موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 93 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 29, 2012 12:05 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

احذر يا ولى أن تريد علوا فى الأرض .. والزم الخمول .. وإن أعلى الله كلمتك فما أعلى إلا الحق ... وإن رزقك الرفعة فى قلوب الخلق فذلك إليه عز وجل ... والذى يلزمك التواضع والذلة والانكسار .. فإنه إنما أنشأك من الأرض فلا تعل عليها فإنها أمُّك ومن تكبر على أمه فقد عقها وعقوق الوالدين حرام

ثم إنه قد ورد فى الحديث " أن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه " فإن كنت أنت ذلك الشىء فانتظر وضع الله إياك ... وما أخاف على من هذه صفته إلا أن الله تعالى إذا وضعه يضعه فى النار

وذلك إذا رفع ذلك الشىء نفسه لا إذا رفعه الله .. فذلك ليس إليه إلا أنه لا بد أن يراقب الله فيما أعطاه من الرفعة فى الأرض بولاية وتقدم يُخدَم من أجله ويغشى بابه ويلزم رِكابه فلا يبرح ناظرا فى عبوديته وأصله .. فإنه خلق من ضعف ومن أصل موصوف بأنه ذلول

ويعلم أن تلك الرفعة إنما هى للرتبة والمنصب لا لذاته .. فإنه إذا عزل عنها لم يبق له ذلك الوزن الذى كان يتخيله وينتقل ذلك إلى من أقامه الله فى تلك المنزلة ... فالعلو للمنزلة لا لذاته

فمن أراد العلو فى الأرض فقد أراد الولاية فيها ... وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الولاية إنها يوم القيامة حسرة وندامة .. فلا تكن من الجاهلين

فالذى أوصيك به أنك لا تريد علوا فى الأرض وإن أعطاك الله لا تطلب أنت من الله إلا أن تكون فى نفسك صاحب ذلة ومسكنة وخشوع .. فإنك لن تحصل ذلك إلا أن يكون الحق مشهودا لك .. وليس مدار الخلق والأكابر إلا على أن يحصل لهم مقام الشهود .. فإنه الوجود المطلوب .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 04, 2012 11:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بالاغتسال فى كل يوم جمعة واجعله قبل رواحك إلى صلاة الجمعة ... وإذا اغتسلت فانو فيه أنك تؤدى واجبا ... فإنه قد ورد

فى الصحيح أن ( غسل الجمعة واجب على كل مسلم )

وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (حق على كل مسلم أن يغتسل فى كل سبعة أيام ) ... فيجمع بين الحديثين

بغسل الجمعة

وذلك أن الله خلق سبعة أيام وهى أيام الجمعة ... فإذا انقضت جمعة دارت الأيام .. فهى الجديدة الدائرة ... فلا تنصرف عنك دورة إلا

عن طهارة تحدثها فيها إكراما لذاتها وتقديسا وتنظيفا

... كما جاء فى السواك أنه ( مطهرة للفم ومرضاة للرب ) .. وكذلك الغسل فى الأسبوع مطهرة للبدن ومرضاة للرب ... أى العبد

فعل فعلا يرضى الله به من حيث إن الله أمره بذلك فامتثل أمره .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 05, 2012 12:44 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

إياك والمراء فى شىء من الدين وهو الجدال ... فلا يخلو من أحد أمرين ... إما أن تكون محقا .. أو مبطِلا ..

كما يفعل فقهاء زماننا اليوم فى مجالس مناظراتهم ... ينوون فى ذلك تلقيح خواطرهم ...

فقد يلتزم المناظر فى ذلك مذهبا لا يعتقده وقولا لا يرتضيه وهو يجادل به صاحب الحق الذى يعتقد فيه أنه حق ... ثم تخدعه النفس فى ذلك بأن تقول له إنما نفعل ذلك لتلقيح الخاطر لا لإقامة الباطل ... وما علم أن الله عند لسان كل قائل ... وأن العامى إذا سمع مقالته بالباطل وظهوره على صاحب الحق - وهو عنده أنه فقيه - عمل العامى المقلد على ذلك الباطل لما رأى من ظهوره على صفة الحق وعجز صاحب الحق عن مقاومته ... فلا يزال الإثم يتعلق به ما دام هذا السامع يعمل بما سمع منه

ولهذا ورد فى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت أنه قال ( أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء وهو إن كان

محقا .. وببيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ) ... ومنه المراء فى الباطل

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 25, 2012 1:23 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بحسن الأخلاق وإتيان مكارمها وتجنب سفسافها ... فإن النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .. وأنه صلى الله عليه وسلم قد ضمن بيتا فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه .

ولما كانت الأخلاق الحسنة عبارة عن أن نفعل مع المتخلَّق معه الذى يصرف أخلاقه معه فى معاملته إياه ... وعلمنا أن أغراض الخلق متقابلة .. وأنه إن أرضى زيدا أسخط عدوه عمرا لا بد من ذلك .. فمن المحال أن يقوم فى خلق كريم يرضى جميع الخلائق

ولما رأينا أن الأمر على هذا الحد .. وأدخل الله نفسه مع عباده فى الصحبة كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لربه ( أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل ) .. وقال {وهو معكم أين ما كنتم} وقال {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} وقال {إننى معكما أسمع وأرى} ... قلنا فلا نصرف مكارم الأخلاق إلا فى صحبة الله خاصة

فكل ما يرضى الله نأتيه وكل ما لا يرضيه نجتنبه .. وسواء كانت المعاملة والخُلُق مما يخص جانب الحق أو تتعدى إلى الغير .. وأنها وإن تعدت إلى الغير فإنها مما يرضى الله .. وسواء عندك سخط ذلك الغير أو رضى .. فإنه إن كان مؤمنا رضى بما يرضى الله وإن كان عدوا لله فلا اعتبار له عندنا ... فإن الله يقول {إنما المؤمنون إخوة} وقال {لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}

فحسن الخلق إنما هو فيما يرضى الله .. فلا تصرفه إلا مع الله .. سواء كان ذلك فى الخلق أو فيما يختص بجناب الله

فمن راعى جناب الله انتفع به جميع المؤمنين وأهل الذمة .. فإن لله حقا على كل مؤمن فى معاملة كل أحد من خلق الله على الإطلاق من كل صنف ... من ملك وجان وإنسان وحيوان ونبات وجماد ومؤمن وغير مؤمن

وقد ذكرنا ذلك فى رسالة الأخلاق لنا .. كتبنا بها إلى بعض إخواننا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة .. وهى جزء لطيف غريب فى معناه فيه معاملة جميع الخلق بالخُلُق الحسن الذى يليق به وحسن الخلق بحسب أحوال من تصرفها فيه ومعه هذا أمر عام والتفصيل فيه لك بالواقع

فانظر فيه فإنه أكثر من أن تحصى آحاده لما فى ذلك من التطويل ... والله الموفق لا رب غيره

وكذلك تجنب سفساف الأخلاق .. ولا تعرف مكارم الأخلاق من سفسافها إلا حتى تعرف مصارفها .. فإذا علمت مصارفها علمت مكارمها وسفسافها ... وهو علم خفى شريف فلا يفوتنك علم مصارف الأخلاق فإن ذلك يختلف باختلاف الوجوه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 25, 2012 1:26 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بالهجرة ولا تقم بين أظهر الكفار فإن فى ذلك إهانة دين الإسلام وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله ... فإن الله ما أمر بالقتال إلا لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى

وإياك والإقامة أو الدخول تحت ذمة كافر ما استطعت .. واعلم أن المقيم بين أظهر الكفار مع تمكنه من الخروج من بين ظهرانيهم لا حظ له فى الإسلام ... فإن النبى صلى الله عليه وسلم قد تبرأ منه ولا يتبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسلم

وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ( أنا برىء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) فما اعتبر له كلمة الإسلام ... وقال الله تعالى فيمن مات وهو بين أظهر المشركين {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض} قال الله لهم {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا}

ولهذا حجرنا فى هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه لكونه بيد الكفار فالولاية لهم والتحكم فى المسلمين والمسلمون معهم على أسوإ حال ... نعوذ بالله من تحكم الأهواء

فالزائرون اليوم البيت المقدس والمقيمون فيه من المسلمين هم من الذين قال الله فيهم {ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}

وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعا قد ذمه الحق فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . انتهى كلام الشيخ الأكبر

يقول الفقير مريد الحق :

نقلت ما قاله الشيخ الأكبر محيى الدين فى مسألة الإقامة بين أظهر الكفار من باب الأمانة العلمية فى النقل ... أما من حيث تفصيل المسألة .. والحكم الشرعى فيها .. فما ذكره مولانا ابن عربى هو من وجهة نظره واجتهاده ...

ولابد أن نعلم الفروق بين بلاد الكفار وأقسامها .. ما بين محاربة لله ورسوله .. وبين معاهدة أى على صلح وعهد أمان وذمة بينها وبين المسلمين .. ولابد أيضا من معرفة الفروق بين ماذكرت .. وبين حال وحكم البلاد الإسلامية التى وقعت تحت وطأة احتلال أى دولة كافرة .. وهذا أمر يطول شرحه ...

والله أعلم .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 02, 2013 1:43 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك باستعمال العلم فى جميع حركاتك وسكناتك ... فإن السخى الكامل السخاء من يسخى بنفسه على العلم .. فكان يُحكم ما شرع الله له فعلم وعمِل وعلَّم من لم يعلم .

وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من قبل العلم وعمل به وعلمه .. وذم نقيض ذلك .

فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( مثَل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير .. وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناسَ فشربوا منها وسقوا وزرعوا .. وأصاب منها طائفة إنما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ وكذلك من فقه فى دين الله ونفعه الله بما بعثنى به فعلِم وعمِل وعلَّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا مثل القيعان التى لم تمسك ماء ولا أنبتت كلأ )

فكن يا أخى ممن علِم وعمِل وعلم .. ولا تكن ممن علم وترك العمل فتكون كالسراج أو كالشمعة تضىء للناس وتحرق نفسك

فإنك إذا عملت بما علمت جعل الله لك فرقانا ونورا .. وورثك ذلك العمل علما آخر لم تكن تعلمه من العلم بالله وبما لك فيه منفعة عند الله فى آخرتك ..

فاجهد أن تكون من العلماء العاملين المرشدين .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 02, 2013 2:20 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بالتودد لعباد الله من المؤمنين .. بإفشاء السلام .. وإطعام الطعام .. والسعى فى قضاء حوائجهم

واعلم أن المؤمنين أجمعهم جسد واحد كإنسان واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى

كذلك المؤمن إذا أصيب أخوه المؤمن بمصيبة فكأنه هو الذى أصيب بها .. فيتألم لتألمه ومتى لم يفعل ذلك المؤمن مع المؤمنين فما ثبتت أخوة الإيمان بينه وبينهم ... فإن الله قد واخى بين المؤمنين كما واخى بين أعضاء جسد الإنسان

وبهذا وقع المثل من النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الثابت وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )

واعلم أن المؤمن كثير بأخيه ... وأن المؤمن لما كان من أسماء الله - مع ما ينضاف إلى ذلك من خلقه على الصورة - ثبت النَسب ... والمؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله

فمن كان مؤمنا بالله من حيث ما هو الله مؤمن فإنه يصدقه فى فعله وقوله وحاله ... وهذه هى العصمة ... فإن الله من كونه مؤمنا يصدقه فى ذلك .. ولا يصدق اللهُ إلا الصادق .. فإن تصديق الكاذب على الله محال وإن الكذب عليه محال .. وتصديق الكاذب كذب بلا شك

فمن ثبت إيمانه بالله من كون الله مؤمنا فإن هذا العبد لا شك أنه من الصادقين فى جميع أموره مع الله .. لأنه مؤمن بالله مؤمن به أيضا

فتنبه لما دللتك عليه ووصيتك به فى الإيمان بالله من كونه مؤمنا تنتفع .. فإنى قد أريتك الطريق الموصل إلى نيل ذلك واعتصم بالله {ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم}.. فإن الله على صراط مستقيم .. وليس إلا ما شرعه لعباده .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 08, 2013 1:31 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

لا تكترث لما يصيبك الله به من الرزايا فى مالك ومن يعز عليك من أهلك مما يسمى فى العرف رزية ومصابا ... وقل {إنا لله وإنا إليه راجعون} عند نزولها بك ...

وقل فيها كما قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ما أصابتنى من مصيبة إلا رأيت أن لله على فيها ثلاث نعم :

النعمة الواحدة حيث لم تكن المصيبة فى دينى ... والنعمة الثانية حيث لم يكن ما هو أكبر منها فدفع الله بها ما هو أعظم منها ... والنعمة الثالثة ما جعل الله فيها من الأجر بالكفارة لما كنا نتوقاه من سيئات أعمالنا

واعلم أن المؤمن فى الدنيا كثير الرزايا ... لأن الله يحب أن يطهره حتى ينقلب إليه طاهرا مطهَّرا من دنس المخالفات التى كتب الله عليه فى الدنيا أن يقام فيها ... فلا يزال المؤمن مرزأ فى عموم أحواله

وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك ( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تصرعها الريح مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ) .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 15, 2013 12:21 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

عليك بتلاوة القرآن وتدبره .. وانظر فى تلاوتك إلى ما حمِد فيه من النعوت والصفات التى وصف الله بها من أحبه من عباده .. فاتصف بها
وما ذم الله فى القرآن من النعوت والصفات التى اتصف بها من مقته الله .. فاجتنبها .. فإن الله ما ذكرها لك وأنزلها فى كتابه عليك وعرَّفك بها إلا لتعمل بذلك

فإذا قرأت القرآن فكن أنت القرآن لما فى القرآن .. واجتهد أن تحفظه بالعمل كما حفظته بالتلاوة ... فإنه لا أحد أشد عذابا يوم القيامة من شخص حفظ آية ثم نسيها ... كذلك من حفظ آية ثم ترك العمل بها كانت عليه شاهدة يوم القيامة وحسرة

وإنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أحوال من يقرأ القرآن ومن لا يقرؤه من مؤمن ومنافق .. فقال صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن الذى يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب - يعنى بها التلاوة والقراءة فإنها أنفاس تخرج فشبهها بالروائح التى تعطيها الأنفاس - وطعمها طيب ) - يعنى به الإيمان

ولذلك قال ( ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ) فنسب الطعم للإيمان

ثم قال ( ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب - من حيث إنه مؤمن ذو إيمان - ولا ريح لها ) من حيث إنه غير تال فى الحال التى لا يكون فيها تاليا وإن كان من حفاظ القرآن

ثم قال ( ومثل المنافق الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب - لأن القرآن طيب وليس سوى أنفاس التالى والقارئ فى وقت تلاوته وحال قراءته - وطعمها مر ) لأن النفاق كفْر الباطن لأن الحلاوة للإيمان لأنها مستلذة

ثم قال ( ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ) لأنه غير قارئ فى الحال

وعلى هذا المساق كل كلام طيب فيه رضا الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن فى التمثيل ... غير أن القرآن منزلته لا تخفى .. فإن كلام الله لا يضاهيه شىء من كل كلام مقرب إلى الله

فينبغى للذاكر - إذا ذكر الله متى ذكره - أن يُحضِر فى ذكره ذلك ذكرا من الأذكار الواردة فى القرآن فيذكر الله به ليكون قارئا فى الذكر .. وإذا كان قارئا فيكون حاكيا للذكر الذى ذكر الله به نفسه .. وإذا كان كذلك فقد أنزل نفسه فيه منزلةَ ربه منه .. وهو قوله {فأجره حتى يسمع كلام الله} ... وقوله ( إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده )

ويقال للقارئ يوم القيامة اقرأ وارْقأ ... ورقِيه فى الدنيا فى أيام التكليف فى قراءته أن يرقى من تلاوته إلى تلاوته .. بأن يكون الحق هو الذى يتلو على لسان عبده .. كما يكون سمعه الذى به يسمع وبصره الذى به يبصر ويديه اللتين بهما يبطش ورجليه اللتين بهما يسعى

كذلك هو لسانه الذى به ينطق ويتكلم .. فلا يحمد الله ولا يسبحه ولا يهلله إلا بما ورد فى القرآن عن استحضار منه .. لذلك فيرقى من قراءته بنفسه إلى قراءته بربه فيكون الحق هو الذى يتلو كتابه فيرتفع يوم القيامة فى الآية التى ينتهى إليها فى قراءته ويقف عندها إلى الدرجة التى تليق بتلك الآية التى يكون الحق هو التالى لها بلسان هذا العبد عن حضور من العبد التالى لذلك ... فإن أفضل الكلام كلام الله الخاص المعروف فى العرف .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 20, 2013 1:14 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بمجالسة من تنتفع بمجالسته فى دينك .. من علم تشهده منه .. أو عمل يكون فيه .. أو خلق حسن يكون عليه

فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلابد أن يتحلى منها بقدر ما يوفقه الله لذلك .. وإذا كان الجليس له هذا التعدى فاتخذ الله جليسا بالذكر والذكر القرآن وهو أعظم الذكر

قال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر} يعنى القرآن

وقال ( أنا جليس من ذكرنى )

وقال صلى الله عليه وسلم ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) .. وخاصة الملك جلساؤه فى أغلب أحوالهم ... والله له الأخلاق وهى الأسماء الحسنى الإلهية

فمن كان الحق جليسه فهو أنيسه .. فلا بد أن ينال من مكارم أخلاقه على قدر مدة مجالسته

ومن جلس إلى قوم يذكرون الله فإن الله يدخله معهم فى رحمته .. فهم القوم الذين لا يشقى جليسهم ... فكيف يشقى من كان الحق جليسه

وقد ورد فى الحديث الثابت أن الجليس الصالح كصاحب المسك إن لم يصبك منه أصابك من ريحه والجليس السوء كصاحب الكير إن لم يصبك من شرره أصابك من دخانه .. وهو أنه من خالط أصحاب الرِيَب ارتِيب فيه .. وذلك لما غلب على الناس من سوء الظن بالناس لخبث بواطنهم

وهنا فائدة أنبهك عليها أغفلها الناس - وهى تدعو إلى حسن الظن بالناس ليكون محلك طاهرا من السوء - وذلك أنك إذا رأيت من يعاشر الأشرار وهو خيِّر عندك فلا تسئ الظن به لصحبته الأشرار بل حسِّن الظن بالأشرار لصحبتهم ذلك الخيِّر ... واجعل المناسبة فى الخير لا فى الشر ... فإن الله ما سأل أحدا قط يوم القيامة عن حسن الظن بالخلق ويسأله عن سوء الظن بالخلق

ويكفيك هذا نصحا إن قبلت ووصية إن قلت بها ... والذاكر ربه حياته متصلة دائمة لا تنقطع إلا بالموت

فهو حى وإن مات بحياة هى خير وأتم من حياة المقتول فى سبيل الله إلا أن يكون المقتول فى سبيل الله من الذاكرين فهى حياة الشهيد وحياة الذاكر ... فالذاكر حى وإن مات .. والذى لا يذكر الله ميت وإن كان فى الدنيا من الأحياء .. فإنه حى بالحياة الحيوانية .. وجميع العالم حى بحياة الذكر

فمثل الذى يذكر ربه والذى لا يذكر ربه مثل الحى والميت .. كذا مثَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأما ما ادعيته من أن الذاكر أفضل من الشهيد الذى لا يذكر الله .. فلما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله ( ألا أنبئكم أو كما قال بخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضرب رقابكم وتضربون رقابهم ذكر الله ) فذكر ضرب الرقاب وهو الشهادة

وذكر العبد ربه أفضل من قتل الشهيد . وثبت عنه أن الذاكر حى .. فخرج من ذلك أن حياة الذاكر خير من حياة الشهيد إذا لم يكن ذاكرا ربه عز وجل .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 20, 2013 1:15 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بإقامة حدود الله فى نفسك وفيمن تملكه فإنك مسئول من الله عن ذلك ... فإن كنت ذا سلطان تعين عليك إقامة حدود الله فيمن ولاك الله عليه .. فكلكم راع ومسئول عن رعيته .. وليس سوى إقامة حدود الله فيهم

وأقل الولايات ولايتك على نفسك وجوارحك .. فأقم فيها حدود الله إلى الخلافة الكبرى فإنك نائب الله على كل حال فى نفسك فما فوقها

وقد ورد الحديث الثابت فى الذى يقيم حدود الله والواقع فيها .. فمثَّلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ( استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين أسفلها إذا استقوا مروا على من فوقهم فقالوا إنا نخرق فى نصيبنا لا نؤذى من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ) .

فإذا خطر لك يا وليى خاطر يأمرك بالخير فذلك لمة الملَك .. ثم يأتى بعد ذلك خاطر ينهاك عن ذلك الخير أن تفعله فذلك لمة الشيطان .. ولا تعرف الخير والشر إلا بتعريف الشرع

وإذا خطر لك خاطر يأمرك بفعل الشر فذلك لمة الشيطان فإذا أعقبه خاطر ينهاك عن فعل ذلك الشر فذلك لمة الملك ... وأنت السفينة إن انخرقت هلكت وهلك جميع من فيك

فعليك بعلم الشريعة فإنك لن تعلم حدود الله حتى تقوم بها أو تعرف من يقع فيها ممن قام بها إلا أن تعلم علم الشريعة ... فيتعين عليك طلب علم الشريعة لإقامة حدود الله .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 14, 2013 12:30 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بالصدقة ... فإن الله قد ذكر المتصدقين والمتصدقات .. وهى فرض ونفل

فالفرض منها يسمى زكاة ... والنفل منها يسمى تطوعا .. وبالفرض منها يزول عنك اسم البخل ... وبصدقة التطوع منها تنال الدرجات العلى وتتصف بصفة الكرم والجود والإيثار والسخاء ... وإياك والبخل ...

ثم إنه عليك فى مالك حق زائد على الزكاة المفروضة وهو إذا رأيت أخاك المؤمن على حالة الهلاك بحيث إنك إذا لم تعطه من فضل مالك شيئا هلك هو وعائلته - إن كانت له عائلة - فيتعين عليك أن تواسيه .. إما بالهبة أو بالقرض .. فلا بد من العطاء وذلك العطاء صدقة

حتى إنى سمعت بعض علمائنا بإشبيلية يقول فى حديث ( هل على غيرها - يعنى فى الزكاة المفروضة - قال : لا إلا أن تطوع ) ... قال لى ذلك الفقيه : فيجب عليك .. فاستحسنت ذلك منه رحمه الله

وإنما سمى الله الإنسان متصدقا وسمى ذلك العطاء صدقة - فرضا كان أو نفلا - لأنه أعطى ذلك عن شدة لكونه مجبولا على البخل .. فإن الله يقول فيه {وإذا مسه الخير منوعا} فقال صلى الله عليه وسلم فى فضل الصدقة وزمانها ( أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخاف الفقر وتأمُل الحياة والغنى )
يقول الله تعالى {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} أى الناجون .. لأن الإنسان إذا كان له مال ويأمل الحياة فإنه يخاف أن يفتقر ويذهب ما بيده من المال بطول حياته لنوائب الزمان وأمله بطول حياته .. فيؤديه ذلك إلى البخل بما عنده من المال والإمساك عن الصدقة والتوسعة على المحتاجين مما آتاه الله من الخير فهو يكنزه ولا ينفقه ولا يؤدى زكاته حتى يكوى به جنبه وجبينه وظهره كما قال تعالى فيهم {يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}

فلهذا العطاء عن شدة سميت صدقة .. يقال رمحٌ صَدْقٌ أى صُلْبٌ .

وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا فى البخيل والمتصدق فقال صلى الله عليه وسلم ( مثل البخيل والمتصدق .. كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد .. قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما ... فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عليه حتى تجن ثيابه وتعفو أثره .. وجعل البخيل كلما همَّ بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ) ..

فإياك والبخل .. فإنه يرديك ويوردك الموارد المهلكة فى الدنيا والآخرة ... ولا يجعلك تتكرم وتتصدق إلا استعمال العلم .. فإنك إذا علمت أن رزقك لا يأكله ولا يقتات به ولا يحيا به غيرك ولو اجتمع أهل السموات والأرض على أن يحولوا بينك وبين رزقك ما أطاقوا

وإذا علمت أن رزق غيرك فيما أنت مالكه لا بد أن يصل إليه حتى يتغذى به ويحيا .. وأن أهل السموات والأرض لو اجتمعوا على أن يحولوا بينه وبين رزقه الذى هو فى ملكك ما أطاقوا فادفع إليه ماله

إذا خطر لك خاطر الصدقة تتصف بالكرم والثناء الجميل وأنت ما أعطيته إلا ما هو له بحق فى نفس الأمر عند الله وأنت محمود .. فإذا علمت هذا هان عليك إخراج ما بيدك ولحقت بأهل الكرم وكتبت فى المتصدقين إن أخرجت ذلك عن تردد ومكابدة وأتبعته نفسك ورأيت بذلك أن لك فضلا على من أوصلته تلك الراحة

فإياك أن تجهل على أحد كما تحب ألا يُجهل عليك ... وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى تعوذاته ( وأعوذ بك أن أجهل أو يجهل على )
فمن حكم فيك بالعلم ... فقد أنصفك .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 14, 2013 12:32 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

عليك بالجهاد الأكبر .. وهو جهادك هواك .. فإنه أكبر أعدائك وهو أقرب الأعداء إليك الذين يلونك ... فإنه بين جنبيك ... والله يقول سبحانه {يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}

ولا أكفر عندك من نفسك .. فإنها فى كل نفَس تكفر نعمة الله عليها من بعد ما جاءتها .. فإنك إذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر فى الأعداء الذى إن قتلت فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله مستبشرين بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم
وقد علمت فضل المجاهد فى سبيل الله فى حال جهاده حتى يرجع إلى أهله بما اكتسبه من أجر وغنيمة .. أنه كالصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا من صيام حتى يرجع المجاهد

وقد علمت بالحديث الصحيح أن الصوم لا مثل له ... وقد قام الجهاد مقامه ومقام الصلاة .. وثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهذا فى الجهاد الذى فرضه الله تعالى المعيَّن ويعصى الإنسان بتركه لا بد من ذلك ... ولا يزال العبد العالم الناصح نفسه المستبرئ لدينه فى جهاد أبدا لأنه مجبول على خلاف ما دعاه إليه الحق ... فإنه بالأصالة متبعٌ هواه الذى هو بمنزلة الإرادة فى حق الحق

فيفعل الحق ما يريده فإننا كلنا عبيدُهْ

ولا تحجير عليه ويريد الإنسان أن يفعل ما يهوى وعليه التحجير .. فما هو مطلق الإرادة فهذا هو السبب الموجب فى كونه لا يزال مجاهدا أبدا

ولذلك طلب أصحاب الهمم أن يلحقوا بدرجات العارفين بالله حتى تكون إرادتهم إرادة الحق .. أى يريدون جميع ما يريده الحق وهو ما هم الخلق عليه .. فيريدونه من حيث إن الله أراد إيجاده ويكرهون منه بكراهة الحق ما كرهه الحق ووصف نفسه بأنه لا يرضاه .. فهو يريده ولا يرضاه .. ويريده ويكرهه فى عين إرادته إن أراد أن يكون مؤمنا .. وإن لم يكن كذلك وإلا فقد انسلخ من الإيمان .. نعوذ بالله من ذلك فإنه غاية الحرمان ... وهذا هو الحق الممقوت .. كما نقول فى الغيبة إنها الحق المنهى عنه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 28, 2013 12:14 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بإسباغ الوضوء على المكاره وذلك فى زمان البرد ... واحذر من الالتذاذ باستعمال الماء البارد فى زمان الحر .. فتسبغ الوضوء لالتذاذك به فى زمان الحر .. فتتخيل أنك ممن أسبغ الوضوء عبادة وأنت ما أسبغته إلا لوجود الالتذاذ به لما أعطاه الحال والزمان من شدة الحر
فإذا أسبغته فى شدة البرد صار لك عادة ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الخير عادة ) .

فاصحب تلك النية فى زمان الحر .. فإن غلبتك النفس على الإسباغ بما تجده من اللذة المحسوسة فى ذلك فاعلم أن الالتذاذ هنا إنما وقع بدفع ألم الحر وإزالته .. فانو فى ذلك دفع الألم عن نفسك .. ألا ترى قاتل نفسه كيف حرم الله عليه الجنة .. فحق النفس على صاحبها أعظم من حق الغير عليه .. فكذلك يؤجر فى دفع الألم عن نفسه

وإن الله يرفع بإسباغ الوضوء على المكاره درجة العبد ويمحو الله به الخطايا ... قال صلى الله عليه وسلم ( ألا أنبئكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ... إسباغ الوضوء على المكاره ) فهذا محو الخطايا .. فإنه تنظيف وتطهير

ثم قال ( وكثرة الخطا إلى المساجد ) فإنه سلوك فى صعود ومشى

ثم قال تمام الحديث وهو ( وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط )

والرباط الملازمة من ربطت الشىء .. وبالانتظار قد ألزم نفسه فربط الصلاة بالصلاة المنتظرة بمراقبة دخول وقتها ليؤديها فى وقتها ... وأى لزوم أعظم من هذا فإنه يوم واحد مقسم على خمس صلوات .. ما منها صلاة يؤديها فيفرغ منها إلا وقد ألزم نفسه مراقبة دخول وقت الأخرى إلى أن يفرغ اليوم ويأتى يوم آخر فلا يزال كذلك

فما ثَم زمان لا يكون فيه مراقبا لوقت أداء صلاة .. لذلك أكده بقوله ثلاث مرات .

فانظر إلى علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمور حتى أنزل كل عمل فى الدنيا منزلته فى الآخرة .. وعين حكمه وأعطاه حقه .. فذكر وضوءا ومشيا وانتظارا .. فذكر محوا ورفع درجة ورباطا ثلاث لثلاث

هذا يدلك على شهوده مواضع الحكم ... ومن هنا وأمثاله قال عن نفسه أنه ( أوتى جوامع الكلم ) .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 03, 2013 11:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وعليك بمراعاة كل مسلم من حيث هو مسلم ... وساو بينهم كما سوى الإسلام بينهم فى أعيانهم .. ولا تقل هذا ذو سلطان وجاه ومال وكبيرٌ وهذا صغير وفقير وحقير

ولا تخفر صغيرا ولا كبيرا فى ذمته .. واجعل الإسلام كله كالشخص الواحد والمسلمين كالأعضاء لذلك الشخص وكذلك هو الأمر ... فإن الإسلام ما له وجود إلا بالمسلمين كما أن الإنسان ما له وجود إلا بأعضائه وجميع قواه الظاهرة والباطنة

وهذا الذى ذكرناه هو الذى راعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من قوله فى ذلك ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد واحدة على من سواهم ) وقال ( المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتكى رأسه اشتكى كله )

ومع هذا التمثيل .. فأنزل كل أحد منزلته كما أنك تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له .. فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع .. وتفتح سمعك لشىء لا يعطيه البصر .. وتصرف يدك فى أمر لا يكون لرجلك ... وهكذا جميع قواك .. فتنزل كل عضو منك فيما خلِق له كذلك

وإن اشترك المسلمون فى الإسلام وساويت بينهم .. فأعط العالِم حقه من التعظيم والإصغاء إلى ما يأتى به .. وأعط الجاهل حقه من تذكيرك إياه وتنبيهه على طلب العلم والسعادة .. وأعط الغافل حقه بأن توقظه من نوم غفلته بالتذكر لما غفل عنه مما هو عالم به غير مستعمل علمه ... وكذلك الطائع والمخالف ... وأعط السلطان حقه من السمع والطاعة فيما هو مباح لك فعله وتركه

فيجب عليك بأمره ونهيه أن تسمع له وتطيع .. فيعود لأمر السلطان ونهيه ما كان مباحا قبل ذلك واجبا أو محظورا بالحكم المشروع من الله فى قوله {وأولى الأمر منكم}... وأعطِ الصغير حقه من الرفق به والرحمة له والشفقة عليه ... وأعط الكبير حقه من الشرف والتوقير فإن من السُنَّة رحمة الصغير وتوقير الكبير ومعرفة شرفه

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا ) .. وفى حديث ( ويوقر كبيرنا )

وعليك برحمة الخلق أجمع ومراعاتهم كانوا ما كانوا .. فإنهم عبيد الله وإن عصوا .. وخلق الله وإن فضِل بعضهم بعضا

فإنك إذا فعلت ذلك أوجِرت فإنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر أنه ( فى كل ذى كبد رطبة أجر )

ألا ترى إلى الحديث الوارد فى البغى ( أن بغيا من بغايا بنى إسرائيل - وهى الزانية - مرت على كلب قد خرج لسانه من العطش وهو على رأس بئر .. فلما نظرت إلى حاله نزعت خفَّها وملأته بالماء من البئر وسقت الكلب فشكر الله فعلها فغفر لها بكلب )

وأخبرنى الحسن الوجيه المدرس بملطية الفارسى عن والى بخارى - وكان ظالما مسرفا على نفسه - فرأى كلبا أجرب فى يوم شديد البرد وهو ينتفض من البرد فأمر بعض شاكريته فاحتمل الكلب إلى بيته وجعله فى موضع حار وأطعمه وسقاه ودفئ الكلب .. فرأى فى النوم - أو سمع هاتفا الشك منى - يقول له : يا فلان كنت كلبا فوهبناك لكلب فما بقى إلا أياما يسيرة ومات فكان له مشهد عظيم لشفقته على كلب ... وأين المسلم من الكلب

فافعل الخير ولا تبالى فيمن تفعله تكن أنت أهلا له ... ولتأت كل صفة محمودة من حيث ما هى من مكارم الأخلاق تتحلى بها .. وكن محلا لها لشرفها عند الله وثناء الحق عليها

فاطلب الفضائل لأعيانها واجتنب الرذائل العرفية لأعيانها .. واجعل الناس تبعا .. لا تقف مع ذمهم ولا حمدهم إلا أنك تقدم الأولى فالأولى إن أردت أن تكون من الحكماء المتأدبين بآداب الله التى شرعها للمؤمنين على ألسنة الرسل عليهم السلام .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 93 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 232 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط