موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 196 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8 ... 14  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 28, 2018 11:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
إبراهيم بن سعيد النجيبي قال: كتب المتوكل إلى عامله بالبصرة إن قبلك رجلاً أديباً ظريفاً ذا حكمة فوجه به إلي على أحسن صفة غير مروع. فحمله إليه فلما ورد الباب قال له الحاجب سلم على الخليفة سلامك على الخلفاء، فدخل، ثم سلم عليه وقال: أنت المتوكل ؟ قال نعم، قال فلم سميت بالمتوكل ولم تسم بالمتواضع ؟ ثم قال: للهوى كأني السلام عليك يا من استوى على سرة الغنى وتقمص بقميص الخيانة متبعاً مقاصير علائك فلم يوقد أتاك فظ غليظ فجذبك عن سرير بهائك وأخرجك عن اللحد وفراق الأهل والولد، فلو عليك حاجباً ولا قهرمانا حتى أخرجك إلى ضيق في صحيفة بطالتك، يا من احتوى على أموال الضعفة بظلمه، غداً تبكي سرائرك بين يدي من لا تخفى عليه السرائر فتحمل على دقيق المسئلة جواباً وعلى الصراط جوازاً فستعلم وتستقرئ كل ما قد أحصى عليك بالتحقيق.
قال: فغاظه ذلك، فأمر بحبسه، فلما كان في اليوم الثاني أمر بإخراجه، فلما وقف بين يديه قال: بلغني أنك قدري تقايس في العظمة وتداخل في التكوين، فقال: يا متوكل يا من له عقل موجود وفهم غير مفقود إن مثلي لا يتكلم في القدر قال فنظر إليه مغضباً ورده إلى السجن.
فلما كان في اليوم الثالث أخرجه، فوقف بين يديه وقال: يا سعدون أنك ثنوي تقول السماء خالية بلا مدبر. فقال له: يا متوكل أسألك عن شيء تخبرني به ؟ قال: نعم، قال: من جعل سطح الهامة منبت الشعر وسقاها من حرارة الدماغ ؟ قال: الله، قال: أخبرني من مد حاجبيك فأنبت عليهما الشعر ؟ قال: الله تعالى، قال: فأخبرني من فتق العينين وجعل للحدقة بياضاً وجعل وسطها سواداً ؟ قال: الله، قال: فمن جعل فيهما ماء عذباً ولحا ؟ قال الله، قال: فأخبرني من خرق السمعين فجعل فيهما سماعا قال الله، قال: فمن ألزم القدم من الساقين فجعلهما اسطوانة للركبتين ؟ قال الله، قال فمن شد الحقوين بالوركين ؟ قال، الله قال: فمن عرفك أن تقول الله ؟ قال الله، قال: فكيف أقول السماء بلا إله ؟ قال المتوكل: بلغني أنك تقول القرآن مخلوق، قال يا متوكل ارض عن الله وثق بالله وكل شيء بقضاء الله ما يبلغ الفطنة كنه الله ولا يفوت الخلق رزق الله، الله لا يشبه خلق الله، القبض والبسط فعال الله، والجود والفخر أيادي الله، يا أيها القائل بالله بالحق والصدق عرفت الله، فلا تكن مبتدعاً في الله، ارض بدين الله، عبد الله لا شيء أحلى من كلام الله، يكون مخلوقاً كلام الله يقولها ؟ مبتدع والله !
قال: فأمر به إلى الحبس ثم اتخذ مقصورة وأمر بفرش الزرابي من الحرير الأخضر والخز والديباج ثم دعا به، فلما نظر إليه ضحك، ثم قال: يا متوكل هذا ملكك الدنيء الحقير الفاني، فقال المتوكل بلغني أنك حروري تطعن في السلطان، فقال إني لست كذلك ولكنني أصف لك مرجا أحسن من مرجك وقصراً أحسن من قصرك، قال هات، قال في الجنة مرج من ورق الآس في وسط المرج قصر من درر وشقائق وفي وسط القصر قبة من ورق السوسن والقصر والقبة مبنيان على نبات القرنفل لها حدود أربعة الحد الأول ينتهي إلى ناحية الوجلين والحد الثاني ينتهي إلى نعيم المشتاقين والحد الثالث ينتهي إلى طريق المريدين والحد الرابع ينتهي إلى غرف مملوءة بتحف وصنائع ووصائف ورفارف وإلى خيام وخدام وإلى ميدان يطوف في ساحته الولدان، أرضها من الفضة ورمالها من اللؤلؤ وقضبانها من العنبر وشرفها من الياقوت الأحمر، العرش سقفها والرحمة حشوها والأنبياء سكانها والملائكة عمارها والولدان خدامها، الزعفران حشيشها والقرنفل نباتها والسندس ثيابها، مطردة أنهارها دائمة ظلالها دانية قطوفها مطهرة أزواجها خضر رياضها لذيذ عيشها ذكي مسكها وكافورها، فهي دار العيش والنعيم المقيم، فساكن هذه الدار في نعيم لا يزول، لا غل في صدور سكانها، قد رفعت عنهم الأسقام وزالت الآلام وصاحب هذه الدار أبداً معانق الأبكار في مرافقة الأخيار وجوار الملك الجبار.
ثم قام يخطر في مشيته ويقول:
قبة من جواهر الخ ... اد بالدر رصعت
جوف قصر من الزبير ... جد بالنور وشعت
مذ بناها الجليل في ... داره ما تزعزعت
لو عليها تساقطت ... أرضها ما تصدعت
حجبت كاعب من الح ... ور فيها فابدعت
عجب الحسن والجما ... ل إذا ما تطلعت
منع الحب بالحبيب ... كما قد تمنعت
قال المتوكل أحسنت بارك الله فيك، من زعم أنك مجنون ؟ ثم أمر له بجائزة، فردها وقال حبي الله الذي جعل خزائن عطائه مفتوحة لمؤمليه وحسبي من جعل مفاتيحها حجة الطمع فيه.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 03, 2018 11:40 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
بهلول

قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك سمعت بهلولاً في بعض المقابر وقد دلى رجله في قبر وهو يلعب في التراب فقلت له ما تصنع ها هنا ؟ فقال أجالس أقواماً لا يؤذونني وإن غبت عنهم لا يغتابونني، فقلت قد غلا السعر فهلا تدعو الله فيكشف، فقال والله لا أبالي ولو حبة بدينار، إن الله تعالى أخذ علينا أن نعبده كما أمرنا وعليه أن يرزقنا كما وعدنا، ثم صفق بيديه وأنشأ يقول:
يا من تمتع بالدنيا وزينتها ... ولا تنام عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما لست تدركه ... تقول للّه ماذا حين تلقاه

علي بن ربيعة الكندي قال: خرج الرشيد إلى الحج فلما كان بظاهر الكوفة إذ بصر بهلولاً المجنون على قصبة وخلفه الصبيان وهو يعدو فقال من هذا، قالوا بهلول المجنون، قال كنت أشتهي أن أراه فأدعوه من غير ترويع، فقالوا له أجب أمير المؤمنين، فعدا على قصبته، فقال الرشيد السلام عليك يا بهلول، فقال وعليك السلام يا أمير المؤمنين، قال كنت إليك بالأشواق، قال لكني لم أشتق إليك، قال عظني يا بهلول، قال وبم أعظك هذه قصورهم وهذه قبورهم، قال زدني فقد أحسنت، قال يا أمير المؤمنين من رزقه الله مالاً وجمالاً فعف في جماله وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار فظن الرشيد أنه يريد شيئاً فقال قد أمرنا لك أن تقضي دينك، فقال لا يا أمير المؤمنين لا يقضى الدين بدين أردد الحق على أهله واقض دين نفسك من نفسك، قال فإنا قد أمرنا أن يجري عليك، فقال يا أمير المؤمنين أترى الله يعطيك وينساني ؟ ثم ولى هارباً.

وروي بإسناد آخر أنه قال للرشيد يا أمير المؤمنين فكيف لو أقامك الله بين يديه فسألك عن النقير والفتيل والقطمير، قال فخنقته العبرة فقال الحاجب حسبك يا بهلول قد أوجعت أمير المؤمنين، فقال الرشيد دعه، فقال بهلول إنما أفسده أنت وأضرابك، فقال الرشيد أريد أن أصلك بصلة فقال بهلول ردها على من أخذت منه، فقال الرشيد فحاجة، قال ان لا تراني ولا أراك، ثم قال يا أمير المؤمنين حدثنا أيمن بن نائل عن قدامة ابن عبد الله الكلابي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة على ناقة له صهباء لا ضرب ولا طرد، ثم ولى بقصبته وأنشأ يقول:
فعدّك قد ملأت الأرض طراً ... ودان لك العباد فكان ماذا
ألست تموت في قبر ويحوي ... تراثك بعد هذا ثم هذا

عبد الرحمن الأسلمي قال: قال أبي لبهلول أي شيء أولى بك ؟ قال العمل الصالح.

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 10, 2018 12:26 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
بعض الكوفيين قال: حج الرشيد فذكر بهلولاً حين دخل الكوفة فأمر بإحضاره وقال ألبسوه سواداً وضعوا على رأسه قلنسوة طويلة وأوقفوه في مكان كذا ففعلوا به ذلك وقالوا إذا جاء أمير المؤمنين فادع له، فلما حاذاه الرشيد رفع رأسه إليه وقال يا أمير المؤمنين اسأل الله أن يرزقك ويوسع عليك من فضله، فضحك الرشيد وقال آمين، فلما جازه الرشيد دفعه صاحب الكوفة في قفاه وقال أهكذا تدعو لأمير المؤمنين يا مجنون، قال بهلول اسكت ويلك يا مجنون فما في الدنيا أحب إلى أمير المؤمنين من الدراهم، فبلغ ذلك الرشيد فضحك وقال والله ما كذب.

قال الحسن بن سهل بن منصور سمعت بهلولاً وقد رماه الصبيان بالحصى وقد أدمته حصاة فقال:
حسبي اللّه توكلت عليه ... ونواصي الخلق طراً بيديه
ليس للهارب في مهربه ... أبداً من روحة إلا إليه
رب رام لي بأحجار الأذى ... لم أجد بداً من العطف عليه
فقلت له تعطف عليهم وهم يرمونك، قال اسكت لعل الله سبحانه وتعالى يطلع على غمي ووجعي وشدة فرح هؤلاء فيهب بعضنا لبعض.

ولبهلول:
حقيق بالتواضع من يموت ... وحسب المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا اهتمام ... وشغل لا تقوم له النعوت
صنيع مليكنا حسن جميل ... وما أرزاقنا مما يفوت
فيا هذا سترحل عن قريب ... إلى قوم كلامهم السكوت

قال عبد الرحمن الكوفي لقيني بهلول المجنون فقال لي اسألك، قلت اسأل، قال أي شيء السخاء قلت البذل والعطاء، قال هذا السخاء في الدنيا فما السخاء في الدين ؟ قلت المسارعة إلى طاعة الله، قال أفيريدون منه الجزاء ؟ قلت نعم بالواحد عشرة، قال ليس هذا سخاء هذه متاجرة ومرابحة، قلت فما هو عندك ؟ قال لا يطلع على قلبك وأنت تريد منه شيئاً بشيء.

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 18, 2018 11:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال عمر بن جابر الكوفي مر بهلول بصبيان كبار فجعلوا يضربونه فدنوت منه فقلت لم لا تشكوهم لآبائهم ؟ فقال لي اسكت فلعلي إذا مت يذكرون هذا الفرح فيقولون رحم الله ذلك المجنون !

قال صباح الوزان الكوفي لقيت بهلولاً يوماً فقال لي أنت الذي يزعم أهل الكوفة أنك تشتم أبا بكر وعمر ؟ فقلت معاذ الله أن أكون من الجاهلين، قال إياك يا صباح فإنهما جبلا الإسلام وكهفاه ومصباحا الجنة وحبيبا محمد صلى الله عليه وسلم وضجيعاه وشيخا المهاجرين وسيداهم ثم قال: جعلنا الله من الذين على الأرائك يسمعون كلام الله إذا وفد القوم إلى سيدهم.

علي بن الحسين قال: لما مات أبو بهلول خلف ستمائة درهم، فأخذها القاضي وحجز عليها، فأتاه بهلول فقال أصلح الله القاضي وتزعم أني مصاب في عقلي فأنا جائع فادع لي بمائتي درهم حتى اقعد في أصحاب الحلقات أبيع وأشتري فإن رأيت مني رشداً ضممت إليها الباقي وان تلفت فالذي اتلفت أقل مما بقي، فدعا القاضي بالكيس ووزن له مائتي درهم، فأخذها بهلول ولزم الحيرة حتى أنفدها، ثم جاء إلى القاضي وهو في مجلس الحكم فقال يا بهلول ما صنعت ؟ فقال أعز الله القاضي أنفقتها فإن رأى القاضي ان يزن من ماله مائتي درهم ويردها إلى الكيس حتى يرجع الكيس إلى ما كان، قال القاضي فتجحد لي ما أخذت ؟ قال كلا ولكنني ما أقمت عندك شاهدين بأني موضع لها، قال صدقت، ودعا بمائتي درهم وردها إلى الكيس.

قال عباس البناء نظر بهلول إلي وأنا أبني داراً لبعض أبناء الدنيا، فقال لي لمن هذه الدار ؟ فقلت لرجل من نبلاء الكوفة، فقال أرنيه فأريته إياه فناداه يا هذا لقد تعجلت الحماية قبل العناية اسمع إلى صفة دار كونها العزيز أساسها المسك وبلاطها العنبر اشتراها عميد قد ازعج للرحيل كتب على نفسه كتاباً وأشهد على ضمائره شهوداً، هذا ما اشترى العبد الجافي من الرب الوافي اشترى منه هذه الدار بالخروج من ذل الطمع إلى عز الورع فما أدرك المستحق فيما اشتراه من درك فعلى المولى خلاص ذلك وتضمينه أراه شهد على ذلك العقل وهو الأمين والخواطر وذلك في ادبار الدنيا وإقبال الآخرة أحد حدودها ينتهي إلى ميادين الصفا والحد الثاني ينتهي إلى ترك الجفا والحد الثالث ينتهي إلى لزوم الوفا والحد الرابع ينتهي إلى سكون الرضا في جوار من على العرش استوى، لها شارع ينتهي إلى دار السلام وخيام قد ملئت بالخدام وانتقال الاسقام وزوال الضر والآلام، يا لها من دار لا ينقضي نعيمها ولا يبيد، دار اسست من الدر والياقوت شرفك تلك الخدور وجعل بلاطها في البهاء والنور، قال فترك الرجل قصره وهام على وجهه، وأنشأ بهلول يصيح خلفه ويقول:
يا ذا الذي طلب الجنان لنفسه ... لا تهربن بإنه يعطيكا

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 25, 2018 11:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال عبد الخالق سمعت أبي يقول سمعت بهلولاً يقول :
من كانت الآخرة أكبر همه أتته الدنيا وهي راغمة
ثم أنشأ يقول:
يا خاطب الدنيا إلى نفسه ... تنح عن خطتها تسلم
ان التي تخطب غدارة ... قريبة العرس من المأتم

قال كثير بن روح رأيت بهلولاً ذات يوم يتمثل وهو يقول هذه الأبيات:
يا طالب الرزق في الآفاق مجتهداً ... اعتبت نفسك حتى شفك الطلب
تسعى لرزق كفاك اللّه بغيته ... اقعد فرزقك قد يأتي به السبب
كم من دنيء ضعيف العقل تعرفه ... له الولاية والأرزاق والذهب
ومن حسيب له عقل يزينه ... بادي الخصاصة لا يدري له سبب
فاسترزق اللّه مما في خزائنه ... فاللّه يرزق لا عقل ولا حسب

قال بعض أهل الكوفة ولد لبعض أمراء الكوفة ابنة فساءه ذلك فاحتجب وامتنع من الطعام والشراب فأتى بهلول حاجبه فقال إئذن لي على الأمير، هذا وقت دخولي عليه، فلما وقف بين يديه قال:
أيها الأمير ما هذا الحزن أجزعت لذات سوى هيأته رب العالمين أيسرك أن لك مكانها ابنا مثلي ؟ قال:
ويحك فرجت عني فدعا بالطعام وأذن للناس.

قال عبد الواحد بن زيد مر بهلول برجل قد وقف على جدار رجل يكلم امرأته، فأنشأ يقول:
كن حبيباً إذا خلوت بذنب ... دون ذي العرش من حكيم مجيد ؟
أتهاونت بالإله بديا ... وتواريت عن عيون العبيد
أقرأت القرآن أم لست تدري ... أنّ ذا العرش دون حبل الوريد
ثم ولى وهو يقول من نوقش في الحساب غفر له، فقلت له من نوقش الحساب عذب، فقال اسكت يا بطال إن الكريم إذا قدر غفر.
ولبهلول:
إذا خان الأمير وكاتباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لأهل الأرض من أهل السماء

قال الحسين الصقلي نظرت وقد زار سعدون بهلولاً ورأيتهما فسمعت سعدون يقول لبهلول أوصني وإلا أوصيك فناداه بهلول أوصني يا أخي فقال :
سعدون أوصيك بحفظ نفسك ومكنها من حبك فإن هذه الدنيا ليست لك بدار، قال بهلول أنا أوصيك يا أخي، فقال قل، فقال:
اجعل جوارحك مطيتك واحمل عليها زاد معرفتك واسلك بها طريق متلفك فإن ذكرتك ثقل الحمل فذكرها عاقبة البلوغ. فلم يزالا يبكيان جميعاً حتى خشيت عليهما الفناء.

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 02, 2018 11:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال علي السيرافي حمل الصبيان يوماً على بهلول، فانهزم منهم فدخل دار بعض القرشيين ورد الباب، فخرج صاحب الدار فأحضر له طبقاً فيه طعام فجعل يأكل ويقول فضرب لهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب.
قال نعيم الخشاب كتب بهلول إلى الواثق:
أما بعد فإن المراء قد لعب بدينك والأهواء قد أحاطت بك ومقالات أهل البدع قد سلخت عنك عقلك وابن أبي داود المشئوم قد بدل عليك كلام ربك، اقرأ فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى، إلى قوله فاعبدني أيكون هذا الكلام مخلوقاً، فرماك الله بحجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هو من الظالمين ببعيد ثم كتب عنوانه من الخائف الذليل إلى المخالف لكلام ربه تعالى.

قال سالم بن عطية كتب بهلول إلى ابن أبي داود: أما بعد فإنك قد ميزت كلام الله من الله وزعمت أنه مخلوق فإن يك ما ذكرت باطلاً فرماك الله بقارعة من عنده، ويلك أكنت معه حين كلم موسى، فإن كنت راداً عليه فاقرأ: عليها غبرة ترهقها فترة أولئك هم الكفرة الفجرة ثم كتب عنوانه من الصادق المتواضع إلى الكاذب المتجبر.

قال عبد الرحمن الهاشمي لما ولي الخلعي على شرطة بغداد وكان يرى برأي ابن أبي داود كتب إليه بهلول: أما بعد فإن السماء بأكنافها ونور كواكبها وضياء شمسها وقمرها وصفوف ملائكتها والعرش والملائكة المقربين وافحجب المزدلفة بقدرة خالقها والنار وزبانيتها والجنة وسندسها والأرضين وجبالها والجبال وكهوفها والحيتان في بحارها والوحش في قفارها والجن في أقطارها والطير في أوكارها والسباع في وجارها والأشجار وثمارها يسبحون له في الغدو والآصال.
ولبهلول في الترقيق:
اضمر من اضمر حبي له ... فيشتكي اضمار اصمار
رق فلو مرّت به ذرة ... لخضبته بدم جاري
وله أيضاً في أرق منه:
اضمر أن يأخذ المراة لكي ... ينظر تمثاله فأدناها
فجاء وهم الضمير منه إلى ... وجنته في الهوى فأدماها
وله أيضاً:
شبهته قمراً إذ مر مبتسما ... فكاد يجرحه التشبيه أو كلما
ومر في خاطري تقبيل وجنته ... فسلبت فكري من عارضيه دما

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 07, 2018 11:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال محمد بن عبد الله بينا أنا في مسجد الكوفة يوم الجمعة والخطيب يخطب، إذ قام رجل به لمم وجنون فقال:
أيها الناس إن رسول الله إليكم جميعاً، فقام بهلول فقال:
" ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وقل ربّ زدني علماً " .

قال علي بن خالد بت ليلة على سور طرسوس فمر بهلول فلكزني برجله ثم أنشأ يقول:
يا طالب الحور ألا تستحي ... يحملك النوم على السور
وخاطب الحور طويل البكا ... مقيد الأعضاء محصور
لا يطعم الغمض وما إن له ... راحة جسم أو يرى الحور
في جنة زخرفها ذو العلى ... ينعم فيها كل محبور
قال فانتبهت فزعاً ولم أنم بعد ذلك في الحرس.

وسئل بهلول عن رجل مات وخلف ابناً وابنة وزوجة ولم يخلف من المال شيئاً كيف تكون القسمة، فقال للإبنة الثكل وللزوجة خراب البيت وما بقي من الهم فللعصبية !

قال محمد بن خالد الواسطي أنشدني بهلول يقول:
دع الحرص على الدنيا ... وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع من المال ... فما تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقسوم ... وسوء الظن لا ينفع
فقير كل ذي حرص ... غني كل من يقنع

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 12, 2018 11:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
عليان

قال عبد الملك بن أبجر لقيت عليان المجنون وكان اسمه عندي عليان فقلت له يا عليان فقال: لا إله إلا الله قل خيراً يا ابن أبجر ولد لأبي مولود قبلي فسماه محمداً ببركات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولدت فسماني علياً ببركات وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن صغرني فقد صغر وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طيبت به للتصغير بي فما طيبت بك يا ابن أبجر، فجعلت لا أسميه إلا علياً أو كنيته.

قال حفص بن غياث القاضي مررت في طاق السراجين فإذا عليان جالس، فلما جزته سمعته يقول من أراد سرور الدنيا وحزن الآخرة فليتمن ما هذا فيه فوالله لقد تمنيت لو كنت مت قبل أن ألي القضاء.

قال الحسن الكوفي قال رجل لعليان أجننت ؟ قال أما عن الغفلة فنعم وأما عن المعرفة فلا، قال كيف حالك مع المولى ؟ قال ما جفوته مذ عرفته، قال ومذ كم عرفته ؟ قال مذ جعل اسمي في المجانين !

قال السري مولى ثوبان أدركت بالكوفة مجنوناً يقال له عليان وكان يأوي إلى دكان طحان وكانت معه عصى لا تفارقه، وكان الصبيان قد علموا وقت مسيره إلى الدكان فيجتمعون ويعبثون به، فإذا بلغت أذيتهم منه قال للطحان قد حمي الوطيس وطاب اللقاء وأنا على بصيرة من أمري فما ترى ؟ فيقول شأنك، فيثب وهو يقول:
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... وأعرض عن ذكر العواقب جانباً
ثم يشد مئزره ويقول:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت باظهار
ثم يتناول العصا ويشد عليهم ويقول:
أشد على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها
والصبيان يهربون، فإذا أرهقهم طرح الصبيان أنفسهم وكشفوا عن عوراتهم، فيعرض عنهم بوجهه ويقول عورة المؤمن حمى لولا ذلك لتلف عمرو بن العاص يوم صفين والأخذ بكلام علي رضي الله عنه أولى بنا أمرنا أن لا نتبع مولياً ولا نذفف على جريح، ثم يرجع ويقول:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه ... خشاش كرأس الحية المتوقد
ثم يعود إلى دكان الطحان ويلقي عصاه ويتمثل:
وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 03, 2018 12:13 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال علي بن ظبيان مررت يوماً بالكوفة فلما صرت في سكك همدان إذا أنا بعليان المجنون وفي يده قصبة فارسية مثل القناة وفي رأسها كبة قطن وعليها خرقة، وإذا هو يشد على الصبيان، فإذا أدركهم قالوا القصاص يا علي، ثم يلقي القصبة من يده، فلما رأيته تهيبت أن أمر بين يديه، فقال لي مر يا علي فلست منهم فمررت فلما حاذيته قلت من نوقش في الحساب عذب قال كلا يا علي ربنا أكرم من ذلك فإنه إذا قدر عفا، قلت له من العاقل ؟ قال من حاسب نفسه وخاف ربه.

قال علي بن محمد الكناني كنت بمكة وعليان المجنون بها، وضربه الصبيان، وضربه بعض الفسقة بسكين فقطر منه الدم، فكنت أنظر إلى الدم يقطر على الأرض وبكيت له فبصرت ذلك في تسعة عشر موضعاً.

قال الإمام أبو يوسف القاضي رحمه الله كنت ماراً في طرقات الكوفة وإذا أنا بعليان المجنون فلما بصر بي سلم علي وقال لي أيها القاضي مسئلة قلت هات، قال أليس قال الله تعالى في كتابه العزيز " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " . قلت بلى قال أليس قال الله عز وجل: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " ، قلت بلى، قال فما نذير الكلاب، قلت لا أدري فأخبرني، قال لا والله لا أقول إلا بمن رقاق من شواء ونصف من فالوذج، فأمرت من جاء بها، ودخلت معه مسجداً فأكلها حتى أتى على آخرها، فقلت هات الجواب فأخرج من كمه حجراً وقال هذا نذير الكلاب ! وقال له بعض الناس يوماً يا مجنون، فقال مهلاً إنما المجنون من عرفه ثم عصاه.

قال عطاء السلمي مررت ذات يوم في بعض أزقة الكوفة فرأيت عليان المجنون واقفاً على طبيب يضحك منه ومالي عهد كان بضحكه، فقلت له ما أضحكك ؟ قال هذا السقيم العليل الذي يداوي غيره وهو مسقام، قلت فهل تعرف له دواء ينجيه مما هو فيه ؟ قال شربة ان شربها رجوت برأه، فقلت صفها، قال خذ ورق الفقر وعرق الصبر واهليلج التواضع وبليلج المعرفة وغار يقون الفكرة، فدقها دقاً ناعماً بهاون الندم واجعله في طنجير التقى، وصب عليه ماء الحياة وأوقد تحتها حطب المحبة حتى ترمي الزبد ثم أفرغها في جام الرضا وروحها بمروحة الحمد واجعلها في قدح الفكرة وذقها بملعقة الاستغفار، فلن تعود إلى المعصية أبداً.

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 13, 2018 11:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال ذو النون المصري : رأيت في منامي كأن قائلاً قال لي إن في دير هرقل حكيماً من الحكماء أفلا تقصده ؟ فقلت شأنك، قال أفلا اكترى لك حماراً أو بغلاً قلت لا، قال امش معي فإن الله سبحانه يقوينا على ذلك، وكان بيننا وبين الدير عشرون فرسخاً، فمشيت معه نتحدث، فأصبحنا ونحن على باب الدير كأنا لم نمش إلا يسيراً، فدخلنا الدير فسألنا عنه فقالوا لا نعرف إلا معتوهاً أو ممروراً أو مريضاً، قال ذو النون إنه وصف لنا ها هنا حكيم، قال صاحب الدير أيكما أحق بالحبس وشرب الدواء من هؤلاء ؟ ما يصنع الحكيم في دير هرقل ؟ قلنا فاذن لنا في النظر إليهم، قال شأنكما، فما من محبوس إلا تعرضنا له فما سمعنا ما دل على غرابة عقولهم حتى بلغنا إلى أقصى مقصورة فيها، فرأينا رجلاً مغلولاً مقيداً قد شد بسلسلة إلى حجر كبير، قال ذو النون فتعرضت له فقال قل خيراً تغنم أو اسكت تسلم، فسلمت عليه، فرد، فقلت له ما اسمك قال اسمي علي وأعرف بعليان الكوفي، قلت له أنت عليان الكوفي ؟ قال نعم، قلت فمن حبسك ها هنا ؟ قال الحب ينطق والحياء يسكت والحرق يقلق، فتغير لوني وارتعدت فرائصي
فقلت يا علي ما طيب العيش قال إذا قذف بك في عين الأنس فكلك معه، قلت يا علي فما بلغ بك ما أرى ؟ قال كنت عاقلاً ظريفاً وكان المدبر والسايس غيري وأنا منبوذ بين كنفه وعطفه فإن شاء عفا وإن شاء عاقب وإن شاء أبلى وإن شاء عافى وهو الفعال لما يريد، وان الطبيعة النقية يكفيها من العظمة اللمحة ومن الحكم الإشارة إليها، قلت فإن أسترشدك، قال إن كان همك طلب الدلالة فإن ذلك أمر لا نهاية له وإن كان همك وجوده فهو موجود في أول خطرة ولو احتملت الزيادة لزدناك
قال ذو النون فكنت رأيت كثيراً من العباد، فما هبت أحداً قط منهم كهيبته.

قال علي بن ظبيان: أتاني عليان ذات يوم وأنا في داري فقلت له: ما تشتهي ؟ قال: فالوذج فأمرت أهل الدار فاتخذوا له فالوذجاً وقدم إليه فأكله. ثم قال: يا علي ! هذا فالوذج العام. فهل لك في فالوذج العارفين ؟ قلت نعم. قال: خذ عسل الصفا، وسكر الوفا، وسمن الرضا، ونشا اليقين. ثم القها في طنجير التقى، ثم صب عليه ماء الخوف، وأوقد تحتها نار المحبة، ثم حركها باصطام العصمة، ثم اجعلها في جام الذكر، ثم روحها في مروحة الحمد حتى تبرد، ثم كلها بملعقة الاستغفار. فإنك إن فعلت ذلك ضمنت لك أن لا تعصي ربك أبداً.

قال زهير بن حرب: أمر الخليفة موسى الهادي باحضار بهلول وعليان فأحضرا. فلما دخلا عليه قال لعليان: ايش معنى عليان ؟ قال عليان: وايش معنى موسى اطبق ؟ فغضب الهادي وقال: خذوا برجل ابن الفاعلة. فالتفت عليان إلى بهلول وقال خذها إليك. كنا اثنين فصرنا ثلاثة.

يتبع
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 18, 2018 11:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قال أبو جعفر السباح: لقيت عليان يوم العيد على شدة شوقي إليه، وقصد مقبرة فلما توسطها رفع رأسه وقال:
اللهم بك صام الصائمون؛ ولك قام القائمون، وقربوا قربانهم، ودخلوا منازلهم، وأنسوا بأهاليهم. وقد قربت قرباني. فليت شعري ! ما صنعت بقرباني ؟ اللهم ! إني أصبحت لا منزل لي، ولا عندي طعام. فاجعل قرباني منك بالمغفرة. فلما رآني أرمقه؛ وثب هارباً على وجهه.

وقال أبو علي السيرافي: اشتقت إلى عليان لما كان بلغني عنه، ودخلت الكوفة في طلبه فقالوا:
هو في المقبرة، فدخلت المقبرة فلما رآني هرب، فدخل مسجداً ورد الباب، فدخلت عليه فإذا هو في صلاة. فلما فرغ أقبل على مناجاته فقال:
إليك توجه الطالبون وأرادوك، وإياك قصد المحبون واشتاقوك فآثروك.
فدنوت منه وقلت: أحب أن تجيبني. فقال: نعم فجئت إلى منزلي به وقلت ما تشتهي ؟ فقال: ما اشتهيت منذ أربعين سنة إلا المولى. قلت: الا اتخذ لك عصيدة جيدة ؟ قال هذا إليك. فاتخذت له عصيدة بالسكر ووضعت بين يديه. فقال: لا أُريد مثل هذا ولكني أُريد على الصفة التي أصفها لك، قلت صفها لي. قال:
خذ تمر الطاعات، واخرج منه نوى العجب، وخذ دقيق العبودية، وزعفران الرضا، وسمن النية، واجعل ذلك في طنجير التواضع، وصب عليه ماء الصفا، وأوقد تحتها نار الشوق، بحطب التوفيق، وحركه باصطام الحمد، واجعله على طبق الشكر، وضعه بين يدي. فمن أكل منه ثلاث لقمات كان شفاءً لصدره، وشفاءً لذنوبه، ثم قام ونفض ذيله
وأنشأ يقول:

أفلح الزاهدونا والعابدونا ... إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أقرحوا الأعين الغزيرة شوقاً ... فمضى ليلهم وهم ساجدونا
حيرتهم مخافة اللّه حتى ... زعم الناس إن فيهم جنونا

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 25, 2018 11:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
أبو الديك

قال عبد الله بن محمد الفقيه: أرسل إلي عمران بن إسحاق بن الصباح فأتيته، وإذا أبو الديك عنده، وكان حسن البديهة، جيد الجواب. فإذا هو يحلب ويشير إلى الحائط. كأنه تكلم شيئاً، وكان لا يعتريه إلا عند الجوع، فقال عمران: علي بالمائدة. ثم قال: هلم وقال: هذه التي قال الله تعالى في كتابه حكاية عن نبيه عليه السلام :
" ربنا أنزل علينا مائدة من السماء " قال لي: يا عبد الله ! هذه فطن العقلاء، وأذهان الحكماء. ثم أقبل على عمران وقال: أيها الأمير ! ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. فأنا مسكين يتيم أسير في حبس شيطان قد وكل بي، أعاذني الله منه. ثم أقبل على الطعام فإذا فتى ينشد شعراً:
إن الصنيعة لا تكون صنيعةً ... حتى يصاب بها طريق المصنع
فقال أبو الديك: كذب الشاعر لا يكون المعروف معروفاً حتى يصرف في أهله، وفي غير أهله، ولو كان لا يصرف إلا في أهله، كيف كان ينالني منه شيء. وأنا معتوه، وكنيتي أبو الديك.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 01, 2018 11:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
عبد الرحمن الأشعث

قال سيف بن سوار قاضي واسط: كان عبد الرحمن بن الأشعث الكوفي جاراً لنا، وكان جميلاً وسيماً من أمثل أهل زمانه، وكان يقدم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وكان أهله على غير ذلك ثم غلبت عليه المرة فأحرقته وطيرته وكان إذا خرج من بيته أولع به الصبيان يؤذونه ويقولون: يا ذحموية فلا يجيبهم. وإذا قيل له يا عبد الرحمن قال لبيتكم أنا عبد الرحمن. فرأيته يوماً والصبيان يرمونه بالحجارة فقلت له ارميهم وكفهم عنك قال لا أفعل يمنعني من ذلك خصلتان خوف الله عز وجل وأن أكون مثلهم.
فمر بي ذات يوم وأنا جالس أقرأ كتاب الصلوات لمحمد بن الحسن وكان أخي إلى جنبي وكان مكتوفاً أسن مني وكان أحد الصالحين فقلت يا عبد الرحمن لو جلست فسمعت. فقال وكيف يا ابن جابر إنما يصيد كل طائر قدره.
ثم قال يا ابن جابر لئن أعجبت بحالك عندها ولا الذين حولك ليعجبني أخوك هذا يوم القيامة بمكانه من الله إن شاء الله تعالى.
فبكى أخي حتى سقط على وجهه وهو واقف ينظر إليه. ثم قال يا ابن جابر لأني أنظر إلى استبشار الملائكة ببكائك. فغشي على أخي فحمل.
ثم قال يا سيف بن جابر اخزن لسانك، كما تخزن دراهمك. وإذا أعجبك الكلام فاصمت. قال: فقلت له اجلس وما أقول لك إلا لآنس بك.
قال: أقول يا ابن جابر ما قال نبيه أيوب عليه السلام رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فما بقي منا واحد إلا بكى ! فقال: ما يبكيكم ؟ أليس يكفي لي خيراً مما أخذ مني حبه وحب أنبيائه وصالح عباده وتقديم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثم ولى هارباً.

قال سيف بن جابر خرجت يوماً إلى الجبانة في جنازة فلما دفناها جعلت أدور في المقابر فإذا أنا بعبد الرحمن بن الأشعث جالس بين قبرين واضع خده على ركبتيه وهو يقول: شردتني في البلاد، وطيرتني في الجبانين، وآنستني في القبور. ثم قال: استغفر الله أما اني أعلم أنك مأمورة ولو عصيت الله سلط عليك من هو شر منك علي. قال فقلت يا عبد الرحمن من تكلم ؟ قال هذه المسلطة علي. قلت ومن هي ؟ قال المرة. قلت فلو دعوت الله سبحانه رجوت أن يذهبها عنك. قال يا ابن جابر ! ربما دعوت الله وربما سمع. وهو الفعال لما يشاء فإما دعائي فاستغاثة بالله وإما إمساكي فتسليم لأمر الله ورضى بقضائه. قلت أفلا أجلس معك أُؤنسك ؟ قال لي لا. قد جعل الله تعالى أُنسي في الوحدة. كما جعل أُنسك في حلق الفقه.
ثم قال يا سيف ابن سوار ! أليس يروى أن مورقاً العجلي قال أني لأسأل الله تعالى حاجة منذ عشرين سنة، ما أُعطيتها، وما يئست منها. قلت بلى. قال لي وهو مغضب بارفع صوته يا سيف والله لو قطعني جذاماً وبرصاً لعلمت إن ذلك له وإنه الحكم العدل يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 07, 2018 11:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
فليت

قال محمد بن عبد الرحمن الكوفي كان لنا جار يقال له فليت وكان معتوهاً. وكانت له خالة وهي عجوز كبيرة قد أدركت عجائز الحي. فكنت أتحدث عندها وكان لها عقل ودين فكنت عندها ذات يوم، إذ دخل فليت فقلت له يا فليت:
أيسرك أنك أمير المؤمنين ؟ فقال لا فقلت ولم ؟ قال :
يثقل ظهري، ويكبر همي، وتنسيني النعم ذكر ربي. قلت :
وفي الأرض عاقل لا يتمنى إنه خليفة ! قال وفي الأرض عاقل يتمنى أنه خليفة.

قال محمد بن ثابت لقيت فليتاً فقلت له ما تشتهي ؟ قال عصيدة فجئته بها وأدخلته بعض المساجد فأكل حتى أتى على آخرها فظننت إن به جوعاً فقلت أتحتاج الزيادة ؟ فقال :
لا يا أخي هذا زادي إلى عشرة أيام.

قال عمرو العسكري رأيت فليتاً يوماً والصبيان يرمونه بالحجارة وهو يقول فلمن صبر وغفران ذلك من عزم الأمور.

قال ومر بي يوماً فقال لي كم بقي من الشهر ؟ فقلت ثلاثة أيام. قال واويلاه ! انقضى الشهر ولم أتزود فيه لمعادي.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عقلاء المجانين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 13, 2018 12:00 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
قديس البصري

قال رجل من الأنصار لقديس البصري وكان موسوساً ذاهب العقل:
يا قديس الا تعدو من الصباح إلى الرواح أيوجعك جسدك إذا جاء الليل ؟ فقال:
إذا الليل البسني ثوبه ... ثقلت فيؤنسني الموجع
رأيت التصبر ستر الهوى ... إذا اشتملت قوة الأضلع
وكيف يطيق فتى كتمه ... وأجفانه أبداً تدمع
فقلت أسألك عما يشتكي جسدك، فتنشدني الشعر. فقال:
يا ابن الفاعلة ! قد أجبتك. فقلت: لا تسبني وأنا سيد من سادات الأنصار ؟ ثم قال.
وإن لقوم سوّدوك لحاجة ... إلى سيد لا يظفرون بسيد

قال صالح السري: قدم علينا محمد بن السماك العابد فقال: اروني عبادكم ؟
فذهبت به إلى قديس وقرأت إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون فشهق شهقةً وخر مغشياً عليه فخرجنا من عنده وتركناه على هذا الحال.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 196 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8 ... 14  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 65 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط