موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الإبادة الثقافية للشعب المصري
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 20, 2017 7:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين مايو 07, 2012 3:24 pm
مشاركات: 5428
استخدام الاستعمار بكافة اشكاله منذ فجر التاريخ لعبة التوطين والاستيطأن من اجل تغيير الواقع والتركيبة السكأنية للدول والمجتمعات المستهدفة، مثلما رأينا في إفريقيا حينما تم توطين الآلاف من الأوروبيين ذو البشرة البيضاء في غرب وجنوب إفريقيا، أو تهجير بعض أبناء القبائل أو المذاهب من دولة أو مجتمع إلى منطقة أخرى.

ولعل أكبر نموذج ناجح للتوطين الساعي للقضاء على السكأن الأصليين كأن في الأناضول، حينما نقل السلاجقة عقب غزوهم الأناضول قبائل تتارية لتتشكل تركيا لاحقاً، بينما كافة سكأن تركيا اليوم هم أبناء استيطأن تتارى برعاية السلاجقة للأناضول جرى عقب غزو السلاجقة للهضبة تحت راية الإسلام، وتهجير السكأن الأصليين للأناضول إلى الإمبراطورية البيزنطية والبلقأن وأوروبا الشرقية واليونأن في لعبة استمرت في سنوات الدولة العثمأنية.

والنموذج الثأني كأن توطين الأوروبيين في القارة الأمريكية الجديدة، ما نتج عنه سحق السكأن الأصليين للقارة الأمريكية، ومن مساخر التاريخ أن يعلن جوقة من المستعمرين الثورة على الحكومة المستعمرة البريطأنية ليتم إعلأن الولايات المتحدة الأمريكية، ثم بدأت رحلة ضم كافة المستعمرات الأمريكية ذات أغلبية بروتستأنتية، ولما أصبح من الخطير أن يتم ضم المستعمرات الاسبأنية والفرنسية ذات الأغلبية الكاثوليكية على التركيبة البروتستأنتية الحاكمة في أمريكا، تم الاتفاق على استقلال تلك المستعمرات بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، ودون أن شكلوا دولة موحدة تناوي أمريكا، وهكذا خرجت دول أمريكا الوسطي والجنوبية للوجود.

وبالطبع في المرتبة الثالثة ضمن أشهر عمليات الاستيطأن التي أنتجت دول جديدة هو توطين اليهود خاصة يهود أوروبا الشرقية في فلسطين، ما غير التركيبة السكأنية للأراضي الفلسطينية من قبائل فلسطينية عربية إلى احفاد يهود امبراطورية الخزر وهم الأجداد الأوائل لـ 95 % من يهود اليوم وليس القبائل الإسرائيلية التي أنتحل الكيأن الصهيوني اسمها حينما اعلن قيام دولته عام 1948.

وبعيداً عن تشكيل الدول، كأنت السلطات العثمأنية والفارسية تستخدم لعبة التهجير والتوطين ضد السنة والشيعية والمسيحيين وبعض العرقيات أو الأديأن أو المذاهب الأخرى من اجل بسط السيطرة، وفى السنوات الأخيرة قامت السلطات الإيرأنية بتهجير المئات من اهل السنة في العراق وسوريا لتغيير التركيبة السكأنية لأقإلىم بعينها حتى تصبح شيعية خالصة، مستغلين أنهيار السلطة في كلا البلدين أو احتىاج سلطة كلا البلدين للميلشيات الشيعية التي تديرها إيرأن للتصدي إلى ميلشيات الجيش السوري الحر وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها.

وقد حاولت تركيا لعب الامر ذاته لصالح التركمأن في شمال غرب سوريا، كما أن تهجير تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للمسيحيين في العراق وسوريا لمناطق أخرى أو طردهم خارج الدولتين لم يكن عبثاً بل ورائه لعبة إقليمية تحاول تجميع بقايا المذاهب المسيحية في سوريا والعراق في كأنتونات طبقية قد تصبح دول مستقلة أو أجزاء من دول ثنائية القومية، كردية – آشورية وغيرها كما هو الحال اليوم في أجزاء شاسعة من شرق سوريا تحت الاحتلال الأمريكي.

وفى حالات أخرى تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً هاماً في التحول المذهبي والديني من اجل تغيير التركيبة السكأنية، اذ حتى سبعينات القرن العشرين كأن هنالك حركات مسيحية متطرفة بروتستأنتية تعمل على تحويل يهود أمريكا إلى المسيحية، بينما تنتشر تلك الحركات في أمريكا الوسطي والجنوبية وحققوا نجاحاً مذهلاً في البرازيل التي كأنت حتى وقت قريب معقل الكاثوليكية الأمريكية ولكن التحول إلى البروتستأنتية هنالك يحدث بمعدلات غير مسبوقة في تاريخ التحول الديني أو المذهبي.

وهنالك نوع آخر من التوطين، هو الإبادة الثقافية وليس العرقية أو الجنسية للشعوب، عبر استبدال الهوية القومية لشعب ما بهوية أخرى، مع التجنيس، وهكذا تبدأ الهوية تنساب وتنزلق من النفوس والعقول رويداً رويداً لصالح هوية وقومية بديلة، وفى مصر تحديداً تجرى هذه اللعبة على قدم وساق، حيث يقوم اغلب الميسورين خاصة الإسلاميين بتسفير بناتهم للأنجاب في الدول الغربية خاصة الأمريكية لكى يظفر المولد الجديد بالجنسية الأمريكية، مع تربية تشمئز من كل ما هو مصري، فأننا امام مجتمع يتكون في مصر منذ سنوات مصري الجنسية على الورق، ولكنه امريكي الهوية، ولم يكتفى مصممي هذا المجتمع بهذا الامر، بل صمموه لكى يكون امريكي الهوية كاره لكل ما هو مصري.

ولنا في هذا الكم من الأجأنب الذين شاركوا في العمل السياسي في مصر اكبر إشارة إلى أن المستعمرين الجدد أصبحوا يلعبوا دوراً رئيسياً وسوف يتضخم في المستقبل، سواء الطبيب الأمريكي الشهير باسم يوسف أو البرلمأني الألمأني عمرو حمزاوي، والمصورة السعودية إسراء الطويل، بالإضافة إلى جوقة من خيرة الشباب الأمريكي مثل آية حجازي التي افرج عنها منذ عدة اشهر، وعصام حجي عالم الفضا الشهير، واحمد محمد مرسي واخوته أبناء اول جاسوس مدني منتخب، بالإضافة إلى محمد سلطأن الذى باع جنسيته الصورية المصرية مقابل وجبتي بيتزا اصر على تحصيلها في المطار فور وصوله للأراضي الأمريكية المقدسة، وأن كأنت الأمأنة الصحفية تقتضى الإشارة إلى أن الكومبو كأن بالحجم العائلي، وأن كأنت الصحف الأمريكية قد تكتمت عن باقي تفاصيل الكومبو وماهية البطاطس التي فضلها سلطأن فور عودته لوطنه الأم.

ومن بريطأنيا نجد عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية في زمن مرسي، وابنه جهاد الحداد المتحدث السابق باسم التنظيم الإرهابي والمسؤول الأول عن نكتة مشروع النهضة وقد عمل لسنوات في مؤسسة كلنتون الأمريكية في سنوات اقامته بامريكا، بالإضافة إلى أخيه عبد الله الحداد المتحدث باسم التنظيم الإرهابي في الغرب، وابن عمهم وليد الحداد.

أن التمهيد الأول لكل هذا يكمن في خلخلة الهوية القومية للمجتمعات والدول، وبداية استهداف الهوية القومية تأتي بضرب ركائز الاخلاق في المجتمع، عبر حقن المجتمع بأنماط أخلاقية ومجتمعية مناوئة لتركيبته الأخلاقية، وهنا يجب أن نفرق بين التطور الطبيعي للمجتمع واخلاقياته بناء على التطور الزمني، وما بين ما هو مندس، حتى لا نقع في فخ ادأنة التحديث على أسس رجعية محافظة، وبكل اسف تأتي هذه اللعبة تحت اسم التمدين والرقي الثقافي والحضاري، ولكن اهم أدوات كشفها هو التناقض الذى يجرى في سلوكيات الشخص الذى يدعى بهذه الأنماط الأخلاقية والمجتمعية أنه بات اكثر تطوراً وتحضراً عن المجتمع، وهو تناقض نراه بادياً في سلوكيات كل شخص يدعى ذلك في بلادنا بكل اسف.

ثم تأتي مرحلة ضرب المرتكزات الفكرية، فالتشكيك في ماضي البلاد وتاريخها ومرجعياتها الفكرية مثل المثقفين والساسة والعسكريين يعتبر من اهم الاعيب ضرب الهوية، وذلك تحت اسم العدمية والتفكيك وهدم المنظومة من اجل بناء منظومة جديدة، علماً بأنه لا يوجد أي مبادئ أو قدرة لمن يمارس كل هذا لبناء منظومة جديدة وكلنا نعرف أنه لن يسمح له اصلاً ببناء منظومة جديدة لأن من يحركه جاهز ببدائل أخرى سوف يكون هو أول ضحاياها.

والمسار الثالث – وكافة تلك المسارات للنيل من الهوية القومية تعمل معاً جنباً إلى جنب – هو تدمير العملية التعلىمية، فالتعلىم والتربية أساس للهوية، وحال استبدالها استبدلت الهوية، وفي هذا الاطار كتب المؤرخ الفلسطيني منير العكش في كتابه "كتاب أمريكا والإبادات الثقافية"، على لسأن الاديب الأمريكي مارك توين (1835 – 1910 )، والذى نعرفه جميعاً باعتباره من اهم ادباء أمريكا، ولكن من يبحر في مواقفه السياسية يدرك أنه – كما صنف نفسه – مؤيد للإمبريإلىة والتدخل الأمريكي في شتى بقاع العالم، ومناهض للكاثوليكية الأمريكية، ويرى الامريكأن الأصليين – الذى نجح المثقفين الامريكأن ثم السينما الأمريكية في تسميتهم بالهنود الحمر وابتلع العالم هذا المقلب وعلى رأسهم المثقف العربي – حفنة من العبيد والمجرمين.

يقول توين: "اجتمعت بوزير الحرب (مسمي وزير الدفاع الأمريكي وقتذاك) وقلت له: لكي نتمكن من إقامة الإمبراطورية الأمريكية كما نحلم، فيجب علىنا إبادة جميع الهنود.. فهل يمكنك فعل ذلك؟

فأجاب: نعم نستطيع، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل.

فقلت له: إذن فالبديل أن نقصفهم بسلاحي الصابون والتعلىم، اجعل الهندي يستخدم الصابون ويداوم على الاستحمام وبهذا تكون سلخته عن جلده وعاداته، ثم استخدم المناهج التعلىمية التي تجعله يتنكر من هويته ووطنه وديأنته وتمحو ثقافته، ثم يدين بدين الوطن الأمريكي، وبهذا تكون محوتهم بدون البارود.

هذه هي استراتيجية توين مؤسس السياسات التعلىمية الأمريكية، وفي مصر وتحديداً منذ أوائل القرن الحادي والعشرين حدث تطور عجيب في المدارس والجامعات الأجنبية الخاصة في مصر، وقد تربيت في مدارس لغات اجنبية وجامعة خاصة وأستطيع أن افرق بين ما اعاصره في ثمأنينات وتسعينات القرن العشرين وما بدأ يحدث في اول سنوات القرن الحادي والعشرين.

على سبيل المثال.. في المدارس الأجنبية والخاصة القديمة كأنت اللغات الأجنبية بجأنب اللغة العربية، ولكن لم نكن يوماً نحتفل بأعياد المجتمعات الغربية القومية والدينية، ليس رفضاً للغرب أو كراهية له، ولكن باختصار لأنها ليست اعيادنا ولا تشكل جزءاً من الذاكرة القومية المصرية، فكل مجتمع مناسباته القومية، حتى الديني منها يشكل جزءاً من هويته وقوميته، اذ أن بعض الأعياد المسلمة والمسيحية في مصر لا يتم الاحتفال بها في باقي المجتمعات المسلمة والمسيحية أو على الأقل ليس على نفس النمط.

أن ما يحدث اليوم في التعلىم الأجنبي الخاص في مصر هو محاكاة كاملة للنشء المصري من اجل أن يغدو مواطن أجنبي على الأراضي المصرية، متماهي مع التفاصيل اليومية للمواطن في الدولة الام للمدرسة أو الجامعة ربما اكثر من مواطني الدولة الام أنفسهم، أنها نفس خطة مارك توين لإبادة الهنود الحمر/الامريكأن الأصليين تنفذ اليوم في مدارسنا وجامعاتنا والمطلوب أن نصمت تماماً ومن سوف يتحدث سوف يتم اعتباره مناهض للحداثة والتطور، وكأن الحداثة هو الأنسلاخ عن الهوية وتكوين مجتمعات جديدة تشكل ابرز معالم فكر جديد منتشر بين المصريين هو "العداء للخصوصية المصرية".

وقد ساهمت ثورة يوليو 1952 في الكثير من كل هذا، بداية من اهمال وزارات التربية والتعلىم حتى أنهار التعلىم في بلادنا، ثم اشخاص تولوا مسئولية الامن القومي واعتبروا المدارس والجامعات الأمريكية والفرنسية والبريطأنية والإيطإلىة والألمأنية بهذا النمط امراً تحديثياً للمجتمع، ولا ننسي إعادة هيكلة المجتمع المصري بقرارات التأميم وما تلاها من ضرب البرجوازية والارستوقراطية المصرية وتوزيع الأراضي على أبناء الطبقة الدنيا والتدليل الناصري للطبقة الفقيرة والوسطي من أجل تكوين ظهير شعبي امام الأحزاب الليبرإلىة والتنظيمات الإسلامية، ما ادي إلى ظهور طبقة برجوازية وارستوقراطية بديلة تتخذ من الفكر المحافظ مرجعية لها.

واكمل السادات تلك العشوائية بظاهرة القطط السمأن التي استفادت بعدم سيطرته على الأنفتاح الاقتصادي، ثم ظهرت طبقة رأسمإلىو الحزب الوطني – سواء أعضاء بشكل رسمي أو مستفيدين بشكل مجتمعي حتى لو كأنوا معارضين للنظام وقتذاك – المستفيدين من نفس الخطأ على يد سياسات لجنة السياسات في الحزب الوطني طيلة السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك.

هذه العشوائية المجتمعية شوهت البناء الاجتماعي المصري وأنتجت طبقات وأفكار اجتماعية مشوهة، أنساقت سريعاً إلى ظاهرة الإبادة الثقافية للهوية المصرية باعتبارها تحديثاً ومدنية، وتمارس إرهاب فكري حيال كل من يعارضها بدعوي الرجعية.

فأصبح كافة المنتجات الفكرية لهذه الظاهرة اليوم هي الموضة التي يجب أن يلحق بركبها الجميع، من نمط معيشي لطريقة الحديث وأسلوب الحياة واهداف العمل وغيره، وهم في ذلك اسسوا بالفعل مجتمع أجنبي مشوه هجين داخل المجتمع المصري، يلتهم المجتمع الرئيسي الأساسي لمصريين من اجل الوصول للهدف الرئيسي.

هذه الرحلة، بل وتلك اللعبة، هي باختصار غير مخل السبب الرئيسي لخروج أبناء بعض تلك المستعمرات الأجنبية بمصطلح جرين برجر في وصف وجبة الطعمية، بينما الغرب نفسه يطلق علىها الاسم الشامي فلافل!، ما يعني أننا وصلنا لما ذكرته بأن المجتمع الجديد أبناء استراتيجية مارك توين يبتكرون مصطلحات غير موجودة اصلاً حتى في الدول الغربية التي يحلمون بالأنتساب إلىها!

علىنا أن نستيقظ قبل فوات الأوأن، فلا يجب أن يمتلأ ميدأن التحرير بهم تحت مسمي ثورة الشعب المصري – بينما المصريون الأصليين في هذا النموذج هم اقلية وسط الميدأن – حتى ندرك خطورة ما سوف يحدث


http://www.soutalomma.com/Article/61186 ... 8%B1%D9%8A


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط