تأتى الإجابة على هذا السؤال من النجم الغيطي بنعم.
فيقول النجم الغيطي في كتابه(الأجوبة المفيدة على الأسئلة العديدة)ما نصه:-
نعم تتزاور أرواحهم وتتلاقى ,ولو كان ذلك مع البُعد.
ولا يختصُّ ذلك بأهل المقبرة الواحدة ,لكن الأرواح على قسمين:أرواح معذبة,وأرواح منعمة.
فالمعذَّبة في شُغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي.
والأرواح المنعَّمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور,
وتتذكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا ,
فتكون كلُّ رُوح مع رفيقها الذي هو على مثل عملِها,
وروح نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الرفيق الأعلى
ولذلك أدلة كثيرة منها قوله تعالى:(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا).
فهذه المعيَّة ثابتة في الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار الجزاء,والمرء مع من أحب في هذه الدُّور الثلاثة.
وروى ابن أبي الدنيا –في كتاب القبور- عن أبي لبيبة قال:
لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أمُّ بشر وجداً شديداً ,فقالت:يا رسول الله إنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة,فهل تتعارف الموتى فأُرسل إلى بشر بالسلام؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم(نعم والذي نفسي بيده يا أَّم بشر إنهم ليتعارفون كما يتعارف الطير في رؤوس الشجر)وكان لا يهلك هالك من بني سلمة إلا جاءته أمُّ بشر فقالت:يا فلان عليك السلام .
فقال:وعليك .فتقول :اقرأ على بشر السلام.
وروى الإمام أحمد وغيره عن عبدالله بن عمرو قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم(إن أرواح المُؤمِنَين لتلتقيان على مسيرة يومٍ وما رأى أحدهما صاحبه قط).
وروى الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن أم هانىء
أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
أنتزاور إذا متنا ويرى بعضُنا بعضا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم(تكون النَّسَم طيراً تعلُق بالشجر,حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كلُّ نفس في جسدها).
وروى ابن سعد-في الطبقات- من طريق محمود بن لبيد عن أم بشر بنت البراء أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:يا رسول الله هل تتعارف الموتى؟
قال(تربت يداكِ,النفسُ الطيبة طيرُ خُضرُ في الجنة, فإن كان الطير يتعارفون في رؤوس الشجر فإنهم يتعرفون).
وروى الترمذي وابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم(إذا وَلِي أحدكم أخاه فليُحسن كفنَه فإنهم يتزاورون في قبورهم).
قال العلماء:المراد بتحسين الكفن بياضه ونظافته وسبوغُه وكثافته لا كونه ثميناً,لحديث النهي عن المغالاة فيه.
وقال البيهقي بعد تخريج الحديث المتقدم :-
وهو لا يخالف قول الصديق في الكفن: إنما هو للمهلة -يعني الصديد- لأن ذلك كذلك في رؤيتنا ,ويكون كما شاء الله في علم الله كما قال في الشهداء (أحياء عند ربهم يرزقون).
وهو ذا يراهم يتشحطون في الدماء ثم يُفتنون,وإنما يكون كذلك في رؤيتنا.
ويكونون في الغيب كما أخبر الله عنهم ,ولو كانوا في رؤيتنا كما أخبر الله عنهم لارتفع الإيمان بالغيب.(انتهى).