هل يجوز العلم بالذات العلية؟!
تأتى إجابة الشيخ محى الدين بن عربى على هذا السؤال ممثلة فى أن الوجود الحق المطلق – الله تعالى- لا يعقل ماهيته ,كما لا يعلم له صفة ذاتية من جهة الإثبات وهذا يعنى أن غاية المعرفة بالوجود الحق المطلق تتمثل فى علمنا بصفات السلب نحو التى يتضمنها قول الله تعالى :"ليس كمثله شىء"(الشورى:الآية :11 ) وقوله تعالى:"سبحان ربك رب العزة عما يصفون" (الصافات:الآية:180 )
وبهذا يكون متعلق علمنا بالوجود الحق هو نفى ما لا يجوز عليه.
وتجدر الإشارة إلى أن الوجود الحق المطلق الذى يعنيه الشيخ ابن عربى فى هذا الصدد هو الله تعالى من حيث ذاته وعينه ,لا من حيث أسمائه ,وذات الله تعالى هى نفسه التى هو بها موجود لكونه تعالى قائماً بنفسه .
وللذات بهذا المعنى كمالات لا تتناهى من أبرزها عدم الإنتهاء ونفى الإدراك ,بيد أنه من الضرورة بمكان التبيه على أن الاسم الإلهى قد يأتى مرادفاً للذات إذ أن الأسماء الإلهيه لها مدلولان :
الأول: ما يدل على عين المسمى ,وعلى هذا التقدير يكون الاسم هو عين الذات ,والذات عينه ويعبر عن هذا المدلول (بالوجود الحق) ومن ثم فلا سبيل لتعقل وإدراك الاسم الإلهى بهذا المعنى.
الثانى: ما يدل على الخصوصية التى يمتاز بها كل اسم عن الآخر كتلك الخصوصية التى يتميز بها الاسم الظاهر عن الاسم الباطن ويعبر عن هذا المدلول (بالوجود الإضافى) وبناء على ذلك ,يجوز إدراك وتعقل الاسم بهذا المفهوم .
وعلى ضوء ما تقدم ,يقرر الشيخ ابن عربى أن العلم بالحق تعالى الموصوف بالوجود المطلق ,عبارة عن العلم بوجوده وهذا يعنى أن غاية العلم بالذات العلية هو العلم بوجودها لا بحقيقتها .
المصدر:مجلة التصوف الإسلامى العدد:274
يناير 2002 بقلم د.محمد حسين عوض الله