المدفون بصفاقص ، ومنها الوفائية الناصرية سلالة على العابدين الحسن المثلث بن الحسن المثنى واليهايرفع نسب السيد ناصر الدين الوفائى المدفون بجامع شرف الدين الكردى بالحسينية المتوفى سنة 932
ومن ىثاره السبيل الكائن بشارع الباطنية ن 28 الذى نسبه على مبارك باشا فى خططه ، ولهذه الفرقة نسب وصهر بآل وفا المذكورين ( راجع الجبرتى )
وراجع تفصيلات واسعة عن هذه الفرق فى رسالتنا ( مشاهد الأشراف بمص والممالك الأسلامية هذه هى فرق الوفائية الأشراف وإنك لتجد فى كل فرقة منها التعريف عن أفرادها بالوفائى عدا الفرقة الأولى فان التعريف الفردى عندهم بابن وفا وان يظهر من ذلك شىء فسبق قل أو سهو من الكاتب
هذا أهم ما ألاحظه على ما جاء بهذه المذكرة ، اما وقد ذكرتها بنوع من الأيجاو فأقول بعد إن سيدى عبد الرزاق هذا هو الشيخ عبد الرزاق بن عبد الله بن شعيب بن الحسين بن عبد الرزاق بن أبى بكر بن عبد الجليل الأموى اليحياوى المصودى الجزولى يكنى بأبى محمد انحدر من سلالة أموية نزلت بالأندلس فى مدة حكم بنى أمية وانحاز بعضهم إلى بلاد المصامدة الواقعة فى غربى جبل درن ( الاطلس ) شرقى بلاد تينمان فنسبوا إليها وقد مكث بها آباؤه إلى أن انتقل أبوه إلى بلاد السوس الأقصى فسكن جزرية القبيلة المشهورة احدى قبائل البربر فما برح بها حتى استولد بها ولده عبد الرزاق فهاجر به إلى شاطبة فسكنها حتى مات فنشأ بها وطلب العلم حتى حصل منه على نصيب وافر ثم بدا له أن يتصوف فطلب شيخا فقيل له عن أبى مدين فبعد رحلات طويلة قصده فى سنة 570هـ ومن ثم التفى به وسلك طريقه وصار من خواص اصحابه والصق الناس به فأحبه أبو مدين وقربه اليه وزوجه جارية حبشية كانت لشيخه ابى يعزى ال النور بن ميمون الهزميرى المدفون بناحين من ابروجان المتوفى سنة 572 هـ وقال له انها سوف تربى لك ابنك محمد أو قال انك سترزق منها بمحمد أو ما يقرب من هذا لكنه رغم ذلك لم بين بها لسوء خلقها فبلغ ذلك الشيخ عبد الرزاق فطلبها منه فأبى عليه لذلك السبب ولكنه عاود طلبه تحقيقا لرغبته فتزوجها الشيخ عبد الرزاق على كره منه ومن شيخه كذلك اذ كان يعلم أن الصامدة قلياين اخلاقهم وعوائدهم هم الأحباش لكن الشيخ عبد الرزاق تغلب على رواة شيخه وتكفل له بتقويم معوجها وقد قصد بذلك تحقيق نبوءة الشيخ أبى يعزى تربيتها ابن الشيخ أبىمدين إذ كانت أمه قد ماتت وتركته فقامت بتربيته حتى مات غير متجاوز العقد الاول من عمره فى سنة 575 فما توجه الشيخ الى مصر اسطحبها منه فكانت تريه ألوانا من العذاب وهو صابر عليها لكنه كان يضيق ذرعا فى غالب الاحيان فرآه الشيخ موسى الهروى يوما وكان اذ ذاك فقال له أنت يا عبد الرزاق وضع الله لك التسليم فى قلوب أهل الشرق والغرب وسخرهم لك الا عجوزا واحدى لم تقدر على الصبر على خلقها وقد كانت هذه الكلمة لها أثرها فى نفس الشيخ عبد الرزاق فتحمل ما نال بصدر رحب حتىاستقام عوجها وحسن خلقها وسارت مضر المثل وقد رزق منها بولده محمدا الذى كان به يكنى وحينما هاجر الشيخ من المغرب الى المشرق قدم مصر وسافر منها إخميم وقد استقر به زمن كان يسكن فيها برباط ذى النون المصرى وقد زار فى هذه المدة قنا وقابل الشيخ عبد الرحيم بن أحمد بن حجون الغمارى الحسينى المعروف بالقنائى المتوفى سنة 592 كما تعرف الى غيره من مشايخ الصعيد ثم استقر بالأسكندرية بالمدرسة العوفية بالرمل وهى التى كانت لأبى الطاهر اسماعيل بن عوف أحد كبار علماء الأسكندرية وشيخ مالكيتها فى القرن السادس الهدرى المتوفى سنة 581 فما برح نزيلها حتى توفى أبو الطاهر المذكور فانتقل منها الى زاوية بنيت له عرفت برباط عبد الرزاق – فمازال مقيما بها ذاكرا للمذاكرة الما مدرسة حتى توفى فى سنة 592 فى حياة شيخه أبى مدين فدفنوه أصحابه فى زاويته المذكورة وقد كان من كبار المشايخ – كما يولى التادلى فى التشوف وقد أوسع فى ذكر كراماته وحكى منها أنواعا .
يقول الإمام عبد الوهاب الشعرانى فى الطبقات
كان سيدى الشيخ عبد الرزاق الذى بالاسكندرية وقبره من أجل أصحاب سيدى الشيخ أبى مدين المغربى شيخا للشيخ أبو الحجاج الأقصرى رضى الله تعالى عنهم
( مقال بمجلة هدى الاسلام سنة 1936 – كتاب التشوف الى رجال التصوف للتادلى – الطبقات الكبرى للشعرانى – مشاهد الأشراف )