موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 42 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 28, 2011 1:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين فبراير 23, 2004 6:37 pm
مشاركات: 264
مكان: حيثما يوجد احباء محمد واله

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي اشرف المرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا مباركا
اما بعد
سيدي الدكتور محمد
الساده الافاضل اخوتي في المنتدي سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
لدي بعض الاسئله والاستفسارات التي بحثت عن اجابات لها كثيرا ولكني لم اصل الي الحق اليقين فيها ورايت ان اطرحها عليكم وانا كلي يقين ان اجد الحق في هذه الساحه المباركة الممدوده بمدد الله ورسوله صلي الله وسلم وبارك عليه وآله وسلم
تساؤلاتي حول قضية الخروج علي الحاكم
1-ما معني الخروج علي الحاكم
2- هل المقصود بالخروج علي الحاكم فقهيا هو الخروج بالسلاح فقط ام مجرد الاعتراض علي الحاكم والقول بانه لا يمثلني يعتبر خروج او نقض البيعه له
3- متي يتم الخروج علي الحاكم شرعا ومن الذي له ذلك الحق وما هي الاليات والضوابط الشرعيه لذلك
4- ماهي اقوال الساده العلماء والائمه الاربعه في ذلك
5- ماهي حدود السمع والطاعه للحاكم وهل يجوز طاعته اذا عطل العمل بشرع الله وحدوده
6- كيف يكون الاسلام دين العدل والحريه ودين الحق ويمنعني من الخروج علي الحاكم الظالم الفاسق الذي لا يقيم شرع الله ولايعدل بين المسلمين
7- اوقن ان سيدنا ومولانا الامام الحسين لم يخرج علي الحاكم لانه صاحب حق فماذا عن سيدنا عبد الله بن الزبير
8- كيف افهم انه لا يوجد تعارض بين الاحاديث النبويه الشريفه التي تحث علي السمع والطاعه ما اقام فينا الصلاه وان ضرب ظهرك واخذ مالك وبين الاحاديث الاخري مثل، قول رسول الله صلى الله عليه وآله سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنّة ، ويعملون بالبدعة ، ويؤخّرون الصلاة عن مواقيتها ، فقلت : يارسول الله إن أدركتهم كيف أفعل ؟ قال : تسألني يا ابن أمّ عبد ماذا تفعل ؟ لا طاعـة لمن عصى الله ) رواه أحمد ، وابن ماجه ، وغيرهم
9- هل يعتبر ما حدث في ثوره 25 يناير خروج علي الحاكم
اخوتي الاحباء معذرة ان كنت اطلت في تساؤلاتي ولكنها كلها تسؤلات تعصف بي ولست من اهل العلم واعتبر هذا المنتدي هو مرجعيتي واثق في كل ما يطرح فيه
وجزاكم الله خير الجزاء


_________________
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمـم
و لن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلـى باسـم منتقـم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 28, 2011 5:14 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10723
العزيز / almaamoun
مرحبا بك
أولا:
اقتباس:
سيدي الدكتور محمد

أظنك تقصد فضيلة ا.د / محمود صبيح .
ثانيا :
يا ليتك سألت منذ شهور فقد تكون إجابة فضيلة ا.د / محمود صبيح والأخوة المشاركون
سببا في حقن الكثير من دماء المصريين والعرب.
ثالثا:
أشكرك على هذه الأسئلة المركزة واستفساراتك القيمة وأتمنى أن تكون الإجابة
بمثابة طوق النجاة في مثل هذه الظروف الراهنة التي تمر بها الأمة المحمدية وخاصة مصرنا المحروسة .
رابعا :
في انتظار مشاركاتك المميزة .
خالص التحية ..

_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 12:43 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين فبراير 23, 2004 6:37 pm
مشاركات: 264
مكان: حيثما يوجد احباء محمد واله
الاخ العزيز الطارق
اشكرك علي التصحيح واعتذر للسيد الشريف الدكتور محمود فهي غلطه املائيه ليست اكثر
ثانيا جزاك الله خيرا علي تعليقك واطرائك الرقيق وتشجيعك لي و انتظر بشوق لسماع الرد من سيدي الدكتور محمود ومن الاخوه اعضاء منتدانا المبارك
ثالثا لعلي تأخرت فعلا في طرح هذه التساؤلات ولكني اسأل الله النجاه لنا جميعا خاصة ولمصر المحروسه وكافة بلاد المسلمين عامة بحق جاه سيدنا رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وبحق جاه آل بيته الطيبن الكرام

_________________
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمـم
و لن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلـى باسـم منتقـم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 30, 2011 3:39 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

الأخ الفاضل / المأمون

هذا موضوع فى غاية الخطورة والأهمية .. وللمتابعة والمشاركة فيه فإنه يحتاج إلى عدة مشاركات
فسامحنى – وكذلك الأحباب – إن كانت المشاركة لن تتم بشكل يومى .. فإن الإعداد لمادة هذا الموضوع يحتاج إلى :

نية صالحة لبيان الصواب وتحريه .. ثم الوقوف على الأدلة وفهمها على وجهها الصحيح من خلال كلام وفهم الصحابة الكرام .. ثم السادة العلماء .. ثم إيضاح المشكل مما فيه شبهة من الأحاديث والآثار .

وقد قرأت استفساراتك ... والله المستعان لارب سواه فى الرد عليها بما ييسره المولى عز وجل وقد وضعت عدة نقاط للإجابة وتتمثل فى :

1- مقدمة هامة فى أشكال الحكم فى الإسلام .
2- فضيلة وجود الحاكم فى الإسلام ، وأهمية دوره ، وإن كان فاسقا وجائرا .
3- حق الحاكم على الرعية ، وحدود وضوابط ذلك .
4- حق الرعية على الحاكم وحدودها .
5- الخروج على الحاكم .. حكمه وأحواله فى ميزان الشرع .
6- أحداث ووقائع تظهر كأنها شبهات .
7- واجبات المسلم فى مثل هذه الفتن .

والآن .. أسأل الله تعالى التوفيق والمعونة .. ومدد يا سيدى يا رسول الله .. وندخل فى النقطة الأولى .

1- مقدمة هامة فى أشكال الحكم فى الإسلام .

وضح حضرة سيدنا ومولانا زين الوجود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشكال الحكم فى الإسلام .

فأخرج الإمام أحمد - واللفظ له - والطيالسى فى مسنده من حديث حُذيفة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال :
(( تكونُ فيكم النبوَّةُ ما شاء الله أنْ تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أنْ يرفعها
ثم تكون خلافةٌ على منهاج النبوَّة ، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ ، ثم يرفعُها الله إذا شاء أنْ يرفعها ثمَّ تكونُ مُلكاً عاضَّاً ما شاء الله أنْ تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أنْ يرفعها
ثم تكونُ مُلكاً جبرية ، فتكون ما شاء الله أنْ تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أنْ يرفعها
ثم تكون خلافةً على منهاج النبوَّة )) ثُمَّ سكت .

رواه البزار أتم منه ، والطبراني ببعضه في الأوسط ورجاله ثقات.
ومعن العاض : الظالم المتعسف .. ومعنى الجبرية : القهر والحمل على الفعل .

وعن ابي ثعلبة الخشني قال : كان معاذ بن جبل وأبو عبيدة يتناجيان بينهما بحديث فقلت لهما :
ما حفظتما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان أوصاهما بي - فقالا :
ما أردنا أن ننتجي بشيء دونك ، إنا ذكرنا حديثاً حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا يتذاكرانه وقالا ( إنه بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة .. ثم كائن خلافة ورحمة .. ثم كان ملكاً عضوضاً .. ثم كان عتوا وجبرية وفساداً في الأمة ، يستحلون الحرير والخمر والفساد ينصرون على ذلك ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله عز وجل ) .

رواه ابو يعلى والبزار عن أبي عبيدة وحده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أول دينكم بدأ نبوة ورحمة ) فذكر نحوه.
ورواه الطبراني عن معاذ وأبي عبيدة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر نحو حديث أبي يعلى وزاد ( يستحلون الحرير والفروج والخمور )
وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس ، وبقية رجاله ثقات.
انظر : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/344)

وأخرج أبو داود (12/251) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ) قَالَ سَعِيدٌ قَالَ لِي سَفِينَةُ : أَمْسِكْ عَلَيْكَ أَبَا بَكْرٍ سَنَتَيْنِ ، وَعُمَرُ عَشْرًا ، وَعُثْمَانُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، وَعَلِيٌّ كَذَا .
قَالَ سَعِيدٌ قُلْتُ لِسَفِينَةَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَكُنْ بِخَلِيفَةٍ ؟
قَالَ : كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ يَعْنِي بَنِي مَرْوَانَ .

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ : مُدَّةُ خِلَافَةِ عُمَرَ عَشْرُ سِنِينَ وَخَمْسَةُ أَشْهُرٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَعُثْمَانُ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا سِتَّ لَيَالٍ ، وَعَلِيٍّ خَمْسُ سِنِينَ ، وَقِيلَ خَمْسُ سِنِينَ إِلَّا أَشْهُرًا ، وَالْحَسَنِ نَحْوُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ ، اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ . انظر : تحفة الأحوذي (6/8) .

وفائدة ما ذكر فى الأحاديث السابقة .. أمران :

الأول : أن الحديث الأول عند الإمام أحمد وغيره .. بين أن الحكم فى الإسلام فى مراحله المختلفة هو :
نبوَّةُ .. ثم خلافةٌ على منهاج النبوَّة .. ثمَّ مُلكاً عاضَّاً .. ثم مُلكاً جبرية .. ثم خلافةً على منهاج النبوَّة .

والخلافة التى على منهاج النبوة فى آخر الزمان هى خلافة سيدنا المهدى رضى الله عنه كما فى الأحاديث الأخرى

ولم يذكر حضرة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ظهور سيدنا المهدى خلافة أخرى على منهاج النبوة .. وإنما ذكر مُلكاً عاضَّاً .. ثم مُلكاً جبرية .

فمن ادعى ظهور خلافة راشدة على منهاج النبوة .. قبل ظهور سيدنا المهدى .. فقد جانب الصواب .. وجافى الحق .

الثانى : أن حضرة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. عند ذكره الملك العضوض .. ثم الحكم عتوا وجبرية وفساداً في الأمة ، وذكر أنهم يستحلون الحرير والخمر والفساد ، ومع ذلك ينصرون على ذلك ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله عز وجل .. وهو ما رواه ابو يعلى والبزار والطبراني ..

أقول : لم يأمر بالخروج عليهم .. أو محاربتهم ومنازعتهم هذا الملك .. وتحديد طبيعة علاقة الرعية بهم أمر يحتاج إلى بيان .. وتأخيره لا يجوز .. فلما لم يأمر بالخروج عليهم ، تبين أنه أمر غير جائز لأن ذلك من الأقدار النافذة ، فى حال البلاء .

وأدب المسلم وقت البلاء هو ما أخبرنا به حضرة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ .. إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ .. وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) أخرجه مسلم .

وبذلك ينتهى الكلام على النقطة الأولى .. على قدر الطاقة والجهد

ويتبع بمشيئة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 01, 2011 10:16 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين فبراير 23, 2004 6:37 pm
مشاركات: 264
مكان: حيثما يوجد احباء محمد واله
الاخ العزيز مريد الحق
جزاكم الله خير الجزاء علي مجهودك ووقتك واعانك الله وتقبل منا ومنك

_________________
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمـم
و لن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلـى باسـم منتقـم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 01, 2011 11:47 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين مارس 29, 2004 4:05 pm
مشاركات: 7388

اللهم يارب عونامن عندك

اللهم يارب مددامن الحبيب المصطفى لأخى مريد الحق

اللهم يارب لأنه أرادالحق فثبته على الحق


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 03, 2011 9:53 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 10:56 pm
مشاركات: 1245
مكان: يا رب مع الحبيب و آله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم
حقاً شكراً للسائل و مليون شكر للمجيب فنحن فى اشد الحاجه لمثل هذا الموضوع

_________________

يا خير من دفنت في التراب أعظمه فطاب من طيبهن القاع الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الشفيع الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا ما زلّت القدم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 04, 2011 1:41 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

جزاكم الله خير الجزاء .. والحول والقوة من الله تعالى .
واستكمل معكم .. وإلى النقطة الثانية وهى :

- فضيلة الحاكم وأهمية دوره ووجوده وإن كان فاسقا وجائرا .

وقبل الكلام فيها أحب أن أنبه على معنى مهم جدا .. وهو معرفة الوظيفة العظمى لأى حاكم ومؤسسات الدولة التى هو رأسها .
ألا وهى .. تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع .. وذلك حسب المقاصد الخمسة التى جاءت بها الشريعة الغراء .. وسائر الملل وهى :
حفظ الدين .. والنفس .. والعقل .. والنسل .. والمال .

قال العلامة الفخر الرازى فى المحصول (5/160) :

المقاصد الخمسة : وهى حفظ النفس ، والمال ، والنسب ، والدين ، والعقل .

1- أما النفس .. فهي محفوظة بشرع القصاص ، وقد نبه الله تعالى عليه بقوله ( ولكم في القصاص حياة ) .

2- وأما المال .. فهو محفوظ بشرع الضمانات والحدود

3- وأما النسب .. فهو محفوظ بشرع الزواجر عن الزنا ، لأن المزاحمة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب المفضى إلى انقطاع التعهد عن الأولاد ، وفيه التوثب على الفروج بالتعدي والتغلب وهو مجلبة الفساد والتقاتل .

4- وأما الدين .. فهو محفوظ بشرع الزواجر عن الردة والمقاتلة مع أهل الحرب ، وقد نبه الله تعالى عليه بقوله ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) .

5- وأما العقل .. فهو محفوظ بتحريم المسكر ، وقد نبه الله تعالى عليه بقوله ( أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر ) .

فهذه الخمسة هي المصالح الضرورية

وقال الآمدى فى الأحكام (3/300) :
المقاصد الخمسة التي لم تخل من رعايتها ملة من الملل ولا شريعة من الشرائع وهي :
حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال
فإن حفظ هذه المقاصد الخمسة من الضروريات وهي أعلى مراتب المناسبات .

ثم قال :
أما حفظ الدين .. فبشرع قتل الكافر المضل ، وعقوبة الداعي إلى البدع
وأما حفظ النفوس .. فبشرع القصاص
وأما حفظ العقول .. فبشرع الحد على شرب المسكر
وأما حفظ الأموال التي بها معاش الخلق .. فبشرع الزواجر للغصاب والسراق . انتهى

وهذه الأمور لاتتم إلا بوجود حاكم .. ومؤسسات .. وقوانين .. وقوة جعلها الله للحاكم
ومن المهم أيضا التنبيه على أنه .. عند وقوع شبهة .. أو ظلم .. فيجب تقديم الضروريات الخمسة على أى مشاكل أخرى .. خاصة إذا ذكر حضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى شأنها علما .. وأدبا .. وهو الصبر .

والآن أذكر لكم الأحاديث الواردة فى هذا الشأن .. وكلام العلماء فيه .

روى الإمام مسلم (6/315) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ.. يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ .. وَيُتَّقَى بِهِ . فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ .. وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ) .
قال الإمام النووي فى شرحه على مسلم :
( الْإِمَام جُنَّة ) أَيْ : كَالسِّتْرِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَع الْعَدُوّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ ، وَيَمْنَع النَّاس بَعْضهمْ مِنْ بَعْض ، وَيَحْمِي بَيْضَة الْإِسْلَام ، وَيَتَّقِيه النَّاس وَيَخَافُونَ سَطْوَته .
وَمَعْنَى ( يُقَاتَل مِنْ وَرَائِهِ ) أَيْ : يُقَاتَل مَعَهُ الْكُفَّار وَالْبُغَاة وَالْخَوَارِج وَسَائِر أَهْل الْفَسَاد وَالظُّلْم مُطْلَقًا .

وقال رحمه الله أيضا فى شرح قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( عَلَيْك السَّمْع وَالطَّاعَة فِي عُسْرك وَيُسْرك وَمَنْشَطِك وَمَكْرَهك وَأَثَرَة عَلَيْك )

وَهَذِهِ الْأَحَادِيث فِي الْحَثّ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فِي جَمِيع الْأَحْوَال ، وَسَبَبهَا اِجْتِمَاع كَلِمَة الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ الْخِلَاف سَبَب لِفَسَادِ أَحْوَالهمْ فِي دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ .

وقال ابن رجب الحنبلى فى جامع العلوم والحكم (28/11)

وأمّا السَّمع والطاعة لوُلاة أُمور المسلمين ، ففيها سعادةُ الدُّنيا ، وبها تنتظِمُ مصالحُ العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعةِ ربِّهم .

وقال الحسن في الأمراء : هم يلونَ من أمورنا خمساً :
الجمعةَ والجماعة والعيد والثُّغور والحدود ، والله ما يستقيم الدِّين إلاَّ بهم ، وإنْ جاروا وظلموا ، والله لَمَا يُصْلحُ الله بهم أكثرُ ممَّا يُفسدون ، مع أنَّ - والله - إنَّ طاعتهم لغيظٌ ، وإنَّ فرقتهم لكفرٌ . انتهى كلام ابن رجب


وقال الإمام السيوطى فى الدر المنثور (3/156)

وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أنس بن مالك قال :
أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نسب أمراءنا ، ولا نغشهم ، ولا نعصيهم ، وأن نتقي الله ونصبر ، فإن الأمر قريب .


وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال :
لا يصلح الناس إلا أمير بر أو فاجر .
قالوا : هذا البر فكيف بالفاجر؟!
قال : إن الفاجر يؤمن الله به السبل ، ويجاهد به العدو ، ويجيء به الفيء ، ويقام به الحدود ، ويحج به البيت ، ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله .
انتهى النقل من الدر المنثور .

وروى الآجرى فى الشريعة (1/73) بإسناده عن عمر بن يزيد ، صاحب الطعام قال :
سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب قال : وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال :

والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه ، ووالله ما جاءوا بيوم خير قط
،

ثم تلا (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ) .

وقال الحافظ ابن حجر فى الفتح (20/152) تعليقا على حديث ( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي):

وَفِي الْحَدِيث وُجُوب طَاعَة وُلَاة الْأُمُور وَهِيَ مُقَيَّدَة بِغَيْرِ الْأَمْر بِالْمَعْصِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْفِتَن ، وَالْحِكْمَة فِي الْأَمْر بِطَاعَتِهِمْ الْمُحَافَظَة عَلَى اِتِّفَاق الْكَلِمَة لِمَا فِي الِافْتِرَاق مِنْ الْفَسَاد .

وفى حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (1/360) :

[ قَوْلُهُ : انْعِقَادَ الْبَيْعَةِ ] أَيْ حُصُولَ الْمُبَايَعَةِ وَالطَّاعَةِ لِإِنْسَانٍ يُجْعَلُ خَلِيفَةً .
[ قَوْلُهُ : إذْ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ ] ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ شَأْنُهَا عَظِيمٌ ، فَلَوْ تَوَلَّاهَا غَيْرُ الْإِمَامِ لَوَقَعَ مِنْ النِّزَاعِ مَا لَا يُحْصَى إذْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ

[ قَوْلُهُ : وَلَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ ] هَذَا أَعَمُّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ فَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ ، أَيْ لَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ مِنْ تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِمْ وَسَدِّ ثُغُورِهِمْ وَتَجْهِيزِ جُيُوشِهِمْ وَأَخْذِ صَدَقَاتِهِمْ وَقَهْرِ الْمُتَغَلِّبَةِ وَالْمُتَلَصِّصَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَإِقَامَةِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَقَطْعِ الْمُنَازَعَاتِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . انتهى
يعنى إلا بوجود حاكم .

وأتسائل .. هل يعلم الناس ذلك .. هل وقفوا على أولويات الأمور .. وكيف ترجح .. أو تقدم الضروريات .. ونحن نقول : الأهم .. فالمهم ؟؟!!!!

لا أظن .

وللحديث بقية


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 12, 2011 1:19 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

استكمل معكم .. وإلى النقطة الثالثة والرابعة لوجود رابط بينهما .. وهما :
3- حق الحاكم على الرعية ، وحدود وضوابط ذلك .
4- حق الرعية على الحاكم وحدودها .

نقول - وبالله التوفيق - :

إذا تولى أى حاكم مسئولية الحكم .. وجب بحكم الله و رسوله على بقية الرعية والمحكومين تجاهه أمور .. وهى :

1- السمع والطاعة لأوامره ، سواء كانت فى شدة أو رخاء أو عسر أو يسر أو فى أمور تكرهها النفوس كأن يأخذون المال الكثير لهم .. ويعطون الرعية القليل . والدليل :

روى البخاري (21/444) عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ :
دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا :
أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا ( أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا .. وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا .. وَأَثَرَةً عَلَيْنَا .. وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ) .

2- الصبر إذا رأيت أشياء تكرهها من حاكمك .. والدليل :

ما رواه البخاري (22/51) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ .. فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) .

3- عدم الخروج عليهم .. أو منازعتهم أمر الحكم بأى وسيلة .. أو يعين من يخرج عليهم أو ينازعه الحكم .. والدليل :

روى البخاري (21/444) عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ :
دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا :
أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا ( أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا .. وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا .. وَأَثَرَةً عَلَيْنَا .. وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ) .

وما أخرجه عبد الرزاق فى المصنف (11/331) عن أبي قلابة قال :
قال عبادة بن الصامت لجنادة بن أبي أمية : يا جنادة ! ألا أخبرك بالذي لك والذي عليك ؟
إن عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ، ومنشطك ومكرهك ، وفي الاثرة عليك ، وأن تدع لسانك بالقول ، وألا تنازع الامر أهله ، إلا أن تؤمر بمعصية الله براحا ، فإن أمرت بخلاف ما في كتاب الله فاتبع كتاب الله.

انظر إلى قوله :
وألا تنازع الامر أهله ، إلا أن تؤمر بمعصية الله براحا ، فإن أمرت بخلاف ما في كتاب الله فاتبع كتاب الله.
ولم يقل له ( فانزع يدك من طاعة الحاكم ... أو اخرج عليه )

وأخرج البيهقي عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أطيعوا أمراءكم ، فإن أمروكم بما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم ، وإن أمروكم بما لم آتكم به فهو عليهم وأنتم برآء من ذلك ، إذا لقيتم الله قلتم : ربنا لا ظلم . فيقول : لا ظلم . فتقولون : ربنا أرسلت إلينا رسولاً فأطعناه بإذنك ، واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك ، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك ، فيقول : صدقتم هو عليهم ، وأنتم منه برآء ) انظر الدر المنثور للسيوطى (3/156) .

والشاهد هنا أن حضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل له ( فانزع يدك من طاعة الحاكم ... أو اخرج عليه )

4- الجهاد مع الحاكم .. والصلاة معه وإن كان فاجرا .. والدليل :

ما رواه البيهقى فى السنن الكبرى (3/121- 122) - باب الصلاة خلف من لا يحمد فعله قال :
عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الجهاد واجب عليكم مع كل امير برا كان أو فاجرا .. والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وان عمل الكبائر .. والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وان عمل الكبائر ) .

وعن نافع ان ابن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج

وعن عمير بن هانئ قال : بعثني عبد الملك بن مروان بكتب إلى الحجاج فاتيته وقد نصب على البيت اربعين منجنيقا فرأيت ابن عمر إذا حضرت الصلاة مع الحجاج صلى معه وإذا حضر ابن الزبير صلى معه .

وعن محمد بن اسمعيل البخاري قال ثنا عبد الله عن معاوية بن صالح عن عبد الكريم البكاء قال:
ادركت عشرة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يصلي خلف ائمة الجور.

وفيما يختص بحق الرعية فهو معروف .. مثل العدل .. والرحمة .. والرفق .. ولن أطيل لأن الموضوع عن الحكام الظلمة – فى نظر الرعية – والخروج عليهم .

- أما عن الضابط فى السمع والطاعة للحكام .. فهو ألا يكون فى معصية الله .. وسنشرح ذلك .. ولكن الدليل هو :

ما أخرجه مسلم (9/370) عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
( عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ .. إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ ) .
وأخرج ابن ماجه (8/400) وغيره عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
( سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا )
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ كَيْفَ أَفْعَلُ ؟
قَالَ ( تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ .. لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ ) .

وأود أن أوضح أمرا قد يبدو مشكلا .. أو شبهة فيما يبدو .. وهو :

كيف يأمر الشرع بالسمع والطاعة للحكام ... ثم يقول لا سمع ولاطاعة للحاكم عندما يأمر بالمعصية .. فهل ترك السمع والطاعة عند الأمر بالمعصية هو هو الخروج على الحاكم ؟؟؟

والإجابة – بعون الله ومدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – من عدة وجوه :

الأول ..
تعالوا نرى ما هو سبب الحديث .. وهو ( لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق ) و ( إنما الطاعة فى المعروف ) .
أخرج البخاري (22/53) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ :
أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي
قَالُوا : بَلَى
قَالَ : قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا .. فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا نَارًا فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارًا مِنْ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتْ النَّارُ وَسَكَنَ غَضَبُهُ
فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا .. إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) .

والشاهد هنا .. أن الحادثة فيها أمير أو حاكم يأمر رعيته أو من تولى عليهم أن يرموا أنفسهم فى النار .. وأين الحاكم الذى يأمر رعيته بمثل هذا ... ومع ذلك فإن حضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل لهم مثلا ( لماذا لم تخرجوا عليه وتعزلوه .. وتنتخبوا أميرا غيره ) وإنما قال ( إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ).

الثانى ..
أن الإمارة أو الحكم شئ ... وصدور أمر من الحاكم فيه معصية لله شئ آحر .. ولكل واحد منهما حكمه الخاص به .. وليس عدم طاعة الحاكم فى معصية الله .. يلزم بالضرورة أو ينبنى عليه خلعه .. أو نزع اليد من طاعته .

ومعلش حضرب مثل .. أوجب الله تعالى على الزوجة طاعة زوجها بشكل عام .. فلو جاء الزوج وأمر مراته بشرب الخمر أو أى معصية .. فالذى يجب عليها عدم طاعته فى مسألة شرب الخمر أو المعصية دى بعينها ... ولا يعنى ذلك أبدا انفساخ عقد الزواج بينهما .
كذلك الأمر بين الحاكم والمحكومين .. لأن العلاقة بينهما مثل هذا العقد المبرم الغليظ .
واضح .. ولا إيييه .

طيب نرجع نجيب الكلام ده من الشرع .. وكلام الصحابة والسادة العلماء.

أخرج ابن أبي شيبة فى مصنفه (7/737) عن سويد بن غفلة قال :
قال لي عمر : يا أبا أمية ! إني لا أدري لعلي أن لا ألقاك بعد عامي هذا ، فاسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع ، إن ضربك فاصبر ، وإن حرمك فاصبر ، وإن أراد امرا ينتقص دينك فقل : سمع وطاعة ، ودمي دون ديني ، فلا تفارق الجماعة.

انظر إلى قول سيدنا عمر رضى الله عنه :
وإن أراد امرا ينتقص دينك فقل : سمع وطاعة ، ودمي دون ديني ، فلا تفارق الجماعة.

وأخرج ابن أبي شيبة فى مصنفه (7/737) سيدنا علي قال :
إن قريشا هم أئمة العرب ، أبرارها أئمة أبرارها ، وفجارها أئمة فجارها ... ولكل حق
فأعطوا كل ذي حق حقه ... ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه ، فإذا خير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه فليمد عنقه ، ثكلته أمه فإنه لا دنيا له ولا آخرة بعد إسلامه.

وقد أخرج الآجرى أثر سيدنا عمر فى كتابه الشريعة (1/82) ثم قال بعده :

قال محمد بن الحسين - وهو الحافظ الآجرى - :
فإن قال قائل : إيش الذي يحتمل عندك قول عمر رضي الله عنه فيما قاله ؟
قيل له : يحتمل والله أعلم أن نقول : من أمر عليك من عربي أو غيره أسود أو أبيض أو عجمي فأطعه فيما ليس لله فيه معصية ، وإن حرمك حقا لك ، أو ضربك ظلما لك ، أو انتهك عرضك ، أو أخذ مالك ، فلا يحملك ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله ، ولا تخرج مع خارجي يقاتله ، ولا تحرض غيرك على الخروج عليه ، ولكن اصبر عليه .

وقد يحتمل أن يدعوك إلى منقصة في دينك من غير هذه الجهة .. يحتمل أن يأمرك بقتل من لا يستحق القتل ، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك ، أو بضرب من لا يحل ضربه ، أو بأخذ مال من لا يستحق أن تأخذ ماله ، أو بظلم من لا يحل له ولا لك ظلمه ، فلا يسعك أن تطيعه ،
فإن قال لك : لئن لم تفعل ما آمرك به وإلا قتلتك أو ضربتك ،
فقل : دمي دون ديني ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الطاعة في المعروف ) . انتهى

يقول الفقير مريد الحق : الله الله .. الحمد لله على الفهم السليم .. وعلى التوضيح اللى قاله الآجرى .

وأما عن فهم السادة العلماء .. فانظر :

قال أبو عوانة فى المستخرج (14/117) :
بيان الأخبار المبيحة ترك طاعة الأمير إذا أمر بمعصية ، ووجوب طاعته في جميع ما يدعو إليه من إجابته ، واتباعه في غير معصية .

ارجع البصر يا أخى .. وشوف قول أبى عوانة :
ترك طاعة الأمير إذا أمر بمعصية ، ووجوب طاعته في جميع ما يدعو إليه من إجابته ، واتباعه في غير معصية .

وانظر إلى قول الخطابى .. فيما أورده عنه العظيم ابادى فى عون المعبود (6/51) عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم ( لَا طَاعَة فِي مَعْصِيَة اللَّه ) :

قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ طَاعَة الْوُلَاة لَا تَجِب إِلَّا فِي الْمَعْرُوف كَالْخُرُوجِ فِي الْبَعْث إِذَا أَمَرَ بِهِ الْوُلَاة ، وَالنُّفُوذ لَهُمْ فِي الْأُمُور الَّتِي هِيَ الطَّاعَات وَمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَعْصِيَة كَقَتْلِ النَّفْس الْمُحَرَّمَة وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا طَاعَة لَهُمْ فِي ذَلِكَ .

وأختم هذه المشاركة بكلام ووصية الحافظ الآجرى حيث قال فى كتابه الشريعة (1/90) :
قال محمد بن الحسين :
قد ذكرت هذا الباب في كتاب الفتن في أحاديث كثيرة ، وقد ذكرت هاهنا طرفا منها ؛ ليكون المؤمن العاقل يحتاط لدينه ، فإن الفتن على وجوه كثيرة ، وقد مضى منها فتن عظيمة ، نجا منها أقوام ، وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى ، وإيثارهم للدنيا ، فمن أراد الله به خيرا فتح له باب الدعاء ، والتجأ إلى مولاه الكريم ، وخاف على دينه ، وحفظ لسانه ، وعرف زمانه ، ولزم المحجة الواضحة السواد الأعظم ، ولم يتلون في دينه ، وعبد ربه تعالى ، فترك الخوض في الفتنة ، فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير ، ألم تسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو محذر أمته الفتن ؟ قال ( يصبح الرجل مؤمنا ، ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ، ويصبح كافرا ) .

وهذا جواب سؤالك رقم (8) يا أخ " المأمون " .
وللحديث بقية .. يا مدد


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 12, 2011 1:57 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
ملحق مهم خاص بحق الحاكم على الرعية .. وهو عدم الخروج عليه وإن ظلم وجار:

قال أبو عبد الله العبدرى المعروف بالمواق المالكى فى كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل (10/490) :

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا نَصُّهُ : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ :

كُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ رِضًا أَوْ غَلَبَةٍ فَاشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ فَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ جَارَ أَوْ عَدَلَ وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ وَتُدْفَعُ إلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، وَهِيَ مُجْزِئَةٌ إذَا طَلَبُوهَا وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ .

قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدْفَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى كُلِّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ صَلَّى خَلْفَ الْحَجَّاجِ .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 25, 2011 6:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1594
[light=][color=][color=#D0D0D0]أعانك الله يا شيخنا و ثبتك بمدد يس و آله
طب ايش الكلام لو بدأ الحاكم فى انتهاك ا؟لأعراض ؟
هذا السؤال يطرح بالبيت و لم أجد اجابة إلا قصة استحلال المدينة على يد بنى أمية
و هل هذا يندرج تحت كفر بواح؟
نرجوالإفادة
و صل اللهم و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
[/color][/color][/light]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 05, 2012 1:52 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

اعتذر لكل الإخوة الأحباب عن هذا التأخر .. وذلك لأسباب أسألكم الدعاء فى زوالها .. وسيأتى الرد على سؤال الفاضل / طلحة .. عند الكلام عن الحالات التى يجوز فيها الخروج على الحاكم .

واستكمل معكم .. وإلى النقطة الخامسة وهى :

- الخروج على الحاكم .. حكمه وأحواله فى ميزان الشرع .

وبين يدى هذه النقطة مقدمة مهمة للغاية .. وتنقسم إلى مبحثين :

الأول ... فى الصفات اللازم توافرها فى الإمام الذى يلى حكم الناس .

الثانى ... فى طريقة تولية الحاكم لأمور الحكم .. فى الشريعة الإسلامية .

وبعد ذكر هذين المبحثين سيظهر جليا وبوضوح حكم الخروج على الحاكم .. ومتى يجوز الخروج عليه ... والأهم ماذا يسمى الشرع من خرج على الحاكم المسلم .

نتوكل على الله تعالى ونبدأ فى المقصود ... ومدد يا سيدى يا رسول الله .

المبحث الأول ... فى الصفات اللازم توافرها فى الإمام الذى يلى حكم الناس .

قال الإمام العلامة القاضى الماوردى فى كتابه "الأحكام السلطانية "(1/5) :

وَأَمَّا أَهْلُ الْإِمَامَةِ فَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهِمْ سَبْعَةٌ :

أَحَدُهَا : الْعَدَالَةُ عَلَى شُرُوطِهَا الْجَامِعَةِ .
وَالثَّانِي : الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى الِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ .
وَالثَّالِثُ : سَلَامَةُ الْحَوَاسِّ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ لِيَصِحَّ مَعَهَا مُبَاشَرَةُ مَا يُدْرَكُ بِهَا .
وَالرَّابِعُ : سَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ عَنْ اسْتِيفَاءِ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةِ النُّهُوضِ .
وَالْخَامِسُ : الرَّأْيُ الْمُفْضِي إلَى سِيَاسَةِ الرَّعِيَّةِ وَتَدْبِيرِ الْمَصَالِحِ .
وَالسَّادِسُ : الشَّجَاعَةُ وَالنَّجْدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى حِمَايَةِ الْبَيْضَةِ وَجِهَادِ الْعَدُوِّ .
وَالسَّابِعُ : النَّسَبُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ وَانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ ، وَلَا اعْتِبَارَ بِضِرَارٍ حِينَ شَذَّ فَجَوَّزَهَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ ، لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ احْتَجَّ يَوْمَ السَّقِيفَةِ عَلَى الْأَنْصَارِ فِي دَفْعِهِمْ عَنْ الْخِلَافَةِ لَمَّا بَايَعُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ عَلَيْهَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ } فَأَقْلَعُوا عَنْ التَّفَرُّدِ بِهَا وَرَجَعُوا عَنْ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا حِينَ قَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ تَسْلِيمًا لِرِوَايَتِهِ وَتَصْدِيقًا لِخَبَرِهِ وَرَضُوا بِقَوْلِهِ : نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا } .
وَلَيْسَ مَعَ هَذَا النَّصِّ الْمُسَلَّمِ شُبْهَةٌ لِمُنَازِعٍ فِيهِ وَلَا قَوْلٌ لِمُخَالِفٍ لَهُ .

وقال العلامة الولى الإمام النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 433- 435) :
كتاب الإمامة وقتال البغاة .. فيه بابان .. الباب الأول في الإمامة .. وفيه فصول.

الفصل الأول في شروط الإمامة .
وهي كونه :

مكلفاً .. مسلماً .. عدلاً .. حراً .. ذكراً .. عالماً .. مجتهداً .. شجاعاً .. ذا رأي وكفاية .. سميعاً بصيرا ..ً ناطقاً .. قرشياً .

ثم قال :
فإن لم يوجد قرشي مستجمع الشروط .. فكناني ، فإن لم يوجد فرجل من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم .. فإن لم يكن فيهم مستجمع الشرائط .. ففي التهذيب أنه يولى رجل من العجم .. وفي التتمة أنه يولى جرهمي وجرهم أصل العرب .. فإن لم يوجد جرهمي فرجل من ولد إسحاق صلى الله عليه وسلم .

ولا يشترط كونه هاشمياً .. ولا كونه معصوماً ..

وفي جواز تولية المفضول خلاف مذكور في أدب القضاء .. فإن لم تتفق الكلمة إلا عليه جازت توليته بلا خلاف لتندفع الفتنة .. ولو نشأ من هو أفضل من المفضول لم يعدل إلى الناشيء بلا خلاف. انتهى .

وبالنسبة إلى شرط القرشى .. فقد قال نجم الدين إبراهيم بن علي الحنفي الطَّرَسوسي فى كتابه " تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك " (1/28) :

قال أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله :

لا يشترط في صحة تولية السلطان أن يكون قرشياً ، ولا مجتهداً ، ولا عدلاً . بل يجوز التقليد من السلطان العادل والجائر .
وأصله قصة معاوية ، فإن الصحابة رضى الله عنهم تقلدوا منه الأعمال ، بعد ما أظهر الخلاف مع علي رضي الله عنه في نوبته .
وقال الشافعي رحمه الله ، فيما نقله الرافعي عنه في كتاب الجنايات الموجبة للعقوبات :
شروط الإمام هي أن يكون مكلفاً ، مسلماً، حراً ، عالماً ، مجتهداً ، شجاعاً ، سميعاً ، بصيراً ، ناطقاً ، قرشياً . وهو المذهب لقوله صلى الله عليه وسلم « الأئمة من قريش » .

ثم قال الطرسوسى :
فهذه عبارات الشافعية في هذه الكتب التي نقلنا منها المسألة ، وكلهم شرطوا أن يكون السلطان مجتهداً قرشياً .. وهذا لا يوجد في الترك ، ولا في العجم . فلا تصح سلطنة الترك عندهم ، ولا تصح توليتهم للقضاء من الترك على مذهبهم . لأن من لا يصلح أن يكون سلطاناً ، كيف يصح التقليد منه ؟

وفي هذا القول من المفاسد ما لا يخفى .. مع أن فيه الإيذاء للسلطان بصرف الرعية عنه ، ومنع متابعة الجند له ، ونحوهما مما لا يحصى .. ولهذا قلنا : إن مذهبنا أوفق للترك ، وأصلح لهم من مذهب الشافعي رضي الله عنه . انتهى .

أرجو من الأحباب التركيز على شروط الإمامة ... وقراءتها بدقة .. لأن مسألة خلع الإمام .. أو جواز الخروج عليه مرتبطة بجزء منها .

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 05, 2012 8:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 9:44 am
مشاركات: 197
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على اشرف الخلق اجمعين سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين

نشكركم على هذا المجهود الجميل
تقبل الله منكم هذا العمل و اعانكم و ثبتكم و وفقكم الى ما فيه الخير و جزاكم عنا كل الخير

السلام عليكم و رحمة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 17, 2012 10:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

جزاك الله خيرا أخى ياسين عمرو ... وأعتذر مرة أخرى عن التأخر .. ولكن والله ليس عن قصد ولكن لشدة الانشغال .. فسامحونى لوجه الله الكريم .

وننتقل الآن إلى المبحث الثانى ... وهو فى طرق تولية الحاكم لأمور الحكم .. فى الشريعة الإسلامية .

قال العلامة الولى الإمام النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 433- 435) :

الفصل الثاني في وجوب الإمامة وبيان طرقها :
لا بد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة وينتصف للمظلومين ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها.
قلت : تولي الإمامة فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه ولزمه طلبها إن لم يبتدؤه والله أعلم.

وتنعقد الإمامة بثلاثة طرق :

أحدها : البيعة كما بايعت الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم .


يقول الفقير إلى الله مريد الحق :

ودليل ذلك حديث سقيفة بنى ساعدة المروى فى صحيح البخارى وغيره .. من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ .. فى لفظ طويل .. وفيه :
فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وَقَالَ { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }قَالَ : فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ .

قَالَ : وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَقَالُوا : مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ .. فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ .
ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ : نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ .. فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ : لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ .. هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا .. فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ .
فَقَالَ عُمَرُ : بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ . انظر : فتح الباري لابن حجر (10/465) .

وقال الإمام القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية (1/6) :
وَالْإِمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ .
وَالثَّانِي بِعَهْدِ الْإِمَامِ مِنْ قَبْلُ .

فَأَمَّا انْعِقَادُهَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِمَامَةُ مِنْهُمْ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى .

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لِيَكُونَ الرِّضَاءُ بِهِ عَامًّا وَالتَّسْلِيمُ لِإِمَامَتِهِ إجْمَاعًا ، وَهَذَا مَذْهَبٌ مَدْفُوعٌ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْخِلَافَةِ بِاخْتِيَارِ مَنْ حَضَرَهَا وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِبَيْعَتِهِ قُدُومَ غَائِبٍ عَنْهَا .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : أَقَلُّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهُمْ الْإِمَامَةُ خَمْسَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الْأَرْبَعَةِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا ثُمَّ تَابَعَهُمْ النَّاسُ فِيهَا ، وَهُمْ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَبِشْرُ بْنُ سَعْدٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَالثَّانِي : عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِيُعْقَدَ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ .

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ : تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الِاثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكِمًا وَشَاهِدَيْنِ كَمَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : تَنْعَقِدُ بِوَاحِدٍ ، لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اُمْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيَقُولُ النَّاسُ : عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمُ وَاحِدٍ نَافِذٌ . انتهى كلام الماوردى .

وقال العلامة الولى الإمام النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين :

ولا يشترط أن يكون الجميع مجتهدين - يقصد أهل الحل والعقد - .
والأصح أن المعتبر بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس الذين يتيسر حضورهم .. ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد في سائر البلاد والأصقاع .. بل إذا وصلهم خبر أهل البلاد البعيدة لزمهم الموافقة والمتابعة .
وعلى هذا لا يتعين للاعتبار عدد بل لا يعتبر العدد ... حتى لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته لانعقاد الإمامة .

ويشترط أن يكون الذين يبايعون بصفة الشهود وذكر في البيان في اشتراط حضور شاهدين البيعة وجهين.

قلت : الأصح لا يشترط إن كان العاقدون جمعاً وإن كان واحداً اشترط الإشهاد .
وذكر الماوردي أنه يشترط في العاقدين العدالة والعلم والرأي وهو كما قال والله أعلم.

ويشترط لانعقاد الإمامة أن يجيب المبايع فإن امتنع لم تنعقد إمامته ولم يجبر عليها.
قلت : إلا أن لا يكون من يصلح إلا واحد فيجبر بلا خوف والله أعلم.

الطريق الثاني : استخلاف الإمام من قبل وعهده إليه .
كما عهد أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما .. وانعقد الإجماع على جوازه .
والاستخلاف أن يعقد له في حياته الخلافة بعده .


وقال القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية (1/12) :

وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ .. وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ .

يقول الفقير مريد الحق :

ودليل الاستخلاف ماأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره - سورة الشعراء - : عن عائشة قالت : كتب أبي وصية سطرين : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر ويتقي الفاجر ويصدق الكاذب ، أني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه ، وإن يجر ويبدل فلا أعلم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

وأخرجه أبو بكر بن الخلال فى كتاب السنة (1/363) عن أبي السفر بلفظ :
أن أبا بكر أشرف من كنيف أو رفيف ، وأسماء بنت عميس هي ممسكته وهي موشومة اليدين : أترضون بمن استخلف عليكم ؟ فوالله ما ألوت ولا تلوت ، ولا ألوت عن جهد رأي ، ولا وليت ذا قرابة ، استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قالوا : سمعنا وأطعنا.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهانى فى فضائل الخلفاء الراشدين (1/329) عن عبد الله بن عبيد يعني ابن عمير قال :
قال أبو بكر رضي الله عنه : إني كنت أخاف أن أفوتكم بنفسي قبل أن أعهد إليكم ، وإني قد أمرت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا .
قال : فتخلف رجل من القوم فقال : ما تقول لربك عز وجل إذا لقيته وأنت تعلم من فظاظة عمر وغلظه ما تعلم ؟
قال : أبربي تخوفونني أقول له : اللهم أمرت عليهم خير أهلك .انتهى
ونعود إلى كلام القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية .. حيث قال :

وَالثَّانِي : أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا وَخَرَجَ بَاقِي الصَّحَابَةِ مِنْهَا .

يقول الفقير مريد الحق :

وقصة استشهاد سسيدنا عمر وتعيينه مجلس شورى ليختار الخليفة جاءت مسندة .. وفيها :
فقالوا له - يعنى سيدنا عمر رضى الله عنه - حين حضره الموت : استخلف ، فقال : لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فأيهم استخلف فهو الخليفة بعدي ، فسمى عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدا فان أصابت الامرة سعدا فذلك ، وإلا فأيهم استخلف فليستعن به فاني لم أعزله عن عجز ولا خيانة وجعل عبد الله يشاور معهم ، وليس له من الامر شئ .. إلى آخر الحديث .
أخرجه ابن سعد وأبو عبيد في الاموال وغيرهما ، كذا عزاه إليه المتقى الهندى فى كنز العمال (5/731) .
وأصل القصة فى صحيح البخارى ومسلم .. ولكن دون ذكر أهل الشورى الذين اختارهم سيدنا عمر رضى الله عنه .. فلذلك سقت لفظ ابن سعد .

وقال العلامة العراقى فى طرح التثريب (8/297-301) :

وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَتَرْكُهُ ..
وَعَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ ...
وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْخَلِيفَةُ ...
وَعَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالسِّتَّةِ . انتهى كلام الحافظ العراقى .

والآن نعود إلى كلام العلامة النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين .. قال رحمه الله :

وأما الطريق الثالث ... فهو القهر والاستيلاء .

فإذا مات الإمام فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة وقهر الناس بشوكته وجنوده انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين .
فإن لم يكن جامعاً للشرائط ... بأن كان فاسقاً أو جاهلاً .. فوجهان :
أصحهما انعقادها لما ذكرناه وإن كان عاصياً بفعله . انتهى كلام الولى النووى .


وأذكر هنا مرة أخرى ما قاله الإمام أبو عبد الله العبدرى المعروف بالمواق المالكى فى كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل (10/490) :

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا نَصُّهُ : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ :

كُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ رِضًا أَوْ غَلَبَةٍ فَاشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ فَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ جَارَ أَوْ عَدَلَ وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ وَتُدْفَعُ إلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، وَهِيَ مُجْزِئَةٌ إذَا طَلَبُوهَا وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ .

قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدْفَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى كُلِّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ صَلَّى خَلْفَ الْحَجَّاجِ .

يتبع بمشيئة الله .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ما هو موقف اهل السنه والجماعه في مسالة الخروج علي الحاكم
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 17, 2012 11:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد

جزاك الله خيرا أخى ياسين عمرو ... وأعتذر مرة أخرى عن التأخر .. ولكن والله ليس عن قصد ولكن لشدة الانشغال .. فسامحونى لوجه الله الكريم .

وننتقل الآن إلى المبحث الثانى ... وهو فى طرق تولية الحاكم لأمور الحكم .. فى الشريعة الإسلامية .

قال العلامة الولى الإمام النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 433- 435) :

الفصل الثاني في وجوب الإمامة وبيان طرقها :
لا بد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة وينتصف للمظلومين ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها.
قلت : تولي الإمامة فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه ولزمه طلبها إن لم يبتدؤه والله أعلم.

وتنعقد الإمامة بثلاثة طرق :

أحدها : البيعة كما بايعت الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم .


يقول الفقير إلى الله مريد الحق :

ودليل ذلك حديث سقيفة بنى ساعدة المروى فى صحيح البخارى وغيره .. من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ .. فى لفظ طويل .. وفيه :
فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وَقَالَ { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }قَالَ : فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ .

قَالَ : وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَقَالُوا : مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ .. فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ .
ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ : نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ .. فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ : لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ .. هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا .. فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ .
فَقَالَ عُمَرُ : بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ . انظر : فتح الباري لابن حجر (10/465) .

وقال الإمام القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية (1/6) :
وَالْإِمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ .
وَالثَّانِي بِعَهْدِ الْإِمَامِ مِنْ قَبْلُ .

فَأَمَّا انْعِقَادُهَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِمَامَةُ مِنْهُمْ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى .

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لِيَكُونَ الرِّضَاءُ بِهِ عَامًّا وَالتَّسْلِيمُ لِإِمَامَتِهِ إجْمَاعًا ، وَهَذَا مَذْهَبٌ مَدْفُوعٌ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْخِلَافَةِ بِاخْتِيَارِ مَنْ حَضَرَهَا وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِبَيْعَتِهِ قُدُومَ غَائِبٍ عَنْهَا .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : أَقَلُّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهُمْ الْإِمَامَةُ خَمْسَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الْأَرْبَعَةِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا ثُمَّ تَابَعَهُمْ النَّاسُ فِيهَا ، وَهُمْ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَبِشْرُ بْنُ سَعْدٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَالثَّانِي : عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِيُعْقَدَ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ .

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ : تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الِاثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكِمًا وَشَاهِدَيْنِ كَمَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : تَنْعَقِدُ بِوَاحِدٍ ، لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اُمْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيَقُولُ النَّاسُ : عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمُ وَاحِدٍ نَافِذٌ . انتهى كلام الماوردى .

وقال العلامة الولى الإمام النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين :

ولا يشترط أن يكون الجميع مجتهدين - يقصد أهل الحل والعقد - .
والأصح أن المعتبر بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس الذين يتيسر حضورهم .. ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد في سائر البلاد والأصقاع .. بل إذا وصلهم خبر أهل البلاد البعيدة لزمهم الموافقة والمتابعة .
وعلى هذا لا يتعين للاعتبار عدد بل لا يعتبر العدد ... حتى لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته لانعقاد الإمامة .

ويشترط أن يكون الذين يبايعون بصفة الشهود وذكر في البيان في اشتراط حضور شاهدين البيعة وجهين.

قلت : الأصح لا يشترط إن كان العاقدون جمعاً وإن كان واحداً اشترط الإشهاد .
وذكر الماوردي أنه يشترط في العاقدين العدالة والعلم والرأي وهو كما قال والله أعلم.

ويشترط لانعقاد الإمامة أن يجيب المبايع فإن امتنع لم تنعقد إمامته ولم يجبر عليها.
قلت : إلا أن لا يكون من يصلح إلا واحد فيجبر بلا خوف والله أعلم.

الطريق الثاني : استخلاف الإمام من قبل وعهده إليه .
كما عهد أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما .. وانعقد الإجماع على جوازه .
والاستخلاف أن يعقد له في حياته الخلافة بعده .


وقال القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية (1/12) :

وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ .. وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ .

يقول الفقير مريد الحق :

ودليل الاستخلاف ماأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره - سورة الشعراء - : عن عائشة قالت : كتب أبي وصية سطرين : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر ويتقي الفاجر ويصدق الكاذب ، أني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه ، وإن يجر ويبدل فلا أعلم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

وأخرجه أبو بكر بن الخلال فى كتاب السنة (1/363) عن أبي السفر بلفظ :
أن أبا بكر أشرف من كنيف أو رفيف ، وأسماء بنت عميس هي ممسكته وهي موشومة اليدين : أترضون بمن استخلف عليكم ؟ فوالله ما ألوت ولا تلوت ، ولا ألوت عن جهد رأي ، ولا وليت ذا قرابة ، استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قالوا : سمعنا وأطعنا.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهانى فى فضائل الخلفاء الراشدين (1/329) عن عبد الله بن عبيد يعني ابن عمير قال :
قال أبو بكر رضي الله عنه : إني كنت أخاف أن أفوتكم بنفسي قبل أن أعهد إليكم ، وإني قد أمرت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا .
قال : فتخلف رجل من القوم فقال : ما تقول لربك عز وجل إذا لقيته وأنت تعلم من فظاظة عمر وغلظه ما تعلم ؟
قال : أبربي تخوفونني أقول له : اللهم أمرت عليهم خير أهلك .انتهى
ونعود إلى كلام القاضى الماوردى فى الأحكام السلطانية .. حيث قال :

وَالثَّانِي : أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا وَخَرَجَ بَاقِي الصَّحَابَةِ مِنْهَا .

يقول الفقير مريد الحق :

وقصة استشهاد سسيدنا عمر وتعيينه مجلس شورى ليختار الخليفة جاءت مسندة .. وفيها :
فقالوا له - يعنى سيدنا عمر رضى الله عنه - حين حضره الموت : استخلف ، فقال : لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فأيهم استخلف فهو الخليفة بعدي ، فسمى عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدا فان أصابت الامرة سعدا فذلك ، وإلا فأيهم استخلف فليستعن به فاني لم أعزله عن عجز ولا خيانة وجعل عبد الله يشاور معهم ، وليس له من الامر شئ .. إلى آخر الحديث .
أخرجه ابن سعد وأبو عبيد في الاموال وغيرهما ، كذا عزاه إليه المتقى الهندى فى كنز العمال (5/731) .
وأصل القصة فى صحيح البخارى ومسلم .. ولكن دون ذكر أهل الشورى الذين اختارهم سيدنا عمر رضى الله عنه .. فلذلك سقت لفظ ابن سعد .

وقال العلامة العراقى فى طرح التثريب (8/297-301) :

وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَتَرْكُهُ ..
وَعَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ ...
وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْخَلِيفَةُ ...
وَعَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالسِّتَّةِ . انتهى كلام الحافظ العراقى .

والآن نعود إلى كلام العلامة النووى فى روضة الطالبين وعمدة المفتين .. قال رحمه الله :

وأما الطريق الثالث ... فهو القهر والاستيلاء .

فإذا مات الإمام فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة وقهر الناس بشوكته وجنوده انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين .
فإن لم يكن جامعاً للشرائط ... بأن كان فاسقاً أو جاهلاً .. فوجهان :
أصحهما انعقادها لما ذكرناه وإن كان عاصياً بفعله . انتهى كلام الولى النووى .


وأذكر هنا مرة أخرى ما قاله الإمام أبو عبد الله العبدرى المعروف بالمواق المالكى فى كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل (10/490) :

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا نَصُّهُ : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ :

كُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ رِضًا أَوْ غَلَبَةٍ فَاشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ فَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ جَارَ أَوْ عَدَلَ وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ وَتُدْفَعُ إلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، وَهِيَ مُجْزِئَةٌ إذَا طَلَبُوهَا وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ .

قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدْفَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى كُلِّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ صَلَّى خَلْفَ الْحَجَّاجِ .

يتبع بمشيئة الله .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 42 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 50 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط