[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/16.gif);border:10 inset gray;][cell=filter:;][I][align=justify] تابع [1]
[ وقد ذكر ذلك كثير من المؤرخين [2] . فقد ورد أن القضيب والبردة أثران نبويان , كانا من شارات الخلافة في الدولة العباسية , وكان الرسم أن يأخذ الخليفة القضيب بيده في الموكب , وكانت البردة تطرح على كتفه في المواكب جالسا أو راكبا , وقال ابن كثير " كان الخليفة يلبسها – أي البردة – يوم العيد على كتفه ويأخذ القضيب المنسوب إليه – أي الرسول صلى الله عليه وسلم – في إحدى يديه .
بل بلغ من عناية العباسيين بهذين الأثرين الشريفين وحرصهم عليهما , أنهم كانوا كلما قام منهم خليفة اهتم بهما اهتمامه بالبيعة , فإذا كان غائبا بعثوا بهما إليه مع بشير الخلافة يبردونه .
ومن هذه المخلفات مجموعة فريدة لا تزال موجودة بمصر , وهي محفوظة في حجرة خاصة بالمسجد الحسيني بالقاهرة , وقد رأيت قبل دراستها فنيا وأثريا أن أقدم لها بما ورد عن بيانها وتاريخها , والأماكن التي نقلت إليها حتى وصلت إلى مستقرها المحفوظة به الآن وهو المسجد الحسيني .
أجمع كل من كتب من المؤرخين [3] عن المخلفات النبوية الموجودة بالقاهرة , على أنها كانت عند بني إبراهيم بينبع , ويقال إنهم تلقوها بالميراث عن آبائهم وأجدادهم الأولين , في أجيال متعاقبة تمتد إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم .
وفي القرن السابع الهجري , اشترى هذه المخلفات من بني إبراهيم وزير مصري , اسمه الصاحب تاج الدين من بني حِنَّا , ثم نقلها إلى مصر وبنى لها رباطا على النيل , عرف فيما بعد برباط الآثار , وسماه ابن دقماق [4] بالرباط الصاحبي التاجي , نسبة إلى بانيه الصاحب تاج الدين , ويعرف الآن باسم " أثر النبي " .
وقد بلغ من حرص المصريين , على هذا التراث الأثري العظيم وتقديرهم له , أن جعلوا من بين وظائف الدولة الهامة وظيفة شيخ الآثار النبوية , فقد قال ابن إياس [5] في حوادث المحرم من سنة 889 هـ " وفيه توفي الشيخ ولي الدين أحمد شيخ الآثار النبوية وقاضي ثغر دمياط وكان دينا خيرا حسن السيرة لا بأس به " .
وجاء في الضوء اللامع [6] أنه في سنة 870 هـ استقر العز الكناني بالشيخ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن محمد , شيخا على الآثار , ثم نقل قاضيا لدمياط وتوفي بها .
أما عن الرباط الذي بني خصيصا لكي يضم المخلفات , فيقول المقريزي [7] في وصفه : هذا الرباط خارج مصر بالقرب من بركة الحبش مطل على النيل ومجاور للبستان المعروف بالمعشوق .
وجاء في المقريزي أيضا عن أبي المتوج قال : هذا الرباط عمره الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد ولد الصاحب بهاء الدين على بن حنا بجوار بستان المعشوق فإذا كملت عمارته يوقف عليه , ووصى الفقيه عز الدين بن مسكين فعمر فيه شيئا يسيرا وأدركه الموت إلى رحمة الله تعالى وشرع الصاحب ناصر الدين محمد ولد الصاحب تاج الدين في تكملته فعمر فيه شيئا جيدا .
ثم يذكر المقريزي السبب في تسميته باسم رباط الآثار فيقول :
" وإنما قيل له رباط الآثار لأن فيه قطعة خشب وحديد يقال إن ذلك من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراها الصاحب تاج الدين المذكور بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بني إبراهيم أهل بينبع وحملها إلى الرباط وهي به إلى اليوم ( أي عصر المقريزي في القرن 15 م ) يتبرك الناس بها ويعتقدون النفع بها وأدركنا لهذا الرباط بهجة وللناس فيه اجتماعات ولسكانه عدة منافع ممن يتردد إليه أيام كان ماء النيل تحته دائما .
فلما انحسر الماء من تجاهه وحدثت المحن من سنة ست وثمانمائة قل تردد الناس إليه وفيه إلى اليوم بقية .ولما كانت أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون قرر فيه درسا للفقهاء الشافعية وجعل له مدرسا وعنده عدة من الطلبة ولهم جار في كل شهر من وقف وقفه عليهم وهو باق أيضا .
وفي أيام الملك الظاهر برقوق وقف قطعة أرض لعمل الجسر المتصل بالرباط , وبهذا الرباط خزانة كتب وهو عامر بأهله . "
وبمثل قول المقريزي في وصف رباط الآثار , قال كثير من المؤرخين , وخاصة أولئك الذين جاءوا بعده , مع اختلاف بسيط بالنسبة لعدد المخلفات النبوية الباقية , وكذا بالنسبة للإضافات والتجديدات والترميمات التي أجريت في الرباط في عهدهم , والأحداث التي مرت به .]
يتبع إن شاء الله
هوامش
[1] من كتاب : مخلفات الرسول في المسجد الحسيني ( صـ 63 – 66 ) . تأليف الدكتورة سعاد ماهر محمد . [2] خطط المقريزي " جـ 1 / 448 – 455 ) , صبح الأعشى جـ2 صـ 273 , جـ 4 صـ 7- 8 , مروج الذهب جـ 2 ص 163 ., أخبار الدولة للقرماني صـ 86 , البداية والنهاية لابن كثير جـ 3 صـ 7 , الأحكام السلطانية للماواردي صـ 164 , تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ 8 , تاريخ الطبري جـ 12 صـ 655 , ابن خلكان جـ 2 صـ 232 , الكواكب السيارة لابن الزيات صـ 144 , حاشية البغدادي جـ 1 صـ 55 .
[3] خطط المقريزي , القلقشندي في صبح الأعشى , ابن كثير في البداية والنهاية , السيوطي في حسن المحاضرة , الجبرتي , الخطط التوفيقية , رحلة ابن بطوطة .
[4] الانتصار لواسطة عقد الأمصار صـ 102 , المقريزي جـ 4 صـ 293 .
[5] تاريخ مصر جـ 1 صـ 99
[6] السخاوي جـ 1 صـ 738
[7] الخطط جـ 4 صـ 295 [/align][/B][/cell][/table][/center]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|