السلام عليكم مولانا الشريف ارجو ان تكون بخير و كل عام و حضرتك بخير فعلا حضرتك تنير عقولنا و قلوبنا يا مولانا الشريف فجزاكم الله كل خير يا سيدنا عند حضرتك حق فعلا ان حماس "بتعك" و تورد الفلسطينين المهالك و تضعهم بين شقي الرحى , و تجبر شعب اعزل على حمل السلاح البدائي امام قوة مهولة , عامة انا ضد ما تفعله حماس و الغريب يا مولانا فعلا ان الاعلام يلمعهم و هو نفس الاعلام الذي تستضيف دوله الامريكان , على كل حال نسال الله ان يثبت هذا الشعب في هذه المحنة و ان يثبتهم على هذه المعركة الغير متوافقة , و يحفظ مصر من اي سوء او اي حرب او اي مجاعة بس فعلا عايز اقول حاجة بخصوص الحروب و المعارك انا باشوف القنوات الفضائية "العربية" تدعو للجهاد و غيره , و في سياق الحديث يتطرقون الى انه يجب على المسلمين ان يعدوا العدة للجهاد . مع ان المفروض يكون الحديث الاساسي يكون عن تقوية الاقتصاد و بناء بنية تحتية صناعية قوية تستطيع ان تبني البلاد و في نفس الوقت تكون قادرة على ادارة المعارك . و طبعا هذا غير موجود على الاطلاق في الدول العربية كلها بلا استثناء و بعدين في حاجة مهمة احب اقولها بس مش عارف الكلام ده صح دينينا و لا لا لما المسلمون حاربوا الفرس و الرومان كانوا اقل منهم عدة و عتاد و عدد و لكن ................ المسلمون كانوا يملكون الحد الادنى من البنية التحتية الصناعية العسكرية التى كانت تستطيع ان تصنع و بمعدل ثابت يناسب احتياجات الحروب بل الملاحم التى يدخلوها . يعني باختصار كا المسلمون يصنعون الحراب و السيوف و النبال و الاسلحة كلها التى كانوا يستخدموها و لكن كانت اقل عدد و كفاءة من عدة الفرس و الرومان و ان كان في بعض الاحيان السيوف اليمانية التى كان يفضلها خالد بن الوليد قوية جدا و القوس العربي افضل و اكثر اعتمادية من القوس الفارسي يعني المسلمين كانوا بيصنعوا نيجي لحماس و (مجاهدي) الشيشان هل يصنعون طائرات او دبابات او صواريخ او بارجات حتى لو كانت بكفاءة اقل ؟ هل يستطيعوا تصنيع رصاصة واحدة حتى ؟ اقصد رصاصة بنفس المقايس و السماحات الهندسية التى يستخدموها في بنادقهم ؟ بالتاكيد لا و اتحدى اذا هم لا يملكون الحد الادنى من البنية التحتية الصناعية التي كانت لدى المسلمون الاوائل طبعا اريد الا يفهم كلامي على اني لا اعترف بالجانب الايماني و لكني احاول ان اوضح العلم مكمل اساسي لسطوع شمس الايمان على هذه الارض و ارجو قراءت التالي بعناية و سنجد فيه ما يوضح ما اقصد : -----------------------------------------------------------------------
الحضارة العربية الاسلامية
عهد النبي صلي الله عليه و سلم
لعل من الاهمية بمكان الاهمام بدراسة تاريخ العلوم الفنون في حضارتنا العربية الاسلامية لان ذلك يشرح و يوضح لنا في شكل منحنى بياني صعود و ارتقاء و اضمحلال و تفكك الدول و لا اقول تفكك الحضارة العربية الاسلامية , و هذا يدفعنا لمعرفة العوامل التي ساعدت على قوتنا و العوامل التي ساعدت على ضعفنا . طبعا معروف ان الحضارة العربية الاسلامية بدأت من بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم , اما حضارة العرب بالمعنى القومي العرقي فقد بدأت مع بدء الخليقة حيث بدأت الحضارة في العراق ثم انتقلت لمصر ثم الفينيقيين ثم القرطاجيين الخ .., و و قد اشرنا الى ذلك في بداية البحث متمنيا ايضا ان يتم تكثيف البحث في هذه الفترة ايضا . غالبا ما يصور الاعلام العربي المتخلف لاعرب عند بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم على انهم مجموعة من البدو المتخلفين الذين ل يجيدون اي شيء غير عبادة و نحت الاصنام و طبعا هذا تسطيح ساذج و رؤية متخلفة من اعلام متخلف . ان العرب قبل السلام كانوا متخلفين و كفار عقائديا و متفرقين سياسيا و متحزبين قبليا و متعصبين عرقيا و كانوا ياكلون بعضهم البعض , بأختصار شديد كانت مشاكلهم مشاكل اجتماعية و سياسية و فكرية و أخلاقية و ممكن تلخيص كل ذلك في كلمة تخلف و وثنية دينية . لكن كل هذا لم يمنع ان تكون مكة هي حلقة الوصل بين التجارة الآتية من الصين و الهند و التي مبتغاها امبراطوريتي الفرس و الرومان و هذ طبعا يعني ان اي توتر سياسي في شبه الجزيرة العربية سيؤثر على امبراطوريتي الفرس و الرومان و بالاخص مكة التى التي كان يسيطر روؤساء قبائلها على قبائل شبه الجزيرة المتوحشة التي مهنتها الاساسية في ذلك الوقت هو قطع الطريق لذلك كان من صالح الفرس و الرومان ان تكون الاوضاع مستقرة في مكة بالذات لانها كانت تسيطر على كافة قبائل العرب عن طريق وضع صنم لكل قبيلة داخل الكعبة حتى وصل ععدهم حوالي 330 صنم !!!!!!!!!!!. يبدو مما سبق اهمية الجزيرة العربية الاستراتيجة بالنسبة للقوة الفاعلة في العالم في ذلك الوقت , و التاريخ يثبت لنا انه عند نمو التجارة تنمو المدن و تبداء الحضارة و تحتك الشعوب ببعضها البعض . و مما سبق يتضح ان في حواضر العرب مثل مكة و الطائف و غيرها كان هناك استقرار و تحضر و هذا لا ينفي انه كان هناك بدو يعيشون في اطراف و قلب الصحراء , و لكن ما علاقة هذا بعلم المواد الذي نحن بصدد التحدث عنه , ان العلاقة وطيدة جدا لانه لا يمكن تخيل خروج جيش من بلاد العرب ليوحد العرب و يغزو بلاد الفرس و الرومان و مصر و شمال افريقا و يتوغل في سهوب اسيا و يدخل افغانستان و يدق على اسوار الهند بدون ان يكون عند امة الاسلام التي معدنها العرب الحد الادنى من البنية التحتية الصناعية التي تؤهلهم لمناجز و سحق الامبراطوريات . لا يمكن ابدا تخيل ان المسلمون كانوا يستوردون السلاح من بلاد الروم لمحاربة الروم او استيراد السلاح من بلاد الفرس لمحاربة الفرس اواستيراد السلاح من الفرس لمحاربة الرومان الذين اتحدوا ضد المسلمين رغم عداؤهم التاريخي لبعضم البعض في معركة الفارض التي انتهت بسحق الجيش الرومي و الفارسي و عرب الغساسنة المتحد على يد القائد الفذ خالد بن الوليد . يجب ان نعلم ان مهن مثل الحدادة و الصياغة و الصيقلة (صقل المعدن) كانت منتشرة و بشدة ايام الجاهلية و كان اغلب من يمتهن مثل تلك المهن اغلبهم غير عرب او العرب الذين ليس لهم حسب و نسب كما نسمي الان و هذا راجع الى احتقار العرب لهذ الحرف بشدة حتى انهم كانوا يعيرون الحداد بمهنته و كان اغلب الحدادين اما أما أرقاء او يهود أو طبقة العرب التي ليس لها حسب او نسب . و رغم ذلك كان هناك الكثير و الكثير ممن يمتهنون هذه المهنة و بما النبي صلى الله عليه و سلم كانت رسالته شاملة خالدة منجدة فقد أراد الرسول صلى الله عليه و سلم تغيير هذه النظرة المتخلفة الى الحرف مثل الحدادة و غيره بدفعه ولده ابرايم الى أمراة حداد في المدينة المنورة يدعى ابا يوسف لكي ترضع أبنه ابراهيم في الوت الذي كان الناس يدفعون أولادهم الى أشراف القبائل و زعمائهم ليرضعوا أولادهم و في هذا اشارة الى أهمية الصناعة الى أهمية المعرفة الى أهميةا لتقوي بالتقنية التي هي عماد قيام اي دولة . و من الصحابة المشهورين في مهنة الحدادة خباب بن الأرتو قد كان يصنع السيوف و الاواني و ابو سيف الذي ارضعت زوجته بن سيدنا النبي عليه الصلاة و السلام و مرزوق الصيقل و قد ذكر انه صقل سيف سيدنا النبي عليه الصلاة المسمى ذو الفقار و ومن الحدادين في الطائف كان الأزرق بن عقبة الثقفي وكان رومياً حداداً وهو من رقيق أهل الطائف الذين نزلوا الى الرسول صلى الله عليه وسلم اثناء حصاره للطائف فأعتقهم . ومما يدل على كثرة الحدادين في الحجاز في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرسول حين أفتتح خيبر احضر منها ثلاثين حداداً وجعلهم في المدينة يصنعون للناس وينتفع بهم الناس في عمل كثير من حاجاتهم , وهذا العدد يدل على عظم الحدادة وازدهارها في خيبر في ذلك الوقت فإذا كان قد توافر هذا العدد الكبير من الحدادين لخيبر وليست بأكبر مدن الحجاز ولا أغناها , فمن المحتمل جدا توافر اكثر من هذا العدد في مدن الحجاز الكبرى مثل مكة والمدينة والطائف وغيرها . وقد كان هؤلاء الصنّاع يلبون حاجات المزارعين من آلات تفيدهم في الزراعة كالمسحاة والفأس وغيرها وهي مما يستفاد منها في البناء والحفر أيضا . كما انهم كانوا يقومون بصناعة وصيانة الأسلحة المختلفة فهم يصنعون السيوف والسكاكين ويصقلونها , ويصنعون الخناجر , كما انهم كانوا يقومون بصنع الدروع والمغافر وما يتعلق بها من اسلحة الدفاع عن النفس , كما يقومون بصناعة الرءوس الحديدية والسهام وصقلها بطريقة معينة . و كان أهل الحجاز لديهم معرفة بالصياغة وطرقها ووجد لديهم صواغ قبيل ظهور الإسلام وبعد ذلك حيث ان أهالي الحجاز في العصر الجاهلي عرفوا الحلي الذهبية والفضية والنحاسية وغيرها مما يدل على وجود أناس كانوا يعملون هذه الأشياء إضافة الى أن بعضاً من هذه الحلي كان مستورداً من بلاد أخرى , وقد كان يتعاطى هذه الصنعة أرذل الناس عند العرب كاليهود والموالي أما الأشراف فإنهم يربؤون بأنفسهم عن ذلك . وفي المدينة المنورة اشتهر اليهود بإجادتهم للصياغة حيث ان هناك عدداً كبيراً من الصواغ من بني قينقاع وغيرهم من يهود حيث نرى أن المؤرخين يذكرون في سبب غزو الرسول لبني قينقاع ( أن امرأة من المسلمين جلست الى صائغ من بني قينقاع فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ إلى ربط ثوبها الى ظهرها , فلما قامت انكشفت عورتها .... القصة ) وحينما أجلى الرسول يهود بني قينقاع من المدينة وجد الرسول في منازلهم كثيراً من السلاح وآلات الصياغة وهذه الآلات تدل على أحترافهم للصياغة , يقول ابن الأثير : (وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال ولم يكن لهم أرضون وانما كانوا صاغة .) اما استخراج الفلزات المعادن الخام من مناجمها وتنقيتها والاستفادة منها , وحيث ان بلاد الحجاز لا تخلو من المعادن , فإن التعدين قد عرف في العصر النبوي ويتبين لنا ذلك من النصوص حيث ذكر أن ( أبا الحصين السلمي ( قدم بذهب من معدن فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم , وهو يطلقون لفظة ( معدن( ويريدون به المنجم أو ما يؤخذ منه المعدن . كما ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقطع ( بلال بن الحارث المزني ) معادن القبيلة , وهي من اعمال الفرع بالمدينة وهي جبال بين المدينة وينبع , وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً بذلك , وقد كان من المعادن المعروفه والمستغلة منذ القدم معدن ( فران ) وهو لبني سليم وهو فيما نجد والحجاز , وهو منجم للذهب ويسمى عند المؤرخين معدن بني سليم ويسمى حالياً ( مهد الذهب ) وقد طور أخيراً بحيث يخرج كميات كبيرة من الذهب . وكان هناك معدن لبني كلاب قرب المدينة يقال له ( الأحسن ) , وهناك معدن بناحية الفرع على مقربة من المدينة يقال له ( بحران ) وقد ورد ذكر له من خلال نصوص السيرة النبوية مما يدل على أنه كان معروفاً بأنه معدن وقد كان للرسول صلى الله عليه وسلم غزوة سميت غزوة الفرع . يقول أبن هشام ) ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قريشاً ...... حتى بلغ بحران معدن بالحجاز من ناحية الفرع ) كما ورد ذكر عن معدن يقع بين مكة والطائف يقال له ( المعدن ) معدن ( البرم ) وتشترك قريش وثقيف سكن معدن البرم وربما في استغلاله . وقد ذكر عن تجارة قريش المتجهة إلى الشام أن أكثرها فضة فلا يستبعد ان تكون قد أستخرجت من مناجم بقرب مكة أو الطائف نظراً لارتباطها التجاري , والمتوقع أنه في حال استغلال هذه المناجم في الحجاز او غيرها من قبل بعض القبائل فلا بد ان يكون الاستغلال بدائياً نظراً لإمكاناتهم القليلة , وصعوبة الحفر والتنقيب في تلك الأيام لأن الأعمال كلها يدوية والخبرات قليلة ولا يستبعد استعانتهم ببعض الموالي في العمل . مما سبق يتضح انا وضوح اهمية الصناعة و الاكتفاء الذاتي و الاستفادة الكاملة من المواد الخام و تحويلها الى منتجات تكفي حاجات المسلمين و أسلحة للدفاع عن المسلمين و الحفاظ على دولتهم و قد أشرنا سابقا الى ورة الحديد التى تحدث فيها الله عن الحديد و عن سورة الانبياء و امتنهان النبي المحارب داوود عليه السلام لمهنة الحدادة و قد يكوم عدم ستحقار اليهود لمهنةالحدادة هي ان نبيهم كان حداد و اعلمهم قيمتها , و ذا لم يتوفر للعرب قبل الاسلام حتى جاء المصطفى صلي الله عليه و سلم أوضح أهمية هذه المهنة و أهمية الصناعة عامة و الاستفادة من المواد الخام . و هذا يدفعنا للبحث و معرفة العرب لصناعة السلاح في عهدهم و عندما تقراء تاريخ صناعة السلاح عند العرب تحس ان العرب كانوا قادرين على انتاج السلاح بشتى انواعه و حتى الاسلحة التى لم يكن يعرفها العرب كان الرسول الاعظم صلى الله عليه و سلم يبتعث من الصحابة من يتعلم ًول صناعة هذه الاسلحة في بلادها ثم يرجع الى المدينة و قد اتقن هذه الصنعة و بهذا الشكل استطاع النبي صلى الله عليه و سلم ان يبني بينة تحتية صناعية عسكرية يضمن بها قوة مادية للمسلمون و يضمن لهم على الأقل الأكتفاء الذاتي في السلاح مما يعطي للمسلمون الأستقلالية التامة في حروبهم سياستهم على عكس الوضع المتخلف الذي نعيشه الأن . و لا يمكن ان ننكر ان العرب كان لهم بنية تحيتة صناعية كبيرة و ان كانوا لم يشتغلوا او يمتهنوا مهنة الصناعة و لكنهم كانوا يتركوا مثل هذه المهن الى الطبقة الدنيا او الرقيق او اليهود او الموالي و قد ذكر في كتب التاريخ ان نوفل بن الحارث كان له مخزن به ثلاثة الاف حربة !!!!! , فما بالك ببقية أشراف العرب .
صناعة الأقواس والسهام : ويشد بينهما وتر من الجلد أو العصب الذي يكون عادة في عنق البعير واكثر ما تؤخذ هذه الأقواس من شجر الشوحط وهو شجر ينبت في جبال السراة ويسمى النبع أحياناً ... يقول الشاعر : وجياد كأنها قصب الشو ****** حط يحملن شكة الأبطال وأكثر ما تؤخذ الأغصان من الشوحط في فصل الربيع وذلك لمرونتها وشدتها في هذا الوقت , كما يتخذ من أشجار أخرى منها ( السدر ) و ( الحماط ) وهو التين البري , ويكثر في جبال الطائف وغيرها من الجبال . وحيث ان القوس مشهورة عند العرب فقد وضعوا لها أسماء كثيرة كما وضعوا لأجزائها أسماء منوعة, فمن أجزائها النصل وهو الرأس الحديدي للسهم والوتر وهو الجلد أو العصب الرامي , والرصافة والعقب وهما اللفافة التي على العقب و ( سِيَه القوس ) هو ما عطف من طرفيها . و( السهم ) عود يقطع من الشجر ثم يبرى فيسمى برياً وكان بعض صغار الصحابة يعملون النبال ويستدلون به على مرحلة من عمر الشخص , فإذا قيل له ابن كم كنت ؟ قال : كنت أبري النبل وأريشها . وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعون النبال باستمرار في اثناء الحرب وفي السلم , وذلك تنفيذاً لتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تعاهدوا قِرَنَكُم فلا تزال مملوءة نبلا ) فكان بعض الصحابة يصنع الكثير من النبال فيأتي بها إلى المسجد ليتصدق بها أحداً من المسلمين فيأمره النبي أن يقبض ( نصالها ) وهي أطراف السهام الحديدية لئلا يصيب بها أحداً من المسلمين . وفي عملهم هذا كانوا كمن يعّد الذخيرة للجيش , فتكون السهام جاهزة باستمرار لدى المجاهدين متى احتاجوا إليها وجدوها . و هذا يدل على مدى عدم اضاعة الوقت و استغلاله في الانتاج و عدم انتظار حروب لكي يتم صناعة النبل و ترييشها و و هذا ان دل على شيء فانما يدل على مدى وعي المسلمون انه لن تنجح رسالتهم الا اذا اعتمدوا على انفسهم و لم ينتظروا ان يشتروا السلاح من الفرس او الرومان او حتى اليهود لان في ذلك خرق لأهم مبداء لبناء الدولة و هو الاعتماد على النفس . و نرى من خلال سيرته العطرة انه قام بنفسه بتجهيز القوس وقد رصف الرسول صلى الله عليه وسلم قوسه بفمه في رمضان وهذا يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلح قوسه بنفسه ويشد وتر القوس كلما لان وتسمى هذه العملية ( الرصف ) . و لن اتحدث عن أهمية القوس في حياة العرب بل و في حياة الامم لان القوس كان يمثل قوة ضاربة لانه كلما كبر مدى السهام كلما كانت الاصابة في جيش العداء كبيرة و تقلل الى حد بعيد الخسائر البشرية الناتجة عن الاحتكاك المباشر بالسيف , و قد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ألا إن القوة الرمي , ألا إن القوة ا لرمي ) وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم ( القوة ) بانها الرمي لا يقتصر على ان القوة في الرمي أمر مختص بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم بل أن الرسول بهذا الكلام قد أعطى إشارة بأن القوة في الرمي سواء في زمنه أم في الأزمان التي تأتي من بعده , فالرمي بالقوس أو المنجنيق أو غيره في تلك الأيام هو ( القوة ) ويمكننا أن نتأكد أن القوة هي ( الرمي ) في زماننا هذا حيث نرى أن معظم الأسلحة الحديثة تقوم على الرمي , فالرمي بالبندقية أو الرشاش أو الرمي بالمدفعية أو الرمي بالصواريخ أو الرمي بالطائرات , كلها لا تخرج عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في تحديد القوة بأنها الرمي . ولقد كان لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن القوة بأنها الرمي دور كبير في عناية المسلمين بالقسي والسهام وغيرها من أسلحة الرمي , وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على صناعة السهام فقال : ( إن الله عز وجل يدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة , صانعه يحتسب في صنعه الخير والمدد به والرامي به ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( ارموا واركبوا ولأن ترموا أحب إلّي من أن تركبوا ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل شيء يلهو به الرجل , إلا رمي الرجل بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبة أهله ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( من ترك الرمي بعدما عُلمه فقد كفر الذي عُلمه ) وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار يوماً إلى القوس العربية وقال : ( بهذه وبرماح القنا يمكّن الله لكم في البلاد وينصركم على عدوكم ) وقال صلى الله عليه وسلم عن القوس : ( ما سبقها سلاح إلى خير قط ) وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على المحافظة على الرمي وإجادته حتى لو لم تكن هناك حاجة لذلك فقال صلى الله عليه وسلم : ( ستفتح لكم الأرض , وتكفون المؤونة فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ) وقد رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة عن قوسه يوم أحد حتى اندقت سِيّتُها .
ومما يدل على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالرمي أنه في غزوة أحد خصص مكاناً عالياً للرماة على جبل صغير قرب معسكر المسلمين , وأمر الرماة ألا يبرحوه لمعرفته صلى الله عليه وسلم بقوة الرمي ودفعه الشر عن معسكر المسلمين , كما أمرهم بصد الخيل عن المسلمين بالنبال . وقد ذكرفي بعض المصادر من أن نابليون هو أول من جمع الرماة في كتلة واحدة أي مجموعة واحدة , ولكن الحقيقة الثابتة في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والروايات التاريخية أن نبينا هو أول من جمع الرماة في مكان واحد وذلك في غزوة أحد الشهيرة . وقد استفاد نابليون من غزوات الرسول لكن الحصيلة الإيمانية الضئيلة التي عنده هي التي جعلته يهزم . و قد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن استخدام القوس الفارسية لانها اذا انقطع وترها لا يمكن الاستفادة منها على عكس القوس العربية التي يمكن الاستفادة من خشبها كما نصح النبي صلى الله عليه و سلم , و لعل ذلك يدفعنا الى الاهتمام بعميلة تدوير المواد و المنتجات المستهلكة . أما عن صناعة السيوف فهي مرتبطة بالحداد و بالتعدين و غيره و قد سبق ذكر ذلك و لا حاجة الى أعادته . صناعة التروس : هو سلاح معروف يتقى به ضرب السيوف وغيرها , ويجمع على تروس , وصانع التروس يسمى ( تراس ) والتترس معناه التستر بالترس والاتقاء به , وكان الترس يصنع من الخشب ويغلفونه بجلد يلصقونه عليه و يكثرون من ترصيعه بالمسامير . وقد كانت الجلود القوية المستعملة في صناعة التروس هي جلود الأبل في الغالب .
صناعة الدرع : سلاح دفاعي يلبسه المقاتل فيقيه ضرب السيوف , وهو منسوج من حلق حديدية على شكل لباس يُغطي البدن حتى نصف الساق , وقد تكون الدرع باكمام , فإذا كانت قصيرة الأكمام سميت (البتراء) ويقال إن أول من سرد ا لدروع من حلقات هو داود عليه السلام , وبهذا قال الله تعالى في داوُود : (( وعلمناه صنعة لبوسٍ لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون )) آية 80 / الأنبياء كما قال تعالى : (( ولقد آتينا داوود منَّا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد . أن أعمل سابغاتٍ وقدر في السردِ واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير )) آية 10 , 11 / سبأ وهكذا نرى أن أول من عرف صنعة الدروع هو النبي داود عليه السلام , وربما كان لهذا تأثير في اليهود فيما بعد , فقد عرف عن اليهود في المدينة مقدرتهم على صنع السلاح , واتقانهم للدروع حتى سلحوا بها أنفسهم وباعوا منها لغيرهم من الناس في الحجاز . وكان المقاتلون زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يلبسون الدروع الواقية . ومما يدل على كثرة الدروع في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ألمحنا إليه سابقاً من أن صفوان بن أمية أعار الرسول صلى الله عليه وسلم مائة درع حينما أراد التوجه إلى هوازن في معركة حنين , وإذا كان هذا العدد يملكه واحد فقط من رجالات مكة الكبار فإن ذلك يدلنا على كثرة الدروع وانتشارها بين الناس في تلك الأيام .
الدبابة : الدبابة آلة حرب تصنع من خشب وجلد , يجعل الخشب على شكل صندوق كبير , يدخل الرجال في وسطه ويجرونها , وتكسى بجلود سميكة تقيها الضربات والنار , وتقترب من الحصون وتنقب تحتها , ويكون سقفها واقياً لهم , وتستعمل في مهاجمة الحصون فقط ولا تصلح لساحات القتال . وكان هذا السلاح معروفاً في جرش من مخاليف اليمن , وبها صنّاع حاذقون في مختلف أنواع الأسلحة في ذلك العصر , حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل اثنين من الصحابة إلى جرش هما عروة بن مسعود وغيلان بن سلمة لكي يتعلموا صناعة الدبابة وذلك بعد أن علم بهذه الآلة وبقدرتها على اقتحام الحصون .
و طبعا و هذا يوضح مدى اهمية الصناعة و تاثيرها في السياسة و الاقتصاد و بناء الدول و يوضح كيف كان المسلمون الاوائل يستطيعون استخدام المواد الاولية و تحويلها الى مواد اساسية يمكن استخدامها في صناعة المتجات المدنية و السلاح و العتاد .و يوضح ايضا العقلية الاستراتيجية العسكرية و السياسية و الاقتصادية و بعد الرؤية للنبي المعصوم . و في ختام هذا الجزء أحب ان أشير الى ان كل من يدعو للأسلام الصحيح يجب عليه قبل الدعوة اليه الدعوة الى الأخذ بالاسباب و بالقوة و بالعلم الذي هو الاساس للقو ة المادية و الهيمنة و تحقيق الاستقلال السياسي و الاقتصادى و الاجتماعي و معروفة هي مقولة سيدنا علي رضي الله عنه عندما انتقد الاقوام الذين لا يصنعون و لا يأكلون بايديهم . و لي سؤال اذا لم يكن المسلمون يعرفون تكنولوجية عصرهم و يبحثون عنها , فكيف نتخيل ان يقاوموا اعداؤهم و يناجزوهم , و طبعا هذا يدفعنا الى مراجعة فكرية شاملة و الاهتمام بالعلم و التقنية . و من اراد الأستزادة في معرفة تارخ الحرف و الصنائع فعليه بكتاب: الحرف والصناعات في الحجاز في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم للكاتب : عبدالعزيز ابراهيم العمري . احب ان اضيف شيء ان القوة الانتاجية للامبراطورية الرومانية و الفارسية كانت اكبر بكثير من نظيرتها الاسلامية , و توفر المواد الخام اللازمة لدى الفرس و الرومان كانت متوفرة و بكثرة و يجب معرفة ان مادة مثل الاخشاب في بيئة مثل بلاد العرب تعتبر نادرة جدا بالمقارنة بكميتها المتوفرة لدى الرومان و ايضا توفر خام السيوف لدى الفرس المستورد من الهند المعروف بالووتز كان أثر بكثير و امتن من نظيره في بلاد الحجاز في ذلك الوقت , لا احب ان يفهم كلامي على اساس ان المسلمون كان لديهم طاقة انتاجية اكبر من الفرس و الرومان , و ايضا لا احب ان نقتلع أهم عامل جعل المسلمون متفوقون و هو الاسلام نفسه .
|