موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 21 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 16, 2024 2:28 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038

الغربة الغربية

قصة للشيخ " السهروردي " المقتول

وهي نفسها قصة حي بن يقظان رواية تحكي قصة شخص يدعى حي بن يقظان نشأ في جزيرة وحده، وترمز للإنسان، وعلاقته بالكون والدين،

حي بن يقظان» التي تعاقب على «تأليفها» أربعة فلاسفة مسلمين، هم:

1_الفيلسوف «ابن سينا» وقد كتبها أثناء سجنه،
2_وأعاد كتابتها الشيخ شهاب الدين السهروردي
3_ وبعدها أعاد كتابتها الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل.

4_ ثم ابن النفيس الذي تنبه إلى بعض المضامين الأصلية الخاصة برواية ابن سينا، والتي لم تكن توافق مذهبه، فأعاد صياغتها لتكون رواية حي بن يقظان عن صالح بن كامل.



القصة التي تناولها من الناحية الصوفية السهروردي وردت القصة تحت اسم
(( الغربة الغربية))


الغريبة الغربية
يقول السهروردي انه سافر مع اخيه عاصم من ديار ماوراء النهر الى مدينة القيروان حيث اسرا وقيدا في السلاسل والقيا بهما في بئر عميقة وقد رأى هو واخوه هدهداً في ليلة قمراء في منقاره كتاب صدر من شاطيء الوادي الايمن من البقعة المباركة وهو كتاب حمل اليهما من الذات العلية يدعوهما الى السفر بغية الوصول الى الهدف الاسمى ويأمرهما بركوب سفينة تجري بهما في موج كالجبال صاعدة بهما الى طور سيناء ليريا هناك صومعة ورأيا في الطريق جماجم عاد وثمود
وكانت الرحلة شاقة رأيا فيها الاهوال ورأيا الاسد ورأيا الحيتان ومشاق اخرى والقصة ترمز الى الانسان الصوفي وعاصم هنا رمز العقل يعصم الانسان من الخطأ
فالقصة تصور المشقات التي يراها الانسان الصوفي العاشق لله وجهاده ومقاماته حتى يصل الى ربه، فعلى كل حال القصة هي من هذا النمط ولكنها ذات طابع صوفي.
اما تلك العقبات والاهوال التي اعترضت طريقهما يعني هو واخوه ما هي الا الشهوات والتعلقات الدنيوية التي تحول بين الانسان وحياة الاشراق اي الوصول الى نور الانوار وما نور الانوار هذا هي نظرية قال بها السهروردي نفسه وفكرة نور الانوار ازاء عالم الظلمة فالصوفي بتعبير السهروردي يريد الخروج من الظلمة الى نور الانوار اي ليلقى ربه. والسهروردي يشير الى هذه الفكرة بشعره يقول:

اقول لجارتي والدمع جار

ولي عزم الرحيل عن الديار

ذريني ان اسير ولا تنوحي

فإن الشهب اشرفها السواري

واني في الظلام رأيت ضوءاً

كأن الليل بدل بالنهار

ويبدو لي من الزواء برق

يذكرني بها قرب المزار

اذا ابصرت ذاك النور افنى

فما ادري يميني من يساري



أما قصة حي بن يقظان الأصلية
وردت القصة للكيلاني بأسلوب بسيط يصل للكبير والصغير تحت عنوان جواري الوقواق


يتبع بمشيئة الله تعالى






_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 19, 2024 8:37 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23553

تسجيل حضور ومتابعة

قصة حي بن يقظان ممتعة

وحتى الرواية التي كتبها روبنسون كروزو متأثرا بحي بن يقظان جميلة

ويا رب يرجع مجد المسلمين ..

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 19, 2024 8:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد ديسمبر 15, 2013 5:39 pm
مشاركات: 7973
msobieh كتب:

تسجيل حضور ومتابعة

قصة حي بن يقظان ممتعة

وحتى الرواية التي كتبها روبنسون كروزو متأثرا بحي بن يقظان جميلة

ويا رب يرجع مجد المسلمين ..

آمين

_________________
وابيض يستسقى الغمامُ بوجههِ...ُثمال اليتامى ِعصم الأراملِ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 19, 2024 8:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7365
يا رب يا رب يا رب

اللهم آمين آمين آمين يا رب العالمين

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 19, 2024 8:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038
msobieh كتب:

تسجيل حضور ومتابعة

قصة حي بن يقظان ممتعة

وحتى الرواية التي كتبها روبنسون كروزو متأثرا بحي بن يقظان جميلة

ويا رب يرجع مجد المسلمين ..

لا حرمنا الله من حضرتك أبدا مولانا الكريم
أسعدني مروركم الطيب العطر

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 19, 2024 9:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45603
اللهم امين امين امين

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 25, 2024 1:55 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038

أما قصة حي بن يقظان الأصلية
وردت القصة للكيلاني بأسلوب بسيط يصل للكبير والصغير تحت عنوان جواري الوقواق

☀ ☀جواري الوقواق
********
ولقد زعم بعض اسلافنا الأقدمين: أن جزائر الوقواق واقعة تحت خط الاستواء، وان فيها جزيرة يولد بها الإنسان من غير ام ولا أب!

وزعم بعضهم فقال بغير تحقيق: "إن إحدى جزائر الوقواق تنبت شجراً عجيباً، لا يثمر الفواكه وما إليها من ضروب الثمر، كما تثمر الأشجار الأخر، بل يثمر النساء وحدهن".

وقد أطلقوا على هؤلاء النسوة- اللائي يولدن من تلك الأشجار- اسم: جواري الوقواق.

وقد زعموا ان جزيرة أخرى من هذه الجزائر تنبت أشجارها الرجال دون النساء!
وكذلك زعموا أن في إحدى هذه الجزائر العجيبة، ولد بطل هذه القصة، من غير اب ولا أم.

هكذا يقول بعض القصاصين. ولكن جمهرة (جماعة) من العلماء الباحثين، لم ياخذوا بهذه المزاعم (الأباطيل)، ولم يصدقوا تلك الدعاوى (الأقوال التي لم تثبت صحتها)، قد بحثوا – جاهدين- حتى عرفوا حقيقة القصة، وأصل بطَلها، ومنشأه. واهتدوا إلى كثير من التفاصيل المعجبة التي أنارت السبيل إلى فهم دقائقها وأسرارها.

وإني لقاصها عليك في الفصول التالية:


الفصل الأول
1- مولد ابن يقظان

كان من بين جزائر الهند جزيرة عظيمة، متسعة الاكناف (فسيحة الجوانب)، بعيدة الأرجاء (النواحي)، كثيرة الفوائد، عامرة بالناس؛ يملكها رجل منهم، شديد الأنفة (الترفع والغيرة). وكانت له أخت ذات جمال نادر، وحسن باهر. وكان أخوهما متكبراً مزهواً (فخوراً معجباً بنفسه)، فلم يشأ أن يزوجها بأحد من الرجال لأنها فيما يرى لا يجد كفئاً لمصاهرته، أعني لمن يصبح له صهراً (زوجاً لأخته).

وكان لهذه الفتاة قريب اسمه يقظان وهو كريم النفس، طيب الخلال (الأخلاق). فلما غاب الملك في بعض حروبه، وطالت غيبته، حسبه أهله قد مات، أو قتل في تلك الحروب، فزوّجوا يقظان تلك الفتاة سراً. وبعد أشهر قليلة، حملت منه، ثم وضعت طفلاً تلوح عليه مخايل الذكاء (أماراته)، ودلائل النبل. وما وضعت الفتاة طفها، حتى عاد أخوها من حروبه منتصراً. ولم يجرؤ أحد من أقارب الملك على الإفضاء إليه (إعلامه وإخباره) بسر الزواج الذي تم في غيبته، خوفاً من غضبه عليهم وانتقامه منهم.

وخشيت الفتاة أن يذيع سرها، فيقتلها أخوها. ولم تر بداً (لم تجد سعة ولا مفراً) من كتمان أمرها عنه.

وبعد افتكار طويل، قرّ قرارها على التخلص من الورطة: بإقصاء الطفل التاعس (الساقط الحظ) المسكين عن الجزيرة، حتى لا تسوء العقبى (النتيجة والخاتمة).



يتبع بمشيئة الله تعالى






_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس فبراير 01, 2024 7:43 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038



2- في التابوت

ثم وضعت الأم طفلها بعد أن أروته من الرضاعة- في تابوت (صندوق) أحكمت إغلاقه (إقفاله) وخرجت به سراً إلى ساحل البحر، وقلبها يكاد يحترق صبابة (حباً وشوقاً) إليه وحزناً عليه. ثم ودعته قائلة:

"أللهم إنك قد خلقت هذا الطفل- ولم يكن شيئاً مذكوراً- ورزقته في ظلمات أحشائي، وحفظته من كل سوء، وتكفلت به حتى تم واستوى. وأنا قد أسلمته إلى لطفك، ورجوت له فضلك. وسألقيه في اليم (البحر) خوفاً من هذا الملك الظالم الغشوم (الجبار العنيد). فكن له ولا تسلمه إلى من لا يرحمه يا أرحم الراحمين".

ثم قذفت به في اليم، فصادف ذلك جري الماء، بقوة المد. فاحتمله من ليلته إلى ساحل جزيرة الوقواق التي تحدثنا بها الأساطير. وكان المد ينتهي عادة إلى أقصاه (غايته ونهايته) في برّ هذه الجزيرة، ولا يصل إلى هذا المكان إلا مرة في كل عام.

فأدخله الماء بقوته إلى أجمة (غابة) ملتفة الشجر، طيبة التربة (الأرض)، مستورة عن الرياح والمطر، محجوبة عن الشمس، تنحرف عنها إذا طلعت، وتميل إذا غربت.

ثم أخذ الماء في النقص والجزر (الانقطاع) عن التابوت الذي فيه الطفل وبقي التابوت في ذلك الموضع.

وتوالى هبوب الرياح، فتجمعت الرمال وعلت وتراكمت (تكاثرت)، حتى سدّت باب الأجمة على التابوت، وردمت مدخل الماء إلى تلك الأجمة؛ فكان المد لا ينتهي (لا يصل ولا يجيء) إليها بعد ذلك.

3- مرضعة الطفل

وكانت مسامير التابوت قد قلعت، وألواحه قد اضطربت، حين قذفه الموج، ورماه في تلك الأجمة.

فلما اشتد الجوع بذلك الطفل بكى واستغاث، وعالج الحركة (حاولها)، فوقع صوته في أذن ظبية فقدت ولداً لها. وكان قد خرج من كناسه (بيته الذي يستره) فرأته عقاب، فحملته وطارت به من فورها (والعقاب طائر مفترس، قويّ المخالب، ملتوي المنقار). فخرجت الظبية تبحث عن ولدها، فلما سمعت صراخ الطفل ظنته ولدها المفقود. فتتبعت الصوت، حتى وصلت إلى التابوت. ففحصت (بحثت وحفرت) عنه بأظلافها؛ أعني بحوافرها، وهي الأجزاء الصلبة التي تمشي عليها وتنتهي بها قوائمها (أقدامها).

وكان الطفل يئن من داخله- حينئذ- حتى طار عن التابوت لوحه الأعلى.



فرقّت (أم عزة) الظبية له، وعطفت عليه وألقمته حلمتها، وأروته لبناً سائغاً. وما زالت به تتعهده (تربيه)، وتدفع عنه الأذى، منذ ذلك اليوم.

وكانت هذه الظبية التي تكفلت به قد وافقت مكاناً خصباً ومرعى أثيثاً (كثير النبات)؛ فكثر لحمها، ودرّ لبنها (سال وكثر)، حتى قام بغذاء الطفل أحسن قيام.

وكانت أم عزة تظل بجواره ولا تبعد عنه إلا لضرورة الرعي.

4- بعد حولين

وألف الطفل أم عزة، حتى أصبح لا يستطيع فراقها؛ فكلما أبطأت عنه يشتد بكاؤه فتطير إليه الظبية الحنون.

ولم يكن بالجزيرة أحد من السباع العادية (المفترسة)، فتربى الطفل ونما، واغتذى بلبن الظبية، إلى أن تم له حولان (عامان).

وتدرج الطفل في المشي، وأثغر (نبتت أسنانه). فكان يتبع الظبية. وكانت هي ترفق به وترحمه، وتحمله إلى مواضع فيها شجر مثمر. فكانت تطعمه ما تساقط من ثمراتها الحلوة النضيجة (التي طابت).

وما كان منها صلب القشر، كسرته له بطواحنها (أضراسها).

ومتى عاد الطفل إلى اللبن أروته، ومتى ظمئ إلى الماء أوردته (سقته). ومتى ضحى (أصابته الشمس) ظللته. ومتى برد أدفأته. إذا جنّ الليل (أظلم) صرفته إلى مكانه الأول، وجللته (سترته) بنفسها، وغطته بريش كان مملوءاً به التابوت الذي وضعته فيه أمه.

وكانا في غدوّهما ورواحهما (في خروجهما صباحاً وعودتهما مساءً) قد ألفهما ربرب.

و الربرب هو: جماعة من بقر الوحش.

وقد ألفت هذه الجماعة الظبية والطفل، فكانت تسرح معهما، وتبيت حيث مبيتها.

فما زال الطفل مع الظبية على تلك الحال، يحكي نغمتها بصوتها حتى لا يوجد بينهما فرق، ويقلد نغمات ذلك الربرب الذي ألفه وحنا عليه بطبعه.

وكان كذلك يحكي جميع ما يسمعه من أصوات الطير وأنوع سائر الحيوان: محاكاته لصوت الظبية، في الاستصراخ (صوت الاستغاثة)، والاستئلاف (التحبب والتودد)، والاستدعاء (النداء والصياح)، والاستدفاع (طلب النصرة)؛ إذ للحيوانات في هذه الأحوال المختلفة أصوات مختلفة.

فألفته الوحوش وألفها، ولم تنكره ولا أنكرها!

وقد مثلت في خلده (صوّرت في خاطره)، صور هذه الحيوانات، وثبتت في نفسه أمثلة ما يراه من الأشياء، فكان يتخيلها بعد مغيبها عن مشاهدته. وكان يحدث له شوق إلى رؤية بعضها وكراهية بعضها.

5- قوة الحيوان وضعف الانسان

وكان في ذلك كله ينظر إلى جميع الحيوانات، فيراها كاسية بالأوبار (مكسوّة بالأصواف)، والأشعار وأنواع الريش على اختلاف ألوانها، وتباين أجناسها وتنوع أشكالها.

وكان يرى ما لها من سرعة العدو (الجري)، وقوة البطش والفتك، وما لها من الأسلحة المعدة لمدافعة من ينازعها، مثل الأنياب والحوافر والصياصي (قرون الظباء)، والمخالب (أظفار الحيوان والطير).

ثم يرجع إلى نفسه، فيرى ما به من العرى، وعدم السلاح، وضعف العدو، وقلة البطش، عندما كانت تنازعه الوحوش أكل الثمرات، وتستبد به (تستأثر) بها دونه، وتتغلب عليه، فلا يستطيع المدافعة عن نفسه، ولا الفرار بشيء من الثمار!

وكان يرى أترابه (من ولد معه)- يعني أشباهه في السن- من أولاد الظباء، قد نبتت لها قرون بعد أن لم تكن؛ وصارت قوية بعد ضعفها في العدو. ولا يرى لنفسه شيئاً من هذا كله.

فكان يفكر في ذلك، ولا يدري ما سببه؟



يتبع بمشيئة الله تعالى



_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة فبراير 02, 2024 8:55 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23553

ماشافش القاهرة 30

:) :)

molhma كتب:

وكان يرى أترابه (من ولد معه)- يعني أشباهه في السن- من أولاد الظباء، قد نبتت لها قرون بعد أن لم تكن؛ وصارت قوية بعد ضعفها في العدو. ولا يرى لنفسه شيئاً من هذا كله.

فكان يفكر في ذلك، ولا يدري ما سببه؟

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة فبراير 02, 2024 8:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038
msobieh كتب:

ماشافش القاهرة 30

:) :)

molhma كتب:

وكان يرى أترابه (من ولد معه)- يعني أشباهه في السن- من أولاد الظباء، قد نبتت لها قرون بعد أن لم تكن؛ وصارت قوية بعد ضعفها في العدو. ولا يرى لنفسه شيئاً من هذا كله.

فكان يفكر في ذلك، ولا يدري ما سببه؟

:D :D :D
أسعدكم الله مولانا الكريم ولا يحرمنا مروركم الطيب العطر

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة فبراير 02, 2024 9:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يونيو 17, 2013 2:03 pm
مشاركات: 2747
يبدو ان القصة المسرودة للان هي
حي بن يقظان لابن طفيل
القصة مشوقة جدا وتفسير ابن طفيل للظواهر مثير
متابع

_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد واله واحشرنا بزمرتهم انك سميع مجيب


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة فبراير 02, 2024 9:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038
ابو الحسن الطيب كتب:
يبدو ان القصة المسرودة للان هي
حي بن يقظان لابن طفيل
القصة مشوقة جدا وتفسير ابن طفيل للظواهر مثير
متابع

أكرمكم الله أخي الكريم الفاضل أبو الحسن الطيب
وأسعدني مروركم الطيب العطر

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 12, 2024 1:10 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038




وكان أيضاً ينظر إلى سائر الحيوان، فيراها مستورة بالأذناب، فكسوة بالأوبار- أو ما شابهها- فكان ذلك كله يكربه (يسوءه ويحزنه).

6- في العام السابع

فلما طال همه في ذلك كله- وقد قارب سبعة أعوام- ويئس من أن يكمل له ما قد أضرّ به من النقص: اتخذ من أوراق الشجر العريضة شيئاً جعل بعضه خلفه، وبعضه قدامه. وعمل من الخوص والحلفاء (نبت محدد الأطراف)- شبه حزام على وسطه، فتعلّقت به تلك الأوراق.

فلم يلبث إلا يسيراً، حتى ذوى ذلك الورق (ذبل ويبس)، وجفّ وتساقط عنه. فما زال يتخذ غيره، ويخصف (يلزق) بعضه ببعض، طاقات مضاعفة (طبقات بعضها فوق بعض)، ويخرز الواحدة في الأخرى، ويلزق الأولى بالثانية، ليستر بها بعض جسمه، وربما كان ذلك أطول لبقاء الستر؛ إلا أنه على كل حال قصير المدة.

واتخذ من أغصان الشجر عصياً سوّى أطرافها وعدل متونها (ظهورها)، وقوّم من اعوجاجها وتثنّيها. وكان يهش بها على الوحوش المنازعة له، فيحمل على الضعيف فيها، ويقاوم القويّ منها، فأكسبه ذلك النجاح ثقة وتأميلاً، ونبل (عظم) بذلك قدره عند نفسه بعض نبالة. وعلم أن ليده فضلاً كثيراً على أيدي الحيوان، إذ أمكن له بها ستر جسمه، واتخاذ العصي التي يدافع بها عن حوزته، ويحمي بها نفسه وما يتعلق به من أشيائه، فاستغنى بها عما أراده من الذنب والسلاح الطبيعي.

7- الثوب الأول

وفي ذلك ترعرع، وأربى (زاد) على السبع سنين. وطال به العناء في تجديد الأوراق التي كان يستتر بها، فكانت نفسه تنازعه (تشوقه) إلى اتخاذ ذنب من أذناب الوحوش الميتة، ليعلقه على نفسه.

ولكن ابن يقظان رأى أن أحياء الوحوش تتحامى (تتجنب) ميّتها، وتنفر منه. فلم يتأتّ (لم يتيسّر) له الإقدام على تنفيذ رغبته.

ثم صادف في بعض الأيام نسراً ميتاً؛ فرأى الفرصة سانحة لتحقيق إربته (طلبته وحاجته)، إذ لم ير للوحوش عنه نفوراً. فأقدم عليه وقطّع جناحيه وذنبه صحاحاً (كما هي)، وفتح ريشها وسوّاها. وسلخ عن ذلك النسر سائر جلده، وفصّله على قطعتين، ربط إحداهما على ظهره، والأخرى على سرّته وما تحتها. وعلّق الذنب من خلفه، وعلّق الجناحين على عضديه (ما بين مرفقيه إلى كتفيه).

فأكسبه ذلك ستراً ودفئاً ومهابة في نفوس جميع الوحوش حتى كانت لا تنازعه (لا تخاصمه) ولا تعارضه، فصار لا يدنو إلى شيء منها سوى أم عزة: تلك الظبية التي كانت أرضعته وربّته. فإنها لم تفارقه ولا فارقها، إلى أن أسنّت (كبرت سنها) وضعفت. فكان يرتاد بها المراعي الخصبة، ويجتني لها الثمرات الحلوة، ويطعمها ولا يألو جهداً (لا يقصر) في برّها، والعناية بأمرها، جزاءً لها على ما أسلفته إليه من صنيع وإحسان.

الفصل الثاني
1- موت الظبية

وما زال الضعف والهزال يستوليان على أم عزة حتى حان حينها (هلاكها وموتها)، وانتهت أيامها من الدنيا، وأدركها الموت الذي لا يفلت منه كائن كان.

فسكنت حركاتها بالجملة وتعطلت جميع أفعالها.

فلما رآها الصبي على تلك الحال، جزع جزعاً شديداً، وكادت نفسه تفيض (تذهب) أسفاً عليها.

فكان ينادي أم عزة بالصوت الذي كانت عادتها أن تجيبه عند سماعه، ويصيح بأشدّ ما يقدر عليه، فلا يرى لها عند ذلك حركة ولا تغيّراً!


يتبع بمشيئة الله تعالى



_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس فبراير 22, 2024 12:50 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038



فكان ينظر إلى ذنبها وإلى عينيها فلا يرى بها آفة بادية، ولا علة ظاهرة. وكذلك كان ينظر إلى جميع أعضائها فلا يرى بشيء منها آفة من الآفات، أو علة من العلل.

فكان يطمع أن يعثر على موضع الآفة (العلة)، ويهتدي إلى مكان العاهة التي عرضت لها، فمنعتها من الحركة.

وظل يبحث جاهداً ليزيلها عنها، ويعيد إليها الحياة، فترجع إلى ما كانت عليه من الحركة والسعي والنشاط.

فلم يتأت له شيء من ذلك ولا استطاعة.

2- تأملات ابن يقظان

وكان الذي أرشده، إلى البحث عن هذه الآفة، ما كان قد اعتبره في نفسه، ولحظه من أمره قبل ذلك. لأنه كان يرى أنه إذا أغمض عينيه أو حجبهما (سترهما) بشيء، فإنه يعجز حينئذ عن رؤية ما يحيط به؛ فلا يبصر شيئاً حتى يزول ذلك العائق (المانع).

وكذلك كان يرى أنه، إذا أدخل إصبعيه في أذنيه، وسدهما، لا يسمع شيئاً، حتى يزيل إصبعيه عنهما. وإذا أمسك أنفه بيده، لا يشم شيئاً من الروائح حتى يفتح أنفه، فيزول ذلك العائق.

فاعتقد من أجل ذلك أن جميع ما لهذه الظبية الهامدة (الساكنة الميتة التي لا حراك بها) من الإدراكات والأفعال، قد تكون لها عوائق تعوقها، ولا تمكنها من مواصلة أعمالها. فإذا اهتدى إلى مصدر هذه العوائق، ووفق إلى إزالتها عنها، عادت الظبية كما كانت قادرة على السعي والحركة وما إلى ذلك من ضروب الأفعال.

غاية البحث

فلما نظر إلى جميع أعضائها الظاهرة، وأطال التأمل فيها، والفحص (البحث) عنها، لم ير فيها آفة ظاهرة.

وكان يرى مع ذلك أن العطلة قد شملتها، ولم يختص بها عضو دو عضو.

وثمة (هناك) وقع في خاطره أن الآفة التي نزلت بهذه الظبية البارة الحنون، إنما هي في عضو مستور غائب عن العيان (مخفي عن المعاينة والرؤية بالبصر)، مستكنّ (محجوب مستتر) في باطن الجسد.

وقال ابن يقظان في نفسه: "لعل تعطيل ذلك العضو المستور عن العيان هو مصدر هذه الآفات، ومبعث هذه العلل. ولعل ذلك العضو الذي خفي عن عينيّ فلم أره هو أهم عضو في جسم هذه الظبية.

ومن يدريني؟ فلعله باعث الحياة في جسمها. ولعله وحده هو الذي يحرك هذه الأعضاء الظاهرة كلها. فلما نزلت به الآفة، عمّت المضرة (أصبح الضرر عاماً)، وشملت المطلة"!

وطمع بأنه لو عثر على ذلك العضو، وأزال عنه ما نزل به، لاستقامت أحواله، وفاض على سائر البدن نفعه، وعادت الأفعال إلى ما كانت عليه.

4- أعضاء الحيوان

وكان قد شاهد قبل ذلك في الأشباح (الأشخاص) الميتة من الوحوش، أن جميع أعضائها لا تجويف (لا فراغ) فيها. فهي فيما يرى مصمتة (مجتمعة ممتئلة)، لا جوف لها (ليس فيها سعة ولا فراغ)، إلا الفخذ والصدر والبطن.

فوقع في نفسه (ثبت فيها) أن العضو الخطير الشأن (الرفيع القدر)، العظيم المنزلة، الذي يبحث عنه جاهداً، ويتلمس العثور عليه، والذي له تلك الصفة، وذلك الخطر العظيم، لن يعدو أحد هذه المواضع الثلاثة، وهي: الفخذ والصدر والبطن.

وكان يغلب على ظنه غلبة قوية أن ذلك العضو لا بد أن يكون في الموضع المتوسط من هذه المواضع الثلاثة.

وقد دفعته غريزته، وهدته فطرته (طبيعته) إلى ذلك، لأنه كان قد استقر في نفسه أن جميع أعضاء الجسم لا تستغني عنه، وأنها محتاجة إليه دائماً؛ لأنه يمد الجسم كله بالقوة والنشاط، ويوزع الحياة على جميع الأعضاء. ومن الطبيعي أن يكون مسكنه في الوسط، ليمد (يعطي ويبين) كل ما يتفرّع منه، بالحياة والقوة.

وكان إذا رجع إلى ذاته، شعر بدقات هذا العضو في صدره، وأحسّ أن له خطراً أي خطر (قدراً عظيماً جداً).

وقد كان ينظر إلى سائر أعضائه (باقيها): كاليد والرجل والأذن والأنف والعين والرأس؛ فيجد أنه يقدر على مفارقتها في أي وقت من الأوقات؛ ويخيّل إليه أن في استطاعته أن يستغني عنها، إذا سلبها وانتزعت منه، ويظن أنه لا يفقد الحياة بفقدانها.

فإذا فكر في ذلك الشيء الذي يدقّ في صدره تلك الدقات المنتظمة الدائمة، أيقن أنه لا يتأتى له الاستغناء عنه طرفة عين (مقدار حركة جفنيها).

وكذلك كان يرى عند محاربته الوحوش أن أكثر ما يتّقيه، وأخوف ما يخافه منهم، هو أن يصيبوا صدره بأي أذى لشعوره بذلك الشيء الذي فيه، وثقته بأنه باعث الحياة، ومصدر القوة.

فلما جزم (بت وقطع) الحكم بأن العضو الذي نزلت به الآفة إنما هو صدر الظبية، أجمع (عزم) على التنقيب والبحث عنه، لعله يظفر به ويرى آفته فيزيلها.


يتبع بمشيئة الله تعالى



_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ☀ الغربة الغربية(حي بن يقظان) ☀
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 01, 2024 12:38 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35038

5- أمل ورجاء

ثم إنه خاف أن يكون نفس فعله هذا أعظم من تلك الآفة التي نزلت بتلك الظبية.

وقال في نفسه: "شدّ ما أخشى أن ينقلب عملي من الخير إلى الشر، وأن يكون سعيى لنجاة الظبية سبباً في القضاء عليها. ومن يدريني؟ لعلني إذا شققت صدرها، أهلكتها، وقطعت الأمل في حياتها"!

ثم إنه تفكر وأطال التأمل وأنعم النظر، وظل يسائل نفسه: هل رأى من الوحوش وسواها من صار في مثل تلك الحال، ثم عاد إلى مثل حاله الأولى؟

فلم يجد شيئاً. وثمة أيقن أنه إذا ترك الظبية على تلك الحال، فليس له من أمل في عودة الحياة إليها. وبقي له رجاء في رجوعها إلى الحياة كرة أخرى، إن هو وجد ذلك العضو واهتدى إلى مكمن الداء (موضعه الخفي)، وأنزل الآفة عنه.

6- تشريح الظبية

فعزم ابن يقظان على تشريح الظبية وتقطيعها. وقرّ رأيه على شق صدرها، والتفتيش عما فيه. ولم يتردد في إنفاذ عزمه لحظة بعد ذلك. فاتخذ من كسور الأحجار الصلبة (الأجزاء المكسورة منها)، ومن شقوق القضب اليابسة (قطعه المشقوقة من أنابيبه الفارغة الجوف)، أشباه السكاكين، وشق بها ما بين أضلاع الظبية، وقد امتلأ قلبه أملاً ورجاءً بالنجاح في سعيه.

فلما قطع اللحم الذي بين الأضلاع، وأفضى (وصل) إلى الحجاب المستبطن للأضلاع (المتداخل فيها كالبطانة)، رآه قوياً.

وثمة قوى ظنه بأن مثل ذلك الحجاب القوي، لا يكون إلا لمثل ذلك العضو الذي يبعث الحياة في جميع أرجاء الجسم ونواحيه، وطمع بأنه إذا تجاوزه ظفر بطلبته وأدرك غايته التي يسعى إليها.

فحاول شق هذا الحجاب؛ فلم يستطع إلى ذلك سبيلاً.

وصعب (امتنع) عليه أن يحقق إربته (حاجته)، لعدم وجود الآلات التي تمكنه من ذلك. فلم يكن عنده من القواطع إلا الحجارة والقصب اليابس، كما حدثتك بذلك.

ولكن ابن يقظان آلى على نفسه (حلف وأقسم) أن يدرك غايته؛ فلم تعوزه (لم تنقصه) الحيلة، وبذل جهده حتى أجدّ تلك القواطع وأحدّها (شحذها وسنّها وسوّاها وصيّرها جديدة).

وتلطّف في خرق ذلك الحجاب، حتى انخرق له، فأفضى إلى الرئة.

فظن أول أمره أن الرئة هي مطلوبة، وحسب أنها غايته. وما زال يقلبها، ويطلب موضع الآفة بها، لعله يزيلها، أو يرفع ما ألم بها من العوائق.

7- قلب الظبية

وكان أول ما وجده منها نصفها الذي هو في الجانب الواحد، فرآها مائلة إلى جهة واحدة. وكان قد اعتقد أن ذلك العضو الذي يبحث عنه جاهداً، لا يكون إلا في الوسط في عرض البدن، كما هو في الوسط في طوله. فراح يفتش في وسط الصدر، حتى ألفى (وجد القلب). وهو مجلل بشغاف (مغطى وملبس بغلاف وحجاب) في غاية القوة، مربوط بعلائق (روابط)، في غاية الوثاقة (الإحكام) والرقة، وهي مطيفة (محيطة) به من الجهة التي بدأ بالشق منها.

فقال في نفسه: "إن كان لهذا العضو من الجهة الأخرى مثل ما له من هذه الجهة، فهو في حقيقة الوسط لا محالة (لا بد ولا ريب)، وهو بلا شك مطلوبي وغايتي التي أبحث عنها، لا سيما ما أرى له من حسن الوضع، وجمال الشكل، وقلة التشتت (قلة التفرق والتخلخل)، وقوة اللحم.

وهو إلى ذلك محجوب بمثل هذا الحجاب الذي لم أر مثله الشيء من الأعضاء".

فبحث عن الجانب الآخر من الصدر، فوجد فيه الحجاب المتبطن للأضلاع، ووجد الرئة على مثل ما وجده من هذه الجهة؛ فحكم بأن ذلك العضو هو مطلوبه.

فحاول هتك حجابه، وشق شغافه (تمزيق الغلاف السائر له) ليظهر ما رواءه، ولكنه وجد مطلبه عسيراً.

فلم يبال بالعقبات والمصاعب، واستطاع تحقيق رغبته، بعد كذ واستكراه واستنفاذ للمجهود.

8- تشريح القلب

ثم جرّد قلب الظبية (فصله على حدة)، فرآه بدائ بدء مصمتاً من كل جهة، أعني: أنه لا تجويف فيه.

فنظر: هل يرى فيه آفة (علة) ظاهرة؟ فلم ير فيه شيئاً.

فشد يده على القلب، منعماً (مدققاً) النظر، مطيلاً التفرس (التحديق)، فتبين له أن فيه تجويفاً!

فقال ابن يقظان في نفسه: "لعل مطلوبي الأقصى (الأبعد)، إنما هو في داخل هذا العضو، وأنا إلى الآن لم أصل إليه".

وما إن مر هذا الخاطر بخلده (بخاطره)، حتى أسرع بإنفاذه ليتكشف جلية الأمر (حقيقته). وشق ذلك القلب، فألفى فيه تجويفين اثنين: أحدهما من الجهة اليمنى، والآخر من الجهة اليسرى. فبحث ابن يقظان فاحصاً عن التجويف الأيمن؛ فرآه مملوءاً بقطع من الدم الغليظ الجامد. ثم فحص عن الجويف الأيسر؛ فرآه خالياً لا شيء فيه.

فقال ابن يقظان: "لن يعدو (لن يفوت) مطلبي أن يكون مسكنه بين هذين البيتين"!

ثم استأنف قائلاً: "أما هذا البيت الأيمن، فلا أرى فيه غير هذا الدم المنعقد (الجامد). ولا شك في أن هذا الدم لم ينعقد إلا بعد أن صار الجسم كله إلى هذا الحال".

فأيقن ابن يقظان أنه لم يظفر بطلبته، ولم يدرك غايته. وقال في نفسه متعجباً: "لقد طالما شاهدت أن الدماء كلها متى خرجت وسالت انعقدت، وجمدت وأصبحت في مثل هذا الدم. وهو فيما أرى كسائر الدماء التي تجري في جميع أعضاء الجسم بلا استثناء، وليس يتختص بها عضو دون عضو آخر. وليس مطلوبي بهذه الصفة؛ إنما أبحث عن سر الحياة في هذا الموضع الذي أجدني لا أستغني عنه طرفة عين؛ أعني هذا القلب النابض، الذي أشعر بأنه يبعث فيّ الحركة والنشاط.

أما هذا الدم فلا خطر له، وليس هو سر الحياة.

فكم مرة جرحتني الوحوش في أثناء حربي معها، فسال مني كثير من الدم، فما ضرني فقدانه، ولا أفقدني شيئاً من أفعالي. وعندي أن هذا البيت الأيمن ليس فيه طلبتي. أما البيت الأيسر، فإني أراه خالياً لا شيء فيه.

ولأمر ما، خلا هذا البيت مما كان فيه. وما أرى أن ذلك باطل. فإني رأيت أن كل عضو من الأعضاء إنما خلق لفعل يختص به. فكيف خلا هذا البيت وتعطل؟

لا شك أن القوة التي كانت تسكنه قد ارتحلت عنه؛ فتعطلت حركة الجسم كله بعده.

وما أرى الجسم بعد أن ارتحلت عنه تلك القوة التي كانت تبعث فيه الحياة إلا خسيساً تافهاً، لا قيمة له ولا خطر (والخطر:ارتفاع القدْر)".

وأطال التفكير والبحث؛ فأيقن أن أمه التي كانت تحبه وتعطف عليه ليست في هذا الجسد الميت؛ وإنما هي في تلك القوة الخفية التي كانت تحرك هذا الجسد الهامد!

وعرف ابن يقظان أن الجسد الحيواني، إنما هو بجملته أشبه شيء بآلة تحركها الروح، أو هو كالعصا التي يتخذها الإنسان لقتال الوحوش.



يتبع بمشيئة الله تعالى



_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 21 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط