المهاجرة كتب:
حدثنا عمر بن حفص البزاز، حدثنا إسحاق بن الضيف، حدثنا جعفر بن عون قال سمعت مسعرا يقول:
ومُشَيِّدٍ داراً لسكن داره ... سكن القبور ودارَهُ لم يسكن
وأنشدني ابن زنجي البغدادي:
لو أنني أعطيت سؤلي لما ... سألت إلا العفو والعافية
فكم فتى قد بات في نعمة ... فسُلَّ منها الليلةَ الثانية؟
حدثنا حمزة بن داود بن سليمان، بالأبلة، حدثنا ذهل بن أبي شراعة القيسي، قال: حدثني سُكَينة - وكانت علامة - قالت: قال لي أبو العتاهية: دخلت على هارون أمير المؤمنين، فلما بَصُرَ بي قال: أبو العتاهية؟ قلت: أبو العتاهية، قال: الذي يقول الشعر؟ قلت: الذي يقول الشعر. قال: عظني بأبيات شعر، وأوجز، فأنشدته:
لا تأمن الموت في طرف ولا نَفَسٍ ... ولو تمنعت بالحجَّاب والحرس
وأعلم بأن سهام الموت قاصدة ... لكل مُدَّرِعٍ منا ومتَّرس
ترجو النجاة، ولم تسلك مسالكها؟ ... إن السفينة لا تجري على اليبس
قال: فخر مغشيّاً عليه، أو كما قال.
حدثني عمرو بن محمد، حدثنا الغلابي، حدثنا أبو جعفر البغدادي قال: قرأت على باب قصر بالسند:
نزل الموت منزلا ... سلب القوم وارتحل
فقلت ما هذا؟ فقالوا: مات أهل القصر كلهم، فأصبحوا وهذا الكتاب على الباب لا يدري من كتبه، وأنشدني البسامي:
قد يصبح المريض بعد إياس ... كان منه ويهلكُ العوّاد
يُصَاد القطا فينجو سليما ... بعد هُلْك، ويهلِكُ الصَّياد
قال أبو حاتم رضي الله عنه: العاقل لا ينسى ذكر شيء هو مترقب له، ومنتظر وقوعه من قدم إلى قدم، ومن لحظة إلى شزرة، فكم من مكرّم في أهله، معظم في قومه، مبجل في جيرته، لا يخاف الضيق في المعيشة، ولا الضّنك في المصيبة، إذ ورد عليه مذلل الملوك، وقاهر الجبابرة، وقاصم الطغاة، فألقاه صريعاً بين الأحبة وجيرانه، مفارقاً لأهل بيته وإخوانه، لا يملكون له نفعاً، ولا يستطيعون عنه دفعاً. فكم من أمة قد أبادها الموت، وبلدة قد عطلها، وذات بعل قد أرملها، وذي أب أيتمه، وذي اخوة أفرده.
فالعاقل لا يغتر بحالة نهايتها تؤدي إلى ما قلنا، ولا يركن إلى عيش مغبتة ما ذكرنا ولا ينسى حالة لا محالة هو مُوَاقعها، وما لاشك يأتيه، إذ الموت طالب لا يعجزه المقيم ولا ينفلت منه الهارب.
يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً دائما ابدا
جهد مشكور وعمل مبرور بارك الله فيكم
ـــــــــــــــــــــــــ
(( اللّهُمّ صلِّ على سيِّدِنا مُحمّدٍ
(م) الْملاذِ الأفْخم*
(ح) حارفِيهِ كُلُّ مُغْرم*
(م) منْجاةِ الْهالِكِين *
(د) دلِيلِ الْحائِرِين*
فصلِّ اللّهُمّ عليْهِ فِي كُلِّ لمْحةٍ ونفسٍ وحين*
بِقدْرِعظمةِ ربِّ الْعالمِين*
وعلى آلِهِ وصحْبِهِ وسلِّمْ تسْلِيمًا كثِيرًا
والْحمْدُ للهِ ربِّ الْعالمِين ))