موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 47 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 08, 2017 10:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 11 )

والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لتسببوا في خرابها. ثم أنشد يقول:
ما أحسن الغفران من قادر
لا سيما من غير ذي ناصـر
بحرمة الود الذي بيننـــــــــا
لا تقتلي الأول بالآخـــــــــــــــــــــر
لما فرغ الحمال من كلامه
صورة
ضحكت الصبية بعد غيظها، أقبلت على الجماعة وقالت: أخبروني بخبركم فما بقي من عمركم إلا ساعة، ولولا أنكم أعزاء أو أكابر قومكم أو حكام لعجلت جزاءكم. قال الخليفة: ويلك يا جعفر عرفها بنا وألا تقتلنا. وقال جعفر: هذا بعض ما نستحق. فقال له الخليفة: لا ينبغي الهزل في وقت الجد، كل منهما له وقت. ثم أقبلت الصبية على الصعاليك وسألتهم: هل أنتم أخوة؟ أجابوها: لا والله ما نحن إلا فقراء الحجام. فقالت لواحد منهم: هل أنت ولدت أعور؟ أجابها: لا والله وأنما قد جرى لي أمر عجيب حتى تلفت عيني، ولهذا الأمر حكاية لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر. سألت الثاني والثالث فقالا لها مثل الأول ثم تابعوا: إن كل واحد منا من بلد، وإن حديثنا عجيب وأمرنا غريب. التفتت الصبية لهم وقالت: كل واحد منكم يحكي حكايته وما سبب مجيئه إلى مكاننا يروح في سبيله فتقدم الحمال وقال: يا سيدتي أنا رجل حمال حملتني هذه الدلالة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكن ما جرى وهذا حديثي والسلام فقالت له: انصرف بسلام. فقال: لا والله ما انصرف حتى أسمع حديث رفقائي.
وتقدم الصعلوك الأول، وقال لصاحبة الدار:
صورة
- يا سيدتي إن سبب حلق لحيتي وتلف عيني أن والدي كان ملكاً، وكان أخوه ملكاً في مدينة أخرى، واتفق أن أمي ولدتني في اليوم الذي ولد فيه ابن عمي. مضت سنون وأعوام وأيام حتى كبرنا، وكنت أزور عمي في بعض السنين وأقعد عنده أشهراً عدة، فزرته مرة فأكرمني ابن عمي غاية الإكرام وذبح لي الأغنام، وروق لي المدام، وجلسنا للشراب يوماً. فلما تحكم الشراب فينا، قال لي ابن عمي: إن لي عندك حاجة مهمة وأريد ألا تخالفني في ما أريد أن أفعله، فقلت له: حباً وكرامة، فاستوثق، مني بالإيمان العظام، ونهض من وقته وساعته وغاب قليلاً ثم عاد وخلفه امرأة مزينة مطيبة وعليها من الحلل ما يساوي مبلغاً عظيماً.
التفت إلىّ والمرأة خلفه وقال: خذ هذه المرأة واسبقني على الجبانة الفلانية، ووصفها لي فعرفتها، وقال ادخل بها التربة وانتظرني هناك. فلم يمكنني المخالفة ولم أقدر على رد سؤاله لأجل اليمين الذي حلفته. أخذت المرأة وسرت إلى أن دخلت التربة أنا وإياها، فلما استقر بنا الجلوس، جاء ابن عمي ومعه طاسة فيها ماء وكيس فيه جبس وقدوم، ثم أخذ القدوم وجاء إلى قبر في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلى ناحية التربة ثم حفر بالقدوم في الأرض حتى كشف عن طابق قدر الباب الصغير فبان من تحت الطابق سلم معقود. التفت إلى المرأة بالإشارة وقال لها: دونك وما تختارين.
نزلت المرأة على ذلك السلم، ثم التفت لي وقال: يا ابن العم تمم المعروف إذا نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطابق ورد عليه التراب كما كان، وهذا تمام المعروف وهذا الجبس الذي في الكيس وهذا الماء الذي في الطاسة أعجن منه الجبس وجبس القبر في دائر الأحجار كما كان أولاً حتى لا يعرفه أحد، لأن لي سنة كاملة وأنا أعمل فيه وما يعلم به إلا الله وهذه حاجتي عندك. ثم قال لي: لا أوحش الله منك يا ابن عمي. ونزل على السلم. لما غاب عن عيني قمت ورددت الطابق وفعلت ما أمرني به حتى صار القبر كما كان، ورجعت إلى قصر عمي، وكان في الصيد والقنص. نمت تلك الليلة، فلما أقبل الصباح تذكرت الليلة الماضية وما جرى فيها بيني وبين ابن عمي وندمت على ما فعلت معه حيث لا ينفع الندم، ثم خرجت إلى المقابر وفتشت عن التربة فلم أعرفها، ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولم أهتد إليها. رجعت إلى القصر ولم آكل ولم أشرب وقد اشتغل خاطري على ابن عمي وبت ليلتي مغموماً إلى الصباح، فجئت ثانياً إلى الجبانة وأنا أتفكر في ما فعله ابن عمي، وقد فتشت في القبور جميعاً فلم أعرف تلك التربة، ولازمت التفتيش سبعة أيام فلم أعرف له طريقاً فزاد بي الوسواس حتى كدت أجن. فلم يسعني إلا أن أسافر راجعاً إلى مدينة أبي، وما كدت أصل إليها حتى تلقاني على بابها جماعة كتفوني، فتعجبت كل العجب لأني ابن سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني ولحقني منهم خوف شديد، فقلت في نفسي: يا ترى ما جرى لوالدي؟ وصرت أسأل الذين كتفوني عن سبب ذلك، فلم يردوا على جواباً. ثم بعد حين قال لي بعضهم وكان خادماً عندي: إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتله الوزير ونحن نترقب وقوعك.

صورة
وأخذوني إلى الوزير وأنا غائب عن الدنيا بسبب هذه الأخبار التي سمعتها، فلما صرت بين يديه – وكانت بيني وبينه عداوة قديمة سببها أني كنت مولعاً بضرب البندق – فاتفق أني كنت واقفاً في أحد الأيام على سطح قصري وإذا بطائر نزل على سطح قصر الوزير، وكان واقفاً هناك فأردت أن أضرب الطير وإذا بالبندقية أخطأت الطير وأصابت عين الوزير فأتلفتها بالقضاء والقدر، ولم يستطع هو حينئذ أن يتكلم لأن والدي كان ملك المدينة، فلما وقفت أمامه وأنا مكتف أمر بضرب عنقي، فقلت: فعلت ذلك خطأ، فقال: إن كنت فعلته خطأ فأنا أفعله بك عمداً، ثم قال: قدموه بين يدي، فقدموني بين يديه فمد أصبعه في عيني اليسرى فأتلفها، فصرت من ذلك الوقت أعوراً كما ترونني. ثم وضعني في صندوق وقال للسياف: تسلم هذا وأشهر حسامك وخذه واذهب به إلى خارج المدينة واقتله ودعه للوحوش تأكله. ذهب بي وأنا مكتوف اليدين مقيد الرجلين، وأراد أن يغطي عيني ويقتلني، فبكيت وأنشدت هذه الأبيات:
جعلتكم درعاً حصيناً لتمنعوا
سهام العدا عني فكنتم نصالها
وكنت أرجي عند كل ملمة
تخص يميني أن تكون شمالها
لما سمع السياف شعري، وكان سياف أبي، ولي عليه الإحسان، قال: ماذا أفعل وأنا عبد مأمور؟ ثم تابع: فز بعمرك ولا تعد إلى هذه الأرض فتهلك وتهلكني معك.
لما قال لي ذلك، قبلت يديه وهان علي تلف عيني بنجاتي من القتل. سافرت حتى وصلت إلى مدينة عمي فدخلت عليه وأعلمته بما جرى لوالدي وبما جرى لي من تلف عيني، فبكى بكاء شديداً، وقال: لقد زدتني هما على همي وغماً على غمي، فإن ابن عمك فُقد منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولم يخبرني أحد بخبره، وبكى حتى أغمي عليه. فلما استفاق قال: يا ولدي لقد حزنت على ابن عمك حزنا شديداً وأنت زدتني بما حصل لك ولأبيك غما على غمي، ولكن يا ولدي «بعينك ولا بروحك». ثم إنه لم يمكني السكوت عن ابن عمي الذي هو ولده، فأعلمته بالذي جرى له كله، ففرح عمي بما قلته له فرحاً شديداً عند سماع خبر ابنه وقال: ارني التربة فقلت: والله يا عمي لا أعرف مكانها لأني رجعت بعد ذلك مرات لأفتش عنها فلم أعرف مكانها.
ثم ذهبت أنا وعمي إلى الجبانة، ونظرت يميناً وشمالاً فعرفتها، وفرحت أنا وعمي فرحاً شديداً، ودخلت أنا وإياه التربة وأزحنا التراب ورفعنا الطابق، ونزلت أنا وعمي مقدار خمسين درجة. لما وصلنا إلى آخر السلم، إذا بدخان طلع علينا فغشى أبصارنا فقال عمي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم مشينا وإذا نحن في قاعة ممتلئة دقيقاً وحبوباً ومأكولاً وغير ذلك، ورأينا في وسطها ستارة على سرير فنظر فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معه وقد صارا فحماً أسود كأنهما ألقيا في جب نار. لما نظر عمي ذلك بصق في وجهه وقال: تستحق يا خبيث فهذا عذاب الدنيا، وبقي عذاب الآخرة وهو أشد وأبقى!
قال الصعلوك للصبية والجماعة والخليفة وجعفر يستمعون الكلام: ثم ضرب عمي ولده بالنعال وهو راقد كالفحم الأسود، فتعجبت من ضربه وحزنت على ابن عمي حيث صار هو والصبية فحماً أسود. قلت بالله يا عمي خفف الهم عن قلبك، فقد اشتغل خاطري بما جرى لولدك وكيف صار هو والصبية فحماً أسود. أما يكفيك ما هو فيه حتى تضربه بالنعال؟ فقال: يا أبن أخي، إن ولدي هذا كان من صغره مولعاً بحب أخته، وكنت أنهاه عنها وأقول في نفسي إنهما صغيران، فلما كبيرا وقلت له احذر من هذه الفعال القبيحة التي لم يفعلها أحد قبلك ولا يفعلها أحد بعدك، وإلا نبقى بين الملوك بالعار إلى الممات، وتشيع أخبارنا مع الركبان، وإياك أن تصدر منك هذه الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك، ثم حجبته عنها وحجبتها عنه. وقد تمكن الشيطان منهما، فلما رأوني حلت بينهما، أنشأ هذا المكان الذي تحت الأرض خفية ونقل فيه المأكول كما تراه، واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى هذا المكان، فغضب عليه وعليها الله سبحانه وتعالى، وأحرقهما، وعذاب الآخرة لهما أشد وأبقى. ثم بكى وبكيت معه وقال لي: أنت ولدي عوضاً عنه. ثم إني تفكرت ساعة في الدنيا وحوادثها من قتل الوزير لوالدي وأخذه مكانه وتلف عيني وما جرى لابن عمي فبكيت، ولما رجعنا إلى قصر عمي، سمعنا دق طبول وبوقات، ثم امتلأت الدنيا بالعجاج والغبار من حوافظ الخيل فسأل الملك عن الخبر، فقيل:
إن وزير أخيك وجميع العسكر والجنود هجموا على المدينة في غفلة وأهل المدينة لم تكن لهم طاقة بهم فسلموا إليه، فقلت في نفسي: لئن وقعت في يده فلا نجاة لي من القتل في هذه المرة. وتراكمت علىّ الأحزان وتذكرت الحوادث التي حدثت لأبي وابن عمي، ولم أعرف كيف العمل.. فإن ظهرت عرفني أهل المدينة وعسكر أبي فيسعون في قتلي وهلاكي، فلم أجد شيئاً أنجو به إلا حلق لحيتي فحلقتها وغيرت ثيابي وخرجت من المدينة، وقصدت هذه المدينة لعلي أجد من يوصلني إلى أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين حتى أحكي له قصتي وما جرى لي. وصلت في هذه الليلة فوقفت حائراً ولم أدر أين أمضي وإذا بهذا الصعلوك واقفاً فسلمت عليه وقلت له: أنا غريب، فقال: وأنا غريب أيضاً، فبينما نحن كذلك وإذا برفيقنا هذا الثالث جاءنا وسلَّم علينا وقال: أنا غريب، ثم مشينا وقد أدركنا الظلام، فساقنا القدر إليكم.
فقالت له الصبية: لك أن تنصرف بسلام، فقال: لا أذهب حتى أسمع خبر غيري، فتعجبوا من حديثه، وقال الخليفة لجعفر: والله ما رأيت مثل الذي جرى لهذا الصعلوك، وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 08, 2017 10:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 11 )

والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لتسببوا في خرابها. ثم أنشد يقول:
ما أحسن الغفران من قادر
لا سيما من غير ذي ناصـر
بحرمة الود الذي بيننـــــــــا
لا تقتلي الأول بالآخـــــــــــــــــــــر
لما فرغ الحمال من كلامه
صورة
ضحكت الصبية بعد غيظها، أقبلت على الجماعة وقالت: أخبروني بخبركم فما بقي من عمركم إلا ساعة، ولولا أنكم أعزاء أو أكابر قومكم أو حكام لعجلت جزاءكم. قال الخليفة: ويلك يا جعفر عرفها بنا وألا تقتلنا. وقال جعفر: هذا بعض ما نستحق. فقال له الخليفة: لا ينبغي الهزل في وقت الجد، كل منهما له وقت. ثم أقبلت الصبية على الصعاليك وسألتهم: هل أنتم أخوة؟ أجابوها: لا والله ما نحن إلا فقراء الحجام. فقالت لواحد منهم: هل أنت ولدت أعور؟ أجابها: لا والله وأنما قد جرى لي أمر عجيب حتى تلفت عيني، ولهذا الأمر حكاية لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر. سألت الثاني والثالث فقالا لها مثل الأول ثم تابعوا: إن كل واحد منا من بلد، وإن حديثنا عجيب وأمرنا غريب. التفتت الصبية لهم وقالت: كل واحد منكم يحكي حكايته وما سبب مجيئه إلى مكاننا يروح في سبيله فتقدم الحمال وقال: يا سيدتي أنا رجل حمال حملتني هذه الدلالة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكن ما جرى وهذا حديثي والسلام فقالت له: انصرف بسلام. فقال: لا والله ما انصرف حتى أسمع حديث رفقائي.
وتقدم الصعلوك الأول، وقال لصاحبة الدار:
صورة
- يا سيدتي إن سبب حلق لحيتي وتلف عيني أن والدي كان ملكاً، وكان أخوه ملكاً في مدينة أخرى، واتفق أن أمي ولدتني في اليوم الذي ولد فيه ابن عمي. مضت سنون وأعوام وأيام حتى كبرنا، وكنت أزور عمي في بعض السنين وأقعد عنده أشهراً عدة، فزرته مرة فأكرمني ابن عمي غاية الإكرام وذبح لي الأغنام، وروق لي المدام، وجلسنا للشراب يوماً. فلما تحكم الشراب فينا، قال لي ابن عمي: إن لي عندك حاجة مهمة وأريد ألا تخالفني في ما أريد أن أفعله، فقلت له: حباً وكرامة، فاستوثق، مني بالإيمان العظام، ونهض من وقته وساعته وغاب قليلاً ثم عاد وخلفه امرأة مزينة مطيبة وعليها من الحلل ما يساوي مبلغاً عظيماً.
التفت إلىّ والمرأة خلفه وقال: خذ هذه المرأة واسبقني على الجبانة الفلانية، ووصفها لي فعرفتها، وقال ادخل بها التربة وانتظرني هناك. فلم يمكنني المخالفة ولم أقدر على رد سؤاله لأجل اليمين الذي حلفته. أخذت المرأة وسرت إلى أن دخلت التربة أنا وإياها، فلما استقر بنا الجلوس، جاء ابن عمي ومعه طاسة فيها ماء وكيس فيه جبس وقدوم، ثم أخذ القدوم وجاء إلى قبر في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلى ناحية التربة ثم حفر بالقدوم في الأرض حتى كشف عن طابق قدر الباب الصغير فبان من تحت الطابق سلم معقود. التفت إلى المرأة بالإشارة وقال لها: دونك وما تختارين.
نزلت المرأة على ذلك السلم، ثم التفت لي وقال: يا ابن العم تمم المعروف إذا نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطابق ورد عليه التراب كما كان، وهذا تمام المعروف وهذا الجبس الذي في الكيس وهذا الماء الذي في الطاسة أعجن منه الجبس وجبس القبر في دائر الأحجار كما كان أولاً حتى لا يعرفه أحد، لأن لي سنة كاملة وأنا أعمل فيه وما يعلم به إلا الله وهذه حاجتي عندك. ثم قال لي: لا أوحش الله منك يا ابن عمي. ونزل على السلم. لما غاب عن عيني قمت ورددت الطابق وفعلت ما أمرني به حتى صار القبر كما كان، ورجعت إلى قصر عمي، وكان في الصيد والقنص. نمت تلك الليلة، فلما أقبل الصباح تذكرت الليلة الماضية وما جرى فيها بيني وبين ابن عمي وندمت على ما فعلت معه حيث لا ينفع الندم، ثم خرجت إلى المقابر وفتشت عن التربة فلم أعرفها، ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولم أهتد إليها. رجعت إلى القصر ولم آكل ولم أشرب وقد اشتغل خاطري على ابن عمي وبت ليلتي مغموماً إلى الصباح، فجئت ثانياً إلى الجبانة وأنا أتفكر في ما فعله ابن عمي، وقد فتشت في القبور جميعاً فلم أعرف تلك التربة، ولازمت التفتيش سبعة أيام فلم أعرف له طريقاً فزاد بي الوسواس حتى كدت أجن. فلم يسعني إلا أن أسافر راجعاً إلى مدينة أبي، وما كدت أصل إليها حتى تلقاني على بابها جماعة كتفوني، فتعجبت كل العجب لأني ابن سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني ولحقني منهم خوف شديد، فقلت في نفسي: يا ترى ما جرى لوالدي؟ وصرت أسأل الذين كتفوني عن سبب ذلك، فلم يردوا على جواباً. ثم بعد حين قال لي بعضهم وكان خادماً عندي: إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتله الوزير ونحن نترقب وقوعك.

صورة
وأخذوني إلى الوزير وأنا غائب عن الدنيا بسبب هذه الأخبار التي سمعتها، فلما صرت بين يديه – وكانت بيني وبينه عداوة قديمة سببها أني كنت مولعاً بضرب البندق – فاتفق أني كنت واقفاً في أحد الأيام على سطح قصري وإذا بطائر نزل على سطح قصر الوزير، وكان واقفاً هناك فأردت أن أضرب الطير وإذا بالبندقية أخطأت الطير وأصابت عين الوزير فأتلفتها بالقضاء والقدر، ولم يستطع هو حينئذ أن يتكلم لأن والدي كان ملك المدينة، فلما وقفت أمامه وأنا مكتف أمر بضرب عنقي، فقلت: فعلت ذلك خطأ، فقال: إن كنت فعلته خطأ فأنا أفعله بك عمداً، ثم قال: قدموه بين يدي، فقدموني بين يديه فمد أصبعه في عيني اليسرى فأتلفها، فصرت من ذلك الوقت أعوراً كما ترونني. ثم وضعني في صندوق وقال للسياف: تسلم هذا وأشهر حسامك وخذه واذهب به إلى خارج المدينة واقتله ودعه للوحوش تأكله. ذهب بي وأنا مكتوف اليدين مقيد الرجلين، وأراد أن يغطي عيني ويقتلني، فبكيت وأنشدت هذه الأبيات:
جعلتكم درعاً حصيناً لتمنعوا
سهام العدا عني فكنتم نصالها
وكنت أرجي عند كل ملمة
تخص يميني أن تكون شمالها
لما سمع السياف شعري، وكان سياف أبي، ولي عليه الإحسان، قال: ماذا أفعل وأنا عبد مأمور؟ ثم تابع: فز بعمرك ولا تعد إلى هذه الأرض فتهلك وتهلكني معك.
لما قال لي ذلك، قبلت يديه وهان علي تلف عيني بنجاتي من القتل. سافرت حتى وصلت إلى مدينة عمي فدخلت عليه وأعلمته بما جرى لوالدي وبما جرى لي من تلف عيني، فبكى بكاء شديداً، وقال: لقد زدتني هما على همي وغماً على غمي، فإن ابن عمك فُقد منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولم يخبرني أحد بخبره، وبكى حتى أغمي عليه. فلما استفاق قال: يا ولدي لقد حزنت على ابن عمك حزنا شديداً وأنت زدتني بما حصل لك ولأبيك غما على غمي، ولكن يا ولدي «بعينك ولا بروحك». ثم إنه لم يمكني السكوت عن ابن عمي الذي هو ولده، فأعلمته بالذي جرى له كله، ففرح عمي بما قلته له فرحاً شديداً عند سماع خبر ابنه وقال: ارني التربة فقلت: والله يا عمي لا أعرف مكانها لأني رجعت بعد ذلك مرات لأفتش عنها فلم أعرف مكانها.
ثم ذهبت أنا وعمي إلى الجبانة، ونظرت يميناً وشمالاً فعرفتها، وفرحت أنا وعمي فرحاً شديداً، ودخلت أنا وإياه التربة وأزحنا التراب ورفعنا الطابق، ونزلت أنا وعمي مقدار خمسين درجة. لما وصلنا إلى آخر السلم، إذا بدخان طلع علينا فغشى أبصارنا فقال عمي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم مشينا وإذا نحن في قاعة ممتلئة دقيقاً وحبوباً ومأكولاً وغير ذلك، ورأينا في وسطها ستارة على سرير فنظر فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معه وقد صارا فحماً أسود كأنهما ألقيا في جب نار. لما نظر عمي ذلك بصق في وجهه وقال: تستحق يا خبيث فهذا عذاب الدنيا، وبقي عذاب الآخرة وهو أشد وأبقى!
قال الصعلوك للصبية والجماعة والخليفة وجعفر يستمعون الكلام: ثم ضرب عمي ولده بالنعال وهو راقد كالفحم الأسود، فتعجبت من ضربه وحزنت على ابن عمي حيث صار هو والصبية فحماً أسود. قلت بالله يا عمي خفف الهم عن قلبك، فقد اشتغل خاطري بما جرى لولدك وكيف صار هو والصبية فحماً أسود. أما يكفيك ما هو فيه حتى تضربه بالنعال؟ فقال: يا أبن أخي، إن ولدي هذا كان من صغره مولعاً بحب أخته، وكنت أنهاه عنها وأقول في نفسي إنهما صغيران، فلما كبيرا وقلت له احذر من هذه الفعال القبيحة التي لم يفعلها أحد قبلك ولا يفعلها أحد بعدك، وإلا نبقى بين الملوك بالعار إلى الممات، وتشيع أخبارنا مع الركبان، وإياك أن تصدر منك هذه الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك، ثم حجبته عنها وحجبتها عنه. وقد تمكن الشيطان منهما، فلما رأوني حلت بينهما، أنشأ هذا المكان الذي تحت الأرض خفية ونقل فيه المأكول كما تراه، واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى هذا المكان، فغضب عليه وعليها الله سبحانه وتعالى، وأحرقهما، وعذاب الآخرة لهما أشد وأبقى. ثم بكى وبكيت معه وقال لي: أنت ولدي عوضاً عنه. ثم إني تفكرت ساعة في الدنيا وحوادثها من قتل الوزير لوالدي وأخذه مكانه وتلف عيني وما جرى لابن عمي فبكيت، ولما رجعنا إلى قصر عمي، سمعنا دق طبول وبوقات، ثم امتلأت الدنيا بالعجاج والغبار من حوافظ الخيل فسأل الملك عن الخبر، فقيل:
إن وزير أخيك وجميع العسكر والجنود هجموا على المدينة في غفلة وأهل المدينة لم تكن لهم طاقة بهم فسلموا إليه، فقلت في نفسي: لئن وقعت في يده فلا نجاة لي من القتل في هذه المرة. وتراكمت علىّ الأحزان وتذكرت الحوادث التي حدثت لأبي وابن عمي، ولم أعرف كيف العمل.. فإن ظهرت عرفني أهل المدينة وعسكر أبي فيسعون في قتلي وهلاكي، فلم أجد شيئاً أنجو به إلا حلق لحيتي فحلقتها وغيرت ثيابي وخرجت من المدينة، وقصدت هذه المدينة لعلي أجد من يوصلني إلى أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين حتى أحكي له قصتي وما جرى لي. وصلت في هذه الليلة فوقفت حائراً ولم أدر أين أمضي وإذا بهذا الصعلوك واقفاً فسلمت عليه وقلت له: أنا غريب، فقال: وأنا غريب أيضاً، فبينما نحن كذلك وإذا برفيقنا هذا الثالث جاءنا وسلَّم علينا وقال: أنا غريب، ثم مشينا وقد أدركنا الظلام، فساقنا القدر إليكم.
فقالت له الصبية: لك أن تنصرف بسلام، فقال: لا أذهب حتى أسمع خبر غيري، فتعجبوا من حديثه، وقال الخليفة لجعفر: والله ما رأيت مثل الذي جرى لهذا الصعلوك، وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 09, 2017 10:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 12 )

ولما جاءت الليلة الثانية عشر ، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن الصعلوك الثاني قبل الأرض أمام صاحبة الدار وقال: يا سيدتي أنا من ولدت أعور وإنما لي حكاية عجيبة، فأنا ملك ابن ملك، وقرأت القرآن على سبع روايات، كما قرأت الكتب على أربابها من مشايخ العلم، وقرأت على النجوم وكلام الشعراء، واجتهدت في سائر العلوم حتى فقت أهل زماني. فعظم حظي وشاع ذكري في سائر الأقاليم والبلدان وذاع خبري عند سائر الملوك، فجهّزني أبي في ست سفن وسرنا في البحر مدة شهر كامل حتى وصلنا إلى البر، وأخرجنا خيلاً كانت معنا، وسرنا وحملنا عشرة جمال بالهدايا، ومشينا قليلاً، وإذا بغبار قد علا وثار، حتى سد الأقطار، واستمر ساعة من النهار، ثم انكشف فبان من تحته ستون فارساً وهم ليوث عوابس، فتأملناهم وإذا هم عرب قطاع طريق،
صورة
فلما رأونا ونحن نفر قليل ومعنا عشرة أحمال هدايا لملك الهند، هجموا علينا وأشرعوا الأسنة بين أيديهم نحونا، فأشرنا إليهم بالأصابع وقلنا لهم نحن رسل إلى ملك الهند المعظم فلا تؤذونا، فقالوا: نحن لسنا في أرضه ولا تحت حكمه.
ثم إنهم قتلوا بعض الغلمان وهرب الباقون وهربت أنا بعد أن جرحت جرحاً، بليغاً، وانشغل عنا اللصوص بالمال والهدايا التي كانت معنا، فصرت لا أدري أين أذهب، وكنت عزيزاً فصرت ذليلاً، وسرت إلى أن أتيت رأس الجبل فدخلت مغارة حتى طلع النهار، ثم سرت منها حتى وصلت إلى مدينة عامرة بالخير قد ولى عنها الشتاء ببرده، وأقبل عليها الربيع بورده، ففرحت بوصولي إليها وكنت قد تعبت من المشي، وعلاني الهم والاصفرار، فتغيرت حالتي ولا أدري أين أسلك، فملت إلى خياط في دكان وسلمت عليه، فرد علي السلام ورحب بي وباسطني، وسألني عن سبب غربتي، فأخبرته بما جرى لي من أوله إلى آخره، فاغتم وقال: يا فتى لا تظهر ما عندك فإني أخاف عليك من ملك هذه المدينة لأنه أكبر أعداء أبيك وله عنده ثأر، ثم أحضر لي مأكولاً ومشروباً فأكلت وأكل معي، وتحادثت معه في الليل، وأخلى لي محلاً في جانب حانوته، وأتاني بما أحتاج إليه من فراش وغطاء، فأقمت عنده ثلاثة أيام ثم قال لي: أما تعرف صنعه تكتسب بها؟ فقلت له: إني فقيه كاتب حاسب، فقال: إن صنعتك في بلادنا كاسدة وليس في مدينتنا من يعرف علماً ولا كتابة، فقلت: والله لا أدري شيئاً غير الذي ذكرته لك، فقال: شد وسطك وخذ فأساً وحبلاً واحتطب في البرية خشباً تتقوت به إلى أن يفرج الله عنك، ولا تعرف أحداً بنفسك فيقتلوك، ثم اشترى لي فأساً وحبلاً وأرسلني مع بعض الحطابين وأوصاهم بي فخرجت معهم واحتطبت،
صورة
فأتيت بحمل على رأسي فبعته بنصف دينار، فأكلت ببعضه وأبقيت بعضه.
ودمت على هذه الحال سنة، ثم ذهبت يوماً على عادتي إلى البرية لأحتطب منها ودخلتها فوجدت فيها خميلة أشجار فيها حطب كثير، فدخلت الخميلة وأتيت شجرة وحفرت حولها وأزلت التراب عن جدارها فاصطكت الفأس في حلقة نحاس، فأزحت عنها التراب وإذا هي في طابق من خشب، تحته سلم، وفي أسفله باب فدخلته فرأيت قصراً محكم البنيان، وفيه صبية كالدرة السنية، تنفي عن القلب كل هم وبلية، فلما نظرت إليها سجدت لخالقها لما أبدع فيها من الحسن والجمال، فنظرت إلىّ وقالت لي: أنت أنسي أم جني؟ فقلت لها: أنسي، فقالت: ومن أوصلك إلى هذا المكان الذي لى فيه خمس وعشرون سنة ما رأيت فيه إنسياً أبداً؟ فلما سمعت كلامها وجدت له عذوبة وقلت لها: يا سيدتي أوصلني الله إلى منزلك، ولعله يزيل همي وغمي.

صورة
وحكيت لها ما جرى لي من الأول إلى الآخر، فصعب عليها حالي وبكت وقالت: أنا الأخرى أعلمك بقصتي، فاعلم أني بنت ملك أقصى الهند صاحب جزيرة الأبنوس وكان قد زوجني بابن عمي
صورة
فاختطفني ليلة زفافي عفريت اسمه جرجريس بن رجموس بن إبليس، فطار بي ونزل في هذا المكان ونقل فيه كل ما أحتاج إليه من الحلي والحلل والقماش والمتاع والطعام والشراب، وفي كل عشرة أيام يجيئني مرة فيبيت هنا ليلة
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 10, 2017 10:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 13 )

وعاهدني إذا عرضت له حاجة ليلاً أو نهاراً أن ألمس بيدي هذين السطرين المكتوبين على القبة فما أرفع يدي حتى أراه عندي، ومنذ كان عندي له أربعة أيام، وبقي له ستة أيام حتى يأتي، فهل لك أن تقيم عندي خمسة أيام ثم تنصرف قبل مجيئه بيوم؟ فقلت: نعم.. ففرحت ثم نهضت على قدميها وأخذت بيدي وأدخلتني من باب مقنطر، وانتهت بي إلى حمام لطيف فجلست على مرتبة وأجلستني معها وأتت بسكر مذاب وسقتني، ثم قدمت لي مأكولاً فأكلنا وتحادثنا، ثم قالت لي: نم واسترح فإنك تعبان. فنمت يا سيدتي وقد نسيت ما جرى لي وشكرتها، فلما استيقظت وجدتها تكبس رجلي فدعوت لها وجلسنا نتحادث ساعة، ثم قالت لي: والله إني كنت ضيقة الصدر وأنا تحت الأرض وحدي ولم أجد من يحدثني خمساً وعشرين سنة فالحمد لله الذي أرسلك إليّ ثم أنشدت:
لو علمنا مجيئكم لفرشنا
مهجة القلب مع سواد العيون
وفرشنا خدودنا للقاكـــــــم
ليكون المسير فوق الجفون
لما سمعت شعرها شكرتها وقد تمكنت محبتها من قلبي وذهب عني همي وغمي، ثم جلسنا في منادمة إلى الليل وأصبحنا مسرورين، فقلت لها هل أخرجك من تحت الأرض وأريحك من هذا الجني؟ فضحكت وقالت: اقنع واسكت ففي كل عشرة أيام يوم العفريت وتسعة لك، فقلت وقد غلب عليّ الغرام: في هذه الساعة أكسر القبة التي عليها النقش المكتوب، ليجيء العفريت فأقتله، إني موعود بقتل العفاريت!
ثم إن الصعلوك الثاني قال للصبية: ورفست القبة رفساً قوياً،

صورة
وسرعان ما وصل العفريت فقالت لي صاحبتي: أما حذرتك من هذا؟ والله لقد آذيتني، ولكن انج بنفسك واطلع من المكان الذي جئت منه.
فمن شدة خوفي نسيت نعلي وفأسي فلما طلعت درجتين التفت فرأيت الأرض قد انشقت وطلع منها عفريت ذو منظر بشع وقال لها: ما هذه الصيحة التي أزعجتني؟ فقالت له إن صدري ضاق فأردت أن أشرب شراباً يشرح صدري، فنهضت لأقضي أشغالي فوقعت على القبة، فقال لها العفريت: تكذبين! ونظر في القصر يميناً وشمالاً فرأى النعل والفأس فقال لها: ما هذه إلا متاع الإنس! من جاء إليك؟ فقالت: ما نظرتهما إلا في هذه الساعة ولعلهما تعلقا معك. قال العفريت: هذا كلام لا ينطلي عليّ. ثم صلبها بين أربعة أوتاد وجعل يعقبها ويقررها بما كان فلم يهن عليّ أن أسمع بكاءها فطلعت من السلم مذعوراً من الخوف، فلما وصلت إلى أعلى الموضع رددت الطابق كما كان وسترته بالتراب، وندمت على ما فعلت غاية الندم، وتذكرت الصبية وحسنها وكيف يعاقبها هذا المعلون وهي في صحبته منذ خمس وعشرين سنة، وما عاقبها إلا بسببي وتذكرت أبي ومملكته وكيف صرت حطاباً.

صورة
مشيت إلى أن أتيت رفيقي الخياط فلقيته في الانتظار على مثل مقالي النار، وقال لي: إني بت البارحة وقلبي عندك وخفت عليك من وحش أو غيره، فالحمد لله على سلامتك فشكرته على شفقته ودخلت خلوتي، وجعلت أتفكر فيما جرى لي وألوم نفسي على رفسي تلك القبة، وإذا بصديقي الخياط دخل عليّ وقال لي: في الدكان شخص أعجمي يطلبك ومعه فأسك ونعلك قد جاء بهما إلى الخياطين وقال لهم إني خرجت وقت آذان المؤذن لأجل صلاة الفجر فعثرت بهما ولم أعلم لمن هما فدلوني على صاحبهما فدلهما الخياطون عليك، وهو قاعد في دكاني فأخرج إليه وأشكره وخذ فأسك ونعلك.

لما سمعت هذا الكلام اصفر لوني وتغيرت حالي. بينما أنا كذلك وإذا بأرض محلي قد انشقت وطلع منها الأعجمي وإذا هو العفريت، وكان قد عاقب الصبية غاية العقاب فلم تقر له بشيء فأخذ الفأس والنعل وقال لها: إن كنت جرجريس من ذرية إبليس فأنا أجيء بصاحب هذا الفأس والنعل، ثم جاء بهذه الحيلة إلى الخياطين الذين دلوه عليّ ثم نزل وغاص بي في الأرض وأنا لا أعلم بنفسي فرأيت الصبية والدم يسيل من جوانبها ففطرت عيناي بالدموع، فأخذها العفريت وقال لها: هذا عشيقك. نظرت إليّ وقالت له: لا أعرفه ولا رأيته إلا في هذه الساعة. قال لها العفريت: كل هذه العقوبة ولا تقرين؟ فقالت: ما رأيته عمري، وما يحل لي أن أكذب. فطلب منها العفريت: إن كنت لا تعرفينه فخذي هذا السيف واضربي عنقه. أخذت السيف وجاءتني ووقفت على رأسي

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 11, 2017 10:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 14 )

فأشرت لها بحاجبي ودمعي يجري على وجنتي، فنضت وغمزتني وقالت: أنت الذي فعلت بنا هذا كله. أشرت لها: هذا وقت العفو.
لما فهمت الصبية إشارتي، رمت السيف من يدها يا سيدتي، فناولني العفريت السيف وقال لي: اضرب عنقها وأنا أطلقك ولا أنكد عليك. فأخذت السيف وتقدمت بنشاط ورفعت يدي فأشارت لي بحاجبها: أنا ما قصرت في حقك. اغرورقت عيناي بالدموع ورميت السيف من يدي وقلت: أيها العفريت الشديد والبطل الصنديد، إذا كانت امرأة لم تستحل ضرب عنقي فكيف يحل لي أن أضرب عنقها ولم أرها عمري؟
صورة

ثم أخذ السيف وضرب يد الصبية فقطعها، ثم ضرب الثانية فقطعها، ثم قطع رجلها اليمنى، ثم رجلها اليسرى، وأنا أنظر بعيني فأيقنت بالموت. ثم أشارت إليّ بعينها فرآها العفريت فضربها فقطع رأسها والتفت إليّ وقال: يا أنسي، نحن في شرعنا إذا زنت الزوجة يحل لنا قتلها، وهذه الصبية اختطفتها ليلة عرسها وهي بنت اثنتي عشرة سنة ولم تعرف أحداً غيري، وكنت أجيئها في كل عشرة أيام ليلة واحدة في زي رجل أعجمي، فلما تحققت أنها خانتني قتلتها. أما أنت فلم أتحقق أنك خنتني فيها، ولكني لا يمكن أن أخليك في عافية، فتمن عليّ أي ضرر. فرحت يا سيدتي غاية الفرح وطمعت في العفو وقلت له: وما أتمناه عليك؟ قال تمن عليّ أي صورة أسحرك فيها، إما صورة كلب وإما صورة حمار وإما صورة قرد، فقلت له وقد طمعت أن يعفو عني: والله إن عفوت عني يعف الله عنك بعفوك عن رجل مسلم لم يؤذك. وتضرعت إليه غاية التضرع وبقيت بين يديه وقلت له: أنا مظلوم، فقال لي، لا تطل الكلام، أما القتل فلا تخف منه، وأما العفو فلا تطمع فيه، وأما سحرك فلا بد منه.
ثم شق الأرض وطار بي إلى الجو حتى نظرت إلى الدنيا تأتي كأنها قصعة ماء، ثم حطني على جبل وأخذ قليلاً من التراب وهمهم عليه وتكلم ورشني وقال: اخرج من هذه الصورة إلى صورة قرد. فصرت قرداً ابن مئة سنة، فلما رأيت نفسي في هذه الصورة القبيحة بكيت على روحي، وصبرت على جور الزمان، وانحدرت من أعلى الجبل إلى أسفله وسافرت مدة شهر.
صورة
ثم ذهبت إلى شاطئ البحر المالح، فوقفت ساعة وإذا بمركب في وسط البحر قد طاب ريحها وهي قاصدة البر فاختفيت خلف صخرة على جانب البحر وسرت إلى أن أتيت وسط المركب، فقال واحد منهم: اخرجوا هذا القرد من المركب. قال واحد: بل أقتله بهذا السيف. أمسكت طرف السيف وبكيت وسالت دموعي، فحن عليّ الرئيس وقال لهم: يا تجار إن هذا القرد استجار بي وقد أجرته وهو في جواري فلا أحد يتعرض له. ثم إن الرئيس صار يحسن إليّ ومهما تكلم به أفهمه وأقضي حوائجه كلها وأخدمه في المركب، وقد طاب لها الريح مدة خمسين يوماً حتى رست على مدينة عظيمة فيها عالم كثير لا يحصى عددهم إلا الله، فساعة وصولنا أوقفنا مركبنا فجاءتنا مماليك من طرف ملك المدينة فنزلوا المركب وهنأوا التجار بالسلامة وقالوا: إن ملكنا يهنيكم بالسلامة وقد أرسل إليكم هذا الورق ليكتب كل واحد منكم فيه سطراً، فقمت وأنا في صورة القرد وخطفت الورق من أيديهم فخافوا أن أقطعه وأرميه في الماء فنهروني وأرادوا قتلي. أشرت لهم أني أكتب، فقال لهم الرئيس: دعوه يكتب فإن لم يعرف الكتابة طردناه وإن أحسنها اتخذته ولداً، فإني ما رأيت قرداً أفهم منهم. ثم أخذت القلم وكتبت بقلم الرقاع هذا الشعر:
لقد كتب الدهر فضل الكرام
وفضلك للآن لا يحسـَــبُ
فلا أيتم الله منك الـــــــــورى
لأنك للـــــــــفضل نعم الأب
ناولتهم ذلك الورق فطلعوا به إلى الملك، فلما تأمل الملك ما في الورق لم يعجبه خط أحد إلا خطي، فقال لأصحابه: توجهوا إلى صاحب هذا الخط وألبسوه هذه الحلة وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبة وأحضروه بين يدي، فلما سمعوا كلام الملك تبسموا، فغضب منهم ثم قال: كيف آمركم بأمر فتضحكون عليّ؟ فقالوا: أيها الملك، لم نضحك على كلامك ولكن الذي كتب هذا الخط قرد وليس آدمياً، وهو مع رئيس المركب! فتعجب الملك من كلامهم واهتز من الطرف وقال: أريد أن أشتري هذا القرد!
ثم بعث رسلاً إلى المركب ومعهم البغلة والحلة وقال: لا بد من أن تلبسوه هذه الحلة وتركبوه البغلة وتأتوا به، فساروا إلى المركب وأخذوني من الرئيس وألبسوني الحلة ودخلت على الملك، فأمرني بالجلوس فجلست على ركبتي، فتعجب الحاضرون من أدبي، وكان الملك أكثر تعجباً، ثم إن الملك أمر الخلق بالانصراف فانصرفوا ولم يبق إلا الملك والطواشي ومملوك صغير وأنا، ثم أمر بطعام فقدموا مائدة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، فأشار إليّ الملك أن أكل فقمت وقبلت الأرض بين يديه سبع مرات، وجلست آكل معه.. فلما رفعت المائدة، ذهبت فغلست يدي، وأخذت الدواة والقلم والقرطاس وكتبت هذين البيتين:
أنا جر الضأن ترياق من العلل
وأصحن الحلو فيها منتهى أملي
يا لهف قلبي على مد السماط إذا
ماجت كنافته بالسمن والعســــل
ثم قمت وجلست بعيداً فنظر الملك إلى ما كتبته وقرأه، فتعجب وقال: هل يكون عند قرد هذه الفصاحة وهذا الخط؟ والله إن هذا من أعجب العجب، ثم قدم للملك شطرنج فقال لي الملك: أتلعب؟ فأشرت برأسي: نعم ثم تقدم ووضعت الشطرنج ولعبت معه مرتين فغلبته، فحار عقل الملك وقال: لو كان هذا آدمياً لفاق أهل زمانه، ثم قال لخادمه: اذهب إلى سيدتك وقل لها كلمي الملك حتى تجيء فتتفرج على هذا القرد العجيب، فذهب الطواشي وعاد ومعه سيدته بنت الملك، فلما نظرت إليّ غطت وجهها وقالت
صورة
: يا أبي كيف طاب لك أن ترسل إليّ فيراني الرجال الأجانب؟ فقال: يا ابنتي ما عندي سوى المملوك والطواشي الذي رباك وهذا القرد فممن تغطين وجهك؟ فقالت إن هذا القرد ابن ملك واسم أبيه إيمار صاحب جزائر الأبنوس، وهو مسحور سحره العفريت جرجريس الذي هو من ذرية إبليس، وقد قتل زوجته بنت ملك أفناموس، وهذا الذي تزعم أنه قرد إنما هو رجل عالم عاقل، فتعجب الملك من ابنته ونظر إليّ وقال: أحق ما تقول عنك؟
فقلت برأسي: نعم، وبكيت، فقال الملك لابنته: من أين عرفت أنه مسحور؟ فقالت: كان عندي وأنا صغيرة عجوز ماكرة ساحرة
صورة
علمتني السحر، وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة وسبعين باباً من أبوابه أقل باب منها أنقل به حجارة مدينتك خلف جبل قاف، وأجعلها لجة بحر وأجعل أهلها سمكاً في وسطه، فقال أبوها: بحق اسم الله عليك أن تخلصي لنا هذا الشاب حتى أجعله وزيري، وهل فيك هذه الفضيلة ولا أعلم؟ فخلصيه لأنه ظريف لبيب، فقالت: حباً وكرامة، ثم أخذت بيدها سكيناً وعملت دائرة.
هنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح


يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 12, 2017 11:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 15 )

وفي الليلة الخامسة عشرة قالت بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية يا سيدتي، ثم أن بنت الملك أخذت بيدها سكينا مكتوبا عليها أسماء عبرانية، وخطت بها دائرة في وسط وكتبت فيها أسماء وطلاسم وعزمت بكلام وقرأت كلاما، لا يفهم، فبعد ساعة أظلمت علينا جهات القصر، حتى ظننا أن الدنيا قد إنطبقت علينا وإذا بالعفريت قد تدلى علينا في أقبح صفة بأيد كالمداري ورجلين كالصواري وعينين كمشعلين يوقدان نارا، ففزعنا منه. فقالت بنت الملك لا أهلا بك ولا سهلا، فقال العفريت وهو في صورة أسد يا خائنة كيف خنت اليمين أما تحالفنا على أن لا يعترض أحدنا للآخر فقالت له يا لعين ومن أين لك يمين فقال العفريت خذي ما جاءك ثم انقلب أسدا
وفتح فاه وهجم على الصبية. فأسرعت وأخذت شعرة من شعرها بيدها، وهمهمت بشفتيها فصارت الشعرة سيفا ماضيا وضربت ذلك الأسد فقطعته نصفين، فصارت رأسه عقربا، وانقلبت الصبية حية عظيمة وهمهمت على هذا اللعين وهو في صفة عقرب، فتقاتلا قتالا شديدا، ثم انقلب العقرب عقابا فانقلبت الحية نسرا وصارت وراء العقاب واستمرا ساعة زمانية ثم انقلب العقاب قطا أسود،
صورة
فانقلبت الصبية ذئبا فتشاحنا في القصر ساعة زمانية وتقاتلا قتالا شديدا فرأى القط نفسه مغلوبا فانقلب وصار رمانة حمراء كبيرة ووقعت تلك الرمانة في بركة وانتثر الحب كل حبة وحدها وامتلأت أرض القصر حبا فانقلب ذلك الذئب

ديكا لأجل أن يلتقط ذلك الحب حتى لا يترك منه حبة فبالأمر المقدر، دارت حبة في جانب الفسقية فصار الديك يصيح ويرفرف بأجنحته ويشير إلينا بمنقاره ونحن لا نفهم ما يقول، ثم صرخ علينا صرخة تخيل لنا منها أن القصر قد انقلب علينا ودار في أرض القصر كلها حتى رأى الحبة التي تدارت في جانب الفسقية فانقض عليها ليلتقطها وإذا بالحبة سقطت في الماء فانقلب الديك حمارا كبيرا ونزل خلفها وغاب ساعة وإذا بنا قد سمعنا صراخا عاليا فارتجفنا. وبعد ذلك طلع العفريت وهو شعلة نار فألقى من فمه نارا ومن عينيه ومنخريه نارا ودخانا وانقلبت الصبية لجة نار فاردنا أن نغطس في ذلك الماء خوفا على أنفسنا من الحريق فما شعرنا إلا العفريت قد صرخ من تحت النيران وصار عندنا في الليوان ونفخ في وجوهنا بالنار فلحقته الصبية ونفخت في وجهه بالنار أيضا فأصابنا الشر منها ومنه، فأما شررها فلم يؤذينا وأما شرره فلحقني منه شرارة في عيني فأتلفتها وأنا في صورة القرد ولحق الملك شرارة منه في وجهه فأحرقت نصفه التحتاني بذقنه وحنكه ووقفت أسنانه التحتانية ووقعت شرارة في صدر الطواشي فاحترق ومات من وقته وساعته فأيقنا بالهلاك وقطعنا رجائنا من الحياة. فبينما نحن كذلك وإذا بقائل يقول: الله أكبر الله أكبر قد فتح ربي ونصر وخذل من كفر بدين محمد سيد البشر وإذا بالقائل بنت الملك قد أحضرت العفريت فنظرنا إليه فرأيناه قد صار كوم رماد، ثم جاءت الصبية وقالت إلحقوني بطاسة ماء فجاؤوا بها فتكلمت عليها بكلام لا نفهمه ثم رشتني بالماء وقالت أخلص بحق الحق وبحق إسم الله الأعظم إلى صورتك الأولى فصرت بشرا كما كنت أولا ولكن تلفت عيني. فقالت الصبية النار يا والدي ثم أنها لم تزل تستغيث من النار وإذا بشرر أسود قد طلع إلى صدرها وطلع إلى وجهها فلما وصل إلى وجهها بكت وقالت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. ثم نظرنا إليها فرأيناها كوم رماد بجانب كوم العفريت فحزنا عليها وتمنيت لو كنت مكانها ولا أرى ذلك الوجه المليح الذي عمل في هذا المعروف يصير رمادا ولكن حكم الله لا يرد. فلما رأى الملك أبنته صارت كوم رماد نتف لحيته ولطم على وجهه وشق ثيابه وفعلت كما فعل وبكينا عليها ثم جاء الحجاب وأرباب الدولة فوجدوا السلطان في حالة العدم وعنده كوم رماد فتعجبوا وداروا حول الملك ساعة فلما أفاق أخبرهم بما جرى لإبنته مع العفريت فعظمت مصيبتهم وصرخ النساء والجواري وعملوا العزاء سبعة أيام. ثم إن الملك أمر أن يبني على رماد ابنته قبة عظيمة وأوقد فيها الشموع والقناديل وأما رماد العفريت فإنهم أذروه في الهواء إلى لعنة الله ثم مرض السلطان مرضا أشرف منه على الموت واستمر مرضه شهرا وعادت إليه العافية فطلبني وقال لي يا فتى قد قضينا زماننا في أهنأ عيش آمنين من نوائب الزمان حتى جئنا فأقبلت علينا الأكدار فليتنا ما رأيناك ولا رأينا طلعتك القبيحة التي لسببها صرنا في حالة العدم. فأولا عدمت ابنتي التي كانت تساوي مائة رجل وثانيا جرى لي من الحريق ما جرى وعدم أضراسي ومات خادمي ولكن ما بيدك حيلة بل جرى قضاء الله علينا وعليك والحمد لله حيث خلصتك إبنتي وأهلكت نفسها، فاخرج يا ولدي من بلدي وكفى ما جرى بسببك وكل ذلك مقدر علينا وعليك، فاخرج بسلام. فخرجت يا سيدتي من عنده وما صدقت بالنجاة ولا أدري أين أتوجه، وخطر على قلبي ما جرى لي وكيف خلوني في الطريق سالما منهم ومشيت شهرا وتذكرت دخولي في المدينة واجتماعي بالخياط واجتماعي بالصبية تحت الأرض وخلاصي من العفريت بعد أن كان عازما على قتلي وتذكرت ما حصل لي من المبدأ إلى المنتهى فحمدت الله وقلت بعيني ولا بروحي ودخلت الحمام قبل أن أخرج من المدينة وحلقت ذقني وجئت يا سيدتي وفي كل يوم أبكي وأتفكر المصائب التي عاقبتها تلف عيني، وكلما أتذكر ما جرى لي أبكي وأنشد هذه الأبيات:
تحيرت والرحمن لاشك فـي أمـري وحلت بي الأحزان من حيث لا أدري
سأصبر حتى يعلم الصـبـر أنـنـي صبرت على شيء أمر من الصبـر
وما أحسن الصبر الجميل مع التقـى وما قدر المولى على خلقه يجـري
سرائر سري ترجمـان سـريرتـي إذا مان سر السر سرك في سـري
ولو أن ما بي بالجبـال لـهـدمـت وبالنار أطفأهـا والـريح لـم يسـر
ومن قال أن الـدهـر فـيه حـلاوة فلا بد من يوم أمـر مـن الـمـر
ثم سافرت الأقطار ووردت الأمصار وقصدت دار السلام بغداد لعلي أتوصل إلى أمير المؤمنين وأخبره بما جرى، فوصلت إلى بغداد هذه اليلة فوجدت أخي هذا الأول واقفا متحيرا فقلت السلام عليك وتحدثت معه وإذا بأخينا الثالث قد أقبل علينا وقال السلام عليكم أنا رجل غريب فقلنا ونحن غريبان وقد وصلنا هذه الليلة المباركة. فمشينا نحن الثلاثة وما فينا أحد يعرف حكاية أحد فساقتنا المقادير إلى هذا الباب ودخلنا عليكم وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقالت له إن كانت حكايتك غريبة فامسح على رأسك واخرج في حال سبيلك، فقال لا أخرج حتى أسمع حديث رفيقي. فتقدم الصعلوك الثالث وقال أيتها السيدة الجليلة ما قصتي مثل قصتهما بل قصتي أعجب وذلك أن هذين جاءهما القضاء والقدر وأما أنا فسبب حلق ذقني وتلف عيني أنني جلبت القضاء لنفسي
يتبع


_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 13, 2017 7:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 17, 2013 2:03 pm
مشاركات: 2761

متابعة
بارك الله بك


_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد واله واحشرنا بزمرتهم انك سميع مجيب


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 14, 2017 10:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ابو الحسن الطيب كتب:

متابعة
بارك الله بك


جزاك الله خيرا كثيرا أخى الكريم الفاضل ابو الحسن الطيب ويسعدنى متابعتكم الكريمة
( 16 )

والهم لقلبي وذلك أني كنت ملكا إبن ملك، ومات والدي وأخذت الملك من بعده وحكمت وعدلت وأحسنت للرعية وكان لي محبة في السفر في البحر وكانت مدينتي على البحر والبحر متسع وحولنا جزائر معدة للقتال. فأردت أن أتفرج على الجزائر فنزلت في عشرة مراكب وأخذت معي مؤونة شهر وسافرت عشرين يوما. ففي ليلة من الليالي هبت علينا رياح مختلفة إلى أن لاح الفجر فهدأ الريح وسكن البحر حتى أشرقت الشمس، ثم أننا أشرفنا على جزيرة وطلعنا إلى البر وطبخنا شيئا نأكله فأكلنا ثم أقمنا يومين وسافرنا عشرين يوما فاختلفت علينا المياه وعلى الريس استغرب الريس البحر فقلنا للناطور: انظر البحر بتأمل، فطلع على الصاري ثم نزل الناطور وقال للريس: رأيت عن يميني سمكا على وجه الماء ونظرت إلى وسط البحر فرأيت سوادا من بعيد يلوح تارة أسود وتارة أبيض. فلما سمع الريس كلام الناطور ضرب الأرض بعمامته ونتف لحيته وقال للناس ابشروا بهلاكنا جميعا ولا يسلم منا أحد، وشرع يبكي وكذلك نحن الجميع نبكي على أنفسنا فقلت أيها الريس أخبرنا بما رأى الناطور فقال يا سيدي أعلم أننا تهنا يوم جاءت علينا الرياح المختلفة ولم يهدأ الريح إلا بكرة النهار ثم أقمنا يومين فتهنا في البحر ولم نزل تائهين أحد عشر يوما من تلك الليلة وليس لنا ريح يرجعنا إلى ما نحن قاصدون آخر النهار وفي غد نصل إلى جبل من حجر أسود يسمى حجر المغناطيس ويجرنا المياه غصبا إلى جهته. فيتمزق المركب ويروح كل مسمار في المركب إلى الجبل ويلتصق به لن الله وضع حجر مغناطيس سرا وهو أن جميع الحديد يذهب إليه وفي ذلك الجبل حديد كثير لا يعلمه إلا الله تعالى حتى أنه تكسر من قديم الزمان مراكب كثيرة بسبب ذلك الجبل ويلي ذلك البحر قبة من النحاس الأصفر معمودة على عشرة أعمدة وفوق القبة فارس على فرس من نحاس وفي يد ذلك الفارس رمح من النحاس ومعلق في صدر الفارس لوح من رصاص منقوش عليه أسماء وطلاسم فيها أيها الملك ما دام هذا الفارس راكبا على هذه الفرس تنكسر المراكب التي تفوت من تحته ويهلك ركابها جميعا ويلتصق جميع الحديد الذي في المركب بالجبل وما الخلاص إلا إذا وقع هذا الفارس من فوق تلك الفرس، ثم إن الريس يا سيدتي بكى بكاء شديد فتحققنا أننا هالكون لا محالة وكل منا ودع صاحبه. فلما جاء الصباح قربنا من تلك الجبل وساقتنا المياه إليه غصبا، فلما صارت المياه تحته انفتحت وفرت المسامير منها وكل حديد فيها نحو حجر المغناطيس ونحن دائرون حوله في آخر النهار وتمزقت المراكب فمنا من غرق ومنا من سلم ولكن أكثرنا غرق والذين سلموا لم يعلموا ببعضهم لأن تلك الأمواج واختلاف الأرياح أدهشتهم. وأما أنا يا سيدتي فنجاني الله تعالى لما أراده من مشقتي وعذابي وبلوتي، فطلعت على لوح من الألواح
صورة
فألقاه الريح والموج إلى جبل فأصبت طريقا متطرفا إلى أعلاه على هيئة السلالم منقورة في الجبل فسميت الله تعالى وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة عشرة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك الثالث قال للصبية والجماعة مكتفون والعبيد واقفين بالسيوف على رؤوسهم، ثم أني سميت الله ودعوته وابتهلت إليه وحاولت الطلوع على الجبل وصرت أتمسك بالنقر التي فيه حتى أسكن الله الريح في تلك الساعة وأعانني على الطلوع فطلعت سالما على الجبل وفرحت بسلامتي غاية الفرح ولم يكن لي دأب إلا القبة فدخلتها وصليت فيها ركعتين شكرا لله على سلامتي ثم إني نمت تحت القبة. فسمعت قائلا يقول يا ابن خصيب إذا انتهيت من منامك، فاحفر تحت رجليك قوسا من نحاس وثلاث نشابات من رصاص منقوشا عليها طلاسم فخذ القوس والنشابات وارم للفارس الذي على القبة وارح الناس من هذا البلاء العظيم فإذا رميت الفارس يقع في البحر ويقع القوس من يدك فخذ القوس، وادفنه في موضعه. فإذا فعلت ذلك يطفو البحر ويعلو حتى يساوي الجبل، ويطلع عليه زورق فيه شخص غير الذي رميته فيجيء غليه وفي يده مجذاف، فاركب معه ولا تسم الله تعالى فإنه يحملك ويسافر بك مدة عشرة أيام إلى أن يوصلك إلى بلدك وهذا غنما يتم لك إن لم تسم الله. ثم استيقظت من نومي، وقمت بنشاط وقصدت الماء، كما قال الهاتف وضربت الفارس فرميته فوقع في البحر ووقع القوس من يدي فأخذت القوس ودفنته فهاج البحر وعلا حتى ساوى الجبل الذي أنا عليه فلم ألبث غير ساعة حتى رأيت زورقا في وسط البحر يقصدني فحمدت الله تعالى فلما وصل إلي الزورق وجدت فيه شخصا من النحاس صدره لوح من الرصاص، منقوش بأسماء وطلاسم. فنزلت في الزورق وأنا ساكت لا أتكلم فحملني الشخص أول يوم والثاني والثالث إلى تمام عشرة أيام حتى جزائر السلامة ففرحت فرحا عظيما ومن شدة فرحي ذكرت الله وسميت وهللت وكبرت فلما فعلت ذلك قذفني من الزورق في البحر ثم رجع في البحر وكنت أعرف العوم فعمت ذلك اليوم إلى الليل حتى كلت سواعدي وتعبت أكتافي وصرت في الهلكات ثم تشهدت وأيقنت بالموت وهاج البحر من كثرة الرياح فجاءت موجة كالقلعة العظيمة، فحملتني وقذفتني قذفة صرت بها فوق البر، لمل يريد الله فطلعت البر وعصرت ثيابي ونشفتها على الأرض وبت. فلما أصبحت لبست ثيابي وقمت أنظر أين أمشي فوجدت غوطة فجئتها ودرت حولها فوجدت الموضع الذي فيه جزيرة صغيرة، والبحر محيط بها، فقلت في نفسي كلما أخلص من بلية أقع في أعظم منها فبينما أنا متفكر في أمري أتمنى الموت إذ نظرت مركبا فيها ناس. فقمت وطلعت على شجرة وإذا بالمركب التصقت بالبر وطلع منها عشرة عبيد معهم مساحي فمشوا حتى وصلوا إلى وسط الجزيرة وحفروا في الأرض وكشفوا عن طابق فرفعوا الطابق وفتحوا بابه، ثم عادوا إلى المركب ونقلوا منها خبزا ودقيقا وسمناً وعسلاً وأغناماً وجميع ما يحتاج إليه الساكن وصار العبيد مترددين بين المركب وباب الطابق وهم يحولون من المركب وينزلون في الطابق إلى أن نقلوا جميع ما في المركب. ثم بعد ذلك طلع العبيد ومعهم ثياب أحسن ما يكون وفي وسطهم، شيخ كبير هرم قد عمر زمنا طويلا وأضعفه الدهر، حتى صار فانيا ويد ذلك الشيخ في يد صبي قد أفرغ في قالب الجمال وألبس حلة الكمال حتى أنه يضرب بحسنه الأمثال وهو كالقضيب الرطب يسحر كل قلب بجماله ويسلب كل لب بكماله فلم يزالوا يا سيدتي سائرين حتى أتوا إلى الطابق ونزلوا فيه، وغابوا عن عيني. فلما توجهوا قمت ونزلت من فوق الشجرة ومشيت إلى موضع الردم، ونبشت التراب ونقلته وصبرت نفسي حتى أزلت جميع التراب فانكشف الطابق فإذا هو خشب مقدار حجر الطاحون فرفعته فبان من تحته سلم معقود من حجر فتعجبت من ذلك ونزلت السلم حتى إنتهيت إلى آخره فوجدت شيئا نظيفا ووجدت بستانا وثانيا إلى تمام تسعة وثلاثين وكل بستان أرى فيه ما يكل عنه الواصفون من أشجار وأنهار وأثمار وذخائر. ورأيت بابا فقلت في نفسي ما الذي في هذا المكان، فلابد أن أفتحه وأنظر ما فيه ثم فتحته فوجدت فيه فرسا مسرجا ملحما مربوطا ففككته وركبته فطار بي إلى حطني على سطح وأنزلني وضربني بذيله فأتلف عيني وفر مني فنزلت من فوق السطح فوجدت عشرة شبان عور فلما رأوني قالوا لا مرحبا بك

صورة
، فقلت لهم: أتقبلوني أجلس عندكم. فقالوا والله لا تجلس عندنا فخرجت من عندهم حزين القلب باكي العين، وكتب الله لي السلامة حتى وصلت إلى بغداد فحاقت ذقني وصرت صعلوكا فوجدت هذين الإثنين العورين فسلمت عليهما وقلت لهما أنا غريب، فقالا ونحن غريبان فهذا سبب تلف عيني، وحلق ذقني، فقالت له أمسح على رأسك وروح، فقال: لا أروح حتى أسمع قصة هؤلاء. ثم أن الصبية التفتت إلى الخليفة وجعفر ومسرور وقالت لهم أخبروني بخبركم، فتقدم جعفر وحكى لها الحكاية التي قالها للبوابة عند دخولهم فلما سمعت كلامه قالت وهبت بعضكم لبعض فخرجوا إلى أن صاروا في الزقاق فقال الخليفة للصعاليك يا جماعة إلى أين تذهبون فقالوا ما ندري أين نذهب فقال لهم الخليفة سيروا وبيتوا عندنا وقال لجعفر خذهم واحضرهم لي غدا، حتى ننظر ما يكون، فامتثل جعفر ما أمره به الخليفة. ثم أن الخليفة طلع إلى قصره ولم يجئه نوم في تلك الليلة فلما اصبح جلس على كرسي المملكة ودخلت عليه أرباب الدولة، فالتفت إلى جعفر بعد أن طلعت أرباب الدولة وقال ائتني بالثلاث صبايا والكلبتين والصعاليك، فنهض جعفر وأحضرهم بين يديه فأدخل الصبايا تحت الأسنار. والتفت لهن جعفر وقال لهن قد عفونا عنكن لما أسلفتن من الإحسان إلينا ولم تعرفنا فها أنا أعرفكن وأنتن بين يدي الخامس من بني العباس هارون الرشيد، فلا تخبرنه إلا حقا فلما سمع الصبايا كلام جعفر، عن لسان أمير المؤمنين تقدمت الكبيرة وقالت يا أمير المؤمنين أن لي حديثا لو كتب بالإبر على آماق البصر لكان عبرة لمن اعتبر وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
يتبع


_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 15, 2017 10:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
(17 )

وفي الليلة السابعة عشرة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن كبيرة الصبايا، لما تقدمت بين يدي أمير المؤمنين وقالت إن لي حديثا عجيبا وهو أن هاتين الصبيتين أختاي من أبي من غير أمي فمات والدنا وخلف خمسة آلاف دينار وكنت أنا اصغرهن سنا فتجهزت أختاي وتزوجت كل واحدة برجل ومكثنا مدة ثم إن كل واحد من أزواجهما هيأ متجرا واخذ من زوجته ألف دينار وسافروا مع بعضهم، وتركوني فغابوا أربع سنين وضيع زوجاهما المال، وخسرا وتركاهما في بلاد الناس فجاءاني في هيئة الشحاتين. فلما رأيتهما ذهلت عنهما ولم أعرفهما ثم إني لما عرفتهما، قلت لهما: ما هذا الحال، فقالتا يا أختاه إن الكلام لا يفيد الآن، وقد جرى القلم بما حكم الله فأرسلتهما إلى الحمام وألبست كل واحدة حلة وقلت لهما يا أختي أنتما الكبيرة وأنا الصغيرة وأنتم عوض عن أبي وأمي والإرث الذي ناسي معكما قد جعل الله فيه البركة فكلا من زكاته وأحوالي جليلة وأنا وأنتما سواء وأحسنت إليهما غاية الإحسان فمكثا عندي مدة سنة كاملة وصار لهما مال من مالي فقالتا لي أن الزواج خير لنا وليس لنا صبر عنه. فقلت لهما يا أختي لم تريا في الزواج خيرا فإن الرجل الجيد قليل في هذا الزمان وقد اخترتما الزواج فلم يقبلا كلامي، وتزوجا بغير رضاي فزوجتهما من مالي وسترتهما ومضتا مع زوجيهما فأقاما مدة يسيرة ولعب عليهما زوجهما وأخذ ما كان معهما وسافرا وتركاهما فجاءتا عندي وهما على هيئة الشحاتين واعتذرتا وقالتا لا تؤاخذينا، فأنت أصغر منا سنا وأكمل عقلا، وما بقينا نذكر الزواج أبدا. فقلت مرحبا بكما يا أختي ما عندي أعز منكما وقبلتهما وزدتهما إكراما ولم تزل على هذه الحالة سنة كاملة فأردت أن أجهز لي لي مركبا إلى البصرة، فجهزت مركبا كبيرة وحملت فيها البضائع والمتاجر وما أحتاج إليه في المركب وقلت يا أختي هل لكما أن تقعدوا في المنزل حتى أسافر وأرجع أو تسافرا معي، فقالتا نسافر معك فإنا لا نطيق فراقك فأخذتهما وسافرنا، وكنت قسمت مالي نصفين فأخذت النصف وخبأت النصف الثاني وقلت ربما يصيب المركب شيء ويكون في العمر مدة فإذا رجعنا نجد شيئا ينفعنا. ولم نزل مسافرين أياما وليالي، فتاهت بنا المركب وغفل الريس عن الطريق ودخلت المركب بحرا غير البحر الذي نريده ولم نعلم بذلك مدة، وطاب لنا الريح عشرة أيام فلاحت لنا مدينة على بعد فقلنا للريس ما إسم هذه المدينة التي أشرفنا عليها فقال والله لا أعلم ولا رأيتها قط، ولا سلكت عمري هذا البحر، ولكن جاء الأمر بسلامة فما بقي إلا أن تدخلوا هذه المدينة وتخرجوا بضائعكم فإن حصل لكم بيع فبيعوا وغاب ساعة. ثم جاءنا وقال قوموا إلى المدينة وتعجبوا من صنع الله في خلقه واستعيذوا من سخطه فطلعنا المدينة فوجدنا كل من فيها مسخوطا حجارة سوداء، فاندهشنا من ذلك ومشينا في الأسواق فوجدنا البضائع باقية والذهب والفضة باقيين على حالهما
صورة
ففرحنا وقلنا لعل هذا يكون له أمر عجيب، وتفرقنا في شوارع المدينة وكل واحد اشتغل عن رفيقه بما فيها من المال والقماش. وأما أنا فطلعت إلى القلعة فوجدتها محكمة فدخلت قصر الملك فوجدت فيه جميع الأواني من الذهب والفضة ثم رأيت الملك جالسا وعنده حجابه ونوابه ووزرائه وعليه من الملابس شيء يتحير فيه الفكر فلما قربت من الملك وجدته جالسا على كرسي مرصع بالدر والجواهر فيه كل درة تضيء كالنجمة وعليه حلة مزركشة بالذهب وواقفا حوله خمسون مملوكا بين أنواع الحرير، وفي أيديهم السيوف مجردة. فلما نظرت لذلك دهش عقلي ثم مشيت ودخلت قاعة الحريم، فوجدت في حيطانها ستائر من الحرير ووجدت الملكة عليها حلة مزركشة بالؤلؤ الرطب وعلى رأسها تاج مكلل بأنواع الجواهر
صورة
وفي عنقها قلائد وعقودا وجميع ما عليها من الملبوس والمصاغ باق على حاله وهي ممسوخة حجر أسود ووجدت بابا مفتوحا فدخلته ووجدت فيه سلما بسبع درج فصعدته، فرأيت مكانا مرخما مفروشا بالبسط المذهبة ووجدت فيه سرير من المرمر مرصعا بالدر والجواهر ونظرت نورا لامعا في جهة فقصدتها فوجدت فيها جوهرة مضيئة قدر بيض النعامة على كرسي صغير، وهي تضيء كالشمعة، ونورها ساطع ومفروش على ذلك السرير من أنواع الحرير ما يحير الناظر. فلما نظرت إلى ذلك تعجبت ورأيت في ذلك المكان شموعا موقدة فقلت في نفسي لابد أن أحدا أوقد هذه الشموع، ثم إني مشيت حتى دخلت موضعا غيره وصرت أفتش في تلك الأماكن ونسيت نفسي مما أدهشني من التعجب من تلك الأحوال، واستغرق فكري إلى أن دخل الليل فأردت الخروج فلم أعرف الباب وتهت عنه فعدت إلى الجهة التي فيها الشموع الموقدة وجلست على السرير وتغطيت بلحاف بعد أن قرأت شيئا من القرآن وأوردت النوم فلم أستطع ولحقني القلق. فلما انتصف الليل سمعت تلاوة القرآن بصوت حسن رقيق فالتفت إلى مخدع فرأيت بابه مفتوحا فدخلت الباب ونظرت المكان فإذا هو معبد وفيه قناديل معلقة موقدة وفيه سجادة مفروشة جالس عليها شاب حسن المنظر فتعجبت كيف هو سالم دون أهل المدينة فدخلت وسلمت عليه فرفع بصره ورد علي السلام فقلت له أسألك بحق ما تتلوه من كتاب الله أن تجيبني عن سؤالي. فتبسم وقال أخبرني عن سبب دخولك هذا المكان وأنا أخبرك بجواب ما تسألينه عنه فأخبرته بخبري فتعجب من ذلك، ثم إنني سألته عن خبر هذه المدينة فقال أمهليني ثم طبق المصحف وادخله كيس من الأطلس وأجلسني بجنبه فنظرت إليه فإذا هو كالبدر حسن الأوصاف لين الأعطاف بهي المنظر رشيق القد أسيل الخد زهي الجنات كأنه المقصود من هذه الأبيات:
رصد النجم ليلـه فـبـدا لـه قد المليح يمـيس فـي بـرديه
وأمـد زحـل ســواد ذوائب والمسك هادي الخال في خديه
وغدت من المربح حمرة خـده والقوس يرمي النبل من جفنيه
وعطارد أعطاه فـرط ذكـائه وأبى السها نظر الوشـاة إلـيه
فغدا المنجم حائرا مـمـا أرى والأرض باس الأرض بين يديه
فنظرت له نظرة أعقبتني ألف حسرة وأوقدت بقلبي كل جمرة فقلت له يا مولاي أخبرني عما سألتك فقال سمعا وطاعة. أعلمي أن هذه المدينة مدينة والدي وجميع أهله وقومه وهو الملك الذي رأيته على الكرسي ممسوخا حجرا وأما الملكة التي رأيتها فهي أمي وقد كانوا مجوسا يعبدون النار دون الملك الجبار وكانوا يقسمون بالنار والنور والظل والخرور والفلك الذي يدور وكان أبي ليس له ولد فرزق بي في آخر عمره فرباني حتى نشأت وقد سبقت لي السعادة، وكان عندنا عجوز طاعنة في السن مسلمة تؤمن بالله ورسوله في الباطن وتوافق أهلي في الظاهر وكان أبي يعتقد فيها لما يرى عليها من الأمانة والعفة وكان يكرمها ويزيد في إكرامها وكان يعتقد أنها على دينه. فلما كبرت سلمني أبي إليها وقال: خذيه وربيه وعلميه أحوال ديننا وأحسني تربيته وقومي بخدمته فأخذتني العجوز وعلمتني دين الإسلام من الطهارة والوضوء والصلاة وحفظتني القرآن فلما أتمت ذلك قالت لي يا ولدي أكتم هذا الأمر عن أبيك ولا تعلمه به لئلا يقتلك فكتمته عنه ولم أزل على هذا الحال مدة أيام قلائل وقد ماتت العجوز وزاد أهل المدينة في كفرهم وعتوهم وضلالهم. فبينما هم على ما هم فيه إذ سمعوا مناديا ينادي بأعلى صوته مثل الرعد القاصف سمعه القريب والبعيد يقول يا أهل المدينة أرجعوا عن عبادة النار واعبدوا الملك الجبار فحصل عند أهل المدينة فزع واجتمعوا عند أبي وهو ملك المدينة وقالوا له: ما هذا الصوت المزعج الذي سمعناه فاندهشنا من شدة هوله فقال لهم لايهولنكم الصوت ولا يردعنكم عن دينكم. فمالت قلوبهم إلى قول أبي ولم يزالوا مكبين على عبادة النار واستمروا على طغيانهم مدة سنة حتى جاء ميعاد ما سمعوا الصوت الأول فظهر لهم ثانيا فسمعوا ثلاث مرات على ثلاث سنين في كل سنة مرة فلم يزالوا عاكفين على ما هم عليه حتى نزل عليهم المقت والسخط من السماء بعد طلوع الفجر، فمسخوا حجارة سودا وكذلك دوابهم وأنعامهم ولم يسلم من أهل هذه المدينة غيري، ومن يوم ما جرت هذه الحادثة وأنا على هذه الحالة في صلاة وصيام وتلاوة قرآن وقد يئست من الوحدة وما عندي من يؤنسني. فعند ذلك قلت له أيها الشاب هل لك أن تروح معي إلى مدينة بغداد وتنظر إلى العلماء وإلى الفقهاء فتزداد علما وفقها وأكون أنا جاريتك مع إني سيدة قومي وحاكمة على رجال وخدم وغلمان، وعندي مركب مشحون بالمتجر وقد رمتنا المقادير على هذه المدينة حتى كان ذلك سببا في إطلاعنا على هذه الأمور وكان النصيب في إجتماعنا ولم أزل أرغبه في التوجه حتى أجابني إليه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 16, 2017 9:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 18 )


في الليلة الثامنة عشرة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية ما زالت تحسن للشاب التوجه معها حتى غلب عليها النوم فنامت تلك الليلة تحت رجليه وهي لا تصدق بما هي فيه من الفرح، ثم قالت فلما أصبح الصباح قمنا ودخلنا إلى الخزائن وأخذنا ما خف حمله وغلا ثمنه ونزلنا من القلعة إلى المدينة فقابلنا العبيد والريس وهم يفتشون علي فلما رأوني فرحوا بي وسألوني عن سبب غيابي فأخبرتهم بما رأيت وحكيت لهم قصة الشاب وسبب مسخ أهل هذه المدينة وما جرى لهم فتعجبوا من ذلك.
فلما رأتني أختاي ومعي ذلك الشاب حسدتاني عليه وصارتا في غيظ وأضمرتا المكر لي. ثم نزلنا المركب وأنا بغاية الفرح وأكثر فرحي بصحبة هذا الشاب وأقمنا ننتظر الريح حتى طابت لنا الريح فنشرنا القلوع وسافرنا فقعدت أختاي عندنا وصارت تتحدثان فقالتا لي يا أختاه ما تصنعين بهذا الشاب الحسن فقلت لهما قصدي أن اتخذه بعلا، ثم التفت إليه وأقبلت عليه وقلت يا سيدي أنا أقصد أن أقول لك شيئا فلا تخالفني فيه. فقال سمعا وطاعة. ثم التفت إلى أختاي وقلت لهما يكفيني هذا الشاب وجميع هذه الأموال لكما فقالتا نعم ما فعلت ولكنهما أضمرتا لي الشر ولم نزل سائرين مع اعتدال الريح حتى خرجنا من بحر الخوف ودخلنا بحر الأمان وسافرنا أياما قلائل إلى أن قربنا من مدينة البصرة ولاحت لنا أبنيتها، فأدركنا المساء فلما أخذنا النوم قامت أختاي وحملتاني أنا والغلام ورمتانا في البحر، فأما الشاب فإنه كان لا يحسن العوم فغرق وكتبه الله من الشهداء. وأما أنا فكنت من السالمين، فلما سقطت في البحر رزقني الله بقطعة من خشب فركبتها وضربتني الأمواج إلى أن رمتني على ساحل جزيرة فلم أزل أمشي في الجزيرة باقي ليلتي فلما أصبح الصباح رأيت طريقا فيه أثر مشي على قدر ابن آدم وتلك الطريق متصلة من الجزيرة إلى البر وقد طلعت الشمس فنشفت ثيابي فيها وسرت في الطريق ولم أزل سائرة إلى أن قربت من البر الذي فيه المدينة وإذا بحية تقصدني وخلفها ثعبان يريد هلاكها وقد تدلى لسانها من شدة التعب. فأخذتني الشفقة عليها فقعدت إلى حجر وألقيته على رأس الثعبان فمات من وقته فنشرت الحية جناحين وصارت في الجو فتعجبت من ذلك
صورة

وقد تعبت فنمت في موضعي ساعة، فلما أفقت وجدت تحت رجلي جارية وهي تكبس رجلي فجلست واستحيت منها وقلت لها من أنت وما شانك فقالت ما أسرع ما نسيتني أنت التي فعلت معي الجميل وقتلت عدوي، فإني الحية التي خلصتيني من الثعبان جني وهو عدوي وما نجاني منه إلا أنت. فلما نجيتني منه طرت في الريح وذهبت إلى المركب التي رماك منها أختاك ونقلت جميع ما فيها إلى بيتك وأحرقتها وأما أختاك فإني سحرتهما كلبتين من الكلاب السود، فإني عرفت جميع ما جرى لك معهما، وأما الشاب فإنه غرق ثم حملني أنا والكلبتين والقتنا فوق سطح داري فرأيت جميع ما كان في المركب من الأموال في وسط بيتي ولم يضع منه شيء، ثم أن الحية قالت لي وحق النقش الذي على خاتم سليمان إذا لم تضربي كل واحدة منها في كل يوم ثلاثمائة سوط لآتين أجعلك مثلهما فقلت سمعا وطاعة. فلم أزل يا أمير المؤمنين أضربها ذلك الضرب وأشفق عليهما، فتعجب الخليفة من ذلك ثم قال للصبية الثانية: وأنت ما سبب الضرب الذي على جسدك فقالت: يا أمير المؤمنين إني كان لي والد مات وخلف مالا كثيرا، فأقمت بعده مدة يسيرة وتزوجت برجل اسعد أهل زمانه فأقمت معه سنة كاملة ومات فورثت منه ثمانين ألف دينار، فبينما أنا جالسة في يوم من الأيام إذ دخلت علي عجوز بوجه مسقوط وحاجب ممغوط وعيونها مفجرة وأسنانها مكسرة ومخاطها سائل وعنقها مائل

صورة
كما قال فيها الشاعر:
عجوز النحس إبليس يراها تعلمه الخديعة من سكوت
تقود من السياسة ألف بغل إذا انفردوا بخيط العنكبوت
فلما دخلت العجوز علمت علي وقالت أن عندي بنتا يتيمة والليلة عملت عرسها وأنا قصدي لك الأجر والثواب فاحضري عرسها فأنها مكسورة الخاطر ليس لها إلا الله تعالى ثم بكت وقبلت رجلي فأخذتني الرحمة والرأفة فقلت سمعا وطاعة فقالت جهزي نفسك فإني وقت العشاء أجي وآخذك ثم قبلت يدي وذهبت فقمت وهيأت نفسي وجهزت حالي وإذا بالعجوز قد أقبلت وقالت يا سيدتي أن سيدات البلد قد حضرن وأخبرتهن بحضورك ففرحن وهن في انتظارك، فقمت وتهيأت وأخذت جواري معي وسرت حتى أتينا إلى زقاق هب فيه النسيم وراق فرأينا بوابة مقنطرة قبة من الرخام مشيدة البنيان وفي داخلها قصر قد قام من التراب وتعلق بالسحاب فلما وصلنا إلى الباب طرقته العجوز ففتح لنا ودخلنا فوجدنا دهليزا مفروشا بالبسط معلقا فيه قناديل موقدة وشموع مضيئة وفيه الجواهر والمعادن معلقة فمشينا في الدهليز إلى أن دخلنا القاعة فلم يوجد لها نظير مفروشة بالفراش الحرير معلقا فيها القناديل الموقدة والشموع المضيئة وفي صدر القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر وعليه ناموسية من الأطلس وإذا بصبية خرجت من الناموسية مثل القمر فقالت لي مرحبا وأهلا وسهلا يا أختي آنستيني وجبرت خاطري وأنشدت تقول:
لو تعلم الدار من زارها فرحـت واستبشرت ثم باست موضع القدم
وأعلنت بلسـان الـحـال قـائلة أهلا وسهلا بأهل الجود والكرم
ثم جلست وقالت يا أختي أن لي أخا وقد رآك في الأفراح وهو شاب احسن مني وقد أحبك قلبه حبا شديدا وأعطى هذه العجوز دراهم حتى أتتك وعملت الحيلة لأجل اجتماعه بك ويريد أخي أن يتزوجك بسنة الله ورسوله وما في الحلال من عيب فلما سمعت كلامها ورأيت نفسي قد انحجزت في الدار فقلت للصبية سمعا وطاعة ففرحت وصفقت بيدها وفتحت بابا، فخرج منه شاب مثل القمر كما قال الشاعر:
قد زاد حسنا تبارك الـلـه جل الذي صاغـه وسـواه
قد حاز كل الجمال منفـردا كل الورى في جماله تهواه
قد كتب الحسن فوق وجنتيه أشهد أن لا مليح إلا هـو
فلما نظرت إليه مال قلبي له ثم جاء وجلس وإذا بالقاضي قد دخل ومعه أربعة شهود فسلموا وجلسوا، ثم أنهم كتبوا كتابي على ذلك الشاب وانصرفوا فالتفت الشاب إلي وقال ليلتنا مباركة، ثم قال يا سيدتي أني شارط عليك شرطا فقلت يا سيدي وما الشرط فقام وأحضر لي مصحفا وقال احلفي لي أنك لا تختاري أحدا غيري ولا تميلي إليه فحلفت له على ذلك ففرح فرحا شديدا وعانقني فأخذت محبته بمجامح قلبي وقدموا لنا السماط فأكلنا وشربنا حتى اكتفينا فدخل علينا الليل. فأخذني ونام معي على الفراش وبتنا في عناق إلى الصباح، ولم نزل على هذه الحالة مدة شهر، ونحن في هناء وسرور وبعد الشهر استأذنته في أن أسير إلى السوق وأشتري بعض قماش فأذن لي في الرواح، فلبست ثيابي وأخذت العجوز معي ونزلت في السوق فجلست على دكان تاجر تعرفه العجوز وقالت لي هذا ولد صغير مات أبوه وخلف مالا كثيرا ثم قالت له هات أعز ما عندك من القماش لهذه الصبية. فقال لها سمعا وطاعة فصارت العجوز تثني عليه فقلت ما لنا حاجة بثنائك عليه لأن مرادنا أن نأخذ حاجتنا منه ونعود إلى منزلنا فأخرج لنا ما طلبناه وأعطيناه الدراهم فأبى أن يأخذ شيئا وقال هذه ضيافتكما اليوم عندي فقلت للعجوز إن لم يأخذ الدراهم أعطه قماشه. فقال: والله لا آخذ شيئا والجميع هدية من عندي في قبلة واحدة فإنها عندي أحسن من ما في دكاني. فقالت العجوز ما الذي يفيدك من القبلة ثم قالت يا بنتي قد سمعت ما قال هذا الشاب وما يصيبك شيء اخذ منك قبلة وتأخذين ما تطلبينه فقلت لها أما تعرفين أني حالفة فقالت دعيه يقبلك وأنت ساكتة ولا عليك شيء وتأخذين هذه الدراهم ولازالت تحسن لي الأمر حتى أدخلت رأسي في الجراب ورضيت بذلك ثم إني غطيت عيني وداريت بطرف إزاري من الناس ورضيت أن يقبل خدي فما أن قبلني حتى عضني عضة قوية، حتى قطع اللحم من خدي فغشي علي ثم آخذتني العجوز في حضنها. فلما أفقت وجدت الدكان مقفولة والعجوز تظهر لي الحزن، وتقول ما دفع الله كان أعظم ثم قالت لي قومي بنا إلى البيت وأعملي نفسك ضعيفة وأنا أجيء إليك بدواء تداوين به هذه العضة فتبرئين سريعا فبعد ساعة قمت من مكاني وأنا في غاية الفكر واشتداد الخوف، فمشيت حتى وصلت إلى البيت وأظهرت حالة المرض وإذا بزوجي داخل وقال ما الذي أصابك يا سيدتي في هذا الخروج فقلت له ما انا طيبة فنظر إلي وقال لي ما هذا الجرح الذي بخدك وهو في المكان الناعم. فقلت لما استأذنتك وخرجت في هذا النهار لأشتري القماش زاحمني جمل حامل حطبا فشرط نقابي وجرح خدي كما ترى فإن الطريق ضيق في هذه المدينة فقال غدا أروح للحاكم وأشكوا له فيشنق كل حطاب في المدينة فقلت بالله عليك لا تتحمل خطيئة أحد فإني ركبت حمارا نفر بي فوقعت على الأرض فصادفني عود فخدش خدي وجرحني، فقال غدا أطلع لجعفر البرمكي وأحكي له الحكاية فيقتل كل حمار في هذه المدينة فقلت هل أنت تقتل الناس كلهم بسببي وهذا الذي جرى لي بقضاء الله وقدره. فقال لابد من ذلك وشدد علي ونهض قائما وصاح صيحة عظيمة فانفتح الباب وطلع منه سبعة عبيد سود فسحبوني من فراشي ورموني في وسط الدار ثم أمر عبدا منهم أن يمسكني من أكتافي، ويجلس على رأسي وأمر الثاني أن يجلس على ركبتي ويمسك رجلي وجاء الثالث وفي يده سيف فقال يا سيدي أضربها بالسيف فأقسمها نصفين وكل واحد يأخذ قطعة يرميها في بحر الدجلة فيأكلها السمك وهذا جزاء من يخون الإيمان المودة وأنشد هذا الشعر:
إذا كان لي فيمن أحب مـشـارك منعت الهوى روحي ليتلفني وجدي
وقلت لها يا نفس موتـي كـريهة فلا خير في حب يكون مع الضد
ثم قال للعبد اضربها يا سعد فجرد السيف وقال اذكري الشهادة وتذكري ما كان لك من الحوائج واوصي ثم رفعت رأسي ونظرت إلى حالي وكيف صرت في الذل بعد العجز فجرت عبرتي وبكيت أنشدت هذه الأبيات:
أقمتم فؤادي في الهوى وقعدتـم واسهرتم جفني القريح ونمـتـم
ومنزلكم بين الفؤاد ونـاظـري فلا القلب يسلوكم ولا الدمع يكتم
وعاهدتموني أن تقيموا على الوفا فلما تملكتم فـؤادي غـدرتـم
ولم ترحموا وجدي بكم وتلهفـي أأنتم صروف الحادثات أمنـتـم
سألتكم بالله أن مت فاكتبـوا على لوح قبري أن هذا متيم
لعل شجيا عارفا لوعة الهوى يمر على قبر المحب فيرحم
فلما فرغت من شعري بكيت فلما سمع الشعر ونظر إلى بكائي أزداد غيظا على غيظه وأنشد هذين البيتين:
تركت حبيب القلب لاعن ملانة ولكن جنى ذنبا يؤدي إلى الترك
إذا ارى شريكا في المحبة بيننـا وإيمان قلبي لا يميل إلى الشرك
فلما فرغ من شعره بكيت واستعطفته، وإذا بالعجوز قد دخلت ورمت نفسها على أقدام الشاب وقبلتها وقالت يا ولدي بحق تربيتي لك تعفوا عن هذه الصبية فإنها ما فعلت ذنبا يوجب ذلك وأنت شاب صغير فأخاف عليك من دعائها ثم بكت العجوز، ولم تزل تلح عليه حتى قال عفوت عنها، ولكن لابد لي أن أعمل فيها أثرا يظهر عليها بقية عمرها، ثم أمر العبيد فجذبوني من ثيابي وأحضر قضيبا من سفرجل ونزل به على جسدي بالضرب، ولم يزل يضربني ذلك الشاب على ظهري وجنبي حتى غبت عن الدنيا من شدة الضرب وقد يئست من حياتي ثم أمر العبيد أنه إذا دخل الليل يحملونني ويأخذون العجوز معهم ويرمونني في بيتي الذي كنت فيه سابقا. ففعلوا ما أمرهم به سيدهم ورموني في بيتي، فتعاهدت نفسي وتداويت فلما شفيت بقيت أضلاعي كأنها مضروبة بالمقارع، كما ترى فاستمريت في مداواة نفسي أربعة أشهر حتى شفيت، ثم جئت إلى الدار التي جرت لي فيها ذلك الأمر فوجدتها خربة ووجدت الزقاق مهد وما من أوله إلى آخره ووجدت في موقع الدار كيما ولم أعلم سبب ذلك فجئت إلى أختي هذه التي من أبي فوجدت عندها هاتين الكلبتين فسلمت عليها وأخبرتها بخبري وبجميع ما جرى لي. فقالت من ذا الذي من نكبات الزمان، سلم الحمد لله الذي جعل الأمر بسلامة ثم أخبرتني بخبرها وبجميع ما جرى لها من أختيها وقعدت أنا وهي لا نذكر خبر الزواج على ألسنتنا ثم صاحبتنا هذه الصبية الدلالة في كل يوم تخرج فتشتري لنا ما نحتاج إليه من المصالح على جري علاتها، فوقع لنا ما وقع من مجيء الجمال والصعاليك ومن مجيئكم في صفة تجار فلما صرنا في هذا اليوم ولم نشعر إلا نحن بين يديك وهذه حكايتنا، فتعجب الخليفة من هذه الحكاية وجعلها تاريخها مثبتا في خزانته وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 17, 2017 10:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 19 )

وفي الليلة التاسعة عشرة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة أمر أن تكتب هذه القصة في الدواوين ويجعلوها في خزانة الملك ثم أنه قال للصبية الأولى هل عندك خبر بالعفريتة التي سحرت أختيك، قالت يا أمير المؤمنين إنها أعطتني سيئا من شعرها، وقالت إن أردت حضوري فاحرقي من هذا الشعر شيئا فأحضر إليك عاجلا ولو كنت خلف جبل قاف. فقال الخليفة أحضري لي الشعر فأحضرته الصبية فأخذه الخليفة، وأحرق منه شيئا فلما فاحت منه رائحة إهتز القصر وسمعوا دويا وصلصلة وإذا بالجنية حضرت وكانت مسلمة فقالت السلام عليكم يا خليفة الله فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقالت أعلم أن هذه الصبية صنعت معي جميلا ولا أقدر أن أكافئها عليه فهي أنقذتني من الموت وقتلت عدوي ورأيت ما فعله معها أختاها فما رأيت إلا أني أنتقم منهما فسحرتهما كلبتين بعد أن أردت قتلهما فخشيت أن يصعب عليها، وإن أردت خلاصهما، يا أمير المؤمنين أخلصهما كرامة لك ولها فإني من المسلمين. فقال لها خلصيهما وبعد ذلك نشرع في أمر الصبية المضروبة، وتفحص عن حالها فإذا ظهر لي صدقها أخذت ثأرها ممن ظلمها فقالت العفريتة يا أمير المؤمنين أنا أدلك على ما فعل بهذه الصبية هذا الفعل وظلمها وأخذ مالها وهو أقرب الناس إليك، ثم إن العفريتة أخذت طاسة من الماء وعزمت عليها، ورشت وجه الكلبتين، وقالت لهما عودا إلى صورتكما الأولى البشرية فعادتا صبيتين سبحان خالقهما، ثم قالت يا أمير المؤمنين أن الذي ضرب الصبية، ولدك الأمين فإنه كان يسمع بحسنها وجمالها، وحكت له العفريتة جميع ما جرى للصبية فتعجب وقال الحمد لله خلاص هاتين الكلبتين على يدي. ثم أن الخليفة أحضر ولده الأمين بين يديه وسأله عن قصة الصبية الأولى فأخبره على وجه الحق فأحضره الخليفة القضاة والشهود والصعاليك الثلاثة، وأحضر الصبية الأولى وأختيها اللتين كانتا مسحورتين في صورة كلبتين، وزوج الثلاثة للثلاثة الصعاليك الذين أخبروه أنهم كانوا ملوكا وعملهم حجابا عنده وأعطاهم ما يحتاجون إليه وأنزلهم في قصر بغداد ورد الصبية المضروبة لولده الأمين وأعطاها مالا كثيرا وأمر أن تبنى الدار أحسن ما كانت ثم أن الخليفة تزوج بالدلالة . فلما أصبح أفرد لها بيتا وجواري يخدمنها ورتب لها راتبا، وشيد لها قصرا ثم قال لجعفر ليلة من الليالي أني أريد أن ننزل في هذه الليلة إلى المدينة ونسأل عن أحوال الحكام والمتولين وكل من شكا منه أحد عزلناه فقال جعفر ومسرور نعم، وساروا في المدينة ومشوا في الأسواق مروا بزقاق،
صورة
فرأوا شيخا كبيرا على رأسه شبكة وقفة وفي يده عصا وهو ماش على مهله. ثم إن الخليفة تقدم إليه وقال له يا شيخ ما حرفتك قال يا سيدي صياد وعندي عائلة وخرجت من بيتي من نصف النهار إلى هذا الوقت ولم يقسم الله لي شيئا أقوت به عيالي وقد كرهت نفسي وتمنيت الموت. فقال له الخليفة هل لك أن ترجع معنا إلى البحر وتقف على شاطئ الدجلة وترمي شبكتك على بختي وكل ما طلع اشتريته منك بمائة دينار. ففرح الرجل لما سمع هذا الكلام وقال على رأسي أرجع معكم. ثم أن الصياد ورجع إلى البحر ورمى شبكته وصبر عليها، ثم أنه جذب الخيط وجر الشبكة إليه فطلع في الشبكة صندوق مقفول ثقيل الوزن
صورة

فلما نظر الخليفة وجده ثقيلا فأعطى الصياد مائة دينار وانصرف وحمل الصندوق مسرور هو وجعفر وطلعا به مع الخليفة إلى القصر وأوقد الشموع والصندوق بين يدي الخليفة فتقدم جعفر ومسرور وكسروا الصندوق فوجدوا فيه قفة خوص محيطة بصوت أحمر فقطعوا الخياطة فرأوا فيها قطعة بساط فرفعوها فوجدوا تحتها أزار فرفعوا الأزار فوجدوا تحتها صبية كأنها سبيكة مقتولة ومقطوعة. فلما نظرها الخليفة جرت دموعه على خده والتفت إلى جعفر وقال: يا كلب الوزراء أتقتل القتلى في زمني ويرمون في البحر ويصيرون متعلقين بذمتي والله لابد أن أقتص لهذه الصبية ممن قتلها وأقتله وقال لجعفر وحق اتصال نسبي بالخلفاء من بني العباس إن لم تأتيني بالذي قتل هذه لأنصفها منه لأصلبنك على باب قصري أنت وأربعين من بني عمك، واغتاظ الخليفة. فقال جعفر أمهلني ثلاثة أيام قال أمهلتك. ثم خرج جعفر من بين يديه ومشى في المدينة وهو حزين وقال في نفسه من أعرف من قتل هذه الصبية حتى أحضره للخليفة وإن أحضرت له غيره يصير معلقا بذمتي ولا أدري ما أصنع. ثم إن جعفر جلس في بيته ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أرسل له الخليفة يطلبه فلما تمثل بين يديه قال له أين قاتل الصبية قال جعفر يا أمير المؤمنين أنا أعلم الغيب حتى أعرف قاتلها، فاغتاظ الخليفة وأمر بصلبه على باب قصره وأمر مناديا ينادي في شوارع بغداد من أراد الفرجة على صلب جعفر البرمكي وزير الخليفة وصلب أولاد عمه على باب قصر الخليفة ليخرج ليتفرج. فخرج الناس من جميع الحارات ليتفرجوا على صلب جعفر وصلب أولاد عمه ولم يعلموا سبب ذلك ثم أمر بنصب الخشب فنصبوه وأوقفهم تحته لأجل الصلب وصاروا ينتظرون الإذن من الخليفة وصار الخلق يتباكون على جعفر وعلى أولاد عمه. فبينما هم كذلك وإذا بشاب حسن نقي الأثواب يمشي بين الناس مسرعا إلى أن وقف بين يدي الوزير وقال له: سلامتك من هذه الوقفة يا سيد الأمراء وكهف الفقراء، أنا الذي قتلت القتيلة التي وجدتموها في الصندوق، فاقتلني فيها واقتص مني. فلما سمع جعفر كلام الشاب وما أبداه من الخطاب فرح بخلاص نفسه وحزن على الشاب. فبينما هم في الكلام وإذا بشيخ كبير يفسح الناس ويمشي بينهم بسرعة إلى أن وصل إلى جعفر والشاب فسلم عليهما ثم قال أيها الوزير لا تصدق كلام هذا الشاب فإنه ما قتل هذه الصبية إلا أنا فاقتص لها مني. فقال الشاب أيها الوزير، إن هذا الشيخ كبير خرفان لا يدري ما يقول وأنا الذي قتلتها فاقتص مني. فقال الشيخ، يا ولدي أنت صغير تشتهي الدنيا وأنا كبير شبعت من الدنيا وأنا أفديك وأفدي الوزير وبني عمه وما قتل الصبية إلا أنا، فبالله عليك أن تعجل بالإقتصاص مني، فلما نظر إلى ذلك الأمر تعجب منه وأخذ الشاب والشيخ وطلع بهما عند الخليفة وقال يا أمير المؤمنين قد حضر قاتل الصبية فقال الخليفة أين هو، فقال إن هذا الشاب يقول أنا القاتل وهذا الشيخ يكذبه ويقول لا بل أنا القاتل. فنظر الخليفة إلى الشيخ والشاب وقال من منكما قتل هذه الصبية فقال الشاب ما قتلتها إلا أنا وقال الشيخ ما قتلها إلا أنا. فقال الخليفة لجعفر خذ الإثنين واصلبهما فقال جعفر إذا كان القاتل واحد فقتل الثاني ظلم، فقال الشاب: وحق من رفع السماء وبسط الأرض أني أنا الذي قتلت الصبية وهذه أمارة قتلها، ووصف ما وجده الخليفة فتحقق عند الخليفة أن الشاب هو الذي قتل الصبية فتعجب الخليفة وقال: وما سبب إقرارك بالقتل من غير ضرب وقولك اقتصوا لها مني. فقال الشاب: أعلم يا أمير المؤمنين أن هذه الصبية زوجتي وبنت عمي وهذا الشيخ أبوها وهو عمي وتزوجت بها وهي بكر فرزقني الله منها ثلاثة أولاد ذكور وكانت تحبني وتخدمني ولم أر عليها شيئا، فلما كان أول هذا الشهر مرضت مرضا شديدا فأحضرت لها الأطباء حتى حصلت لها العافية فأردت أن أدخلها الحمام فقالت إني أريد شيئا قبل دخول الحمام لأني أشتهيه فقلت لها وما هو فقالت: إني أشتهي تفاحة أشمها وأعض منها عضة. فطلعت من ساعتي إلى المدينة وفتشت على التفاح ولو كانت الواحدة بدينار فلم أجده فبت تلك الليلة وأنا متفكر فلما أصبح الصباح خرجت من بيتي ودرت على البساتين واحد واحد فلم أجده فيها فصادفني خولي كبير فسألته عن التفاح فقال: يا ولدي هذا شيء قل أن يوجد لأنه معدوم ولا يوجد إلا في بستان أمير المؤمنين الذي في البصرة وهو عند خولي يدخره للخليفة فجئت إلى زوجتي وقد حملتني محبتي إياها على أن هيأت نفسي وسافرت يوما ليلا ونهارا في الذهاب والإياب وجئت لها بثلاث تفاحات إشتريتها من خولي البصرة بثلاثة دنانير،
صورة

ثم إني دخلت وناولتها إياها فلم تفرح بها بل تركتها في جانبها وكان مرض الحمى قد اشتد بها، ولم تزل في ضعفها إلى أن مضى لها عشرة أيام وبعد ذلك عوفيت فخرجت من البيت وذهبت إلى دكاني وجلست في بيعي وشرائي. فبينما أنا جالس في وسط النهار وإذا بعبد أسود مر علي وفي يده تفاحة يلعب بها فقلت له: من أين هذه التفاحة حتى آخذ مثلها فضحك وقال أخذتها من حبيبتي وأنا كنت غائبا وجئت فوجدتها ضعيفة وعندها ثلاث تفاحات فقالت إن زوجي سافر من شأنها إلى البصرة فاشتراها بثلاثة دنانير فأخذت منها هذه التفاحة، فلما سمعت كلام العبد يا أمير المؤمنين اسودت الدنيا في وجهي وقفلت دكاني وجئت إلى البيت وأنا فاقد العقل من شدة الغيظ فلم أجد التفاحة الثالثة فقلت لها: أين التفاحة الثالثة فقالت لا أدري ولا أعرف أين ذهبت. فتحققت قول العبد وقمت وأخذت سكينا وركبت على صدرها ونحرتها بالسكين وقطعت رأسها ووضعتها في القفة بسرعة وغطيتها بالإزار ووضعت عليها شقة بساط وأنزلتها في الصندوق وقفلته وحملتها على بغلتي ورميتها في الدجلة بيدي. فبالله عليك يا أمير المؤمنين أن تعجل بقتلي قصاصا لها فإني خائف من مطالبتها يوم القيامة فإني لما رميتها في بحر الدجلة ولم يعلم بها أحد رجعت إلى البيت فوجدت ولدي الكبير يبكي ولم يكن له علم بما فعلت في أمه. فقلت له ما يبكيك فقال إني أخذت تفاحة من التفاح الذي عند أمي ونزلت بها إلى الزقاق ألعب مع إخوتي وإذا بعبد طويل خطفها مني وقال لي من أين جاءتك هذه فقلت له هذه سافر أبي وجاء بها من البصرة من أجل أمي وهي ضعيفة واشترى ثلاث تفاحات بثلاثة دنانير فأخذها مني وضربني وراح بها فخفت من أمي أن تضربني من شأن التفاحة. فلما سمعت كلام الولد علمت أن العبد هو الذي افترى الكلام الكذب على بنت عمي وتحققت أنها قتلت ظلما ثم إني بكيت بكاء شديدا وإذا بهذا الشيخ وهو عمي والدها قد أقبل فأخبرته بما كان فجلس بجانبي وبكى ولم نزل نبكي إلى نصف الليل وأقمنا العزاء خمسة أيام ولم نزل إلى هذا اليوم ونحن نتأسف على قتلها، فبحرمة أجدادك أن تعجل بقتلي وتقتص مني. فلما سمع الخليفة كلام الشاب تعجب وقال والله لا أقتل إلا العبد الخبيث أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 18, 2017 10:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 20 )

في الليلة العشرون قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة اقسم أنه لا يقتل إلا العبد لأن الشاب معذور، ثم أن الخليفة التفت إلى جعفر وقال له أحضر لي هذا العبد الخبيث الذي كان سببا في هذه القضية وإن لم تحضره فأنت تقتل عوضا عنه، فنزل يبكي ويقول:
صورة

من أين أحضره ولا كل مرة تسلم الجرة وليس لي في هذا الأمر حيلة والذي سلمني في الأول يسلمني في الثاني، والله ما بقيت أخرج من بيتي ثلاثة أيام والحق سبحانه يفعل ما يشاء. ثم أقام في بيته ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أحضر القاضي وأوصى وودع أولاده وبكى وإذا برسول الخليفة أتى إليه وقال له أن أمير المؤمنين في أشد ما يكون من الغضب وأرسلني إليك وحلف أنه لا يمر هذا النهار إلا وأنت مقتول إن لم تحضر العبد. فلما سمع جعفر هذا الكلام بكى هو وأولاده فلما فرغ من التوديع تقدم إلى بنته الصغيرة ليودعها وكان يحبها أكثر من أولاده جميعا فضمها إلى صدره وبكى على فراقها فوجد في جيبها شيء مكببا فقال لها ما الذي في جيبك فقالت له يا أبت تفاحة جاء بها عبدنا ريحان ولها معي أربعة أيام وما أعطاها لي حتى أخذ مني دينارين. فلما سمع جعفر بذكر العبد والتفاحة فرح وقال يا قريب الفرج، ثم إنه أمر بإحضار العبد فحضر فقال له من أين هذه التفاحة فقال يا سيدي من مدة خمسة أيام كنت ماشيا فدخلت في بعض أزقة المدينة فنظرت صغار يلعبون ومع واحد منهم هذه التفاحة فخطفتها منه وضربته فبكى وقال هذه لأمي وهي مريضة واشتهت على أبي تفاحا فسافر إلى البصرة وجاء لها بثلاث تفاحات بثلاث دنانير فأخذت هذه ألعب بها ثم بكى فلم ألتفت إليه وأخذتها وجئت بها إلى هنا فأخذتها سيدتي الصغيرة بدينارين، فلما سمع جعفر هذه القصة تعجب لكون الفتنة وقتل الصبية من عبده وأمر بسجن العبد وفرح بخلاص نفسه ثم أنشد هذين البيتين:
ومن كانت دريته بعـبـد فما للنفس تجعله فداهـا
فإنك واجد خدما كـثـيرا ونفسك لم تجد نفسا سواها
ثم أنه قبض على العبد وطلع به إلى الخليفة فأمر أن تؤرخ هذه الحكاية وتجعل سيرا بين الناس فقال له جعفر لاتعجب يا أمير المؤمنين من هذه القصة فما هي بأعجب من حديث نور الدين مع شمس الدين أخيه فقال الخليفة وأي حكاية أعجب من هذه الحكاية فقال جعفر: يا أمير المؤمنين لا أحدثك إلا بشرط أن تعتق عبدي من القتل. فقال قد وهبت لك دمه.
حكاية الوزير نور الدين مع شمس الدين أخيه
فقال جعفر: أعلم يا أمير المؤمنين أنه كان في مصر سلطان صاحب عدل وإحسان
صورة
له وزير عاقل خبير له علم بالأمور والتدبير وكان شيخا كبيرا وله ولدان كأنهما قمران وكان الكبير شمس الدين وأدهم الصغير نور الدين وكان الصغير أمير من الكبير في الحسن والجمال وليس في زمانه أحسن منه حتى أنه شاع ذكره في البلاد فكان بعض أهلها يسافر من بلاده إلى بلده لأجل رؤية جماله، فأتفق أن والدهما مات فحزن عليه السلطان وأقبل على الوالدين وفرح بهما وخلع عليهما وقال لهما أنا في مرتبة أبيكما ففرحا وقبلا الأرض بين يديه وعملا العزاء لأبيهما شهرا كاملا ودخلا في الوزارة وكل منهما يتولاها جمعة وإذا أراد السلطان السفر يسافر مع واحد منهما، فاتفق في ليلة من الليالي أن السلطان كان عازما على السفر في الصباح وكانت النوبة للكبير. فبينما الأخوان يتحدثان في تلك الليلة: إذ قال الكبير يا أخي قصدي أن أتزوج أنا وأنت في ليلة واحدة فقال الصغير إفعل يا أخي ما تريد فإني موافقك على ما تقول واتفقا على ذلك. ثم أن الكبير قال لأخيه إن قدر الله وخطبنا بنتين ودخلنا في ليلة واحدة ووضعنا في يوم واحد وأراد الله وجاءت زوجتك بغلام وجاءت زوجتي ببنت نزوجهما لبعضهما لأنهما أولاد عم فقال نور الدين يا أخي ما تأخذ من ولدي في مهر بنتك قال آخذ من ولدك في مهر بنتي ثلاثة آلاف دينار وثلاثة بساتين وثلاث ضياع فإن عقد الشاب عقده بغير هذا لا يصح. فلما سمع نور الدين هذا الكلام قال ما هذا المهر الذي اشترطه على ولدي أما تعلم أننا إخوان ونحن الإثنان وزيران في مقام واحد وكان الواجب عليك أن تقدم ابنتك لولدي هدية من غير مهر، فانك تعلم أن الذكر أفضل من الأنثى وولدي ذكر ويذكر به وخلاف ابنتك فقال ومالها قال لا ذكر بها بين الأمراء ولكن أنت تريد أن تفعل معي على رأي الذي قال أن أردت أن تطرده فأجمل الثمن غاليا،
وقيل أن بعض الناس قدم على بعض أصحابه فقصده في حاجة فغلى عليه الثمن. فقال له شمس الدين أراك قد قصرت لأنك تعمل إبنك أفضل من بنتي ولا شك أنك ناقص عقل وليس لك أخلاق حيث تذكر شركة الوزارة وأنا ما أدخلتك معي في الوزارة إلا شفقة عليك ولأجل أن تساعدني وتكون لي معينا ولكن قل ما شئت وحيث صدر منك هذا القول والله لا أزوج بنتي لولدك ولو وزنت ثقلها ذهبا، فلما سمع نور الدين كلام أخيه اغتاظ وقال

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 19, 2017 9:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 21 )

وأنا لا أزوج إبني إبنتك فقال شمس الدين أنا لا أرضاه لها بعلا ولو أنني أريد السفر لكنت عملت معك العبر ولكن لما أرجع من السفر يعمل الله ما يريد. فلما سمع نور الدين من أخيه ذلك الكلام امتلأ غيظا وغاب عن الدنيا وكتم ما به وبات كل واحد في ناحية. فلما أصبح الصباح برر السلطان للسفر وعدي إلى الجزيرة وقصد الأهرام وصحبه الوزير شمس الدين، وأما أخوه نور الدين فبات في تلك الليلة في أشد ما يكون من الغيظ فلما أصبح الصباح قام وصلى الصبح وعمد إلى خزانته وأخذ منها خرجا صغيرا وملأه ذهبا وتذكر قول أخيه واحتقاره إياه وافتخاره فأنشد هذه الأبيات:
سافر تجد عوضا عمن تـفـارقـه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
هذا ما كان من أمر نور الدين وأما ما كان من أمر أخيه فإنه غاب مع السلطان مدة في السفر، ثم رجع فلم يجد أخاه فسأل عنه الخدم، فقالوا له من يوم سافرت مع السلطان ركب بغلته بعدة الموكب، وقال أنا متوجه إلى جهة القيلوبية فأغيب يوما أو يومين فإن صدري ضاق ولا يتبعني، منكم أحد. ومن يوم خروجه إلى هذا اليوم لم نسمع له خبرا فتشوش خاطر شمس الدين على فراق أخيه واغتم غما شديدا لفقده وقال في نفسه ما سبب ذلك إلا أني أغلظت عليه في الحديث ليلة سفري مع السلطان فلعله تغير خاطره وخرج مسافرا فلا بد أن أرسل خلفه ثم طلع وأعلم السلطان بذلك فكتب بطاقات وأرسل بها إلى نوابه في جميع البلاد ونور الدين قطع بلادا بعيدة في مدة غياب أخيه مع السلطان فذهبت الرسل بالمكاتيب ثم عادوا ولم يقفوا له على خبر ويئس شمس الدين من أخيه، وقال لقد أغظت بكلامي من جهة زواج الأولاد فليت ذلك لم يكن وما حصل ذلك إلا من قلة عقلي وعدم تدبيري. ثم بعد مدة يسيرة خطب بنت رجل من تجار مصر وكتب كتابه عليها وتزوج بها وقد اتفق أن ليلة زواج شمس الدين، على زوجته كانت ليلة زواج نور الدين على زوجته بنت وزير البصرة وذلك بإرادة الله تعالى
صورة
حتى ينفذ حكمه في خلقه وكان الأمر كما قالاه فاتفق أن الزوجتين حملتا منهما وقد وضعت زوجة شمس الدين وزير مصر بنتا لا يرى في مصر أحسن منها، ووضعت زوجة نور الدين، ولدا ذكرا لا يرى في زمانه أحسن منه
لى أن بلغ الولد من العمر خمسة عشر عاما ثم ضعف والده الوزير نور الدين، فاحضره وقال له يا ولدي أعلم أن الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاء وأريد أن أوصيك وصايا فافهم ما أقول لك وأصغ قلبك إليه وصار يوصيه بحسن عشرة الناس وحسن التدبير. ثم إن نور الدين تذكر أخاه وأوطانه وبلاده وبكى على فرقة الأحباب، وسجت دموعه وقال يا ولدي إسمع قولي فإن لي أخا يسمى شمس الدين، وهو عمك ولكنه وزير بمصر قد فارقته وخرجت على غير رضاه، والقصد أنك تأخذ دوجا من الورق وتكتب ما أمليه عليك فأحضر قرطاسا وصار يكتب فيه كل ما قاله أبوه فأملى عليه جميع ما جرى له من أوله إلى آخره وكتب له تاريخ زواجه ودخوله على بنت الوزير وتاريخ وصوله إلى البصرة واجتماعه بوزيرها. وكتب وصية موثقة ثم قال لولده: إحفظ هذه الوصية فإن ورقتها فيها، أصلك وحسبك ونسبك فإن أصابك شئ من الأمور فاقصد مصر، واستدل على عمك وسلم عليه وأعلمه أني مت غريبا مشتاقا إليه فأخذ حسن بدر الدين، الرقعة وطواها ولف عليها خرقة مشمعة وخاطها بين البطانة والظهارة وصار يبكي على أبيه من أجل فراقه وهو صغير وما زال نور الدين يوصي ولده حسن بدر الدين حتى طلعت روحه فأقام الحزن في بيته وحزن عليه السلطان وجميع الأمراء ودفنوه ولم يزالوا في حزن مدة شهرين، وولده لم يركب ولم يطلع الديوان ولم يقابل السلطان وأقام مكانه بعض الحجاب، وولى السلطان وزيرا مكانه وأمره أن يختم على أماكن نور الدين وعلى عماراته وعلى أملاكه. فنزل الوزير الجديد وأخذ الحجاب وتوجهوا إلى بيت الوزير نور الدين يختمون عليه ويقبضون على ولده حسن الدين ويطلعون به إلى السلطان ليعمل فيه ما يقتضي رأيه وكان بين العسكر مملوك من مماليك الوزير نور الدين، المتوفي فلم يهن عليه ولد سيده فذهب ذلك المملوك إلى حسن بدر الدين فوجده منكس الرأس حزين القلب على فراق والده فأعلمه بما جرى، فقال له هل في الأمر مهلة حتى أدخل فآخذ معي شيئا من الدنيا لأستعين به على الغربة فقال له المملوك أنج بنفسك فلما سمع كلام المملوك غطى رأسه بذيله وخرج ماشيا إلى أن صار خارج المدينة فسمع الناس يقولون أن السلطان أرسل الوزير الجديد إلى بيت الوزير المتوفي ليختم على ماله وأماكنه ويقبض على ولده حسن بدر الدين ويطلع به إليه فيقتله وصارت الناس تتأسف على حسنه وجماله فلما سمع كلام الناس خرج إلى غير مقصد ولم يعلم أين يذهب. فلم يزل سائرا إلى أن ساقته المقادير إلى تربة والده فدخل المقبرة ومشى بين القبور إلى أن جلس عند قبر أبيه وأزل ذيله من فوق رأسه، فبينما هو جالس عند تربة أبيه إذ قدم عليه يهودي من البصرة وقال يا سيدي مالي أراك متغيرا فقال له إني كنت نائما في هذه الساعة، فرأيت أبي يعاتبني على عدم زيارتي قبره فقمت وأنا مرعوب وخفت أن يفوت النهار ولم أزره، فيصعب علي الأمر، فقال له اليهودي يا سيدي إن أباك كان أرسل مراكب تجارة وقدم منها البعض ومرادي أن أشتري منك وثق كل مركب قدمت بألف دينار ثم أخرج اليهودي كيسا ممتلئا من الذهب، وعد منه ألف دينار ودفعه إلى حسن ابن الوزير ثم قال اليهودي إكتب لي ورقة واختمها فأخذ حسن ابن الوزير ورقة وكتب فيها كاتب هذه الورقة حسن بدر الدين ابن الوزير نور الدين قد باع اليهودي فلان جميع وثق كل مركب، وردت من مراكب أبيه المسافرين بألف دينار وقبض الثمن على سبيل التعجيل. فأخذ اليهودي الورقة وصار حسن يبكي ويتذكر ما كان فيه من العز والإقبال ثم دخل عليه الليل وأدركه النوم فنام عند قبر أبيه ولم يزل نائما حتى طلع القمر فتدحرجت رأسه عن القبر ونام على ظهره وصار يلمع وجهه في القمر وكانت المقابر عامرة بالجن المؤمنين

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 21, 2017 10:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 22 )

فخرجت جنية فنظرت وجه حسن وهو نائم فلما رأته تعجبت من حسنه وجماله وقالت سبحان الله ما هذا الشاب إلا كأنه من الحور العين، ثم طارت إلى الجو تطوف على عادتها فرأت عفريتا طائرا فسلمت عليه وسلم عليها فقالت له من أين أقبلت قال: من مصر فقالت له هل لك أن تروح معي، حتى تنظر إلى حسن هذا الشاب النائم في المقبرة فقال لها نعم فسارا حتى نزلا في المقبرة فقالت له هل رأيت في عمرك مثل هذا فنظر العفريت إليه وقال سبحان من لا شبيه له ولكن يا أختي إن أردت حدثتك بما رأيت فقالت له حدثني، فقال لها إني رأيت مثل هذا الشاب في إقليم مصر وهي بنت الوزير وقد علم بها الملك فخطبها من أبيها شمس الدين. فقال له يا مولانا السلطان أقبل عذري وارحم عبرتي فإنك تعرف أن أخي نور الدين خرج من عندنا ولا نعلم أين هو، وكان شريكي في الوزارة وسبب خروجه أني جلست أتحدث معه في شأن الزواج فغضب مني وخرج مغضبا وحكى للملك جميع ما جرى بينهما، ثم قال للملك فكان ذلك سببا لغيظه وأنا حالف أن لا أزوج بنتي إلا لإبن أخي من يوم ولدتها أمها وذلك نحو ثمان عشرة سنة ومن مدة قريبة سمعت أن أخي تزوج بنت وزير البصرة وجاء منها بولد وأنا لا أزوج بنتي إلا له كرامة، لأخي ثم إني أرخت وقت زواجي وحمل زوجتي وولدة هذه البنت وهي باسم ابن عمها والبنات كثير. فلما سمع السلطان كلام الوزير غضب غضبا شديدا، وقال له كيف يخطب مثلي من مثلك بنتا فتمنعها منه وتحتج بحجة باردة وحياة رأسي لا أزوجها إلا لأقل مني برغم أنفك وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
قالت بلغني أيها الملك السعيد أن الجني لما حكي للجنية حكاية بنت وزير مصر وأن الملك قد أقسم أن يزوجها رغم أنف أبيها، بأقل منه وكان عند الملك سائس أحدب بحدبة من قدام وحدبة من وراء فأمر السلطان بإحضاره وكتب كتابه على بنت الوزير بالنهار وأمر أن يتزوجها في هذه الليلة،
صورة
ويعمل له زفافا وقد تركه وهو بين مماليك السلطان، وهم حوله في أيديهم الشموع موقدة يضحكون ويسخرون منه على باب الحمام، وأما بنت الوزير فإنها جالسة تبكي بين المنقشات والمواشط وهي أشبه الناس بهذا الشاب، وقد حجروا على أبيها ومنعوه أن يحضرها وما رأيت يا أختي أقبح من هذا الأحدب فهي أحسن من هذا الشاب. قالت له الجنية تكذب فإن هذا الشاب أحسن أهل زمانه، فرد عليها العفريت وقال والله يا أختي إن الصبية أحسن من هذا، ولكن لا يصلح لها إلا هو فإنهما مثل بعضهما ولعلهما إخوان أو أولاد عم فيا خسارتها مع هذا الأحدب، فقالت له يا أخي دعنا نروح به إلى الصبية التي تقول عليها وننظر أيهما أحسن، فقال العفريت سمعا وطاعة هذا كلام صواب وليس هناك أحسن من هذا الرأي الذي إخترتيه فأنا أحمله ثم إنه حمله وطار به إلى الجو وصارت العفريتة في كل ركابه تحاذيه، إلى أن نزل به في مدينة مصر وحطه على مصطبة ونبهه. فاستيقظ من النوم فلم يجد نفسه على قبر أبيه في أرض البصرة، والتفت يمينا وشمالا فلم يجد نفسه إلا في مدينة غير مدينة البصرة فأراد أن يصيح فغمزه العفريت وأوقد له شمعة وقال له أعلم أني جئت بك، وأنا أريد أن أعمل معك شيئا لله فخذ هذه الشمعة وامش بها إلى ذلك الحمام واختلط بالناس ولا تزال ما شيا معهم حتى تصل إلى قاعة العروسة، فاسبق وادخل القاعة ولا تخشى أحدا

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ألف ليلة وووووووووووليلة (منقحة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 22, 2017 10:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
( 23 )

فغمزه العفريت وأوقد له شمعة وقال له أعلم أني جئت بك، وأنا أريد أن أعمل معك شيئا لله فخذ هذه الشمعة وامش بها إلى ذلك الحمام واختلط بالناس ولا تزال ما شيا معهم حتى تصل إلى قاعة العروسة، فاسبق وادخل القاعة ولا تخشى أحدا وإذا دخلت فقف على يمين العريس الأحدب وكل ما جاءك المواشط والمغنيات والمنقشات فحط يدك في جيبك تجده ممتلئا ذهبا فاكبش وارم لهم ولا تتوهم أنك تدخل يدك ولم تجده ممتلئا بالذهب، فاعط كل من جاءك بالحفنة ولا تخشى من شيء وتوكل على الذي خلقك، فما هذا بحولك وقوتك بل بحول الله وقوته. فلما سمع حسن بدر الدين من العفريت هذا الكلام، قال يا هل ترى أي شيء هذه القضية وما وجه الإحسان، ثم مشى وأوقد الشمعة، وتوجه إلى الحمام فوجد الأحدب راكب الفرس فدخل حسن بدر الدين بين الناس وهو على تلك الحالة مع الصورة الحسنة، وكان عليه الطربوش والعمامة والفرجية المنسوجة بالذهب وما زال ماشيا في الزينة، وكلما وقفت المغنيات الناس ينقطوهن، يضع يده في جيبه فيلقاها ممتلئا بالذهب فيكبش ويرمي في الطار للمغنيات والمواشط فيملأ الطار دنانير فاندهشت عقول المغنيات
صورة
وتعجب الناس من حسنه وجماله ولم يزل على هذا الحال حتى وصلوا إلى بيت الوزير، فردت الحجاب الناس ومنعوهم. فقالت المغنيات والمواشط والله لا ندخل إلا إن دخل هذا الشاب معنا لأنه غمرنا بإحسانه ولا نجلي العروسة إلا وهو حاضر، فعند ذلك دخلوا به إلى قاعة الفرح وأجلسوه برغم أنف العريس الأحدب واصطفت جميع نساء الأمراء والوزراء والحجاب صفين وكل مرأة معها شمعة كبيرة موقدة مضيئة وكلهن ملثمات وصرن صفوفا يمينا وشمالا، من تحت المنصة إلى صدر الليوان الذي عند المجلس الذي تخرج منه العروسة، فلما نظر النساء حسن بدر الدين وما هو فيه من الحسن والجمال، ووجهه يضيء كأنه هلال، مالت جميع النساء إليه. فقالت المغنيات للنساء الحاضرات، اعلموا أن هذا المليح ما نقطنا إلا بذهب الأحمر فلا تقصرن في خدمته وأطعنه فيما يقول ثم دعون لحسن بدر الدين و دعون على ذلك الأحدب. ثم إن المغنيات ضربنا بالدفوف وأقبلت المواشط وبنت الوزير بينهن، وقد طيبنها وعطرنها وألبسنها وحسن شعرها ونحرها بالحلى والحلل من لباس الملوك الأكاسرة ومن جملة ما عليها ثوب منقوش بالذهب الأحمر وفيه صور الوحوش والطيور وهو مسبول عليها من فوق حوائجها، وفي عنقها عقد يساوي الألوف قد حوى كل فص من الجواهر ما حاز مثله تبع ولا قيصر وصارت العروسة كأنها البدر إذا أقمر في ليلة أربعة عشر، ولما أقبلت كانت كأنها حورية فسبحان من خلقها بهية وأحدق بها النساء فصرن كالنجوم وهي بينهن كالقمر إذا انجلى عنه الغيم
وكان حسن بدر الدين البصري جالسا والناس ينظرون إليه. فحضرت العروسة وأقبلت
وتمايلت فقام إليها السائس الأحدب، ليقبلها فأعرضت عنه و مالت إلى نحو بدر الدين وحط يده في جيبه وكبش الذهب، ورمى في طار المغنيات ففرحوا وقالوا كنا نشتهي أن تكون
هذه العروسة لك فتبسم. هذا كله والسائس الأحدب وحده وكلما أوقدوا له الشمعة طفئت فبهت وصار قاعدا في الظلام يمقت في نفسه وهؤلاء الناس محدقون به وتلك الشموع الموقدة بهجتها، من اعجب العجائب، يتحير من شعاعها أولوا الألباب
وأما العروسة فإنها رفعت كفيها إلى السماء،وقالت اللهم إجعل هذا بعلي وأرحني من
هذا السائس الأحدب، وصارت المواشط تجلي العروسة إلى آخر السبع وخلع على
حسن بدر الدين البصري والسائس الأحدب وحده. فلما افرغوا من ذلك أذنوا بالإنصراف
فخرج جميع من كان في الفرح من النساء والأولاد ولم يبقى إلا حسن بدر الدين والسائس
الأحدب، ثم إن المواشط أدخلن العروسة فعند
ذلك تقدم السائس الأحدب إلى حسن بدر الدين، وقال له يا سيدي آنستنا في هذه الليلة وغمرتنا
بإحسانك فلم لا تقوم تروح بيتك بلا مطرود، فقال بسم الله ثم قام وخرج من الباب فلقيه العفريت.
فقال له قف يا بدر الدين فإذا خرج الأحدب إلى بيت الراحة، فادخل أنت واجلس في المخدع فإذا أقبلت العروسة فقل لها أنا زوجك والملك ما عمل تلك الحيلة إلا لأنه يخاف عليك من العين، وهذا
الذي رأيته سائس من سياسنا، ثم أقبل عليها واكشف وجهها ولا تخشى بأسا من أحد، فبينما بدر
الدين يتحدث مع العفريت وإذا بالسائس دخل بيت الراحة فطلع له العفريت

صورة
من الحوض الذي فيه الماء في صورة فأر، وقال زيق فقال الأحدب ما جاء بك هنا فكر وتضخم الفأر،
وصار كالقط ثم كبر وتضخم حتى صار كلبا وقال عوه عوه. فلما نظر السائس ذلك فزع وقا له إخسأ
يا مشؤوم فكبر الكلب، وانتفخ حتى صار جحشا ونهق هاق هاق فانزعج السائس وقال إلحقوني
يا أهل البيت، وإذا بالجحش قد كبر وصار قدر الجاموسة وسد عليه المكان وتكلم بكلام إبن آدم وقال:
ويلك يا أحد واشتبكت أسنانه ببعضها
فقال له العفريت: هل ضاقت عليك الأرض فلا تتزوج إلا بمعشوقتي فسكت السائس، فقال له:
رد الجواب وإلا اسكنتك التراب فقال له: والله مالي ذنب إلا إنهم غصبوني وما عرفت أن لها
عشاقا من الجواميس ولكن أنا تائب إلى الله ثم إليك. فقال له العفريت: اقسم بالله إن خرجت
في هذا الوقت، من هذا الموضع أو تكلمت قبل أن تطلع الشمس لأقتلنك، فإذا طلعت الشمس
فاخرج إلى حال سبيلك ولا تعد إلى هذا البيت أبدا، ثم إن العفريت قبض على السائس الأحدب
وقلب رأسه وجعلها إلى أسفل وجعل رجليه إلى فوق، وقال له إستمر هنا وأنا أحرسك
إلى طلوع الشمس، هذا ما كان من قصة الأحدب وأما ما كان من قصة بدر الدين البصري دخل البيت وجلس داخل المخدع، وإذا بالعروس أقبلت معها العجوز.
فوقفت العجوز في باب المخدع وقالت يا أبا شهاب قم وخذ عروستك، وقد استودعتك الله ثم ولت العجوز
ودخلت العروسة وكان إسمها ست الحسن وقلبها مكسور وقالت في قلبها والله لا أمكنه من نفسي
لو طلعت روحي، فلما دخلت المخدع نظرت بدر الدين، فقالت: من زوجي أأنت أم هو? قال حسن بدر الدين: يا سيدتي نحن ما عملنا هذا
إلا سخرية به لنضحك عليه. فلما نظرت المواشط والمغنيات وأهلك حسنك البديع خافوا علينا من العين فأكتراه أبوك
بعشرة دنانير حتى يصرف عنا العين وقد راح، فلما سمعت ست الحسن من بدر الدين ذلك الكلام فرحت

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 47 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 37 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط