بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبيبن الطاهرين حق قدره ومقداره العظيم وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين
تتعرض مدينة القدس منذ احتلال فلسطين سنة 1948م حتى الآن ومعها معظم الأراضي الفلسطينية إلى محاولات لإلغاء تاريخها وتزوير هويتها واختلاق تاريخ يهودي للمدينة حيث يحاول الإحتلال محو كل ما هو عربي وإسلامي من هذه المدينة ومن المدن الفلسطينية وخلق واقع جديد، فهم لا يكتفون بهدم البيوت وطرد أصحابها العرب المسلمين والمسيحيين منها، بل إنهم يعملون على تغيير المعالم التاريخية العربية الراسخة في المدينة حتى أصبحت القدس العربية أطلالاً غريبة في عيون سكانها.
وتقوم سلطات الإحتلال بعمليات ممنهجة لتهجير الفلسطينيين عن المدينة ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم وهدم المساجد والآثار الإسلامية والاستيلاء على أوقاف المسلمين ونبش قبورهم وتحويل المقابر إلى مستوطنات أو حدائق وتزوير شواهد قبور المسلمين كما تسنُّ القوانين التي تمنع العرب من البناء في المدينة أو حتى ترميم بيوتهم وتفرض قيوداً مشددة على دخولهم إلى البلدة القديمة وتحاصر سكانها بالحواجز الأمنية المهينة.
هذا مع ما يتعرض له الحرم القدسي الشريف من انتهاكات مستمرة من قِبل سلطات الاحتلال التي تمنع المسلمين من ممارسة شعائرهم فيه وتفرض القوانين التي تمنع الصلاة ورفع الأذان في المدينة وتُغلق المسجد الأقصى المبارك في وجه المصلين والزائرين صباحاً في أوقات الصلوات اليهودية، وتحْرِم من يقل عمره عن 45 عاماً من دخول الحرم القدسي للصلاة بينما تسمح لجماعات من المتطرفين اليهود باقتحام ساحاته بصفة شبه يومية وهي مدججة بالأسلحة وفي حماية قوات الأمن.
إضافةً إلى أعمال الحفريات الجارية على قدم وساق بالمدينة القديمة وتحت المسجد الأقصى للبحث عن الهيكل المزعوم، ورغم عدم وجود أي أثر يدل – ولو من بعيد- على سبق وجوده بالمدينة ورغم معارضة منظمة اليونسكو واعتراض علماء الآثار وفشل الباحثين في العثور على أي أثر يهودي في أرض فلسطين كلها؛ فإن أعمال الحفر مستمرة لعمل شبكة كبيرة من الأنفاق تكوِّن مدينة سُفلية تحت الحرم القدسي تهدد كيان المسجد الأقصى بالانهيار وتهدد البلدة القديمة بالضياع مع أول هزة أرضية، ومع ذلك يُدخل الاحتلال إليها السياح على أنها مرافق أثرية يهودية.أهـ
المصدر: كتاب عروبة القدس ودور الأزهر في نصرتها _ دار القدس العربي 2018