خلاصة ما ذكره فحول الأصوليين العلماء الراسخين في علم الأصول في بيان الواجب والجائز والمستحيل في حق ذات الله الواحد الأحد الجليل تعالى وتقدس
[1] : جاء في متن أم البراهين المسمى بالعقيدة السنوسية الصغرى للإمام أبي عبد الله محمد السنوسي الحسني:
( أعْلَمْ أّنَّ الْحُكْمَ العَقْليَّ يَنْحَصِرُ فِي ثَلاَثَةِأَقْسَامٍ : الْوُجُوبِ ، وَالاِسْتِحَالَةِ ، وَالجَوَازِ ، فَالْوَاجِبُ :مَالايُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ ، وَالمُسْتَحِيلُ :مَالاَ يُتَصَوَّرُ فِيالْعَقْلِ وُجُودُهُ ، وَالجَائِزُ :مَا يَصِحُّ فِي الْعَقْلِ وَجَودَهَ وَعَدَمُهُ ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ شَرْعً اأّنْ يَعْرِفَ مَا يَجِبُ فِي حَقِّ مَوْلاَنَا جَلَّ وَعَزَّ ، وَمَا يَسْتَحِلُ ، وَمَا يَجُوزُ ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مِثْلَ ذلِكَ فِي حَقِّ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وّالسَّلاَمُ.
فِمَمَّا يَجِبُ لِمَوْلاِنَا جَلَّ وَعَزَّ عِشْرُونَ صِفَةً ،وَهِيَ :الْوَجُودُ ،وَالْقِدَمُ ، وَالبَقَاءُ ، وَمُخَالَفَتُهَ تَعَالَى ِلْحَوَادِثِ ، وَقِيَامُةُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ :أَيْ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى مَحَلَّ ، وَلاَ مُخصِّصٍ ، وَالْوَحْدَانِيَّةُ :أَيْلاَ ثَانِيَ لَهُ فِي ذَاتِهِ ، وَلاَ فِي صِفَاتِهِ ، وَلاَ فِي أَفْعَالِهِ ، فَهذِهِ سِتُّ صِفَاتٍ :اْلأُولَى نَفْسِيَّةٌ ، وَهِيَ :الْوَجُودُ ، وَالخَمْسَةُ بَعْدَهَا سَلْبيَّةٌ ، ثُمَّ يَجِبُ لَهُ تَعَالَى سَبْعُ صِفَاتٍ ،تُسَمَّى صفَاتِ المَعَانِي ، وَهِيَ :الْقًدْرَةُ ،وَاْلإِرادَةُ : المُتَعَلِّقَانِ بِجَمِيعِالمُمْكِنَات ، وَالْعِلْمُ المُتَعَلِّقُ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ ، وَالجَائِزَاتِ ،وَالمُسْتَحِيلاَتُ ، وَالحَيَاةُ ،وَهِيَ : لاَ تتَعَلَّقُ بِشْيءِ ، وَالسَّمْعُ وَالبصَرُ :المُتَعَلِّقَان بِجَمِيعِ المَوْجُودَات ، وَالْكَلامُ :الذَّي لَيْسَ بِحَرْفٍ ، وَلاَ صَوْتٍ ، وَيَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَعَلَّقُبِهِ الْعِلْمُ مِنَ المُتَعَلَّقَاتِ ، ثُمَّ سَبْعُ صِفَاتٍ ،تُسَمَّى صِفَاتٍ مَعْنَوِيَّةً ،وَهِيَ :مُلاَزِمَةٌ لِلسَّبْعْ اْلأُولَى ، وَهِيَ :كَوْنهُ تعالى :قادراًوَمُريداً وَعَالِمًا وَحَيَّا وَسَمِيعًا وَبَصِيراً وَمُتَكَلِّمًا.
وَمِمَّا يسْتَحِيلُ فِي حَقَّهِ تَعَالى عِشْرُونَ صِفَةً ، وَهِيَأ َضْدَادُ الْعِشْرِينَ اْلأُولَى ، وَهِيَ :الْعَدَمُ وَالحُدُوثُ وَطُرُؤُ الْعَدَمِ وَالمُمَاثَلَةُ لِلْحَوَادِثِ :بِأَنْ يَكُونَ جِرْمًا : أَيْ تَأخُذَ ذَاتُهُ الْعَلِيةُ قَدْراً مِنَ الْفَرَاغِ ،أَوْ يَكُونَ عَرَضًا يَقُومُ بِالْجِرْم ، أَوْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ للْجْرمِ ،أَوْلهُ هُوَ جِهَةٌ ، أَوْ يَتَقَيَّد بِمَكَانٍ ، أَوْ زَمَانٍ ، أَوْ تَتَّصِفَذَاتُهُ الْعِلِيةُ بِالحَوَادِثِ ، أَوْ يَتَّصِفَ بِالصِّغَرِ ، أَوْ الْكِبَرِ ،أَوْ يَتَصَّفَ بَاْلأَغْرَاض فِي اْلأَفْعَالِ أَوْ اْلأَحْكامِ ،وَكَذَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى :أَنْ لاَ يَكُونَ قائِمًا بِنَفْسِهِ ، بِأَنْ يَكُونَ صِفَةً يَقُومُ بِمَحلٍ ، أَوْيَحْتَاجُ إِلَى مُخَصَّصٍ.
وَكَذَا يَسْتَحيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى :أَنْ لاَ يَكُوُنَ وَاحِداً بِأَنْ يَكُونَ مُرَكبًا فِي ذَاتِهِ ، أَوْ يَكُونَ لَهُ مُمَاثِلٌ فِي ذَاتِهِ ، أَوْصِفَاتِهِ ، أَوْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْوُجُودِ مُؤَثَّرٌ فِي فِعْلٍ مِنَ اْلأَفْعَالِ.
وَكَذَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى :الْعَجْزُ عَنْ مَمْكِنٍ مَّا ، وَإِيجَادُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِوُجُودِهِ ، أَيْ عَدَمِ إِرَادَتِهِ لَهُ تَعَالَى أَوْ مَعَ الذُهُولِ ، أَوْ الْغَفْلَةِ ، أّوْ بِالتَّعْلِيلِ ، أَوْبِالطَّبْعِ.
وَكَذَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى :الجَهْلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بَمعْلُومٍ مَّا ،وَالمَوْتُ ، وَالصَّمَمُ ، وَالْعَمى وَالْبَكَمُ ، وَأَضْدَادُ الصِّفَاتٍ المَعْنَوِيَّةِ وَاضِحَةٌ مِنْهَذِهِ ،وَأَمَّا الجَائِزُ فِي حقِّهِ تَعَالَى :فَفِعْلُ كَلِّ مَمْكِنٍ أَوْ تَرْكُهُ ،أَمَّا بُرْهَانُ وَجَودِهِ تَعَالَى :فَحُدوثُ الْعَالَمِ ، لأَنَّهُ لَوْ لًمْ يَكُنْ لَهُمُحْدِثٌ بَلْ حَدَثَ بِنَفْسِهِ لَزمَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ اْلأَمْرَيْنِ المُتَسَاويَيْنِ مُسَاوِيًا لِصَاحِبِهِ رَاجِحًا عَلَيْهِ بِلاَ سَبَبٍ وَهُوَ مُحَالٌ ، وَدّلِيلٌ حُدُوثِ الْعَالَمِ مُلاَزَمَتُهُ لِلأَعْرَاضِ الحَادِثَةِ مِنْ : حَرَكَةٍ ، أوَ سُكُونٍأوَ غَيْرِهِمَا ، وَمُلاَزِمُ الحَادِثِ حَادِثٌ ، وَدَلِيلُحُدُوثِ اْلأَعرَاضِ مُشَاهَدَةُ تَغَيُّرِهَا مِنْ عَدَمٍ إِلَى وَجَودٍ ،وَمِنْ وُجُودٍ إِلَى عَدَمٍ.
وَأَمَّا بُرْهَانُ وُجُوبِ الْقِدَمِ لَهُتَعَالَى :فَلأَنَّهُ لَوْ يَكُنْ قَديمًا ، لَكَانَحَادِثًا فَيَفْقِرُ إِلَى مُحْدِثٍ ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ ، أوِالتَّسَلْسُلُ ، وَأَمَّا بُرْهَانُ وَجَوبِ الْبَقَاءِ لَهُ تَعَالَى :فَلأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْعَدَمُ ، لاَنْتَفَى عَنْهُ القْدَمُ لِكَوْنِ وُجُودِهِ حِينَئِذٍ جَائِزًا لاَوَاجِبًا ، وَالجَائِزُ لاَ يَكُونُ وُجُودُهُ إِلاَّ حَادِثًا ، كَيْفَ! وَقَدْسَبَقَ قَرِيبًا وُجُوبُ قِدَمِهِ تَعَالَى وَبَقَائِه ، وَأَمَّا بُرْهَانُ وَجَوبِ مُخَالَفَتِهِ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ :فَلأَنَّهُ لَوْ مَائَلَ شَيْئًا مِنْهَا ، لَكانَحَادِثًا مِثْلَهَا ، وَذلِكَ مُحَالٌ لِما عَرَفْتَ قَبْلُ مِنْ وُجُوبِ قِدَمِهِ تَعَالَى وَبَقَائِهِ.
وَأَمَّا بُرْهَانُ وَجَوب قِيَامِهِ تَعَالَى بِنَفْسِهِ :فَلأَنَّهُ تَعَالَى لَوِ احْتَاجَ إِلَى مَحَلٍ لَكَانَ صفَةً ، وَالصِّفَةُ لاَ تَتَّصِفُ بِصِفَاتِ المَعَانِي ، وَلاَ المَعْنويَّةِ ، وَمَوْلاِنَا جَلَّ وَعَزَّ يَجِب اتِّصَافُهُ بِهِمَا فَلَيْسَبِصِفَةٍ ، وَلَو احْتَاجَ إِلَى مُخَصِّصٍ لَكانَ حَادِثًا ، كَيْفَ! وَقَدْ قامَ الْبُرْهَانُ عَلَى وُجُوبِ قِدَمِهِ تَعَالَى وَبقَائِهِ.
وَأَمَّا بُرْهَانُ وُجُوبِ الْوَحْدَانِيَّةِ لَهُ تَعَالَى :فَلأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا لَزِمَ أَنْ لاَيُوجَدَ شَيْءٌ مِنَ الْعَالَمِ لِلَزَومِ عَجْزِهِ حِينَئِذٍ ، وَأَمَّا بُرْهَانُ وَجَوبِ اتِّصَافِهِ تَعالَى بِالْقُدْرَةِ وَاْلإِرَادَةِ وَالْعِلْم وَالحَيَاةِ :فَلأَنَّهُلَوِ انْتَفى شَيْءٌ مِنْهَا لَمَا وَجِدَ شَيْءٌ مِنَ الحَوَادِثِ ،وَأَمَّا بُرْهَانُ وَجَوبِ السَّمْعِ لَهُ تَعَالَى وَالْبَصَرِوَالْكَلاَمِ :فَالْكِتَابُ والسُّنة وَالإِجْمَاعُ ،وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يتَّصِفَ بِهَا لَزِمَ أَنْ يَتَّصِفَ بِأَضْدَادِهَا ، وَهِيَ نَقَائِصُ ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ تَعَالَى مُحَالٌ ، وَأَمَّا بُرْهَانُ كَوْنِ فِعْل المُمْكِنَاتِ أَوْ تَرْكِهَا حَائِزًا فِي حَقِّهِ تَعَالَى :فَلأَنَّهُ لَوْوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ مِنْهَا عَقْلاً ، أَوِ اسْتَحالَ عَقْلاَ لاَنْقَلَبَ المَمْكِنُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحِيلاً ، وّذلِكَ لاَ يُعْقَلُ ]] أهــ
يتبع إن شاء الله.