ومن الأدلة على ذلك :
منها قوله تعالى ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عن ربهم يرزقون﴾ (1).
وقوله تعالى ﴿ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون﴾ (2).
فدلت الآيتان على حياة الذين يقتلون في سبيل الله والقتل في سبيل الله عام يشمل الشهادة في الحروب وفي غيرها كما دلت الأحاديث والآثار على ذلك ثم إذا كان هذا حال الشهداء فماذا يكون حال الأنبياء عامة وحال نبينا خاصة وقد جمع الله له بين الشهادة والنبوة؟ لا شك انهم أدنى بهذه المزية منه.
ومنها قوله تعالى ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ (3)
ومنها حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»(4).
ومنها حديث أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء»(5).
ومنها حديث الإسراء المتواتر الذي ورد من طريق بضع وأربعين صحابيا(6) وفيه أنه صلى الله عليه وآله وسلم بهم جماعة وأن سيدنا آدم وغيره من الأنبياء دعوا لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأن سيدنا موسى عليه السلام طلب منه العودة إلى ربه ليطلب منه تخفيف الصلاة عنا حتى خففها الله من خمسين صلاة إلى خمس صلوات في اليوم والليلة فهذا كله دليل حياتهم في دار البرزخ أي القبر بل وحريتهم في الانتقال من مكان إلى آخر ودعاء سيدنا آدم وإرشاد سيدنا موسى لأمر تخفيف عدد الصلوات دليل نفعهم لنا وهم في الحياة البرزخية .
هامش :
(1) سورة آل عمران الآية (169).
(2) سورة البقرة الآية (154).
(3) سورة التوبة الآية (105).
(4) أخرجه أبو يعلى (3425) رمز السيوطي لحسنه، وأخرجه أيضا البيهقي في حياة الأنبياء (ص)3 وصححه والبزار في مسنده (233) (256) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/285) وابن عدي في الكامل (9/2) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/38) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8 برقم 13812) وذكره الحافظ في المطالب العالية (3452) وصححه المناوي إسناده صحيح ويشهد له حديث سيدنا أنس رضي الله عنه قال رسلو الله صلى الله عليه وآله وسلم مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر أخرجه مسلم (6107) والنسائي (631) وأحمد (3/148) وأبو نعيم في الحلية (6/253) وأبو يعلى (3325) وابن حبان (50) وابن أبي شيبة (14/307 ، 308) والسيوطي في الدر المنثور (4/150) .
(5) أخرجه أبو داود (1047) والنسائي (1373) وابن ماجه (1085) وأحمد (4/8) والدارمي (1535) وابن خزيمة (1733) وابن أبي شيبة (2/516) والبيهقي (3/248) والحاكم (1/278) وصححه ووافقه الذهبي والطبراني في الكبير (589).
(6) أخرجه البخاري (349) ومسلم (413) وأبو عوانة (1/133 - 135) والآجري في الشريعة ص (481 - 482).