موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 15 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 19, 2017 8:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
بسم االله الرحمن الرحيم
عونك اللهم
قال أبو عبد االله الحارث بن أسد بن عبد االله المحاسبي البصري
رحمة االله عليه
سألت عن العقل ما هو
وإني أرجع إليك في اللغة والمعقول من الكتاب والسنة وتراجع العلماء فيما
بينهم بالتسمية ثلاثة معاني
أحدها هو معناه لا معنى له غيره في الحقيقة
والآخران اسمان جوزتهما العرب إذ كانا عنه فعلا لا يكونان إلا به ومنه وقد
سماها االله تعالى في كتابه وسمتها العلماء عقلا
فأما ما هو في المعنى في الحقيقة لا غيره فهو غريزة وضعها
فهو غريزة لا يعرف إلا بفعاله في القلب والجوارح لا يقدر أحد أن يصفه في
نفسه ولا في غيره بغير أفعاله
لا يقدر أن يصفه بجسمية ولا بطول ولا بعرض ولا طعم ولا شم ولا مجسة ولا
لون ولا يعرف إلا بأفعاله
وقال قوم من المتكلمين هو صفوة الروح أي خالص الروح
واحتجوا باللغة فقالوا لب كل شيء خالصه فمن أجل ذلك سمي العقل لبا
وقال االله عز وجل إنما يتذكر أولوا الألباب يعني أولي العقول
ولا نقول ذلك إذا لم نجد فيه كتابا مسطورا ولا حديثا مأثورا
وقال قوم هو نور وضعه االله طبعا وغريزة يبصر به ويعبر به
نور في القلب كالنور في العين وهو البصر
فالعقل نور في القلب والبصر نور في العين
فالعقل غريزة يولد العبد بها ثم يزيد فيه معنى بعد معنى بالمعرفة بالأسباب
الدالة على المعقول
وقد زعم قوم أن العقل معرفة نظمها االله ووضعها في عباده يزيد ويتسع بالعلم
المكتسب الدال على المنافع والمضار
والذي هو عندنا أنه غريزة والمعرفة عنه تكون
وكذلك الجنون والحمق لا يسمى نكرة لأنه لو كان المعرفة هو العقل سمي
الجنون نكرة والحمق نكرة لأن النكرة ضد المعرفة والجهل ضد العلم
فلما امتنع أهل العلم أن يسموا المجنون منكرا جاهلا ولا يسمون المنكر
مجنونا والجاهل مجنونا وقالوا بأنه مجنون صح ما قلناه
ومما يدل على أن العقل هو الغريزة التي بها عرف فأقر وعرف فأنكر أو ظن
فأنكر لأن الإنكار فعل فكذلك ضد المعرفة فعل
فمنه فعل عن طبع يوجبه الطبع كالضرة كمعرفة
وفي الصمت ستر العي يوما وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما...
وأما الاثنتان اللتان جوزتهما اللغة في الكتاب والسنة وتراجع أهل المعرفة فيما
بينهم بالتسمية فجوزتهما اللغة على حقيقة المعنى بأن سمتهما عقلا إذ
كانا عن العقل لا عن غيره
فإحداهما الفهم لإصابة المعنى وهو البيان لكل ما سمع من الدنيا والدين أو
مس أو ذاق أو شم فسماه الخلق عقلا وسموا فاعله عاقلا
وقد روي في التفسير لما قال االله تعالى لموسى عليه السلام فاستمع لما
يوحى قيل اعقل ما أقول لك
وهذه خصلة يشترك فيها أهل غريزة العقل التي خلفها االله فيهم من أهل
الهدى وأهل الضلالة من بعض أهل الكتاب لما تقدم عندهم من أهل الدين
ويجتمع عليها أهل كل إيمان وضلال في أمور الدنيا خاصة والمطيع والعاصي
وهو فهم البيان
وقال االله عز وجل في ما يعيب به أهل الكتاب فقال
يسمعون كلام االله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
وقال عز وجل يعرفونه كما يعرفون أبناءهم
وقال يعلمون أنه الحق من ربهم
وقال يعلمون أنه منزل من ربك بالحق
فالفهم والبيان يسمى عقلا لأنه عن العقل كان
فيقول الرجل للرجل
أعقلت ما رأيت أو سمعت
فيقول نعم يعني أني قد فهمت وتبينت
والعرب إنما سمت الفهم عقلا لأن ما فهمته فقد قيدته بعقلك وضبطته كما
البعير قد عقل أي أنك قد قيدت ساقه إلى فخذيه
وقالوا اعتقل لسان فلان أي استمسك

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 19, 2017 10:11 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23595

جزاكم الله خيرا

وصل اللهم على العقل الأول والنور المبين صلى الله عليه وآله وسلم .

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 19, 2017 10:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
msobieh كتب:

جزاكم الله خيرا

وصل اللهم على العقل الأول والنور المبين صلى الله عليه وآله وسلم .

اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و سلم تسليما كثيرا طيبا مباركا
اللهم آمين اللهم آمين
جزاكم الله خيرا كثيرا

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 19, 2017 11:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
molhma كتب:
msobieh كتب:

جزاكم الله خيرا

وصل اللهم على العقل الأول والنور المبين صلى الله عليه وآله وسلم .

اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و سلم تسليما كثيرا طيبا مباركا
اللهم آمين اللهم آمين
جزاكم الله خيرا كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 2:06 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
المهاجرة كتب:
molhma كتب:
msobieh كتب:

جزاكم الله خيرا

وصل اللهم على العقل الأول والنور المبين صلى الله عليه وآله وسلم .

اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و سلم تسليما كثيرا طيبا مباركا
اللهم آمين اللهم آمين
جزاكم الله خيرا كثيرا


اللهم صل على العقل الأول اول العابدين سيدنا محمد سيد العاقلين آمين...
لاحرمنا الله منك سيدنا الغالى الشريف
ولامن مروركم العطر الزكى المطهر الكريم..
وجزاكم الله عنك كل خير

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
ويقال اعقل شاتك إذا حبستها وهو أن يضع رجله بين نوفها وفخذها ويقال
اعتقل رجل فلان إذا صارعه
والمعنى الثالث هو البصيرة والمعرفة بتعظيم قدر الأشياء النافعة والضارة
في الدنيا والآخرة ومنه العقل عن االله تعالى
فمن ذلك أن تعظم معرفته وبصيرته بعظيم قدر االله تعالى وبقدر نعمه
وإحسانه وبعظيم قدر ثوابه وعقابه لينال به النجاة من العقاب والظفر بالثواب
فإذا كان الله معظما كان الله مجلا هايبا
وإذا كان الله مجلا هايبا كان منه مستحيا وإلى االله طاعته مسارعا ولمساخطه
مجانبا
وإذا كان معظما لما ينال به النجاة من العقاب والظفر بالثواب عني بطلب العلم
ورغب في الفهم والعقل عن االله عز وجل أكثر همته

وإذا عني بطلب العلم بذلك استدل به على عظم قدر المولى وقدر ثوابه
وعقابه
وإذا استدل على ذلك أبصر وفهم حقائق معاني البيان
فإذا فهم عقل عظيم قدر االله تعالى وعرضه على االله سبحانه وعقابه وثوابه
وإذا عظم قدر ذلك هاب االله وفرق ورجا ورغب واشتاق فكأنما يعاين ذلك كرأي
العين فكان عن االله تعالى عاقلا وسمي ذلك منه عقلا إذ كان بالعقل طلب
ذلك وبالعقل فهم ذلك وبالعقل لزم ذلك وبالعقل جانب ما يزيله عن ذلك
فهذا الذي عقل عن ربه
ألم تسمعه عز وجل يقول وتعيها أذن واعية
قال أذن عقلت عن االله تعالى يعني عقل عن االله ما سمعت أذناه مما قال
وأخبر

فهذا هو العقل
ومن زال عن ذلك ومعه غريزة العقل التي فرق االله تعالى بها بين العقلاء
والمجانين فهو غير عاقل عن االله عز وجل وهو عاقل للبيان الذي لزمته من
أجله الحجة
وقد وصف االله عز وجل هذا في كتابه عن رجال وسما لهم عقلا فقال تعالى
لهم قلوب لا يعقلون بها يعني عنه
وقال االله عز وجل وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة يعني عقولا فما أغنى
عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات االله
ثم سمى بعض الكفار من أهل الكتاب عاقلا للبيان الذي لزمتهم به الحجة
يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
فأخبر أنهم لا يعقلون يعني عنه وعن ما قال من عظيم قدره المبين عنه

ثم قال يحرفونه من بعد ما عقلوه يعني عقل البيان
وآخرون لهم عقول الغرايز لا يعقلون البيان ولا المبين عنه بالفهم له إلا أنهم
يسمعون بلغة يعرفونها كلاما لا يعقلون معانيه بالفهم له كمشركي العرب
فقال إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
فلم يعقلوا ما قال عز وجل لإعجابهم برأيهم ولتقليدهم آباءهم وكبراءهم وقد
كانت لهم عقول غرايز يعقلون بها أمر دنياهم
ولو تركوا الإعجاب بالرأي وتقليد الكبراء ثم تدبروا لعقلوا ما قال االله ولكن
أعجبوا بآرائهم وقلدوا كبراءهم
فقال عز وجل ويحسبون أنهم يحسنون صنعا
وقال جل ثناؤه أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا
وقال ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون
فلم يعقلوا ما قيل لهم كما عقله المحرفون للسان بعدما عقلوه

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
فهم يعلمون أمر دنياهم
ودقايق معايشهم أدق في الغموض من أعلام الدين فقال االله جل وعز يعلمون
ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون
قال حدثني عفان قال حدثنا صخر بن جويرية عن الحسن في قوله تعالى
يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا قال
لا جرم واالله لقد بلغ من علم أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره
ويخبرك بوزنه وما يحسن يصلي
قال حدثني عفان قال حدثنا شعبة عن شرقي في

قوله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فذكر الخراز والخياط ونحوهما فأخبر االله
تعالى أنهم يعقلون أمر دنياهم ولو تدبروا وتركوا التقليد والإعجاب بالآراء لعقلوا
أمر آخرتهم كما عقلوا أمر دنياهم حين عنوا بطلب منافعها في العواقب ودفع
مضارها في العواقب
فهذه أربع فرق
فرقة عقلت عن االله تعالى عظم قدره وقدرته وما وعد وتوعد فأطاعت
وخشعت
وفرقة عقلت البيان ثم جحدت كبرا وعنادا لطلب الدنيا كما وصف عن إبليس
أنه تكبر وعاند كبرا وهو مع ذلك يقول فبعزتك لأغوينهم أجمعين ووصف اليهود
فقال ليكتمون الحق وهم يعلمون
وقال وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
وقال يعلمون أنه منزل من ربك بالحق

وقال اشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون
وفرقة طغت وأعجبت وقلدت فعميت عن الحق أن تتبينه ثم تقر به ثم تجحده
كبرا وطلبت دنيا بعد عقلها للبيان فظنت أنها على حق ودين وهي على باطل
وشر وضلال
وفرقة رعة عقلت قدر االله عز وجل في تدبيره وتفرده بالصنع وعرفت قدر
الإيمان في النجاة بالتمسك به وقدر العقاب في ضرره في مجانبة الإيمان فلم
يجحدوا كبرا ولا أنفة ولا طلب دنيا لعقلها أن عاجل الدنيا يفنى وعذاب الآخرة
لا يفنى فأقرت وآمنت ولم تعقل عظيم قدر االله في هيبته وجلاله وعظيم قدر
ثوابه وعقابه في إتيان معاصيه والقيام بفرايضه فعصت وضيعت وغفلت
ونسيت إلا أنها علمت عظيم قدر الإيمان في النجاة وعظيم ضرر الكفر قد
عقلته عن االله تعالى فهي قائمة به دائمة عليه
ثم بعد عقله قدر الإيمان يزداد معرفة بقدر الغضب والوعيد والوعد

فإن ازداد طائفة قام بطائفة من الفروض وترك بعض المعاصي وإلا ضيع بعض
الفروض وركب بعض المعاصي من أجل الهوى ومعه عقل البيان والإقرار فعقل
أنه مسيء ولم يرجع عن إساءته لغلبة الهوى
ولو ازداد عقلا بعظيم قدر الغضب والرضى والثواب والعقاب لاستعمل ما عقل
من البيان وأقر به بأنه حق فتاب وأناب
وجميع الممتحنين المأمورين من العقلاء البالعين كلهم لهم عقول يميزون بها
أمور الدنيا كلها الجليل والدقيق وأكثرهم للآخرة لا يعقلون
ألم تسمعه عز وجل يقول وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون
وقال جل ثناؤه لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا
يسمعون بها
وهم بالدنيا أهل بصر وسمع وعقل ولم يعن أنهم صم خرس مجانين وإنما
عذبهم لأنهم يعقلون لو تدبروا ما يرون

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
ويسمعون من الدلائل عليه من آيات الكتاب وآثار الصنعة واتصال التدبير الذي
يدل عليه أنه واحد لا شريك له
وحكى تعالى قول أهل النار فقال وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في
أصحاب السعير
وقد كانت لهم عقول وأسماع لزمتهم بها الحجة الله عز وجل وإنما عنى عز
وجل أنها لم تعقل عن االله فهما لما قال من عظيم قدر عذابه فندمت ونادت
بالويل والندم لا أنها لم تكن تسمع ولا تعقل ولا كانوا بمجانين ولكن يعقلون
أمر الدنيا ولا يعقلون عن االله ما أخبر عنه ووعد وتوعد
قلت فمتى يسمى الرجل عاقلا عن االله تعالى
قال إذا كان مؤمنا خائفا من االله عز وجل
والدليل على ذلك أن يكون قائما بأمر االله الذي أوجب عليه القيام به مجانبا
لما كره ونهاه عنه فإذا كان كذلك استحق أن يسمى عاقلا عن االله
بل لأنه لا يسمى عاقلا عن االله من يعزم على القيام بسخطه

فأقام على ذلك مصرا غير تايب
قلت فمتى يسمى العاقل عن االله كامل العقل عن االله تعالى
قال إن العقل عن االله تعالى لا غاية له لأنه لا غاية الله عز وجل عند العاقل
بالتحديد بالإحاطة بالعلم بحقائق صفاته ولا بعظيم قدر ثوابه ولا عقابه إذ لم
يعاينها
ولو عاين االله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بصفاته لما أحاط به علما
ولكن وقد يقع اسم الكمال على الأغلب في الأسماء في العقل عن االله
تعالى لا العقل بالكمال الذي لا يحتمل الزيادة
ألا تراه عز وجل يقول لرسوله صلى االله عليه وسلم وقل رب زدني علما وقال
ولا يحيطون به علما
وروي عن الملائكة أنها تقول يوم القيامة رب ما عبدناك حق عبادتك
فلا أحد يساوي االله عز وجل في العلم بنفسه فيعرف عن عظمته تعالى
كمال صفاته كما يعلم االله عز وجل عن نفسه

فأعظم العاقلين عنده العارفين عقلا عنه ومعرفة به الذين أقروا بالعجز أنهم لا
يبلغون في العقل والمعرفة كنه معرفته
ولكن قد يسمى كاملا في العقل عن االله في ما غلب عليه من الأفعال
التي كانت عن العاقل كاملا من كانت فيه ثلاث خلال
الخوف منه والقيام بأمره وقوة اليقين به وبما قال ووعد وتوعد
وحسن البصر بدينه بالفقه عنه فيما أحب وكره من علم ما أمر به وندب إليه
والوقوف عند الشبهات التي سمى االله الوقوف عنها رسوخا في العلم به
فإذا اجتمع الخوف منه وقوة اليقين به وبما قال ووعد وتوعد وحسن البصر
بدين االله والفقه في الدين فقد كمل قوة عقله
وإن كان الخوف من االله هو من قوة اليقين بالوعيد فإنه قد يكون خائفا ولا يكون
معه اليقين القوي الذي ينال به الرضى والتوكل والمحبة والزهد

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
فمن ثم قلنا الخوف من االله وقوة اليقين والبصر بالدين لأنه قد يكون قوي
اليقين وليس يحسن البصر بالدين ويكون بصيرا بالدين لا خائفا ولا قوي اليقين
وجماع هذه الثلاث الخصال قوة اليقين وحسن البصر بالدين
وإنما زدنا ذكر الخوف وإن كان من اليقين لأنه قد يكون خائفا وليس بالقوي
اليقين في كمال ما قال االله عز وجل مما وصف به نفسه من قدره وجلاله
وعظمته وما وعد وتوعد وحذر ورجا وأنعم وابتلى به
ثم هذه الثلاث الخلال حقائق من الفعل بالقلب والجوارح لأنه إذا تم عقل
المؤمن عن ربه أفرده عز وجل بالتوحيد له في كل المعاني فعلم أنه مالك له
لا غيره وأنه عتيق ممن سواه فتواضع لعظمته واستعبد وخضع لجلاله ولم
يذل لمن سواه وعقل عنه أنه الكامل بأحسن الصفات المتنزه من كل الآفات
المنعم بكل الأيادي والإحسان فاشتد حبه له لما يستأهل لعظيم قدره وكريم
فعاله وحسن أياديه
وعقل عنه أنه لا يملك نفعه وضره في دنياه وآخرته إلا هو

فأفرده بالخوف والرجاء وعده وآمن به وأيس من جميع خلقه فهو الموحد له إذا
عقل وحدانيته وتفرده بكل معنى كريم ووصف جميل وجلال عظمته ونفاذ
قدرته ومضي إرادته وإحاطة علمه وقديم أزليته وأوليته
فإذا كان كذلك زايل الكبر على العباد لخضوعه لجلال االله مولاه فتواضع للحق
ولم يحقر مسلما لشدة معرفته بصغر قدر نفسه ولما جنى من الذنوب على
نفسه ولعلمه بأن خواتم الأجل بسوء العواقب وحسن الخاتمة من الشقاء
والسعادة قد سبق بهما العلم ونفذت فيهما المشيئة
فقد أمن من عرفه كبره وبغيه وقد عقل عن االله جل وعز حججه على خلقه
واعتذاره إلى خلقه بأنه ليس لهم بظالم وأنه قد بدأهم بالرحمة قبل العقوبة
وقد سبقت منه الأيادي قبل الشكر طويل الحلم دائم التأني جميل الستر
مقيل العثرات محسن إلى من تبغض إليه متقرب إلى من تباعد منه وعقل
عنه أمره وآدابه وأحكامه وعقل داء النفوس ودواءها

فمن عرفه أمل الرشد منه وأن يحيا بمنطقه ويعقل عن االله جل ذكره بتأديبه
له
وعقل عن االله عز وجل ما عظم من قدر ثوابه في جنته بدوامه وطيب العيش
فيه وزوال الآفات والتكدير والتنغيص عنه وأنه فوق ما تحب النفوس لا يحسن
أحد أن يخطر بباله ذكر كثير مما أعد فيها
وقد قال رسول االله صلى االله عليه وسلم أعد االله عز وجل في جنته ما لا عين
رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
وكفاك باالله تعالى واصفا عما أعد لأوليائه إذ يقول عز من قائل فلا تعلم نفس
ما أخفي لهم من قرة أعين
فقد أخبرنا أنه جاز في الكمال والنعيم وقرة العيون وصف الواصفين ومعرفة
العارفين وذكر الذاكرين لجميع النعيم فعظم في قلبه جوار مولاه و ما أعد فيه
لمن أناب إليه وأطاعه فشخص إليه بعقله فاتصل ما استودع قلبه من العلم
بذلك لمشاهدته بعقله حتى أنه رأي عينه عما قاله حارثة فكأني أنظر إلى
عرش

ربي بارزا وإلى أهل الجنة يتزاورون
وكما قال الحسن وذكر أولياء االله في الدنيا فقال صدقوا به فكأنما يرون ما
وعدوا رأي العين
فلما اتصل عقله بمشاهدة ذلك حن واشتاق فلما حن واشتاق تعلق قلبه
واشتغل فلما اشتغل بالشوق إلى جوار ربه سلا عن الدنيا فلها عنها 110
فمن تفكر في دار الدنيا أين هي من جوار ربه إذ يقول عز وجل لعلكم تفكرون
في الدنيا والآخرة قيل في التفسير تفكروا فيهما فعلموا أن الدنيا دار فناء وأن
الآخرة دار جزاء وبقاء فعقل نعت ربه لزوال الدنيا وفنائها وأن كل ما أخذ منها
لغير القربة إلى ربه في جواره ناقص من درجات القرب وكمال النعيم في جوار
ربه وأن فيه الحساب والسؤال عن نعيمها بالحبس عن السبق في أوائل الزمر
إلى جوار ربه ومولاه وأنها مشغلة له عن الاشتغال بربه ما دام فيها حتى ما
يعدله من الأنس بربه وحلاوة مناجاة سيده

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
فارتفع قلبه عنها وتمنى أن لو استغنى أن يتناول منها شيئا فلم يجد بدا من
الأخذ منها ما يقويه على طاعة ربه خوفا أن يمسك عن القوت فينقطع عن
عبادة ربه
فكان نصيبه منها القوت من الغذاء ولم يتكلف ما جاز بلغة القوت من غذائه
وستر عورته وان تكلف طلبه لم يتكلف إلا للقربة إلى ربه فإن ابتلي منها بما
فوق غذائه وستر عورته من مثل ميراث أو غيره فمبذول كله لربه يفرح
بإخراجه ويغتم أن يمكث عنده أقل من طرفه عين
وعقل عن االله تعالى آياته في تدبيره وحكمته في آثار صنعته ودلائل حسن
وتقديره فعلم أنه بقدرة نافذة قدرها وبحكمة كاملة أتقنها وبعلم محيط
اخترعها وبسمع نافذ سمع حركاتها وببصر مدرك لها دبر لطائف خلقها
وغوامض كوامنها وما وارته حجبها وسواترها
فاستدل بذلك أنه الإله العظيم الذي لا إله غيره ولا رب سواه فكأن جميع
الأشياء عين يعتبر بها ويجل ويعظم لما يرى ويسمع من مولاه وسيده فدام
ذكره وزالت عن االله عز وجل غفلته وعقل عن االله تعالى أنه ما يبلغه غاية
العلم به ولا بلطائف

محابه والقرب إليه والفهم لما كلمه به فكان مع سيده اجتهاده ودوام اشتغاله
بربه غير تارك ولا منقطع عن طلب الازدياد من العلم بربه والتزيد في الفقه
عنه أعلى في قلبه وأعظم عنده قدرا من الازدياد من كثير أعمال النوافل إذ
عقل عن ربه أن أقل قليل المعرفة يورث التعظيم والهيبة ويبعث على الاجتهاد
ويورث الطاعات والشغل عن جميع العباد
وعقل عن االله تعالى أنه ابتدأ عباده بالرحمة والتفضل والإحسان بعد تقديم
العلم منه لهم أنهم سيعصونه ويخالفون أمره فلم يمنعه ذلك عن ابتدائهم
بالنعم والتحنن والرحمة والإحسان
وجعل أفضل أوليائه عنده الرحماء بخلقه المتحننين على عباده الناصحين
لبريته وهم رسله الداعون العباد إلى نجاتهم والمحذرون لهم من هلكتهم
المتحملون منهم الأذى والمتحننون عليهم بالرحمة والنصح والإشفاق مع
أذاهم لهم وتكذيبهم إياهم واستهزائهم بهم لا يكافئونهم بمثل ما نالوا منهم
ولا ينصرفون عن الإشفاق عليهم إذ سمعوا االله جل ثناؤه يصفهم إذ قالوا لنوح
إنا لنراك في ضلال مبين

وقالوا لهود إنا لنراك في سفاهة
ثم وصف جوابهما فقال نوح ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين
إلى قوله ولعلكم ترحمون
ووصف رد هود عليهم فقال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب
العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين إلى قوله لعلكم تفلحون أي
تظفرون بثواب االله إن قبلتم مني فأخبرهم بعد تسفيههم له أنه لم ينصرف
من أجل ذلك عن النصيحة لهم لعلهم يفلحون
وقال إبراهيم عليه السلام فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور
رحيم
وقال النبي صلى االله عليه وسلم ووصف نبيا من الأنبياء شجه قومه فهو
يمسح الدم عن وجهه وهو يقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
وروي أن نوحا عليه السلام كان يخنقه قومه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال
رب اغفر لقومي إنهم لا يعلمون

وفضل النبي صلى االله عليه وسلم صديق هذه الأمة عليها بالرحمة لها فقال
أرحم أمتي بها أبو بكر
فلما عقل عن االله عز وجل ما ابتدأ العباد به من الرحمة وأنه خص أعظم
خلقه عنده قدرا وفضله بها على جميع العباد
ألزم قلبه رحمة الأمة فأحب محسنهم وأشفق على مسيئهم ودعا إلى االله
سبحانه إذا أمكنه مدبرهم ولم يدخر مالا عن فقيرهم ففضل ماله عليهم
مبذول والمواساة في قوته منهم المجهود من سأله منهم ما يقدر عليه لم
يتبرم بطلبه ولم يضجر بإعطائه للرحمة التي لهم في قلبه ومن آذاه وأساء
إليه لم يجد في نفسه كراهية للعفو والصفح عنه يعدهم جميعا كأقرب الخلق
منه كبيرهم مثل أبيه وصغيرهم كولده وقرنه كأخيه فكل هؤلاء يحب الإحسان
إليهم وأن لا يفارق قلبه الشفقة عليهم
وعقل عن االله تعالى عظيم قدره وقدر ما يطلب من ثوابه وما يخاف من عقابه
وعظيم الأيادي وكثرة النعيم عنده وأن جميع خلقه من أهل سمواته وأرضه لو
دأبوا جميعا واجتهدوا عمر الدنيا كلها وأبدا ما أدوا شكر نعمه ولا أدوا ما يحق
في عظمته فكيف بالحلول في جواره والنجاة من عذابه

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
فقد عقل أي رب يعبد وأي ثواب يطلب ومن أي عقاب وعذاب يهرب وأي نعيم
يشكر والشكر أيضا ممن هو ومن من به
فلما عقل ذلك كله عن ربه استقل واستصغر جميع دؤوبه واجتهاده لعظيم ما
عقل من جميع ذلك
وعقل عن االله تعالى ما وصف به نفسه أنها بالسوء أمارة وللذنوب مسولة
وأنها هي التي جنت عليه ما قد أحصاه ربه عليه ولم يأمن أن يكون قد حل به
غضبه وأنه لا يكاد يعدل في بعض أحواله أن يتعرض لبعض مساخطه وأنه قد
لزمته عظيم حجة ما خص به من العلم وما من عليه به من المعرفة دون أكثر
العوام فاستكثر قليل طاعتهم واستعظمها مع استصغار كثير الطاعات من
نفسه لأنه أعلم بنفسه وبذنوبه من ذنوبهم وأن الحجة عليه أعظم منها
عليهم
وعقل قدر من عصاه وخالفه فيما أمره به فعقل قدر عظمة من عصاه وشدة
غضبه وشدة عذابه وهول المكث في عقابه إن لم يعف عنه

فعقل كثرة ذنوبه وسوء رغبة نفسه ودناءة همته وعجيب جهله إذ كان قد آثر
على رضاه من العبيد ما لا معنى لهم في دنيا ولا آخرة بملك ولا نفع ولا ضر
وإيثاره من الدنيا المكدر المنغص الفاني منه والفاني هو عنه والباقي عليه
بعد فنائه شدة الحساب وعظيم السؤال عنه ثم لا يأمن من سخط االله في
الآخرة على ذلك أن يحل به
فلما عقل عن االله عز وجل جميع ذلك من نفسه وتستر عنه عامة ذنوب
الخلق وحقت عليهم الحجة بدون ما وجبت من االله عز وجل من أجل العلم
الذي استودعه والستر عليه لذنوبه وما حببه إلى عباده لم يأمن أن يكون
استدراجا له وأنه وكل بالخوف على نفسه قبل غيره وأنه لا يأمن لسالف
ذنوبه وتضييع شكر نعم ربه وعظيم ما لزمه من الحجة وأن يختم له بغير دين
الإسلام أو بعظيم الذنوب مع الإيمان فلم تقع عينه على أحد ولم يستمع به
من المسلمين إلا خاف أن ينجوا ويهلك هو دونه يكسر قلبه من يرى من أهل
الطاعات ويقطع عليه أنه خير منه ويتمنى أن يكون مثله ويهيج عليه الخوف
من قلبه من رآه دونه في الدين يخاف أن يهلك هو دونه أو يختم له

بأشر الأعمال لعظيم حجة العلم وجميل الستر عليه ولما أمر به من خوف
سوء الخواتم التي مات عليها الأشقياء فهو متواضع للعباد كلهم لشدة ذلة
الخوف على نفسه
وعقل عن االله عز وجل ما بين من قدر الدنيا والآخرة فعقل صفة الآخرة بنعيمها
وملكها وشرفها وعزها وعظيم قدر سكانها أنها في جوار المولى وما وصف به
سوء عيش الدنيا وضعة رفعتها عنده يوم يحاسب عباده وذل العزيز بها عنده
في يوم يبعث خلقه وحقارة المتكبرين في عينه وصنعه بهم يوم النشور حتى
أنهم ليحشرون في صور الذر دون جميع العباد
وعقل عن االله تعالى ما أمره به وأخبر أن الفقير من استغنى بالدنيا عنها ومن
يجازي بما حرمه من خفة الحساب والتصاعد في معالي درجاته
فلما عقل ذلك كله عن ربه كان الفقر في الدنيا أحب إليه من الغنى بها وكان
التواضع أحب إليه من الشرف فيها وكان الذل أحب إليه من العز بها


_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
مسألة في العقل
الحجة حجتان
عيان ظاهر أو خبر قاهر
والعقل مضمن بالدليل والدليل مضمن بالعقل
والعقل هو المستدل
والعيان والخبر هما علة الاستدلال وأصله
ومحال كون الفرع مع عدم الأصل وكون الاستدلال مع عدم الدليل
فالعيان شاهد يدل على غيب
والخبر يدل على صدق فمن تناول الفرع قبل إحكام الأصل سفه
ورب حق أحق من حق كمن عفا ومن اقتص وكاقتضاء

الدين ساعة محله أو تركه قليلا إحسانا إليه فقد أحسن في الطلب
فكم من حسن أحسن من حسن غيره وقبيح أقبح من قبيح وفرض أوجب من
آخر وفضل أفضل من فضل آخر
والحب والبغض إذا أفرطا انقصا الاعتدال وأفسدا العقل وصورا الباطل في صورة
الحق
فأهل الشر لا يفرقون بين أئمتهم كما لا يفرقون بين إمامهم
وإن الحق في كل أمر بين والباطل في كل حال داحض إلا أن كثيرا من الناس
لا يعرف وجه مطلبه وبعضهم يعرف بعضه ويجهل بعضه ومنهم من عرف ثم
نسي ومنهم من يعرف أكثره ولا يعرف أسهل طرقه وأقرب وجهه
فجميع الحق في فنون الطاعات وتحذير الباطل في مذاهبه إذا جمع وألف
وكان أنشط لحفظه ويفهمه من كان لا ينشط لأن يطلب عمله حتى يجمعه
والعالم به يريد جمعه في بصيرته وجمع كل مذهب إلا

خبر الواحد لمن كان لا يعرف إلا بعضه
ويذكر الناس بما قد علمه فنسيه وينبه المتهاون لما كان قد اشتغل عن
العناية بالقيام به ويبين للزائغ عن طريق الرشد أنه قد تركه ولعل من نظر فيه
بالإعجاب برأيه أن ينقض مذاهبه إذا فهم حسن العبارة عنه وإيضاح حججه
ونور بيانه يتنبه من رقدته ويفيق من سكرته لأن الحق عزيز أين كان والباطل
ذليل في كل أوان
والحجة ظاهرة بنورها على الشبهة
وليس من تفرد بكتاب يقرؤه وحده متثبتا فيه لا يشغله عنه سبب يقطعه
كمن نازع غيره لأنه يعترض في المناظرة آفات كثيرة من العجب بالرأي
والذي والذي يمنع من الفهم الأنفة التي تمنع من الخضوع للحق وحب الغلبة
الذي يبعث على الجدل والجزع من التخطئة التي تمنع من الإذعان بالإقرار
بالصواب
فلما كثرت آفات المناظرة وكان التفرد بقراءة الكتاب المجموع فيه والمؤلف فيه
حدود الحق رأيت أن أصنفه مبينا

وأستشهد عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة أو استنباطا بينا أو قياسا إذا
عدم البيان بالنص فيما يجوز فيه القياس وإلا فالتسليم
والأصون الكف عن تكلف ما نهي عنه مما يسع جهله ولا يؤدي علمه إلى
القربى بل ترك البحث عنه هو القربى والوسيلة إلى رضى االله عز وجل
ولا غناء بالعبد عن التفكير والنظر والذكر ليكثر اعتباره ويزيد في علمه ويعلو
في الفضل
فمن قل تفكره قل اعتباره ومن قل اعتباره قل علمه ومن قل علمه كثر جهله
وبان نقصه ولم يجد طعم البر ولا برد اليقين ولا روح الحكمة
وما بلغ علم من درس العلم بلسانه وحفظ حروفه بقلبه وأضرب عن النظر
والتذكر والتدبر لمعانيه وطلب بيان حدوده
ما أقربه في حياته من حياة البهائم التي لا تعرف إلا ما باشرته بجوارحها لكن
المتذكر الناظر فيما يسمع المتدبر لما

علم المتفهم لما به أمر الطالب لنهاية حدود العلم الغائص على غامض
الإصابة المحكم للأصول الراد عليها الفروع هو المفرق بين ما له وما عليه
والمبصر لما يصلحه وما يفسده القوي على عصيان طبائعه المنازعة إلى ما
يهلكه والمخالف لشهواته التي ترديه
عارف بعواقب الأمور وبما يحدث في غابر الدهور مما حدث منه وهاب ربه
المؤثر لذة عقله على لذة هواه لذة الحكماء العلماء في عقولهم ولذة الجهال
والبهائم في شهواتهم
وأي سرور يعدل سرور العلم وروح اليقين وعظيم المعرفة وكثرة الصواب والظفر
الذي لا يثبت ولا ينال إلا بحسن النظر وطول التذكر وتكرار الفكر والتقديم في
التكبير
فبذلك ظفر بالعلم باالله والتعرض لولايته وطلب الجاه عنده والتسليم لأمره
والتوكل على كفايته وبذل القليل من الدنيا للثواب الجزيل لأنه الرب الكريم
من طلبه وجده ومن استكفاه كفاه ومن اتقاه وقاه

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 6:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
ومن تقرب إليه أسرع إليه بالإجابة
يدعوك إن أدبرت ويقبلك إن رجعت ويحمدك على حظك ويثني عليك بما وهب
لك ويحضك على النظر لنفسك
إنما يمرضك ليصحك إن عقلت ويفقرك ليغنيك ويمنعك ليعطيك يمنعك القليل
الفاني لترضى فيعطيك الجزيل الباقي ويميتك ليحييك ويفنيك ليبقيك ويداويك
بالأمراض لتبرأ من سقم الذنوب ويغمك بالأوجاع ليغسلك من درن الخطايا
ويعركك بالبلاء ليلين قلبك لطلب الفوز
ابتدأك بالنعم قبل أن تسأله وثناها بعدما ضيعت شكره وأدامها بإحسانه مع
دوام الإعراض منك عنه فكيف تعرف إحسانه وتتبين إساءتك وتبصر نجاتك
وتتضح لك أسباب عيشك إلا بالنظر بعقلك فيما قال والتذكر والمجاهدة
لنفسك إلا لتعرف ما يرضيه وتجانب ما يسخطه ويباعد منه لأنه قد جعل فيك
غريزة العقل ومن عليك بالمعرفة وابتلاك بما في طباعك مما يهيج الغضب
والرضى والبخل بالسكوت لأن الصمت أعجمي وفاعله كالأخرس لا يعرف
معناه إلا صاحبه

والقول فصيح مبين يعرفه سامعه ومن بلغه إلى يوم القيامة لم يعرف القول
الحق بالصمت ولا جميع الأعمال بالحق إلا بالقول بل لم يعرف الصمت عن
الباطل إلا بالقول لما عرفه من الكتاب
وإنما أمر النبي صلى االله عليه وسلم بالصمت لتارك القول بالخير فقال من
كان يؤمن باالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
ولم يعرف الأداء والبيان عن جميع الإحسان إلا بالقول
آخر كتاب مائية العقل ومعناه للحارث بن أسد المحاسبي والحمد الله حق
حمده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه.

وصلى الله على سيدنا محمد اول مخلوق واول العابدين وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 20, 2017 7:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45682

بارك الله فيك

وصلى الله على سيدنا محمد اول مخلوق واول العابدين وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا


_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 24, 2017 12:20 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة نوفمبر 02, 2012 12:16 am
مشاركات: 1938
msobieh كتب:

جزاكم الله خيرا

وصل اللهم على العقل الأول والنور المبين صلى الله عليه وآله وسلم .

_________________
صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 15 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 81 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط