موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: العقيدة الإسلامية شبهات وردود .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 17, 2016 4:14 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 2910
بسم الله الرحمن الرحيم

هناك شبهات تدور حول العقيدة الإسلامية من هذه الشبهات شبهة ( إن الله لا يقدر على المستحيل ــ أو إن الله لا يقدر على خلق شريك له ـ أو إن الله لا يقدر على إعدام نفسه .... )

ورد في جَامِعُ بَيَانِ الْعِلْم لابن عَبْدِ الْبَرِّ 1 / 127:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لِإِبْلِيسَ: يَا سَيِّدَنَا مَا لَنَا نَرَاكَ تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَالِمِ مَا لَا تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَابِدِ؟ فَقَالَ: انْطَلِقُوا فَانْطَلَقُوا إِلَى عَابِدٍ قَائِمٍ يُصَلِّي فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ، فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: أَتَرَوْنَهُ؟ كَفَرَ فِي سَاعَةٍ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى عَالِمٍ فِي حَلْقَةٍ يُضَاحِكُ أَصْحَابَهُ وَيُحَدِّثُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ، فَقَالَ: سَلْ، فَقَالَ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: يَقُولُ لِذَلِكَ إِذَا أَرَادَ: كُنْ فَيَكُونُ، قَالَ إِبْلِيسُ: أَتَرَوْنَ ذَلِكَ؟ لَا يَعْدُو نَفْسَهُ وَهَذَا يُفْسِدُ عَلَيَّ عَالَمًا كَثِيرًا " اهـ

وقد قيل إن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا، ما لنا نراك تفرح بموت العالم ما لا تفرح بموت العابد؟ والعالم لا نصيب منه والعابد نصيب منه؟ قال: انطلقوا إلى عابد، فأتوه في عبادته، فقالوا: إنا نريد أن نسألك، فانصرف، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يخلق مثل نفسه؟ فقال: لا أدري، فقال: أترونه! لم تنفعه عبادته مع جهله... فسألوا عالماً عن ذلك، فقال: هذه المسألة محال لأنه لو كان مثله لم يكن مخلوقاً، فكونه مخلوقاً وهو مثل نفسه مستحيل، فإذا كان مخلوقاً لم يكن مثله، بل كان عبداً من عبيده، فقال: أترون هذا! يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين. انتهى.

وقيل إن إبليس عليه لعنة الله قال لعابد أليس ربك بقادر قال بلى فادعوه أن يخرجك من ملكه فدعى بذلك الأحمق ففعلها مع عالم قال يا لعين وهل ثم فى الوجود من مكان إلا وهو ملكه فكمال العظمة والجبروت نفى الخروج من ملكه فكيف بما قلت .

فما هو المراد من هذه الشبهة : إثبات العجز لله تعالى وإذا ثبت العجز انتفت الألوهية وأنه لا يوجد إله لهذا الكون، فإذاً ( أنا ملحد ) فالمراد هو الإلحاد أو التشكيك أو يقع الانسان تحت قوله - صلى الله عليه وسلم - «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ»

إن الذى يجعل الإنسان يقع فى هذه الشبهة هو عدم معرفته بأقسام الحكم العقلى ومتعلقات الصفات عامة ومتعلقات صفة القدرة خاصة لأن أساس الشبهة مبني على قسمين من أقسام الحكم العقلى( المستحيل ــ والممكن ) فما هو المستحيل وما هو الممكن :

قال الشيخ اللقاني رضى الله تعالى عنه:
فَكُلُّ مَنْ كُلِّفَ شَرْعاً وَجَبَا *** عَلَيْه أَنْ يَعْرِفَ مَا قَدْ وَجبَا.
لِلهِ والجـائِزَ والمُمتنِعَا *** ومَثلِ ذا لِرُسْلهِ فاستمِعا.

وقال الإمام الدردير :
أقسام حكم العقل لا محالة *** هي الوجوب ثم الاستحالة
ثم الجواز ثالث الأقسام *** فافهم منحت لذة الأفهام


تعريف الحكم العقلي وأقسامه :

الحكم العقلي هو
: إثبات أمرٍ لأمرٍ ، أو نفيُه عنه ، بواسطة العقل .
وأقسامه ثلاثة :

1 ـ واجب . 2 ـ وجائز . 3 ـ ومستحيل .

1 ـ الواجب : هو الأمر الثابت الذي لا يتصور العقل انتفاءه.

2 ـ الجائز : ويسمى الممكنُ : وهو الذي يفيد الثبوت تارة والعدم تارة أخرى .

3 ـ المستحيل : وهو ما لا يتصور في العقل وجوده ،
ومعنى كون الوجوب والاستحالة والجواز أحكاماً عقلية : أنها لازمة لما حُكِمَ له بها لا تقبل التخلف عنه ولا الانفكاك .

2- تعريف القدرة :
" لغة : القوة والإستطاعة .
واصطلاحا: صفة أزلية قائمة بذاته زائدة عليها ( ليست زائدة في الخارج بل زائدة في المفهوم ) يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدامه على وفق الإرادة" . شرح الصاوي على جوهرة التوحيد صـ 168) .

فمنهج السادة الأشاعرة أن القدرة تتعلق بكل ممكن .

وإليك بعض أقوالهم:

3- بيان تعلقات الصفات
قال الشيخ اللقاني رضى الله تعالى عنه
فقدرةٌ بُمْمكِنٍ تعلَّقَتْ *** بِلا تَنَاهِيْ ما بِهِ تعلَّقَتْ.

تعلقات القدرة

قال الإمام الصاوى رضى الله تعالى عنه في شرحه على جوهرة التوحيد : 197 – 200 "
قوله (فقدرةٌ بُمْمكِنٍ تعلَّقَتْ) اعلم أن الصفات الوجودية قسمان: متعلق وغير متعلق .
وضابط الأول : ما يقتضي أمرا زائدا على قيامها بمحلها .
- كالقدرة : فإنها تقتضي مقدورا يتأتى بها إيجاده و إعدامه.
- والإرادة : فإنها تقتضي مرادا يتخصص بها.
- والعلم : فإنه يقتضي معلوما ينكشف به .
- والكلام: فإنه يقتضي معنى يدل عليه.
- والسمع: فإنه يقتضي مسموعا يسمع به.
- والبصر: فإنه يقتضي مبصرا يبصر به.

وضابط ما لا يتعلق : ما لا يقتضي أمرا زائدا على قيامها بمحلها وهو الحياة لا غير.

والمتعلق إما متعلق:
- بجميع أقسام الحكم العقلي، وهو العلم والكلام.
- أو بالجائزات فقط، وهو / القدرة والإرادة.
- أو بالموجودات فقط واجبة أو جائزة ، وهو السمع والبصر.

وقد شرع في تفصيل ذلك بقوله : ( فقدرة ) . فالفاء فاء الفصيحة، واقعة في جواب شرط مقدر ، تقديره إذا أردت معرفة تعلقات الصفات ، فالواجب عليك اعتقاد أن القدرة الأزلية تتعلق بكل ممكن ؛ والمراد بالممكن ما عدا الواجب والمستحيل ، فتتعلق بالممكنات إيجادا وإعداما. ولا تتعلق بالواجبات؛ لأنها إن تعلقت بإيجادها لزم تحصيل الحاصل ، أو بإعدامها لزم قلب الواجب جائزا، وهو قلب للحقائق.
ولا بالمستحيلات لأنها إن تعلقت بإيجادها لزم قلب الحقائق أو بإعدامها لزم تحصيل الحاصل.
فعدم تعلق القدرة بالواجب والمستحيل ليس بعجز بخلاف الممكن ....
قوله: (بِلا تَنَاهِيْ) أي من غير نهاية لما تعلقت به فلا يخرج عنها فرد.
قوله: ( ووحدة أوجب لها) أي للقدرة، يعني أنه يجب شرعا أن تعتقد أن قدرة الله واحدة وتتعلق بكل ممكن إيجادا وإعداما وعدم تناهي متعلقاتها.
والدليل على أنها واحدة أنه يلزم على تعددها اجتماع مؤثرين على أثر واحد. وعلى أنها تتعلق بكل ممكن أنه لو خرج ممكن عن تعلقها لزم منه العجز .
وعلى عدم تناهي متعلقاتها قوله تعالى : { والله على كل شئ قدير} . والمراد بالشئ في الآية معناه اللغوي ، وهو الممكن ، وجزئيات الممكن لا تتناهى خيرا كان أو شرا. خلافا للمعتزلة القائلين أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية ." اهـ .

وفي شرح الإمام الدردير على خريدته البهية 111- 116:

وواجب تعليق ذي الصفات *** حتما دواما ما عدا الحياة
فالعلم جزما والكلام السامي *** تعلقا بسائر الأقسام
وقـدرة إرادة تـعـلـقـا *** بالممكنات كلها أخي التقى
"والتعلق : اقتضاء الصفة أمرا زائدا على قيامها بالذات، كاقتضاء العلم معلوما ينكشف به، واقتضاء الإرادة مرادا يتخصص بها، واقتضاء القدرة مقدورا.." .
ثم قال رضي الله عنه:
" القسم الثاني: ما يتعلق بجميع الممكنات، وهو صفتان أيضا : القدرة والإرادة ، وإليه أشار بقوله (وقدرة) و (إرادة تعلقا ...بالممكنات) لا بالواجبــات ولا بالمــســتــحــيــلات ...." .
ثم قال رضي الله عنه:
" وإنما لم تتعلق القدرة والإرادة بالواجب والمستحيل؛ لأنهما لما كانا صفتي تأثير- ومن لازم الأثر وجوده بعد عدم – لزم أن ما لم يقبل العدم أصلا وهو الواجب، وما لم يقبل الوجود أصلا وهو المستحيل، لم يصح أن يكونا أثرا لهما، وإلا لزم تحصيل الحاصل وقلب الحقائق بصيرورة الواجب أو المستحيل جائزا، وهو تهافت لا يعقل، فالكمال المطلق في عدم تعلقهما بالواجب والمستحيل؛ لما علمت ، والنقص الذي ما بعده نقص تعلقهما بهما، المؤدى ذلك إلى إعدامهما أنفسهما، وإعدام الذات العلية، وإيجاد الشريك، والعجز والجهل، نعوذ بالله من الضلال الذي تمسك به بعض أهل الاختلال.."
وقال محقق الكتاب في الهامش:
" إن قلنا بتعلق القدرة والإرادة الأزليتين بالواجب يلزم تحصيل الحاصل؛ فالواجب موجود، ويلزم قلب حقيقة المستحيل والواجب إن قلنا بتعلقهما بهما، فحقيقة المستحيل عقلا أنه لا يقبل الثبوت، وحقيقة الواجب عقلا أنه لا يقبل الانتفاء، ولو تعلقت بهما قدرة الله – تعالى – وإرادته لانقلبا ممكنين" اهـ باختصار .

وفي تحفة المريد على جوهرة التوحيد للإمام الباجوري صـ51:
"قال اللقاني:
فقدرةٌ بُمْمكِنٍ تعلَّقَتْ *** بِلا تَنَاهِيْ ما بِهِ تعلَّقَتْ.
قال شيخ الإسلام الباجوري فى كتابه تحفة المريد على جوهرة التوحيد:
"قوله: (بُمْمكِنٍ تعلَّقَتْ) الجار والمجرور متعلق بالفعل بعده، وإنما قدمه عليه لإفادة الحصر فكأنه قال لا تتعلق إلا بممكن أي بكل ممكن فالمراد العموم لأن النكرة في سياق الإثبات قد تعم كما في قوله تعالى : ( علمت نفس ما أحضرت) أي كل نفس ، فالقدرة متعلقة بجميع الممكنات ؛ لأنه لو خرج ممكن عن تعلقها لزم منه العجز وهو محال عليه تعالى ، والمراد بالممكن ما لا يجب وجوده ولا عدمه لذاته، ولو وجب وجوده أو عدمه لغيره فالذي تعلق علمه تعالى بوجوده من الممكنات فهو وإن كان ممكنا في ذاته لكن وجب وجوده لغيره كإيمان من علم الله تعالى إيمانه ، والذي تعلق علمه تعالى بعدم وجوده فهو وإن كان ممكنا في ذاته لكن وجب علم وجوده لغيره كإيمان من علم الله عدم إيمانه كأبي جهل، لكن تعلق القدرة بالذي تعلق علم الله بعدم وجوده تعلق صلوحي لا تنجيزي وإلا لانقلب العلم جهلا وهو محال، وبذلك يجمع بين القولين، فالقول بإنه من متعلقات القدرة محمول على أنه من متعلقاتها باعتبار التعلق الصلوحي ، والقول بأنه ليس من متعلقات القدرة محمول على أنه ليس من متعلقاتها باعتبار التعلق التنجيزي، وعلم من ذلك أن للقدرة تعلقين تعلقا صلوحيا قديما وهو صلاحيتها في الأزل للإيجاد والإعدام فيما لا يزل، وتنجيزيا حادثا وهو الإيجاد والإعدام بها بالفعل وهذا على سبيل الإجمال .
وأما على سبيل التفصيل فلها تعلقات سبعة وقد تقدم بيانها ، وخرج بالممكن الواجب والمستحيل فلا تتعلق القدرة بهما لأنها إن تعلقت بوجود الواجب لزم تحصيل الحاصل وإن تعلقت بعدمه لزم انقلاب حقيقة الواجب ، فإن حقيقته ما لا يقبل العدم ، وإن تعلقت بالمستحيل فعلى العكس من ذلك .
قوله: ( بِلا تَنَاهِيْ ما بِهِ تعلَّقَتْ( أي الممكن الذي تعلقت به القدرة متلبس بعدم التناهي ، فمتعلقات القدرة لا تنتهي إلى حد ونهاية إذ منها نعيم الجنان وهو متجدد شيئا فشيئا وهكذا، وأما ما وجد في الخارج من الممكن فهو متناه لأن كل ما حصره الوجود من الممكن فهو متناهي لاستحالة حوادث لا نهاية لها.
ويدل على عدم تناهي متعلقات القدرة قوله تعالى: { والله على كل شئ قدير} وقوله تعالى: { خلق كل شئ فقدره تقديرا} أي كل شئ ممكن في الآيتين . " اهـ

وفي كفاية الصبيان فى ما يجب من عقائد الإيمان وعمل الأركان للمسند أبى المحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي الحنفى 1 /13:
"ويجوز فى حقه تعالى فعل كل ممكن أو تركه وإلا لانقلبت الحقائق وهو مستحيل . " اهـ

وفي الحصون الحميدية العلامة الشيخ حسين أفندى الجسر 1 / 27:
"وإنما لم تتعلق كل من إرادة الله تعالى وقدرته لا إيجادا ولا إعداما بالواجبات كذاته تعالى وصفاته وملازمة الجرم للحيز ولا بالمستحيلات كالشريك له تعالى والجمع بين النقيضين ككون زيد موجودا ومعدوما فى آن واحد فلأن الواجب حاصل حتما ولا يمكن خروجه عن الوجود إلى العدم فلا تتعلق به الإرادة والقدرة لا إيجادا لأن ذلك تحصيل حاصل وهو محال ولا إعداما لاستحالة عدمه وخروجه عن الوجود ولأن المستحيل معدوم حتما ولا يقبل الوجود فلا تتعلق به الإرادة والقدرة لا إعداما لأن ذلك تحصيل حاصل وهو محال ولا إيجادا لاستحالة وجوده وخروجه عن العدم وعلى تقرير هذا المقام لو سئل سائل وقال: هل يقدر الله تعالى على إعدام الواجب الفلانى أو على إيجاد المستحيل الفلانى كشريكه تعالى؟ فالجواب المقترن بالأدب أن نقول: إن البرهان قد دل على أن قدرة الله تعالى لا تتعلق بالواجبات ولا بالمستحيلات لا إيجادا ولا إعداما وما ذكرت أيها السائل فهو من الواجبات أو من المستحيلات فقدرة الله لا تتعلق بهما ولا نقول إنه تعالى لا يقدر على ذلك لأن هذا من سوء الأدب فى جانب الحضرة الإلهية ويوهم العجز عليه تعالى وتقدس) أهـ

فالمستحيل ليس بشيء المستحيل هو المعدوم ، الذي لا يمكن وجوده ، وإن كان الذهن قد يتخيله ويقدّره تقديرا ، ومعلوم أن الذهن يفرض ويقدر المستحيل ، فالذهن يقدّر اجتماع النقيضين ، ككون الشيء موجودا معدوما في نفس الوقت .

فالآية { إن الله على كل شئ قدير} تنص على قدرة الله على (الأشياء) فلا يدخل في ذلك الأمور المستحيلة لذاتها ، لأنها ليست بشيء ، بل عدم، لا يمكن أن يوجد .

ولهذا نص العلماء على أن قدرة الله إنما تتعلق بالممكن ؛ لهذا السبب الذي ذكرناه ، وهو أن المعدوم المستحيل ليس بشيء .

الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي ( 305 ، 306 )
وقد أثبتنا صفة القدرة فلنذكر أحكامها. ومن حكمها أنها متعلقة بجميع المقدورات، وأعني بالمقدورات الممكنات كلها. ولا يخفى أن الممكنات لا نهاية لها فلا نهاية إذاً للمقدورات، ونعني بقولنا لا نهاية للممكنات أن خلق الحوادث بعد الحوادث لا ينتهي إلى حد يستحيل في العقل حدوث حادث بعده، فالإمكان مستمر أبداً والقدرة واسعة لجميع ذلك، وبرهان هذه الدعوى وهي ـ عموم تعلق القدرة ـ أنه قد ظهر أن صانع كل العالم واحد، فإما أن يكون له بإزاء كل مقدور قدرة والمقدورات لا نهاية لها فتثبت قدر متعددة لا نهاية لها وهو محال كما سبق في إبطال دورات لا نهاية لها، وإما أن تكون القدرة واحدة فيكون تعلقها مع ـ اتحادها ـ بما يتعلق به من الجواهر والأعراض مع اختلافها لأمر تشترك فيه ولا تشترك في أمر سوى الامكان، فيلزم منه أن كل ممكن فهو مقدور لا محالة وواقع بالقدرة.أهـ


حاشية شيخ الإسلام وقدوة الأنام الشيخ عبد الله الشرقاوى على شرح الإمام العلامة محمد بن منصور الهدهدى على صغرى الإمام السنوسي ( 65 ، 66 ) .

والقدرة صفة أزلية يتأتى بها إجاد كل ممكن وإعدامه على وفق الإرادة .
قوله ( يتأتى بها ) أى يتيسر بها متعلقها ففيه إشارة إلى التعلق الصلوحى فيخرج به ما لا يتعلق أصلاً كالحياة وما يتعلق تعلقا تنجيزيا فقط كالعلم وقوله ( إجاد كل ممكن ) خرج به ماعدا المعرف وفيه إشارة إلى أنها لا تتعلق بالواجب لما يلزم عليه من تحصيل الحاصل إن تعلقت بوجوده أو قلب للحقائق إن تعلقت بعدمه ولا بالمستحيل لعكس ما ذكر ، ولا عجز فى عدم تعلقها بهما بل لو تعلقت بهما لزم الفساد ، والممكن يطلق على ما استوت نسبة وجوده وعدمه بأن يكون كل منهما ليس بمنتنع وهو المراد . أهـ

نور الظلام للسيد محمد نووى الشافعى شرح منظومة عقيدة العوام للسيد أحمد المرزوقى المالكى المكى (9) .

فقدرة إرادة سمع بصر *** حياة العلم كلام استمر
أى إذا أردت تفصيل صفات المعانى السبعة فأقول هى قدرة ... إلى آخرها ، وهذه الصفات السبعة كل واحدة لها سبع مطالب إلا الحياة وحدها فلها ست مطالب فالقدرة لها سبع مطالب نشهد ونعتقد أن قدرة الله موجودة وقديمة وباقية ومخالفة لقدرتنا الحادثة وغنية عن المخصص وواحدة عامة التعلق بجميع الممكنات . أهـ

حاشية الإمام محمد بن محمد الأمير على شرح العلامة عبد السلام بن إبراهيم المالكى لجوهرة التوحيد للإمام اللقانى ( 93 ، 94 )

والتعلق إما أن يتعلق بجميع أقسام الحكم العقلى كالعلم والكلام أو ببعضها كالقدرة والإرادة بالممكن فقط والسمع والبصر الادراك بالواجب والجائز الموجود ، وهذا ما شرع فى بيانه الآن بقوله ( فقدرة ) أى فاذا أردت معرفة تعلقات الصفات فالواجب عليك اعتقاد أن القدرة الأزلية تتعلق (بمكن) أى بكل ممكن وهو ما لا يجب وجوده ولا عدمه وخرج الواجب والمستحيل لأن القدرة صفة مؤثرة ومن لزم الأثر وجوده بعد عدم فيما لا قبل العدم أصلاً كالواجب لا يصح أن يكون أثر لها لئلا يلزم تحصيل الحاصل وما لا يقبل الوجود أصلاً كالمستحيل لا يصح أن يكون أثر لها أيضاً لئلا يلزم قلب الحقيقة بصيرورة المستحيل جائزا وكلاهما محال وقوله ( تعلقت ) عامل بمكن أى تعلقا صلوحيا وهو التعلق القديم بمعنى أنها فى الأزل صالحة للإيجاد والإعدام على وفق تعلق الإرادة الأزلية بهما فيما لا يزل وتعلقا تنجيزيا وهو التعلق الحادث المقارن لتعلق الإرادة بالحدوث الحالى وأشار إلى عموم تعلق القدرة لجميع الممكنات بقوله ( بلا تناهى ما به تعلقت ) أى الممكن الذى به تعلقت بأن لا يخرج عنها فرد منه يعنى أن قدرة الله تعالى غير متناهية المتعلقات لقوله تعالى ( وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وقوله تعالى ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) أهـ

والله تعالى تام القدرة لا يعجز عن خلق أحسن من هذا الشكل . وإذا نظرت إلى السماء وكواكبها والسحاب والرياح . والأرض وما فيها علمت أنه الموجود القادر .

يتبع إن شاء الله .

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: العقيدة الإسلامية شبهات وردود .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 17, 2016 9:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين أغسطس 19, 2013 6:15 pm
مشاركات: 288
الاخ الفاضل النووي

احييك على هذا النقل الدقيق --- وان كان نقلك قد سبب لي اضطراب في الفهم -- وذلك لأنك تطلق على قول من يقول (الله لا يقدر على ان يخلق مثله ) اسم شبهة ثم استشهدت بقول بن عباس

(وقد قيل إن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا، ما لنا نراك تفرح بموت العالم ما لا تفرح بموت العابد؟ والعالم لا نصيب منه والعابد نصيب منه؟ قال: انطلقوا إلى عابد، فأتوه في عبادته، فقالوا: إنا نريد أن نسألك، فانصرف، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يخلق مثل نفسه؟ فقال: لا أدري، فقال: أترونه! لم تنفعه عبادته مع جهله... فسألوا عالماً عن ذلك، فقال: هذه المسألة محال لأنه لو كان مثله لم يكن مخلوقاً، فكونه مخلوقاً وهو مثل نفسه مستحيل، فإذا كان مخلوقاً لم يكن مثله، بل كان عبداً من عبيده، فقال: أترون هذا! يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين. انتهى.)


فهذا النص قد سبب لدي اضطراب شديد في الفهم لأن ما تسميه أنت شبهة هو نفسه ما يقول به العالم الذي سالوه في الحديث الذي اوردته -- وقال ابليس عنه (اترون هذا يهدم في ساعة ما ابنيه في سنين )





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: العقيدة الإسلامية شبهات وردود .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 18, 2016 7:30 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 2910
امخبت كتب:
[size=200]الاخ الفاضل النووي
احييك على هذا النقل الدقيق --- وان كان نقلك قد سبب لي اضطراب في الفهم ... ما تسميه أنت شبهة هو نفسه ما يقول به العالم الذي سالوه في الحديث الذي اوردته....

حياكم الله وأكرمكم الأخ الفاضل امخبت ...من الواضح فعلا ان عند حضرتك اضطراب في فهم المسألة وهو أنك تظن أن ما أسميه شبهة هو عين كلام العالم ..بمعنى أن هذه الجملة:" الله لا يقدر على ان يخلق مثله" هي هي نفس الجملة دي:" هذه المسألة محال ..". وفهمك ده جعلك تقول ان علماء الأشاعرة قالوا بأن الله لا يقدر على خلق مثله أو خلق المحال وما إلى ذلك .

أقول لحضرتك بكل بساطة ان الجملتين السابقتين مختلفتين تماما كل الإختلاف في المعني و الألفاظ ..إزاي؟

الجملة الأولى:" الله لا يقدر على ان يخلق مثله" فهذه الجملة خاطئة وليست صحيحة..ليه؟
علشان صفة القدرة لها شئونها وتعلقاتها فكل شئ (ممكن) يدخل تحت القدرة ..طيب وان كان غير ممكن (مستحيل ، واجب) كده يبئا ملهوش علاقة ولا شأن بالقدرة لأن القدرة لا تتعلق بالواجب لما يلزم عليه من تحصيل الحاصل إن تعلقت بوجوده أو قلب للحقائق إن تعلقت بعدمه ولا بالمستحيل لعكس ما ذكر ، ولا عجز فى عدم تعلقها بهما بل لو تعلقت بهما لزم الفساد ولأن المستحيل معدوم غير موجود أصلا ولن يوجد والمعدوم لا شئ...وبما أنه لا شئ فلا يأتي أحد ويوجده سواء في القدرة أو في الإرادة..فتركيبة الجملة غلط لفظا ومعنى

وقد ذكرت لك ذلك في مشاركتي السابقة :
النووي كتب:
فالمستحيل ليس بشيء المستحيل هو المعدوم ، الذي لا يمكن وجوده ، وإن كان الذهن قد يتخيله ويقدّره تقديرا ، ومعلوم أن الذهن يفرض ويقدر المستحيل ، فالذهن يقدّر اجتماع النقيضين ، ككون الشيء موجودا معدوما في نفس الوقت .

فالمستحيل شئ والقدرة شئ آخر ليست بينهما علاقة .

الجملة الثانية:"هذه المسألة محال ..."
يقصد العالم أن هذه المسألة محال نسبتها لله عز وجل أى يستحيل أن نصف الله عز وجل بهذا الوصف ألا وهو ( قدرة الله تتعلق بالمستحيل ) فهذا العالم يقوم بتنزيه الله عز وجل عن كل نقص لذلك تجد أنه يثبت ذلك بالدليل فقال ( هذه المسألة محال لأنه لو كان مثله لم يكن مخلوقاً، فكونه مخلوقاً وهو مثل نفسه مستحيل، فإذا كان مخلوقاً لم يكن مثله، بل كان عبداً من عبيده، فقال: أترون هذا! يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين)انتهى . فالعالم يثبت بقوله هذا أن قدرة الله عز وجل لا تتعلق بالمستحيل وقائل الشبهة يثبت أن قدرة الله عز وجل تتعلق بالمستحيل .

شرفني وأسعدني مروركم الطيب الكريم أكرمكم الله .

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط