موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 65 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 27, 2015 4:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

ثانى طفل أسلم

زيد بن حارثة بن شرحبيل خرجت به أمه وهو ابن ثمانية أعوام فى زيارة لأهلها فأصابته خيل من بنى القين بن جسر فاختطفوه فباعوه بسوق(حباشة)أحد أسواق العرب بالشام وكان الذى اشتراه حكيم بن حزام بن خويلد وقدم به من الشام مع رقيق آخرين فدخلت عليه عمته السيدة خديجة بنت خويلد وهى يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها:اختارى ياعمَّة أىَّ هؤلاء الغلمان شئت فهو لك فاخترت زيداً فأخذته،فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها فاستوهبه منها فوهبته فاعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه،وذلك قبل أن يوحى إليه.
وعادت أم زيدإلى منزل زوجها وعلم أبو زيد أن ابنه قد فقد،فجزع عليه جزعاً شديداً وبكى عليه حين فقده فقال:

بكـــيت على زيد ولم أدر ما فَعلْ***** أحىُّ فيرجَــى أم أتــــى دونه الأجــل
فـوالله مـا أدرى وإنـــى لـســائل *****أغــــك(1) بعدى الـسهـل أم غالـك الجبـل
وياليت شعرى هل لك الدهرَ أوبه(2)*****فحسبى من الـدينار جـوعك لــــى بَحَــلْ(3)
تـذكرى نيـه الشمـس عنــد طـلوعها*****وتــعرض ذاكــــــره إذا غربـــها أفـــل(4)
وإن هـبـت الأرواح(5)هيَّـجـن ذكـره*****فيا طـول مـا حـزنى علـيـه ومـا وجــل(6)
سأعمل نص(7)العيـس فى الأرض جاهـداً*****ولا أسأم التـــطواف أو تســـــــــــــأم الإبـــل
حـيــاتـى أو تـأتـى عـلىَّ منــيـتـى*****فـكـل امرىءٍ فـانٍ وإن غـرَّه الأمــل

(1)أهلك.--(2)رجعه.--(3)بمعنى حسب.—(4)الأفول غياب الشمس.—(5)جمع ريح.—(6)خوف.—(7)أرفع المسير.
فلما بلغ زيداً قول أبيه قال:

أحـــنُّ إلى أهلى وإن كنت نائيا*****بـأنـى قعيد الـبـيـت عند الـمشـاعـر
فكفـوا مـن الوجـد الـذى قد شجاكم*****ولاتـعلـمـوا فـى الأرض نـص الأباعـر
فـإنـى بحـمــد الله فـى خـيـر أســرة*****كــــرام مَـعَـدًّ، كابــراً بــعــد كـابـر


فبلغ أباه فجاء هو وعمُّه كعب حتى وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة،وذلك قبل الإسلام فقالا له:يابن عبدالمطلب يابن سيد قومه،أنتم جيران بيت الله وتفكون العانى وتطعمون الجائع وقد جئتك فى ابننا عبدك فتحسن إلينا فى فدائه صلى الله عليه وسلم:أوغيرك ذلك؟فقالا:وماهو؟فقال صلى الله عليه وسلم:أدعوه وأخيَّره فإن اختاركما فذاك،وإن اختارنا فوالله ماأنا بالذى أَخْتارُ على من اختارنى أحداً فقالا له:قد زدت على النَصَف فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء قال:من هذان؟فقال زيد:هذا أبى حارثة بن حرشبيل وهذا عمى كعب بن حرشبيل فقال صلى الله عليه وسلم:قد خيّضرتك إن شئت ذهبت معهما وإن شئت أقمت معى،فقال زيد:بل أقيم معك فقال له أبوه:يازيد أتختار العبودية على أبيك وأمك وبلدك وقومك؟فقال زيد:إنى قد رأيت من هذا الرجل شيئا وما أنا بالذى أفارقه أبدا،فعند ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد زيد وقام به إلى الملأ من قريش فقال:اشهدوا أن هذا ابنى وارثاو موروثا،فطابت نفس أبيه عند ذلك ولم يزل زيد عند رسول الله حتى بعثه الله فصدقه وأسلم وكان يدعى زيد بن محمد حتى انزل الله تعالى((ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله))فقال زيد:أنا زيد بن حارثة.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 27, 2015 4:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

فى دار الأرقَم

هذه الدار تسير فى النفس ذكرى من أروع الذكريات فى حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.فقد كان يجلس فى هذه الدار يوماً مع أصحابه،والإسلام لايزال فى أول عهده،وقريش ماتزال تحاول القضاء عليه وكان سيدناعمر بن الخطاب على الجاهلية إلى يومئذ ولقد فكَّر فى أن يريح قريشا من هذا الذى سبَّ آلهتها وفرَّق أمرها بأن يذهب إليه فيقتله،ولقى فى طريق نعيم بن عبدالله وأظهره على طويته،قال له نعيم:والله لقد غرتك نفسك من نفسك ياعمر،أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأوض وقد قتلت محمداً؟أفلا ترجع إلى أهل بيتك وتقيم أمرهم؟وكانت فاطمة أخت سيدنا عمر وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما.وكرَّ عمر راجعاً إليهما حين عرف من نعيم أمرهما.ودخل البيت عليهما وعندهما من يقرأ القرآن فلما أحس أهل الدار دنوَّه اختفى القارىء وأخفت فاطمة مايقرأ،وسأل سيدنا عمر:ماهذه الهينمة التى سمعت،لقد علمت أنكما قد تبعتما محمداً على دينه؟وبطش بسعيد فقامت فاطمة تحمى زوجها فصدمها فشجها.إذ ذاك هاج هائج الزوجين وصاحابه:نعم أسلمنا فأقض ماأنت قاض.واضطرب سيدنا عمر حين رأى مابأخته من الدم وغلبه بره وعطفه فارعوى وسأل أخته أن تعطيه الصحيفة التى كانوا يقرءون،فلما قرأها اهتز وأخذه إعجازها وجلالها وسمو الدعوة التى تدعو إليها وخرج يريد محمداً كى يعلن إليه إسلامه وسار متوحشاً سيفه حتى إذا بلغ دار الأرقم ضرب الباب على من فيه وقام رجل فنظر من خلل الباب ثم عاد فزعاً يقول:هذا عمر بن الخطاب متوحشا السيف.قال حمزة بن عبدالمطلب فأذن له،فإن كان خيراً بذلنا له وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه،وأمر رسول الله أن يؤذن لعمر وقام فتقدم نحو الحجرة التى تلى الباب،ولما دخل سيدنا عمر أخذ النبى بجمع ردائه وجذبه بقوة وقال له.((ماجاء بك يابن الخطاب؟فوالله ماأرى أن تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة))قال سيدنا عمر:يارسول الله جئتك لأوم بالله ورسوله وماجاء من عند الله،فكبَّر سيدنا محمد تكبيرة عرف أهل البيت من أصحابه أن عمر أسلم فتفرقوا من مكانهم فرحين مؤمنين بأن عمر وحمزة سيحميان رسول الله من خصومه وأذاهم.
وفت إسلام عمر فى عضد قريش وقد دخل فى دين الله بالحمية التى كان يحاربه من قبل بها لم يرض عن إختفاء المسلمين حين صلاتهم بل دأب على نضال قريش حتى صلَّى عند الكعبة وصلَّى المسلمون معه ثم كان عمر بعدُ عزاً للاسلام فى حياة الرسول ومجداً فى خلافة أبى بكر وخلافته.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 27, 2015 4:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

فى الطائف

ليس يستطيع الباحث فى سيرة النبى العربى أن يمرَّ بالطائف دون أن يقف عندها.
فمنازل بنى سعد الذين استرضع النبى فيهم قريبة من الطائف بل هى من باديتها،وإذا لم يكن يسيراً أن يقطع الإنسان بأن حليمة السعدية ظئر النبى مرَّت بالطائف فى ذهابها إلى مكة أو فى عودتها منها،فإن طبيعة الطائف وباديتها الخصبة الكثيرة الأودية والجبال قد كانت أول ماوقعت عليه عينا سيدنا محمد الطفل المتروع فى هذه البيئة البدوية،الناعم بهوائها وبين اهلها ذوى النفوس الحرة الطليقة من كل قيد.ولما بعث النبى وقضى ماقضى من السنين بمكة فلم تثمر دعوته الثمرة التى تهىء له التغلب على ضلال قومه كانت الطائف فى مقدمة البلاد التى اتجه نظره للامتناع بها وببأس أهلها وإن كانوا لم يسمعوا له وإن كانوا أشدَّ حرصاً غلى عبادة اللات منهم على اتباع هذا الذى جاء يصرفهم عن دينهم كما حاول أن يصرف أكابر قومه عن دينهم لكن سيدنا محمد فكّر فى أمرهم وذهب وحيداً إليهم وعرّض نفسه لما تعرَّض له منهم وهو لايملك فى وحدته دفاعاً كل ذلك يدل على أنه رآهم أرجح عقلا وأدنى إجابة إلى الحق من غيرهم فأمّا ماكان من صدهم إياه ومن إيذاء صبيانهم به ثم ماكان بعد ذلك بينه وبين عدَّاس النصرانى فتلك آية الله على أن الحق فى حاجة إلى صلابة النفس وقوة فى الخلق لينتصر فإذا دعا إليه القوى الأمين الذى يخلص من الدعوة تمّ له النصر ولو بعد حين.
ذهب سيدنا محمد يومئذ إلى الطائف وحيداً بعد أن تولاه اليأس من قومه لما اشتهر عن الطائف وأهلها من رجاحة الحكم وسعة الصدر وقوة البيان،وجعل يصعد الجبال وينحدر غلى السهول ثم يصعد ثم ينحدر حتى إذا بلغ القوم فى ديارهم قصد إلى دار أبناء عمرو بن عمير بن عوف الثقفى وهم يومئذ سادات قومهم.أولئك عبدياليل وسعود وحبيب وجلس إليهم يحدثهم عن رسالته ويدعوهم إلى القيام معه على من خالفه من قومه ويعدهم النصر والجنة،ولكنهم كانوا كغيرهم من أهل شبه الجزيرة يريدون العاجلة ويجدون فى أصنامهم الوسيلة إلى ربهم،ثم كانوا يرون محالفته على قريش أمراً قليل النفع مخشى الضرر ولا سيما أن الخلاف يتصل بعبادة الاصنام على حين لم تنازعهم قريش عبادة اللات ولا نازعتهم قدسية بيتها كما أنها لم ينازعوها حرمة البيت وأصنامه.جال هذا كله بخاطر القوم وسيدنا محمد يحدثهم فلم يجدوا لمجادلته موضعاً،بل أنكروا عليه رسالته فى غلظة وفظاظة.قال أحدهم:((هو يمرط ثياب الكعبة إن كان أرسلك))وقال الثانى:((ماوجد الله أحداً يرسله غيرك)) ورأى الثالث مافى هاتين العبارتين من قسوة فلجأ إلى الهتكم وقال:والله لا أكلمك أبداً إن كنت رسولاً من الله كما تقول فأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك وإن كنت تكذب على الله فما ينبغى أن أكلمك.
حزن النبى لما سمع منهم وأيقن أنه ملاق من سائر ثقيف مثل ردَّهم لقد كان يطمع فى معونتهم لحكمتهم وسيادتهم ونزول قومهم على حكمهم أما وذلك جوابهم فلاخير فى التحدث إلى غيرهم.لكن قريشا بمكة لن يفوتها أن تسمع بما أصابه إذا تناقل أهل الطائف روايته فيزداد سيدنا محمد على محدثية الثلاثة أن يكتموا مادار بينه وبينهم حتى لاتصيبه قريش بأذى.
أمَّا عبدياليل وأخواه فخافوا مغبة الكتمان ومايمكن أن تؤول به زيارة سيدنا محمد إياهم فلم يسمعوا له بل أغروا به سفهاءهم حين خرج من عندهم وتعقبه السفهاء يقذفونه بالحجارة فالتجأ منهم إلى حائط لشيبة وعتبة ابنى ربيعة وجلس إلى السماء يشكو إلى ربه سوء ماحل به.ورآه ابنا ربيعة ورأيا ضراعته وماهو فيه من سوء الحال وبعثا إليه مع غلامهما عدَّاس النصرانى بقطف من عنب يروى به ظمأه ويرفه به عن نفسه ومدَّ النبى يده إلى العنب وقال:باسم الله ثم أكل،ودهش عدَّاس لما رأى،وسأل سيدنا محمد عن شأنه فلما علم أنه نبى أقبل عليه يقبل رأسه ويديه.وحذر صاحبا الكَرْم غلامهما أن يؤمن به فنصرانية عدَّاس خير عندهما من هذا الذى يدعو سيدنا محمد إليه.
وانصرف سيدنا محمد عن الطائف كسير الخاطر وعاد يصعَّد فى الجبال وينحدر فى السهول ثم يصعد ثم ينحدر حتى بلغ مكة فإذا الأنباء سبقته إليها وإذا قريش تستقبله بالسخرية وناله هو وأصحابه من الأذى أكثر مما نالتهم به من قبل.
ولو أن محمداً كان رجلا كالرجال لفتَّ ماصنع أهل الطائف فى عَضُده ولآثر السلامة بين قومه فعاد إليهم وانضوى تحت لوائهم لكنه أقام يدعو إلى هذا الحق الذى لم تأبه له ثقيف،قوية بالحق نفسه عامراً بالله قلبه حتى نصر الله هذا الحق بعد حين،فعاد سيدنا محمد بعد عشر سنوات أخرى إلى الطائف قويا بلواء هذا الحق الذى أظل بلاد العرب كلها فتحصن أهلها منه ولم يذعنوا لدعوته كرة أخرى،لكنهم مالبثوا حين رأوا أن لاملجأ من الحق إلا إليه أن بعثوا إلى سيدنا محمد من تلقاء أنفسهم يلتمسون الأنضواء إلى دينه والأخذ بناصره.أوليس عجيبا أن يأتى النَّاس الحق إذا دعوا إليه بالحسنى وأن يحاربوا الرسول الذى يدعوهم إليه فإذا تولى عنهم ورأوا أن لاقبل لهم باعتزال الحق بعد أن آمن الناس به أقبلوا طائعين يلتمسون رضوان من سخروا منه من قبل؟
لقد أغروا به سفهاءهم ثم حاربوه ومنعوا من وطنهم فلقد تحصنت الطائف من المسلمين بعد انتصارهم فى حنين فلم يستطيعوا فلم يستطيعوا فتحها وانصرفوا عنها.ثم بعثت هذه الطائف سادات ثقيف يعلنون إلى محمد إسلامهم ويكلون إليه أن يبعث معهم من يفقهم فى الدين ويرشدهم إلى عظمة الحق فيه.هذه آية خالدة على الزمن تشهد بأن للحق لامحالة النصر آخر الأمر مااستمسك به صاحبه عن إيمان ويقين وبأن النفس الإنسانية تهفو إلى الحق ما اطمأنت إلى اقتناع الداعى إليه وإلى إيمانه به.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 27, 2015 5:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

صوت من السماء

كان يوم أُحد يوماً شديداً على المسلمين.انتصروا فى أوله،وهزموا فى آخره،وأشاع الكذَّابون أن سيدنا محمد قد مات فهزم المسلمون شرَّ هزيمة ولَّما ظهر النبى صلى الله عليه وسلم لم يقتل أطمأن المسلمون،واستجمعوا قوَّتهم،ولكن كان العدو قد نا منهم تقتيلاً وتشريداً.
وتجلس السيدة عائشة زوج النبى معه ذات يوم فتقول له:
هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أُحد؟
الرسول:(لقد لقيت من قومك مالقيت،لقد لقيت منهم أشياء كثيرة،وكان أشد مالقيت منهم يوم العقبة) فماذا حدث يوم العقبة؟
كان ذلك فى شوال من السنة العاشرة بعد البعثة بعد موت أبى طالب عم الرسول الذى كان يدافع عنه،والسيدة خديجة زوجته التى كانت تسليه على إيذاء قريش فقد توجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف رجاء أن يؤوه فعمد إلى ثلاثة نفر من ثقيف وهم سادتهم وهم إخوة:عبدياليل.وحبيب.ومسعود.وكلهم بنو عمرو بن عمير وكان عند أحدهم امرأة من قريش من بنى جمح فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له فقد جاءهم ليعينوه على نشر الدعوة الإسلامية،ومناصرته على المخالفين من قريش والعرب فقال أحدهم:أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟وقال ثان والله لاأكلمك ابداً لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك السلام،ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغى لى أن أكلمك.
قال الثالث::نحنةنؤيدك إن كان الله قد أرسلك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يئس من نصر ثقيف ولكنه طلب منهم أن يكتموا خبر ذهابه إليهم حتى لاتعلم به قريش فيمعنون فى إيذائه يقول صلى الله عليه وسلم:((فانطلقت وأنا مهموم على وجهى))ولم تكتف ثقيف بردها وإنما أرسلت فى أثر النبى سفهاءها وعبيدها يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى بستان لعتبه بن ربيعه وأخيه شيبه وكانا حينئذ فى البستان.ثم رجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه فعمد إلى شجرة عنب فجلس تحت ظلها،وابنا ربيعة ينظران إليه،ويريان مالقى من سفهاء أهل الطائف.وقد لقى صلى الله عليه وسلم المرأة التى من بنى جمح فقال لها:ماذا لقينا من أحمائك؟
فلما أطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء وقال:اللهم إليك أشكو ضعف قوَّتى وقلة حيلتى،وهوانى على الناس ياأرحم الراحمين،أنت ربُّ المستضعفين،وأنت ربى،إلى من تكَلُنى،إلى بعيد يتهجمنى؟أم إلى عدو ملّكتَه أمرى؟إن لم يكن بك علىَّ غضب فلاأبالى،ولكن عافيتَك هى أوسع لى،أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات،وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بى غضبك أو يحلَّ علىَّ سخطك،لك العُتْىَ حتى ترضى ولاحول ولاقوة إلا بك)).
فلما رآه ابنا ربيعة:عتبة وشيبة وما لقى من السفهاء تحركت فى نفسيهما الحميَّةُ فَدَعَوَا غلاماً لهما نصرانيا يقال له عدَّاس فقالا له:خذ قطفا من هذا العنب فضعه فى هذا الطبق،ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه،ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَده فيه قال:باسم الله،ثم أكل فنظر عداس فى وجهه ثم قال:والله إن هذا الكلام مايقوله أهل هذه البلاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:من أىَّ البلاد أنت ياعدَّاس؟ومادينك؟
قال عداس:نصرانى،وأنا رجل من أهل نينوى،فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم:من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟فقال له عدَّاس:ومايدريك مايونس بن متى؟فقال صلى الله عليه وسلم:ذاك أخاك،كان نبيا وأنا نبى فأقبل عدَّاس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه،ورأى ابنا ربيعة ما فعل عدَّاس فقال أحدهما لصاحبه:إن محمداً قد أفسد غلامك عليك.فلما جاءهم عدَّاس قالا لا:ويلك ياعدَّاس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟قال:ياسيدى.مافى الأرض شىء خير من هذا لقد أخبرنى بأمر ما يعلمه إلا نبى،فقالا له:ويحك ياعدَّاس،لايصرفنك عن دينك فأنّ دينكَ خير من دينه،ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بقرن الثعالب((مكان بين مكة والطائف))فرفع رأسه إلى السماء.يقول صلى الله عليه وسلم:((فإذا أنا بسحابة قد اظلتنى فنظرتُ فإذا فيها سيدنا جبريل فنادانى فقال:إن الله قد سمع قول قومك لك وماردوا به عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.
ثم تقدم ملك الجبال فقال:السلام عليك يارسول الله،أنا طوع أمرك فأمر بما شئت،إن شئت أن أطبق عليهم جبلَىْ مكة:أبوقبيس وقعيقعات فعلت ماتأمرنى به صلى الله عليه وسلم:لاتفعل((بل أرجو أن يُخْرِج الله من أصلابهم من يغبد الله وحده لاشريك به شيئا)).
وتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيره حتى إذا كان بنخلة((واد بين مكة والطائف))قام من جوف الليل يصلى فمرَّ به نفر من الجن فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته انصرفوا إلى قومهم منذرين،قد آمنوا وأجابوا إلى ماسمعوا،وفى ذلك نزل قوله تعالى:(( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2).....الخ))أرأيت كيف عوض الله نبيهَّ عن إيمان أهل ثقيف؟.
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 30, 2015 12:22 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

النذير العريان

عاش صلى الله عليه وسلم حياته كلها يبذل قصارى جهده ليجمع الناس يحت راية الحق وفى ظلال الحق والإسلام لينعموا برضوان الله ويسعدوا،فمن استجاب له عاش عيشة طيبة وأجره عند الله ومن لم يستجب فعلى نفسه جنى.
ولقد كان رسول الله فى حياته رائدا أمينا مخلصا لقومه رأى جيش عدوَّهم يتربص بهم ويتحين الفرصة للانقضاض عليهم ليمزَّقهم شرَّ ممزَّق،وقد سنحت له الفرصة وتأهب ليضرب ضربته القاضية على حين غِرّة وعلم الرائد الأمين بذلك فماذا يصنع؟
لايمكنه أن يُبلَّغ الخبر بالطرق العادية لأن الغارة فجأت قومه،ولايمكنه أن يسكت لأن قومه أحباء لديه،أعزاء عنده،فليكن إذاً النذير العريان،فهل ترى من النذير العريان؟
كان من عادة العرب أن الرجل إذا رأى الغارة فاجأتهم وأراد إنذار قومه تعرى من ثيابه وأشار بها ليعلمهم أن قد فجأهم أمر،وهكذا خرج النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم فنادى ثلاث مرَّات.
((أيها الناس،مثلى ومثلكم مثل قوم خافوا عدواً أن يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم،فبينما هم كذلك إذ أبصر العدو فأقبل لينذر قومه فخشى أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثيابه(ثم قال:أيها الناس-ثلاث مرات)وما دمتم قد أتيتم فاطلبو النجباء وأسرعوا الهرب فإنكم لاتطيقون مقاومة ذلك الجيش فأطاعت النذير العريان طائفة فساروا سيراً لامشقة فيه ولا إزعاج معه فنجوا من الهلاك)).
وطائفة أخرى كذَّبت النذير العريان فصبَّحهم الجيش وطرقهم بغتة فاجتاحهم وأهلكهم.
فالرسول عليه الصلاةو السلام بأنذاره قومه ليخرجهم من الظلمات إلى النور كالنذير العريان،ومن أطاعه من أمته هم الناجحون من الهلاك،الفائزون بالسعادة الأبدية أما من عصاه وكذبه فهو هم الأخسرون أعمالا الذين يحسبون أنهم يحسنون صُنعا.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 30, 2015 10:30 am 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:06 pm
مشاركات: 1936
msobieh كتب:

قل : آمين

اللهم حقق وبارك وعظم في دعاء الأحباب

وصل اللهم على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا


الله آمين آمين آمين يارب العالمين

_________________
اللهم افردنى لما خلقتنى له
ولا تشغلنى بما تكفلت لى به
ولا تحرمنى وأنا أسألك
ولا تعذبنى وأنا أستغفرك


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 30, 2015 10:38 am 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:06 pm
مشاركات: 1936
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخى الحبيب الفاضل / محمد نور

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير

أنار الله طريقك وشتت بك ظلمات وشبهات وقواطع وعوائق

اللهم آمين

_________________
اللهم افردنى لما خلقتنى له
ولا تشغلنى بما تكفلت لى به
ولا تحرمنى وأنا أسألك
ولا تعذبنى وأنا أستغفرك


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة.
جزاك الله كل خير أخى
الفاضل:نورالدين.
وتقبل منك دعائك ومن جميع الأحباب آمين.
وشكراً على مرورِكم الطيب الكريم.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

إسلام أبى ذر

قال أبو ذر:كنت رجلا من غِفار فبلغنا أن رجلا قد خرج من مكة يزعم أنه نبى،فقلت لأخى:انطلق هذا الرجل كلَّمه وائتنى بخبره فانطلق إلى مكة ولقى الرسول صلى الله عليه وسلم وكلمه ثمَّ رجع فقال أبوذر لأخيع:ماعندك؟
أنيس:والله رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر.
أبوذر:لم تشفنى من الخبر.
يقول أبو ذر:فأخذت حقيبة من الجلد فيها طعام وأخذت معى أيضا عصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لاأعرف محمداً وأكره أن أسأل عنه وعشت فى مكة أرب من ماء زمزم وأذهب إلى المسجد وذات يوم مرَّ بى علىُّ بن أبى طالب:كأن الرجل غريب.
أبو ذر:نعم
سيدنا على:انطلق معى إلى المنزل.
قال أبو ذر فانطلقت معه لايسألنى عن شىء ولا أخبره خشية أن يكون من أعداء النبى.
وقضى علىٌّ حق الضيافة ومرَّت ليلة،فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عن الرسول ولي سأحد أحد يخبرنى بشىء فمرَّ على بن أبى طالب فقال:أما نال للرجا أن يعرف منزله بعد؟
أبو ذر:لا
سيدنا على:انطلق معى.
وانطلق أبو ذر مع على فقال له علىٌّ:ماأمرك؟وماأقدمك هذه البلد؟
أبو ذر:إن كتمت علىَّ أخبرتك
سيدنا على:فإنى أفعل
أبو ذر:بلغنا أنه قد خرج هاهنا رجل يزعم أنه نبى،فأرسلت أخى ليكلمه فرجع ولم يشفينى من لخبر فأردت أنْ ألقاه.
سيدنا على:أما إنك قد رشدت وهديت إلى الصواب.هاأنا ذاهب إليه الآن فاتبعنى.أدخل حيث أدخل فإنى رأيت أحداً أخافة عليك قمت إلى الحائط كأنى أصلح نعلى وأمض أنت،فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبى صلى الله عليه وسلم فقلت له:أعْرِض علىَّ الإسلام،فعرضه،فأسلمت مكانى فقال لى الرسول ياأبا ذر:اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل،فقال أبو ذر:والذى بعثك بالحق لأرفعن صوتى بكلمة التوحيد فى وسط المجتمع القرشى،فذهب أبو ذر إلى المسجد وقريش فيه فقال:
يامعشر قريش:إنى أشهد أن لا إله إالا الله وأن محمداً عبده ورسوله،فقال القرشيون:قوموا إلى هذا الذى رجع عن دين آبائه وأجداده إلى دين آخر،فضربت لأموت فأدركنى العباس فرمى نفسه علىَّ،ليمنعهم من ضربى ثم أقبل عليهم فقال:ويلكم تقتلون رجلاً من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عنى فلما أن أصبحت الغد رجعت نقلت مثل ماقلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابىء فصنعوا بى مثل ماصنعوا بالأمس وأدركنى العباس فأكبَّ علىَّ وقال مثل ماقاله بالأمس.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

أرضى بجوار الله

حين ضاقت مكة على سيدنا أبى بكر وأصابه فيها الأذى ورأى من تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مارأى.استأذن رسول الله فى الهجرة فأذن له فخرج سيدنا أبو بكر مهاجراً حتلى إذا خرج من مكة لقيه ابن الدُّغُّنَّة((وهو سيد الأحباش وهم بنو الحارث بن عبدمناف بن كنانة والهون بن خزيمة ابن مدركة،وبنو المصطلق من خزاعة وكانوا قد تحالفوا بواد يقال له الأحبش بأسفل مكة)).
ابن الدغنة:أين أنت ياأبا بكر؟
سيدنا أبو بكر:أخرجنى قومى وآذونى وضيَّقوا علىَّ؟
ابن الدغنة:ولم،فوالله إنك لتزين العشيرة وتعين على النوائب،وتفعل المعروف،وتكسب المعدوم.ارجع فأنت فى جوارى.
فرجع معه إلى مكة،فطاف ابن الدغنة عشية فى أشراف قريش فقال لهم:إن أبا بكر لايَحرج مثله ولايُخرج.أتخرجون رجلا يكسب المعدوم،ويصل الرحم،ويحمل الكَلَّ،ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق؟
يامعشر قريش:إنى قد أجرت ابن أبى قحافة فلا يعرض له أحد إلا بخير.
ولم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة ولكنهم قالوا له:مرْ أبا بكر فليعبد ربه فى داره،فليصل فيها وليقرأ ماشاء،ولايؤذينا بذلك،ويستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا.
فقال ذلك ابن الدغنة لسيدنا لأبى بكر،فلبث سيدنا أبوبكر بذلك يعبد ربه فى داره،ولايستعلن بصلاته،ولايقرأ فى غير داره.
ثم بدا لسيدنا أبابكر فابتنى مسجداً بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن،وكان سيدنا أبوبكر رجلا رقيقاً إذا قرأ القرآن استبكى.
وكان الصبيان والعبيد والنساء يمرون على دار سيدنا أبابكر فيسمعون صوته وينظرون إليه ويعجبون منه.
وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له: إنَّا كنَّا أجَرْنا أبابكر بجوارك على أن يعبد ربهَّ فى داره،فقد جاوز ذلك فابتنى مسجداً بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه،وإنَّا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا،ياابن الدغنة إنك لم تُجِرْ هذا الرجل ليؤذينا.إنه رجل إذا صلى وقرأ ماجاء به محمد يرق ويبكى،فنحن نتخوف على صبياننا ونساءنا وضعافنا أن يفتنهم،فَمُرْهُ أن يدخل بيته فليصنع فيه ماشاء فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعل،وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك،ولسنا مقرين لأبى بكر الأستعلان.
فمشى ابن الدغنة إلى سيدنا أبى بكر فقال له:
ياأبا بكر إنى لم أُجِرْك لتؤذى قومك،إنهم قد كرهوا مكانك الذى أنت فيه وتأذوا بذلك منك فادخل بيتك فصنع فيه ماأحببت فقال سيدنا أبوبكر:أو أردُّ عليك جوارك أوْ أرد جوار الله؟
ابن الداغنة.فأردد علىَّ جوارى.
سيدنا أبوبكر:قد رددته عليك ورضيت بجوار الله عزَّ وجل.
رجع ابن الدغنة إلى قريش فقال لهم:يامعشر قريش إن ابن ابى قحافة قد ردَّ علىَّ جوارى فشأنكم بصاحبكم.
خرج سيدنا ابوبكر ذات يوم يقصد الكعبة فلقيه سفيه من سفهاء قريش فحثا على رأسه تراباً وفى هذه الأثناء مر الوليد ابن المغيرة على سيدنا أبى بكر فقال سيدنا أبوبكر له:ألا ترى مايصنع هذا السفيه؟
الوليد:أنت فعلت ذلك بنفسك
سيدنا أبوبكر:أى ربَّ ماأحلمك! أى ربَّ ماأحلمك! أى ربَّ ماأحلمك!،ولَّما على النبى بذلك قال للمسلمين:انى أريِتُ هجرتكم ذات نَخل وحجارو سود،فهاجر من هاجر ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة:وتجهز سيدنا أوبكر ليهاجِرَ،فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:على رِسْلِكَ.فإنى ان يؤذن لى.
سيدنا أبوبكر:وهل ترجو ذلك بأبى أنت وأمى؟
سيدنا رسول الله:نعم.
فحبس سيدنا أبومبكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعد لذلك راحلتين كانتا عنده.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

سلمان الفارسى

رجل فارسىّ من أهل أصبهان من قرية يقال لها((جَىّ))وكان أبوه شيخ القرية عارفاً بالفلاحة ويلجأ النَّاس إليه فى شئون الزراعة،وكان سلمان أحبَّ خلق الله إليه وبلغ من حب والد سلمان له أن حبسه فى بيته كما تحبس البنت،وتديّنَ سلمان بالمجوسية واجتهد فى تدينه حتى كان خادم النار الذى يمنعها أن تخبو ساعة لأن قومه كانت تعظَّم النَّار.
وكان لوالد سلمان ضيعة عظيمة فشغل فى بنيان له يوماً فقال لسلمان:يابنى،إنى قد شغلت فى بنيانى هذا اليوم عن ضيعتى فاذهب إليها وتعرف أخبارها ولاتحتبس عنى،فإنك إن احتسبت عنى كنت أهمَّ إلىَّ من ضيعتى وشغلتى عن كل شىء من أمرى.
فخرج سلمتن إلى ضيعة أبيه وبينما هو يسير فى الطريق مرَّ بكنيسة من كنائس النصارى فسمع أصواتهم فيها وهم يصلون وكان لايدرى من أمر الناس شيئا-لحبس أبيه له فى بيته-فلما سمع أصواتهم دخل عليهم لينظر مايصنعون فلما رآهم أعجبته صلاتهم ورغب فى المسيحية وقال:((هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه))وظل معهم حتى غربت الشمس وترك ضيعة أبيه فلم يذهب إليها ثم قال لهم:أين أصل هذا الدين؟فقالوا له:بالشام.
فتركهم وانصرف عائداً إلى أبيه فوجد أباه يبحث عنه،وقد شغله البحث عن سلمان عن كل عمل فلما لقيه قال له أبوه:أى بنى،أين كنت؟أو لم أكن عهدت إليك بما عهدت.
سلمان:ياأبت مررت بأناس يصلون فى كنيسة لهم،فأعجبنى مارأيت من دينهم فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس.
والد سلمان:أى بنى ليس فى ذلك الدين خير.دينك ودين آبائك خير منه.
سلمان:كلا والله أنه لخير من ديننا.
ولم يكد والد سلمان يسمع ذلك حتى خاف على سلمان من أن يترك دين المجوسية ويتدين بالمسيحية فَقَيدَّه فى رجله وحبسه فى بيته.
سلمان يقول لنفسه:لابد من الخروج من هذا السجن والانطلاق إلى آفاق الحياة الرحبية،ولكن كيف الخلاص؟لقد وجده سلمان فى فكرة جالت بخاطره وأقدم على تنفيذها لقد بعث برسالة إلى النصارى الذين لقيهم وقال فيها:((إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبرونى بهم)).
ومرَّت الأيام وقدم على النصارى ركب من الشام فبعث النصارى إلى سلمان أن يخبرونه الخبر وعلم سلمان بذلك فرد عليهم قائلا:إذا قضى تجار الشام حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فأخبرونى فلما أراد التجار الرجعة إلى بلادهم أخبر سلمان بذلك فألقى الحديد من رجليه ثم لحق بهم متخفيا وسار معهم حتى وصل الشام فلما قدمهما سأل:من أفضل هذا الدين علما؟
قالوا:الأسقف((عالم النصارى الذى يقيم لهم أمر دينهم))فى الكنيسة.
فذهب إليه سلمان وقال له:إنى قد رغبت فى هذا الدين فأحببت أن أكون معك وأخدمك فى كنيستك،فأتعلم منك وأصلى معك فقال له الأسقف:ادخل.فدخل سلمان معه وكان الأسقف رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها،فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق،فأبغضه سلمان بغضا شديداً لما رأى من عمله،فلما مات الأسقف اجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقال لهم سلمان:إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبك فيها،فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا فقال النصارى لسلمان:وماعلمك بذلك؟
سلمان:أنا أدلكم على كنزه
النصارى:دلَّنا عليه
فأراهم سلمان موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقا فلما رأوها قالوا:والله لاندفنه أبدا فصلبوه ورجموه بالحجارة،وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه وكان غير سلفه إذ كان رجلا متدينا زاهداً فى الدنيا راغبا فى الآخرة يصل ليله بنهاره فى العبادة،فأحبه سلمان حبا كثيراً وأقام معه زمانا طويلا ثم حضرت الأسقف الوفاة فقال له سلمان:إنى قد كنت معك وأحببتك حبَّا لم أحبهَّ شيئا قبلك،وقد حضرك ماترى من أمر الله تعالى فإلى مَنْ توصى لى؟وبم تامرنى؟
الأسقف:أى بنى والله ماأعلم اليوم أحداً على ماكنت عليه فقد هلك النَّاس وبدَّلوا وتركوا أكثر ماكانوا عليه،إلا رجلاً بالموصل وهو فلان وهو على ماكنت عليه،فالحق به،فلما مات أسقف الشام الصالح لحق سلمان بصاحب الموصل وقال له يافلان:إن فلاناً أوصانى عند موته أن ألْحَقَ بك وأخبرنى أنك على أمره،فقال صاحب الموصل لسلمان:أقم عندى فأقام عنده سلمان فوجده خير رجل على أمر صاحبه ولكن الأيقف لم يلبث أن حضرته الوفاةُ فقال له سلمان:يافلان،إن فلاناً أوصى بى إليك وأمرنى باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ماترى فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟فقال الأسقف:يابنى،والله ماأعلم رجلا على مثل ماكنَّا عليه إلا رجلا بنصيبين((مدينة من بلاد الجزيرة على طريق القوافل من الموصل إلى الشام))وهو فلان فالحق به،فلما مات الأسقف وغُيَّب لحق سلمان بصاحب نصيبين فأخبره بما أمره به صاحب الموصل فقال له أسقف نصيبين:أقم عندى فأقام عنده فوالله مالبث أن نزل به الموت،فلما حضر قلت له:أيها الأسقف:إن أسقف الشام كانم أوصى بى إلى أشقف الموصل،ثم أوصى أسقف الموصل بى إليك فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟
أسقف نصيبين:يابنى والله ماأعلمه مابقى أحد على أمرنا لآمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل مانحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا.
فلما مات أسقف نصيبين وغيَّب لحق سلمان بأسقف عمورية وأخبره خبره فقال له أسقف عمورية:أقم عندى فأقام عنده سلمان ووجده خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم.
ثم اشتغل سلمان بتجارة البقر والأغنام حتى كانت له بقرات وغنيمة ثم نزل بالأسقف ماكان من أمر الله تعالى فلما حضرته الوفاة قال له سلمان:إنى كنت مع فلان فأوصى بى إلى فلان،ثم أوصى بى فلان إلى فلان ثم أوصى بى فلان إليك فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟فقال أسقف عمَّورية:أى بنى والله ماأعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ماكنَّا عليه من النَّاس آمرك به أن تأتيه ولكنه قد أظلّ زماننا نَبِىٌّ وهو مبعوث بدين سيدنا إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب،مُهَاجَرُه إلى أرض بين حرتين((الحرة كل أرض ذات حجارة سود من أثر احتراق بركانى والمقصود مدينة الرسول))بينهما نخل به علامات لاتخفى يأكل الهدية ولايأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
ثم مات أسقف عَمُورِيَّة ودفن ومكث سلمان بها بعض الوقت ثم مرّ بسلمان نفر من قبيلة كلب وكانوا تجاراً فقال لهم سلمان:احملونى إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتى هذه،وغنيمتى هذه،فوافقوا على ذلك وأعطاهم سلمان البقرات والغنيمة وحملوه معهم حتى إذا بلغوا وادى القرى قابلهم رجل يهودى فباعوا له سلمان وبذا أصبح سلمان عبداً،وأقام عند سيده ورأى النخل فرجا البلد الذى يقيم به هو البلد الذى وصفه له أسقف عمورية ولم يطل به الأمر فبينا هو عند سيده إذ قدم على سيده ابن عمًّ له من بنى قريظة من المدينة فاشترى سلمانَ من سيده واحتمله إلى المدينة وما هو إلا أن وصل سلمان إلى المدينة فعرفها إذ وجد فيها الصفات التى وصفها بها أسقف عموريةَّ فأقام بها.وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ماأقام ثم هاجر إلى المدينة وذات يوم وبينما كان سلمان على رأس نخله من نخل سيده يعمل فيها بعض العمل وسيده جالس تحت النخلة إذ أقبل ابن عمَّ لسيده حتى وقف عله فقال:يافلان:قاتل الله قَيْله((الأوس والخروج))والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء((قرية على ميلين من المدينة))على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبى.
فلما سمع سلمان هذا الحديث أخذته رعدة وانتفض حتى أوشك أن يسقط من على النخلة فوق سيده،فنزل عن النخلة وجعل يقول لابن عمه ذلك:ماذا تقول؟فغضب سيَّد سليمان ولكمه لكمة شديدة ثم قال له:مالك ولهذا؟أقبل على عملك.
سلمان:لاشىء إنما أردت أن ستثبته عما قال.
عاد سلمان إلى عمله حتى إذا انتهى اليوم وأقبل المساء أخذ سلمان طعاماً ثم ذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخل عليه فقال له:إنه قد بلغنى أنك رجل صالح،ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة،وهذا شىء قد كان عندى للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم ثم قرّبه إلى رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه:كلوا وأمسك يده فلم يأكل فقال سلمان فى نفسه:هذه واحدة،ثم انصرف عن رسول الله فجمع شيئاً وتحوَّل رسول الله إلى المدينة فجاءه سلمان بالطعام الذى جمعه وقال يارسول الله:إنى قد رأيتك لاتأكل الصدقة وهذه هديَّة أكرمتك بها،فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه فقال سلمان فى نفسه:هاتان اثنتان،ثم ترك سلمان الرسول وانطلق لشأنه،وذات يوم وبينما كان الرسول بمقبرة أهل المدينة قد تبع جنازة أم كلثوم بن هدم أحد أصحابه ذهب سلمان إلى رسول الله فوجده جالساً فى أصحابه فسَلّم عليه ثم استدر ينظر إلى ظهر الرسول ليرى الخاتم الذى وصفه له صاحب عمورية فلما رآه رسول الله كذلك عرف أن سلمان يبحث عن شىء وصف له فألقى رداءه عن ظهره ونظر سلمان إلى الخاتم فعرفه فأكبّ على رسول الله يقبله ويبكى،فقال له الرسول:تحوّل،فتحوّل سلمان وجلس بين يدى الرسول وقص عليه قصته فقال رسول الله لسلمان:كاتبْ ياسلمان،فكاتبَ سلمان سيده على ثلثمائة نخلة يحيها له بالحفر وبالغرس وأربعين أوقية ثم قال رسول الله لأصحابه:أعينوا أخاكم فأتوه بالنخل فكان منهم من يعطى سليمان ثلاثين من فراخ النخل الصغار،ومنهم من يعطيه عشرين،ومنهم من يعطيه عشراً،يعين الرجل بقدر ماعنده حتى اجتمعت ثلثمائة،فقال رسول الله لسلمان:اذهب ياسلمان،فاحفر لها فإذا فرغت فائتىنى أكن أنا واضعها بيدى،فحضر وأعانه أصحابه حتى إذا فرغ جاء إلى رسول الله فأخبره فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه إليها،فجعل سلمان وأصحابه يقدمون فراخ النخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه بيده حتى فرغ من غرس الثلثمائة ولم يمت منها فرخ واحد.فأدى سلمان النخل لسيده،وبقى المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من الذهب،فقال:ما فعل الفارسىُّ المكاتب؟وأرسله إلى سلمان،فلما حضر قال له رسول الله:خذ هذه فأدَّها مماعليك ياسلمان،فقال سلمان:وأين تقع هذه يارسول الله مّما علىّ؟فقال صلى اللله عليه وسلم:((خذها،فإن الله سيؤدى بهنا عنك))فأخذها سلمان فوزنها لهم فإذا بها أربعين أوقية فأوفاهم حقهم منها،وهكذا أسلم سلمان وهكذا عادت إليه حريته.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

سلمان الفارسى

رجل فارسىّ من أهل أصبهان من قرية يقال لها((جَىّ))وكان أبوه شيخ القرية عارفاً بالفلاحة ويلجأ النَّاس إليه فى شئون الزراعة،وكان سلمان أحبَّ خلق الله إليه وبلغ من حب والد سلمان له أن حبسه فى بيته كما تحبس البنت،وتديّنَ سلمان بالمجوسية واجتهد فى تدينه حتى كان خادم النار الذى يمنعها أن تخبو ساعة لأن قومه كانت تعظَّم النَّار.
وكان لوالد سلمان ضيعة عظيمة فشغل فى بنيان له يوماً فقال لسلمان:يابنى،إنى قد شغلت فى بنيانى هذا اليوم عن ضيعتى فاذهب إليها وتعرف أخبارها ولاتحتبس عنى،فإنك إن احتسبت عنى كنت أهمَّ إلىَّ من ضيعتى وشغلتى عن كل شىء من أمرى.
فخرج سلمتن إلى ضيعة أبيه وبينما هو يسير فى الطريق مرَّ بكنيسة من كنائس النصارى فسمع أصواتهم فيها وهم يصلون وكان لايدرى من أمر الناس شيئا-لحبس أبيه له فى بيته-فلما سمع أصواتهم دخل عليهم لينظر مايصنعون فلما رآهم أعجبته صلاتهم ورغب فى المسيحية وقال:((هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه))وظل معهم حتى غربت الشمس وترك ضيعة أبيه فلم يذهب إليها ثم قال لهم:أين أصل هذا الدين؟فقالوا له:بالشام.
فتركهم وانصرف عائداً إلى أبيه فوجد أباه يبحث عنه،وقد شغله البحث عن سلمان عن كل عمل فلما لقيه قال له أبوه:أى بنى،أين كنت؟أو لم أكن عهدت إليك بما عهدت.
سلمان:ياأبت مررت بأناس يصلون فى كنيسة لهم،فأعجبنى مارأيت من دينهم فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس.
والد سلمان:أى بنى ليس فى ذلك الدين خير.دينك ودين آبائك خير منه.
سلمان:كلا والله أنه لخير من ديننا.
ولم يكد والد سلمان يسمع ذلك حتى خاف على سلمان من أن يترك دين المجوسية ويتدين بالمسيحية فَقَيدَّه فى رجله وحبسه فى بيته.
سلمان يقول لنفسه:لابد من الخروج من هذا السجن والانطلاق إلى آفاق الحياة الرحبية،ولكن كيف الخلاص؟لقد وجده سلمان فى فكرة جالت بخاطره وأقدم على تنفيذها لقد بعث برسالة إلى النصارى الذين لقيهم وقال فيها:((إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبرونى بهم)).
ومرَّت الأيام وقدم على النصارى ركب من الشام فبعث النصارى إلى سلمان أن يخبرونه الخبر وعلم سلمان بذلك فرد عليهم قائلا:إذا قضى تجار الشام حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فأخبرونى فلما أراد التجار الرجعة إلى بلادهم أخبر سلمان بذلك فألقى الحديد من رجليه ثم لحق بهم متخفيا وسار معهم حتى وصل الشام فلما قدمهما سأل:من أفضل هذا الدين علما؟
قالوا:الأسقف((عالم النصارى الذى يقيم لهم أمر دينهم))فى الكنيسة.
فذهب إليه سلمان وقال له:إنى قد رغبت فى هذا الدين فأحببت أن أكون معك وأخدمك فى كنيستك،فأتعلم منك وأصلى معك فقال له الأسقف:ادخل.فدخل سلمان معه وكان الأسقف رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها،فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق،فأبغضه سلمان بغضا شديداً لما رأى من عمله،فلما مات الأسقف اجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقال لهم سلمان:إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبك فيها،فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا فقال النصارى لسلمان:وماعلمك بذلك؟
سلمان:أنا أدلكم على كنزه
النصارى:دلَّنا عليه
فأراهم سلمان موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقا فلما رأوها قالوا:والله لاندفنه أبدا فصلبوه ورجموه بالحجارة،وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه وكان غير سلفه إذ كان رجلا متدينا زاهداً فى الدنيا راغبا فى الآخرة يصل ليله بنهاره فى العبادة،فأحبه سلمان حبا كثيراً وأقام معه زمانا طويلا ثم حضرت الأسقف الوفاة فقال له سلمان:إنى قد كنت معك وأحببتك حبَّا لم أحبهَّ شيئا قبلك،وقد حضرك ماترى من أمر الله تعالى فإلى مَنْ توصى لى؟وبم تامرنى؟
الأسقف:أى بنى والله ماأعلم اليوم أحداً على ماكنت عليه فقد هلك النَّاس وبدَّلوا وتركوا أكثر ماكانوا عليه،إلا رجلاً بالموصل وهو فلان وهو على ماكنت عليه،فالحق به،فلما مات أسقف الشام الصالح لحق سلمان بصاحب الموصل وقال له يافلان:إن فلاناً أوصانى عند موته أن ألْحَقَ بك وأخبرنى أنك على أمره،فقال صاحب الموصل لسلمان:أقم عندى فأقام عنده سلمان فوجده خير رجل على أمر صاحبه ولكن الأيقف لم يلبث أن حضرته الوفاةُ فقال له سلمان:يافلان،إن فلاناً أوصى بى إليك وأمرنى باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ماترى فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟فقال الأسقف:يابنى،والله ماأعلم رجلا على مثل ماكنَّا عليه إلا رجلا بنصيبين((مدينة من بلاد الجزيرة على طريق القوافل من الموصل إلى الشام))وهو فلان فالحق به،فلما مات الأسقف وغُيَّب لحق سلمان بصاحب نصيبين فأخبره بما أمره به صاحب الموصل فقال له أسقف نصيبين:أقم عندى فأقام عنده فوالله مالبث أن نزل به الموت،فلما حضر قلت له:أيها الأسقف:إن أسقف الشام كانم أوصى بى إلى أشقف الموصل،ثم أوصى أسقف الموصل بى إليك فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟
أسقف نصيبين:يابنى والله ماأعلمه مابقى أحد على أمرنا لآمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل مانحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا.
فلما مات أسقف نصيبين وغيَّب لحق سلمان بأسقف عمورية وأخبره خبره فقال له أسقف عمورية:أقم عندى فأقام عنده سلمان ووجده خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم.
ثم اشتغل سلمان بتجارة البقر والأغنام حتى كانت له بقرات وغنيمة ثم نزل بالأسقف ماكان من أمر الله تعالى فلما حضرته الوفاة قال له سلمان:إنى كنت مع فلان فأوصى بى إلى فلان،ثم أوصى بى فلان إلى فلان ثم أوصى بى فلان إليك فإلى من توصى بى؟وبم تأمرنى؟فقال أسقف عمَّورية:أى بنى والله ماأعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ماكنَّا عليه من النَّاس آمرك به أن تأتيه ولكنه قد أظلّ زماننا نَبِىٌّ وهو مبعوث بدين سيدنا إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب،مُهَاجَرُه إلى أرض بين حرتين((الحرة كل أرض ذات حجارة سود من أثر احتراق بركانى والمقصود مدينة الرسول))بينهما نخل به علامات لاتخفى يأكل الهدية ولايأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
ثم مات أسقف عَمُورِيَّة ودفن ومكث سلمان بها بعض الوقت ثم مرّ بسلمان نفر من قبيلة كلب وكانوا تجاراً فقال لهم سلمان:احملونى إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتى هذه،وغنيمتى هذه،فوافقوا على ذلك وأعطاهم سلمان البقرات والغنيمة وحملوه معهم حتى إذا بلغوا وادى القرى قابلهم رجل يهودى فباعوا له سلمان وبذا أصبح سلمان عبداً،وأقام عند سيده ورأى النخل فرجا البلد الذى يقيم به هو البلد الذى وصفه له أسقف عمورية ولم يطل به الأمر فبينا هو عند سيده إذ قدم على سيده ابن عمًّ له من بنى قريظة من المدينة فاشترى سلمانَ من سيده واحتمله إلى المدينة وما هو إلا أن وصل سلمان إلى المدينة فعرفها إذ وجد فيها الصفات التى وصفها بها أسقف عموريةَّ فأقام بها.وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ماأقام ثم هاجر إلى المدينة وذات يوم وبينما كان سلمان على رأس نخله من نخل سيده يعمل فيها بعض العمل وسيده جالس تحت النخلة إذ أقبل ابن عمَّ لسيده حتى وقف عله فقال:يافلان:قاتل الله قَيْله((الأوس والخروج))والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء((قرية على ميلين من المدينة))على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبى.
فلما سمع سلمان هذا الحديث أخذته رعدة وانتفض حتى أوشك أن يسقط من على النخلة فوق سيده،فنزل عن النخلة وجعل يقول لابن عمه ذلك:ماذا تقول؟فغضب سيَّد سليمان ولكمه لكمة شديدة ثم قال له:مالك ولهذا؟أقبل على عملك.
سلمان:لاشىء إنما أردت أن ستثبته عما قال.
عاد سلمان إلى عمله حتى إذا انتهى اليوم وأقبل المساء أخذ سلمان طعاماً ثم ذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخل عليه فقال له:إنه قد بلغنى أنك رجل صالح،ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة،وهذا شىء قد كان عندى للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم ثم قرّبه إلى رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه:كلوا وأمسك يده فلم يأكل فقال سلمان فى نفسه:هذه واحدة،ثم انصرف عن رسول الله فجمع شيئاً وتحوَّل رسول الله إلى المدينة فجاءه سلمان بالطعام الذى جمعه وقال يارسول الله:إنى قد رأيتك لاتأكل الصدقة وهذه هديَّة أكرمتك بها،فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه فقال سلمان فى نفسه:هاتان اثنتان،ثم ترك سلمان الرسول وانطلق لشأنه،وذات يوم وبينما كان الرسول بمقبرة أهل المدينة قد تبع جنازة أم كلثوم بن هدم أحد أصحابه ذهب سلمان إلى رسول الله فوجده جالساً فى أصحابه فسَلّم عليه ثم استدر ينظر إلى ظهر الرسول ليرى الخاتم الذى وصفه له صاحب عمورية فلما رآه رسول الله كذلك عرف أن سلمان يبحث عن شىء وصف له فألقى رداءه عن ظهره ونظر سلمان إلى الخاتم فعرفه فأكبّ على رسول الله يقبله ويبكى،فقال له الرسول:تحوّل،فتحوّل سلمان وجلس بين يدى الرسول وقص عليه قصته فقال رسول الله لسلمان:كاتبْ ياسلمان،فكاتبَ سلمان سيده على ثلثمائة نخلة يحيها له بالحفر وبالغرس وأربعين أوقية ثم قال رسول الله لأصحابه:أعينوا أخاكم فأتوه بالنخل فكان منهم من يعطى سليمان ثلاثين من فراخ النخل الصغار،ومنهم من يعطيه عشرين،ومنهم من يعطيه عشراً،يعين الرجل بقدر ماعنده حتى اجتمعت ثلثمائة،فقال رسول الله لسلمان:اذهب ياسلمان،فاحفر لها فإذا فرغت فائتىنى أكن أنا واضعها بيدى،فحضر وأعانه أصحابه حتى إذا فرغ جاء إلى رسول الله فأخبره فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه إليها،فجعل سلمان وأصحابه يقدمون فراخ النخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه بيده حتى فرغ من غرس الثلثمائة ولم يمت منها فرخ واحد.فأدى سلمان النخل لسيده،وبقى المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من الذهب،فقال:ما فعل الفارسىُّ المكاتب؟وأرسله إلى سلمان،فلما حضر قال له رسول الله:خذ هذه فأدَّها مماعليك ياسلمان،فقال سلمان:وأين تقع هذه يارسول الله مّما علىّ؟فقال صلى اللله عليه وسلم:((خذها،فإن الله سيؤدى بهنا عنك))فأخذها سلمان فوزنها لهم فإذا بها أربعين أوقية فأوفاهم حقهم منها،وهكذا أسلم سلمان وهكذا عادت إليه حريته.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

حمَاية وإصرار

مكث سول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله سرا ثلاث سنوات من مبعثه فدخل الناس فى الإسلام جماعات من الرجال والنساء حتى انتشر الإسلام بمكة،وتحدث الناس به فأمر الله رسوله بالجهر بالدعوةوأن يصدع بما جاءه من الله.
ونزل قول الله:((فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)).
وقوله:((وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقل إنى أنا النذير المبين))
نزلت هذه الآيات وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وصلوا ذهبوا فى الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم،فبينا سعد بن أبى وقاص فى نفر من أصحاب رسول الله فى شِعب من شعاب مكة إذ خرج عليهم نفر من المشركين،وهم يصلون،فأنكروا على المسلمين صلاتهم وعابوا عليهم مايصنعون حتى قاتلوهم،فضرب سعد بن أبى وقاص يومئذ رجلا من المشركين بعظم بعير فجرحه،فكان هذا أول دم أريق فى الإسلام،فلما أعلن رسول الله قومه بالإسلام كما أمره الله لم يبعد عن قومه ولم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها،فلما فعل ذلك أجمعوا على عداوته وحدَب على رسول الله عمُّه أبو طالب ومنعه،وقام دونه ومضى رسول الله على الجهر بدين الله مظهراً لأمره،لايرده عنه شىء.فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لايرضيهم من شىء أنكروه عليه:من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمَّه أباطالب قد عطف عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم مشى رجال من أراف قريش إلى أبى طالب فقالوا:ياأباطالب:إن ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا،وعاب ديننا،وسفه أحلامنا،وضلل آباءنا فإما أن تكُفَّهُ عنا،وإما أن تخَلَّىَ بيننا وبينه،فإنك على مثل مانحن عليه من خلاف فنكفيكه.فقال لهم أبوطالب قولا رفيقاً وردهم رداً جميلا فانصرفوا.
ومضى رسول الله على ماهو عليه يظهر دين الله،ثم اشتد الامر بينه وبين قريش حتى تباعد الرجال وتعادَوا وأكثرت قريش ذكر رسول الله بينها وحرض بعضهم بعضا على سيدنا محمد ثم إنهم مشوا إلى أبى طالب مرة أخرى فقالوا له ياأباطالب:إنا لك سناً وشرفاً منزلة فينا،وإنا قد أردنا أن تنهى ابن أخيك فلم تنهه عنا،وإنا والله لانصبر على هذا شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا،أو ننازله وإياك فى ذلك حتى يهلك أحد الفريقين،ثم انصرفوا عنه،فعظم على أبى طالب فلااق قومه وعداوتهم وفى نفس الوقت لم يطب نفساً بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:يابن أخى،إن قومك قد جاءونى،فقالوا كذا وكذا فابق على وعلى نفسك ولاتحملنى من الأمر مالاأطيق))فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه أن يخذله ويسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه،فقال صلى الله عليه وسلم:((ياعمَّ،والله لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ماتركَته حتى يظهره الله أو أهلك دونه))ثم بكى صلى الله عليه وسلم وترك مجلس أبى طالب فلما ولّى ناداه أبوطالب فقال:يابن أخى،فأقبل رسول الله فقال له عمه:اذهب يابن أخى فقل ماأحببت،فوالله لا أسلمك لشىء أبدا.
وعرفت-قريش أن أباطالب قد أبى خذلان رسول الله وإسلامه لهم وإجماعه على فراقهم فى ذلك وعداوتهم،فمشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له:ياأباطالب،هذا عمارة بن الوليد أشد وأقوى فتى فى قريش وأجمل،فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولداً فهو له،وأَسْلِمْ ألينا ابن أخيك هذا الذى خالف دينك ودين آبائك وفرّق جماعة قومك وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل،فقال أبوطالب والله لبئس ماتسوموننى!أتعطونى ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابنى تقتلونه؟هذا والله مالايكون أبدا))فرد عليه المطعم بن عدى أحد رجال الوفد.
وقال:وااله ياأباطالب،لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه،فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا))فقال أبوطالب للمطعم والله ماأنصفونى!ولكنك قد أجمعت خذلانى ومظاهرة القوم علىّ فاصنع مابدالك))فزاد الأمر واشتد وحميت الحرب بين الفريقين،حتى إن قريشا استعدى بعضهم بعضا على من فى القبائل من أصحاب رسول الله الذين أسلموا معه فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين،يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم،ومُنِعَ رسول الله منهم بعمه أبى طالب.وحين رأى أبوطالب قريشا يفعلون ذلك دعا بنى هاشم وبنى المطلب إلى أن يحموا رسول الله،ويقوموا دونه،فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوا أباطالب إلى مادعاهم إليه ولم يتخلف عن ذلك إلا أبو لهب عدوالله.
ولما رأت قريش ذلك اجتمع الوليد بن المغيرة بنفر من قريش ليبيتوا ضد النبى صلى الله عليه وسلم واتفقت قريش على أن يصفوا الرسول بالساحر.
وجعل أولئك النفر يقولون ذلك فى رسول الله ويذيعونه فانتشر ذكر الرسول فى بلاد العرب كلها وخشى أبوطال دهماء العرب أن يركبوه مه قومه فتودد أشراف قومه وأخبرهم وغيرهم من العب أنه غبر مُسْلِمٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاتاركة لشىء أبداً حتى يهلك دونه.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 10:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

ثبات وانكار

اشتد إيذاء قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصابحه فأغروا برسول الله سفاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بأنه شاعر،وأنه ساحر،وأنه كاهن،وأنه مجنون،كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم لايفتأ يعمل على إظهار أمر الله ونشر دعوته،لايستخفى به،يبدؤهم بما يكرهون من تسفيه دينهم،وعيب آلهتهم،واعتزال أوثانهم،وفراقة إياهم على كفرهم.
وقد اجتمعوا يوماً فى الحجر،فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم،وقالوا:مارأينا مثل ماصبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط،سفهَّ أحلامنا،وشتم آباءنا،وعاب ديننا،وفرَّق جماعتنا وسبَّ آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم،وبينما هم فى ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم،فأقبل يمشى حتى استلم الركن،ثم طاف بالكعبة،فلما مر بهم طعنوا فيه ببعض القول،فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مضى ولم يرد عليهم،ثم مر بهم للمرة الثانية فشتموه،فوقف ثم قال:
((أتسمعون يامعشر قريش؟أما والذى نفسى بيده لقد جئتكم بالذبيح))فأخذت القوم كلمته،حتى لم يكن منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع،وحتى إن أشهدهم إلحاحاً بإيذائه والتنكيل به أقبل عليه يهدئه،ويسكنه،ويرفق به،ويدعوه له بأحسن مايجد من القول،فيقول له:((انصرف ياأبا القاسم،فوالله ماكنت جهولا))فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم،حتى إذا كان الغد اجتمعوا فى الحجر فقال بعضهم لبعض:ذكرتم مابلغ منكم،ومابلغكم عنه حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه،فامتلأت قلوبهم بالضغن عليه،ولما طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه،وثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون:أنت الذى تكون كذا وكذا،وتعيب آلهتنا وديننا،فقال لهم رسول الله:((نعم أنا الذى أقول ذلك))فأخذ رجل منهم بمجمع ردائه صلى الله عليه وسلم،فدفعه عنه أبوبكر رضى الله عنه وهو يبكى،ويقول:((أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله؟)).
فضربوا أبابكر فى رأسه فشقوها وجذبوه من لحيته ولكن الأمر وقف عند هذا،وتركت قريش رسول الله وأبا بكر وانصرفوا.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القصص النبوى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 11:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 15, 2013 10:47 am
مشاركات: 856

عزة ومنعة

مرَّ أبوجهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه،وشتمه،ونال منه بعض مايكره من العيب لدينه،والتهوين من شأن الإسلام،فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورأت هذا المنظر وسمعت هذا الكلام القبيح مولاة عبدالله بن جدعان كانت تسكن قريباً من الصفا،وفعل أبوجهل فعلته المنكرة،ثم ترك رسول الله وانصرف عنه قاصداً مجلساً من مجالس قريش عند الكعبة فجلس معهم.
ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه أن أقبل متوحشاً قوسه،عائداً من رحلة صيد،وكان حمزة من أعز فتيان قريش،يخرج للصيد،فإذا رجع من صيده لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة،وكان إذا فعل ذلك لم يمر على مجلس من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم،فلما مر بمولاة عبدالله بن جدعان-وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته-قالت له:ياأبا عمارة،لو رأيت مالقى ابن أخيك محمد آنفاً من أبى الحكم ابن هشام:وجده هاهنا جالساً فآذاه،وسبه،وبلغ منه مايكره،ثم انصرف عنه،ولم يكلمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فاحتمل سيدنا حمزة الغضب فخرج يسعى،ولم يقف على أحد،مُعِدَّ لأبى جهل إذا لقيه-أن يوقع به،فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً فى القوم،فأقبل نحوه،إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها،فشجة شجة منكرة،ثم قال حمزة:أتشتمه وأنا على دينه أقول مايقول؟فرُدَّ إلى ذلك علىَّ إن استطعت،فقامت رجال من بنى مخزوم إلى حمزة،لينصروا أبا جهل.
فقال أبوجهل:((دعو أبا عمارة فإنى والله قد سببت ابن أخيه سباًّ قبيحا))فتركه القوم.
ويومئذ أسلم سيدنا حمزة فعرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع،وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ماكانوا ينالون منه.

_________________
من مثلكم لرسول الله ينتسبُ ليت الملوك لها من جدكم نسبُ صلى الله عليه وسلم
سيدى أنت أحسن الناس وجها**كن شفيعى فى هول يوم كريه
قــدروى صحـبُك الـكرام حـديــثاً**اطلبوا الخير من حسان الوجوه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 65 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط