بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و العاقبة للمتقين ، و لا عدوان إلا على الظالمين.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين .
و أشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبد الله و رسوله الصادق الوعد الأمين .
اللهم صل على سيدنا و مولانا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي بإذنك إلى صراطك المستقيم و على آله وسلم حق قدره و مقداره العظيم .
وارض اللهم عن سادتنا الصحابة أجمعين خاصة الأربعة الراشدين والعشرة المبشرين و أصحاب بدر الغر الميامين وعن التابعين و تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
تعد منظومة (جوهرة التوحيد) للشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن اللقاني المتوفى 1041هـ جامعة لمسائل علم التوحيد وقد كثرت الشروح عليها ، وأول من شرحها هو الشيخ اللقانى نفسه ، ومن بعده ابنه الشيخ عبد السلام اللقانى المتوفى 1078هـ .
ومن أنفع هذه الشروح شرح الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد البيجوري الشافعي سنة 1277هـ المسمى (تحفة المريد)، وهي ثمرة من ثمرات المذهب الأشعري؛ مذهب أهل السنة والجماعة الذي تلقته الأمة بالقبول ، وكتب الله له البقاء والذيوع والانتشار .
مقدمة
قال الناظم رحمه الله :
بِســـــمِ اللَه ِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
1ـ الــحــمــدُ لِله عَلَــى صِـلـاتِــهِ *** ثُـمَّ سَـلامُ اللهِ مَعْ صَـلـاَتِـهِ
2ـ عَلَــى نَبِــيِّ جَــاءَ بِالـتَّـوْحِـيـدِ *** وَقَدْ خَلَا الدِّينُ عَنِ التَّوْحِيدِ
3ـ مُــحَــمَّــدُ الْـعَـاقِـبْ لِرُسْلِ رَبِّهِ *** وَآلِـــهِ وَصْــحِـــبِــهِ وَحِــزْبِــهِ
4ـ وَبَعْـدُ: فَالْـــعِلْــمُ بأَصْـلِ الدِّيـنِ *** مُــحَــتَـمٌّ يَحْـتَـاجُ لِلـتَّـبْـيِين
5ـ لكِن مِنَ التَّطْوِيِل كَـلَّتِ الْهِمَمْ *** فَـصَارَ فِيهِ الاِخْتِصَارُ مُلْـتَـزَمْ
6ـ وَهــذِهِ أُرْجُــوزَةٌ لَــقَّـبْــــتُــهَــا *** جوْهَرَةَ التَّوْحِيدِ قَدْ هَذَّبْتُهَا
7ـ وَاللهَ أَرْجُو فِي الْقَـبُـولِ نَـافِـعًـا *** بِهَا مُرِيدًا فِي الثَّوابِ طَامِعًا
جمع الناظم رحمه الله في افتتاحية مقدمته بين البسملة والحمدلة اقتداءً بالقرآن الكريم؛ حيث جاء فى الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (( كل أمر ذى بالٍ لا يُبْدَأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع )) (رواه الرهاوي في الأربعين عن أبي هريرة ) ، وقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (( كلُّ أمرِ ذي بالٍ لا يُبدأ فيه بالحمد لله أقطع )) . أى ناقص وقليل البركة . ( رواه ابن ماجه ، والبيهقي عن أبي هريرة )
فحمدًا لله على نعمه التي هي صِلاتٌ وصل بها ــ تعالى ــ عباده ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي جاء بدين التوحيد في جاهلية خلا فيها دين الناس من دين التوحيد، فأرشد الخلق للدين الحق ، ونصر الدين بكل ما أُوتي من وسائل ، صلوات الله وسلامه على نبينا العاقب الذي جاء عقب الأنبياء والرسل وآخرهم ، فلا نبي بعده ولا رسول وعلى آله وصحبه وحزبه : { أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22) .
1 ) المبادئ العشرة لعلم التوحيد
1 ــ التعريف بعلم التوحيد :
للتوحيد ثلاثة معانٍ :
أحدها لغوي : وهو العلم بأن الشئ واحد.
وثانيها شرعي : وهو إفراد المعبود بالعبادة، مع اعتقاد وحدانيته، والتصديق بها ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً ، فليس هناك ذات تشبه ذاته ، ولا صفة تشبه صفاته ، ولا فعل يشبه أفعاله ، أو هو إثبات ذات غير مشبهة للذوات ، ولا معطلة عن الصفات .
وثالثها اصطلاحي : بمعنى الفنِّ المدوَّن أي : تطبيق القواعد العامة لعلم التوحيد وهو : علم يُقتدر معه على إثبات العقائد الدينية المكتسبة من أدلتها اليقينية ، أو هو علم يُبَحثُ فيه عن ذات الله ، وصفاته ، وذات رسله ، وعن أحول الممكنات والسمعيات وليس المقصود بالبحث عن ذات الله معرفة كنهها ، فإن هذا مما تتقاصر عنه الهمم فلا يعرف الله إلا اللهُ ، وإنما المقصود معرفة ما يجب له ــ سبحانه من صفات الجلال والكمال ــ وما يجوز من الأفعال وما يستحيل عليه من كل ما لا يليق به ، والبحث عن الصفات من حيث إثباتها بالأدلة اليقينيَّة ، وتقسيمها إلى نفسية ، وسلبيّة، ومعانٍ ، ومعرفة ما يتعلق بها وما لا يتعلق .
أما البحث عن الرسل ، فمن حيث ما يجب لهم ، وما يجوز ، وما يستحيل عليهم ، وعن حكم الرسالة ، وإثباتها بالمعجزة ، والبحث عن الممكنات ، من حيث إثبات موجِدِها .
والبحث عن السمعيات ، من حيث اعتقاد وجودها ، ووقوعها كما أخبر بذلك المعصوم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .
يتبع بمشيئة الله .
_________________ اللهم افردنى لما خلقتنى له ولا تشغلنى بما تكفلت لى به ولا تحرمنى وأنا أسألك ولا تعذبنى وأنا أستغفرك
|