موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أسئلة وأجوبة مختارة من كتاب الامام محمد متولي الشعراوي (
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 21, 2017 10:10 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت ديسمبر 21, 2013 9:44 pm
مشاركات: 1660


أسئلة وأجوبة مختارة من كتاب الامام محمد متولي الشعراوي (المعجزة الكبرى -الإسراء والمعراج)

س: ماهي دلالة النص القرآني في قوله تعالى(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)؟.
(ج):إن هذا النص القرآني هو عمدتنا في توثيق حدث الإسراء والمعراج, فهو قرآن أنزل وعلينا أن نؤمن به لأنه جاء من عند الله، وليس لعقولنا القاصرة أي دور في أن تبحث في هذا الحدث, لأنه حدث أخبرنا الله سبحانه وتعالى به, فمن واجبنا كمسلمين أن نسلم ونؤمن به ثم نعمل العقول بعد ذلك في دراسة أبعاد هذا الحدث ومفهوم هذا الحدث وأسراره ومعجزاته, أما البداية فتكون الإيمان بهذا النص القرآني وبأن الحدث قد وقع وأن الحدث منسوب إلى الله فهو سبحانه الذي أسرى بعبده والرسول صلى الله عليه وسلم سرى معه جبريل على البراق وليس له من الأمر شيء, لأن الله هو الذي قدر هذا الحدث وهو الذي أجراه وسبحان الله كيف استهل الحق سبحانه وتعالى قصة الإسراء والمعراج بكلمة سبحان وكلمة سبحان أول ما تقع على الذهن تعطي الإنسان طاقة قوية تبعد عنه كل شبهة المقارنة مع قانون مادة الأرضية الإنسانية وبين قانون الله سبحانه وتعالى "وإن معنى {سبحان الله} إن الله سبحانه وتعالى منزه في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله.. فإذا صدر فعل.. قال الله سبحانه وتعالى أنه صدر منه.. إذاً.. فيجب أن أنزهه أنا عن قوانين البشرية.. وألا أخضع فعل الله سبحانه وتعالى إلى قانون فعلي.
ومادام الله سبحانه وتعالى قد فعل هذا الأمر فلماذا نستعجب على سيدنا محمد أن يروي قصة الإسراء وهو لم يدعي أنه هو الذي سرى وإنما جاءتنا الآية القرآنية {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً}.. فالأمر منسوب إلى قوة الله وقدرته عز وجل أفنستغرب بعد ذلك؟!. سيدنا محمد لم يقل أنا سريت حتى نرد سيدنا محمد إلى قانون الفعل الإنساني وكما قالت قريش: أنضرب إليها أكباد الإبل شهراً وتقول وتدعي أنك أتيتها في ليلة، إنه لم يقل أتيتها بقدرتي أنا ولكنه الله سبحانه وتعالى الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.. وإذاً فالرسول صلى الله عليه وسلم محمول على نطاق قوة أخرى جبارة لا حساب كيف عندها وإنما أمره عز وجل إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.

س:هل كان الإسراء والمعراج رؤيا منامية , أم إسراء بالروح أم بالروح والجسد معاً؟
(ج):إن المسألة لم تكن حدثاً من محمد عليه الصلاة والسلام وصعدوا المسألة بالنسبة لله.. المنام لا يماري فيه, فلو أنني رأيت أنني قد ذهبت إلى لندن هذه الليلة فلن يناقشني أحد, لأن المسألة رؤيا, فإن كان موقف الكفار المعاندين من النبي صلي الله عليه وسلم ليقولوا له أتدعي أنك أتيتها في ليلة, ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً ؟ ) ليؤكد أنهم فهموا أنها لم تكن لا مناماً ولا روحاً وإنما كانت يقظة بروحه وجسمه معاً, ولا لما صدر هذا الاعتراض, فالكافرون تعنتهم أمام رسول الله صلي اللي عليه وسلم خدمونا خدمة كبيرة الآن, لأننا نقول لو أنها كانت رؤيا منامية لما ناقش فيها أحد, لأن قانون الرؤيا فوق قانون المادة اليقظية.
والإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح معه واستدل العلماء على ذلك بقول القران:سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ [الإسراء:1]والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح والله تعالى أنزل عبدين من عباده من السماء إلى الأرض ورفع عبداً من عبيده من الأرض إلى السماء أنزل آدم وزوجه:
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ [البقرة:38]..ورفع عيسى عليه السلام: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ[آل عمران:55]..فكيف نستكثر على رسول الله أن يعرج به مولاه ؟.


س: لماذا كان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؟
(ج):لأن الكعبة كانت قد انطمرت كبيت من بيوت الله سبحانه وتعالى، ولم يعد لها هذا المظهر، وسميت بعد ذلك بيت العرب، وشحنت بالأصنام..هذا شيء.. أما بيت المقدس فله قدسيتة مع موسى وعيسى عليهما السلام..وأنبياء بني اسرائيل.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث لقومه فقط.. أي: لم يخص العرب فقط كما يريدون هم أن يقولوا.. .. بل قد جاء محمد صلى الله عليه وسلم عالمياً.. فإسراؤه من مكة إلى بيت المقدس كأنه أدخل بيت المقدس في مقدسات دينه.. وهذه العملية توضح بأن دينه مهيمن على كل البقع، وكل مقدسات البقع.. وكذلك أيضاً اتجهنا إليه أولاً.. فلا يأتي واحد ويقول: أنتم لكم دينكم ونحن لنا ديننا.. لا.. من الصحيح أن ديننا قد جاء في مكة.. ولكنه مهيمن على سائر الكتب.. ورسولنا صلى الله عليه وسلم مهيمن على مقدساتنا.. وهذه المقدسات كبيت المقدس داخلة أيضاً في مقدساتنا وأصبح بيت المقدس في مقدساتنا, لأنه صار منتهي مسرى النبي صلى الله عليه وسلم وبداية معراجه عليه الصلاة والسلام.

س:ماهي دلالة صلاة النبي بالأنبياء إماماً؟
(ج): لها دليل ولها دلالة ,أما الدليل فهي أن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله ولا رسالة( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).. أما الدلالة فهي وحدة الأنبياء في دعوتهم, فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله ، الأنبياء إخوة ودينهم واحدوَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)

س:ماهي دلالة الزمن في حادثة الإسراء ؟
(ج):إن حادثة الإسراء حادثة أرضية ومعنى أرضية:أولاً: إنه كان هناك أناس في بيت المقدس..ثانياً: وأناس ذهبوا إلى بيت المقدس..ثالثاً: وأناس رأوا بيت المقدس..رابعاً: وأناس يعرفون الطريق إلى بيت المقدس وهكذا بقيت المسألة هي الإعجاز في اختصار الزمن.. ولكن من الممكن أن يقام الدليل المادي على صدقه في هذا.. حين قالوا له:صف المسجد..؟.. فوصف المسجد.. إن طلبهم لوصف المسجد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو شهادة منهم بأنهم يعلمون جيداً بأنه صلى الله عليه وسلم لم يذهب إلى هناك في رحلاته.. ولو كانت عندهم شبهة في أنه قد ذهب لما سألوه أي سؤال.. فمعنى طلبهم وصف المسجد أنهم متأكدون من عدم ذهابه إليه قبل ذلك.. فوصف لهم المسجد.. والذين يسمعونه قوم رأوا المسجد.. فقد وجدوا أن الوصف مطابق لما قال..بعد ذلك يأتي أحدهم ليقول: ربما كان هناك إنسان حاذق قد وصف المسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. ورسول الله نقل وصف المسجد عنه.. ولكني أقول: لا.. وذلك لأن الأمر المادي أرتبط بتوقيت زمني يستحيل فيه أن يكون ذلك.. كيف؟؟ إن الطريق الذي يعود منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة حدثت فيه أحداث، والأحداث رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدث بها القوم.. ورأى جماعة ومعهم جمل وصفه كذا.. وتحدث لهم عن كذا وكذا.. وحين يقبلون عليكم اسألوهم عما حدث.. إذاً لقد وصف أشياء رآها في طريق العودة.. وبعد أيام يتربص القوم وينتظرون القوافل التي ستحضر، فيجدون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما ذكرها في الطريق.. إذاً من الممكن أن يقام الدليل المادي الذي يقنع العقل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب إلى بيت المقدس وبذلك فقد أقام عليه الصلوات وأفضل التسليم.. أقام الدليل في المكان فوصفه، وفي الطريق فتكلم عن إمارات فيه لم توجد إلا في الوقت الذي مر فيه.. وما هذا إلا دليل على أنه صادق فيما قال.. وما دام صادقاً فيما قال.. فما هي إذاً مسألة الزمن هذه؟..

س:ماهي دلالة الزمن في حادثة المعراج؟
(ج):إن الله سبحانه وتعالى قد خرق له قانون الزمن، فإذا اقتنعنا بأن الله سبحانه وتعالى قد خرق له القانون الزمني بالاستدلال عليه بالأدلة المادية التي نعرفها، ثم حدث بعد ذلك قائلاً: إنه خرق لي القانون.. فصعدت إلى السماء فيكون إيماناً بما كان تحت أيدينا من الحجج التي نعرفها يجعلها وسيلة أن نصدق ونقول:الذي خرق له قانون المسافة فيما نعلم.. قادر على أن يخرق له قانون العلو فيما لانعلم ".
إذاً لقد جاء الإسراء كمقدمة فيها إيناس للعقل البشري وفيها تصديق لرسول صلى الله عليه وسلم في إخباره عن المعراج والله سبحانه وتعالى وقد خرق له قانون الزمان وقانون المسافات وهو الفاعل وهو سبحانه وتعالى بقوته وقدرته سرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء, فالأمر كله منسوب إلى الله سبحانه وتعالى.
وهنا وقفة مهمة وجميلة وهي أن القرآن حينما تعرض لحديث الإسراء تعرض له بطريقة واضحة وصريحة، أما حديث المعراج فلم يقل الله سبحانه وتعالى سبحانه الذي عرج بعبده من البيت القدس إلى السماء وإنما هنا نرى وقفة أخرى, حيث أن القرآن تعرض لهذه الحادثة حادثة المعراج بأشياء تستلزم التصديق بأنه صعد وأعرج به إلى السماء حيث قال سبحانه وتعالى:{والنجم إذا هوى. ماضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو في الأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. ماكذب الفؤاد ما رأى. أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنهى. عندها جنة المأوى. إذ يغشى السدرة مايغشى. مازاغ البصر وماطغى. لقد رأى من آيات ربه الكبرى}إذاً سدرة المنتهى والوقوف عندها يجب أن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد لكن لماذا لم يأت بها نصاً؟ قالوا: إن هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه.. الأمر الذي أمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الدليل المادي لسكان الأرض، وقد أتى به صراحة حتى لانعذر في تبليغه.
أما الأمر الذي تقف فيه العقول بعض الشيء.. فقد تركه سبحانه وتعالى لمدى يقينك الإيماني أو مدى تسليمك بالمقدمة التي تلي النتيجة الأخرى، لأنك أنت مادمت مؤمناً فستقول: مادام صنع به كذا فيما أعلم.. إذاً هو يصنع به كذا فيما لا أعلم " لأنه حين يكون قد طرق له القانون يكون قد خرق له القانون، فما المانع إذاً مادامت صيغة القانون.. هي – هي.. أيكون قانون السماء صعب على الله سبحانه وتعالى وقوانين الأرض ليست صعبة على الله سبحانه وتعالى.. مادام غير القوانين.. و غير النواميس؟ وهل المعجزات التي أمد الله سبحانه وتعالى رسله عليهم الصلاة والسلام إلا خرق لنواميس الكون.. وخرق لقوانينه.. وخرق لحقائقه الثابتة، ومادامت هي خرق إذاً فلا يستبعد أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ".

س:لماذا يتحدث القرآن في بعض الآيات بعبارة لنريه من آياتنا ثم في موضع آخر نجد القرآن الكريم يتحدث بكلمة (لقد رأى) فكيف نوفق بين هذه المسألة والقرآن يتحدث في آية أنه صلى الله عليه وسلم رأى من آيات ربه الكبرى وفي موضع آخر ليريه من آيات ربه؟
(ج):لا بد أن نلاحظ أن القرآن الكريم حينما تعرض لآية أرضية وهي الإسراء قال:{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه…} فكأن الفعل هنا (إراءة) وماهي الإراءة؟ إن الإراءة هي أن تجعل من لايرى (يرى) وذلك إما بتحويل المرئي إلى قانون الرائي.. أو بنقل الرائي لأن ينفذ إلى قانون المرئي.ولنأخذ مثلاً توضيحياً لذلك؛هناك الميكروب الذي يكتشف.. الميكروب كان موجوداً قبل أن يكتشف.. وليس معنى اكتشافه أنهم أوجدوه.. ولكنه كان موجوداً دون أن يكون للحس طريق إليه، فلما اخترعت المجاهر أمكن للذي لايرى يرى.. بماذا؟ يرى بعملية تحويل.. وهي أننا أتينا بعدسة تكبر لنا الأشياء.. فما لم يكن يرى أولاً.. أصبح يرى الآن.

ومثلا يذهب المريض ببصره إلى طبيب مختص.. والطبيب بدوره يعطي له نظارة، والنظارة تكبر له الأشياء.. فما لم يكن يراه أولا.. رآه ثانياً.. وقد يجري له عملية جراحية في عينيه بحيث لايحتاج إلى هذه النظارة.. فإذا لم يحتاج إلى هذه النظارة ليرى.. يقال: رأى هو..
إذا الإراءة إما أن تكون بتغير مافيه إلى قانون الرائي فيرى.. أو بإعطاء شيء في المرئي ليرى بذاته، فلما جاء في حادث الإسراء قال: {لنريه}لأن محمد صلى الله عليه وسلم على الأرض.. وبشري بقانون البشرية.. وقانون الإبصار فيه خاضع لقانون الضوء.. وقانون الضوء لايختلف فيه أحد.. فإذا كانت هناك آيات من غيب الله في الأرض.. فلابد أن يحدث له إراءة ,لأنه بطبيعته لايرى هذه الأشياء.. فالإراءة إذاً كانت هناك في الأرض.. ولكن حينما ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى، ويلتقي بالنبيين الذين ماتوا قبله.. ويلتقي بالملائكة.. إذاً.. فقد تغير شيء في ذاتية محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنه طرح البشرية وأخذ شيئاً من الملائكية التي ترى بنفسها.
فلما صعد إلى السماء قال الله سبحانه وتعالى:{لقد رأى ولم يقل (أريناه) { لقد رأى من آيات ربه الكبرى}.. ففي آية (الإسراء) {لنريه} أي (أريناه) وفي آيات السماء في (المعراج) قال: {رأى}.. ويرى, فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بشريته في الأرض كان محتاجاً إلى أن يعدل القانون في ذاته بالنسبة للرائي والمرئي.. وأما في السماء فقد أخذ وضعاً آخر، وهذا الوضع الآخر أصبح بذاته يرى.. لأنه أصبحت هناك ملكية.. فالبشرية طرحت في الأرض.. والملائكية أصبحت هي المسيطرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبح يرى.. ولكن في الأرض كانت إراءة.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة تعرض لثلاث مراحل: المرحلة الأولى:كان بشراً.. وجبريل عليه السلام يعرض على محمد صلى الله عليه وسلم الأشياء.. ثم يقول.. ماهذا ياجبريل؟ فيقول هذا كذا.. وهذا كذا المرحلة الثانية:لما صعد إلى السماء كان يرى المرائي.. فلا يستفهم من جبريل عنها.. ويسمع فيفهم.. إذاً فقد تحول شيء في ذاتية محمد.. وأصبحت له ذاتية فاهمة بلا واسطة من جبريل عليه السلام.. وارائية بلا واسطة أحد.. ففي الأرض إراءة.. وأما في السماء فقد رأى بالرؤية.. ثم بعد ذلك نجد أنه بعد أن انتقل إلى مرحلة يكون فيها ملائكياً كالملائكة يراهم ويتكلم معهم ويخاطبهم ويفهم.. يأتي بعد ذلك في منطقة أخرى بعد سدرة المنتهى فينتهي حد جبريل عليه السلام.
المرحلة الثالثة:يزج برسول الله صلى الله عليه وسلم في سبحات النور ولم يكن جبريل معه.. وهذا دليل على أن محمداً عليه الصلاة والسلام قد ارتقى ارتقاءً آخر.. ونقل من ملائكية لاقدرة لها على ماوراء سدرة المنتهى.. إلى شيء من الممكن أن يتحمل إلى ماوراء سدرة المنتهى.. ودون مصاحبة جبريل عليه السلام.
إذاً.. إن سيدنا محمد كان بشراً في الأرض مع جبريل.. وبعد ذلك كانت له ملائكية مع الرسل ومع جبريل في السماء.. وبعد ذلك كان له وضع آخر ارتقى به عن الملكية.. حتى أن جبريل نفسه يقول له: (أنا لو تقدمت لاحترقت.. وأنت لو تقدمت لاخترقت) إذاً إن ذاتية محمد صلى الله عليه وسلم حصل فيها شيء من التغيير.. وذلك التغيير الذي يناسب ذلك الملأ الأعلى.. فجبريل عليه السلام بملائكيته لايستطيع أن يخترق.. إلا احتراق.. أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيستطيع أن يخترق.. وعلى هذا هناك ثلاثة أشياء حدثت لمحمد صلى الله عليه وسلم.. بشرية في الأرض معهودة بالمدد.. وبعد ذلك ملائكية في السماء قبل سدرة المنتهى.. ثم بعد ذلك ملائكية فوق الملائكية.. وهي التي كانت بعد سدرة المنتهى يصبح فيها {قاب قوسين أو أدنى} ويتعرض فيها إلى خطاب الله سبحانه و تعالى.. وإلى رؤية الله سبحانه وتعالى على خلاف بين العلماء في هذا".

س:مزيداً من التوضيح؟
(ج):لقد قلنا إن الذي كان في الأرض (إراءة) لأن فيه بشرية.. فلما انتقل إلى السماء إنحلت البشرية بعض الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت الملائكية هي الطاغية فأصبح يخاطب الملائكة.. ويكلم الرسل الذين ماتوا.. ويلتقي بهم.. وجاءت بعد ذلك المرحلة الثالثة التي تكلمنا عنها، وقلنا إن جبريل عليه السلام نفسه وهو ملك من الملائكة العظام.. لم يقدر عليها حيث قال: إلى هنا مكاني، وذلك يدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم.. نقل نقلة أخرى فوق الملائكية.. ليهيأ.. لماذا؟ لكلام الله المباشر وإلى الرؤية على الخلاف فيها.. إذاً إن الحق سبحانه وتعالى حينما تكلم ماذا قال {والنجم إذا هوى. ماضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو في الأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قابو قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. ماكذب الفؤاد ما رأى. أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنهى. عندها جنة المأوى. إذ يغشى السدرة مايغشى. مازاغ البصر وماطغى. لقد رأى من آيات ربه الكبرى}هنا وقفة أن نصوص القرآن من الله سبحانه وتعالى.. ,كل لفظ له إيحاؤه.. فإذا قال إلهي سبحانه وتعالى {أفتمارونه على مايرى}.. أي أفتجادلونه إن قال لكم رأيت كذا وكذا وكذا {لقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى} وبعد ذلك ماجاء في المرحلة الأخيرة.. قال {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} هذه أخبار من الله سبحانه وتعالى.. ,لم تكن من محمد صلى الله عليه وسلم.. كأن محمد قال ما لا تطيقه عقول البشر.. فقال: أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى.. وذلك رحمة من الله سبحانه وتعالى بعقول البشر.. لذلك جاء في شيء من الأشياء.. وقال: لماذا تجادلونه في هذا؟ {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}.. فذلك إخبار من الله سبحانه وتعالى وليست إخباراً من محمد صلى الله عليه وسلم.. حيث لم يقل محمد وإنما الله قال.. والكبرى هنا عند المفسرون حين يتكلمون يجعلونها وصفاً للآيات فهو قد رأى آيات ربه.. الآيات الكبرى العظيمة.. ولكن التحقيق الذي يقبله الذوق السياقي.. إن قوله: لقد رأى من آيات ربه الكبرى.. أي أنه رأى الآية الكبرى من آيات ربه.. فكأن آيات الله سبحانه وتعالى التي حدث عنها هي آيات من آيات وحسبها عظمة وعجباً أن تنسب إلى الله سبحانه وتعالى.. لكن هناك آية كبرى.. وهي التي تقف العقول فيها وقفة.. لأنها إذا كانت الآيات العادية وقفت هذه الوقفة.. فما بالكم بها مع الآية الموصوفة من الله سبحانه وتعالى بأنها {الآية الكبرى}.. لقد رأى الكبرى من آيات ربه.. فكأن (الكبرى) هي المفعول.. ,ليست وصف الآيات.. ولكن {لقد رأى من آيات ربه}.. ماذا رأى.. رأى {الآية الكبرى} التي هي أعلى من هذه الآيات.. لاشك أن جبريل كان معه في الأرض.. كان يشاركه في هذه المرائي.. وفي السماء أيضاً كان معه جبريل.. لكن في الآية الكبرى كانت المرحلة الأخيرة.. التي لم يقدر عليها جبريل.. ولا أحد من الملائكة.. وقد انفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
وإذا نظرنا إلى قول الحق سبحانه وتعالى أيضاً {ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى} أنا شخصياً لست مع المفسرين حين يفسرون {دنا}.. المدنون والداني.. جبريل والسبب أن جبريل مع محمد صلى الله عليه وسلم وما دام جبريل معه فمن الذي دنا.. ,من الذي كان قاب قوسين أو أدنى؟ ذلك ملحظ آخر يعطينا أن الدنو {ثم دنا فتدلى} بشيء آخر.. من ربه.. أو ربه منه.. إيناس بما يكون من رؤيته للحق سبحانه وتعالى.. أو من كلام الحق سبحانه و تعالى".


س: كيف ننظر إلى قصة الإسراء والمعراج في ضوء العلم الحديث؟
(ج):قصة الإسراء والمعراج عندما ننظر لها في ضوء العلم الحديث نجد أن العلم يكشف لنا الكثير من أسرار هذه الرحلة التي ما تزال زاخرة بالأحداث العظيمة ولكننا نؤمن بأن الله عز وجل هو الذي هيأ لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الرحلة المباركة والمعجزة العظمى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محمولاً بقدرة الله في إسرائه وعروجه ولم يدعي أنه هو الذي فعل ذلك، ولم ينسب الفعل إلى جبريل عليه السلام، وإنما كان جبريل رفيق النبى صلى الله عليه وسلم خلال هذه الرحلة ولا إلى أي مخلوق آخر، وقد جاء النص في ذلك صريحاً واضحاً:"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير"..
ومن ينظر من ناحية أخرى في قصة الإسراء والمعراج والسرعة التي تمت فيها ثم يربط ذلك بما حدث مع سيدنا سليمان في قصة بلقيس وعرشها وكيف أن عفريتاً من الجن قال لسيدنا سليمان عليه السلام إنه يستطيع أن ينقل عرش بلقيس من مكانه في اليمن ثم يأتي به إلى سيدنا سليمان في القدس عبر هذه المسافات الطويلة قبل أن يقوم من مقامه ثم جاء الذي عنده علم من الكتاب لينقل هذا العرش فى جزء من الثانية بما علمه الله عز وجل, فالسرعة التي تحققت في ذلك هي سرعة كبيرة عظيمة لانعرفها حتى اليوم وليست بقدرة العلم الحديث ما يسمح بنقل هذه الكتلة وبهذه السرعة ولكنها تمت بعلم الله عز وجل الذي علمه لمخلوق من خلقه فلم ينسب الحدث إلى الرجل نفسه ولا إلى سيدنا سليمان وإنما نسبه إلى الله عز وجل بما علمه لهذا المخلوق: "قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربى.." فالعمل منسوب إلى علم الله الذي علم ذلك المخلوق صنع هذا الانجاز العظيم, فهو لم يصنعه بعلمه ولا بقدرته وقد نسب سليمان عليه السلام هذا العمل إلى الله حين قال:"إن هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر".
فإذا كانت هذه قدرة عبد فكيف بخالقه وإذا كانت هذه إمكانية موهوب فكيف بالواهب سبحانه ؟..
إن من الحقائق العلمية أن القوة تتناسب تناسباً عكسياً مع الزمن,فكلما زادت القوة قل الزمن فكيف إذا كانت القوة هنا هي قوة الحق سبحانه؟.. لذا جاء في بعض الروايات أن النبي أًسري به وعرج وعاد وفراشه لم يزل دافئاً.


_________________
مدد ياسيدى يارسول الله
مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة
اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 126 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط