اشترك في: الاثنين مايو 07, 2012 3:24 pm
مشاركات: 5428
|
فى مفاجأة من العيار الثقيل، لم يمض على تعيين «مايكل فلين» شهر واحد فى منصب «مستشار الأمن القومى» الأمريكى حتى أجبر على تقديم استقالته الثلاثاء الماضى. الإطاحة المدوية والسريعة لمن شغل مقعدًا هو الأهم والأقرب للرئيس داخل الإدارة الجديدة يقف خلفها (وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ـ C I A)، مما يجعل المشهد مفعمًا بقدر عال من الجدل والإثارة. يمكن اختصار أهمية ودقة المنصب الذى كان يشغله فلين قبل ساعات فقط، بالاكتفاء بذكر أسماء كهنرى كيسنجر وكونداليزا رايس احتلا نفس المقعد قبلا مع إدارات سابقة، ليكون معلومًا حجم تأثيرهما «الدولى بالأخص» كنماذج فى منظومة العمل الرئاسى الأمريكى، لذلك لم تتأخر الوكالة الاستخباراتية فى توجيه لكمتها لهذا الصيد الثمين، واختارت توقيتا للضربة تضمن به إتمام عملية قتل غير رحيم.
واجه فلين اتهامات بإجرائه اتصالًا هاتفيًا مع سفير روسيا لدى الولايات المتحدة «سيرجى كيسلياك»، أوصاه فيه بعدم اتخاذ موسكو «رد فعل» على عقوبات فرضها باراك أوباما، على اعتبار أنه راحل عن البيت الأبيض وأن ترامب سيقوم بإلغائها. إدارة مكافحة التجسس داخل وكالة الاستخبارات الأمريكية أجرت تحقيقا فى المكالمة التى تمت يوم 29 ديسمبر الماضى، وهو اليوم الذى فرض الرئيس أوباما فيه العقوبات، نفى فلين فى بداية الأمر أن يكون قد ناقش مع السفير الروسى مسألة العقوبات، لكنه عاد وقال عبر متحدث باسمه إنه لا يذكر ما إذا كان قد ناقش المسألة أم لا، حيث شملت العقوبات الأمريكية 9 كيانات روسية، من بينها اثنان من أجهزة الاستخبارات الروسية و3 شركات قدمت دعمًا ماديًا لأحد أجهزة الاستخبارات، فضلًا عن ذلك أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حينها عن طرد (35 عميلًا) فى الاستخبارات الروسية بعد اعتبارهم «أشخاصا غير مرغوب فيهم». منطقيا أن تنفى الرئاسة الروسية (الكرملين) أن يكون مستشار الأمن القومى الأمريكى مايكل فلين، قد ناقش مع سفيرها فى واشنطن مسألة رفع العقوبات عن روسيا، لكن الجميع يتذكر ردة الفعل «الهادئة والنموذجية» من فلاديمير بوتين حينها على العقوبات الأمريكية، لتفسر الآن باعتباره قد تجاوب مع توصية فلين وأنه قد تلقاها باعتبارها رسالة قادمة من الإدارة الجديدة التى كانت تقف حينئذ على أعتاب البيت الأبيض.
وكالة الاستخبارات الأمريكية استندت وهى توجه ضربتها المبكرة لإدارة الرئيس الجديد، إلى قانون أمريكى يمنع «المواطنين» من التفاوض فى شئون الدولة مع حكومات أجنبية، إذ اعتبرت خطوة فلين غير قانونية، خاصة أنها جرت قبل تولى ترامب السلطة، وأنها تمت بعيدًا عن القنوات الدبلوماسية المخولة بهذا الأمر. الضربة الاستخباراتية بدت حتمية داخل أروقة الوكالة ولم يكن هناك مجال للتعقل أو الاستيعاب لاعتبارات المنصب والتوقيت، خاصة أن لدى الوكالة ما لايزال عالقًا بأياديها وملابسها لم تنته منه بعد، وهو السبب الذى اتخذ على أساسه قرار فرض العقوبات على روسيا، أن الرئيس ترامب شخصيًا وحملته الانتخابية يواجهان اتهامات «لم تكتمل» بالاستفادة من قرصنة روسية، استهدفت منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، مما دفع أوباما لفرض قرار العقوبات قبيل مغادرته للبيت الأبيض. وفيما يبدو سيكون هذا الملف حين اكتمال عناصره هو سلاح الوكالة فى مواجهة الرئيس الجديد، يتحدد لاحقًا كيفية وتوقيت إشهاره فى وجهه أو متى بالضبط سيستخدم فى ابتزازه.
وكالة الاستخبارات المركزية التى حرص ترامب على أن تكون زيارته لمقرها فى اليوم الأول لمنصبه الرئاسى، وفى المقر أطلق حينها تصريحه الشهير «أدعمكم، فأنا معكم تماما»، على خلفية إلقائه باللوم على وسائل الإعلام بأنها تسببت فى خلافه مع الوكالة التى تقوم بالتحقيق فى القرصنة الروسية. فى ظل هذا الاسترضاء المكشوف من قبل الرئيس، هل هو يقف اليوم أمام وكالة تملك من النفوذ والإمكانات الهائلة فى الداخل الأمريكى وخارجه، فى الوقت الذى لا تدين له بولاء حقيقى، هل نحن إزاء مشهد للترويض أم أن الجعبة الاستخباراتية لديها ما هو أخطر، فلأى حد يمكنها أن تمضى بعد تلك الضربة المدوية بفرض إزاحة المستشار الأهم للرئيس، وعلى أىٍّ من الساحات يمكن أن تتقاطع مصالحها مع سياسات الرئيس الجديد القادم بزخم التغيير الذى يستهدف إنفاذه.http://www.dostor.org/1308947#.WKS6RquexGU.facebook
|
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
