موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: هَل ملك الْمَوْت يقبض أَرْوَاح الْحَيَوَانَات كلهَا؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 19, 2014 12:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 27, 2011 3:10 pm
مشاركات: 2286
مكان: مصر المحروسة
هَل ملك الْمَوْت يقبض أَرْوَاح الْحَيَوَانَات كلهَا؟
===============================
سُئل ابن حجر الهيتمي رَضِي الله عَنهُ: هَل ملك الْمَوْت يقبض أَرْوَاح الْحَيَوَانَات كلهَا؟ أَو مَا يقبض إِلَّا أَرْوَاح بني آدم فَقَط، وَأَيْنَ مستقرّ الرّوح بعد قبضهَا؟ فَأجَاب أعَاد الله علينا من بَرَكَات علومه: الَّذِي دلّت عَلَيْهِ الْأَحَادِيث أَن ملك الْمَوْت يقبض أَرْوَاح جَمِيع الْحَيَوَانَات من بني آدم وَغَيرهم، من ذَلِك قَوْله مُخَاطبا لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَالله يَا مُحَمَّد لَو أَنِّي أردْت أَقبض روح بعوضة مَا قدرت على ذَلِك حَتَّى يكون الله هُوَ الْآمِر بقبضها) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَفِي هَذَا الْخَبَر مَا يدل على أَن ملك الْمَوْت هُوَ الْمُوكل بِقَبض كل ذِي روح وَأَن تصرفه كُله بِأَمْر الله عز وَجل وبخلقه وَملك الْمَوْت قَائِم عَلَيْهَا فَإِن أَمر بقبضها قبضهَا وَإِلَّا ذهب) . قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَيْضا: وَهَذَا عَام فِي كل ذِي روح وَمن ثمَّ لما سُئل مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن البراغيث أَن ملك الْمَوْت هَل يقبض أرواحها؟ أطرق مَلِيًّا ثمَّ قَالَ: ألها نفس؟ قيل: نعم. قَالَ: ملك الْمَوْت يقبض أرواحها: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأٌّنفُسَ حِينَ مِوْتِهَا} [الزمر: 42] وَأَشَارَ مَالك رَضِي الله عَنهُ بِذكر الْآيَة إِلَى أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأٌّنفُسَ} أَنه تَعَالَى: يَأْمر ملك الْمَوْت يتوفاها كَمَا يُصَرح بِهِ قَوْله تَعَالَى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} . وَلَا يُنَافِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَواةَ} [الْأَنْعَام: 61] وَقَوله: {يُحْيىِ وَيُمِيتُ} [آل عمرَان: 156] لِأَن ملك الْمَوْت يقبض الْأَرْوَاح وأعوانه يعالجون وَالله تَعَالَى يزهق الرّوح وَبِهَذَا تَجْتَمِع الْآيَات وَالْأَحَادِيث. وَإِنَّمَا أضيف التوفي لملك الْمَوْت لِأَنَّهُ يَتَوَلَّاهُ بالوسائط والمباشرة فأضيف إِلَيْهِ كَمَا أضيف الْخلق للْملك فِي خبر مُسلم عَن حُذَيْفَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (إِذا مرّ بالنطفة ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله ملكا فصورّها فخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها) الحَدِيث. وَأما قَول ابْن عَطِيَّة: روى فِي الحَدِيث أَن الْبَهَائِم كلهَا يتوفى الله أرواحها دون ملك الْمَوْت كَأَنَّهُ يعْدم حَيَاتهَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْأَمر فِي بني آدم إِلَّا أَنه شرف بِتَصَرُّف ملك الْمَوْت وَمَلَائِكَته فِي قبض أَرْوَاحهم فخلق الله ملك الْمَوْت وَخلق على يَده قبض الْأَرْوَاح وإسلالها من الْأَجْسَام وإخراجها مِنْهَا، وَخلق حفدة يكونُونَ مَعَه يعْملُونَ عمله بأَمْره انْتهى. فيجاب عَنهُ: بِأَن الحَدِيث الَّذِي ذكره يتَوَقَّف الِاسْتِدْلَال بِهِ على ثُبُوته وعَلى تَسْلِيمه فَيمكن الْجمع بَينه وَبَين مَا مرّ من الْأَحَادِيث بِأَن معنى قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث دون ملك الْمَوْت أَنه لَا يعاني فِي قبض أَرْوَاح
غير بني آدم بل غير الْمُؤمنِينَ مِنْهُم من الرِّعَايَة مَا يعانيه فِي قبض أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ، أَو أَن المُرَاد بقوله دون ملك الْمَوْت نفي التوفي عَنهُ حَقِيقَة لما تقرر أَن الموجد حَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى وَأَن ملك الْمَوْت وَاسِطَة فَقَط، فَحَيْثُ أثبت التوفي إِلَيْهِ فِي حَدِيث أَو آيَة كَانَ المُرَاد إِثْبَات تصرفه الْمَأْمُور بِهِ، وَحَيْثُ نفى عَنهُ فِي حَدِيث أَو آيَة كَانَ المُرَاد سلب الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا لله وَحده. وَذكر الْغَزالِيّ فِي (الْإِحْيَاء) حَدِيث: (أَن ملك الْمَوْت وَملك الْحَيَاة تناظرا فَقَالَ ملك الْمَوْت: أَنا أميت الْأَحْيَاء وَقَالَ ملك الْحَيَاة: أَنا أحيي الْمَوْتَى، فَأوحى الله إِلَيْهِمَا كونا فِي عملكما وَمَا سخرتما لَهُ من الصنع وَأَنا المميت والمحيي لَا يُمِيت وَلَا يحيي سواي) .
وَالْحَاصِل أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْقَابِض لأرواح جَمِيع الْخلق بِالْحَقِيقَةِ وَأَن ملك الْمَوْت وأعوانه إِنَّمَا هم وسائط وَكَذَا القَوْل فِي سَائِر الْأَسْبَاب العادية فَإِنَّهَا بإحداث الله وخلقه لَا بِغَيْرِهِ تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ والجاحدون علوّاً كَبِيرا.
وَذكر ابْن رَجَب أَن الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم تكون أَرْوَاحهم فِي أَعلَى عليين، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اللهمّ الرفيق الْأَعْلَى) ، وَأكْثر الْعلمَاء أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طيور خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ تشَاء كَمَا فِي مُسلم وَغَيره، وَأما بَقِيَّة الْمُؤمنِينَ فنص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ورحمه على أَن من لم يبلغ التَّكْلِيف مِنْهُم فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا فتأوي إِلَى قناديل معلقَة بالعرش، وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود، وَأما أهل التَّكْلِيف ففيهم خلاف كثير: عَن أَحْمد أَنَّهَا فِي الْجنَّة، وَعَن وهب أَنَّهَا فِي دَار يُقَال لَهَا: الْبَيْضَاء فِي السَّمَاء السَّابِعَة، وَعَن مُجَاهِد أَنَّهَا تكون على الْقُبُور سَبْعَة أَيَّام من يَوْم دفن لَا تُفَارِقهُ أَي ثمَّ تُفَارِقهُ بعد ذَلِك، وَلَا يُنَافِيهِ سنية السَّلَام على الْقُبُور لِأَنَّهُ لَا يدلّ على اسْتِقْرَار الْأَرْوَاح على أفنيتها دَائِما لِأَنَّهُ يسلم على قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء وأرواحهم فِي أَعلَى عليين وَلَكِن لَهَا مَعَ ذَلِك اتِّصَال سريع بِالْبدنِ لَا يعلم كنهه إِلَّا الله تَعَالَى. وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك: (بَلغنِي أَن الْأَرْوَاح مُرْسلَة تذْهب حَيْثُ شَاءَت) .
وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا نَحوه. وَحَدِيث: (مَا من أحد يمر بِقَبْر أَخِيه الْمُؤمن كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه وردّ عَلَيْهِ السَّلَام) وَحَدِيث: (الجريدتين) لَا يدلان على أَن الرّوح على الْقَبْر نَظِير مَا مر لِأَن الَّذِي دلّ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ حَقِيقَته النفسانية الْمُتَّصِلَة بِالروحِ، وَقيل: إِنَّهَا تزور قبورها يَعْنِي على الدَّوَام وَلذَا سنّ زِيَارَة الْقُبُور لَيْلَة الْجُمُعَة ويومها وبكرة السبت انْتهى.
وَرجح ابْن عبد البرّ: أَن أَرْوَاح غير الشُّهَدَاء فِي أفنية الْقُبُور تسرح حَيْثُ شَاءَت. وَقَالَت فرقة: تَجْتَمِع الْأَرْوَاح بِموضع من الأَرْض. كَمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تَجْتَمِع بالجابية وَأما أَرْوَاح الْكفَّار فتجتمع بسبْخة حَضرمَوْت يُقَال لَهَا برهوت وَلذَا ورد: (أبْغض بقْعَة فِي الأَرْض وَاد بحضرموت يُقَال لَهُ برهوت فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار) وَفِيه بِئْر مَاء يرى بِالنَّهَارِ أسود كَأَنَّهُ قيح يأوي إِلَيْهَا بِالنَّهَارِ الْهَوَام.
قَالَ سُفْيَان: وَسَأَلنَا الحضرميين فَقَالُوا: لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يثبت فِيهِ بِاللَّيْلِ، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
================
الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي


_________________
يارب بالمصطفى بلـــغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى ياواســع الكرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بما يتلون فى المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته فى طيبة حرم واسمـــه قسم من أعظم القســم
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا بجــــاه سيــــدنـا ومـولانــا رسول الله ﷺ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط